إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

فوائد من شرح الأصفهانية لابن تيمية رحمه الله

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • فوائد من شرح الأصفهانية لابن تيمية رحمه الله

    (سلسلة)
    لقط الفوائد من كتب الأماجد

    فوائد من شرح الأصفهانية لابن تيمية رحمه الله

    هذه فوائد انتقيتها من كتاب شرح الأصفهانية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله سائلا الله جل وعلا أن ينفع بها.

    أبو جهاد سمير الجزائري



    1- أما تسميته سبحانه بأنه مريد وأنه متكلم فإن هذين الاسمين لم يردا في القرآن ولا في الأسماء الحسنى المعروفة ومعناهما حق ولكن الأسماء الحسنى المعروفة هي التي يدعى الله بها وهي التي جاءت في الكتاب والسنة .


    2- وأما الكلام والإرادة فلما كان جنسه ينقسم إلى محمود كالصدق والعدل وإلى مذموم كالظلم والكذب والله تعالى لا يوصف إلا بالمحمود دون المذموم جاء ما يوصف به من الكلام والإرادة في أسماء تخص المحمود كاسمه الحكيم والرحيم والصادق والمؤمن والشهيد والرؤوف والحليم والفتاح ونحو ذلك مما يتضمن معنى الكلام ومعنى الإرادة.


    3- أما الكلام والإرادة فلما كان جنسه ينقسم إلى محمود كالصدق والعدل وإلى مذموم كالظلم والكذب والله تعالى لا يوصف إلا بالمحمود دون المذموم جاء ما يوصف به من الكلام والإرادة في أسماء تخص المحمود كاسمه الحكيم والرحيم والصادق والمؤمن والشهيد والرؤوف والحليم والفتاح ونحو ذلك مما يتضمن معنى الكلام ومعنى الإرادة.


    4- فإن الكلام وغيره من الصفات لا تفارق الموصوف بل صفة المخلوق لا تفارقه وتنتقل إلى غيره فكيف تكون صفة الخالق تفارقه وتنتقل إلى غيره ولهذا قال الإمام أحمد كلام الله من الله ليس ببائن منه ورد بذلك على الجهمية المعتزلة وغيرهم الذين يقولون كلام الله بائن منه خلقه في بعض الأجسام ومعنى قول السلف إليه يعود ما جاء في الآثار إن

    القرآن يسري به حتى لا يبقى في المصاحف منه حرف ولا في القلوب منه آية وقد اتفق سلف الأمة وأئمتها على أن الله تعالى متكلم بكلام قائم به وإن كلامه غير مخلوق وأنه مريد بإرادة قائمة به وإن إرادته ليست مخلوقة.


    5- لو كان كلام الله مخلوقا في محل لكان ذلك المحل هو المتكلم به وكانت الشجرة مثلا هي القائلة لموسى إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني ولوجب أن يكون ما أنطق الله به بعض مخلوقاته كلاما له وقد قال تعالى {وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء }وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يسلم عليه الحجر وقال إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث إني لأعرفه الآن وقد سبح الحصى بيديه حتى سمع تسبيحه وأمثال ذلك كثير والله هو الذي أنطق هذه الأجسام فلو كان ما يخلقه من النطق والكلام كلاما له لكان ذلك كلام الله كما أن القرآن كلام وكان لا فرق بين أن ينطق هو وبين أن ينطق غيره من المخلوقات وهذا ظاهر الفساد.


    6- إن المتكلم عند الناس من قام به الكلام لا من أحدثه في غيره كما أن المريد والرحيم والسميع والبصير والعالم والقادر من قامت به الإرادة والرحمة والسمع والبصر والعلم والقدرة لا من أحدث ذلك في غيره


    7- فهذا المصنف - أي الأصفهاني -احترز عن مذهب هؤلاء وأحسن في ذلك ولكن هذا المصنف اختصر هذه العقيدة من كتب المتكلمين الصفاتية الذين يثبتون ما ذكره من الصفات بما نبه عليه من الطرق العقلية ويسمون ذلك العقليات
    وأما أمر المعاد فيجعلونه كله من باب السمعيات لأنه ممكن في العقل.


    8- قد علم بالشرع مع العقل أن الله تعالى ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله كما قال تعالى ليس كمثله شيء وقال تعالى هل تعلم له سميا وقال تعالى فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون وقال تعالى ولم يكن له كفوا أحد وقد علم بالعقل أن المثلين يجوز على أحدهما ما يجوز على الآخر ويجب له ما يجب له ويمتنع عليه ما يمتنع عليه فلو كان المخلوق مماثلا للخالق للزم اشتراكهما فيما يجب ويجوز ويمتنع... وهذا جمع بين النقيضين.


    9- ومن الناس من جعل حبه ورحمته عبارة عما يخلقه من النعمة كما جعل بعضهم إرادته عبارة عن ما يخلقه من المخلوقات وهذا ظاهر البطلان لا سيما على أصل الصفاتية ومنهم من جعل حبه ورحمته هي إرادته ونفى أن تكون له صفات هي الحب والرضا والرحمة والغضب غير الإرادة فيقال لهذا القائل لم أثبت له إرادة وإنه مريد حقيقة ونفيت حقيقة الحب والرحمة ونحو ذلك فإن قال لأن اثبات هذا تشبيه لأن الرحمة رقة تلحق المخلوق والرب ينزه عن مثل صفات المخلوقين قيل له وكذلك يقول من ينازع في الإرادة أن الإرادة المعروفة ميل الإنسان إلى ما ينفعه وما يضره والله تعالى منزه عن أن يحتاج إلى عباده وهم لا يبلغون ضره ولا نفعه بل هو الغني عن خلقه كلهم
    فإن قلت الإرادة التي نثبتها لله ليست مثل إرادة المخلوق كما أنا قد اتفقنا وسائر المسلمين على أنه حي عليم قدير وليس هو مثل سائر الأحياء العلماء القادرين قال لك أهل الإثبات وكذلك الرحمة والمحبة التي نثبتها لله ليست مثل رحمة المخلوق ومحبة المخلوق فإن قلت لا أعقل من الرحمة والمحبة إلا هذا قال لك النفاة ونحن لا نعقل من الإرادة إلا هذا... .


    10- وكذلك الإرادة
    ومن الجهمية والمعتزلة وغيرهم من يقول أنه لا إرادة له كما يقوله من يقوله من المعتزلة البغداديين ومنهم من يقول له إرادة أحدثها لا في محل كما يقوله البصريون منهم والشيعة المتأخرون وافقوهم على ذلك ولهم قولان كالمعتزلة وهو من أفسد الأقوال من وجهين من جهة إثباتهم صفة لا في محل ومن جهة إثباتهم حادثا أحدثه لا بإرادة.


    11- الكلام في محبة الله
    للناس في هذا الأصل العظيم ثلاثة أقوال
    أحدها أن الله تعالى يحب ويحب كما قال تعالى {فسوف يأتي الهو بقوم يحبهم ويحبونه }فهو المستحق أن يكون له كمال المحبة دون ما سواه وهو سبحانه يحب ما أمر به ويحب عباده المؤمنين وهذا قول سلف الأمة وأئمتها وهذا قول أئمة شيوخ المعرفة
    والقول الثاني أنه يستحق أن يحب لكنه لا يحب إلا بمعنى أن يريد وهذا قول كثير من المتكلمين ومن وافقهم من الصوفية

    والثالث أنه لا يحب ولا يحب وإنما محبة العباد له إرادتهم طاعته وهذا قول الجهمية ومن وافقهم من متأخري أهل الكلام والرازي.


    12- من عرف حقائق أقوال الناس وطرقهم التي دعتهم إلى تلك الأقوال حصل له العلم والرحمة فعلم الحق ورحم الخلق وكان مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وهذه خاصة أهل السنة المتبعين للرسول ص - فإنهم يتبعون الحق ويرحمون من خالفهم باجتهاده حيث عذره الله ورسوله وأهل البدع يبتدعون بدعة باطلة ويكفرون من خالفهم فيها.


    13- وقوله – أي الأصفهاني – إن الله متكلم يناقض قول من قال القرآن مخلوق فإن حقيقة قول أولئك أنه ليس بمتكلم.


    14- فإن الدليل إن لم تقرر مقدماته ويجاب عما يعارضها لم يتم فكيف إذا لم تقرر مقدماته بل ولا تثبت.


    15- ولا ريب أنه اختصر (أي الأصفهاني )هذه العقيدة من كتب أبي عبد الله بن الخطيب(أي الرازي).


    16- فإن الفاضل إذا تأمل غاية ما يذكره المتكلمون والفلاسفة من الطرق العقلية وجد الصواب منها يعود إلى بعض ما ذكر في القرآن من الطرق العقلية.



    17- لا ريب إنه يمتنع أن يكون شيئان كل منها علة للآخر لأن العلة متقدمة على المعلول فلو كان علة لعلته للزم تقدمه على نفسه لكونه علة العلة وتأخره عن نفسه لكونه معلول العلة وذلك جمع بين النقيضين.


    18- الوجه السابع أن يقال المعنى المعروف من لفظ التركيب أن يكون الجزءان مفترقين فيركبهما جميعا مركب لأن المركب اسم مفعول ركبه مركب فهو مركب كما يركب الطبيخ من أجزائه والأدوية المركبة من أجزائها وأمثال ذلك ومعلوم أن المركب بهذا الاعتبار مفتقر إلى من يركبه غيره إذ لو كانت ذاته تقتضي التركيب لم يجز عليه التفرق وواجب الوجود بنفسه لا يكون مفتقرا إلى شيء خارج عن نفسه لأن ذلك جمع بين النقيضين ولا ريب أن مثبتة الصفات ليس فيهم بل ولا في سائر فرق الأمة من يثبت هذا التركيب في حق الله تعالى .


    19- يدعي المعتزلة إنهم أهل التوحيد والعدل ويعنون بالتوحيد نفي الصفات
    ولما كان أبو عبد الله محمد بن تومرت على مذهب المعتزلة في نفي الصفات لقب أصحابه بالموحدين وقد صرح في كتابه الكبير بنفي الصفات ولهذا لم يذكر في مرشدته شيئا من الصفات الثبوتية لا علم الله ولا قدرته ولا كلامه ولا شيئا من صفاته الثبوتية .


    20- روى أبو بكر الأثرم عن الفضيل بن عياض قال ليس لنا أن نتوهم في الله كيف وكيف لأن الله وصف فأبلغ فقال قل هو الله أحمد الله الصمد فلا صفة أبلغ مما وصف به نفسه ومثل هذا النزول والضحك وهذه المباهاة وهذا الاطلاع كما شاء أن ينزل وكما شاء أن يضحك فليس لنا أن نتوهم أن ينزل عن مكانه كيف وكيف وإذا قال لك الجهمي أنا كفرت برب ينزل فقل أنت أنا أؤمن برب يفعل ما يشاء.


    21- حدث يزيد بن هارون عن الجهمية فقال من زعم أن الرحمن على العرش استوى على خلاف ما تقرر في قلوب العامة فهو جهمي .


    22- وروى البيهقي بإسناده عن إسحاق بن راهوايه قال جمعني وهذا المبتدع يعني ابن صالح مجلس الأمير عبد الله بن طاهر فسألني الأمير عن أخبار النزول فثبتها فقال إبراهيم كفرت برب ينزل من سماء إلى سماء فقلت آمنت برب يفعل ما يشاء فرضي عبد الله كلامي وأنكر على إبراهيم.


    23- قال القاضي قال أحمد في الجزء الذي رد فيه على الجهمية والزنادقة وكذلك الله يتكلم كيف شاء من غير أن نقول من جوف ولا فم ولا شفتين وقال بعد ذلك بل نقول أن الله لم يزل متكلما إذا شاء ولا نقول إنه كان ولا يتكلم حتى خلق.


    24- فأصل ابن كلاب الذي وافقه عليه القاضي وابن عقيل وابن الزاغوني وغيرهم أنه منزه عن السكوت مطلقا فلا يجوز عندهم أن يسكت عن شيء من الأشياء إذ كلامه صفة قديمة لازمة لذاته لا تتعلق عندهم بمشيئته كالحياة حتى يقال إن شاء تكلم بكذا وإن شاء سكت عنه .


    25- قال أبو الحسن محمد بن عبد الملك الكرخي الشافعي في كتابه الذي سماه الفصول في الأصول عن الأئمة الفحول وذكر اثني عشر إماما الشافعي ومالك وسفيان الثوري وأحمد بن حنبل وسفيان بن عيينة وابن المبارك وإسحاق بن راهويه والبخاري وأبو زرعة وأبو حاتم قال فيه سمعت الإمام أبا منصور محمد بن أحمد يقول سمعت الإمام أبا بكر عبيد الله بن أحمد يقول سمعت الشيخ أبا حامد الإسفرائيني يقول مذهبي ومذهب الشافعي وفقهاء الأمصار أن القرآن كلام الله غير مخلوق ومن قال مخلوق فهو كافر والقرآن حمله جبريل مسموعا من الله تعالى والنبي صلى الله عليه وسلم سمعه من جبريل والصحابة سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي نتلوه نحن بألسنتنا فما بين الدفتين وما في صدورنا مسموعا ومكتوبا ومحفوظا ومنقوشا كل حرف منه كالباء والتاء كله كلام الله غير مخلوق ومن قال مخلوق فهو كافر عليه لعائن الله والملائكة والناس أجمعين.


    26- قال أبو الحسن وكان الشيخ أبو حامد شديد الإنكار على الباقلاني وأصحاب الكلام وقال ولم تزل الأئمة الشافعية يأنفون ويستنكفون أن ينتسبوا إلى الأشعري ويتبرءون مما بنى مذهبه عليه وينهون أصحابهم وأحبابهم من الحوم حواليه على ما سمعت عدة من المشايخ والأئمة منهم الحافظ المؤتمن بن أحمد الساجي يقولون سمعنا جماعة من المشايخ الثقاة قالوا كان الشيخ أبو حامد أحمد بن طاهر الإسفرائيني إمام الأئمة الذي طبق الأرض علما وأصحابا إذا سعى إلى الجمعة من قطعية الكرخ إلى الجامع المنصور يدخل الرباط المعروف بالروزي المحازي للجامع ويقبل على من حضر ويقول اشهدوا علي بأن القرآن كلام الله غير مخلوق كما قال أحمد بن حنبل لا كما يقول الباقلاني ويتكرر ذلك منه فيقبل له في ذلك فقال حتى تنتشر في الناس وفي أهل البلاد ويشيع الخبر في أهل البلاد أني بريء مما هم عليه يعني الأشعرية وبريء من مذهب أبي بكر الباقلاني فإن جماعة من المتفقهة الغرباء يدخلون على الباقلاني خفية ويقرءون عليه فيعتنون بمذهبه فإذا رجعوا إلى بلادهم أظهروا بدعتهم لا محالة فيظن ظان أنهم مني تعلموه وأنا قلته وأنا بريء من مذهب الباقلاني وعقيدته.


    27- قال وسمعت الفقيه الإمام أبا منصور سعد بن العجلي سمعت عدة من المشايخ والأئمة ببغداد أظن أبا إسحاق الشيرازي أحدهم قالوا كان أبو بكر الباقلاني يخرج إلى الحمام مبرقعا خوفا من الشيخ أبي حامد الإسفرائيني.


    28- قال محمد بن الهيصم في كتاب حمل الكلام لما ذكر حمل الكلام وأنه مبني على خمسة فصول أحدها أن القرآن كلام الله وقد حكي عن جهم بن صفوان أن القرآن ليس كلام الله على الحقيقة وإنما هو كلام خلقه الله فنسب إليه كما قيل سماء الله وأرض الله وكما قيل بيت الله وشهر الله وأما المعتزلة فإنهم أطلقوا القول بأنه كلام الله على الحقيقة ثم وافقوا جهما في المعنى حيث قالوا كلام خلقه بائنا عنه وقال عامة المسلمين إن القرآن كلام الله على الحقيقة وأنه تكلم به
    والفصل الثاني أن القرآن غير قديم فإن الكلابية وأصحاب الأشعري زعموا أن الله لم يزل متكلما بالقرآن وقال أهل الجماعة إنما تكلم بالقرآن حيث خاطب به جبريل وكذلك سائر الكتب
    والفصل الثالث أن القرآن غير مخلوق فإن الجهمية والنجارية والمعتزلة زعموا إنه مخلوق وقال أهل الجماعة إنه ليس بمخلوق. والفصل الرابع أنه غير بائن منه فإن الجهمية وأتباعهم من المعتزلة قالوا إن القرآن بائن من الله وكذلك سائر كلامه وزعموا أن الله خلق كلاما في الشجرة فسمعه موسى وخلق كلاما في الهواء فسمعه جبريل ولا يصح عندهم أنه وجد من كلام يقوم به في الحقيقة وقال أهل الجماعة بل القرآن غير بائن من الله وإنما هو موجود منه وقائم منه.


    29- قال الإمام عثمان بن سعيد الدارمي في كتابه المعروف بنقض عثمان ابن سعيد على المريسي الجهمي العنيد فيما افترى على الله في التوحيد قال وادعى المعارض أن قول النبي صلى الله عليه وسلم إن الله ينزل إلى السماء الدنيا حين يمضي من الليل الثلث فيقول هل من مستغفر هل من تائب هل من داع قال فادعى أن لا ينزل بنفسه إنما ينزل أمره ورحمته وهو على العرش وكل مكان من غير زوال لأنه الحي القيوم والقيوم بزعمه من لا يزول قال فيقال لهذا المعارض وهذا أيضا من حجج النساء والصبيان ومن ليس عنده بيان ولا لمذهبه برهان لأن أمر الله ورحمته تنزل في كل ساعة ووقت وأوان فما بال النبي يحد لنزوله الليل دون النهار ويوقت في الليل شطره أو الأسحار أفأمره ورحمته تدعوان العباد إلى الاستغفار أو يقدر الأمر والرحمة أن يتكلما دونه فيقولا هل من داع فأجيب له هل من مستغفر فأغفر له هل من سائل فأعطيه فإن قررت مذهبك لزمك أن تدعي أن الرحمة والأمر هما اللذان يدعوان إلى الإجابة والاستغفار بكلامهما دون الله وهذا محال عند السفهاء فكيف عند الفقهاء
    قد علمتم ذاك ولكن تكابرون وما بال أمره ورحمته ينزلان من عنده الليل ثم يمكثان إلى طلوع الفجر يرفعان لأن رفاعة يرويه ويقول في حديثه حتى ينفجر الفجر وقد علمتم إن شاء الله هذا التأويل أبطل باطل ولا يقبله إلا كل جاهل
    وأما دعواك أن تفسير القيوم الذي لا يزول عن مكانه ولا يتحرك فلا يقبل منك هذا التفسير إلا بأمر صحيح مأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن بعض أصحابه أو التابعين لأن الحي القيوم يفعل ما يشاء ويتحرك إذا شاء ويهبط ويرتفع إذا شاء ويقبض ويبسط ويقوم ويجلس إذا شاء لأن ذلك أمارة ما بين الحي والميت لأن كل متحرك لا محالة حي وكل ميت غير متحرك لا محالة ومن يلتفت إلى تفسيرك وتفسير صاحبك مع تفسير نبي الرحمة ورسول رب العزة إذ فسر نزوله مشروطا منصوصا ووقت له وقتا موضوحا لم يدع لك ولا لأصحابك فيه لبسا ولا عويصا
    قال ثم أجمل المعارض جميع ما أنكره الجهمية من صفات الله تعالى وذواته المسماة في كتابه وآثار رسوله صلى الله عليه وسلم فعد منها بضعة وعشرين صفة وأخذ يتكلم عليها ويفسرها بما حكى المريسي وفسرها وتأولها حرفا حرفا خلاف ما عنى الله ورسوله وخلاف ما تأولها الفقهاء والصالحون لا يعتمد في أكثرها إلا على المريسي فبدأ منها بالوجه ثم بالسمع والبصر والغضب والرضاء والحب والبغض والفرح والكره والضحك والعجب والسخط والإرادة والمشيئة والأصابع والكف والقدمين وقوله كل شيء هالك إلا وجهه فأينما تولوا فثم وجه الله و هو السميع البصير لما خلقت بيدي وقالت اليهود يد الله مغلولة يد الله فوق أيديهم والسموات مطويات بيمينه وقوله فإنك بأعيينا وهل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وجاء ربك والملك صفا صفا الذين يحملون العرش ومن حوله وقوله ويحذركم الله نفسه ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة وكتب ربكم على نفسه الرحمة و تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك والله يحب التوابين ويحب المتطهرين
    قال عمد المعارض إلى هذه الصفات فنسقها ونظم بعضها إلى بعض كما نظمها شيئا بعد شيئ ثم قررها أبوابا في كتابه وتلطف بردها بالتأويل كتلطف الجهمية معتمدا فيها على الرابع الجهمي بشر بن غياث المريسي عند الجهال بالتشنيع بها على قوم يؤمنون بالله ويصدقون الله ورسوله فيها بغير تكيف ولا تمثيل فزعم أن هؤلاء المؤمنين بها يكيفونها وينسبونها بذوات أنفسهم وأن العلماء بزعمه قالوا ليس في شيء منها اجتهاد رأي ليدرك كيفية ذلك أو يشبه فيها شيء مما هو في الخلق قال وهذا خطأ كما أن الله ليس كمثله شيء فكذلك ليس ككيفيته شيء
    قال أبو سعيد عثمان بن سعيد فقلنا لهذا المعارض المدلس بالتشنيع إن قوله كيفية هذه الصفات وتشبيهها مما هو في الخلق خطأ فإنا لا نقول له كما قال هي عندنا له ونحن لا نكيفها ولا نشبهها بما هو في الخلق موجود أشد إلفا منكم غير أنا كما لا نشبها ولا نكيفها لا نكفر بها ولا نكذبها ولا نبطلها بتأويل الضلال كما أبطلها إمامك المريسي.
    قال وأما ما ذكرت من اجتهاد الرأي في تكييف صفات الله فإنا نجيز اجتهاد الرأي في كثير من الفرائض والأحكام التي نراها بأعيينا ونسمعها بآذاننا فكيف في صفات الله التي لم ترها العيون وقصرت عنها الظنون غير أنا لا نقول فيها كما قال المريسي إن هذه الصفات كلها شيء واحد وليس السمع منه غير البصر ولا الوجه منه غير اليد ولا الذات غير النفس وإن الرحمن ليس يعرف بزعمكم لنفسه سمعا من بصر ولا بصرا من سمع ولا وجها من يدين ولا يدين من وجه وهو كله يزعمكم سمع وبصر ووجه وأعلى وأسفل ويد ونفس وعلم ومشيئة وإرادة مثل خلق السموات والأرض والجبال والتلال والهواء التي لا يعرف لشيء منها شيء من هذه الصفات والذوات ولا يوقف بها منها على شيء فالله تعالى عندنا أن يكون كذلك فقد ميز الله تعالى في كتابه السمع من البصر وذكر الآيات الواردة في ذلك فقال تعالى إنني معكما أسمع وأرى إنا معكم مستمعون وقال ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ففرق بين الكلام والنظر دون السمع فقال عند السمع والصوت قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء ولم يقل رأى قول الله التي تجادلك في زوجها وقال تعالى في موضع الرؤية الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين وقال تعالى وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ولم يقل يسمع الله تقلبك ويسمع الله عملكم فلم يذكر الرؤية فيما يسمع ولا السمع فيما يرى كما أنها عنده خلاف ما عندكم وذكر كلاما طويلا في الرد على النفاة.



    يتبع إن شاء الله...

  • #2
    ننتظر المزيد أحسن الله إليكم

    تعليق

    يعمل...
    X