إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

هل مرجئة الفقهاء من أهل السنة ؟

تقليص
هذا الموضوع مغلق.
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [بحث] هل مرجئة الفقهاء من أهل السنة ؟

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه


    أما بعد :

    فقد ذهب بعض أهل العلم في عصرنا إلى أن مرجئة الفقهاء من أهل السنة ، وخالفهم غيرهم من أهل العلم ، وصار بعض من يرى أن مرجئة الفقهاء من أهل السنة ينكر على من ذهب إلى أنهم من أهل البدع

    فبدا لي أن أكتب بحثاً أجمع فيه من آثار السلف ما يبين موقفهم من مرجئة ، وهل يعدونهم من أهل السنة ؟

    وقبل البدء لا بد من بيان أمرين مهمين

    الأول : هو أن مرجئة الفقهاء أقدم فرق المرجئة ظهوراً إذ أنها ظهرت قبل ظهور الجهم بن صفوان الذي أحدث قول الجهمية في الإرجاء

    قال عبد الله بن أحمد في السنة 594 - حدثني أبي ، نا هاشم بن القاسم ، عن محمد يعني ابن طلحة ، عن سلمة بن كهيل ، قال : « وصف ذر الإرجاء وهو أول من تكلم فيه ، ثم قال : إني أخاف أن يتخذ هذا دينا ، فلما أتته الكتب من الآفاق قال فسمعته يقول بعد : وهل أمر غير هذا ؟ »

    وذر بن عبد الله هذا كوفي ، وهو أعلى طبقةً من الجهم فإنه من كبار أتباع التابعين ، وكان عنده من العلم ما حمل بعض الفقهاء كحماد بن سليمان وغيره على اتباعه ، بخلاف الجهم بن صفوان فإن الناس كانوا نافرين عنه لقبح مقالاته وقلة علمه

    وأما مرجئة الكرامية ومرجئة الأشاعرة فما ظهرت إلا بعد ذلك بزمن ، وإن كان قول الأشعرية في الإيمان مقارباً لقول الجهم

    الأمر الثاني : أن قول الجهمية في الإيمان كفري عندنا وعند مرجئة الفقهاء

    قال ابن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (2/ 324) :" قد جامعتنا في هذا المرجئة كلها على أن الإقرار باللسان من الإيمان إلا فرقة من الجهمية كفرت عندنا ، وعند المرجئة بزعمهم أن الإيمان هو المعرفة فقط بعد شهادة الله على قلوب من سماهم كافرين بأنهم عارفون فضادوا خبر الله ، وسموا الجاحد بلسانه العارف بقلبه مؤمنا ، وأقرت المرجئة إلا هذه الفرقة أن الإقرار من الإيمان وليس هو منه عمل القلب"

    وبناءً على الحقيقتين السابقتين فإن المرجئة إذا أطلقوا إنما يراد بهم مرجئة الفقهاء ، لأنهم أقدم في الظهور ، ولأن أهل العلم اعتادوا على تمييز الجهمية بلقب ( الجهمية ) ، لأن ضلالهم أوسع من الضلال في مسائل الإيمان ، ثم إن ضلالهم في مسائل الإيمان له خصوصية يرفضها حتى مرجئة الفقهاء

    ومما يدل على أن السلف إذا أطلقوا ( المرجئة ) أرادوا بذلك مرجئة الفقهاء

    ما روى الخلال في السنة 976- أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَصْرَمَ , أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ سُئِلَ عَنِ الْمُرْجِئَةِ , مَنْ هُمْ ؟ قَالَ : الَّذِينَ يَقُولُونَ : الإِيمَانُ قَوْلٌ.

    أقول : ومرجئة الجهمية لا يدخلون ( القول ) في مسمى الإيمان ، فهم ليسوا مقصودين بهذا ، بل ما أراد إلا مرجئة الفقهاء فإن مرجئة الكرامية لم يدركوا أحمد


    والآن مع الآثار السلفية في شأن المرجئة

    1_ قال ابن سعد في الطبقات 9192- قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، قَالَ : ذُكِرَ عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ الْمُرْجِئَةُ فَقَالَ : وَاللَّهِ إِنَّهُمْ أَبْغَضُ إِلَيَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ.

    أقول : وهذا إسنادٌ صحيح ، وإبراهيم النخعي أعلى طبقةً من ذر الهمداني الذي أحدث الإرجاء ولم يدرك بدعة الجهمية لذا لا يحفظ له كلامٌ فيها ، بل يريد هنا إرجاء الفقهاء الذي وقع فيه فيما بعد تلميذه حماد بن أبي سليمان ، ويبعد أن يطلق النخعي كلمةً شديدة كهذه في قومٍ يراهم من أهل السنة

    2_ قال ابن سعد في الطبقات 9188- قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحِلٌّ قَالَ : قَالَ لَنَا إِبْرَاهِيمُ : لاَ تُجَالِسُوهُمْ يَعْنِي الْمُرْجِئَةَ.

    أقول : والأمر بهجرانهم على مقالتهم يدل على أنهم عنده من أهل البدع

    3_ قال عبد الله بن أحمد في السنة 541 - حدثني أبي ، نا إسماعيل ، عن أيوب ، قال : قال سعيد بن جبير غير سائله ولا ذاكرا ذاك له : « لا تجالس طلقا يعني أنه كان يرى رأي المرجئة »

    وسعيد بن جبير من شيوخ ذر الذين نسب إلى إحداث الإرجاء

    قال الخلال في السنة وهو يحكي كتاب الإيمان للإمام أحمد 1354 - قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُفْيَانُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، قَالَ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ لِذَرٍّ: «مَا هَذَا الرَّأْيُ قَدْ أَحْدَثْتَ بَعْدِي؟ وَالزُّبَيْرُ بْنُ السَّيْقَلِ يُغْنِيكُمْ بِالْقُرْآنِ؟»

    4_ قال عبد الله بن أحمد في السنة 624 - حدثني أبي ، نا عبد الله بن نمير ، عن جعفر الأحمر ، قال : قال منصور بن المعتمر - في شيء - : « لا أقول كما قالت المرجئة الضالة المبتدعة »

    وهذا تصريح بتبديعهم

    5_ قال اللالكائي في السنة أخبرنا محمد بن المظفر المقرئ ، قال : حدثنا الحسين بن محمد بن حبش المقرئ ، قال : حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم ، قال : سألت أبي وأبا زرعة عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين ، وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار ، وما يعتقدان من ذلك ، فقالا فذكرا اعتقاداً ومما جاء فيه :" فمن قال : إنه مؤمن حقا فهو مبتدع ، ومن قال : هو مؤمن عند الله فهو من الكاذبين ، ومن قال : هو مؤمن بالله حقا فهو مصيب . والمرجئة والمبتدعة ضلال"

    أقول : وهذه مقالة جميع المرجئة

    6_ قال عبد الله بن أحمد في السنة 534 - حدثني أبي ، نا حجاج ، سمعت شريكا : وذكر المرجئة ، فقال هم أخبث قوم وحسبك بالرافضة خبثا ولكن المرجئة يكذبون على الله تعالى

    وكان شريك شديداً على المرجئة ، حتى أنه لم يقبل شهادة أبي يوسف

    قال الخلال في السنة 1024- وَأَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الأَشْعَثِ , قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ , قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ , قَالَ : شَهِدَ أَبُو يُوسُفَ عِنْدَ شَرِيكٍ بِشَهَادَةٍ , فَقَالَ لَهُ : قُمْ , وَأَبَى أَنْ يُجِيزَ شَهَادَتَهُ , فَقِيلَ لَهُ : تُرَدُّ شَهَادَتُهُ , فَقَالَ : أُجِيزُ شَهَادَةَ رَجُلٍ يَقُولُ : الصَّلاَةُ لَيْسَتْ مِنَ الإِيمَانِ ؟.

    7_ قال الخلال في السنة 974- أَخْبَرَنِي حَرْبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ , قَالَ : سَمِعْتُ إِسْحَاقَ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ , قَالَ : الرَّجُلُ يَقُولُ : أَنَا مُؤْمِنٌ حَقًّا ؟ قَالَ : هُوَ كَافِرٌ حَقًّا.
    975- أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ , قَالَ : حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ , قَالَ : سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ , يَقُولُ : لاَ يُعْجِبُنَا أَنْ نَقُولَ : مُؤْمِنٌ حَقًّا , وَلاَ نُكَفِّرُ مَنْ قَالَهُ.

    أقول : قول إسحاق بالتكفير لا أعلم أحداً تابعه عليه ، والمقالة ذكرها مقالة جميع فرق المرجئة

    وقد عقد الخلال فصلاً في مناكحة المرجئة واللالكائي فصلاً في هجرانهم وأوردا ما جاء عن السلف في ذم مرجئة الفقهاء ، مما يدل على أنهم من أهل البدع عندهم فإذا قلنا أنهم يهجرون وقولهم بدعة لم يكن لقولنا أنهم ( من أهل السنة ) بعد ذلك معنى

    وقال ابن بطة في الإبانة الكبرى (3/97) :" والمرجئة تزعم أن الصلاة والزكاة ليستا من الإيمان ، فقد أكذبهم الله عز وجل ، وأبان خلافهم . واعلموا رحمكم الله أن الله عز جل لم يثن على المؤمنين ، ولم يصف ما أعد لهم من النعيم المقيم ، والنجاة من العذاب الأليم ، ولم يخبرهم برضاه عنهم إلا بالعمل الصالح ، والسعي الرابح ، وقرن القول بالعمل ، والنية بالإخلاص ، حتى صار اسم الإيمان مشتملا على المعاني الثلاثة لا ينفصل بعضها من بعض ، ولا ينفع بعضها دون بعض ، حتى صار الإيمان قولا باللسان ، وعملا بالجوارح ، ومعرفة بالقلب خلافا لقول المرجئة الضالة"

    فنعتهم بالضلال

    8_ قال الخلال في السنة 1146- أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ , وَسُلَيْمَانُ بْنُ الأَشْعَثِ , وَأَحْمَدُ بْنُ أَصْرَمَ الْمُزَنِيُّ , وَهَذَا لَفْظُ سُلَيْمَانَ , قَالَ : قُلْتُ لأَحْمَدَ : يُصَلَّى خَلْفَ الْمُرْجِئِ ؟ قَالَ : إِذَا كَانَ دَاعِيَةً فَلاَ يُصَلَّى خَلْفَهُ.
    1147- وَأَخْبَرَنِي حَرْبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ , قَالَ : سَمِعْتُ أَحْمَدَ , يَقُولُ : لاَ يُصَلَّى خَلْفَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الإِيمَانَ قَوْلٌ إِذَا كَانَ دَاعِيَةً.

    أقول : وأحمد هنا لا يعني إذا مرجئة الفقهاء ، فإن الجهمية عنده كفار لا تختلف عنه الرواية في ترك الصلاة خلفهم متى قدر المرء على ذلك سواءً كانوا دعاةً أو غير دعاة

    قال العقيلي في الضعفاء (4/444) : حدثنا عبد الله بن أحمد قال سألت أبي عن أسد بن عمرو وأبي يوسف فقال أصحاب أبي حنيفة لا ينبغي أن يروى عنهم "

    أقول : أبو يوسف في نفسه ، فالترك له إنما كان لأمرٍ زائدٍ على الضعف ، وهو البدعة وعدم الاحتياج لحديثه

    فإن قيل : لعله أخذ عليهم الرأي

    قلت : هذا أبلغ في تقرير الحجة لأن الإرجاء أشد من القول بالرأي

    9_ قال الخلال في السنة 981- وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ , أَنَّ أَبَا الْحَارِثِ حَدَّثَهُمْ , قَالَ : قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : كَانَ شَبَابَةُ يَدْعُو إِلَى الإِرْجَاءِ , وَكَتَبْنَا عَنْهُ قَبْلَ أَنْ نَعْلَمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ هَذِهِ الْمَقَالَةَ , كَانَ يَقُولُ : الإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ , فَإِذَا قَالَ : فَقَدْ عَمِلَ بِلِسَانِهِ , قَوْلٌ رَدِيءٌ.
    982- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الأَثْرَمُ , قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ , وَقِيلَ لَهُ : شَبَابَةُ , أَيُّ شَيْءٍ تَقُولُ فِيهِ ؟ فَقَالَ : شَبَابَةُ كَانَ يَدْعُو إِلَى الإِرْجَاءِ , قَالَ : وَقَدْ حُكِيَ عَنْ شَبَابَةَ قَوْلٌ أَخْبَثُ مِنْ هَذِهِ الأَقَاوِيلِ , مَا سَمِعْتُ أَحَدًا عَنْ مِثْلِهِ , قَالَ : قَالَ شَبَابَةُ : إِذَا قَالَ فَقَدْ عَمِلَ , قَالَ : الإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ كَمَا يَقُولُونَ : فَإِذَا قَالَ فَقَدْ عَمِلَ بِجَارِحَتِهِ أَيْ بِلِسَانِهِ . فَقَدْ عَمِلَ بِلِسَانِهِ حِينَ تَكَلَّمَ , ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : هَذَا قَوْلٌ خَبِيثٌ , مَا سَمِعْتُ أَحَدًا يَقُولُ بِهِ , وَلاَ بَلَغَنِي.

    أقول : وقول شبابة هذا قريبٌ من قول مرجئة الفقهاء مع حيلة ، والإمام أحمد ترك الكتابة عنه


    وسرد نصوص السلف في هذا الباب يطول ، والمراد هنا الإشارة المفهمة

    وقبل الختام لا بد من تنبيهين

    الأول : قول شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (7/ 394) :" وهذه الشبهة التي أوقعتهم مع علم كثير منهم وعبادته وحسن إسلامه وإيمانه ولهذا دخل في إرجاء الفقهاء جماعة هم عند الأمة اهل علم ودين ولهذا لم يكفر أحد من السلف أحدا من مرجئة الفقهاء بل جعلوا هذا من بدع الأقوال والأفعال لا من بدع العقائد فإن كثيرا من النزاع فيها لفظي"

    ليس فيه نفي تبديعهم ، وإنما نفى تكفيرهم ونفي الأعلى إثباتٌ ضمني للأدنى هذا أولاً

    ثانياً : قول الشيخ (فإن كثيرا من النزاع فيها لفظي ) نص في أن ليس كل النزاع معهم لفظي ، بل قال ( كثيراً ) ، ولم يقل ( كل النزاع )

    التنبيه الثاني : قد ورد عن بعض مرجئة الفقهاء أنهم يرون السيف ، بل نسب ذلك بعض الناس للفرقة كلها ، وعلى هذا لا يجوز أن يقال فيمن يرى السيف أنه سني إذا صح عنه ذلك إذ أن القول بالسيف فيصلٌ بين أهل السنة والبدعة

    وقال الآجري في الشريعة 1986 - وحدثنا الفريابي قال : حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا سعيد بن عامر قال : حدثنا سلام بن أبي مطيع قال : كان أيوب يسمي أصحاب البدع خوارج ، ويقول : إن الخوارج اختلفوا في الاسم واجتمعوا على السيف

    هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

  • #2
    رد: هل مرجئة الفقهاء من أهل السنة ؟

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...وفقك الله أبا جعفر، وبغض النظر هل أوفقك أم لا؟ لكن أشد على يديك في سلوكك طريق السلامة وترك التغافل عن ذكر الخلاف ونسبته لبعض العلماء، فأحسنت في هذا لأنّ بعض الناس إذا ما تقرر لديه شيء بالغ حتى نفى الخلاف وحرف أقوال من خالفه من العلماء ، والصواب أنّه متى ما اقتنع الإنسان بقول فلا حرج عليه حينئذ من تخطئة المخالف بالحجة والبرهان، وسأنبه على هذا إن شاء الله في مقال مختصر كنت كتبته بعنوان "مفاتيح لمن قد بحث أو سيبحث في مسألة العذر بالجهل في التوحيد".

    الأمر الثاني الذي أريد التنبيه عليه:
    هو التأكيد على ما ذكرتَه من كون ابن تيمية -رحمه الله- لم يقل الخلاف مع مرجئة الفقهاء لفظي أو صوري بالكلية" فهذه ليست عبارة ابن تيمية -رحمه الله- ولم يقلها، ومن نسبها إليه فقد أخطأ، وإنما عبر أحيانا بــ (كثير) وأحيانا بـ (أكثر)،
    ومما علقته في نسختي من شرح ابن أبي العز على الطحاوية بالإضافة للنقل السابق قول ابن تيمية -رحمه الله-:
    وَهَذَا مَعْرُوفٌ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ؛ أَنَّهُمْ يَجْعَلُونَ الْعَمَلَ مُصَدِّقًا لِلْقَوْلِ؛ وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا رَوَاهُ مُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ: حَدَّثَنَا الْفُضَيْل بْنُ عِيَاضٍ عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ: {أَنَّ أَبَا ذَرٍّ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْإِيمَانِ. فَقَالَ: الْإِيمَانُ: الْإِقْرَارُ وَالتَّصْدِيقُ بِالْعَمَلِ؛ ثُمَّ تَلَا {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} إلَى قَوْلِهِ {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} } . قُلْت حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ هَذَا مَرْوِيٌّ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ؛ فَإِنْ كَانَ هَذَا اللَّفْظُ هُوَ لَفْظَ الرَّسُولِ فَلَا كَلَامَ وَإِنْ كَانُوا رَوَوْهُ بِالْمَعْنَى دَلَّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْمَعْرُوفِ فِي لُغَتِهِمْ أَنَّهُ يُقَالُ: صَدَقَ قَوْلُهُ بِعَمَلِهِ؛ وَكَذَلِكَ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الهروي: الْإِيمَانُ تَصْدِيقٌ كُلُّهُ. وَكَذَلِكَ " الْجَوَابُ الثَّانِي " أَنَّهُ إذَا كَانَ أَصْلُهُ التَّصْدِيقَ فَهُوَ تَصْدِيقٌ مَخْصُوصٌ كَمَا أَنَّ الصَّلَاةَ دُعَاءٌ مَخْصُوصٌ وَالْحَجَّ قَصْدٌ مَخْصُوصٌ وَالصِّيَامَ إمْسَاكٌ مَخْصُوصٌ؛ وَهَذَا التَّصْدِيقُ لَهُ لَوَازِمُ صَارَتْ لَوَازِمُهُ دَاخِلَةً فِي مُسَمَّاهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ؛ فَإِنَّ انْتِفَاءَ اللَّازِمِ يَقْتَضِي انْتِفَاءَ الْمَلْزُومِ وَيَبْقَى النِّزَاعُ لَفْظِيًّا: هَلْ الْإِيمَانُ دَالٌّ عَلَى الْعَمَلِ بِالتَّضَمُّنِ أَوْ بِاللُّزُومِ؟ .
    وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُعْرَفَ أَنَّ أَكْثَرَ التَّنَازُعِ بَيْنَ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُوَ نِزَاعٌ لَفْظِيٌّ وَإِلَّا فَالْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ - كَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ وَمَنْ اتَّبَعَهُ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَغَيْرِهِمْ - مُتَّفِقُونَ مَعَ جَمِيعِ عُلَمَاءِ السُّنَّةِ عَلَى أَنَّ أَصْحَابَ الذُّنُوبِ دَاخِلُونَ تَحْتَ الذَّمِّ وَالْوَعِيدِ وَإِنْ قَالُوا: إنَّ إيمَانَهُمْ كَامِلٌ كَإِيمَانِ جِبْرِيلَ فَهُمْ يَقُولُونَ: إنَّ الْإِيمَانَ بِدُونِ الْعَمَلِ الْمَفْرُوضِ وَمَعَ فِعْلِ الْمُحَرَّمَاتِ يَكُونُ صَاحِبُهُ مُسْتَحِقًّا لِلذَّمِّ وَالْعِقَابِ كَمَا تَقُولُهُ الْجَمَاعَةُ. وَيَقُولُونَ أَيْضًا بِأَنَّ مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ مَنْ يَدْخُلُ النَّارَ كَمَا تَقُولُهُ الْجَمَاعَةُ، وَاَلَّذِينَ يَنْفُونَ عَنْ الْفَاسِقِ اسْمَ الْإِيمَانِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُخَلَّدُ فِي النَّارِ. فَلَيْسَ بَيْنَ فُقَهَاءِ الْمِلَّةِ نِزَاعٌ فِي أَصْحَابِ الذُّنُوبِ إذَا كَانُوا مُقِرِّينَ بَاطِنًا وَظَاهِرًا بِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ وَمَا تَوَاتَرَ عَنْهُ أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْوَعِيدِ وَأَنَّهُ يَدْخُلُ النَّارَ مِنْهُمْ مَنْ أَخْبَرَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِدُخُولِهِ إلَيْهَا وَلَا يُخَلَّدُ مِنْهُمْ فِيهَا أَحَدٌ وَلَا يَكُونُونَ مُرْتَدِّينَ مُبَاحِي الدِّمَاءِ وَلَكِنَّ " الْأَقْوَالَ الْمُنْحَرِفَةَ " قَوْلُ مَنْ يَقُولُ بِتَخْلِيدِهِمْ فِي النَّارِ كَالْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ. وَقَوْلُ غُلَاةِ الْمُرْجِئَةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: مَا نَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ يَدْخُلُ النَّارَ؛ بَلْ نَقِفُ فِي هَذَا كُلِّهِ. وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ غُلَاةِ الْمُرْجِئَةِ الْجَزْمُ بِالنَّفْيِ الْعَامِّ. ا.هـ [7/ 297]


    وهذا النص السابق مهم من جهة لفظ (أكثر) ثم هو مما يستند عليه في نسبة القول بأن مرجئة الفقهاء من أهل السنة لابن تيمية -رحمه الله- فهو قد جعل خلافهم ضمن خلاف أهل السنة.


    الأمر الثالث:من المهم جدًا أن تكمل النص السابق الذي نقلتَه عن ابن تيمية-رحمه الله- ففيه فوائد حيث قال:
    وَلِهَذَا دَخَلَ فِي " إرْجَاءِ الْفُقَهَاءِ " جَمَاعَةٌ هُمْ عِنْدَ الْأُمَّةِ أَهْلُ عِلْمٍ وَدِينٍ. وَلِهَذَا لَمْ يُكَفِّرْ أَحَدٌ مِنْ السَّلَفِ أَحَدًا مِنْ " مُرْجِئَةِ الْفُقَهَاءِ " بَلْ جَعَلُوا هَذَا مِنْ بِدَعِ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ؛ لَا مِنْ بِدَعِ الْعَقَائِدِ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ النِّزَاعِ فِيهَا لَفْظِيٌّ لَكِنَّ اللَّفْظَ الْمُطَابِقَ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ هُوَ الصَّوَابُ فَلَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يَقُولَ بِخِلَافِ قَوْلِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لَا سِيَّمَا وَقَدْ صَارَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلَى بِدَعِ أَهْلِ الْكَلَامِ مِنْ أَهْلِ الْإِرْجَاءِ وَغَيْرِهِمْ وَإِلَى ظُهُورِ الْفِسْقِ فَصَارَ ذَلِكَ الْخَطَأُ الْيَسِيرُ فِي اللَّفْظِ سَبَبًا لِخَطَأِ عَظِيمٍ فِي الْعَقَائِدِ وَالْأَعْمَالِ فَلِهَذَا عَظُمَ الْقَوْلُ فِي ذَمِّ " الْإِرْجَاءِ " حَتَّى قَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِي: لَفِتْنَتُهِمْ - يَعْنِي الْمُرْجِئَةَ - أَخْوَفُ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ فِتْنَةِ الأزارقة. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: مَا اُبْتُدِعَتْ فِي الْإِسْلَامِ بِدْعَةٌ أَضَرُّ عَلَى أَهْلِهِ مِنْ الْإِرْجَاءِ. وَقَالَ الأوزاعي: كَانَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ وقتادة يَقُولَانِ: لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الْأَهْوَاءِ أَخْوَفُ عِنْدَهُمْ عَلَى الْأُمَّةِ مِنْ الْإِرْجَاءِ. وَقَالَ شَرِيكٌ الْقَاضِي - وَذَكَرَ الْمُرْجِئَةَ فَقَالَ -: هُمْ أَخْبَثُ قَوْمٍ حَسْبُك بِالرَّافِضَةِ خُبْثًا وَلَكِنَّ الْمُرْجِئَةَ يَكْذِبُونَ عَلَى اللَّهِ. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: تَرَكَتْ الْمُرْجِئَةُ الْإِسْلَامَ أَرَقَّ مِنْ ثَوْبِ سابري وَقَالَ قتادة: إنَّمَا حَدَثَ الْإِرْجَاءُ بَعْدَ فِتْنَةِ فِرْقَةِ ابْنِ الْأَشْعَثِ. وَسُئِلَ مَيْمُونُ بْنُ مهران عَنْ كَلَامِ " الْمُرْجِئَةِ " فَقَالَ: أَنَا أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ لِذَرِّ الهمداني: أَلَا تَسْتَحِي مِنْ رَأْيٍ أَنْتَ أَكْبَرُ مِنْهُ وَقَالَ أَيُّوبُ السختياني: أَنَا أَكْبَرُ مِنْ دِينِ الْمُرْجِئَةِ إنَّ أَوَّلَ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الْإِرْجَاءِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ يُقَالُ لَهُ: الْحَسَنُ. وَقَالَ زاذان: أَتَيْنَا الْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدٍ فَقُلْنَا: مَا هَذَا الْكِتَابُ الَّذِي وَضَعْت؟ وَكَانَ هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ كِتَابَ الْمُرْجِئَةِ فَقَالَ لِي: يَا أَبَا عُمَر لَوَدِدْت أَنِّي كُنْت مُتّ قَبْلَ أَنْ أُخْرِجَ هَذَا الْكِتَابَ أَوْ أَضَعَ هَذَا الْكِتَابَ فَإِنَّ الْخَطَأَ فِي اسْمِ الْإِيمَانِ لَيْسَ كَالْخَطَأِ فِي اسْمِ مُحَدِّثٍ؛ وَلَا كَالْخَطَأِ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْأَسْمَاءِ إذْ كانت أَحْكَامُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مُتَعَلِّقَةً بِاسْمِ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ وَالْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ. ا.هـــ

    ففي هذا التكملة للنص السابق شيئان مهمان جدًا:
    1- تنصيص شيخ الإسلام في كون هذا الخلاف مع مرجئة الفقهاء (يسير) و (لفظي).
    2- بيانه لسبب اشتداد نكير العلماء عليهم مع تقريره بكونه يسيرًا...وهذه مهمة جدًا عند وزن الأقوال من جهة انحرافها في ذاتها أو من جهة أثرها، وفهم هل كان الاشتداد في النكير لعظم نفس الأمر وبلوغه مبلغ البدع المخرجة من السنة أو لما ترتب على ذلك.

    قال الشيخ العالم صالح آل الشيخ-وفقه الله-:
    أما إذا أخذت كتب المتقدمين دون النظر في قواعد المتأخرين التي ضبطوا بها الاعتقاد، فإنه سيكون ثم خلل كبير في فهم منهج أهل السنة وعقيدة أهل السنة، -مثال ذلك-: ما ورد في بعض كتب أهل السنة من الكلام على أبي حنيفة الإمام، رحمه الله تعالى ورفع درجته في الجنة، هذا. لو أقبل مقبلٌ على كتب العقيدة الأولى مثل بعض كتب السنة ونحو ذلك لوجد فيها كلامًا على هذا الإمام، لم يقله أئمة أهل السنة المتأخرون، وإنّما هجروا هذا الكلام وتركوه، فلا ترى مثلا في كتب شيخ الإسلام ابن تيمية مقالةً سيئة في الإمام أبي حنيفة رحمه الله، مع أنّ كتب السنة المتقدمة فيها من هذا الكلام وفيها الكلام عمّا فعله وعما فعله... إلى آخره، أما الكتب المتأخرة فلا تجد فيها ذمّا للإمام أبي حنيفة رحمه الله بما في كتب الأولين، بل هُجِر ما في كتب الأولين، وقُرِر ما يجب أنْ يقرر تباعًا لمنهج أهل السنة بعامة، لأنّ المسألة تلك كانت لها فتوى بظروفها وزمانها إلى آخره، فألف شيخ الإسلام رحمه الله ((رفع الملام عن الأئمة الأعلام))، ومنهم أبو حنيفة، مع أنّ قوله في الإيمان معروف وقوله في كذا معروف لكن كما قيل في حقه إنّه لا يُنْظر فيه إلى هذه الأمور، لو قرأ قارئ في الكتب المتقدمة قبل المتأخرة فإنه سيحصل عنده خلل في الفهم، من أين يأتي الخلل؟
    يأتي الخلل من جهة أنّ كلام السلف له بساط حال قام عليه إذا لم يَرْعَ المتأخرُ بساط الحال الذي قام عليه كلام السلف فإنه لن يفهم كلام السلف، يعني أنْ تعرف حال ذلك الزمان، وما كان فيه من أقوال، ومن مذاهب، ومن فتن إلى آخر ذلك، فينبني كلامهم على ما كان في ذلك الزمان، لكن المتأخر لما ترك، علمنا أنه تركه لعلة، ولهذا مثلا لما طبع الشيخ عبد الله بن حسن رحمه الله، ومعه بعض المشايخ في مكة لما طبعوا كتاب السنة لعبد الله بن الإمام أحمد رحمه الله لم يروا بأسا من أنْ ينتزعوا منه بابًا كاملا، وهذا لأجل المصلحة الشرعية التي توافق منهج أهل السنة والجماعة فانتزعوا فصلا كاملا متعلق بأبي حنيفة رحمه الله وبأصحابه، وبالأقوال التي فيهم وذمهم أو تكفيرهم، إلى آخر ذلك، انتزعوه لمَ؟
    هل انتزاعه كما قال بعضهم إنّه ليس من أداء الأمانة؟ لا بل هي أمانة، لأنّ الأمانة التي أُنيطت بنا ليست هي أمانة قبول المؤلفات على ما هي عليه، وإنما هي أمانة بقاء الأمة على وحدتها في العقيدة وعلى وحدتها في المحبة، فإذ ذهب ذاك الكلام مع زمانه فإنْ تكراره مع عدم المصلحة الشرعية منه لا حاجة إليه، وهذا لا شك أنه من الفقه المهم. ا.هـــ من محاضرة "المنهجية في قراءة كتب أهل العلم"
    وسيأتي من كلام ابن تيمية ما يؤيده مع زيادة تفصيل.

    الأمر الثالث :
    أنّ دعوى البعض أنّ هذا القول -كونهم من أهل السنة- هو قول لبعض المتأخرين (المعاصرين) ليس بسديد، بل كل مَن قال الخلاف معهم صوري استلزم قوله ذلك دون العكس، فمثلا قول الإمام الذهبي -رحمه الله- في "السير":
    قَالَ مَعْمَرٌ: قُلْتُ لِحَمَّادٍ: كُنْتَ رَأْساً، وَكُنْتَ إِمَاماً فِي أَصْحَابِكَ، فَخَالَفْتَهُم، فَصِرْتَ تَابِعاً! قَالَ: إِنِّي أَنْ أَكُوْنَ تَابعاً فِي الحَقِّ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ أَكُوْنَ رَأْساً فِي البَاطِلِ.
    قُلْتُ: يُشِيْرُ مَعْمَرٌ إِلَى أَنَّهُ تَحَوَّلَ مُرْجِئاً إِرْجَاءَ الفُقَهَاءِ، وَهُوَ أَنَّهُم لاَ يَعُدُّوْنَ الصَّلاَةَ وَالزَّكَاةَ مِنَ الإِيْمَانِ، وَيَقُوْلُوْنَ: الإِيْمَانُ إِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ، وَيَقِيْنٌ فِي القَلْبِ، وَالنِّزَاعُ عَلَى هَذَا لَفْظِي -إِنْ شَاءَ اللهُ- وَإِنَّمَا غُلُوُّ الإِرْجَاءِ مَنْ قَالَ: لاَ يَضُرُّ مَعَ التَّوْحِيْدِ تَرْكُ الفَرَائِضِ، نَسْأَلُ اللهَ العَافِيَةَ ا.هــ [سير أعلام النبلاء 5 /233] .
    وهكذا قول ابن أبي العز -رحمه الله- وشهرته تغني عن نقله.
    ولذا قال الشيخ ربيع -وفقه الله- في رده على "عبد اللطيف باشميل":
    11 - ... تضليل من يقول: إنَّ الخلاف بين أهل السنة وبين مرجئة الفقهاء لفظي، وهذا يقتضي تضليل من قال به من السلف، وتضليل شيخ الإسلام ابن تيمية وأئمة الدعوة السلفية في نجد ا.هــ
    والشاهد واضح وهو نسبة هذا القول لبعض السلف وبعض أئمة الدعوة النجدية، مما يستلزم كونهم من أهل السنة، فلا يكون الخلاف صوريا مع أهل البدع المضللة.

    وقد مضى كلام ابن تيمية وسيأتي له كلام مهم سينقله الشيخ ربيع وهو في المجلد الثالث من مجموع الفتاوى ص357 وفيه:
    وَأَمَّا الْمُرْجِئَةُ فَلَيْسُوا مِنْ هَذِهِ الْبِدَعِ الْمُغَلَّظَةِ بَلْ قَدْ دَخَلَ فِي قَوْلِهِمْ طَوَائِفُ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْعِبَادَةِ؛ وَمَا كَانُوا يُعَدُّونَ إلَّا مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ؛
    حَتَّى تغلظ أَمْرُهُمْ بِمَا زَادُوهُ مِنْ الْأَقْوَالِ الْمُغَلَّظَةِ. ا.هـ
    وفي هذا نسبته القول بكونهم من أهل السنة للسلف ، وإنما اشتد الأمر بعد زيادة الانحراف، وسيأتي تتمة النص في الأسفل مع تعليق الشيخ ربيع عليه.

    الأمر الرابع والأخير:
    ممن قرر هذا القول من العلماء المعاصرين العلامة الفوزان وهو ظاهر تقرير العلامة الراجحي -وفقهما الله- وأما العلامة ربيع بن هادي المدخلي -وفقه الله- فقد تعرّض للمسألة في رده على عبد اللطيف باشميل وإن كان الشيخ في نفسه لا يتبنى هذا فيما يظهر، وسأنقل نص كلامه فيما يأتي، وعموما أقول: لست في كل أريد نصرة هذا القول على غيره، بل أردت عرض المسألة والتنبيه على بعض النقاط فيها، ولا أشك في أنّ قول مرجئة الفقهاء سواء قلنا: هم من أهل السنة أم لا! بأنّه قولٌ محدث خلاف إجماع السلف ممن سبقهم وخلاف نصوص الكتاب والسنة، ومن الإجحاف إلزام الفوزان أو الراجحي أو غيرهم بخلاف هذا.
    وأما اعتراض بعض الفضلاء بأنّ قولنا : مرجئة أهل السنة" يلزم منه أن نقول: "جهمية أهل السنة" ..الخ فقد تعرض له الشيخ ربيع -وفقه الله- بالرد وأنّ هذا ليس بلازم، وهكذا يمكن القول: بأنّ (مرجئة الفقهاء) اسم أُطلق على طائفة اشتهرت في زمن السلف كأبي حنيفة وحماد بن أبي سلمان فمتى ما أُطلق انصرف إليهم، ثم هناك فرق بين نسبة بعض من تلبس بمخالفة للسنة وبين أن ننسب نفس البدعة: فنقول مثلا: إرجاء أهل السنة ا.هـ
    فليس هناك تجهم أهل السنة ولا إرجاء أهل السنة وإن كان هناك ممن يُنسب للسنة قد تلبس بقليل أو كثير من ذلك والله أعلم.

    نص كلام الشيخ ربيع-وفقه الله- في رده على عبد اللطيف باشميل:
    أقول: ما هو النوع الذي أشار إليه شيخ الإسلام؟ وما هو نظره وحكمه على أهل هذا النوع؟
    لقد أخفى هذا الإرجاء الذي أشار إليه شيخ الإسلام، وأخفى أثره وحكمه لألا يفضح غلوه وغطرسته وتهاويله على أهل السنة الأبرياء من هذا الإرجاء وغيره من أنواع الإرجاء.
    أولاً- قال شيخ الإسلام في مجموع فتاواه (13/ 3:
    "وحدثت المرجئة وكان أكثرهم من أهل الكوفة ولم يكن أصحاب عبد الله من المرجئة ولا إبراهيم النخعي وأمثاله فصاروا نقيض الخوارج والمعتزلة فقالوا: إن الأعمال ليست من الإيمان، وكانت هذه البدعة أخف البدع، فإن كثيراً من النزاع فيها نزاع في الاسم واللفظ دون الحكم، إذ كان الفقهاء الذين يضاف إليهم هذا القول مثل حماد بن أبى سليمان وأبى حنيفة وغيرهما هم مع سائر أهل السنة متفقين (23) على أن الله يعذب من يعذبه من أهل الكبائر بالنار، ثم يخرجهم بالشفاعة، كما جاءت الأحاديث الصحيحة بذلك، وعلى أنه لابد في الإيمان أن يتكلم بلسانه، وعلى أن الأعمال المفروضة واجبة، وتاركها مستحق للذم والعقاب، فكان في الأعمال هل هي من الإيمان وفى الاستثناء ونحو ذلك عامته نزاع لفظي فإن الإيمان إذا أطلق دخلت فيه الأعمال لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: " الإيمان بضع وستون شعبة أو بضع وسبعون شعبة أعلاها قول لا اله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان ".
    فيرى شيخ الإسلام هنا أن النزاع بين أهل السنة ومرجئة الفقهاء عامته لفظي.
    واستطرد -رحمه الله- في بيان علاقة العمل بالإيمان.
    واستطرد إلى مثل البر والتقوى والمعروف والإثم والعدوان والمنكر، وأن هذه الألفاظ تختلف دلالتها في الإفراد والاقتران، إلى أن قال في (ص40):
    " وفى الجملة الذين رموا بالإرجاء من الأكابر، مثل طلق بن حبيب وإبراهيم التيمي ونحوهما كان إرجاؤهم من هذا النوع، وكانوا أيضاً لا يستثنون في الإيمان، وكانوا يقولون: الإيمان هو الإيمان الموجود فينا، ونحن نقطع بأنا مصدقون، ويرون الاستثناء شكاً، وكان عبد الله بن مسعود وأصحابه يستثنون ".
    ويكرر شيخ الإسلام أن أكثر النزاع بين أهل السنة ومرجئة الفقهاء إنما هو نزاع لفظي بل يعد مرجئة الفقهاء من أهل السنة.
    ثانياً- فيقول في (7/ 297) من مجموع الفتاوى: " ومما ينبغي أن يعرف أن أكثر التنازع بين أهل السنة في هذه المسألة هو نزاع لفظي، وإلا فالقائلون بأن الإيمان قول من الفقهاء -كحماد بن أبى سليمان وهو أول من قال ذلك ومن اتبعه من أهل الكوفة وغيرهم- متفقون مع جميع علماء السنة على أن أصحاب الذنوب داخلون تحت الذم والوعيد، وإن قالوا: إن إيمانهم كامل كإيمان جبريل.
    فهم يقولون: إن الإيمان بدون العمل المفروض ومع فعل المحرمات يكون صاحبه مستحقاً للذم والعقاب كما تقوله الجماعة.
    ويقولون أيضاً بأن من أهل الكبائر من يدخل النار كما تقوله الجماعة.
    والذين ينفون عن الفاسق اسم الإيمان من أهل السنة متفقون على أنه لا يخلد في النار.
    فليس بين فقهاء الملة نزاع في أصحاب الذنوب إذا كانوا مقرين باطناً وظاهراً بما جاء به الرسول، وما تواتر عنه أنهم من أهل الوعيد، وأنه يدخل النار منهم من أخبر الله ورسوله بدخوله إليها، ولا يخلد منهم فيها أحد، ولا يكونون مرتدين مباحي الدماء.
    ولكن الأقوال المنحرفة قول من يقول بتخليدهم في النار، كالخوارج والمعتزلة. وقول غلاة المرجئة الذين يقولون: ما نعلم أن أحداً منهم يدخل النار؛ بل نقف في هذا كله. وحكي عن بعض غلاة المرجئة الجزم بالنفي العام " اهـ.
    أقول: انظر إلى قول شيخ الإسلام عن إرجاء الفقهاء:
    1 - ... وكانت هذه البدعة أخف البدع.
    2 - ... وقوله: فإن كثيراً من النزاع فيها نزاع في الاسم واللفظ دون الحكم.
    3 - ... وقوله عن حماد وأبي حنيفة وغيرهما من هذا النوع من المرجئة: " هم مع سائر أهل السنة متفقون على أن الله يعذب من يعذبه من أهل الكبائر بالنار، ثم يخرجهم بالشفاعة".
    4 - ... وقوله: "وعلى أنه لابد في الإيمان أن يتكلم بلسانه"، أي أنهم يخالفون مرجئة الجهمية الذين يقولون: الإيمان معرفة بالقلب، فيحصرون الإيمان في هذه المعرفة.
    - ... وعلى أن الأعمال المفروضة واجبة، وتاركها مستحق للذم والعقاب.
    ثم نفذ من هذه الحيثيات الخمس التي يشاركون فيها أهل السنة والجماعة ويفارقون فيها الخوارج والمعتزلة وغلاة المرجئة إلى النتيجة الآتية، وهي قوله:
    6 - ... "فكان في الأعمال هل هي من الإيمان وفى الاستثناء ونحو ذلك عامته نزاع لفظي".
    ....ولا أدري بماذا سيحكم الحدادية على قول شيخ الإسلام الآتي:
    رابعاً- قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (3/ 357) -بعد أن بيَّن ضلال الخوارج والقرامطة والإسماعيلية والقدرية بإيجاز- قال: " وأما المرجئة فليسوا من هذه البدع المغلظة بل قد دخل في قولهم طوائف من أهل الفقه والعبادة وما كانوا يعدون إلا من أهل السنة حتى تغلظ أمرهم بما زادوه من الأقوال المغلظة.
    ولما كان قد نسب إلى الإرجاء والتفضيل قوم مشاهير مُتَّبَعون تكلَّم أئمة السنة المشاهير في ذم المرجئة المفضلة تنفيراً عن مقالتهم كقول سفيان الثوري: "من قدم علياً على أبي بكر والشيخين فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار وما أرى يصعد له إلى الله عمل مع ذلك " أو نحو هذا القول قاله لما نسب إلى تقديم علي بعض أئمة الكوفيين، وكذلك قول أيوب السختياني: "من قدم علياً على عثمان فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار" قاله لما بلغه ذلك عن بعض أئمة الكوفيين وقد روي أنه رجع عن ذلك. وكذلك قول الثوري ومالك والشافعي وغيرهم في ذم المرجئة لما نسب إلى الإرجاء بعض المشهورين) اهـ.
    أقول: تضمن كلام شيخ الإسلام هذا ما يأتي:
    أ ... أن الإرجاء ليس من البدع المغلظة، والظاهر أنه يريد إرجاء الفقهاء لا إرجاء الغلاة، كإرجاء الجهمية والكرامية.
    ب ... أن أوائل أهل السنة ما كانوا يعدون مرجئة الفقهاء إلا من أهل السنة حتى تغلظ أمرهم بما زادوه.
    ج- ... ومما زاده بعض المرجئة وتغلظ به أمرهم تفضيل علي على الشيخين، وتقديمه عليهما، وهذا نوع من الرفض انضم إلى الإرجاء، فاشتد عليهم النكير من مثل الإمامين سفيان الثوري وأيوب السختياني.
    ... ثم قال: وبعد هذا يقول: مرجئة أهل السنة , فهل يقال ((جهمية أهل السنة))!؟ المرجئة فرقة [24] (1) غير أهل السنة فكيف يكونون منهم , ولهذا بسط يطول)).
    فأنت تراه يلاحق شيخ الإسلام ويلح عليه كل ما وجد فرصة إلى طعنه أو غمزه بِهذا الأسلوب الماكر، وهل المرجئة الذين قالوا: إن الخلاف بينهم وبين أهل السنة لفظي هم الذين يموه بهم الحداد على القراء؟.
    لقد بيَّن شيخ الإسلام من يقصد كما نقلناه عنه آنفاً.
    ثم انظر إلى مكره كيف ساق الحديث للطعن في شيخ الإسلام وأن قول شيخ الإسلام مما يكب الناس في النار على وجوههم.
    ثم انظر إلى إلزامه الفاسد فهل يقال: جهمية أهل السنة.
    فيقال له فهل الإرجاء مثل التجهم؟ وهل إرجاء الفقهاء الذي عناه ابن تيمية مثل الإرجاء الغالي أو مثل التجهم، ثم هل تنكر تسامح أحمد وغيره من السلف ... -رحمهم الله- مع مرجئة الفقهاء غير الدعاة " اهـ. كلام الشيخ وفقه الله بطوله
    وفي كتاب "طعون الحداد" نسخة موقع الشيخ اللفظ هكذا "مع مرجئة الفقهاء [و] غير الدعاة"
    فكأن الشيخ يشير إلى مسألة أخرى وهي التفريق بين المبتدع الداعية وغير الداعية ، وعلى حذف الواو فيكون تقييد لما سبق، والمسألة تحتمل من النقاش والنقول المختلفة أكثر مما ذكر هنا بكثير لكن الوقت لا يسعفني فنسأل الله أن ييسر ذلك في وقت لاحق أو من يستمر في النقاش والإفادة من الأعضاء الكرام،
    وأرجو أن يكون كل ذلك في هدوء من غير تعصب ولا إلزامات ورمي بالتهم، فالمسألة مما تحتمل النقاش الهادئ كما بيّن الشيخ ربيع -وفقه الله- وقد نقلت في الأعلى نص كلام ابن تيمية وبيان أنّهم كانوا يُعدون من أهل السنة حتى اشتده أمرهم" وهكذا كلام الذهبي وابن أبي العز وهكذا ما نسبه الشيخ ربيع لبعض علماء نجد، وأيضًا هذا تقرير الشيخ الفوزان وظاهر كلام الشيخ الراجحي مع الإشارة لكلام صالح آل الشيخ وفق الله الجميع، فالمسألة محتملة فأرجو تأمل ذلك قبل الاندفاع والله أعلم.
    والله تعالى أعلى وأعلم والحمدلله رب العالمين

    ملحق: [[متعلق بما نقله الأخ عبد الصمد في سحاب عن الشيخ محمد المدخلي -وفقه الله]]:
    أما النص المنقول عن ابن تيمية في الأعلى فإنما يدل على أنّ السلف بدعوا من زاد في قولهم من أتباعهم وهو موافق لما ذكرته من كلام ابن تيمية في قوله:
    حتى تغلظ أمرهم بما زادوه من الأقوال المغلظة. ا.هــ
    ولذا قال ابن تيمية في النص المُشار إليه من قبل الشيخ -وفقه المولى-:
    ودخل في هذا طوائف من أهل الكوفة ومن بعدهم . ثم إن السلف والأئمة اشتد إنكارهم على هؤلاء، وتبديعهم، وتغليظ القول فيهم ا.هــ
    فإذا جُمع هذا النص مع كلام ابن تيمية السابق اتضح المُراد فكلام العالم يفسر بعضه بعضًا ، وهو مقدم سواء على تفسيري أو تفسير غيري والله أعلم.


    التعديل الأخير تم بواسطة أبوصهيب عاصم الأغبري اليمني; الساعة 05-Jan-2012, 01:32 PM.

    تعليق


    • #3
      رد: هل مرجئة الفقهاء من أهل السنة ؟

      بارك الله فيكم ولا يقال لمن أنكر على أن الخلاف لفظي أنه حدادي قال الشيخ ابن باز في تعليقه على شرح الطحاوية :
      وقول الشارح : (( الخلاف لفظي )) على إطلاقه ليس بجيد يعني إن كان مؤمنا كاملا كيف يعاقب على الأعمال إذا تركها ؟!
      فهو متناقض اهـ.
      قال في موضع آخر : قولهم (( خلاف صوري مجازي )) غلط ليس بجيد بل هو حقيقة فإن أهل السنة والجماعة يقولون : من عصى فإيمانه ناقص وهم يقولون : إيمانه كامل إذا كان إيمانه كاملا كيف يعذب ؟َََ! سبحان الله اهـ.
      فكلام الشيخ يدل على أن هذا تناقض كيف يقال كامل الإيمان ثم يعذب ؟!!
      ثم هذا مخالف لإجماع أهل السنة لأن أهل السنة قالوا : قول وعمل واعتقاد يزيد وينقص وهؤلاء عندهم قول واعتقاد فقولهم متناقض من جهة ومخالف لإجماع أهل السنة من جهة . فمن لم يعمل عندهم مؤمن وعند أهل السنة ليس بمؤمن لأن عندهم الإيمان قول وعمل واعتقاد بالإجماع كما نقله غير واحد من أهل العلم .
      وكذلك عند أهل السنة من عصى ينقص إيمانه أما عندهم إيمانه كامل ولكن يعذب وهذا تناقض كما قاله الشيخ ابن باز رحمه الله .
      وكلك يلزم هذا القول لوازم باطله جدا منها جعل إيمان الصحابة كإيمان أفسق المسلمين وهذا ظاهر من قولهم ويتضح بالكلام السابق .


      ولعل الأخ : أبو جعفر عبد الله الخليفي يكمل ويناقش

      تعليق


      • #4
        رد: هل مرجئة الفقهاء من أهل السنة ؟

        كيف حدادي.. بل الصواب أن الخلاف حقيقي في بعض الجوانب كما قررته في الأعلى وقلت:
        هو التأكيد على ما ذكرتَه من كون ابن تيمية -رحمه الله- لم يقل الخلاف مع مرجئة الفقهاء لفظي أو صوري بالكلية" فهذه ليست عبارة ابن تيمية -رحمه الله- ولم يقلها، ومن نسبها إليه فقد أخطأ،
        ويرجع لسحاب فقد طال النقاش هناك جدًا وبينت بأنه لا تعارض بين من يقول الخلاف حقيقي وهكذا يقول هم من أهل السنة كما هو قول ابن تيمية والفوزان والراجحي وصالح آل الشيخ..أما ابن أبي العز والذهبي فيقولون الخلاف صوري وعليه كذلك هم من أهل السنة.
        ونقلت هناك كذلك كلام الشيخ ربيع وفقه الله في رده على فوزي البحريني وإنكار من أنكر القول (بأنهم من أهل السنة) أو القول بأن في هذا تهوين من الإرجاء؟! ، وهكذا نقلت هناك تقرير كل من الشيخ ربيع والشيخ صالح آل الشيخ بأنّ شيخ الإسلام يجعل (مرجئة) الفقهاء من أهل السنة فليرجع إليه فقد طال حتى مللته:
        http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=125804

        تعليق


        • #5
          رد: هل مرجئة الفقهاء من أهل السنة ؟

          مقصودي من أنكر على قول ابن أبي العز لا يقال عنه حدادي

          تعليق


          • #6
            رد: هل مرجئة الفقهاء من أهل السنة ؟

            الله يهديك أبا علي..
            إذا كنت أنا أقول الخلاف في بعض تخريجاته حقيقي ومن نسب إلى ابن تيمية هذا بإطلاق فمخطئ ، فمن باب أولى أني أنكر على ابن أبي العز ..إلا أن أتهم نفسي بالحدادية (ابتسامة) وقد أنكر جماعة على ابن أبي العز كابن باز والألباني والفوزان والراجحي وصالح آل الشيخ ..الخ ، إنما التشديد في هذه المسألة وتحميلها فوق ما تحتمل هو المستنكر! وقد قلت في سحاب ناصحًا:
            وأخيرا ليتأمل الإخوة وليتأنوا فأمثال الفوزان والراجحي وصالح آل الشيخ ممن امتازوا وطال باعهم في خصوص علم الاعتقاد فلهم به معرفة خاصة، أما ابن تيمية -رحمه الله- فذاك الجبل الهمام وهو كما قيل: نسيج وحده، فليكن أقلها عند الإخوة مساحة للخلاف، ولم يكن مقصودي نصرة قول على قول ولا بحث المسألة لكن إشارات ولكن جرتني الردود إلى هذه المشاركات المتتالية.
            والذي أدين الله به: أنّ بعض الخلاف حقيقي كما قرره جماعة من العلماء على رأسهم ابن تيمية-رحمه الله- لكن هل يخرجهم هذا من جملة أهل السنة فهذا يحتاج إلى نظر طويل وباع لكن موافقة ابن تيمية وابن أبي العز والذهبي والفوزان والراجحي وصالح آل الشيخ أحب إليّ حتى أقف على حجج قوية تضطرني إلى مخالفتهم والله أعلم وأظن هذه آخر مشاركة لي في هذا النقاش.
            وقلت:
            وما نافح عن مسائل الإيمان في القرن السابع والثامن مثلهم، وهكذا ما نافح في هذا الزمان عن مسائل الإيمان كالفوزان والراجحي وإخوانهم وكانوا هم حاملي رايته بينما راح وجاء أقوام ساعة هكذا وساعة هكذا.
            وجزاك الله خيرًا على التأكيد!

            تعليق


            • #7
              رد: هل مرجئة الفقهاء من أهل السنة ؟

              بما أن وجد إتفاق - بينك وبين الأخ عبد الله الخليفي - أن هناك قول لبعض العلماء أن مرجئة الفقهاء من أهل السنة فلتناقشوا المسألة وتبينوا الراجح في هذه المسألة بالأدلة

              تعليق


              • #8
                رد: هل مرجئة الفقهاء من أهل السنة ؟

                هذا كلام الشيخين الفاضلين صالح آل الشيخ وعبد العزيز الراجحي في توضيح الخلاف بين أهل السنة ومرجئة الفقهاء:
                قال الشيخ صالح في شرح الطحاوية(1/584):
                ... إذاً فتحَصَّلْ من هذه الجهة أنّ الخلاف ليس صورياً من كل جهة؛ بل ثَمَّ جهة فيه تكون لفظية، وثَمَّ جهة فيه تكون معنوية. والخلاف المعنوي والجهات المعنوية كثيرة متنوّعة، لهذا قد ترى من كلام بعض الأئمة من يقول أنَّ الخلاف بين مرجئة الفقهاء وبين أهل السنة صوري؛ لأنهم يقولون العمل شرط زائد لا يدخل في المسمى، وأهل السنة يقولون لا هو داخل في المسمى فيكون إذاً الخلاف صوري.
                من قال الخلاف صوري فلا يُظَنْ أنَّهُ يقول به في كل صُوَرِ الخلاف، وإنما يقول به من جهة النظر إلى التكفير وإلى ترتب الأحكام على من لم يعمل. أما من جهة الأمر، من جهة الآيات والأحاديث والاعتقاد بها والإيقان بالامتثال فهذا لابد أن يكون الخلاف حينئذ حقيقياً.
                وقال الشيخ عبد العزيز الراجحي في شرح كتاب الإيمان :
                ...فالمقصود أن الخلاف بين مرجئة الفقهاء وجمهور أهل السنة ليس خلافا لفظيا من جميع الوجوه، كما قاله صاحب شارح الطحاوية -رحمه الله- ولكنه خلاف له آثار تترتب عليه كما سمعنا.

                تعليق


                • #9
                  رد: هل مرجئة الفقهاء من أهل السنة ؟

                  وأخيرا ليتأمل الإخوة وليتأنوا فأمثال الفوزان والراجحي وصالح آل الشيخ ممن امتازوا وطال باعهم في خصوص علم الاعتقاد فلهم به معرفة خاصة، أما ابن تيمية -رحمه الله- فذاك الجبل الهمام وهو كما قيل: نسيج وحده، فليكن أقلها عند الإخوة مساحة للخلاف، ولم يكن مقصودي نصرة قول على قول ولا بحث المسألة لكن إشارات ولكن جرتني الردود إلى هذه المشاركات المتتالية.
                  والذي أدين الله به: أنّ بعض الخلاف حقيقي كما قرره جماعة من العلماء على رأسهم ابن تيمية-رحمه الله- لكن هل يخرجهم هذا من جملة أهل السنة فهذا يحتاج إلى نظر طويل وباع لكن موافقة ابن تيمية وابن أبي العز والذهبي والفوزان والراجحي وصالح آل الشيخ أحب إليّ حتى أقف على حجج قوية تضطرني إلى مخالفتهم والله أعلم وأظن هذه آخر مشاركة لي في هذا النقاش
                  .
                  جزاك الله خيرا أخي عاصم نصيحة قيّمة طيّبة .

                  تعليق


                  • #10
                    رد: هل مرجئة الفقهاء من أهل السنة ؟

                    ما يدل على أنهم من أهل البدع عندهم فإذا قلنا أنهم يهجرون وقولهم بدعة لم يكن لقولنا أنهم ( من أهل السنة ) بعد ذلك معنى
                    ليس كل من هجره السلف كان مبتدعا ، وماهجر النبي عليه الصلاة والسلام للثلاثة الذين خلفوا عنا ببعيد أخي الفاضل.

                    تعليق


                    • #11
                      رد: هل مرجئة الفقهاء من أهل السنة ؟

                      المهجور قد يكون لفسق وقد يكون لبدعة

                      وقد قلت أنهم هجروا ( لمقالتهم ) يعني بدعتهم فقيدت الكلام

                      وهذه المسائل تبحث بالنظر ابتداءً في كلام الأئمة الذين عاصروا القوم ، وليس في كلام المعاصرين

                      قال شيخ الإسلام في الإيمان الأوسط :"
                      وَهَؤُلَاءِ مِنْ مُرْجِئَةِ الْفُقَهَاءِ وَأَمَّا إبْرَاهِيمُ النخعي - إمَامُ أَهْلِ الْكُوفَةِ شَيْخُ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ - وَأَمْثَالُهُ ؛ وَمَنْ قَبْلَهُ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ : كعلقمة وَالْأَسْوَدِ ؛ فَكَانُوا مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ مُخَالَفَةً لِلْمُرْجِئَةِ وَكَانُوا يَسْتَثْنُونَ فِي الْإِيمَانِ ؛ لَكِنَّ حَمَّادَ
                      بْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ خَالَفَ سَلَفَهُ ؛ وَاتَّبَعَهُ مَنْ اتَّبَعَهُ وَدَخَلَ فِي هَذَا طَوَائِفُ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ . ثُمَّ إنَّ " السَّلَفَ وَالْأَئِمَّةَ " اشْتَدَّ إنْكَارُهُمْ عَلَى هَؤُلَاءِ وَتَبْدِيعُهُمْ وَتَغْلِيظُ الْقَوْلِ فِيهِمْ ؛ وَلَمْ أَعْلَمِ أَحَدًا مِنْهُمْ نَطَقَ بِتَكْفِيرِهِمْ"

                      فهذا شيخ الإسلام ينقل اتفاق السلف على تبديعهم ، وأرجو من الإخوة ألا يتكلموا وكأنني لم أكتب شيئاً ، وينطلقوا في الحوار من مناقشة الكلام

                      تعليق


                      • #12
                        رد: هل مرجئة الفقهاء من أهل السنة ؟

                        وفقك الله أبا جعفر!
                        وقد كان في سحاب كثير من النقول التي نقلتُها عن صالح آل الشيخ والراجحي والفوزان والربيع في نسبة القول بأنهم من أهل السنة لابن تيمية بل للسلف، وسأنقل هنا كلام ابن تيمية-رحمه الله- ثم تعليق الشيخ ربيع عليه قال:
                        المجلد الثالث من مجموع الفتاوى ص357 وفيه:
                        وَأَمَّا الْمُرْجِئَةُ فَلَيْسُوا مِنْ هَذِهِ الْبِدَعِ الْمُغَلَّظَةِ بَلْ قَدْ دَخَلَ فِي قَوْلِهِمْ طَوَائِفُ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْعِبَادَةِ؛ وَمَا كَانُوا يُعَدُّونَ إلَّا مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ؛ حَتَّى تغلظ أَمْرُهُمْ بِمَا زَادُوهُ مِنْ الْأَقْوَالِ الْمُغَلَّظَةِ.
                        قال الشيخ ربيع تعليقا على هذا النقل:
                        أقول: تضمن كلام شيخ الإسلام هذا ما يأتي:
                        أ - أن الإرجاء ليس من البدع المغلظة، والظاهر أنه يريد إرجاء الفقهاء لا إرجاء الغلاة، كإرجاء الجهمية والكرامية.
                        ب- أن أوائل أهل السنة ما كانوا يعدون مرجئة الفقهاء إلا من أهل السنة حتى تغلظ أمرهم بما زادوه.
                        ج- ومما زاده بعض المرجئة وتغلظ به أمرهم تفضيل علي على الشيخين، وتقديمه عليهما، وهذا نوع من الرفض انضم إلى الإرجاء، فاشتد عليهم النكير من مثل الإمامين سفيان الثوري وأيوب السختياني.
                        ثم قال الشيخ ربيع:
                        فما رأي الحدادية الجديدة وعلى رأسهم فوزي البحريني : هل سيطعنون في شيخ الإسلام ابن تيمية كما كان شيخهم محمود الحداد يطعن في شيخ الإسلام بأنه :
                        أ- يهوِّن من شأن الإرجاء .
                        ب- وأنَّه خالف إجماع أهل السنَّة عندما قال عن بدعة مرجئة الفقهاء إنَّها بدعة لفظية . ا.هـــ

                        وقال الشيخ صالح آل الشيخ-وفقه الله- في تقرير أنّ ابن تيمية يقول بما ذكرت:
                        و أضيف فائدة للقارئ في كلام الشيخ صالح آل الشيخ-وفقه الله- حول خصوص مسألتنا وهي هل يدخل مرجئة الفقهاء في "جملة أهل السنة":
                        س4/ ذكرت في الدرس السابق الخلاف في تعريف الإيمان وأنَّ الخلاف صوري من وجه وحقيقي من وجه آخر، أرجو إعادة هذه النقطة وذلك لأهميتها؟
                        ج/ ذكرنا لكم أنَّ عدداً من أهل العلم قالوا: إنَّ الخلاف صوري أو لفظي يعني، غير معنوي وغير حقيقي. وذكرنا أنَّ هذه المسألة لها جهتان:
                        الجهة الأولى: جهة الحكم.
                        والجهة الثانية: جهة امتثال الأوامر العلمية والعملية.
                        من جهة الحكم ومرتكب الكبيرة وخروجه من الإيمان و[.....]، المرجئة -مرجئة الفقهاء- كحماد بن أبي سليمان والإمام أبي حنيفة ومن تبِعَهُمْ ليس ثَمَّ خلاف مع بقية أهل السنة في الحكم، فهم لا يُكَفِّرُونَ مرتكب الكبيرة، وأيضاً لا يقولون لا يضر مع الإيمان ذنب؛ بل الحنفية من أشد الناس في التكفير وفي الحكم بالردَّة كما هو معروف من كتبهم.
                        ولهذا ابن تيمية رحمه الله في كتاب الإيمان لما ذَكَرَ الخلاف -وهذه احتج بها بعضهم وليست في محل الاحتجاج- قال: (وأغلبُ أو قال أكثر الخلاف الذي بين أهل السنة في مسألة الإيمان لفظي).
                        وهذا نستفيد منه فائدتين:
                        الفائدة الأولى: أنَّ مرجئة الفقهاء لا يُخْرَجُونَ من أهل السنة في هذه المسألة إِخْرَاجَاً مُطلقاً؛ بل يُقَيَّدْ يُقال أنهم من أهل السنة إلا في مسألة الإيمان، فهم من جملة أهل السنة إلا في هذه المسألة.

                        فشيخ الإسلام في كتابه الإيمان يُدْخِلْ مرجئة الفقهاء خاصة في عموم أهل السنة؛ لأنَّ الخلاف كما قال أكثَرُهُ لفظي.
                        الفائدة الثانية: أنَّ قوله أكثره لفظي يدلُّ على أنَّ ثَمَّةَ منه ما ليس كذلك، وهو الذي ذكرته لك أنه من جهة الأوامر واعتقاد ذلك، وامتثال جهة الأوامر العملية والعلمية. ا.هــــ هذا النقل والذي قبله من شرح الطحاوية له وفقه المولى. ا.هـــ

                        وقد بيّنت في سحاب أنّ اللازم جمع كلام العالم بعضه إلى بعض وتفسير بعضه ببعض فقلت تعليقًا على هذا النقل:
                        أما النص المنقول عن ابن تيمية في الأعلى فإنما يدل على أنّ السلف بدعوا من زاد في قولهم من أتباعهم وهو موافق لما ذكرته من كلام ابن تيمية في قوله:
                        حتى تغلظ أمرهم بما زادوه من الأقوال المغلظة. ا.هــ
                        ولذا قال ابن تيمية في النص المُشار إليه من قبل الشيخ -وفقه المولى-:
                        ودخل في هذا طوائف من أهل الكوفة ومن بعدهم . ثم إن السلف والأئمة اشتد إنكارهم على هؤلاء، وتبديعهم، وتغليظ القول فيهم ا.هــ
                        فإذا جُمع هذا النص مع كلام ابن تيمية السابق اتضح المُراد فكلام العالم يفسر بعضه بعضًا ، وهو مقدم سواء على تفسيري أو تفسير غيري والله أعلم.
                        وقلت وهكذا فهم الشيخ ربيع كما في الأعلى بأن السلف إنما بدعوهم لما زادوا على الإرجاء وانحفوا فوق ذلك.

                        وعمومًا المسألة محتملة عندي، لكن الأمر فيه سعة وبحث علمي والتشديد على هذا بعيد، فيكفي أن يقول به أمثال ابن تيمية والذهبي وابن أبي العز والفوزان والراجحي وصالح آل الشيخ مع ما عُلم عنهم من التمسك بالعقيدة الصافية والغير على منهج السلف ، ودحض شبه المرجئة والدفاع عن منهج أهل السنة في خصوص مسائل الإيمان ، ولذا قال الربيع مستنكرا على هذا التشديد:
                        فيا ويل الفوزان من الحدادية، كيف يقول عن مرجئة الفقهاء: إنهم بعض أهل السنة.. ا.هـــ كلام الشيخ ربيع من الحلقة الثانية من الرد على البركان 1429 ه

                        تعليق


                        • #13
                          رد: هل مرجئة الفقهاء من أهل السنة ؟

                          المشاركة الأصلية بواسطة أبو جعفر عبد الله الخليفي مشاهدة المشاركة
                          وهذه المسائل تبحث بالنظر ابتداءً في كلام الأئمة الذين عاصروا القوم ، وليس في كلام المعاصرين
                          كلام سديد بارك الله فيك، وقد سبق إلى مطالبة الأخ عاصم -وفقه الله- بهذا فضيلة الشيخ العلامة عبيد بن عبد الله الجابري -حفظه الله تعالى-، فإنه لما انتقد على بعض الناس عبارة «مرجئة أهل السنة» في محاضرة ألقاها قبل بضع أشهر، وفرغت تلك المحاضرة ونشرت بعنوان «القول المدبج بوصايا في المنهج»، ضرب الأخ عاصم كلام الشيخ بكلام الشيخ الفوزان -حفظه الله-، فأضاف الشيخ عبيد إلى الكتاب قوله في (ص10):
                          «وإن احتج محتج في الدفاع عن هذا القول فائلا: لم تنقد هذه العبارة: «مرجئة أهل السنة» وقد قالها من قالها من أهل العلم الكبار؟
                          فالجواب: يتوجه إليك يا هذا عدة أسئلة:
                          أولاً: هل سبق إلى هذا القول من ذكرت أحد من أئمة السلف في القرون المفضلة؟!
                          فإن قلت: نعم، وجب عليك الدليل! وإن قلت: لا، وافقتنا في النقد شئت أم أبيت.
                          وثانيا: هل ترى الإرجاء بدعة أم سنة؟ فإن قلت بالأول؛ كنت معي ووجب عليك التسليم للنقد، وإن قلت بالثاني؛ خالفت إجماع السلف من أئمة العلم والدين والإيمان.
                          وثالثا: هل تعلم الفرق بين هذين الوصفين: «مبتدع»، «وقع في البدعة»؟
                          وإن كنت لا تعلم أعلمناك أنه من أصول أهل السنة: التفريق بين القول والقائل، والفعل والفاعل، فكم من مخالفة قولية أو فعلية هي في نفسها كفر أو بدعة أو فسق، ومع هذا لا يحكمون على معين ركب تلك المخالفة بموجبها حتى تجتمع فيه الشروط وتنتفي عنه الموانع، وراجع إن شئت المزيد: «القواعد المثلى» للإمام العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله.
                          ورابعا: يجب عليك التفريق بين المخالفين، وقد نقلت في هذه الرسالة كلام البربهاري في هذه المسألة، وسوف يظهر لك الفرقان الجلي بين سني وقع في بدعة خطئا وكان مجتهدا قصده الحق، ومبتدع خالف الحق عنادا، وتدرك أن السني لا ينطبق عليه الوصف بالبدعة». اهـ
                          وحتى الآن لم نر من الأخ عاصم إجابة على هذه الأسئلة، وإنما نرى منه تكرار نقل نصوص عن بعض العلماء المعاصرين والدفاع عنها وتسليمها لرأيه، وكذا نقل نصوص عن بعض العلماء المنتقدين فيها كلام باطل بأن الخلاف بين أهل السنة وبين مرجئة الفقهاء خلاف لفظي أو صوري محض، مع أن الأخ نفسه يخالف ما قرره أولئك العلماء رحمهم الله، وجملة واحدة عن شيخ الإسلام ابن تيمية يتمسك بها ويكررها، مع ورود عن شيخ الإسلام ما يخالف هذا.
                          فنرجو من الأخ عاصم -سدده الله- أن ينقل نصوصاً عن أئمة السلف الذين عاصروا القوم وأدركوا فتنتهم تثبت دعواه أن السلف اختلفوا في تبديع مرجئة الفقهاء، فمن المتقرر أن كلام العلماء يحتج لها ولا يحتج بها، علماً بأن الشيخ العلامة عبيد الجابري مع سعة علمه قد قال في كتابه «تحذير المحب والرفيق من سلوك بنيات الطريق» (ص9): «ونحن نقول أولا: هل أنت متأكد مما تقول يا شيخ إبراهيم أم كان منك ظنا وحدسا؟ فوصفك مرجئة الفقهاء بمرجئة أهل السنة لم نعلم حتى الساعة من سبقك إلى ذلك من أئمة السلف، وإنما قال هذا القول فيما وقفنا عليه الشهرستاني والرجل مخلّط أشعري، ومتخصص في العقيدة مثلك لا يصلح عمدة له في هذا الباب». اهـ
                          وأنا بدوري أنقل لكم عنهم ما يدل على أنهم عدوهم من أهل البدع، زيادة على ما ذكره الأخ عبد الله الخليفي في بحثه، وبالله التوفيق.
                          قال الإمام منصور بن المعتمر السلمي الكوفي (ت 132هـ) رحمه الله تعالى: «لا أقول كما قالت المرجئة المبتدعة الضالة». أخرجه عبد الله بن أحمد في السنة (707)، وابن بطة في الإبانة الكبرى (1224)، والخلال في السنة (1125)، والآجري في الشريعة (301)، واللالكائي في شرح الاعتقاد (181).
                          وقال رحمه الله: «هم أعداء الله: المرجئة والرافضة». أخرجه اللالكائي (1817).
                          قال أسود بن عامر: سمعت أبا بكر بن عياش ذكر أبا حنيفة وأصحابه الذين يخاصمون، فقال: كان مغيرة يقول: والله الذي لا إله إلا هو لأنا أخوف على الدين منهم من الفساق، وحلف الأعمش قال: والله الذي لا إله إلا هو ما أعرف من هو شر منهم، قيل لأبي بكر: يعني المرجئة؟ قال : المرجئة وغير المرجئة. أخرجه عبد الله بن أحمد في السنة (25).
                          وعقد الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام الهروي (ت 224) في كتاب الإيمان (ص31): «باب ذكر ما عابت به العلماء من جعل الإيمان قولاً بلا عمل، وما نهوا عنه من مجالستهم» أورد فيه آثاراً عن السلف في ذم الإرجاء والمرجئة والنهي عن مجالستهم، ثم قال في (ص35): «والحديث ومجانبة الأهواء كثير، ولكنا إنما قصدنا في كتابنا لهؤلاء خاصة، وعلى مثل هذا القول كان سفيان والأوزاعي ومالك بن أنس، ومن بعدهم من أرباب العلم وأهل السنة الذين كانوا مصابيح الأرض وأئمة العلم في دهرهم، من أهل العراق والحجاز والشام وغيرها، زارّين -أي عائبين- على أهل البدع كلها، ويرون الإيمان: قولاً وعملاً».
                          وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (10 / 74 ) بعد ذكره أصلا فاسدا في تعريف الإيمان: «وهذا أصل فاسد في الشرع والعقل حتى إن الأئمة: كوكيع بن الجراح وأحمد بن حنبل وأبي عبيد وغيرهم كفروا من قال في " الإيمان " بهذا القول؛ بخلاف المرجئة من الفقهاء الذين يقولون: هو تصديق القلب واللسان؛ فإن هؤلاء لم يكفرهم أحد من الأئمة وإنما بدّعوهم»، نقلا من كتاب الشيخ العلامة عبيد الجابري -حفظه الله- المحال إليه سابقا (ص 9).
                          وأعيد نقل كلام فضيلة الشيخ العلامة محمد بن هادي المدخلي -حفظه الله تعالى- في هذه المسألة هنا لأنه قد حذف الموضوع من شبكة سحاب، حتى يقدر من فاته من تحميله، علماً بأن كلام شيخ الإسلام الذي أحال إليه الشيخ هو الذي نقله الأخ عبد الله في مشاركته السابقة، وبالله التوفيق.

                          تعليق

                          يعمل...
                          X