إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

صور من رحمة الرسول صلى الله عليه وسلم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [بحث] صور من رحمة الرسول صلى الله عليه وسلم

    صور من رحمة
    الرسول صلى الله عليه وسلم





    أعده
    رائد علي أبو الكاس








    بسم الله الرحمن الرحيم
    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
    { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } (آل عمران:102)
    { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } (النساء:1) { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً } (الأحزاب:70-71) أما بعد:-
    "فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار
    وبعد:-
    لقد جمع الله سبحانه وتعالى في نبيّه محمد صلى الله عليه وسلم صفات الجمال والكمال البشري ، وتألّقت روحـه الطاهرة بعظيم الشمائـل والخِصال ، وكريم الصفات والأفعال ، حتى أبهرت سيرته القريب والبعيد ، وتملكت هيبتهُ العدوّ والصديق ، وقد صوّر لنا هذه المشاعر الصحابي الجليل حسان بن ثابت رضي الله عنه أبلغ تصوير حينما قال :
    وأجمل منك لم ترَ قط عيني وأكمل منك لم تلد النساء
    خُلقت مبرّأً من كل عيب كأنك قد خُلقت كما تشاء
    فمن سمات الكمال التي تحلّى بها – صلى الله عليه وسلم - خُلُقُ الرحمة والرأفة بالغير ، كيف لا ؟ وهو المبعوث رحمة للعالمين ، فقد وهبه الله قلباً رحيماً ، يرقّ للضعيف ، ويحنّ على المسكين ، ويعطف على الخلق أجمعين ، حتى صارت الرحمة له سجيّة ، فشملت الصغير والكبير ، والقريب والبعيد ، والمؤمن والكافر ، فنال بذلك رحمة الله تعالى ، فالراحمون يرحمهم الرحمن .

    وصف الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم بالرحمة
    قال تعالى
    وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (الانبياء107)
    قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: يَعْنِي رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ خَاصَّةً فَهُوَ رَحْمَةٌ لَهُمْ. [وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ عَامٌّ فِي حَقِّ مَنْ آمَنَ وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ فَمَنْ آمَنَ فَهُوَ رَحْمَةٌ لَهُ] فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ فَهُوَ رَحْمَةٌ لَهُ فِي الدُّنْيَا بِتَأْخِيرِ الْعَذَابِ عَنْهُمْ وَرَفْعِ الْمَسْخِ وَالْخَسْفِ وَالِاسْتِئْصَالِ عَنْهُمْ، (تفسير البغوي)

    وقال تعالى
    لقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (التوبة12

    وقال تعالى
    فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (آل عمران159)


    وقد تجلّت صور من رحمته صلى الله عليه وسلم في عددٍ من المظاهر والمواقف ، ومن تلك المواقف :

    رحمته صلى الله عليه وسلم بأمته
    وقال تعالى
    لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ * فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ(التوبة)

    قال الإمام عبد الرحمن السعدي رحمه الله
    يمتن [تعالى] على عباده المؤمنين بما بعث فيهم النبي الأمي الذي من أنفسهم، يعرفون حاله، ويتمكنون من الأخذ عنه، ولا يأنفون عن الانقياد له، وهو صلى الله عليه وسلم في غاية النصح لهم، والسعي في مصالحهم.
    { عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ } أي: يشق عليه الأمر الذي يشق عليكم ويعنتكم.
    [ ص 357 ]
    { حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ } فيحب لكم الخير، ويسعى جهده في إيصاله إليكم، ويحرص على هدايتكم إلى الإيمان، ويكره لكم الشر، ويسعى جهده في تنفيركم عنه. { بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ } أي: شديد الرأفة والرحمة بهم، أرحم بهم من والديهم.
    (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان)

    فكان رحيما رؤوفا في كل أحواله وأموره فهو كثيراً ما يترك صلى الله عليه وسلم بعض الأعمال شفقاً على أمته حتى لا تفرض هذه الأعمال عليهم فيعجزوا عن القيام بها وعن الوفاء بها، فمن مظاهر رحمته بأمته أنه يسأل ربه التخفيف على أمته في التكاليف :

    ألم تقرؤوا كثيراً في سنته قوله "لولا أن أشق على أمتي ما قعدت خلاف سرية تغزو في سبيل الله عز وجل" (رواه مسلم)

    وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
    لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم عند كل صلاة بوضوء ومع كل وضوء بسواك
    رواه أحمد بإسناد حسن ( حسن صحيح صحيح الترغيب والترهيب)

    وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بتأخير العشاء وبالسواك عند كل صلاة ( متفق عليه )

    وقال إني لأدخل في الصلاة وأنا أريد إطالتها فأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي مما أعلم من شدة وجد أمه من بكائه " . رواه البخاري

    ويفرض الله عليه خمسين صلاة فما يزال حتى تخفف هذه الصلاة إلى خمس رحمة بأمته
    ويصلي الناس بصلاة ثم يعتذر لهم ولا يخرج لهم خشية أن تفرض هذه الصلاة على أمته فلا يطيقوها
    فعن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد فصلى بصلاته ناس ثم صلى من القابلة فكثر الناس ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أصبح قال قد رأيت الذي صنعتم فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تفرض عليكم وذلك في رمضان.( صحيح سنن أبي داود)

    ويأمره جبريل أن يقرئ أمته على حرف فيقول : إن أمتي لا تطيق ذلك، فيقول : أقرئهم على حرفين حتى أوصله على سبعة أحرف.
    فعن أبي بن كعب قال : كنت في المسجد فدخل رجل يصلي فقرأ قراءة أنكرتها عليه ثم دخل آخر فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه فلما قضينا الصلاة دخلنا جميعا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت إن هذا قرأ قراءة أنكرتها عليه ودخل آخر فقرأ سوى قراءة صاحبه فأمرهما النبي صلى الله عليه وسلم فقرآ فحسن شأنهما فسقط في نفسي من التكذيب ولا إذ كنت في الجاهلية فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد غشيني ضرب في صدري ففضت عرقا وكأنما أنظر إلى الله عز وجل فرقا فقال لي : " يا أبي أرسل إلي أن اقرأ القرآن على حرف فرددت إليه أن هون على أمتي فرد إلي الثانية اقرأه على حرفين فرددت إليه أن هون على أمتي فرد إلي الثالثة اقرأه على سبعة أحرف ولك بكل ردة رددتكها مسألة تسألنيها فقلت اللهم اغفر لأمتي اللهم اغفر لأمتي وأخرت الثالثة ليوم يرغب إلي الخلق كلهم حتى إبراهيم صلى الله عليه وسلم " . رواه مسلم

    وعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: " وَاللهِ، مَا سَبَّحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سُبْحَةَ الضُّحَى قَطُّ، وَإِنِّي لَأُسَبِّحُهَا "، وَقَالَتْ: " إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يَتْرُكُ الْعَمَلَ وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَعْمَلَهُ، خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَنَّ بِهِ النَّاسُ، فَيُفْرَضُ عَلَيْهِمْ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُحِبُّ مَا خَفَّ عَلَى النَّاسِ مِنَ الْفَرَائِضِ
    (مسند الإمام أحمد بن حنبل إسناده صحيح على شرط البخاري،)

    وتعدت رحمته لكل فرد ألمت به عوارض الزمان ، فاحتاج للاستدانة من أموال الغير ثم جهد في سدادها ، فوافاه الأجل قبل ذلك .. فتعهد النبي صلى الله عليه وسلم بسدادهــا...
    لعلمه صلى الله عليه وسلم خطورة التعرض لأموال الناس ، وحقوقهم دون ضمان لها .. وكان لا يصلي على من مات وعليه دين لم يسدد ، حثاً للناس على سداد حقوق الغير لينالوا شرف صلاته عليهم ثم لما فتح الله على بيت أموال المسلمين تصدى النبي لكل صاحب دين لم يستطع سداده بسداد دينه من بيت مال المسلمين فقال صلى الله عليه وسلم أنا ولي المؤمنين من أنفسهم فمن توفي من المؤمنين فترك ديناً فعلي قضاؤه
    فعن أبي هريرة قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتي بالرجل المتوفى عليه الدين فيسأل : " هل ترك لدينه قضاء ؟ " فإن حدث أنه ترك وفاء صلى وإلا قال للمسلمين : " صلوا على صاحبكم " . فلما فتح الله عليه الفتوح قام فقال : " أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم فمن توفي من المؤمنين فترك دينا فعلي قضاؤه ومن ترك فهو لورثته " ( متفق عليه )

    بل بلغ من رحمته صلى الله عليه وسلم حرصه على إيصال الأجر لكل مسلم لم يستطع شراء أضحية ليضحي بها بسبب الفقر
    فقد حرص المصطفى صلى الله عليه وسلم على أن ينال من الأجر مثل ما نال إخوانه المضحين فهاهو ذا يضحي بكبشين فقال في أولها اللهم لمحمد وآل محمد وقال في آخرهما اللهم عن محمد وعن من لم يضح من أمة محمد(أبو داود 2810 ، و الترمذي 1521)

    وهو يدل على أن أمته أمواتهم وأحياءهم قد نالهم النفع والأجر بتضحيته

    قال الحليمي وهذا أبلغ ما يكون من البر والشفقة(شعب الإيمان 4 / 6

    وما يزال في تلقيه للوحي وفي كلامه وفي أفعاله وعبادته يخشى أن يشق على أمته، ويخشى أن تكلف ما لا طاقة لها به، وأن تؤمر بما لا تطيق، ولهذا كان كما وصفه سبحانه وتعالى ونيسرك لليسرى لقد يسر لليسر في كل أموره وحياته.

    و " قام ليلة . بآية يرددها حتى أصبح وهي : { إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ
    تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ } (5 : 11 ؛ [ بها يركع ، وبها يسجد ،
    وبها يدعو ] ، [ فلما أصبح ؛ قال له أبو ذر رضي الله عنه : يا رسول الله ! ما
    زلتَ تقرأ هذه الآية حتى أصبحت ؛ تركع بها ، وتسجد بها ] ، [ وتدعو بها ] ،
    [ وقد علَّمَك الله القرآن كله ] ، [ لو فعل هذا بعضُنا ؛ لَوَجَدْنَا عليه ؟ ] . [ قال :
    " إني سألت ربي عز وجل الشفاعة لأمتي ؛ فأعطانيها ، وهي نَائِلَةٌ إن
    شاء الله لمن لا يشرك بالله شيئاً " ] "

    وعن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم
    تلا قول الله تعالى في إبراهيم : [ رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنه مني ] وقال عيسى : [ إن تعذبهم فإنهم عبادك ] فرفع يديه فقال " اللهم أمتي أمتي " . وبكى فقال الله تعالى : " يا جبريل اذهب إلى محمد وربك أعلم فسله ما يبكيه ؟ " . فأتاه جبريل فسأله فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال فقال الله لجبريل اذهب إلى محمد فقل : إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك " .
    (رواه مسلم)
    قال صاحب التحرير هو تأكيد للمعنى أي لا نحزنك لأن الإرضاء يحصل في حق البعض بالعفو عنهم ويدخل الباقي النار فقال تعالى : نرضيك ولا ندخل عليك حزنا بل ننجي الجميع
    وهذا الإرضاء من الله لنبيه صلى الله عليه وسلم يترجم في صور عدة . منها إدخال أمته الجنّة ، واختصاص نبينا بالشفاعة لأمته ، وهذه الشفاعة وإن كانت اختصاص واصطفاء من الله لإعلاء مقام نبيه دون غيره من الأنبياء ، إلا أنها أيضاً مظهر من مظاهر رحمة النبي بهذه الأمة ، في الدنيا والآخرة

    وحتي في موقف الحشر لم ينسى أمته صلى الله عليه وسلم
    وعن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا كان يوم القيامة ماج الناس بعضهم في بعض فيأتون آدم فيقولون : اشفع لنا إلى ربك فيقول : لست لها ولكن عليكم بابراهيم فإنه خليل الرحمن فيأتون إبراهيم فيقول لست لها ولكن عليكم بموسى فإنه كليم الله فيأتون موسى فيقول لست لها ولكن عليكم بعيسى فإنه روح الله وكلمته فيأتون عيسى فيقول لست لها ولكن عليكم بمحمد فيأتوني فأقول أنا لها فأستأذن على ربي فيؤذن لي ويلهمني محامد أحمده بها لا تحضرني الآن فأحمده بتلك المحامد وأخر له ساجدا فيقال يا محمد ارفع رأسك وقل تسمع وسل تعطه واشفع تشفع فأقول يارب أمتي أمتي فيقال انطلق فأخرج من كان في قلبه مثقال شعيرة من إيمان فأنطلق فأفعل ثم أعود فأحمده بتلك المحامدوأخر له ساجدا فيقال يا محمد ارفع رأسك وقل تسمع وسل تعطه واشفع تشفع فأقول يارب أمتي أمتي فيقال انطلق فأخرج من كان في قلبه مثقال ذرة أو خردلة من إيمان فأنطلق فأفعل ثم أعود فأحمده بتلك المحامدوأخر له ساجدا فيقال يا محمد ارفع رأسك وقل تسمع وسل تعطه واشفع تشفع فأقول يارب أمتي أمتي فيقال انطلق فأخرج من كان في قلبه أدنى أدنى أدنى مثقال حبة من خردلة من إيمان فأخرجه من النار فأنطلق فأفعل ثم أعود الرابعة فأحمده بتلك المحامد وأخر له ساجدا فيقال يا محمد ارفع رأسك وقل تسمع وسل تعطه واشفع تشفع فأقول يارب ائذن لي فيمن قال لا إله إلا الله قال ليس ذلك لك ولكن وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي لأخرجن منها من قال لا إله إلا الله " . (متفق عليه )


    قال النووي فيه كمال شفقته على أمته ورأفته بهم واعتناؤه بالنظر في مصالحهم فجعل دعوته في أهم أوقات حاجتهم(شرح النووي لمسلم 3 / 79)

    وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
    (إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْبَراً مِنْ نُورٍ وَإِنِّي لَعَلَى أطْوَلِها وَأَنْوِرِهَا فَيَجيءُ منادٍ فَيُنَادِي: أَيْنَ النَّبِيُّ الْأُمِّيُّ؟ قَالَ: فَيَقُولُ الْأَنْبِيَاءُ: كُلُّنَا نبيٌّ أُمِّيٌّ فَإِلَى أيِّنا أُرْسِلَ؟ فَيَرْجِعُ الثَّانِيَةَ فَيَقُولُ: أَيْنَ النَّبِيُّ الْأُمِّيُّ الْعَرَبِيُّ؟ قَالَ: فَيَنْزِلُ مُحَمَّدٌ حَتَّى يَأْتِيَ بَابَ الْجَنَّةِ فيقرعُهُ فَيَقُولُ: مَنْ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ ـ أَوْ أَحْمَدُ ـ فَيُقَالُ: أَوَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ فيُفْتَحُ لَهُ فَيَدْخُلُ فيتجلَّى لَهُ الرَّبُّ ـ وَلَا يَتَجَلَّى لِنَبِيٍّ قبلَهُ ـ فَيَخِرُّ لِلَّهِ سَاجِدًا وَيَحْمَدُهُ بِمَحَامِدَ لَمْ يَحْمَدْهُ أَحَدٌ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَهُ وَلَنْ يَحْمَدَهُ أَحَدٌ بِهَا مِمَّنْ كَانَ بَعْدَهُ فَيُقَالُ: لَهُ: مُحَمَّدُ! ارْفَعْ رَأْسَكَ تكلَّم تُسْمَعْ واشْفَعْ تُشَفَّعْ وسَلْ تُعْطَهْ فَيَقُولُ: يَا ربِّ! أُمَّتِي أُمَّتِي فَيُقَالُ: أخْرِجْ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ شَعِيرَةٍ ثُمَّ يَرْجِعُ الثَّانِيَةَ فيخرُّ لِلَّهِ سَاجِدًا وَيَحْمَدُهُ بِمَحَامِدَ لَمْ يَحْمَدْهُ أَحَدٌ كَانَ قَبْلَهُ وَلَنْ يَحْمَدَهُ بِهَا أَحَدٌ مِمَّنْ كَانَ بَعْدَهُ فَيُقَالُ لَهُ: مُحَمَّدُ! ارْفَعْ رَأْسَكَ تَكَلَّمْ تُسْمَعْ وَاشْفَعْ تُشَفَّع وسَلْ تُعْطَه فَيُقَالُ لَهُ: أخْرِجْ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ بُرَّةٍ ثُمَّ يَرْجِعُ الثَّالِثَةَ فيخرُّ لِلَّهِ سَاجِدًا ويحمدُهُ بِمَحَامِدَ لَمْ يَحْمَدْهُ بِهَا أَحَدٌ كَانَ قَبْلَهُ وَلَنْ يَحْمَدَهُ أَحَدٌ مِمَّنْ كان بعده فيُقال لَهُ: أخْرِجْ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ خَرْدَلَةٍ ثُمَّ يَرْجِعُ فَيَخِرُّ سَاجِدًا وَيَحْمَدُهُ بِمَحَامِدَ لَمْ [ص:215] يَحْمَدْهُ بِهَا أَحَدٌ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَهُ وَلَنْ يَحْمَدَهُ بِهَا أَحَدٌ مِمَّنْ كَانَ بَعْدَهُ فَيُقَالُ لَهُ: مُحَمَّدُ! ارْفَعْ رَأْسَكَ تكلَّم تُسْمَعْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ وسَلْ تُعْطَهْ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَيُقَالُ لَهُ: مُحَمَّدُ! لَسْتَ هُنَاكَ تِلْكَ لِي وأنا اليوم أَجْزِي بها(حسن التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان)

    وكان يحرص أشد الحرص على عدم إيقاعهم في الحرج في عدم قيامهم بحقه
    فإن تلكئوا في تنفيذ أمره رحمهم فهاهو يوم الحديبية عندما أمرهم بحل إحرامهم وذبح هديهم تلكئوا رغبة في إيفاء وعده بدخول المسجد الحرام كما أخبرهم برؤياه ورأيا الأنبياء حق فدخل صلى الله عليه وسلم مغضباً على أم المؤمنين أم سلمة فأخبرها بحالهم فأشارت عليه بأمر لو فعله ما كان منهم متخلف عنه فكان ما أشارت به رضي الله عنها(رواه البخاري)

    ومن رحمته أنه دعا ربه أن يجعل شتمه للمسلمين زكاة ورحمة لهم
    فإن غضب النبي فبدر منه سب وشتم لأحد من المسلمين فهو أمر خطير وويل ماحق يقع على ذلك المسلم ، أن يناله شتم النبي صلى الله عليه وسلم ، لذلك دعا النبي صلى الله عليه وسلم ربه أن يجعل شتمه للمسلمين زكاة ورحمة لهم .
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللهم إني اتخذت عندك عهدا لن تخلفنيه فإنما أنا بشر فأي المؤمنين آذيته شتمته لعنته جلدته فاجعلها له صلاة وزكاة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة " ( متفق عليه )

    قال النووي هذه الأحاديث مبنية على ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من الشفقة على أمته والاعتناء بمصالحهم والاحتياط لهم والرغبة في كل ما ينفعهم وإنما يكون دعاؤه عليهم رحمة وكفّارة وزكاة ونحو ذلك إذا لم يكن أهلاً للدعاء عليه والسب واللعن ونحوه ، وكان مسلماً وإلا فقد دعا صلى الله عليه وسلم على الكفار والمنافقين ، ولم يكن ذلك لهم رحمة
    (شرح مسلم 16 / 151 ، 152)

    وهذه الرحمة بأصحابه نالتهم حتى بعد وفاتهم ، فإن مات منهم أحد حزن من أجله وبكى عليه وحرص على الصلاة عليـه ، بل كان يتفقد قبور أصحابـه فمـا رأى منهـا جديداً سأل عنـه لمن هـو ويصلي عليه

    من رحمته بأمته بكائه عليهم عن موتهم
    فعن عائشة أيضا: " أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على عثمان بن مظعون وهو ميت، فكشف في وجهه، ثم أكب عليه فقبله، وبكى حتى رأيت الدموع تسيل على وجنتيه (رواه الترمذي )

    وعن أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: أَرْسَلَتِ ابْنَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ إِنَّ ابْنًا لِي قُبِضَ، فَأْتِنَا، فَأَرْسَلَ يُقْرِئُ السَّلاَمَ، وَيَقُولُ: «إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ، وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلٌّ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى، فَلْتَصْبِرْ، وَلْتَحْتَسِبْ»، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ تُقْسِمُ عَلَيْهِ لَيَأْتِيَنَّهَا، فَقَامَ وَمَعَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَمَعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَرِجَالٌ، فَرُفِعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّبِيُّ وَنَفْسُهُ تَتَقَعْقَعُ - قَالَ: حَسِبْتُهُ أَنَّهُ قَالَ كَأَنَّهَا شَنٌّ - فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا هَذَا؟ فَقَالَ: «هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ»(رواه البخاري)

    وعن أنس قال : دخلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سيف القين وكان ظئرا لإبراهيم فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم إبراهيم فقبله وشمه ثم دخلنا عليه بعد ذلك وإبراهيم يجود بنفسه فجعلت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان . فقال له عبد الرحمن بن عوف : وأنت يا رسول الله ؟ فقال : " يا ابن عوف إنها رحمة ثم أتبعها بأخرى فقال : إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون "( متفق عليه )

    وكان يوصيهم إذا توفى أحدهم أن يؤذنوه ليصلي عليه
    فعن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أنه قال : اشتكت امرأة بالعوالي مسكينة فكان النبي صلى الله عليه وسلم يسألهم عنها ، وقال إذا ماتت فلا تدفنوها حتى أصلي عليها ، فتوفيت فجاءوا بها إلى المدينة بعد العتمة ، فوجدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نام فكرهوا أن يوقظوه فصلوا عليها ، ودفنوها ببقيع الغرقد ، فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءوا فسألهم عنها ، فقالوا قد دفنت يا رسول الله وقد جئنا فوجدناك نائماً فكرهنا أن نوقظك ، قال : فانطلقوا فانطلق يمشي ومشوا معه حتى أروه قبرها ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وصفوا وراءه فصلى عليها وكبر أربعاً(رواه البخاري)

    وعن أبي هريرة أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد أو شاب ففقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عنها أو عنه فقالوا : مات . قال : " أفلا كنتم آذنتموني ؟ " قال : فكأنهم صغروا أمرها أو أمره . فقال : " دلوني على قبره " فدلوه فصلى عليها . قال : " إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها وإن الله ينورها لهم بصلاتي عليهم " . ولفظه لمسلم ( متفق عليه )

    وفي رواية أنه رأى قبراً جديداً فسألهم فقالوا هذه فلانة مولاة بني فلان فعرفها رسول الله .. ماتت ظُهراً وأنت نائم قائل فلم نحب أن نوقظك ثم قال لا يموت فيكم ميت مادمت بين أظهركم إلا آذنتموني به فإن صلاتي له رحمة(رواه مسلم)

    وعند مسلم إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها ، وإن الله عز وجل ينورها لهم بصلاتي عليهم


    ومن صور رحمته صلى الله عليه وسلم رحمته بالأطفال
    فعن أبى هريرة رضى الله عنه قال : قبّل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن على ، وعنده الأقرع بن حابس التيمى ، فقال الأقرع : إن لى عشرة من الولد ما قبلت منهم أحداً ، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال من لا يَرحم لا يُرحم ( (متفق عليه)

    وربما أراد أن يطيل فى الصلاة فيسمع بكاء الطفل فيخفف ، ولما بكت أمامة بنت زينب ابنته حملها وهو يصلى بالناس فإذا سجد وضعها وإذا قام رفعها

    فعَنْ أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلِأَبِي العَاصِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا، وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا(رواه البخاري)

    وسجد مرة أخرى فصعد الحسن على ظهره فأطال السجود ، فلما سلم اعتذر للناس وقال إن ابنى هذا ارتحلنى فكرهت أن أرفع رأسى حتى ينزل
    فعن عبد الله بن شداد عن أبيه قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى صلاتي العشاء وهو حامل حسنا أو حسينا فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعه ثم كبر للصلاة فصلى فسجد بين ظهراني صلاته سجدة أطالها قال أبي فرفعت رأسي وإذا الصبي على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساجد فرجعت إلى سجودي فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قال الناس يا رسول الله إنك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر أو أنه يوحى إليك قال كل ذلك لم يكن ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته .( صحيح وضعيف سنن النسائي)

    ومن صور رحمته صلى الله عليه وسلم رحمته بالنساء
    لما كانت طبيعة النساء الضعف وقلة التحمل ، كانت العناية بهنّ أعظم ، والرفق بهنّ أكثر ، وقد تجلّى ذلك في خلقه وسيرته على أكمل وجه ، فحثّ صلى الله عليه وسلم على رعاية البنات والإحسان إليهنّ ، وكان يقول من ولي من البنات شيئاً فأحسن إليهن كن له سترا من النار ،فعن عائشة رضي الله عنها قالت دخلت علي امرأة ومعها ابنتان لها تسأل فلم تجد عندي شيئا غير تمرة واحدة فأعطيتها إياها فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها شيئا ثم قامت فخرجت فدخل النبي صلى الله عليه وسلم علينا فأخبرته فقال من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له سترا من النار
    رواه البخاري ومسلم والترمذي وفي لفظ له من ابتلي بشيء من البنات فصبر عليهن كن له حجابا من النار

    وقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تكرهوا البنات ، فإنهن المؤنسات الغاليات (الصحيحة " 3206 " ).
    وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو وضم أصابعه
    رواه مسلم واللفظ له
    والترمذي ولفظه
    من عال جاريتين دخلت أنا وهو الجنة كهاتين وأشار بأصبعيه السبابة والتي تليها
    ( صحيح )
    وابن حبان في صحيحه ولفظه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من عال ابنتين أو ثلاثا أو أختين أو ثلاثا حتى يبن أو يموت عنهن كنت أنا وهو في الجنة كهاتين وأشار بأصبعيه السبابة والتي تليها ( صحيح )

    وعن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من كان له ثلاث بنات، وصبر عليهن، وكساهن من جدته(من غناه)؛ كن له حجابا من النار".
    (صحيح الأدب المفرد)
    وعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم تدركه ابنتان، فيحسن صحبتهما، إلا أدخلتاه الجنة". (حسن لغيره الأدب المفرد)

    وعن جابر بن عبد الله حدثهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان له ثلاث بنات، يؤويهن، ويكفيهن، ويرحمهن، فقد وجبت له الجنة البتة". فقال رجل من بعض القوم: وثنتين يا رسول الله؟ قال: "وثنتين".

    وعن أبى سعيد الخدري؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يكون لأحد ثلاث بنات، أو ثلاث أخوات فيحسن إليهن، إلا دخل الجنة"(حسن الأدب المفرد)
    بل إنه شدّد في الوصية بحق الزوجة والاهتمام بشؤونها فقال ألا واستوصوا بالنساء خيرا ؛
    فعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " استوصوا بالنساء خيرا فإنهن خلقن من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء " ( متفق عليه )

    وعن عمرو بن الأحوص الحشمي رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يقول بعد أن حمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ
    ثم قال ألا واستوصوا بالنساء خيرا فإنما هن عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربا غير مبرح فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ألا إن لكم على نسائكم حقا ولنسائكم عليكم حقا فحقكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم من تكرهون ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن
    رواه ابن ماجه والترمذي ( حسن لغيره صحيح الترغيب والترهيب)

    عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فلا يؤذ جاره و استوصوا بالنساء خيرا .( صحيح الجامع)

    وضرب صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في التلطّف مع أهل بيته ، حتى إنه كان يجلس عند بعيره فيضع ركبته وتضع صفية رضي الله عنها رجلها على ركبته حتى تركب البعير ،
    (رواه البخاري)
    وكان عندما تأتيه ابنته فاطمة رضي الله عنها يأخذ بيدها ويقبلها ، ويجلسها في مكانه الذي يجلس فيه .
    وكان يسابق زوجته فعن عائشة رضي الله عنها أنها كانت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر قالت : فسابقته فسبقته على رجلي فلما حملت اللحم سابقته فسبقني قال : " هذه بتلك السبقة " . رواه أبو داود(صحيح)

    ولما سألت عائشة رضي الله عنه عنه صلى الله عليه وسلم
    قالت رضي الله عنها كان بشراً من البشر؛ يفلي ثوبه، ويحلب شاته".( صحيح الأدب المفرد)
    وعن الأسود قال: سألت عائشة رضي الله عنها : ما كان يصنع النبي صلى الله عليه وسلم في أهله؟ فقالت: "كان يكون في مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة خرج".
    ".( صحيح الأدب المفرد)

    والشواهد على رحمته، سيرته مع أزواجه: ففي حجة الوداع أصاب عائشة رضي الله عنه عنها الحيض مما منعها أن تعتمر كما اعتمر الناس، فتقول للنبي : يذهب الناس بحج وعمرة وأذهب بعمرة؟ فيقول الراوي : وكان هيناً ليناً إذا هوت أمراً تابعها عليه. ومن تأمل سيرته وهديه في تعامله مع زوجاته يلمس ذلك واضحاً من رحمته وشفقته بهن.

    ومن تلطف بزوجاته
    فعن أنس قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم عند بعض نسائه فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصحفة فيها طعام فضربت التي النبي صلى الله عليه وسلم في بيتها يد الخادم فسقطت الصحفة فانفلقت فجمع النبي صلى الله عليه وسلم فلق الصحفة ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة ويقول : " غارت أمكم " ثم حبس الخادم حتى أتي بصحفة من عند التي هو في بيتها فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كسرت صحفتها وأمسك المكسورة في بيت التي كسرت .
    ( رواه البخاري)

    ومن تلطفه بزوجاته
    فعن عائشة رضي الله عنها قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني لأعلم إذا كنت عني راضية وإذا كنت عني غضبى " فقلت : من أين تعرف ذلك ؟ فقال : " إذا كنت عني راضية فإنك تقولين : لا ورب محمد وإذا كنت علي غضبى قلت : لا ورب إبراهيم " . قالت : قلت : أجل والله يا رسول الله ما أهجر إلا اسمك ( متفق عليه )



    ومن تلطف بعائشة رضي الله عنها
    فعن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا عائش هذا جبريل يقرئك السلام " . قالت : وعليه السلام ورحمة الله . قالت : وهو يرى ما لا أرى (متفق عليه )
    فما أحسن هذه المعاشرة، وما ألطف رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وما أحسن خلق عائشة -رضي الله عنها- مع زوجها الرسول الكريم.


    وقال صلى الله عليه وسلم يا أنجشة رويدك سوقا بالقوارير
    وفي رواية ويحك يا أنجشة ، رويدا سوقك بالقوارير
    وفي رواية يا أنجشة ، لا تكسر القوارير يعني ضعفة النساء(رواه مسلم)
    ويوضح رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في جملة بلاغية رائعة أن النساء يُماثِلن الرجال في القدر والمكانة, ولا ينتقص منهن أبدًا كونُهنَّ نساء, فيقول: "إِنَّ النِّسَاءَ شَقَائِقُ الرِّجَالِ". (صحيح الجامع(

    ويقول ابن الأثير رحمه الله: شقائق الرجال بمعنى نظرائهم وأمثالهم
    بل إن رسول الله يأمر المسلمين بعدم كراهية النساء حتى لو كانت هناك بعض الأخلاق المكروهة فيهن فيقول: "لا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ(رواه مسلم)

    وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي(صحيح رواه الترمذي)
    وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال خيركم خيركم لاهله وأنا خيركم لاهلي
    رواه ابن ماجه والحاكم إلا أنه قال خيركم خيركم للنساء
    وقال صحيح الإسناد ( صحيح لغيره صحيح الترغيب والترهيب )
    موضحا صلى الله عليه وسلم خير هذه الأمة رجلا الذي يكون خيرا في أهله

  • #2
    رد: صور من رحمة الرسول صلى الله عليه وسلم

    تعليق


    • #3
      رد: صور من رحمة الرسول صلى الله عليه وسلم

      ومن رحمة النبي بالنساء حثه على بر الأم

      حث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم على بر الأم، وتقديم حقها على حق الأب
      فعن أبي هريرة قال : قال رجل : يا رسول الله من أحق بحسن صحابتي ؟ قال : " أمك " . قال : ثم من ؟ قال : " أمك " . قال : ثم من ؟ قال " أمك " . قال : ثم من ؟ قال : " أبوك " . وفي رواية قال : " أمك ثم أمك ثم أمك ثم أباك ثم أدناك أدناك " . (متفق عليه )

      عَنْه أيضا قَالَ: أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: مَا تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: " بِرَّ أُمَّكَ "، ثُمَّ عَادَ، فَقَالَ: " بِرَّ أُمَّكَ "، ثُمَّ عَادَ فَقَالَ " بِرَّ أُمَّكَ " ثُمَّ عَادَ الرَّابِعَةَ، فَقَالَ: " بِرَّ أَبَاكَ صحيح) " (مسند أحمد)
      وعن عبد الله بن عمرو قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذنه في الجهاد فقال : " أحي والدك ؟ " قال : نعم قال : " ففيهما فجاهد " . متفق عليه . وفي رواية : " فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما "
      (متفق عليه)

      ومن رحمة النبي بالنساء رحمته بالأرامل
      فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله وأحسبه قال وكالقائم لا يفتر وكالصائم لا يفطر( رواه البخاري ومسلم)

      ومن رحمة النبي بالنساء رحمته بالإماء
      فعن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: إِنْ كَانَتِ الأَمَةُ مِنْ إِمَاءِ أَهْلِ المَدِينَةِ، لَتَأْخُذُ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَنْطَلِقُ بِهِ حَيْثُ شَاءَتْ(رواه البخاري)

      علَّق ابن حجر رحمه الله على ذلك فقال: "والتعبير بأخذ اليد إشارة إلى غاية التصرف, حتى لو كانت حاجتها خارج المدينة, والتمست منه مساعدتها على ذلك, وهذا دالٌّ على مزيد تواضعه وبراءته من جميع أنواع الكِبْرِ(فتح الباري10/490)

      ومن رحمة النبي بالنساء بيانه فضل الصدقة على الأهل
      فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دينار أنفقته في سبيل الله ودينار أنفقته في رقبة ودينار تصدقت به على مسكين ودينار أنفقته على أهلك أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك ( رواه مسلم)

      وعن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
      اليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول وخير الصدقة ما كان عن ظهر غنى ومن يستعف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله
      رواه البخاري واللفظ له ومسلم

      وعن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا ابن آدم إن تبذل الفضل خير لك وإن تمسكه شر لك ولا تلام على كفاف وابدأ بمن تعول " .
      رواه مسلم

      وعن حكيم بن معاوية القشيري عن أبيه قال : قلت : يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه ؟ قال : " أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت " . رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه
      (( حسن مشكاة المصابيح))
      ومن صور رحمته صلى الله عليه وسلم رحمته بالذين لا يعلمون الأحكام الشرعية

      فعن أبي هريرة:ان أعرابيّاً دخل المسجد ورسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جالس، فصلى (زاد في رواية: ركعتين) ، ثم قال: اللهمِ ارْحَمْنِي ومحمد اً، ولا تَرْحَمْ معنا أحد اً!فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تَحَجَّرْت واسعاً ". ثم لم يَلْبَثْ أن بال في ناحية المسجد ؛ فأسرعَ الناسُ إليه، فنهاهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال:
      " إنما بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ، ولم تُبْعَثُوا مُعَسِّرينَ! صُبوا عليه سَجْلا من ماء
      • أو قال: ذَنوباً من ماء-"( صحيح أبي داود)


      وعن معاوية ابن الحكم قال : بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم فقلت : يرحمك الله . فرماني القوم بأبصارهم . فقلت : وا ثكل أمياه ما شأنكم تنظرون إلي فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني قال : " إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن " أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . قلت : يا رسول الله إني حديث عهد بجاهلية وقد جاء الله بالإسلام وإن منا رجالا يأتون الكهان . قال : " فلا تأتهم " . قلت : ومنا رجال يتطيرون . قال : " ذاك شيء يجدونه في صدورهم فلا يصدنهم " . قال قلت ومنا رجال يخطون . قال : " كان نبي من الأنبياء يخط فمن وافق خطه فذاك " . (رواه مسلم)

      وعن أبي أمامة قال :" إن فتى شابا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ائذن لي بالزنا ، فأقبل القوم عليه فزجروه و قالوا : مه مه ! فقال : ادنه ، فدنا منه قريبا قال : فجلس ، قال : أتحبه لأمك ؟ قال : لا والله جعلني الله فداءك ، قال : و لا الناس يحبونه لأمهاتهم ، قال : أفتحبه لابنتك ؟ قال : لا والله يا رسول
      الله جعلني الله فداءك ، قال : و لا الناس يحبونه لبناتهم ، قال : أفتحبه لأختك
      ؟ قال : لا والله جعلني الله فداءك ، قال : و لا الناس يحبونه لأخواتهم قال :
      أفتحبه لعمتك . قال : لا والله جعلني الله فداءك ، قال : و لا الناس يحبونه
      لعماتهم ، قال : أفتحبه لخالتك ؟ قال : لا والله جعلني الله فداءك ، قال : و
      لا الناس يحبونه لخالاتهم ، قال : فوضع يده عليه و قال : اللهم اغفر ذنبه و طهر
      قلبه و حصن فرجه . فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء " .
      و هذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح (السلسلة الصحيحة).


      وعن أنس قال: كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية فأدركه أعرابي فجبذه جبذة شديدة ورجع نبي الله صلى الله عليه وسلم في نحر الأعرابي حتى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أثرت به حاشية البرد من شدة جبذته ثم قال : يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ضحك ثم أمر له بعطاء . (متفق عليه)

      فكان صلى الله عليه وسلم رفيقا بالجاهل وتعليمه ما يلزمه من غير تعنيف ولا إيذاء

      ومن صور رحمته صلى الله عليه وسلم رحمتهبمن خدمه
      فعن أنس قال : خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي : أف ولا : لم صنعت ؟ ولا : ألا صنعت( متفق عليه )


      وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ خَدَمْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَشْرَ سِنِينَ فَمَا أَمَرَنِي بِأَمْرٍ ثُمَّ أَتَيْتُ غَيْرَهُ أَوْ ضَيَّعْتُهُ فَلامَنِي فَإِنْ لامَنِي بَعْضُ أَهْلِهِ إِلاَّ قَالَ دَعُوهُ فَإِنَّهُ لَوْ قَدَرٌ كَانَ أَوْ قُضِيَ أَنْ يَكُونَ كَانَ (السنة ابن أبي عاصم)
      وعن أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال كنت أضرب غلاما لي بالسوط فسمعت صوتا من خلفي اعلم أبا مسعود فلم أفهم الصوت من الغضب فلما دنا مني إذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يقول اعلم أبا مسعود أن الله عز وجل أقدر عليك منك على هذا الغلام فقلت لا أضرب مملوكا بعده أبدا
      وفي رواية فقلت يا رسول الله هو حر لوجه الله تعالى فقال أما لو لم تفعل للفحتك النار أو لمستك النار ( رواه مسلم)

      ومن رحمته أنه كان ينهى عن التفرقة بين الوالدة وولدها والأخ وأخيه من الإماء والعبيد رحمة بهم
      ومن صور رحمته صلى الله عليه وسلم رحمتهبالعصاة من أمته
      فعن عَبْدُ اللهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ الْأَسْلَمِيَّ، أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي قَدْ ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَزَنَيْتُ، وَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ تُطَهِّرَنِي، فَرَدَّهُ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَاهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي قَدْ زَنَيْتُ، فَرَدَّهُ الثَّانِيَةَ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قَوْمِهِ، فَقَالَ: «أَتَعْلَمُونَ بِعَقْلِهِ بَأْسًا، تُنْكِرُونَ مِنْهُ شَيْئًا؟» فَقَالُوا: مَا نَعْلَمُهُ إِلَّا وَفِيَّ الْعَقْلِ مِنْ صَالِحِينَا فِيمَا نُرَى، فَأَتَاهُ الثَّالِثَةَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ أَيْضًا فَسَأَلَ عَنْهُ، فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ، وَلَا بِعَقْلِهِ، فَلَمَّا كَانَ الرَّابِعَةَ حَفَرَ لَهُ حُفْرَةً، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ، قَالَ، فَجَاءَتِ الْغَامِدِيَّةُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي قَدْ زَنَيْتُ فَطَهِّرْنِي، وَإِنَّهُ رَدَّهَا، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، لِمَ تَرُدُّنِي؟ لَعَلَّكَ أَنْ تَرُدَّنِي كَمَا رَدَدْتَ مَاعِزًا، فَوَاللهِ إِنِّي لَحُبْلَى، قَالَ: «إِمَّا لَا فَاذْهَبِي حَتَّى تَلِدِي»، فَلَمَّا وَلَدَتْ أَتَتْهُ بِالصَّبِيِّ فِي خِرْقَةٍ، قَالَتْ: هَذَا قَدْ وَلَدْتُهُ، قَالَ: «اذْهَبِي فَأَرْضِعِيهِ حَتَّى تَفْطِمِيهِ»، فَلَمَّا فَطَمَتْهُ أَتَتْهُ بِالصَّبِيِّ فِي يَدِهِ كِسْرَةُ خُبْزٍ، فَقَالَتْ: هَذَا يَا نَبِيَّ اللهِ قَدْ فَطَمْتُهُ، وَقَدْ أَكَلَ الطَّعَامَ، فَدَفَعَ الصَّبِيَّ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَحُفِرَ لَهَا إِلَى صَدْرِهَا، وَأَمَرَ النَّاسَ فَرَجَمُوهَا، فَيُقْبِلُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بِحَجَرٍ، فَرَمَى رَأْسَهَا فَتَنَضَّحَ الدَّمُ عَلَى وَجْهِ خَالِدٍ فَسَبَّهَا، فَسَمِعَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَّهُ إِيَّاهَا، فَقَالَ: «مَهْلًا يَا خَالِدُ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ لَغُفِرَ لَهُ»، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا، وَدُفِنَتْ
      (رواه مسلم)

      وعن بشير بن المهاجر حدثنا عبد الله بن بريدة عن أبيه: " أن امرأة من غامد سألت النبى صلى الله عليه وسلم فقالت: إنى قد فجرت , فقال : ارجعى , فلما رجعت , فلما كان من الغد أتته , فقالت: لعلك أن تردنى كما رددت ماعز بن مالك ؟ فوالله إنى لحبلى , فقال لها ارجعى فرجعت , فلما كان الغد أتته , فقال لها: ارجعى حتى تلدى: فرجعت , فلما ولدت أتته بالصبى , فقالت: هذا قد ولدته , فقال لها: ارجعى فأرضعيه حتى تفطميه , فجاءت به قد فطمته , وفى يده شىء يأكله , فأمر بالصبى فدفع إلى رجل من المسلمين , وأمر بها فحفر لها , وأمر بها فرجمت. وكان خالد فيمن يرجمها فرجمها بحجر , فوقعت قطرة من دمها على وجنته , فسبها , فقال له النبى صلى الله عليه وسلم: مهلا يا خالد , فوالذى نفسى بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له , وأمر بها فصلى عليها , ودفنت " ـ والسياق لأبى داود ـ.
      وفى رواية لمسلم والبيهقى من طريق علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه نحوه وقال: " فقال لها: حتى تضعى ما فى بطنك قال: فكفلها رجل من الأنصار حتى وضعت , قال: فأتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: قد وضعت الغامدية , فقال: إذا لا نرجمها وندع ولدها صغيرا , ليس له من يرضعه , فقام رجل من الأنصار , فقال إلى رضاعه يا نبى الله , قال: فرجمها ".
      (رواه أحمد (5/347 , 34 ومسلم (5/120) وأبو داود (4442) والسياق له وكذا ابن أبى شيبة (11/84/1) والبيهقى (8/229))

      وعن يزيد بن نعيم ( عن أبيه )
      أن ماعزا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأقر عنده أربع مرات
      فأمر برجمه
      وقال لهزال ( لو سترته بثوبك كان خيرا لك )
      رواه أبو داود والنسائي ( صحيح لغيره صحيح الترغيب والترهيب)

      وعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ نُعَيْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: جَاءَ مَاعِزٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي زَنَيْتُ فَأَقِمْ فِيَّ كِتَابَ اللَّهِ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ حَتَّى ذَكَرَ أَرْبَعَ مِرَارٍ فَقَالَ: «اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ» فَلَمَّا مَسَّتْهُ الْحِجَارَةُ جَذِعَ فَاشْتَدَّ، قَالَ: فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَنَسٍ - أَوِ ابْنِ أُنَيْسٍ - مِنْ بَادِيَتِهِ فَرَمَاهُ بِوَظِيفِ حِمَارٍ فَصَرَعَهُ، وَرَمَاهُ النَّاسُ قَتَلُوهُ، فَذُكِرَ لِلنَّبِيِّ فِرَارُهُ فَقَالَ: " هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ لَعَلَّهُ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِ؟ يَا هَزَّالُ - أَوْ يَا هَزَّانُ -: لَوْ سَتَرْتَهُ بِثَوْبِكَ كَانَ خَيْرًا لَكَ مِمَّا صَنَعْتَ بِهِ "(مسند ابن أبي شيبة )

      تعليق


      • #4
        رد: صور من رحمة الرسول صلى الله عليه وسلم

        ومن صور رحمته صلى الله عليه وسلم رحمته بالكفار
        وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33الأنفال)
        قال ابن عباس: كان فيهم أمانان: النبي صلى الله عليه وسلم، والاستغفار، فذهب النبي صلى الله عليه وسلم وبقي الاستغفار تفسير القرآن العظيم بن كثير
        (ورواه الطبري في تفسير (13/511))
        وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: { وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ } يقول: ما كان الله ليعذب قوما وأنبياؤهم بين أظهرهم حتى يخرجهم، ثم قال: { وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } يقول: وفيهم من قد سبق له من الله الدخولُ في الإيمان، وهو الاستغفار -يستغفرون، يعني: يصلون -يعني بهذا أهل مكة.
        وروي عن مُجاهد، وعِكْرِمَة، وعطية العَوْفي، وسعيد بن جُبَيْر، والسُّدِّيّ نحو ذلك.
        ( تفسير القرآن العظيم)

        وعن عائشة أنها قالت : هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد ؟ فقال : " لقد لقيت من قومك فكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد يا ليل بن كلال فلم يجبني إلى ما أردت فانطلقت - وأنا مهموم - على وجهي فلم أفق إلا في قرن الثعالب فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال : إن الله قد سمع قول قومك وما ردوا عليك وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم " . قال : " فناداني ملك الجبال فسلم علي ثم قال : يا محمد إن الله قد سمع قول قومك وأنا ملك الجبال وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك إن شئت أطبق عليهم الأخشبين " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئا " . (متفق عليه)

        وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال قالت قريش للنبي صلى الله عليه وسلم ادع لنا ربك يجعل لنا الصفا ذهبا فإن أصبح ذهبا اتبعناك فدعا ربه فأتاه جبريل عليه السلام فقال إن ربك يقرئك السلام ويقول لك إن شئت أصبح لهم الصفا ذهبا فمن كفر منهم عذبته عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين وإن شئت فتحت لهم باب التوبة والرحمة قال بل باب التوبة والرحمة ( صحيح صحيح الترغيب والترهيب)

        ومن رحمته أنه أحب لعمه الإسلام فلَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ المُغِيرَةِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي طَالِبٍ: " يَا عَمِّ، قُلْ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، كَلِمَةً أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ " فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ: يَا أَبَا طَالِبٍ أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ؟ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ، وَيَعُودَانِ بِتِلْكَ المَقَالَةِ حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ: هُوَ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، وَأَبَى أَنْ يَقُولَ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا وَاللَّهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ» فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ} [التوبة: 113] الآيَةَ(رواه البخاري)

        ومن رحمته بالغلام اليهودي أنه أدركه قبل أن يموت على الكفر
        فعن أنس قال : كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده فقعد عند رأسه فقال له : " أسلم " . فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال : أطع أبا القاسم . فأسلم . فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول : " الحمد لله الذي أنقذه من النار " . (رواه البخاري)
        ومن صور رحمته صلى الله عليه وسلم رحمته في الحرب
        لم تعرف الدنيا مثل محمد صلى الله عليه وسلم ، ولا غازيا أو فاتحا أرحم منه بمحاربيه و من يقع في يديه من الأسرى
        لم يكن رسول الله ينظر إلى مخالفيه جميعا نظرة عدائية لا تفرق بين معاهد ومحارب وأهل ذمة، ولم يكن ينقض العهود أو يغدر بأعدائه، بل كان يعامل كل فريق من هؤلاء بمقتضى ما يربط بينهما من علاقات السلم والحرب، ولقد لخص العلامة ابن القيم مجمل هديه في ذلك في كتابه زاد المعاد فقال: »ثم كان الكفار معه بعد الأمر بالجهاد ثلاثة أقسام: أهل صلح وهدنة، وأهل حرب وأهل ذمة، فأمر أن يتم لأهل العهد عهدهم، وأن يوفي لهم ما استقاموا على العهد، فإن خاف منهم خيانة نبذ إلى عهدهم، ولم يقاتلهم حتى يعلمهم بنقض العهد، وأمر أن يقاتل كل من نقض عهده، ولما نزلت سورة براءة ببيان حكم هذه الأقسام كلها فأمره فيها أن يقاتل عدوه من أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية أو يدخلوا في الإسلام، وأمره بجهاد الكفار فجاهد الكفار بالسيف والسنان والمنافقين بالحجة واللسان.

        هذه هي الأحكام التي كانت تنظم علاقته بمخالفيه من مسالمين ومحاربين، المسالمة على شروط معينة، وإعلان للحرب وقبلها مقدمات موضوعية ترجح جانب السلم من دعوة إلى الدخول في الإسلام طواعية، أو دفع الجزية للدولة الإسلامية، فإن أبوا إلا القتال والاستمرار في العناد ومحاربة الدعوة كان لهم ما يريدون
        ثم إن رسول الله شرع لأمته آداب سامية وضوابط حاكمة على سلوك المقاتل المسلم، توجب عليه مخالفتها عقوبات زاجرة قي الدنيا والآخرة.
        فلا يستخدم في الجهاد في سبيل الله إلا الوسائل المشروعة والأساليب النزيهة

        وعن سليمان بن بريدة عن أبيه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا ثم قال : " اغزوا بسم الله قاتلوا من كفر بالله اغزوا فلا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال أو خلال فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ثم ادعهم إلى الإسلام فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين فإن أبوا أن يتحولوا منها فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين فإن هم أبوا فعلهم الجزية فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه فلا تجعل لهم ذمة الله ولا ذمة نبيه ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك فإنكم أن تخفروا ذممكم وذمم أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله وإن حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله ولكن أنزلهم على حكمك فإنك لا تدري : أتصيب حكم الله فيهم أم لا ؟ " . (رواه مسلم)

        وإذا وضعت الحرب بين الجيشين أوزارها، وصار الفريقين بين غالب ومغلوب، وإذا كانت الغلبة للإسلام ووقع المقاتلون من الأعداء وما بأيديهم في سيطرة المسلمين، طبق الرسول صلى الله عليه وسلم أحكام الإسلام العادلة في أسرى الحروب،
        وكثيراً ما أطلق - صلى الله عليه وسلم - سراح الأسرى في سماحة بالغة، برغم أن عددهم بلغ في بعض الأحيان ستة آلاف أسير

        قال ابن قيم الجوزية فَصْلٌ فِي حُكْمِهِ فِي الْأَسْرَى
        ثَبَتَ عَنْهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي الْأَسْرَى أَنّهُ قَتَلَ بَعْضَهُمْ وَمَنْ عَلَى بَعْضِهِمْ وَفَادَى بِمَالٍ وَبَعْضَهُمْ بِأَسْرَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَاسْتَرَقّ بَعْضَهُمْ وَلَكِنّ الْمَعْرُوفَ أَنّهُ لَمْ يَسْتَرِقْ رَجُلًا بَالِغًا . فَقَتَلَ يَوْمَ بَدْرٍ مِنْ الْأَسْرَى عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ وَالنّضْرَ بْنَ الْحَارِثِ . وَقَتَلَ مِنْ يَهُودَ جَمَاعَةً كَثِيرِينَ مِنْ الْأَسْرَى وَفَادَى أَسْرَى بَدْرٍ بِالْمَالِ بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ إلَى أَرْبَعِمِائَةٍ وَفَادَى بَعْضَهُمْ عَلَى تَعْلِيمِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ الْكِتَابَةَ وَمَنّ عَلَى أَبِي عَزّةَ الشّاعِرِ يَوْمَ بَدْرٍ وَقَالَ فِي أَسَارَى بِدْرٍ : لَوْ كَانَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيّ حَيّا ثُمّ كَلّمَنِي فِي هَؤُلَاءِ النّتْنَى لَأَطْلَقْتُهُمْ لَهُ وَفَدَى رَجُلَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِرَجُلٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَفَدَى رِجَالًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِامْرَأَةٍ مِنْ السّبْيِ اسْتَوْهَبَهَا مِنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ وَمَنّ عَلَى ثُمَامَةَ بْنِ أُثَالٍ وَأَطْلَقَ يَوْمَ فَتْحِ مَكّةَ جَمَاعَةً مِنْ قُرَيْشٍ فَكَانَ يُقَالُ لَهُمْ الطّلَقَاءُ . وَهَذِهِ أَحْكَامٌ لَمْ يُنْسَخْ مِنْهَا شَيْءٌ بَلْ يُخَيّرُ الْإِمَامُ فِيهَا بِحَسْبِ الْمَصْلَحَةِ وَاسْتَرَقّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَغَيْرِهِمْ فَسَبَايَا أَوْطَاسٍ وَبَنِي الْمُصْطَلِقِ لَمْ يَكُونُوا كِتَابِيّينَ وَإِنّمَا كَانُوا عَبَدَةَ أَوْثَانٍ مِنْ الْعَرَبِ . وَاسْتَرَقّ الصّحَابَةُ مِنْ سَبْيِ بَنِي حَنِيفَةَ وَلَمْ يَكُونُوا كِتَابِيّينَ . قَالَ ابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا : خَيّرَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي الْأَسْرَى بَيْنَ الْفِدَاءِ وَالْمَنّ وَالْقَتْلِ وَالِاسْتِعْبَادِ يَفْعَلُ مَا شَاءَ وَهَذَا هُوَ الْحَقّ الّذِي لَا قَوْلَ سِوَاهُ . (زاد المعاد في هَدْي خير العباد)



        معركة بني المصطلق (شعبان 5هـ)
        لقد أطلق المسلمون مَن في أيديهم، من أسرى بني المصطلق – بعد معركة معهم - وذلك أن جُوَيْرِيَة بنت الحارث - سيد بني المصطلق - وقعت في سهم ثابت بن قيس؛ فكاتبها؛ فأدى عنها رسول الله – صلى الله عليه وسلم - وتزوجها؛ فأعتق المسلمون بسبب هذا الزواج مئة رجل من بني المصطلق، قد أسلموا، وقالوا‏:‏ "أصهار رسول الله، صلى الله عليه وسلم" ابن كثير؛ (البداية والنهاية، 4/159.)

        فقد كره المسلمون أن يأسروا أصهار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت عائشة رضي الله عنها: "فما أعلم امرأة أعظم بركة على قومها منها"( ابن كثير؛ البداية والنهاية، 4/159.)

        وحيال هذا العتق الجماعي، دخلت القبيلة كلها في دين الله.

        موقف رسول الله من أهل مكة يوم فتحها
        لما فتح النبي مكة وتم سيطرته عليها، وتمكن من صناديدها الذين فعلوا به وبأصحابه ما فعلوا، أمن الناس على أموالهم ودمائهم، إلا طائفة منهم لجرائم ارتكبوها ضد المسلمين، وهم عبد العزى بن خطل، وعبد الله بن سعد ابن أبي سرح، والحارث بن نفيل بن وهب، وعكرمة بن أبي جهل، ومقيس بن صبابة، وهبار بن الأسود، وقينتان كانتا لابن خطل كانتا تغنيان بهجو النبي ، وسارة مولاة لبعض بني عبد المطلب وهي التي وجد معها كتاب حاطب، فأما ابن أبي سرح فجاء به عثمان بن عفان إلى النبي وشفع فيه فحقن دمه، وكان قد أسلم قبل ذلك وهاجر، ثم ارتد ورجع إلى مكة، وأما عكرمة بن أبي جهل ففر إلى اليمن فاستأمنت له امرأته، فأمنه النبي فتبعته، فرجع معها وأسلم وحسن إسلامه، وأما ابن خطل فكان متعلقا بأستار الكعبة فجاء رجل إلى رسول الله فأخبره فقال: »اقتله«، فقتله، وأما مقيس بن صبابة فقتله نميلة بن عبد الله، وكان مقيس قد أسلم قبل ذلك، ثم عدا على رجل من الأنصار فقتله، ثم ارتد ولحق بالمشركين، وأما الحارث فكان شديد الأذى برسول الله بمكة فقتله علي ، وأما هبار بن الأسود فهو الذي كان عرض لزينب بنت رسول الله حين هاجرت، فنخس بها حتى سقطت على صخرة وأسقطت جنينها، ففر هبار يوم فتح مكة، ثم أسلم وحسن إسلامه، وأما القينتان فقتلت إحداهما، واستؤمن للأخرى فأسلمت كما استؤمنت لسارة وأسلمت
        وبعد ذلك جمع أهل مكة وخطب فيهم فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ألا كل مأثرة أو دم أو مال يدعى فهو تحت قدمي هاتين، إلا سدانة البيت وسقاية الحاج, ألا وقتيل الخطأ شبه العمد بالسوط أو العصا ففيه الدية مغلظة مائة من الإبل، أربعون منها في بطونها أولادها، يا معشر قريش إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء، الناس من آدم وآدم من تراب، ثم تلا يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ (الحجرات13)، ثم قال يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم اليوم؟ قالوا: خيرا، أخ كريم ابن أخ كريم، قال اذهبوا فأنتم الطلقاء.

        ثم بعد أن نصره الله كان خاضعا لله متواضعا
        فقد دخل مكة مطأطأ رأسه وخاضعا لله سبحانه، حين رأى ما أكرمه الله به من الفتح، وكان يضع رأسه تواضعا لله حتى أن شعر لحيته ليكاد يمس واسطة رحله


        ومن صور رحمته صلى الله عليه وسلم رحمته بالحيوانات
        حيث بيّن صلى الله عليه وسلم أن الإنسان على عظم قدره يدخل النار في إساءة يرتكبها مع دابة عجماء

        فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دخلت امرأة النار في هرة ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض
        وفي رواية عذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت لا هي أطعمتها وسقتها إذ هي حبستها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض
        (رواه البخاري )

        كما بين أن كبائر المعاصي تمحها رحمة بهذا الحيوان
        عفَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَيْنَمَا كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ، كَادَ يَقْتُلُهُ العَطَشُ، إِذْ رَأَتْهُ بَغِيٌّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَنَزَعَتْ مُوقَهَا فَسَقَتْهُ فَغُفِرَ لَهَا بِهِ(رواه البخاري)

        ومن رحمته أمره بتقوى الله في البهائم
        وعن سهل بن الحنظلية رضي الله عنه قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعير قد لصق ظهره ببطنه فقال اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة فاركبوها صالحة وكلوها صالحة ( صحيح صحيح الترغيب والترهيب)

        ومن رحمته بالبهائم أمره بالإحسان إليها حين ذبحها
        فعن شداد بن أوس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله تبارك وتعالى كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته " . رواه مسلم

        وعن معاوية بن قرة عن أبيه رضي الله عنه أن رجلا قال يا رسول الله إني لأرحم الشاة أن أذبحها فقال إن رحمتها رحمك الله
        رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد والأصبهاني ( صحيح صحيح الترغيب والترهيب)
        ولفظه قال يا رسول الله إني آخذ شاة وأريد أن أذبحها فأرحمها قال والشاة إن رحمتها رحمك الله ( صحيح لغيره صحيح الترغيب والترهيب )


        بل بلغ من رحمته أمره أن لا يحد شفرته أمام الشاة
        فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال
        مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل واضع رجله على صفحة شاة وهو يحد شفرته وهي تلحظ إليه ببصرها قال :
        أفلا قبل هذا ؟ أو تريد أن تميتها موتات ؟
        رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجاله رجال الصحيح
        ورواه الحاكم إلا أنه قال
        أ تريد أن تميتها موتات ؟ هلا أحددت شفرتك قبل أن تضجعها وقال : صحيح على شرط البخاري ( صحيح صحيح الترغيب والترهيب)

        وقد ضرب أروع وأرقي الأمثلة في رحمة الحيوانات
        فعن عبد الله بن جعفر قال:أرْدَفَني رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَهُ ذاتَ يومٍ؛ فأسَر إلي حديثاً لا أحدث به أحداً من الناس، وكان أحبُ ما استتر به رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحاجته هَدَفاً أو حائشَ نَخْل. قال: فدخل حائطاً لرجل من الأنصار؛ فإذا جَمَل، فلما رأى النبيّ؛ حَن وذرفت عيناه، فأتاه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فمسح ذِفْرَاهُ، فسكت، فقال:" مَنْ ربُ هذا الجمل؟! لمن هذا الجمل؟! ". فجاء فتىً من الأنصار فقال: لي يا رسول الله! فقال:" أفلا تتق الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها؟! فانه اشتكى إلي أنك تُجِيعُهْ وتُدْئبُهُ ".( صحيح أبي داود)

        وفي رواية أن الجمل شكا للنبي صلى الله عليه وسلم أنه يريد ذبحه فاشتراه منه النبي وجعله من إبل الصدقة(مسلم 2245)

        ومن رحمته أنه نهى صبر البهائم
        فعن أنس بن مالك قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صبر البهائم
        (صحيح أبي داود ( 2507 ).
        وهو أن تحبس حية لتقتل بالرمي وتتخذ غرضاً

        ومن صور رحمته صلى الله عليه وسلم رحمته بالطيروالتمل
        فعن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فانطلق لحاجته فرأينا حمرة معها فرخان فأخذنا فرخيها فجاءت الحمرة فجعلت تفرش فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال من فجع هذه بولدها ردوا ولدها إليها ورأى قرية نمل قد حرقناها فقال من حرق هذه قلنا نحن قال إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار. (صحيح سنن أبي داود)

        ومن صور رحمته صلى الله عليه وسلم رحمته بالجماد
        ولم تكتف رحمته أن شملت كل ما دب على وجه الأرض حتى تعداه للجمادات أيضاً ، كيف لا وهو الرحمة المهداة
        فعن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب إلى لزق جذع واتخذوا له منبرا فخطب عليه فحن الجذع حنين الناقة فنزل النبي صلى الله عليه وسلم فمسه فسكن(صحيح صحيح الترمذي وابن ماجة )

        وفي رواية
        وعن الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي إلى جذع إذ كان المسجد عريشا وكان يخطب إلى ذلك الجذع فقال رجل من أصحابه هل لك أن نجعل لك شيئا تقوم عليه يوم الجمعة حتى يراك الناس وتسمعهم خطبتك قال نعم فصنع له ثلاث درجات فهي التي أعلى المنبر فلما وضع المنبر وضعوه في موضعه الذي هو فيه فلما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقوم إلى المنبر مر إلى الجذع الذي كان يخطب إليه فلما جاوز الجذع خار حتى تصدع وانشق فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سمع صوت الجذع فمسحه بيده حتى سكن ثم رجع إلى المنبر فكان إذا صلى صلى إليه فلما هدم المسجد وغير أخذ ذلك الجذع أبي بن كعب وكان عنده في بيته حتى بلي فأكلته الأرضة وعاد رفاتا .(حسن التعليق على ابن ماجة)


        فقد بلغ صلى الله عليه وسلم الكمال البشري في كل شيئ فكان الرحمة المهداة والسراج المنير
        فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إنما أنا رحمة مهداة "
        رواه الدارمي والبيهقي في " شعب الإيمان "
        ( صحيح مشكاة المصابيح)
        فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين
        أعده
        أبوعلي رائد أبو الكاس
        المراجع
        مكتبة الإمام الألباني رحمه الله
        مكتبتي الشاملة
        بعض المقالات من الشبكة العنكبوتية

        تعليق

        يعمل...
        X