إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

القول الجلي بوجوب زكاة الملبوس من الحلي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [مقال] القول الجلي بوجوب زكاة الملبوس من الحلي



    القول الجلي بوجوب زكاة الملبوس من الحلي
    للشيخ ياسر العدني
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى صحبه ومن والاه.. أما بعد:
    فإن السؤال يكثر عن زكاة الحلي، ونظراً لأهمية الأمر؛ قمت بكتابة هذا البحث تحقيقاً للحق إن شاء الله، وقد استفدت كثيراً من كتب علمائنا رحمهم الله.
    فأقول: اعلم أيها العبد الطائع، وفقك الله لطاعته، أن العلماء اتفقوا على عدم وجوب الزكاة في الماس، واللؤلؤ، والياقوت، والزبرجد، والدّر، والمرجان، ونحوها لعدم وجود دليل يدل على ذلك، ولأنه مال غير نام، بل هو حلية ومتاع للمرأة أباحه الله تعالى حين ذكر البحر فقال سبحانه: ((وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا )) (النحل:14).
    واختلفوا في حُلي المرأة المباح من الذهب والفضة هل تجب فيه الزكاة أو لا؟
    والراجح فيها: أنَّ في الحُلي زكاة ، وسأذكر لك الأدلة على ذلك مع الردِّ على شبه المخالفين...وبالله التوفيــق.

    * أدلة وجوب زكاة الحلي :

    1-قال تعالى: (( وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)) (التوبة: الآية34)
    وجه الدلالة من الآية: أنَّها عامة في جميع الذهب والفضة ، ولم تخصص شيئاً دون شيء، فمن ادعى خروج الحُلي المباح من هذا العموم فعليه بالدليل.
    2-عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم، فيكوى بها جَنْبُه وجبينه، وظهره، كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يُقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى جنة وإما إلى النار... الحديث) رواه مسلم.
    وجه الدلالة من الحديث: أن المتحلي بالذهب والفضة هو صاحب ذهب وفضة ، ولا دليل على إخراجه من هذا العموم.
    3-عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ( أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعها ابنة لها وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب فقال لها: أتعطين زكاة هذا؟ قالت: لا، قال: أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار، قال فخلعتهما فألقتهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: (هما لله عز وجل ولرسوله ) رواه أحمد وأبو داوود والترمذي والنسائي وصححه ابن القطان كما في نصب الراية (3/370)، وقال الشيخ الألباني: إسناده إلى عمرو بن شعيب جيّد. ا هـ الإرواء (3/296).
    4-عن عبدالله بن شداد بن الهاد أنه قال : ( دخلنا على عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى في يدي فتختات من ورق فقال: ما هذا يا عائشة، فقالت: صنعتهن أتزين لك يارسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال: أتؤدين زكاتهن؟ قلت: لا، أو ما شاء الله، قال: هو حسبك من النار) رواه الدارقطني والحاكم والبيهقي وقال الحافظ ابن حجر في (التلخيص الحبير) (2/189) : إسناده على شرط الصحيح. ا هـ والحديث في الشواهد.
    5-عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها قالت: (دخلت أنا وخالتي على النبي صلى الله عليه وسلم وعليها أسورة من ذهب، فقال لنا: أتعطيان زكاته؟ قالت : قلنا: لا ، قال أما تخافان أن يسوركما الله أسورة من نار؟ !! أديّا زكاته). رواه أحمد والطبراني والحديث حسن بشواهده فإنه من طريق شهر بن حوشب وهو ممن يصلح حديثه في الشواهد.
    6-عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: (كنت ألبس أوضاحاً من ذهب، فقلت: يا رسول الله أكنز هو؟ فقال صلى الله عليه وسلم : (ما بلغ أن تؤدي زكاته فزكي فليس بكنز) رواه الدارقطني والحاكم والبيهقي، والحديث ضعيف , فإنه من طريق عطاء بن أبي رباح عن أم سلمة ولم يسمع منها.
    7-عن فاطمة بنت قيس رضي عنها قالت: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بطوق فيه سبعون مثقالاً من ذهب، فقلت: يا رسول الله خذ منه الفريضة، فأخذ منه مثقالاً وثلاثة أرباع مثقال). رواه الدارقطني من طريقين إحداهما من طريق أبي بكر الهذلي (متروك) والأخرى من طريق أبي حمزة ميمون (ضعيف جداً) فالحديث ضعيف جداً.
    8-جاءت آثار صحيحة عن بعض الصحابة رضي الله عنهم في إيجاب زكاة الحلي، وهم :
    ‌أ-روى عبدالرزاق في مصنفه عن معمر عن حماد عن إبراهيم عن ابن مسعود قال: (سألته امرأة عن حُلي لها فيه زكاة؟ قال إذا بلغ مائتي درهم فزكيه، قالت: إنَّ في حجري يتامى لي أفأدفعه إليهم؟ قال: نعم) رواه الطبراني في المعجم الكبير وهو صحيح بشواهده.
    ‌ب-روى الدارقطني بسند حسن من طريق عمرو بن شعيب عن عروة عن عائشة قالت : (لا بأس بلبس الحُلي إذا أعطي زكاته).
    ‌ج-روى الدارقطني أيضاً بسند حسن من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده (وهو عبدالله بن عمرو بن العاص) : (أنه كان يكتب إلى خازنه سالم أن يخرج زكاة حُلي بناته كل سنة).
    * شبهات المخالفين :
    الشبهة الأولى: روى البخاري من حديث زينب رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يا معشر النساء تصدقن ولو من حُليكن).
    وجه الدلالة من الحديث: أنه يوجب بظاهره أن لا زكاة في الحُلي، بقوله للنساء (تصدقن ولو من حليكن) ولو كانت الصدقة فيه واجبة؛ لما ضرب المثل في صدقة التطوع.
    والجواب: أن الأمر بالصدقة من الحُلي ليس فيه إثبات وجوب الزكاة فيه ولا نفيه عنه، وإنما فيه الأمر بالصدقة حتى من حاجيات الإنسان، ونظير هذا أن يقال: تصدق ولو من دراهم نفقتك ونفقة عيالك، فإن هذا لا يدل على انتفاء وجوب الزكاة في الدراهم.
    الشبهة الثانية: روى ابن الجوزي في (التحقيق) من حديث جابر رضي الله عنه مرفوعاً : (ليس في الحُلي زكاة).
    والجواب: أن الحديث ضعيف، فيه علتان: الأولى: إبراهيم بن أيوب (ضعيف) ، الثانية : الصواب وقفه على جابر، فإنه جاء في مصنّف ابن أبي شيبة بسند صحيح على شرط مسلم موقوف على جابر.
    * تنبيهان :
    الأول: هناك علة يذكرها بعض أهل العلم في هذا الحديث ألا وهي جهالة عافية بن أيوب (شيخ إبراهيم بن أيوب) والصحيح أن عافية ليس مجهولاً، فقد قال أبو زرعة عند أن سُئل عنه: هو مصري ليس به بأس.
    الثاني: وَهِمَ من عزى هذا الحديث إلى البيهقي والدارقطني، فقد قرأت لبعض من يقول بعدم وجوب زكاة الحُلي، فقال رواه البيهقي جزء 4/ص138، والدارقطني جزء 2/ص107، فبحثتُ في المصدرين فلم أجد هذا الحديث بعينه، وإنما وجدت أحاديث أخرى في هذه المسألة، فليتنبه!!.

    الشبهة الثالثة: هناك من رَدّ على الاستدلال بحديث رقم (3) و (4) بقوله: الظاهر أنها ليست الزكاة المشروعة المفروضة التي يُطْلب فيها بلوغ النصاب وحولان الحول ، وذلك للأمور الآتية:
    1-لأنَّ (المسكتين) أو (الفتخات) لا تبلغان النصاب.
    2-ولأنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم لم يسأل عن حولان الحول.
    والجواب: أنَّ المسكتين والفتختات من جملة ما يجب على المرأة إخراج زكاته، ونبّه عليه النبي صلى الله عليه وسلم خشية أن تظن النساء أنه مما يُعفى عنه.

    الشبهة الرابعة: صح عن بعض الصحابة كابن عمر وجابر وعائشة وأسماء، أنهم يرون عدم الوجوب.
    والجواب: تقدم أنَّ بعض الصحابة قالوا بالوجوب، وعند التنازع يجب الرجوع إلى الكتاب والسنة، وقد جاء فيهما ما يدل على الوجوب كما سبق.
    وأما أثر عائشة في عدم الوجوب، فقد تقدم أنَّها تقول أيضاً بالوجوب، ولذلك يُردُّ على هذا الاستدلال من ثلاثة وجوه:
    الأول: أنها لا ترى إخراج الزكاة عن أموال اليتامى واجباً (لأن الأثر فيه أنها كانت تلي بنات أخيها اليتامى) فتُخرج تارة ولا تُخرج تارة.
    الثاني: أن عدم إخراجها فعل والفعل لا عموم له، فقد يكون لأسباب ترى أنها مانعة من وجوب الزكاة فلا يعارض القول.
    الثالث: أن فعل الصحابي يصلح للاستدلال بثلاثة شروط:
    1-ألا يخالف المرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم .
    2-ألا يعارضه قول صحابي مثله.
    3-أن يصح عنه هذا القول.
    فأنت ترى بأن شرطين قد فُقدا، فلا يكون حجّة في المسألة.

    الشبهة الخامسة: ما الفرق بين الحُلي المباح وبين الثياب المباحة، إذا قلنا بوجوب الزكاة في الأول دون الثاني.
    والجواب: أن هذا الاستدلال باطل من وجهين:
    الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم فرّق بينهما حيث أوجبها في الذهب والفضة من غير استثناء، بل وردت نصوص خاصة في وجوبها في الحُلي المباح المستعمل كما سبق، وأما الثياب فهي بمنزلة الفرس والعبد اللذين قال فيهما رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة) متفق عليه من حديث أبي هريرة.

    الثاني: أنه قياس في مقابلة النص، وكل قياس في مقابلة النص فهو قياس فاسد، وذلك لأنه يقتضي إبطال العمل بالنص، ولأن النص إذا فرّق بين شيئين في الحكم فهو دليل على أن بينهما من الفوارق ما يمنع إلحاق أحدهما بالآخر ويوجب افتراقها، سواء علمنا تلك الفوارق أم جهلنا.

    وبهذا يكون قد أتممت ما أردتُ بيانه
    والحمد لله رب العالمين



    أبو عمار ياسر العدني

  • #2
    رد: القول الجلي بوجوب زكاة الملبوس من الحلي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    بارك الله فيك أخي على هذا البحث ، ولابأس أن ننقل هنا ما ذكره الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - في حكم زكاة الحلي والرد على بعض الأقوال ونسأل الله أن ينفعنا بهذا البحث وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقناجتنابه ، والله المستعان.

    بحث في زكاة الحلي

    المرأة هي التي تحتاج إلى الحلي لنفسها من أجل أن تكمل به، واستمع إلى قول الله تعالى: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَانِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ }.
    ما الذي ضربه مثلاً للرحمن قال: {أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ }.
    وتفسير هذه الآية في سورة الزخرف: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَانِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ * أَوَمَن يُنَشَّأُ فِى الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِى الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ}.
    بين فيها نصين عظيمين: جسدي يحتاج إلى حلية {أَوَمَن يُنَشَّأُ فِى الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِى الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ }. ونص بلاغة وبيان، {فِى الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ } وإذا كان غير مبين في الخصام فهو أيضاً ناقص التفكير، أي أو من ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين كمن لا ينشأ في الحلية وهو في الخصام مبين.
    فهل يستوي هذا وهذا؟ لا.
    أقول: إن الزكاة تجب في الذهب والفضة وإن كان حليًّا، لكن يأتينا رجل ويقول: دعواكم وجوب الزكاة في حلي المرأة تحتاج إلى دليل فما موقفنا نحن؟
    الواجب على أهل العلم أن يقنعوا من طلب الدليل بالدليل، لأن معه حقًّا، فالله عز وجل ما أرسل الرسل إلى الخلق إلا بآيات تقيم بها الحجة وتدل على رسالتهم.
    فنحن أيضاً إذا قلنا قولاً، وقلنا: إن هذا هو الشرع، أو هذا هو الواجب، أو هذا حرام، أو هذا حلال، فلكل مسلم الحق أن يقول: أين الدليل؟
    والرجل الذي يقول: أين الدليل تحدياً فلك الحق أن تقول: قد أبلغناك وحسابك على الله.
    وأما من علمنا أنه يريد الدليل ليبني عبادته على بصيرة، فإننا نشكره على ذلك، ونبين له الدليل ما استطعنا
    ، فالدليل على ذلك:
    يقول الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ما من صاحب ذهب أو فضة لا يؤدي منها حقها إلا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار».
    والمرأة التي عندها حلي صاحبة ذهب وحق المال الزكاة، كما قال الصديق رضي الله عنه : «الزكاة حق المال».
    إذن «ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها زكاتها» وعليه فهذا الحديث بعمومه دليل على أنه يجب على المرأة أن تزكي حليها من الذهب أو الفضة، لأنها داخلة في قول: «ما من صاحب ذهب ولا فضة».
    لكن لو كان الذي يخاطبك طالب علم وقال: إن النص الآن دلالته على الإفراد ظنية وليست قطعية، ونحن نريد أن يكون هناك نص في الموضوع، أي في وجوب الزكاة في الحلي.
    قلنا له:
    أولاً: الأصل في خطاب الشرع إذا كان عامًّا أن يتناول جميع الأفراد، لأننا نعلم أن الشارع الذي تكلم بهذا النص هو أعلم من تكلم بمراده، ويعرف ويعلم كل ما يتناوله هذا اللفظ من المعنى، ولو كان شيء من الأفراد مستثنى لاستثناه، لأنه لو كان هناك شيء من الأفراد يخالف حكم العام ولم يستثنه لم يبلغ ما أنزل إليه من ربه.
    ثانياً: كلنا يعلم أن أنصح الخلق للخلق هو الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا يمكن أن يأتي بخطاب عام يستثنى منه شيء من بعض أفراده ولا يبين ذلك، لأن هذا خلاف النصيحة.
    ثالثاً: كلنا يعلم أن أفصح الخلق لما ينطق به الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا يمكن أن يأتي بلفظ عام وهو يريد به بعض أفراده، فهذا خلاف الخطاب.
    هذا هو الجواب الأول لمن ادعى أن العام دلالته على جميع أفراده دلالة ظنية.
    المرحلة الثانية في الجواب: أن نذكر الأدلة الخاصة على وجوب الزكاة في الحلي:
    واستمع إلى حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: أتت امرأة إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب، والمسكتان أي سواران فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أتؤدين زكاة هذا؟» قالت: لا، قال: «أيسرك أن يسورك الله بهما سوارين من نار»، الله أكبر. فهل المرأة قالت: يا رسول الله أعددت هذين السوارين للبس، فكيف تجب الزكاة علّي فيهما، ولا تجب الزكاة علَّي في السوار فكيف أعذب بالنار؟ لم تقل هذا. بل استسلمت، وخلعت السوارين وألقتهما إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقالت: هما لله ورسوله.
    لقد اختار الله تعالى للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أطوع الناس، وأتبعهم لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإذا حدثهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالحديث لم يتلكؤا في قبوله، ولم يترددوا في تنفيذه، بل يقولون بألسنتهم وأفعالهم: سمعنا وأطعنا.
    والأمثلة على ذلك كثيرة، ليس هذا موضع ذكرها. فهذه المرأة استجابت فوراً فخلعتهما وألقتهما إلى الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في بلوغ المرام: أخرجه الثلاثة وإسناده قوي، وله شاهد من حديث عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما وهو قوي بدونهما، لكن كلما زاد في القوة ازدادت الثقة.
    ونحن نشكر الحافظ ابن حجر رحمه الله أن ساق هذا الحديث في بلوغ المرام، وأيده وقواه، مع أن مذهبه شافعي، والشافعية لا يرون وجوب الزكاة في الحلي، ولكن مثل هؤلاء العلماء الكبار وإن كانوا ينتسبون إلى المذهب لا يرون أن المذهب واجب الاتباع في كل شيء، بل إذا خالف مذهبهم الدليل ضربوا به عرض الحائط وأخذوا بالدليل.
    فهو في الحقيقة يشكر على سياق هذا الحديث في بلوغ المرام وعلى تقويته وترجمته.

    إذن عندنا دليل من السنة عام وخاص، وفيه دليل أيضاً من القرآن قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ
    يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } أي يمنعون ما وجب بذله منها، فيدخل في هذا أيضاً وعليه فتكون الآية والحديثان اللذان ذكرناهما كلها تدل على وجوب زكاة الحلي.
    لكن قد يقول رجل: لقد قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ليس في الحلي زكاة» وهذا خاص يخصص حديث أبي هريرة «ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منه حقها» ومعلوم عند أهل العلم أن الخاص يخصص عموم العام، فما هو الجواب على هذا؟
    الجواب: فنجيبه بجوابين:
    الجواب الأول: هل صح هذا الحديث أم لم يصح، وهذا لابد منه، لأن المستدل بالسنة يطالب بأمرين:
    أولاً: ثبوت النص.
    ثانياً: ثبوت دلالته أي الحكم.
    والمستدل بالقرآن يطالب بأمر واحد فقط، وهو إثبات دلالة القرآن على الحكم.
    فهذا الدليل أي الحديث قال كثير من أهل العلم: إنه لا يصح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإذا لم يصح فلا يكون مستقيماً لمعارضته الأحاديث الصحيحة، لأن ما لا يصح لا يجوز العمل به وإن لم يعارض، فضلاً عما إذا عورض.
    وعلى تقدير صحته نقول له: هل أنت تقول بموجب هذا الحديث، وتسقط الزكاة في كل حلي، فإن قال: نعم، قلنا له ليس الأمر كذلك ، وإن قال لا، قلنا خالفت دليلك؛ لأن الدليل «ليس في الحلي زكاة» عام وأنت تقول: إن الحلي إذا أعد للأجرة، أو أعد للنفقة، أو كان محرماً وجبت فيه الزكاة، فخالفت الدليل.
    وعلى هذا يبطل استدلاله بهذا الحديث من حيث السند، ومن حيث القول بموجبه.
    فلو قال لنا هل أنتم تثبتون القياس؟ نقول له: نعم نثبت القياس الصحيح؛ لأن الله تعالى قال في كتابه: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزْلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللهَ قَوِىٌّ عَزِيزٌ }.
    فنثبت القياس الصحيح، قال: إذن الحلي الملبوس كالثوب الملبوس، فهل أنتم توجبون على المرأة الزكاة في ثوبها الذي تلبسه؟، قلنا: لا؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: «ليس على المسلم في عبده، ولا فرسه صدقة».
    فالشيء الذي يختص به الإنسان كالثياب لا زكاة فيه.
    قال: إذن فالحلي مثل الثياب لا زكاة فيه، فنقول له: هذا القياس فاسد الاعتبار؛ لأنه في مقابلة النص، وكل قياس في مقابلة النص فإنه فاسد الاعتبار لا يعتبر أبداً.
    وقلنا له أيضاً: قياسك لا يصح من حيث القياس، لا من حيث مخالفة النص، فأنت الآن تقول: إن الحلي إذا أعد للأجرة ففيه الزكاة، فهل تقول: إن الثياب إذا أعدت للأجرة فيها زكاة؟ سيقول: لا،
    الثياب المعدة للأجرة لا زكاة فيها ، والحلي المعدة للأجرة فيها الزكاة، فلا يصح القياس؛ لأن القياس يقتضي مساواة الفرع للأصل في الحكم، وإلا اختل القياس. وقد سبق تفصيل ذلك أكثر من مرة، وتبين أن القول الراجح الذي تبرأ به الذمة هو إخراج زكاة الحلي، والله أعلم
    المصدر : مكتبة الشيخ ابن العثيمين -رحمه الله
    -
    (18/545)

    تعليق

    يعمل...
    X