إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

دِراسَة الأحَادِيث الوَارِد في التَّصدُّق بِشَعرِ المولُود فِضَّةً بقلم : الشَّيخ الدكتور رضا بوشامة الجزائري

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [بحث] دِراسَة الأحَادِيث الوَارِد في التَّصدُّق بِشَعرِ المولُود فِضَّةً بقلم : الشَّيخ الدكتور رضا بوشامة الجزائري


  • #2
    رد: دِراسَة الأحَادِيث الوَارِد في التَّصدُّق بِشَعرِ المولُود فِضَّةً بقلم : الشَّيخ الدكتور رضا بوشامة الجزائري

    - دِراسَة حَديثِية -

    دِراسَة الأحَادِيث الوَارِد في التَّصدُّق بِشَعرِ المولُود فِضَّةً
    بقلم:
    فضيلة الشَّيخ الدكتور
    أبي عبد الباري رضا بن خالد بوشامة الجزائري
    أستاذ علوم الحديث بجامعة الأمير عبد القادر – قسنطينة

    بسم الله الرحمن الرحيم

    إنَّ من محاسن الدَّين الإسلامي عنايته بمظهر الإنسان من حين ولادته إلى وفاته ولحوقه بالعالم الأخروي، وقد أرشدنا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عند ولادة المولود بإزالة الأذى عنه ، فحثَّ على حلق شعر المولود يوم سابعة ، فقال فيما رَواه التَّرمذي في السُّنن كتاب الأضاحي – باب من العقيقة (1522) ، وغيَّره من حديث سمرة رضي الله عنه : " الغُلاَمُ مُرْتَهَنٌ بعَقِيقَتهِ يُذْبَحُ عَنْهُ يَوْم السَّابعِ، ويُسَمَّى، وَيُحْلَقُ رَأْسَهُ " ، وقال التَّرمذي حسن صحيح .
    وروى البخاري في صحيحه كتاب العقيقة – باب إماطة الأذى عن الصَّبيِّ (5472) عن سلمان بن عامر الضّبي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مَعَ الغُلاَمِ عَقيقَةٌ فَأَهْرِيقُوا عَنْهُ دَمًا ،وَأَميطُوا عَنْهُ الأَذى " .
    والمراد بالأذى في الحديث هو الشَّعر الَّذي أُمِرَ الوليُّ بحلقه على قول بعض أهل العلم، وحَمَلَهُ غيرُهم على العموم، فيدخل فيه الشَّعر من باب أولى.
    هذا من حيث الحَلْق، وهو مشروع بسنَّة نبيِّنا صلى الله عليه وسلم.
    وقد وردت أحاديث أخر في استحباب وزن شعر المولود والتَّصدُّق بزِنته فضَّةً
    وسأعرض تلك الأحاديث والآثار، مُستعينًا بالله جلَّ وعلا في ذلك، فأقول:
    روي هذا الحديث من طُرقٍ من فعل فاطمة رضي الله عنها موقوفًا عليها، ومن أمر النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم وفعله.
    ويمكن تلخيص ذلك في ثلاثة أحاديث .

    الحديث الأوَّل عن فاطمة رضي الله عنها

    ورد عنها ( على اختلاف في الرَّفع والوقف والإرسال والوصل ) من ثلاث طرق.
    الطَّريق الأوَّل :مداره على محمَّد بن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي :
    ورُوي عنه من خمسة أوجه:
    الوجه الأوَّل : جعفر بن محمَّد ، عن أبيه محمَّد ابن علي بن الحسين :
    أخرج مالك في الموطأ كتاب العقيقة باب ما جاء في العقيقة (1/643) (1442) عن جعفر ابن محمَّد ، عن أبيه ، أنَّه قال : " وَزنَتْ فاطمةُ بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شعرَ حسن وحُسين ، وزينب وأم كلثوم ، فتصدَقت بزِنَة ذلك فضة " .
    وأخرجه ابن سعد في الطَّبقات الكبير (6/354) عن معن بن عيسى ، وفي (6/355) عن محمَّد بن عمر الواقدي .
    وأبو داود في المراسيل (380) عن عبد الله ابن مسلمة .
    أربعتهم عن مالك ، عن جعفر بن محمَّد به .
    وهذا السَّند مرسل ، فإنَّ محمَّد بن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب أبا جعفر الباقر من طبقة التَّابعين ، لم يسمع من جدِّيه الحسن والحسين ولم يدرك عليَّ بن أبي طالب ، فكيف بفاطمة رضي الله عنها الَّتي توفِّيت بعد النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم .
    ووافق مالكًا على هذه الرِّواية :
    1- يحي بن سعيد القطَّان من طريقه ابن أبي الدُّنيا في كتاب العيال (49)
    2- أنس بن عياض أبو ضمرة اللَّيثي ، أخرجه عنه ابن سعد في الطَّبقات الكبير (6/354) ، والدّولابي في الذُّرِّيَّة الطَّاهرة (ص:85) ، والبغوي في معجم الصَّحابة (2/ .
    3- وسليمان بن بلال ، من رواية خالد ابن مخلد عنه رواه عنه ابن سعد في الطَّبقات الكبير (6/354).
    وخالف القعنبيُّ خالدًا ، فرواه عن سليمان ابن بلال ، عن جعفر بن محمَّد بن علي ، عن أبيه ، عن جدِّه : " أنَّ فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذبحت عن حسن وحسين حين ولدتهما شاة ، وحلقت شعورهما ثمَّ تصدَّقت بوزنه فضَّة " .
    أخرجه من طريقه البيهقي في السُّنن الكبرى (9/304) ، ولكن رواية عن القعنبي الحسن ابن موسى ، لم يكن في الحديث بذاك ، وتكلم فيه مسلمة ابن قاسم وابن يونس ، كما في اللِّسان (8/194). فرواية خالد بن مخلد عن سليمان أرجح، وهي موافقة لرواية مالك.
    وعلى فرض صحَّة طريق القعنبي عنه ، فجدُّه هو علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، وهو من طبقة التَّابعين ، ولم يدرك فاطمة ، فالسَّند أيضًا مرسل .
    4- خارجة بن مصعب ، أخرجه من طريقه ابن أبي الدُّنيا في العيال (51) عن جعفر بن محمَّد عن أبيه: " أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم عقَّ عن الحسن والحسين بكبشٍ كبش وحلق رؤوسهما يوم السَّابع وتصدَّق بزنة شعورهما وَرِقَا "
    وخارجة بن مصعب متروك الحديث.
    5- أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة ، أخرجه ابن سعد في الطَّبقات (6/355) عن جعفر ، عن أبيه قال : " أمر النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أن يُتصدَّق بزنة شعر حسن وحسين فوزن شعر أحدهما فوجد ثلثي درهم "لكن في الإسناد الواقدي ، وهو متروك
    6- سعيد بن محمَّد ، أخرجه ابن سعد في الطَّبقات (6/355) ، عن جعفر بن محمَّد ، عن أبيه قال : " ما بلغ زنة شعورهما درهمَا " هكذا مختصرًا ، لكن في الإسناد إليه الواقدي أيضًا .
    وخالف هؤلاء الرُّواة ( مالكًا والقطَّان وأنس ابن عياض وسليمان بن بلال ): حسين بن زيد ، فرواه عن جعفر بن محمَّد الصَّادق ، عن أبيه ، عن جدِّه ، عن عليِّ ابن أبي طالب رضي الله عنه : أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر فاطمة رضي الله عنها فقال : " زِني شَعْرَ الحُسَيْنِ وتَصَدَّقِي بوَزْنِهِ فِضَّةَ ... "
    أخرجه الحاكم في المستدرك (3/214)، والبيهقي في السُّنن الكبرى (9/304) من طريق سعيد بن عبد الرَّحمن المخزومي ، عن حسين بن زيد به .
    وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرِّجاه، وتعقَّبه الذَّهبيُّ بقوله: لا
    قلت : في سنده حسين بن زيد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب أبو عبد الله الكوفي ، سأل ابن أبي حاتم أباه عنه فحرَّك يده وقلبها، يعني : تعرف وتنكر [ الجرح والتعديل (3/53) ]
    ولخصَّ ابن حجر أقوال الأئمَّة فيه: فقال كما في التَّقريب: " صدوق ربَّما أخطأ "
    قلت: وهذا الحديث ممَّا أخطأ فيه، فقد خالفه الإمام مالك، وروايته أصحُّ وأرجح:
    لثقته وإمامته ، خاصَّةً أنَّ مالكًا تابعه يحي القطَّان وأنس بن عياض وسليمان بن بلال في رواية خالد ابن مخلد عنه .
    ثمَّ إنَّ حسين بن زيد قد روي عنه رواية موافقة لرواية مالك وغيره ، فأخرجه الدّولابي في الذُّرِّية الطَّاهرة (ص :86) قال : أخبرني أبو عبد الله الحسين ابن علي ، عن أبيه علي ابن الحسين ، قال :
    حدَّثني حسين بن زيد بن علي ، عن جعفر بن محمَّد ، عن أبيه : " أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم عقَّ عن الحسن والحسين ، وأمر بزنة شعورها فضَّة ، فتصدَّق به .... "
    ووقع في الذُّرِّية الطَّاهرة: حدَّثني حسين ابن زيد بن علي بن جعفر بن محمَّد عن أبيه، والصَّواب: حدَّثني حسين بن زيد بن علي عن جعفر بن محمَّد عن أبيه.
    فأرجح الطُّرق عن جعفر بن محمَّد رواية مالك ومن تابعه، عنه، عن أبيه مرسلاً: لثقة وكثرة من رواه كذلك.
    ويؤيِّده الأوجه التَّالية المرويَّة عن محمَّد ابن علي ابن الحسين مرسلاً .
    الوجه الثَّاني : ربيعة بن أبي عبد الرَّحمن ، عن محمَّد بن علي بن الحسين :
    أخرجه مالك في الموطأ العقيقة ، باب ما جاء في العقيقة (1/644) (1442) عن ربيعة ابن أبي عبد الرَّحمن ، عن محمَّد بن علي ابن الحسين ، أنَّه قال : " وزَنت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شعر حسنٍ وحسين فتصدَّقت بزنتِه فضَّةً "
    وأخرجه ابن سعد في الطَّبقات الكبير (6/354) عن معن بن عيسي ، عن مالك به .
    سليمان بن بلال عند سعد في الطَّبقات الكبير (6/354) ولفظه : " حلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حسنَا وحسينَا ثمَّ تصدَّق بِزنة أشعارهما فضَّةَ "
    وخالفهما ( مالكًا وسليمان ) عبد الله بنُ لهيعه عن عُمارة بن غزية :
    فرواه البزَّار في مسنده (2/74 ، كشف الأستار ) ، والطَّبراني في المعجم الكبير (3/17) (2575) ، وفي الأوسط (1/46) (127) ، والدّولابي في الذُّرِّيَّة الطَّاهرة (ص:85) من طرق عن عبد الله بن لَهيعه ، عُمارة ابن غزية ، عن ربيعة ابن أبي عبد الرَّحمن ، عن أنس بن مالك :
    " أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر برأس الحسن أو الحسين يوم سابعة أن يُحلق ويُتصدَّق بوزنه فضة " لفظ البزَّار .
    وعند الطَّبراني : " أمر برأس الحسن والحسين "
    وفي إسناد عبد الله بن لَهيعه ، وهو ضعيف إذا انفرد ، فكيف إذا خالف !
    وعمارة بن غزيَّة لا بأس به ، كما في التَّقريب لابن حجر ، ورواية مالك وسليمان عن ربيعة أرجح وأصحُّ ، ولا يمكن اعتبار هذه الرِّواية شاهدة لحديث مالك ، كما ذكره بعض الباحثين للمخالفة ، ثمَّ وَجَدْتُ بحمد الله ابنَ عبد البرِّ نصَّ على هذه العلَّة : فذكر طريقَ ابنِ لَهيعه في الاستذكار (15/370) وقال : " وهذا الحديث قد رُوي عن ربيعة عن أنس ، وهو خطأً ، والصَّواب عن ربيعةَ مَا في الموطأ ".
    الوجه الثَّالث : عمرو بن دينار ، عن أبي جعفر محمَّد بن علي بن الحسين :
    أخرجه عبد الرَّزَّاق في المصنَّف (4/333) وابن سعد في الطَّبقات (6/355) ، وابن أبي الدنيا في العيال (80) عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار ، عن أبي جعفر : " أنَّ فاطمة وزنت شعر الحسن والحسين فتصدَّقت بوزن ذلك فضة "
    الوجه الرَّابع : ابن جريج ، عن محمَّد ابن علي ابن الحسين :
    أخرجه عبد الرَّزَّاق في المصنَّف (4/333) عن عبد الملك بن عبد العزيز بن جُريج قال : سمعت محمَّد بن علي يقول : " كانت فاطمة ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يولد لها ولد إلاَّ أمرت به فحُلق ، ثمَّ تصدَّقت بوزن شعره ورقًا ، قالت : وكان أبي يفعل ذلك " .
    كذا في المصنَّف ولعلَّه : " قال : وكان أبي يفعل ذلك " من قول محمَّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ ابن أبي طالب ، لا من قول فاطمة رضي الله عنها ، والله أعلم .
    الوجه الخامس : عبد الملك بن أعين عن محمد ابن علي بن الحسين :
    أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (8/177) عن عبدة بن سليمان عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عبد الملك بن أعين به .
    فَتَلَخَّصَ من هذا أنَّ جعفرَ بنَ محمَّد وربيعةَ ابن أبي عبد الرَّحمن [ على أرجح الرِّوايات ] وابن جريج وعمرو بن دينار وعبد الملك بن أعين رَوَوْهُ عن محمَّد ابن علي بن الحسين مرسلاً .
    وخالفهم في الرِّواية: محمَّد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمَّد بن عمرو بن حزم المدني.
    فرواه عنه ، عن محمَّد بن علي الحسين ، عن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه .
    أخرجه التِّرمذي في الجامع في أبواب الأضاحي باب العقيقة بشاة (1519) ، قال : حدَّثنا محمَّد ابن يحي القُطَعِيُّ ، قال : حدَّثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى ، عن محمَّد بن إسحاق ، عن عبد الله بن أبي بكر ، عن محمَّد بن علي بن الحسين ، عن علي بن أبي طالب قال : " عقَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن بشاة وقال : يا فاطمة ! احلقي رأسه وتصدِّقي بزنة شعره فضَّةَ، قال: فوزنته فكان وزنه درهمَا أو بعض درهم "
    قال التِّرمذي : " هذا حديث حسن غريب ، وإسناده ليس بمتَّصل ، وأبو جعفر بن عليِّ بن الحسين لم يُدرك عليَّ بنَ أبي طالب "
    وذكر البيهقيُّ هذا الطريق تعليقًا في السُّنن الكبرى (9/304) ، وقال : " وهذا أيضًا مُنْقَطِعٌ "
    وأخرجه الحاكم في المستدرك (4/365،366) : حدَّثنا أبو الطَّيِّب محمَّد بن علي بن الحسين الحيري من أصل كتابه ، ثنا محمَّد بن عبد الوهَّاب الفرَّاء ، ثنا يعلي بن عبيد ، ثنا محمَّد بن إسحاق ، عن عبد الله بن أبي بكر ، عن عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه به .
    وسكتَ عليه هو والذَّهبيُّ، وشيخُ الحاكم لم أَقِفْ على ترجمته.
    وذكر البيهقيُّ هذه الرِّواية تعليقًا : ثمَّ قال : " ولا أدري محفوظٌ هو أمْ لا ؟ "
    قلت : في كلا الإسنادين محمَّد بن إسحاق ابن يسار ، مدلِّس وقد عَنْعَنَ في هَذَيْن الطَّريقين ، ولم يصرِّح بالتَّحديث .
    هذه مُجْمَلُ الرِّوايات الَّتي وردت عن محمَّد ابن عليِّ بن الحسين بن عليِّ بن أبي طالب .
    وأصحُّ الرِّوايات عنه رواية جعفر بن محمَّد ، وربيعة ، وابن جريج ، وعمرو بن دينار وعبد الملك ابن أعين عن محمَّد بن علي بن الحسين مرسلاً ، فحمَّد ابن علي بن الحسين لم يُدركْ عليَّ بن أبي طالب ، فكيف بفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟! فالإسناد إليها مُنقطعٌ لم يَصِحُّ.
    الطَّريق الثَّاني:عن الحسن بن محمَّد ابن عليِّ، أنَّ فاطمة....
    أخرجه ابن سعد في الطَّبقات الكبير (6/355) عن الواقدي ، عن إبراهيم بن يزيد الخوزي ، عن عمرو ابن دينار ، عن الحسن بن محمَّد بن علي : " أنَّ فاطمة عقَّت عن حسن بجزور ، وحلقت رأسه فتصدَّقت بزنته ذهبًا وفضَّة على المساكين " .
    وسنده واهٍ ، فيه الواقديُّ وهو متروك ، وإبراهيمُ ابنُ يزيدٍ الخوزي متروكُ الحديث أيضًا ، كما في التَّقريب ، وقد خالفه ابن عُيَيْنَة ، فرواه عن عَمْرو ، عن محمَّد ابن علي بن الحسين مرسلاً ، كما تقدَّم في الوجه الثَّالث .

    الحديث الثَّاني: من حديث أبي رافعٍ مَوْلَى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم

    رواه عبد الله بن محمَّد بن عَقيل ، عن عليّ ابن الحُسين ، عن رافع .
    روي عنه من عدَّة طرق :
    أخرجه الإمام أحمد في المسند (45/163) عن أبي النَّضر ومحمَّد بن نمير .
    وابن أبي شيبة في المصنَّف (8/173) عن محمَّد بن عبد الله الأسدي ، وابن أبي الدُّنيا في العيال (52) عن بشير ابن الوليد .
    والطَّبراني في المعجم الكبير (1/310) (917)، وأبو نعيم في الحلية (1/339) من طريق موسى ابن داود الضّبي ، ومعلى بن مهدي، وابن أبي الدُّنيا في العيال (52) ، والبيهقيُّ في السُّنن الكبرى (9/304) من طريق عليّ بن الجعد .
    سبعتهم عن شريك بن عبد الله القاضي، عن عبد الله بن محمَّد بن عقيل ، عن علي بن الحسين ، عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لَمَّا وَلدت فاطمةَ حسنَا ، قال : ألاَ أعقُّ عن ابني بدم ؟ قال : لاَ ، ولَكِنْ احْلَقي رَأْسَهُ ، ثمَّ تَصَدَّقي بوَزْن شَعْرَه مِنْ فضَّةِ على المَسَاكِينِ أَوْ الأَوفَاض " وكان الأَوفاض ناسًا منَ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم محتاجين في المسجد أو في الصَفَّة ، لفظ أحمد من طريق محمَّد بن نمير .
    ولفظه من طريق أبي النَّضر : ".... منَ الوَرِقِ علَى الأوفَاض ، يعني أهل الصُّفَّة ، أَوْ عَلَى المَسَاكِينِ ففعلت ذلك ، قالت : فلمَّا ولدتُ حسينَا فعلتُ مثلَ ذلك " .
    وخالف هؤلاء الرُّواة عن شريك بن عبد الله القاضي اثنان:
    1- أبو الوليد الطَّيالسي هشام بن عبد الملك ، فرواه عن شريك ، عن عبد الله بن محمَّد ابن عقيل ، عن علي ابن الحسين ، قال : " لَمَّا وَلدت فاطمةَ .... " أخرجه ابن سعد في الطَّبقات (6/354) ، وهذا مرسل .
    2- ابن الأصبهاني محمَّد بن سعيد بن سليمان أبو جعفر الكوفي عن شريك، عن عبد الله بن محمَّد ابن عقيل ، عن علي بن الحسين ، عن فاطمة قالت : " فلمَّا ولدتُ حسينَا .... " الحديث.
    أخرجه ابن أبي خيثمة في التَّاريخ (671، رسالة ماجستير ) عن ابن الأصبهاني به .
    وهذا منقطع ، فعليُّ بن الحسين لم يدرك فاطمة رضي الله عنها .
    وهذا الاختلاف على شريك بالأوجه المذكورة ، قد يكون منشَؤُه شريك بن عبد الله القاضي نفسه ، أو عبد الله بن محمَّد بن عقيل ، فشريك سيِّء الحفظ ، وابن عقيل ضعيفٌ كما سيأتي.
    ورُوي عن شريك بوجه آخر أيضًا وهو الوجه الثَّالث عنه :
    أخرجه الرّوياني في المسند (1/469) (70، قال حدَّثنا سفيان ، عن إسحاق بن منصور وأبي داود الحفري ، كلاهما عن شريك ، عن عاصم بن عبيد الله ، عن علي بن الحسين ، عن أبي رافع : " أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أذَّن في أذن الحسن والحسين حين وُلدَا ، وتصدَّق بوزن شعرهما فضَّةَ " .
    ولعلَّ الوهمَ في هذا الإسناد من سفيان شيخ الرّوياني ، وهو ابن وكيع بن الجرَّاح ، سيِّء الحفظ ترك حديثه ، وصوابه : عاصم بن عبيد الله ، عن عُبَيْد الله ابن أبي رافع ، عن أبي رافع بقصَّة التَّأذين فقط دون التَّصدُّق بالشَّعر ، كما عند داود في السُّنن (5/333) (5105) والتَّرمذي (4/82) (1514) ، وغيرهما من طرق عن الثَّوري ، عن عاصم به .
    وهو ضعيف من أجل عاصم بن عبيد الله ، كما ذكرته في مقال : " الأحاديث الواردة في التَّأذين في أذن الصَّبيَّ بعد ولادته " منشور في موقع راية الإصلاح .
    ووافق شريكًا على رواية الجماعة عنه : عبد الله بن محمَّد بن عقيل ، عن علي بن الحُسين ، عن أبي رافع .
    أ- عُبَيْد الله بن عَمرو الرّقي ، رواه الإمام أحمد في المسند (45/173) عن زكريَّا بن يحي ، عُبَيْد الله الرّقي به .
    وذكر الدَّارقطني في العلل (7/21) أنَّ أبا نعيم الحَلَبي واسمه عُبيد بن هشام ، رواه عن عُبيد الله ابن عَمرو الرّقي ، عن ابن عقيل ، عن أبي سَلَمة ، عن علي ابن الحسين ، قال الدَّارقطني : " وذكر أبي سَلَمة فيه وهم " .
    ب- سعيد بن سلمة بن أبي الحسام ، عند الطَّبراني في المعجم الكبير (1/311) (3/30) (257 (91 ، والبيهقي في السُّنن الكُبري (9/304).
    جـ - الإمام الثَّوري عند ابن سعد في الطَّبقات الكبير (6/355) ، لكن في السَّند إليه محمَّد بن عمر الواقدي وهو متروك .
    ورواه الواقدي في المصدر السَّابق وفي الذرية الطاهرة (99) أيضًا عن الثَّوري عن ابن عقيل ، عن علي بن الحسين قال : " عقَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن بكبش ، وحلق رأسَه ، وأمر أن يتصدَّق بزنته فضَّةَ على الأوفاض " ، كرواية أبي الوليد الطَّيَالسي عن شريك عن ابن عقيل سواء ، لكن الواقديُّ متروك .
    وفي كلِّ الطُّرق المتقدِّمة عبد الله بن محمَّد ابن عَقيل ابن أبي طالب ، وعامَّة أهل العلم على تضعيفه ، وهو سيِّء الحفظ ، منكرُ الحديث ، يُختلف عنه في الأسانيد ، انظر تهذيب الكمال (16/7
    ولعلَّ صواب هذا الإسناد عن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب مرسلاً ، وذكر أبي رافع فيه وَهْمٌ من ابن عقيل ، وأبو رافع روي عنه حديث التَّأذين فَحَسْب ، فحمل ابنُ عقيل هذا الحديث عن عليّ بن الحسين عن أبي رافع ، وتقدَّم أنَّ الحديث أبي رافع تفرَّد به أحد الضُّعفاء .
    فهذا احتمال وقد يؤيِّده أنَّ علي بن الحسين لا يعرف بكثرة الرِّواية عن أبي رافع ، وما روي عنه جاء فقط من طريق ابن عقيل أو عاصم بن عُبيد الله ، وكلاهما ضعيف ، وهي أحاديث معدودة لا تتجاوز خمسة أحاديث كما في ترجمة أبي رافع من تحفة الأشراف (9/203) ، حيث ذكر له حديثًا واحدًا فقط في عمل اليوم واللَّيلة للنَّسائي ، وبقية الأحاديث مذكورة في إتحاف المهرة (14/252) ، والمعجم الكبير للطَّبراني (1/310)
    فلعلَّ هذا يؤيِّد أنَّ الحديث يُعرف فقط من رواية محمَّد بن علي الحسين مرسلاً ، كما رواه الثِّقات كجعفر بن محمَّد ، وربيعة ، وابن جريج ، وعمرو بن دينار ، وعبد الملك بن أعين .
    وبالجملة فإنَّ الطريق ابن عقيل عن علي ابن الحسين عن أبي رافع لا يصحُّ ، لضعف ابن عقيل وسوء حفظه ، فلا يُقبل ما تفرَّد به عن سائر الرُّواة ، والحديث صوابه الإرسال ، كما رواه الرُّواة عن محمَّد بن علي ابن الحسين ، خاصَّةً أنَّ في متنه نكارة : إذ فيه أنَّ فاطمة استأذنت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم في العقيقة : "ألاَ أعقُّ عن ابني بدم ؟ قال : لاَ ، ولَكِنْ احْلَقي رَأْسَهُ ، ثمَّ تَصَدَّقي بوَزْن شَعْرَه مِنْ فضَّةِ على المَسَاكِينِ أَوْ الأَوفَاض " .
    وإنْ كان قد جُمع بين حديث ابن عقيل وغيره من الأحاديث المصرَّحة بعقِّ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين ، والصَّواب أنَّ حديثه هذا لا يَرْقَي إلى الحسن ، كما ذهب إليه الشَّيخ الألباني رحمه الله في الإرواء (4/404،402) ، وقال : " وهو حسن الحديث إذا لم يُخالف ، وظاهر حديثه مخالفٌ لَما استفاض عنه صلى الله عليه وسلم أنَّه عقَّ عن الحسن والحسين رضي الله عنهما ، كما تقدَّم برقم (1150)
    وأجيب عن ذلك بجوابين ذكرهما الحافظ في الفتح ... "
    ثمَّ ذكر الشَّيخ جوابًا ثالثًا عن البيهقيِّ :
    لكن يَبْقَى الإشكال في تفرُّد ابن عقيل بهذا الحديث وتقدَّم أنَّ الرُّواة الثِّقات يخالفونه في ذلك ، فيروونه عن محمَّد بن علي بن الحسين مرسلاً ، وهو يرويه عن علي ابن الحسين ، عن أبي رافع ، ولم يتابع عليه ، وهو كما وصفه الأئمَّة : سيِّء الحفظ ، يُختلف عنه في الأسانيد ، فمثله يحتاج إلى متابعٍ ولا متابع ، بل الحديث اختلافٌ في الإسناد ونَكَارَة في المتن ، والله أعلم .

    الحديث الثَّالث: عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما

    ورد عن ابن عبَّاس من طريقين :
    الطَّريق الأوَّل:
    أخرجه ابن الأعرابي في معجمه (1680) قال : حدَّثنا محمَّد ابن عبد الله المخرمي ، حدَّثنا أحمد بن عُمر ، حدَّثنا مسْلَمة بن محمَّد الثَّقفي ، عن يونس بن عُبيدة ، عن عِكرمة ، عن ابن عبَّاس :
    " أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم عقَّ عن الحسن كبشَا ، وأمر برأسه فحلقه ، وتصدَّق بوزن شعره فِضَّةَ وكذلك الحسين أيضَا "
    كذا في المعجم : " يونس بن عبيدة " والصَّواب هو يونس بن عبيد
    وهذا السَّند ، ضعيفٌ منكرٌ ، فيه مسلمة بن محمَّد الثَّقفي ، ضعفَّه ابن مَعين ، وقال ابن حجر فيه : " ليِّن الحديث " وذكر الألبانيُّ هذا الحديث في الإرواء (4/380) ، وضعَّفه بمسلمة بن محمَّد هذا ، وغفل عن الرَّاوي عنه أحمد بن عمر ، وهو القصبي ، قال عنه أبو حاتم : " مجهول " كما في الجرح والتَّعديل (2/62)
    وقد خُولف مسلمة بن محمَّد في متنه:
    أخرجه أبو داود في السُّنن (3/173) (2841) وابن الجارود في المنتقي (911) ، وغيرهما من طريق أيُّوب بن أبي تميمة السَّختياني ، والنَّسائي في السُّنن (4219) وغيره من طريق قتادة .
    كلاهما عن عكرمة ، عن ابن عبَّاس : " أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عقَّ عن الحسن والحسين كبشَا كبشَا " لفظ أبي داود ، وفي لفظ النَّسائي : " كبشين كبشين " ، ولم يُذكر حلق الشَّعر والتَّصدُّق بوزنه فضَّةً ، فهو منكرٌ من حديث عكرمة عن ابن عبَّاس ، التفرُّد مسلمة ، وهو ضعيف ، وعنه أحمد بن عُمر القصبي وهو مجهول ، والله أعلم .
    الطَّريق الثَّاني:
    أخرجه الطَّبراني في المعجم الأوسط (1/304) (58 ، قال حدَّثنا أحمد بن القاسم ، قال : حدَّثنا أبي وعمِّي عيسي بن المساور ، قالا حدَّثنا روَّاد بن الجراح ، عن عبد الملك بن أبي سليمان ، عن عطاء ، عن ابن عبَّاس قال : " سبعة من السُّنَّة في الصَّبيِّ يوم السَّابع يُسمَّي، ويُختن ، ويُماط عنه الأذى ، وتُـثقب أذنهُ ، ويُعقُّ عنه ، ويُحلق رأسه ، ويُلطخ بدم عقيقته ، ويُتصدَّق بوزن شعره في رأسه ذهبًا أو فضَّة ".
    قال الطَّبراني : "لم يَرْوِ هذا الحديث عن عبد الملك إلاَّ رواد " .
    والحديث ذكره الألباني في السِّلسلة الضَّعيفة (11/717) (5432)، وقال: " منكرٌ بهذا التَّمام "
    وأعلَّه برواد بن الجرَّاح ، ونقل بعضَ أقوال أهل العلم في درجته ، ومنهم من شدَّد تضعيفه كالدَّارقطني وغيره، وذكر بعضُ أهل العلم أنَّه روى مناكير لا يُتابع عليها ، كالنَّسائي وابن عديِّ والحاكم ، انظر : تهذيب الكمال (9/227)
    وقد روي أيضًا من قول عبد الله بن عمر رضي الله عنه ، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (8/17 من طريق عفَّان ، قال : حدَّثنا عبد الوارث ، قال : حدَّثنا عطاء بن السَّائب ، عن محارب بن دثار ، عن ابن عمر قال في العقيقة : " تذبح عنه يوم السَّابع ، ويُحلق رأسه ، ويتصدَّق بوزن شعره فضَّة ويلطخ رأسه بالدَّم " .
    لكن سنده ضعيف ، فعطاء بن السَّائب اختلط والرَّاوي عنه عبد الوارث بن سعيد روى عنه بعد اختلاطه كما في الكواكب الـنَّيِّرات في معرفة من اختلط من الرُّواة الثِّقات لابن الكيال (ص:327) .

    الخلاصة:

    وخلاصة الأمر أنَّ أصحَّ طرقِ هذا الحديث:
    ما رواه مالك في الموطأ عن ربيعة وجعفر بن محمَّد وتابعه غيره ، ورواية ابن جريج وعمرو بن دينار أربعتهم ، عن محمَّد بن علي بن الحسين مرسلاً .
    وكلُّ الطُّرق الموصولة معلولةٌ ومُخْتَلَفَ فيها ، ولا يمكْن تقوية حديث محمَّد بن علي بن الحسين من الطُّرق الرَّاجحة بها لاضطرابها وضعف رواتها ، فلا يصحُّ الاستدلال به على وزن شعر الصَّبيِّ والتَّصدُّق به فضَّةً .
    ويبقى الحديث على ضعفه وإرساله، والله تعالى أعلى وأعلم.

    المصدر: مجلة الإصلاح السَّلفية الجزائرية / العدد الثامن عشر

    كتبه على الجهاز في مجالس مختلفة
    كان آخرها بعد العصر
    ليوم: 13/02/2010- 28 صفر 1431هـ
    سفيان ابن عبد الله الجزائري – غفر الله له
    مَنْطِقة القَبائِل - حَرسَّها الله مِن الفِتَن
    الملفات المرفقة

    تعليق

    يعمل...
    X