الطريقة الصحيحة للتأصيل العلمي

 

سئل فضيلة الشيخ زيد بن هادي المدخلي السؤال الآتي :

 ما هي الطريقة الصحيحة للتأصيل العلمي ، وما هي الطريقة الصحيحة لدراسة علم العقيدة والتفسير والفقه والحديث ، وبأيها يبدأ طالب العلم ؟

وأجاب الشيخ - حفظه الله :

هذا السؤال يدل على أن سائله طالب علم يلتمس الطريق الصحيح في التحصيل العلمي ، والحقيقة أن طالب العلم يحتاج أولاً إلى شيخ من أشياخ العلم الشرعي السائرين على نهج السلف الصالحين ، فإن اختيار الشيخ واختيار الكتاب من الطرق الصحيحة الشرعية لتحصيل العلم .

وأما اختيار فنون العلم الشرعي من عقيدة وتفسير وحديث وفقه ولغة وسيرة نبوية هذه العلوم لاشك أنها تحتاج إلى تأصيل وإلى حكمة في الانتقال من مرحلة إلى مرحلة ومن إعداد الكتب من مستوى إلى مستوى ، فإذا أتينا إلى العقيدة وأردنا التأصيل الصحيح فليبدأ طالب العلم بدراسة :

الأصول الثلاثة للأمام المجدد الشيخ / محمد بن عبد الوهاب ت(1206هـ)رحمه الله ففيها من العلم الغزير في هذا الباب الشيء الكثير الذي لا يجهله طلاب العلم السائرين على منهج السلف الصالح في طلب الفقه في الدين .

ثم القواعد الأربع مع كشف الشبهات مع رسالة أصول الإيمان ، هذه الرسائل تعتبر في باب الاعتقاد من الأصول التي يبني عليها غيرها من علوم الشريعة ، فإذا تولى تبيانها صاحب عقيدة سلفية صحيحة ونهج سلفي كذلك سطع النور من خلالها للطالب وانتقل إلى ما هو أرفع منها مستوى ككتاب التوحيد ثم ينتقل من كتاب التوحيد إلى العقيدة الواسطية للإمام المجدد شيخ الإسلام ابن تيمية ت( 728هـ ) رحمه الله ثم بقية كتبه كالحموية والتدمرية ثم العقيدة الطحاوية .

وبعد ذلك يستطيع أن يقرأ في السنن التي تتعلق ببيان السنة والتحذير من البدع وهي السنن المعروفة كأصول الاعتقاد للالكائي ت( 418هـ ) وكتاب السنة للخلال ت( 311هـ) وكتاب السنة لعبد الله بن أحمد ت( 290هـ)وكتاب الإبانه للعكبري ت( 387هـ) وكتـاب التوحيد لابن خزيمة ت ( 311هـ) إلى غير ذلك من الكتب التي تعنى بهذا الفن .

وأما ما يتعلق بالتفسير فالذي أختاره لطلاب العلم هو كتاب ابن كثير ت ( 774هـ) رحمه الله وكتاب الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي ت (1376هـ) رحمه الله وأخص مختصر تفسير ابن كثير لمحمد نسيب الرفاعي لأن صاحبه نهج في الاختصار منهج السلف حسب علمي ، ثم إذا استطاع أن يتخرج في هذه الكتب فليأخذ تفسير البغوي ت ( 516هـ) وما عدا ذلك من التفاسير إذا ذهب يقرأ فيها ويطَّلع على ما فيها بعد قراءة تلك الكتب يكون قد أبصر إن وجد شيئاً من التأويل المذموم فيها كما في تفسير القرطبي ت( 671هـ) والتفاسير الأخرى كتفسير ابن الجوزي ت ( 597هـ) وتفسير الشوكاني ت ( 1250هـ)

مع أن في هذه التفاسير الخير الكثير والعلم الغزير إلا أن مؤلفيها ـ رحمة الله عليهم ـ وقعوا في تأويل بعض نصوص الصفات . وهو قليل في شئ من التأويل وافقوا فيه من أوَّل بعض نصوص القرآن والسنة تأويلاً مذموماً ولذلك أسباب أشهرها حسب علمي ثلاثة :ـ

أحدها : البيئة التي يعيش فيها المفسر .

الثاني : المشيخة الذين يأخذ على أيديهم العلم .

الثالث : التتلمذ على الكتب فلتتلمذ على الكتب أثره في فهم الإنسان وفقهه .

وأما بالنسبة للحديث فأول ما يبدأ طالب العلم بالأربعين النووية حفظاً وفهماً ولو على المهم من المعاني ، ثم يتدرج إلى عمدة الأحكام ، فبلوغ المرام ، وهكذا يرتقي إلى المنتقى وشرحه ، ثم يستطيع بعد ذلك أن يقرأ في الصحيحين والسنن وغيرها من كتب السنة لأن العقل ينمو والعلم ينمو عند الإنسان بحسن النية وسلامة القصد والاستمرار في الطلب بدون انقطاع .

 

وهكذا في الفقه الإسلامي ـ فإن الطالب ـ بمجرد قراءته للحديث يأخذ فقهاً عظيماً من الأحاديث بحسب من يتتلمذ على أيديهم ، ولكن يأخذ كتاباً في الفقه كعمدة الفقه مثلاً وهذا من التأصيل في الفروع أو زاد المستقنع ، وقد أكرم الله الأمة بشروح متعددة لزاد المستقنع من العلماء القدامى والمعاصرين ومن الشروح السهلة من علمائنا المعاصرين ما كتبه العلامة الشيخ / محمد بن صالح العثيمين حفظه الله في كتابه الممتع وهو ممتع بحق لما اشتمل عليه من بحوث نافعة وتفريعات فريدة أثابه الله ونفع بعلمه وزاده من فضله .

 

وأما في السيرة النبوية فيبدأ الطالب بمختصر السيرة النبوية للإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب ثم بعد ذلك بسيرة ابن هشام ت( 183هـ)، والآن والحمد لله قد هذب كثير من كتب السير .

وهكذا تحتاج هذه العلوم الشرعية إلى دراسة وسائل من أصول الفقه وقواعد المصطلح ومن العناية باللغة العربية والقواعد الفقهية فيصبح الإنسان ذا معرفة مستمدة من أدلة الكتاب والسنة بالفهم الصحيح ، وفي كل ذلك هو لا يقتصر على القراءة الحرة أو الفردية بل عليه أن يرحل إن لم يجد شيخاً في بلده إلى بلد على منهج علماء السلف في الرحلة في طلب العلم إن استطاع الرحلة ، فإن لم يستطع الرحلة وقرأ في كتاب فعليه أن يدون ما أشكل ويسلك نوعاً سهلاً من أنواع الرحلة في هذا الزمن ألا وهو الاتصال بالعلماء بواسطة الهاتف ليأخذ بغيته بدون مشقة والحمد لله . والله أعلم .

منقول من موقع سحاب للفتاوى الإسلامية