حول العقيدة الواسطية

" العقيدة الواسطية " تأليف شيخ الإسلام تقي الدين أبي العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني المتوفي سنة (728هـ) رحمه الله تعالى ([1]) كتبها في مجلس واحد بعد العصر من أحد أيام سنة (698هـ) ،وسبب كتابتها أن بعض قضاة واسط([2]) من أهل الخير والدين شكا ما الناس فيه ببلادهم في دولة التتار من غلبة الجهل والظلم ودروس الدين والعلم ، وسأل الشيخ أن يكتب له عقيدة ، فقال له : قد كتب الناس عقائد فألح في السؤال وقال : ماأحب إلا عقيدة تكتبها أنت ، فكتب له هذه العقيدة وهو قاعد بعد العصر([3]) ، وقد حصل حولها مناظرة بين شيخ الإسلام وعلماء عصره في مجلس نائب السلطنة الأفرم بدمشق سنة (705هـ) .

وذكر شيخ الإسلام أنه عقد للمناظرة ثلاثة مجالس كتب مااستحضره منها بنفسه([4]) ، وجمعت على اختصارها ووضوحها جميع مايجب اعتقاده من أصول الإيمان وعقائده الصحيحة([5]) وذكر فيها شيخ الإسلام مذهب السلف الصالح في العقيدة سليماً من شوائب البدع وآراء أهل الكلام المضلة([6]) .

أهمية هذا المتن :

هذه الرسالة على وجازتها واختصارها قد اعتنى بها العلماء بعد شيخ الإسلام رحمه الله لأنها قد شملت من أصول عقائد أهل السنة والجماعة على الخلاصة الوافية .

فقد ذكر فيها رحمه الله كل أصول الاعتقاد .

وهذه الرسالة وجيزةٌ ألفاظها لكن هي مدرسةٌ للعلم باعتقاد أهل السنة والجماعة ومنهج أهل السنة والجماعة .

وكتب شيخ الإسلام تتميز على كتب السلف يعني من كتب أصحاب الإمام أحمد ومن تبعهم ومن تلاهم زمناً تتميز هذه العقيدة وسائر كتب شيخ الإسلام ابن تيمية عن تلكم الكتب الكثيرة في الاعتقاد بمزايا منها :

  • أن شيخ الإسلام رحمه الله قد فهم ما قاله الأئمة من قبل ، فصاغه بصياغةٍ تجمع أقوالهم بأدلتها وببيان معانيها فهو خير من فهم كلام الأئمة من قبل .

 

  •  ومن مزاياه ، أعني مزايا كلام شيخ الإسلام في الاعتقاد : أنه - رحمه الله تعالى -  قد بلغ في فهم نصوص الكتاب والسنة المبلغ والدرجة التي شهد له بها أهل عصره ومن تلاهم . ومن المعلوم أن أدلة الاعتقاد هي نصوص الكتاب والسنة . ثم هو مع هذا اطلع على كلام الصحابة وكلام التابعين ومن تبعهم في تفسير معاني نصوص الكتاب والسنة . ولهذا كلام شيخ الإسلام في بيان معاني الكتاب والسنة يُعد أحسن كلامٍ للعلماء المتأخرين يعني بعد الأئمة المشهورين .

 

  • ومن مزايا كلام شيخ الإسلام وهذه العقيدة أيضاً أن شيخ الإسلام استحضر حين كتابتها أقوال أهل البدع والمخالفين وحججهم فهو يذكر ما يذكر من الاحتجاجات مستحضراً تلك الأقوال وتلك الاعتراضات من أهل البدع أو تلكم الأقوال المنحرفة من أهل البدع على اختلاف أنواعهم ، ومعلومٌ أن حال الكاتب أو المؤلف الذي يؤلف وهو على هذه الدرجة العظيمة من الاستحضار أن كلامه يكون مُنبئاً عن ما يكون فصلاً في هذه المسائل .

 

  • ومن مميزات هذه العقيدة وكذلك سائر كتب شيخ الإسلام رحمه الله : أن شيخ الإسلام أوضح فيها كثيراً من المجملات التي ربما كانت في كلام السلف . فقد تجد في كلام المتقدمين من أهل القرون المفضلة كلاماً في الاعتقاد ربما أُجْمِلَ في مواضع وَفُصِّلَ في مواضع وشيخ الإسلام يستحضر هذا وذاك ويذكر الكلام المجمل والمفصَّل كُلٌّ في مكانه ويوضح ذلك . بحيث إن من فهم كلام شيخ الإسلام وفهم كتب شيخ الإسلام رحمه الله ثم بعد فهمه لذلك وبراعته فيه رجع إلى كتب السلف فإنه يفهمها فهماً مصيباًَ على ما ينبغي .

 

وأما من ترك التفقه في كتب شيخ الإسلام رحمه الله فربما زلَّ في فهمه لبعض كلام السلف وكلام الأئمة . لأن بعضهم ربما وقع في كلامه إجمال أو وقع في كلامه رعاية لحال السائل أو نحو ذلك من الأسباب التي لا يمكن المُجيب معها أن يفصِّل التفصيل المطلوب.

 

لهذا نقول إن العناية بهذه العقيدة مما حث عليه العلماء قديماً وحديثاً . فلا غرو أن أوصي إخواني وفقهم الله تعالى للخير بهذه العقيدة وبفهم ألفاظها ومعاني الألفاظ ومعاني ما فيها من الأدلة والاستدلال والحجج ، لأن فيها خيراً عظيماً.  ([7])

طبعاته :

طبع عدة مرات منها :ـ

1 ـ ضمن مجموعة فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية قدّس الله روحه ،جمع وترتيب الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم رحمه الله تعالى (3/129ـ160) ، ويليها حكاية مناظرة الواسطية لشيخ الإسلام نفسه من ص(160) إلى ص(194) .

ويلي ذلك ذكر المناظرة بنقل الشيخ علم الدين ([8])عن الشيخ تقي الدين من ص (194) إلى ص(202) ،ويليه أيضاً نقل للمناظرة لعبد الله بن تيمية([9]) إلى أخيه زين الدين من ص (202) إلى ص (211) .

2- ضمن المجموعة العلمية السعودية من نفائس الكتب الدينية والعلمية ، راجعها وصحح أصولها علامة الديار النجدية سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله تعالى ، طبعت في مطبعة أنصار السنة المحمدية في مصر سنة (1365هـ) .

3ـ طبعة شركة مكتبات عكاظ للنشر والتوزيع سنة (1402هـ) توزيع الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد .

 4ـ في دار مصر للطباعة دون تاريخ بتعليق وتصحيح فضيلة العلامة الشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع رحمه الله تعالى .

5 ـ في المطبعة السلفية سنة (1352هـ) باعتناء وتقديم الشيخ محب الدين الخطيب رحمه الله تعالى ، وفي آخرها المناظرة في العقيدة الواسطية بين شيخ الإسلام ابن تيمية وعلماء عصره في مجلس نائب السلطنة الأفرم بدمشق سنة (705هـ) نقلها الشيخ علم الدين عن لسان شيخ الإسلام .

6 ـ ضمن مجموع رسائل نشرتها دار المعارف دون تاريخ بمصر بتصحيح ومراجعة الشيخ أحمد بن محمد شاكر وأخوه الشيخ علي بن محمد شاكر .

شروحه :

وقد شرحت هذه العقيدة بشروح كثيرة منها :ـ

1- الشرح المسمى بـ (التنبيهات السنية على العقيدة الواسطية) للشيخ العلامة عبدالعزيز ابن رشيد رحمه الله تعالى . فإن هذا الشرح من أنفس شروح هذه العقيدة الواسطية . فقد بين من مسائل هذه العقيدة ومن ألفاظها ما يكفي طالب العلم في هذا الباب أعني باب الاعتقاد . لأنه ذكر فيها من العلم الواسع الغزير ما لو اكتفى به طالب علم في بيان عقيدة أهل السنة والجماعة لكفاه . ولهذا أحض – من أراد شرحاً لهذه العقيدة – على هذا الكتاب . ألا وهو (التنبيهات السنية على العقيدة الواسطية) للشيخ ابن رشيد رحمه الله تعالى .([10])

2-  " التنبيهات اللطيفة فيما احتوت عليه الواسطية من المباحث المنيفة " تأليف الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي المتوفي سنة (1376هـ) رحمه الله تعالى ، وعليها منتخبات من تقارير سماحة العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز حفظه الله تعالى ، قام بنشرها وأشرف على طبعها الأستاذان عبد الحمن بن رويشد وسليمان بن حماد .

طبعت في مطبعة البيان في بيروت دون تاريخ ، كما طبعت ثانية باعتناء وتخريج الشيخ علي بن حسين بن علي بن عبد الحميد سنة (1409هـ) نشر دار ابن القيم للنشر والتوزيع بالدمام .

 3ـ " الثمار الشهية في شرح الواسطية " ، تأليف العلامة الشيخ محمد خليل هراس المتوفي سنة (1415هـ) رحمه الله تعالى ، راجعه الأستاذ الكبير الشيخ عبد الرزاق عفيفي رحمه الله تعالى ، وهو شرح مختصر واضح .
طبع في مطبعة الإمام بمصر دون تاريخ ، كما نشرته الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ، كما طبع بتصحيح وتعليق فضيلة الشيخ إسماعيل بن محمد الأنصاري رحمه الله تعالى ، طبعته ونشرته الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد عدة مرات منها الطبعة التي في سنة (1403هـ) طبع مطبعة بحر العلوم في الرياض .

4 ـ " شرح العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام أحمد بن تيمية " تأليف فضيلة الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان ، وهو شرح متوسط جمعه مؤلفه من بعض الشروح السابقة وغيرها ، طبع عدة مرات منها الطبعة الرابعة سنة (1407هـ) نشر مكتبة المعارف في الرياض والخامسة سنة (1411هـ) نشر مكتبة المعارف في الرياض والخامسة سنة (1411هـ) في مطابع دار طيبة في الرياض .
 

5 ـ شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين ، وهو عبارة عن مذكرة للمهم من مقرر السنة الثانية الثانوية في المعاهد العلمية في التوحيد على العقيدة الواسطية ، نشرتها دار الوطن للنشر في الرياض سنة (1412هـ) .

6 ـ " المحاضرات السنية في شرح العقيدة الواسطية " لفضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين ، حققه وخرجه واعتنى به أبو محمد أشرف بن عبد المقصود بن عبد الرحيم ، نشرته مكتبة طبرية في الرياض الطبعة الأولى سنة (1413هـ) في مجلدين ، ثم طبع ثانية باسم " شرح العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية " خرج أحاديثه واعتنى به الشيخ سعد بن فواز الصميل ، نشر دار ابن الجوزي بالدمام في مجلدين سنة (1415هـ) وهذه الطبعة محررة أكثر من الأولى بسبب مراجعة المؤلف لها ، أما الأولى فإنها أخذت من الدروس التي ألقاها المؤلف مباشرة دون أن تعرض على فضيلته ، وطبعت ضمن مجموع فتاوى الشيخ من المجلد (8) .

7 ـ تعليقات للشيخ محمد بن عبدالعزيز بن مانع طبعت في دار مصر للطباعة دون تاريخ ، ثم أعادت طبعها الرئاسة العامة للبحوث العلمية في الرياض ، وطبعتها مكتبة دار طبرية بالرياض ، وأصداء المجتمع ببريدة سنة (1415هـ) باعتناء الشيخ أشرف بن ع بد المقصود ، وضمنها تعليقات لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز .

الشروح المسجلة :

1 ـ شرح سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبدالله بن باز في (4) أشرطة .

2 ـ شرح فضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين في (32) شريطاً .

3 ـ شرح فضيلة الشيخ محمد بن أمان الجامي رحمه الله تعالى في (34) شريطاً .

4 ـ شرح فضيلة الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ في (30) شريطاً .


(1) الذيل على طبقات الحنابلة 2/387 ، البداية والنهاية 14/117 .

(2) هو القاضي رضي الدين الواسطي الشافعي منسوب إلى بلدة واسط المعروفة في العراق .

(3) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 3/194 .

(4) المرجع السابق 3/160 ، العقود الدرية لابن عبد الهادي ص (206) .

(5) التنبيهات اللطيفة ص (9) .

(6) الروضة الندية ص(3).

(7) من مقدمة النسخة المفرغة لشرح العقيدة الواسطية للشيخ صالح آل شيخ ص (5,4,3,2).

(8)  هو الشيخ علم الدين أبو محمد القاسم بن محمد البرزالي الشافعي المتوفي سنة 739هـ ، مترجم له في البداية والنهاية 14/161 .

(9) هو عبد الله بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني شرف الدين أبو محمد ، وهو أخ للشيخ تقي الدين توفى سنة 727 هـ ، مترجم له في الذيل على طبقات الحنابلة 2/384 .

(10) من مقدمة النسخة المفرغة لشرح العقيدة الواسطية للشيخ صالح آل شيخ.