قال العلامة زيد المدخلي رحمه الله (الأجوبة السديدة على الأسئلة الرشيدة): لي الحق بل ولكل طالب علم بل ولكل مسلم الحق في رد فتوى أبو الأعلى المودودي الَّتِي قال فيها: "وثورة الخميني ثورة إسلامية والقائمون عليها هم جماعة إسلامية وشباب تلقوا التربية في الحركات الإسلامية , وعلى جميع المسلمين عامة، والحركات الإسلامية خاصة أن تؤيد هذه الثورة وتتعاون معها في جميع المجالات" . انتهى نص الفتوى. وأنا العبد الفقير إلى الله وقليل البضاعة في العلم أقول: إنه يجب على المسلمين عامة وعلى طلاب العلم الشرعي الشريف خاصة أن يرفضوا تلك الفتوى المودودية الخاطئة الَّتِي حملت في معناها ومبناها ظلمًا ظاهرًا قاهرًا وخطأ فاحشًا يحزن قلوب المؤمنين الصادقين في إيْمانْهم ويثلج صدور الرافضة الضالين المنافقين، كما حملت دعوة صريحة إلى التعاون على الإثم والعدوان الذي نص الله على تحريمه في محكم القرآن حيث قال -وقوله الحق-: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة: من الآية2]. إنَّها فتوى من زعيم جماعة إسلامية كبرى -كما يقال عنها- جرت الويلات على كثير من ضعفاء طلاب العلم الذين ديدنُهم تقليد كبرائهم والحرص على الوفاء لهم بالبيعة والطاعة على تنفيذ ما قالوه وقرروه والالتزام بما قعدوه وأسسوه بدون مطالبة بدليل نقلي ولا استفسار عن مسوغ أو سبب عقلي ولا غرابة فهذا هو نظام التجمع الحزبي الذي قرأناه نظريًّا وعايشناه واقعًا عمليًّا ونقدنا ما في منهجه من خطأ قعده الزعماء واعتصم به الأتباع فأطلقوا علينا بعض مصطلحاتِهم الَّتِي يطلقونَها على من لَم ينتم إليهم أو ينقد خطأ موروثًا عن القادة الذين تعاقبوا على لقب "المرشد العام" ونحوه ومن تلكم المصطلحات ما ذكره الشيخ العلامة بكر أبو زيد بقوله: (ليس واعيًا) أو غير واعٍ بالواقع وغير فاهم بالواقع (وإلصاق التهم بالعلماء والتنفير منهم والنظر إليهم بعين السخط والاستصغار) . أعود إلى حديث تلك الفتوى المؤسفة فأقول: حقًّا إن كل عاقل حليم حكيم مجالس لأهل الفقه في الدين ليشتد عجبه فغضبه من تلك الفتوى الَّتِي أعلنها المودودي الرجل الذي ملأت كتبه الشرق والغرب وبلاد العرب والعجم، وملأ صيته الدنيا جلها ومع ذلك كله فهو يجهل موقف الشيعة الرافضة القدامى والمعاصرين من أهل السنة والجماعة في كل زمان ومكان مما جعله ينادي كافة المسلمين إلى تأييد ثورة الخميني والتعاون معها في جميع المجالات ولو كلف ذلك ذهاب النفس والنفيس والغالي والرخيص!. رغم البغض الخفي والمعلن من الخميني وممن قبله وممن معه وممن بعده من الشيعة المؤلهة والإمامية الاثني عشرية الجعفرية للمسلمين عامة وللسلف الصالح وأتباعهم خاصة، أقول: إن كان خفي ذلك على المودودي وزملائه من قادة الجماعات الإسلامية وأتباعهم الذين تلقوا التربية في الحركات المذكورة فإن بغض أولئك الشيعة للمسلمين معلوم للسلف الصالح أهل السنة والجماعة عبر تاريخ عصورهم ابتداء من عصر الخلافة الراشدة والقرون المفضلة إلى يومنا هذا إلى يوم الدين كما لا يخفى على أهل السنة والجماعة مخالفة الشيعة المذكورين للمسلمين في كل شيء وبغضهم لما يحبه المسلمون وحبهم لما يبغضه المسلمون. ورحم الله الشيخ الجليل إحسان إلهي ظهير الخبير بعقائد الشيعة وأوضاعهم وسلوكهم لقد قال في هذا المعنى ما نصه: "إن الشيعة قادة وشعبًا عامة وزعامة جهالاً وعلماء لا يخفون بعضهم لهؤلاء الطيبين -يعني بالطيبين: دعاة التقريب بين أهل السنة والشيعة- كلما سنحت لهم الفرصة أو أتيح لهم المجال لأن مذهبهم ليس مبنيًّا إلا على مخالفة أهل السنة نعم إلا على مخالفة أهل السنة وعقائدهم وآرائهم، ومخالفة الأسس الَّتِي عليها يقوم مذهبهم وشريعتهم الَّتِي جاء بِها محمد -صلوات الله وسلامه عليه- ومن أجل هذا: فالقرآن أنكروه لأن أهل السنة يعتقدونه ويؤمنون به وسنة النَّبِي الكريم أنكروها لأن أهل السنة يتمسكون بِها، وأصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - يكفرونَهم لأن أهل السنة يحبونَهم. وأزواج النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - يشتمونَهن لأن أهل السنة يعظمونَهن ويجلونَهن ويفضلونَهن على أمهاتِهن لأنَّهن أمهات المؤمنين بنص القرآن. ومكة والمدينة يكرهونَهما، لأن أهل السنة يعتبرونَهما أقدس بقاع الأرض وأطهرها في الكون. والكذب يقدسونه لأن أهل السنة يكرهونه ويهجرونه. والمتعة يحلونَها لأن أهل السنة يحرمونَها. والرجعة يقرونَها لأن أهل السنة ينكرونَها. والبداء لله -بمعنى الجهل- يثبتونه لأن أهل السنة يبرءون منه جنابه وجلاله. والأوهام والخرافات والبدع والوثنيات والشرك بالله كالاستغاثة بالقبور والطواف حولها والسجود عليها، وإقامة الأضرحة والقباب عليها وإقامة المآتم والمجالس ... كل تلك الأفعال الشركية يتشبثون بِها لأن أهل السنة يتبرءون منها ويتنَزهون عنها ويجحدونَها". اهـ. أقول: وعلى كل حال فإن الشيخ المودودي يعتبر من كبار القادة للجماعات الإسلامية وله -رحمه الله- مساهماته وخدماته في نشر الإسلام في حدود فهمه لأصول الإسلام وفروعه ومنهج دعوته. وللقائمين على المدرسة السلفية الثابتة الجليلة ملحوظات ومآخذ على الأستاذ المودودي لا يجوز أن تترك بدون إيضاح وبيان فيقع فيها من يأتي بعده وربما تتلمذ على كتبه فيقع في تلك الأخطاء الَّتِي لو كانت في فروع المسائل لما سمحت لقلمي أن يسطر شيئًا منها ولكنها في العقيدة وفي منهج الدعوة الغالي الثمين منها: أ- ثناؤه على أئمة الكفر الرافضة من الشيعة، ويتجلى هذا الثناء فيما يلي: 1 - تلك الفتوى الَّتِي رأيت والتي تضمنت النداء الحار العاجل لأمة الإسلام كلها علماء وعوام ذكورًا وإناثًا أحرارًا وعبيدًا أن يتعاونوا مع ثورة الخميني الشيعية في جميع المجالات وهذا خدش في العقيدة واضح لأن الله يقول وقوله الحق: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ} [الممتحنة: من الآية1]. ومن غير شك عند أهل السنة والجماعة أن الخميني ومن على معتقده ومنهجه من أشد الناس عداوة للذين آمنوا وإنما الولاية الحق هي الَّتِي أرشد الله أهل الإيْمان بقوله -عز من قائل كريم-: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}.[المائدة:56] ولأهمية الأمر فقد أكد الله هذا الحكم بقوله: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} .[المائدة:57] وأي كفر يا ترى أعظم من كفر من يخالف المسلمين في كل شيء من دينهم الحق ويلعن خيارهم ويشتم نساء نبيهم إلى غير ذلك مما تقدم ذكره. ب- وبالرغم من كثرة مؤلفات أبو الأعلى المودودي فإنه لَم يوجد له كتاب واحد ولو صغير الحجم -حسب علمي- رد فيه على الشيعة الإمامية الاثني عشرية الروافض الذين ما نالت أمة من أمم الكفر من الإسلام وأمته مثل نيلهم منه ومن أهله بالرغم من اطلاع المودودي الواسع واطلاع تلامذته على مؤلفاتِهم القديْمة والحديثة وعلمهم اليقين بتصريحاتِهم والتي منها قول الخميني: "إن كل نبي جاء لنشر العدل في العالم ولكن جميع الأنبياء لَم ينجحوا في أهدافهم حتى أن خاتم المرسلين الذي أرسل لإصلاح البشرية وتنفيذ العدل وتربية الناس لَم ينجح في عصره وسينجح الإمام المهدي في كل ذلك" !!. ومنها قوله: "إن العالم الإسلامي وغير الإسلامي لا يعترف بقوتنا ما لَم نسيطر على مكة والمدينة وإني حينما أدخل مكة والمدينة فاتحًا فواجبي الأول أن أخرج الصنمين -أبا بكر وعمر- من قبريهما" . ومنها قوله في غلوه في المشاهد وأهلها: "التربة الحسينية أفضل -يعني لمواضع السجود- الَّتِي تخرق الحجب السبع وترتفع على الأرضين السبعة" . ويضيف قائلاً: "ويستثنى من الطين -المحرم أكله- طين قبر سيدنا أبي عبد الله الحسين - عليه السلام - للاستشفاء به، ولا يجوز أكله بغيره، ولا أكل ما زاد على قدر الحمصة المتوسط، ولا يلحق به طين غير قبره، حتى قبر النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - والأئمة -عليهم السلام-" . اهـ. أضف إلى ذلك وإلى ما لا يحصى من الجرائم المتعلقة بحق الخالق وحقوق الخلق الصادرة من الخميني وأتباعه استحلاله الدم الحرام في الشهر الحرام في البلد الحرام حيث أمر أتباعه في حج عام (1407هـ) بإثارة فتنة عظيمة في الحرم المكي نتج عنها قتل كثير من الحجاج وغيرهم من المسلمين من عسكريين ومدنيين ومن الذكور والإناث بدون مسوغ من شرع أو عقل وقد استنكر هذه الجريمة البشعة المسلمون وغيرهم. والذي أريد أن أقول للمحبين للخميني والمزكين له ولأتباعه من الشيعة: أيجوز لكم بعد ذلك كله أن تشهدوا لهم بالإسلام ولثورتِهم بذلك، أم أنه يجب عليكم أن تبغضوهم جميعًا بغض المنافقين والكافرين الذين لَم يرقبوا في مؤمن ولا مؤمنة إلاًّ ولا ذمة وأولئك هم المعتدون. انتهى المراد نقله من كلام الشيخ زيد رحمه الله.