إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

تفريغ اللقاء الأول من اللقاءات السلفية بالمدينة النبوية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [صوتية وتفريغها] تفريغ اللقاء الأول من اللقاءات السلفية بالمدينة النبوية



    الحمد لله والصّلاة والسّلام على رسول الله؛ وبعد:

    فهذا تفريغٌ للّقاء الأول من اللّقاءات السّلفيّة بالمدينة النّبوية والذي شارك فيه كلّ من المشايخ الفضلاء:




    وقد فرّغته لما فيه من وصايا منهجيّة ونصائح قيّمة منهم -جزاهم الله خيرًا-.
    فنسأل الله أن ينفع به.


    التّفريغ:

    بسم الله الرحمن الرحيم

    يسرّ موقع ميراث الأنبياء أن يُقدّم لكم تسجيلاً للقاءات السلفية بالمدينة النبوية التي أقيمت يوم الأربعاء 28 من شهر ربيع الآخر لعام 1433هـ في إحدى الاستراحات بالمدينة النبوية.
    وهذا هو اللّقاء الأوّل الذي شارك فيه أصحاب الفضيلة:
    الشيخ: محمد بن هادي المدخلي
    والشيخ: عبد المجيد جُمعة
    والشيخ: عبد الله بن عبد الرحيم البخاري
    نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفع به الجميع







    ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــ
    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين، وصلّى الله وسلّم وبارك على نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    أمّا بعد:


    فإنّنا نحمد الله جلّ وعلا على هذا الاجتماع الطيّب المبارك في هذا اليوم يوم الأربعاء 28 من شهر ربيع الآخر من عام 1433هـ نحمد الله على هذا اللقاء الطيّب المُبارك مع ثُلّة من مشايخنا وعلمائنا وفّقهم الله وجزاهم عنّا خير الجزاء والذين نشكرهم أن فرّغوا لنا من وقتهم وأتاحوا لنا هذه الفرصة الطيّبة المباركة لسماع توجيهاتهم وإرشاداتهم جزاهم الله عنا خير الجزاء.


    هذا اللّقاء الطيّب المبارك الذي في الحقيقة يُجسّد اللُّحمة بينَ مشايخ أهل السُّنّة وعلمائهم من جهة وبين طلاّب العلم السّلفيّين من جهة أخرى وهذا فضل من الله جل وعلا يُعقد هذا اللّقاء في هذه المدينة الطيّبة المباركة مدينة رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- في وقتٍ كثُر فيه القيل والقال وكثُرت فيه الشّبه وتطاول من سمّاهم شيخنا الشيخ ربيع –وفّقه الله وحفظه ومتّعه الله بالصّحّة والعافية- من سمّاهم: الأقزام تطاولوا على الدّعوة السّلفيّة وعلى مشايخها وعلى علمائها من جهة، وشبّهوا على طلاّب العلم وأكثروا عليهم من الشّبه التي تصدّهم وتحرفهم عن الصّراط المُستقيم.


    يُعقد هذا اللّقاء في خضام هذه الظروف التي نسأل الله عز وجل أن يكفينا شرّ الفتن وأن يُوفّق مشايخنا لإرشادنا وتوجيهنا والرّدّ على بعض الشّبه وما أكثرها وإن كُنّا نتمنّى أن يُردّ على أكثرها ضررًا وأخطرها على طلاّب العلم ويُوجّه في نفس الوقت إلى ما ينفع الطلاّب في مسيرتهم العلميّة وفي معاملتهم مع مشايخهم وواجبهم اتجاه الشّبه التي تُثار في السّاحة كما يقولون، ونبدأ بفضيلة الشّيخ الدّكتور: محمد بن هادي المدخلي -وفّقه الله وجزاه الله خير الجزاء- وبعده المشايخ الكرام كلٌّ بما فتح الله عليه من توجيه وإرشاد فجزاهم الله عنّا خير الجزاء، ونسأل الله أن ينفع بهذا اللّقاء وأن يجعله في موازين حسناتهم وأن يُوفّقنا جميعًا إلى ما يُحبّه ويرضاه.

    وصلّى الله وسلّم وبارك على نبيّنا محمد.

    الشّيخ محمد بن هادي المدخلي -حفظه الله-:


    الحمد لله ربّ العالمين، والعاقبةُ للمُتّقين، وصلّى الله وسلّم وبارك على عبده ورسوله نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


    أمّا بعد:


    فإنّي أحمد الله جلّ وعلا على ما متّعنا به وإيّاكم من نعمة الصّحّة والعافية في الأبدان؛ ونعمة الإيمان واتّباع السُّنّة والقرآن؛ ونعمة الأمن والأمان في الأوطان؛ وسعة العيش ورغده التي نتقلّب فيها في كلّ حين وآن؛ ونسأله جلّ وعلا أن لا يجعل ذلكَ استدراجًا كما نسأله سبحانه وتعالى الذي منّ علينا بنعمة الإيمان أن يُثبّتنا وإيّاكم على سُنّة المُصطفى سيّد ولد عدنان –صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه ومن تبعهم بإحسان-.


    أيُّها الإخوة والأبناء: الفتنُ تموج وتضطرب وتقوى والله جلّ وعلا يلطُفُ بالطّائفة النّاجية المنصورة لأنّها هي القائمة بدين الله تبارك وتعالى فلا يزال الظهور لها بأمر الله والنّصر لها بوعد الله إذ لو لم يكن لهم ذلك لذهب الدّين واندرس وانمحى ويأبى الله سبحانه وتعالى إلاّ أن يُتمّ نوره ولو كره المُشركون، ويأبى الله جلّ وعلا إلاّ أن يُظهر هذا الدّين الذي هُو دينُ الحقّ على الدِّين كُلّه ولو كره من كره وسخط من سخط؛ وقد أخبر النّبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- بهذا وبشّرنا به في أوضح البشائر وأصحّ الأخبار عنه –صلّى الله عليه وسلّم- حيث قال:


    أوّلاً: بالتّسلسل قال في حديث العرباض بن سارية الذي تعرفونه؛ قال –رضي الله عنه-: (وعظنا رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- موعظةً بليغةً..) وكانت هذه الموعظة على خلاف عادته –صلّى الله عليه وسلّم- بعد صلاة الصّبح بعد صلاة الغداة فوعظهم مُستعجلاً وخائفًا عليهم –صلّى الله عليه وسلّم- فقال في هذه الموعظة التي وصفها هذا الصّحابيّ العربيّ الفصيح بأنّها بليغة ووصف هذه البلاغة بأثرين عظيمين أثّرتها هذه الموعظة في السّامعين؛ الأوّل: أنّها وجلت منها القلوب وإنّما توجل قلوب أهل الإيمان الذين وصفهم الله سبحانه وتعالى بذلك في قوله و:﴿إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ وجلت القلوب منها ورقّت وخافت؛ ثمّ وصفها بالوصف الآخر ألا وهو: ذرفت منها العيون فإذا وجل القلب وخاف فهو ملك الأعضاء ظهر طواعيّته في جميع الأعضاء ومن هذه الأعضاء: العيون إذ خافت تبعًا لملكها للقلب ووجلت فأسكبت الدّمع وذرفت الدّمع خوفًا من هذه الأخبار التي سمعوها في هذه الموعظة البليغة، وكان ممّا كان في هذه الموعظة حينما طلبوه أن يُوصيهم فقال:(أوصيكم بتقوى الله والسّمع والطّاعة وإن تأمرّ عليكم عبد وإنّه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا فعليكم بسُنّتي وسُنّة الخلفاء الرّاشدين المهديّين تمسّكوا بها وعضّوا عليها بالنّواجذ وإيّاكم ومحدثات الأمور فإنّ كلّ محدثة بدعة) فوصّاهم -صلّى الله عليه وسلّم- حينما طلبوا الوصيّة فأوصاهم:


    أوّلاً: بالعموم جُمّاع الخير كلّه وهو التقوى؛ وتقوى الله جلّ وعلا إذا حلّت في القلب وصل القلبُ بصاحبه إلى الله تبارك وتعالى



    واتّقِ الله فتقوى الله ما *** جاورت قلب امرئ إلاّ وصل


    ليس من يقطع طرقا بطلا ** إنّما من يتّق الله البطل

    ومثال التّقوى قد أجاب عنها بعض السّلف بقوله:(أرأيت إن حفيت بأرض قد كُسر بها زجاج ما أنتَ صانع؟ فقال المسؤول: أُشمّر وأتّقي) يُشمّر ثيابه ويتّقي فلا يضع رجله أو رجليه إلاّ في موضع السّلام من هذا الزّجاج المكسور حتّى لا يُقطّع أقدامه وربّما احتاج إلى أن يمشي على أطراف قدميه في مثل هذه الصّورة قال:(..فكذلك التّقوى)، فالتّقوى: أن تعمل بنورٍ من الله ترجو ثواب الله سبحانه وتعالى وتخشى عقابه، وهذا معلومٌ لكلّ من نوّر الله بصره وبصيرته بنور العلم والإيمان، ثُمّ أخبر –عليه الصّلاة والسّلام- بماذا؟ بشيء كائن لابُدّ منه وهو الذي لا ينطق عن الهوى:(إنّه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا..) وقد حصل هذا الاختلاف والمخرج منه: لزوم السُّنّة ؛ ولزوم السُّنّة بلزوم أهلها والدّليل عليه في هذا الحديث:(عليكم بسُنّتي وسُنّة الخلفاء الرّاشدين المهديّين تمسّكوا بها وعضّوا عليها بالنّواجذ) ما لم يكن في عهد هؤلاء الأصحاب دينًا فلن يكون بعدهم دينًا في حالٍ من الأحوال، أصحاب رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- هم الذين بهم القُدوة وهم الأسوة بعد رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- هم القدوة وبهم الأسوة بعد رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- وقد أدرك ذلك التّابعون –رحمهم الله تعالى ورضي عنهم-؛ فلمّا حدثت الفتن لزموا أصحاب النّبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- لأنّهم أعلمُ النّاس بهذا الدّين عاشوا مع النّبي –صلّى الله عليه وسلّم- وسمعوا منه عايشوا التّنزيل ورأوا تفسير رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- لهذا القرآن بقوله وبفعله –صلّى الله عليه وسلّم- فهُم أحقّ النّاس أن يُقتدى بهم بل اقتدى النّاس بآحادٍ منهم لِما علموا من شدّة مُتابعتهم للنبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- فقد جاء في البخاري:(إنّ أشبه النّاس برسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- هديًا ودلاًّ وسمتًا لابن أم عبد من حين يخرج من بيته حتى يرجع إلى أهله ما ندري ما هو صانع إذا دخل على أهله) ولهذا كما ذكر الحافظ وغيره:(كان أصحاب عبد الله بن مسعود –رضي الله تعالى عنه- يتشبّهون به في هديه ودلّه وسمته –رضي الله تعالى عنهم-) فكان أشبه النّاس به علقمة ثم كان بعد ذلك أصحاب علقمة يتشبهون به في هديه ودلّه وسمته وأشبههم به إبراهيم ثم كان بعد ذلك أصحاب إبراهيم يتشبّهون به في هديه ودلّه وسمته وأشبههم به سفيان ثم كان بعد ذلك أصحاب سفيان يتشبهون به في هديه ودلّه وسمته وكان أشبه النّاس به وكيع ثم كان أصحاب وكيع يتشبهون به في هديه ودلّه وسمته وكان أشبه الناس به في ذلك أحمد ثم كان بعد ذلك أحمد يتشبه به أصحابه في هديه ودلّه وسمته وكان أشبه الناس به الإمام أبو داود –رحمه الله تعالى-؛ قال أبو بكر الورّاق:(أيّ شيء من الإسلام فات على أحمد إن سألني الله غدا وأوقفني بين يديه ما أنت قائل في مسألة كذا وكذا أقول: تبعت في ذلك أبا عبد الله أحمد بن حنبل) وأيّ شيء من الإسلام فات على أحمد بن حنبل واليوم يُقال لنا: هؤلاء يتقمّصون شخصية أحمد قطع الله لسان هؤلاء القائلين



    أضحى بن حنبل محنة مأمومة *** وبحبّ أحمد يُعرف المُتنسّك


    وإذا رأيت لأحمد متنقّصا *** فاعلم بأن ستوره ستُهتّك

    المشي على سيرة أحمد شرف والاقتداء بأحمد نجاح وفلاح لأنّه سار على هذه السلسلة التي سمعتموها قبل قليل منتهاها رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- نقلوا لَنا قوله وفعله وحركاته وسكناته والتفاتاته وابتساماته وغضبه –صلّى الله عليه وسلّم- فنقلوه بالإسناد إلى هؤلاء –رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم-.


    والآن لا يستطيع أحد أن يطعن في أحمد مباشرة وفي طريقته فذهب إلى من يتشبّه بأحمد ويُحاول الاقتداء به فيقول: يتقمّصون شخصيّة أحمد؛ هل قال لك واحد من هؤلاء أنا أحمد بن حنبل! هل قال لك واحد من هؤلاء أنا في منزلة أحمد بن حنبل! هل قال لك واحد من هؤلاء أنا في الفقه كأحمد بن حنبل! لا؛ لكن يقول لك: قال أحمد وفعل أحمد فغصّ بذلك فلمّا غصّ وشرق ما عرف يواجهه مباشرة فالتفت من الخلف وظنّ المسكين أنّ لعبته هذه تنطلي على أهل السُّنّة والحديث وهيهات إنّ أهل السُّنة له بالمرصاد ولأمثاله، فأحمد والتّشبّه به واقتفاء مواقفه واتّباعه –رحمه الله تعالى- على ما قال هذا من علامات التّوفيق، أبو داود كان أشبه النّاس بأحمد –رحمه الله تعالى- ضربوا ذلك في ترجمته.

    الشّاهد: هذا الاختلاف الكبير الطّويل العريض السّبيل فيه التّمسّك بالسُّنّة ولا يُمكن أن تُعرف إلاَّ بأخذها من طريق أهلها فإنّ السُّنّة لابدّ أن يقوم بها رجال وهم الذين قال فيهم النّبي –صلّى الله عليه وسلّم- في الحديث الآخر في الطّائفة النّاجية المنصورة:(لا تزال طائفة من أمتي على الحقّ ظاهرين لا يضرّهم من خذلهم ولا من خالفهم حتّى يأتي أمر الله) وجاءت التّفسيرات عن أئمة السُّنة والأثر أن هؤلاء العصابة هم حملة السُّنّة والحديث فالمُحدّثون هم والمُفسّرون هم والفقهاء هم والمؤرّخون هم والمُعدّلون هم والمُجرّحون هم والأصوليّون هم رغم من عاند وهذه آثارهم شاهدة عليهم إن طلبتَ التّفسير فلا تجده إلاّ عند أئمة الحديث حدّثنا حدّثنا أخبرنا؛ وهذه كتب التّفسير المُجرّدة كلّما فسّرت كلام الله قالت: رواه فلان وخرّجه فلان أمّا المُسندة فدعوكم ما تستطيع أن تُحصيها في هذا المجلس وأشهرها ما جاء في تفاسير مستقلة كتفسير ابن جرير الطّبري شيخ المُفسّرين؛ وتفيسر ابن أبي حاتم وتفسير عبد الرزاق وتفسير ابن المنذر وتفسير ابن مردويه وحدِّث عن هؤلاء الأئمة كلهم أئمة الحديث المؤرخون منهم هم أئمة الحديث البخاري من هؤلاء وابن شبة من هؤلاء وابن أبي خيثم من هؤلاء ومسلم من هؤلاء وأحمد من هؤلاء ابن أبي حاتم من هؤلاء النسائي من هؤلاء عدّ هؤلاء المؤرّخين ما شئت الطبري من هؤلاء الخطيب من هؤلاء تواريخ المُحدّثين مليئة ولم تقم الأخبار إلاّ عليهم أئمة العقيدة من هم؟ هم هؤلاء والدّليل على ذلك متون العقيدة المختصرة كلها من كتب هؤلاء حدّثنا وأخبرنا؛ السُّنّة لعبد الله والسُّنة لأبيه والسُّنّة لابن أبي عاصم والشّريعة للآجري والإبانة لابن بطّة الكُبرى والصّغرى ثم المحجّة ثم ذمّ الكلام ثمّ ... عُدّ من هذه الكتب إلى آخره كلّها لأئمة الحديث فلله درّهم كما قال الخطيب وعليه شكرهم،المُحدّث منهم والفقيه منهم أئمة الفقه الثّلاثة من هم؟ مالك وتلميذة الشافعي وتلميذ تلميذه أحمد بن حنبل –رحمهم الله تعالى جميعًا- كلّ هؤلاء أئمة الفقه؛ وما هو الفقه؟ إن لم يكن الفقه هو الحديث فلا أدري ما الفقه، أرأيت أرأيت أئمة السُّنّة والهدى كانوا يُحذّرون من مجالس أهل أرأيتَ أرأيت واقرؤوا عندكم إبانة ابن بطة وغيرها فهؤلاء هم العصابة وهم الطّائفة النّاجية المنصورة الذين أجابَ أئمة الحديث في هذا الحديث الذي سمعتم قبل قليل عن الطّائفة النّاجية المنصورة علي بن المديني البخاري أحمد غيرهم وغيرهم كلّهم يجيبون إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم، فهذه العصابة القائمة بأمر الله تبارك وتعالى هم أهل السُّنّة والأثر في كل زمان ومكان فيجب أن نعرف لهم حقّهم وفضلهم وقدرهم وأن يُلزم غرزهم وأن يُقتدى بهم لأنّهم وُرّاث رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- هذه هي الطّائفة النّاجية المنصورة في كلّ زمانٍ ومكان لا يضرّهم من خذلهم ولا من خالفهم حتّى يأتي أمر الله وهم على هذا الدين ظاهرون فهذا من أعظم البشارات فإذا أردت النّجاة فالزم غرز أهل الحديث وامش في ركاب أهل الحديث وإيّاك وهذه الزّعانف التي تطلع بين الفينة والأخرى والزّعانف قد فسّرها السّلف بقولهم:(هم الجماعة الذين لا أصل لهم) لا يرجعون إلى أصل يأخذون من هذا ومن هذا ومن هذا وتتجمّع عندهم الشّبه فينفتنون بأنفسهم ويريدون أن يفتنوا غيرهم وإن راجعتم الإبانة لابن بطة فإنّكم واجدوه هذا الكلام الذي ذكرته لكم فاحذروا معشر الإخوة والأبناء من هذا.

    واحذروا كلّ الحذر من المُتلوّنين فإنّ التّلوّن في دين الله أمره خطير ومرتعه وخيم -عياذًا بالله من ذلك- فإنّ الضلالة كلّ الضّلالة أو حقّ الضلالة أن تُنكر ما كنت تعرف وأن تعرف ما كُنتَ تُنكِر، ووصيّة حذيفة –رضي الله تعالى عنه- هي هذه التي سمعتموها حينما سأله أبو مسعود ودخل عليه في مرض وفاته فقال له:(أوصنا؛ فقال له: إيّاك والتّلوّن في دين الله ولا تصحب متلوّنا في دين الله فإنّه أخطر ما يكون عليك في دينك ولا يزال بك حتّى تتبعه) وأنا اخترت لكم هذا النص من إبانة ابن بطة –رحمه الله تعالى- حيث يقول:(حدثنا أبو القاسم حفص بن عمر قال حدثنا أبو حاتم قال حدثنا محمد بن أبي صفوان الثقفي قال سمعت معاذ بن معاذ يقول: قلت ليحيى بن سعيد: يا أبا سعيد –يحيى بن سعيد القطان- يا أبا سعيد الرجل وإن كتم رأيه لم يخف ذلك في ابنه ولا صديقه ولا في جليسه) إذا كتمه هو في نفسه يظهر من ولده يأتيك الخبر أبي يقول وأبي يقول؛ وكذلك في صديقه كُنّا عند فلان فقال؛ وكذلك في جليسه الذي يُجالس، فنسأل الله العافية والسّلامة.


    ويقول أيضًا –رحمه الله تعالى-:(حدّثنا أبو القاسم حفص بن عمر قال حدثنا أبو حاتم قال حدثنا محمد بن عليّ بن الحسين بن حسان الهاشمي قال سمعت محمد بن عبيد الله يقول: كان يُقال: يتكاتم أهل الأهواء كلّ شيء..) أنظروا إلى هذا الأثر (يتكاتم أهل الأهواء كل شيء..) يستطيعون أن يكتموه يخبّئونه على أهل السُّنّة (يتكاتم أهل الأهواء كل شيء إلاّ التآلف والصُّحبة) صاحبه يفضحه يخفي عنا بدعته يمشي مع المبتدع نعرفه؛ الذي في قلبه ما تكلّم بلسانه لكن هذا ما يستطيع يكتمه أن يُخبّئ صاحبه في جيبه! لا يستطيع (يتكاتم أهل الأهواء كلّ شيء إلاّ التآلف والصُّحبة) فهذا أمرٌ مُهمٌّ كيف يريدوننا اليوم أن نُغفله وأن نتركه وأن نترك الاستدلال به على انحراف ذلكم المُنحرف لا شيء لأنّهم لا جرم لأنهم يعلمون أن مثل هذا فاضحٌ لا يخفى على أحد فذهبوا يُشكّكون في مثل هذه الآثار ومثل هذه الأقوال والكلام في هذا كثير.


    فنحنُ نقول: الآن تراه يزعم السّلفيّة وهو يدافع عن الإخوان المسلمين ما شاء الله ما شاء الله كيف هذه السّلفيّة؟ يُدافع عن التبليغ والصوفية ويدافع عن الديمقراطيّين ويدافع عن العقلانيّين ما شاء الله لا قوة إلا بالله، السُّنّي من هو؟ الذي لا يغضب لشيء من الأهواء إذ ذكرت عنده، بل من أعجب العجب أن يأتي الآتي ويقول: أنا ما زكّيته كيف ما زكّيته وأنتَ تقول: ما أعلم عنهُ إلاَّ خيرًا ومرّة أخرى تقول: وإن حصل منه مثل هذا وهذا..؛ ما الذي وإن حصل منه مثل هذا وهذا؟ خروجه في المظاهرات ودعوته إليها وتأييده لها وخروجه بنسائه وأولاده فيها ومع ذلك لا يزال على هذا كلّه سُنّي! وإن حصل منه مثل هذا وهذا! ثُمّ لمّا يُلقم الحجر يخنس ويقول: أنا أذنت بالرّدّ عليه ما شاء الله؛ وأنتَ الذي مدحته ما عندك استعداد تردّ عليه؟ لا؛ لأنه يُبقي له خط رجعة فإذا جاء بكرة قال أنا ما تكلمت فيك، فهؤلاء هُم المتلوّنون معشر الإخوان والأبناء هم الذين يتلاعبون بعقول النّاس وخصوصًا الشّبيبة، وقد رأوا في هذه الآونة الأخيرة من قرابة 25 سنة تقريبًا إقبال الشّباب على السُّنّة والحديث والأثر وحملته ونقلته الذين لا يتجاوزونه فغصّوا بذلك وشرقوا فما كان أمامهم إلا أن يتظاهروا بهذا فلمّا ذهب أصحاب الأثر واحدًا تلو آخر وما بقي إلاّ من ظنّوا أنّهم في سنّه أو في منزلته أخرجوا سهامهم؛ وهيهات الحقّ منتصر وممتحن فلا تعجبوا هذه سُنّة الرحمن؛ الحقّ عليه نور وهو أبلج والباطل عليه ظلمة وهو لجلج.


    فيا معشر الإخوان: الله الله بعد معرفتكم للسّنّة واهتداءكم إليها الله الله في الثّبات عليها والتّمسّك بها والعضّ عليها بالنّواجذ ولزوم غرز أهلها ودعوا ما أحدثه هؤلاء المُحدثون، فإنّ المرء يكون اليوم على السُّنّة وقد ينقلب وينتكس إذا لم تُدركه رحمة الله وتثبيته وأعظم من ذلك الرّدّة في دين الله تبارك وتعالى، القصيمي وأنا أضربه مثالاً دائمًا عبد الله القصيمي له مجلدان هكذا كبرهما اسمهما:(الصّراع بين الإسلام والوثنيّة) وقرّضه علماء زمانه وأثنوا عليه ومدحوه بالقصائد


    صراع بين إسلام وكفر*** يقوم به القصيمي الشّجاعُ


    وآخرتها مات مرتدًّا –نعوذ بالله من ذلك-، (البروق النجدية في اكتساح الظلمات الدجوية) كلّها في نصرة التوحيد ودعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وبعد ذلك يرتدّ، أفبعد ذلك يُستكثر أن يكون سُنّيًّا ثُمّ يعود خلفيًّا! لا يُستكثر ولا يُستنكر ولا يُستغرب ولهذا نقول: اللهم يا مقلّب القلوب ثبّت قلوبنا على دينك ويا مصرّف القلوب صرّف قلوبنا على طاعتك وقد قال المقداد بن الأسود –رضي الله عنه- كما في مسند الإمام أحمد:(لا أُزكّي أحدًا بعد قول سمعته من رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- حتّى أرى ما يُختم له به) يعني: يموت؛ (..ماذا سمعت؛ قال: سمعت رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- يقول: لقلب ابن آدم أشدّ تقلّبًا من القدر استجمعت غليانا) وأنتم تعرفون الحديث الذي تعرض فيه الفتن على الإنسان فتعود القلوب على قلبين: أبيض مثل الصّفا لا تضرّه فتنة ما دامت السّماوات والأرض وهذا الذي ينكر البدع والمحدثات؛ وأسود مرباد كالكوز مُجخّيا لا يعرف معروفًا ولا يُنكر مُنكرًا إلاّ ما أشرب من هواه وهذا الذي لا يُنكر البدعة والحوادث إذا مرت به فتُنكت في قلبه نقطة نقطة نقطة حتّى يعود قلبه على هذا النحو –نسأل الله العافية والسّلامة- فأسأل الله جلّ وعلا بأسمائه الحسنى أن يُثبّتنا وإيّاكم على الحقّ والهدى بعد إذ هدانا إليه.

    ويأتيك من يأتيك ويقول: سرورية ما في سرورية اليوم؛ يا نايم أنتَ لك 25 سنة نايم في بيتك ما تدري عن السرورية لأنك لم تضرب بسهم في حربها وفي كشفها وفي الرد على أهلها وفي بيان باطلهم يوم أن قامت حرب الكُويت أنتَ نايم في بيتك لا تدري عنها؛ تقول: ما في جماعة اسمها سرورية ما فيه إلا رجّال واحد بس رجّال تأثر بفكر سيد قطب أما أن يُنسب الناس إليه وتصبح جماعة كفانا تفريق لأهل السُّنّة ما شاء الله ما شاء الله، يوم أن نحنُ نواجه السّروريّة أنت راقد في بيتك عاكف على رسالتك لا تدري عن الحرب بين أهل السُّنّة والبدعة والآن تُريد أن تهدم ما قرّره أئمة السّنة وعلماء السّنّة في هذا العصر؛ الرجل بنفسه يعترف أنه يعمل في جماعة كما صرّح بذلك للشّيخ مقبل الوادعي حينما زاره سرور نفسه زاره في دمّاج وقال له مرّتين أو ثلاثا وموجود عندنا بخطّ الشّيخ مقبل –رحمه الله- ويقول: أنا أعمل في جماعة هذا سرور يقول للشيخ مقبل وخطّه موجود من كان عنده كتاب القطبية فليُراجع الكتاب فيه خطّ الشّيخ مقبل بقلمه يقول: جاءنا سرور ثلاث مرّات مرّتين أو ثلاث مرّات وقال لنا: أنا أعمل في جماعة؛ هذا قول من؟ شهادة الشّيخ مقبل على سرور وسرور عندي أنا خطه بقلمه مخطوط بجرّة قلمه ليس طباعة يقول: أنا أعمل في جماعة؛ هذا قبل كم؟ قبل حوالي 24 سنة من اليوم وقد انتهينا من هذا وهذا أمر معروف ويأتي الفدم في هذا الزمان هذه الأيام يقول: ما في سرورية إلا إذا نص -ما شاء الله شوف الورع- إذا نصّ عالم إمام يُقتدى به نعم، بعد اعترافه هو بخطّ قلمه وشهادة من شهد عيه ممن أخبره ماذا تريد؟ هذا تشكيك في ما هو من المُسلّمات عند السّلفيّين وهؤلاء هُم الذين يُخادعون السّلفيّين وهيهات والله إنّا لهم بالمرصاد حتّى تُفارق الأرواح الأجساد فحينئذ نُعذر أمام الله تبارك وتعالى.


    فيا معشر الإخوة والأبناء: لو أنّ صاحب الهوى إذا جلستَ إليه حدّثك بالبدعة والهوى أوّل ما يُحدّثك لفررت منه ولحذرت ولكن حتى يتمكن منك فيلقي فإذا دخلت هذه الكلمة وعلقت بالقلب فمتى لعلّها تفارقه، نسأل الله جلّ وعلا بأسمائه الحُسنى وصفاته العلى أن يُثبّتنا وإيّاكم بالقول الثّابت في الحياة الدّنيا وفي الآخرة وأن لا يُضلّنا بعد إذ هدانا وأن لا يُزيغ قلوبنا بعد إذ أنارها بنور السّنّة والقرآن وأن يُجنّبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.


    وصلّى الله وسلّم وبارك على عبده ورسوله نبيّنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان.


    الشّيخ عبد المجيد جمعة -حفظه الله-:



    الحمد لله نحمده ونستعينه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله.



    أمّا بعد:

    فالحقّ والحقّ أقول صريحة فصيحة ما كان لي أن أتكلّم بين يدي مشايخنا وعلمائنا، وأعتقد أنّ ما قاله فضيلة الشّيخ الإمام العلاّمة محمد بن هادي كان كافياً وشافياً، وأخشى أن أتطفّل، فكما هو مقرّر أنّ آخر كلام يُنسي أوّله فأخشى أن يُنسي كلامي كلام الشّيخ وكلام شيخنا كان غضًّا طريًّا وقد أصاب المحزّ.

    وتتميماً لكلامه وتأكيداً فيما ذكره فلا شكّ أن الفتن تموج كموج البحر وقد تخطّفت عقولاً كثيرة، ولعلّ المخرج من هذه الفتن هُو العلم النّافع، والعلم النّافع أو العلم لا يكون نافعاً إلاّ إذا كان مُستمدًّا من كتاب الله عزّ وجلّ وسُنّة رسوله –صلّى الله عليه وسلّم- على فهم سلفنا الصّالح، وقد قال الإمام ابن القيّم –رحمه الله تعالى- في نونيّته:

    العلمُ قال الله قال رسوله *** قال الصّحابة هُم أولوا العرفانِ
    ما العلمُ نصبك للخلافِ سفاهةً *** بين الرّسول وبين رأي فلانِ

    وقال في إعلام الموقعين:

    العلمُ قال الله قال رسوله *** قال الصّحابة ليس بالتمويهِ
    ما العلمُ نصبك للخلافِ سفاهةً *** بين الرّسول وبين رأي فقيهِ

    فالعلم النّافع هو الذي يقي المرء من الشّبهات ومن الشّهوات، وقد أشار شيخنا استدلالاً بحديث العرباض بن سارية –رضي الله عنه- الذي يُعتبر قاعدةً عظيمة وأصلاً مُهمًّا من أصول هذه الدّعوة بل هو المحكّ والميزان الذي تُوزن به هذه المناهج المُتباينة، حيثُ أشار النبي –صلّى الله عليه وسلّم- إلى سعادة العبد في الدّارين في الدّنيا والآخرة، أمّا سعادته في الدّنيا فبطاعة ولاة الأمور لأنّها سبب في استثباب الأمن وظهور الرّخاء والأمن من الفتن ما ظهر منها وما بطن، ومن تأمّل في العالم الإسلامي وما أصابه من هنّات ونكبات يُدرك جليًّا أنّ سبب هذه الفتن هُو إضاعة هذا الأصل حيث تعجّل قوم في إزالة المُنكر فوقعوا في مُنكرٍ أشدّ منه.

    وقاعدة الشّريعة في مصادرها ومواردها أنّه إذا اجتمعت المصالح والمفاسد فدرءُ المفاسد أولى من جلب المصالح، وأمّا السّعادة الأخرويّة ففي قوله –صلّى الله عليه وسلّم-:(اتّقِ الله حيثُما كنت) فتقوى الله عز وجلّ كفيلة بتحقيق السّعادة الأخرويّة، وطاعة ولاة الأمور كفيل بتحقيق السّعادة الدّنيوية، ثمّ أشار النبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- إلى الخلاف الذي يدُبُّ في هذه الأمة فقال –عليه الصّلاة والسّلام-:( فإنّه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيرة) فقال: اختلافاً نكرة والنّكرة في سياق النّفي تُفيد العموم يعني: أنّ هذا الاختلاف يكون عظيماً، وهذا الحديث من أعلام النبوّة حيث وقع كما أخبر النبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- فقد وقع الخلاف في هذه الأمّة ومزّقها شذراً مذراً، وإذا قُلنا إنّ الخلاف وقع في هذه الأمة فلا يُقصد به الخلاف الفقهي فإنّ الخلاف الفقهي قد وقع حتّى في زمن النبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- فقد اختلف الصّحابة –رضي الله عنهم- في مسائل كثيرة بين يدي النبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- ولا يخفى عليكم حديث عبد الله بن عمر –رضي الله عنه- أنّ النبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- قال:(من كان يُؤمن بالله واليوم الآخر فلا يُصلّيّنّ العصر إلاّ في بني قريظة) فلمّا خرجوا أدركهم وقت العصر فاختلف الصّحابة على قولين؛ فطائفة قالت: لا نُصلّي العصر إلاّ في بني قريظة وأخذوا بظاهر الحديث وهؤلاء هم سلف الظّاهريّة الذين يقفون عند ظواهر النّصوص، والطّائفة الثّانية قالت: أراد منّا الإسراع فصلّوا في الوقت فلم يُعنّف النبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- الطّائفتين أو إحدى الطّائفتين، والمقصود بهذا أنّ الخلاف الفقهي وقع في زمن النبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- وقد اعتبره بعض العلماء أنّه من سعة الشّريعة ويُسرها، ولكنّ المقصود بالخلاف هُو الخلاف العقائدي فهذا الخلاف هو الذي فرّق هذه الأمّة إلى ثلاث وسبعين فرقة.

    وكُنّا نقول لبعض الطلاّب: إنّ المسلمين قد اختلفوا في معبودهم في هذا الإله المعبود بحقّ فطائفة تقولُ: الإله الذي أعبده في كلّ مكان كأصحاب وحدة الوجود، وطائفة تقول: إنّ الإله الذي أعبده ليس هو فوق فتنفي عن الله عز وجلّ الفوقيّة أو الاستواء، وكلّ طائفة وصفت إلهها بما لم يصف به عزّ وجلّ نفسه ولا رسوله –عليه الصّلاة والسّلام-، والمقصود أنّ المسلمين قد اختلفوا في إلههم، فهذا ممّا يُؤكّد على أنّ هذا الاختلاف في العقائد لا يجبُ أن يُتسامح فيه، وإذا قلنا إنّ الخلاف في العقائد لا يُتسامح فيه فإنّه يجرّ أيضاً إلى أنّ الخلاف في المناهج لا يُتسامح فيه.

    وقد أشار فضيلة الدّكتور إلى هذا وهو في قوله –صلّى الله عليه وسلّم-:(فعليكم بسُنّتي) فالسُنّة هُنا وسنّة الخلفاء الرّاشدين بمعنى الطّريقة والمنهاج ممّا يُؤكّد على أنّ المنهاج السّليم يُعدّ من أصول الدّين ومن أصول الإيمان خلافاً لمن يُفرّق بين العقائد وبين المناهج ويعتبر أنّ الكلام في المناهج الدّعويّة الحديثة كأنّه مُحدث من القول فقد جهل قائل هذا القول هذا الحديث الصّريح الذي يُؤكّد على أنّ السُنّة أو أنّ المنهج من أصول الدّين، ثمّ إنّ هذا الحديث أيضاً هُو من أعلام النبوّة حيثُ أمر النبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- باتّباع سُنّته وقرن ذلك بسُنّة الخلفاء الرّاشدين فكان فيه إشارة إلى أنّه سيكون خلفاء راشدون، ثُمّ وصفهم بوصفين يقتضي وجوب اتّباع هؤلاء الخلفاء الرّاشدين وصفهم بـالرّشاد وفي رواية قال:(المهديّين) وصفهم بالّرشاد وبالهداية فالرّشاد في العقل والهداية في الأفعال، ويكمل الإنسان إذا اكتمل فيه الرّشاد والهداية، وضدّ الرّشاد الغيّ وضدّ الهداية الضّلال، فدلّ هذا على وجوب اتّباع هؤلاء الخلفاء الرّاشدين، وكان فيه ردٌّ صريح على أولئك الرّوافض الذين جعلوا دينهم طعن الصّحابة –رضي الله عنهم-.

    هذا يعني ما جادت به نفسي مع قلّة البضاعة وضعف الصِّناعة –واللهُ المُستعان-، وأنا أستحي جدًّا من المشايخ ومن الطلاّب -والله المُستعان-.

    الشّيخ محمد بن هادي المدخلي -حفظه الله- مرّةً أخرى:

    شكر الله لفضيلة الشّيخ الدّكتور عبد المجيد جمعة ما تفضّل به وجزاه خيراً على ذلك.


    وأقول: تتمّة لما سبق: عن عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه- أنّه قال: (اعتبروا الأرض بأسمائها) هذا في الإبانة لابن بطة الإبانة الكبرى أنا أقرأ عليكم منها في أثر 503 يقول بسنده -رحمه الله- عن أبي الأحوص عن عبد الله –رضي الله عنه قال:(اعتبروا الأرض بأسمائها واعتبروا الصّاحب بالصّاحب) الصّاحب بالصّاحب وذلك لأنّ الصّاحب ساحب ما يُدافع عن إحياء التّراث إلاّ من كان تراثي؛ وعن الإخوان إخواني؛ وعن التبليغ تبليغي إلى غير ذلك..، ما يمكن أن يُدافع عنه إلاّ وهو على شاكلته، وأيضًا ساق بسنده في الأثر 504 من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: وجدت في كتاب أبي قال حدثنا أبو معاوية الغلابي قال: قال سفيان –يعني: الثوري-:(ليس شيء أبلغ في فساد رجل وصلاحه من صاحب) أنظر إلى صاحبه لما كان إحياء التراث أمس كان يُحذر من إحياء التراث واليوم يُدافع عن إحياء التراث ذاك بصوته مُسجّل والآن هذا بصوته مُسجّل، أمس حزبية لا تقبلوا منها شيئا ولا مساعدات اليوم جمعيتنا المباركة كلّه مسجل، أمس حزبية واليوم مباركة لأنّ البركة حلّت منها في جيبه نعم البركة حلّت منها في جيبه وبركوهم على ظهره فامتطوه والله الذي لا إله غيره هذا مُسجّل وهذا مُسجّل أمس حزبية واليوم جمعيتنا المباركة هذا الكلام كله الآن في النت تجدونه ما عاد صرنا نتعب ولله الحمد، قبل كان نقول: تعال نعطيك الشّريط الآن رُح تجده في النت كله شيء يُسجّل واللقاءات والدروس والندوات ابحث تجده أعطيك طرفه وأنت تجده، أمس سيئة وحزبية ولا تتعاون معها ولا تقبلوا منها واليوم جمعيتنا المباركة بركة البركة وحلّت في جيبه وبرك أصحاب البركة على ظهره؛ نعم. ما شاء الله.

    محمد حسان أمس إخواني اليوم سلفي صديقنا صاحبنا وهذا مسجّل وهذا مسجّل كل الاثنين فصدق السلف –رحمهم الله-:(ما في شيء أبلغ في فساد رجل وفي صلاحه من صاحب) يسحبه، فهذا الذي سمعتم كلام السّلف –رحمهم الله تعالى- من أصحاب رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- ومن بعدهم، (الأرض تُعتبر بأسمائها..) يُروى عن علي بن أبي طالب –رضي الله عنه- لما مر على بلدة كربلاء قبل أن تقوم ما هذا الموضع؟ قالوا كربلاء؛ قال: كرب وبلاء، وجاء أيضًا في قصة سعيد بن المسيب المشهورة أنّ النبي –صلّى الله عليه وسلّم قال لجدّه حزم؛ وهو سعيد بن المسيب بن حزم المخزومي قال: سهل أنت سهل؛ قال: لا؛ السهل يوطى يا رسول الله فنظر إلى أنه ما يريد من هذه الناحية؛ يقول سعيد: فلم تزل فينا تلك الحزونة والحزونة هي الصعوبة والشدّة الحَزَن ضدّ السّهل فإنّ الحَزَن هو القوي الصلب؛ فيقول سعيد: لم تزل فينا تلك الحزونة، فالشاهد :(اعتبروا الأرض بأسمائها واعتبروا الصّاحب بالصّاحب) والكلام في هذا أنتم تعرفونه كثير فإنّ الأرواح جنود مُجنّدة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف.


    وقد جاء أيضًا في هذا في أثر 514 عن أبي حاتم قال: حُدّثت عن أبي مسهر قال: قال الأوزاعي:(يُعرف الرجل في ثلاثة مواطن: بألفته؛ ويعرف في مجلسه؛ ويعرف في منطقه) ألفته من هم؟ أهل القدر قدري؛ الجبرية جبري؛ المرجئة مرجي؛ الإخوان إخواني؛ التبليغ تبليغي؛ القطبيّين السّروريّين قطبي سروري؛ جماعة (أبو الحسن) جماعة (أبو الحسن)؛ جماعة (علي حسن) جماعة (علي حسن) هكذا لابُدّ منه؛ يُعرف الرجل بهذا، ولهذا الآن أصبح عليّ حسن ومن معه كلّ السّلفيين فتجد في موقعهم العجب العُجاب كلّ السّلفيّين فجعلوا هذا الاسم العام الذي يدخل كله تحت لفظة: (كل!) فإنّ (كل!) من إفاداتها تفيد: العموم ما يُستثنى أحد؛ (كل السّلفيّين!) عاد من هم هؤلاء السّلفيّين؟ أنظر إليهم، فالشّاهد الرّجل يُعرف بهذا يُعرف في هذه الثّلاثة المواطن؛ يُعرف في الألفة ويُعرف في المجلس من يُجالس ويُعرف في المنطق فإذا خفي علينا المنطق وحاول أن يستره لا يستطيع أن يكتم الألفة ولا يستطيع أن يكتم المجلس فإنّ هذا باد للعيان والناس تراه.


    قال أبو حاتم –رحمه الله-:(قدم موسى بن عقبة الصّوري بغداد فذكر لأحمد بن حنبل –رحمه الله- قالوا له: الصّوري قدم يا أبا عبد الله..) إيش قال؟ قال:(.. انظروا على من نزل وإلى من يأوي) إذا جاء أبو الحسن أنظروا على من نزل وعلى من يأوي وإذا جاء أبو حسين أنظروا على من نزل وعلى من يأوي وإذا جاء جماعة التّبليغ أنظروا على من ينزل وعلى من يأوي؛ لم؟ لأنّ:



    شبيه الشّيء منجذب إليه *** وبضدّها تتميّز الأشياء


    يقول الإمام مالك بن دينار –رحمه الله-:(النّاس أجناس كأجناس الطّير: الحمام مع الحمام..) جميل طيب، (..والغراب مع الغراب..) قبيح ما يأتي الغراب إلاّ إلى شكله لو رأى حمامة ما يأتي إليه ما يأتي إلا لمن كان مثله، (..والبط مع البط والصّعو مع الصّعو..)؛ الصّعو ما هو؟ العصافير الصّغيرة جدًّا هذه التي تأتي على الزروع أيام الحصاد قبل أن يشتدَّ الحبّ في سنبله يكون رطبًا فيدخل منقاره فيمصّ الماء الذي في الحبّة فتصبح جوفاء لا تصلح للأكل بعد ذلك ما هي إلا قشرة فالصّعو هذا هو؛ (..الصّعو مع الصّعو وكلّ إنسان مع شكله).


    ويقول أيضًا مالك –رحمه الله-:(من خلّط خُلّط له ومن صفّى صُفّي له وأقسم بالله لئن صفيتم ليصفينّ لكم) فأنا أحببتُ أن أختم بهذه الكلمات عن هؤلاء لأنّه قد كثُر الكلام اليوم على أبنائنا وطُلاّبنا وعلى عموم السّلفيّين عندهم شدّة عندهم غلظة ما سلم منهم أحد؛ يا أخي النبيّ –صلّى الله عليه وسلّم يقول: ثلاث وسبعين فرقة تفترق هذه الأمة النّاجية منها كم؟ واحدة، فالكثير على ضلال وانحراف فأنت حينما ترى هذا يقول لك: هذا إخواني؛ أو يقول لك: هذا تبليغي؛ أو يقول لك: هذا من جماعة أبي الحسن؛ هذا من جمعية إحياء التراث؛ هذا من جماعة الإرشاد؛ هذا من كذا هذا من كذا تقول من سلم منه؟ سلم أهل السُّنّة وأهل السُّنّة قلّة النبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- قال فيهم: طائفة واحدة ناجية؛ ثلاث وسبعين فرقة كلّها في النّار إلاّ واحدة من هم؟ (من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي) وهذا الحديث مثل قوله:(عليكم بسُنّتي..) فالذي عليه أصحابه وسُنّته –صلّى الله عليه وسلّم- فمن تبعهم فقد نجا ومن تخلّف عنهم وترك طريقهم فقد هلك من كان مُستنًّا فليستنّ بمن قد مات أولئك أصحاب محمد –صلّى الله عليه وسلّم- أبرّ هذه الأمة قلوبًا وأعمقها علمًا وأقلها تكلّفا كانوا على الهدى المستقيم فاتبعوهم واعرفوا لهم قدرهم؛ ليش؟ لأنّهم عن علم نطقوا وببصر نافذ كفّوا، الآن ما يُراد منّا أن نقول هذا كذا وهذا كذا والخوف والله كلّ الخوف على أهل السّنّة والسّلفيّين ليس من الحزبيّين الواضحين ولكن ممّن دخل فيهم أو من كان منهم وتأثر بهؤلاء فإنّ الخوف منه أشدّ لأنّ هذا يفسد الصّف السّلفي من الدّاخل ويشكّك في المسلّمات عند السّلفيّين من الدّاخل حتى يزلزلهم فيضطربوا فيسهل عليه بعد ذلك عليه أن يحرفهم.


    فيا معشر الإخوة والأبناء: الله الله في الثبات على السنة والتمسك بها ومعرفة أهلها والإنكار على من خالفها كائنًا من كان والله لا يقوم أمامنا في الإنكار للباطل أحد وبيننا وبينه هذه الكتب وهذه الآثار المُدونة عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وعن أصحابه وعن التّابعين، فنحنُ ما اشتريناها لنزين بها المجالس والمكاتب، ما اشتريناها ولنقرأها للبركة إنما اشتريناها ودرسناها على أشياخنا وعلمناها لنعمل بها فمن تركها بعدما عرفها فقد قامت عليه حجة الله تبارك وتعالى، ﴿وَمَا كَانَ اللهُ.. سبحانه وتعالى ﴿..لِيُضِلَّ قَوْمًا ..كما قال جلّ وعلا في كتابه الكريم:﴿.. بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ فقد بيّن الله لنا البيان الأوفى ووضح لنا رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم – وكفى –صلوات الله وسلامه عليه-، والموفّق من وفّقه الله والمهديُّ من هداه الله والمعصوم من عصمه الله.

    نسأل الله جلّ وعلا باسمه الأعظم الذي إذا سُئل به أعطى وإذا دعي به أجاب أن يثبتنا وإياكم على الحقّ والهدى حتى نلقاه إنه ولي ذلك والقادر عليه.


    وصلّى الله وسلّم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


    الشّيخ عبد الله بن عبد الرحيم البخاري -حفظه الله-:


    بسم الله الرحمن الرحيم


    إن الحمد لله نحمد تعالى ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله –صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلّم-.


    وبعد:


    فأرحّبُ بكم أيّها الإخوة وبالمشايخ الفضلاء في هذا اللّقاء الذي نسأل الله جلّ وعلا أن يجعله مباركًا نافعًا وكما قيل:(لا عطر بعد عروس) أقول كما قيل:(لا عطر بعد عروس) ففي الكلمتين كفاية إن شاء الله وهداية لمن أراد الله له التّوفيق والسّداد.


    ولكن أرغبُ والحالة هذه أن أُذكّر بأمرين مهمّين تتمّة لما ذكره المشايخ الفضلاء –وفّقهم الله ووفّق الجميع-:


    الأمر الأول -بارك الله فيكم-: أذكّر وقد ذكّرتُ به مرارًا والتّذكير ينفع بإذن الله والذّكرى تنفع المؤمنين وهو أن يتذكر الواحد منكم ومنّا أنّه إنّما قطع هذه المسافات الطّوال ورحل من بلده وترك أهله وأقاربه لينهل من العلم الصّحيح الصّافي وأن يأخذ العلم وأن يتلقّى العلم من أفواه أهله أشياخ السُّنّة فلا يغيب عنكَ أيّها المُحبُّ هذا الهدف الذي خرجتَ من أجله وأقول لك هنيئًا أن سلكت هذا الدّرب وهذا الطّريق أعني: طريق طلب العلم وأزفُّ إليكَ بُشرى قول النبيّ –صلّى الله عليه وآله وسلّم- كما في الصّحيحين:(من يرد به خيرًا يُفقّهه في الدّين) قال الحافظ النووي –رحمه الله- في شرح مُسلمٍ عند هذا الحديث:(فيه فضيلة العلم والحثّ فيه على العلم وفضيلة أهله وسببُه أنّه قائد إلى تقوى الله)، ويقول النّبي –صلّى الله عليه وآله وسلّم- كما جاء في الخبر الصّحيح عنه –صلّى الله عليه وآله وسلّم-:(من سلك طريقًا يلتمسُ فيه علمًا سهّل الله له به طريقًا إلى الجنّة) فهذه مُبشّرات لمن سلك هذا الدّرب وهذا الطّريق أعني طريق طلب العلم الصّحيح، وهذا الطّريق أيُّها الإخوة يحتاج من طالب العلم إلى صِدقٍ وجدّ واجتهاد وحرصٍ على الأوقات فلا يُضيّع وقته وعمره فيما لا ينفعه ولا يعود عليه بالنّفع في الأولى والآخرة؛ يقول الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-:(العلمُ النَّافع هو ما جاء أو ما دلّ عليه الدّليل؛ والعمل الصّالح متابعة الرسول –صلّى الله عليه وآله وسلّم-) ويقول أيضًا –رحمه الله-:(الخيرُ والفلاحُ والسّعادةُ والصّلاحُ في نوعين اثنين: في العلم النّافع؛ والعمل الصّالح) فهذا العلم الذي خرجتَ من بلدك لتحصيله وأخذه عن أشياخه كما ذكر الشيخ محمد –وفقه الله- في أول الأمر أن تُحصّله من مشايخ السُّنّة ومشايخ العلم، هذا العلم إن لم ينفعك ضرّك قال الإمام سفيان ابن عيينة كما في اقتضاء العلم العمل للخطيب:(العلم إن لم ينفعك ضرّك) علّق الحافظ الخطيب –رحمه الله- على الأثر فقال:( أي: بأن لم ينفعه بأن يعمل به ضرّه بأن كان حُجّةً عليه) ولهذا قال الخطيب –رحمه الله-:(العلم شجرة والعمل ثمرة)، أخرج ابن سمعون –رحمه الله- في الأمالي بسند لا بأس به عن عبد الله بن المبارك –رحمه الله- قيل له: (إلى متى تكتب الحديث؟ قال: لعلّ الحرف الذي ينفعني لم أكتبه بعد) وفي الجامع للخطيب –رحمه الله- أنّ الإمام أحمد إمام أهل السُّنّة والذي سمعتم شيئًا من سيرته العطرة –رحمه الله- في كلام الشّيخ محمد؛ الإمام أحمد قيل لهُ: (إلى متى تكتب الحديث؟ قال: إلى أن أموت) فطالب العلم يحتاج دائمًا وأبدًا إلى هذا العلم المُنجي والعلم المُنجي هو ما أشار إليه الشّيخُ عبد المجيد –وفّقه الله- بما نقله عن الإمام ابن القيّم:


    العلمُ قال الله قال رسوله *** قال الصّحابة هم أولوا العرفان

    هذا هُو العلم المُنجي الذي قال الله في أهله:﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ والناس في هذا العلم طبقات كما قال الإمام الشّافعي في الرّسالة:(النّاس في العلم طبقات بقدر معرفتهم بالعلم به).


    فالنّاس أيّها الإخوة يحتاجون والعبد يحتاج دائمًا إلى هذا العلم المُنجي الذي يُقرّبه من الله جلّ وعلا؛ يقول الإمام ابن القيّم –رحمه الله- في المدارج:(يُعرض للسّالك في سيره مهالك ومعاطب لا يُنجيه منها إلاّ بصيرة العلم) وأما وصف هذا العلم فقد قاله –رحمه الله- في الفوائد حيث قال:(أعلى الهمم في طلب العلم طلب علم الكتاب والسُّنّة والفهم عن الله وعن رسوله –صلّى الله عليه وآله وسلّم- نفس المراد وعلم حدود المُنزّل وأخسّ همم طُلاّب العلم من قصر همّته على تتبّع شواذّ المسائل وما لم يقع ولا هو واقع ومعرفة اختلاف النّاس دون معرفة الصّحيح منها وقلّ أن ينتفع واحدٌ من هؤلاء بعلمه) ولهذا جاء في الصحيح عند مُسلم من دعاء النبيّ –صلّى الله عليه وآله وسلّم- أنه طلب الله ودعاه واستعاذ به جلّ وعلا:(اللّهم إنّي أعوذ بك من علم لا ينفع) وقال الإمام الحسن البصري –رحمه الله- كما في المًصنّف لابن أبي شيبة:(إنّ المؤمن أحسن الظنّ بربّه فأحسن العمل؛ وإنّ المنافق أساء الظنّ بربّه فأساء العمل) نعوذ بالله من ذلك.


    فلا يغيب عنك أيّها المُحبُّ في لحظة من اللّحظات الهدف الذي من أجله خرجت وهو رضى الله جلّ وعلا بتحصيل هذا العلم النّافع والعمل به، أمّا أن يكون العبد بوقًا للشّرّ يسمع وقمعًا للشّبه فهذا يضرُّ نفسه قبل أن يضرّ غيره وقد يضرّ الآخرين أيضًا، وفي هذا المقام أُريد أن أُنبّه على أمرين خطيرين:


    قواطع في هذا الباب أعني في طريق السّير ومواصلة طلب العلم والقواطع والعوائق كثيرة لكن من ذلك أيُّها المُحبُّ:

    حُبُّ الرّياسة هذه الشّهوة الخفيّة –نعوذ بالله منها- فهي منافيةٌ للإخلاص والله جلّ وعلا قد أمرنا بأن نُخلص له في عبادتنا له فقال الله جلّ وعلا:
    ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ فإيّاك أيّها المُحبّ أن تتسلّل إليك هذه الشّبهة وهذه الشّهوة من حيثُ تشعر أو لاَ تشعر كونك بقيت في المدينة أو في بلد العلم سنة أو سنتين أو ثلاثة أو خمسة أو كنت في الدّراسات ماجستير أو دكتوراه أو لم تكن فيها فلا يعني ذلك أيّ شيء إنّما يُزكّي المرءُ عمله؛ وإيّاك وهذه كما قلتُ هذا الدّاء وهذه السّوسة التي تنخر في جسد طلبة العلم؛ ذكر الإمام الشّاطبي –رحمه الله- في الاعتصام قال:(آخر الأشياء نزولا من قلوب الصّالحين حُبُّ الرّياسة) هؤلاء الصّالحون فكيف بمن لم يكن كذلك، أسند الهمداني –رحمه الله- في الفوائد والأخبار عن الإمام الشافعي –رحمة الله تعالى عليه- أن قال:(من طلب الرّياسة فاتته -عامله الله بنقيض قصده- وإذا تصدّر الحدث فاته علم كثير)، وجاء في جامع بيان العلم وفضله عن إبراهيم بن أدهم أنه قال:(ما عَبَدَ الله أحد أحبّ الشّهرة) يعني ما أخلص لله في عبادته، ولهذا داء هذا الأمر داء عظيم ينخر في الجسد فانتبه منه وراقبه قال الحافظ ابن الجوزي –رحمه الله- في صيد الخاطر:(من أخلص سريرته فاحَ عبيرُ فضله وعبقت القلوب بنشر طيبه فالله الله في السّرائر فإنه لا ينفع مع فسادها صلاح الظاهر) فهذا الداء انتبه منه وكن منه على حذر.


    ومن الأمور التي يجب أن تحذرها أيُّها المُحبُّ أيضًا في هذا المقام:

    العُجب –والعياذ بالله- هذا الدّاء الوبيل والخلق الذميم –نعوذ بالله منه- جاء فيه الشيء الكثير يقول الحافظ –رحمه الله- ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله قال:(العجب يهدم المحاسن كلّها) وذكر أيضًا عن بعض السّلف في كتابه آنف الذّكر قال:(لا ترى مُعجبًا بنفسه إلاّ وهو ضعيف العَقل) وهو كذلك، والناظر أيّها الأحبّة في تراجم بعض الحُفّاظ الكبار يجد أنّ أهل العلم قد ذمّوهم بل وتركوا الرّواية عنهم بسبب العُجب؛ والعُجب فسّره عبد الله بن المبارك كما في تذكرة الحفاظ للذّهبي –رحمه الله- أن سئل ما الكبر؟ قال:(الكِبر أن تزدري غيرك) قال: وسُئل عن العُجب؛ قال:(أن ترى عندك شيئا ليس عند غيرك).


    أقول: بعض الحُفّاظ الكبار ذمّهم الحُفّاظ من أئمة الحديث الذين أشار إليهم الشّيخ محمد –حفظه الله- وهم عليهم المُعوَّل وذكروا هذا في مثالبهم والأمور المنتقدة عليهم كما جاء هذا في ترجمة أحمد بن كامل البغدادي تلميذ الشيخ الإمام محمد بن جرير الطبري صاحب التّفسير شيخ المُفسّرين هذا الرجل كان بحرًا من بحور العلم وآيةً في الحفظ وكان قاضيًا قال فيه الحافظ الدّارقطني –رحمه الله-:(وربما حدّث من حفظه ما ليس في كتابه أهلكه العُجب) يقول:(أهلكه العجب) هذا في السّير؛ علّق الذهبي عليه –رحمه الله- فقال:(كان من بحور العلم أخمله العجب) وجاء في اللّسان في ترجمة عمر بن محمد العطّار الحافظ –نعم- ذكر الحافظ ابن حجر في ترجمته قال:(لا يعُدّه أحده شيئًا ولا يُكترث به لإعجابه بنفسه).


    فالعُجب أيّها الأحبّة: يهدم المحاسن كلّها فانتبه من هذا الدّاء العظيم وهو قاطعٌ من قواطع الطّريق، وقُطّاع الطّرق كثير قال فيهم الحافظ الإمام ابن القيم –رحمة الله عليه- قال:(علماء السّوء وقفوا في طريق النّاس يدلّونهم إلى الجنّة بأقوالهم ويدعونهم إلى النّار بأفعالهم فكلما قالت أقوالهم هلمّوا قالت أفعالهم لا تُصدّقوهم فهم في الصورة أدلاء وفي الحقيقة قطّاع الطّرق) ومن هؤلاء الذين أشار إليهم الشّيخ محمد في ثنايا كلامه ممّن يُخذّل عن سلوك هذا المنهج القويم والصّراط المُستقيم منهج النبوّة المعصوم لزوم السُّنّة السّلفيّة الحقّة ومن طرائقهم وطرائقهم كثيرة التّنفير من علماء السُّنّة نعم، قال العلاّمة الشّاطبي –رحمه الله- مبيّنًا بعض طرائق أهل البدع قال:(وربما قبّحوا فتاوى العلماء في أسماع العامّة لينفّروهم من السُّنّة وأهلها) –نعوذ بالله من ذلك- إذن هذا هو الأمر الأوّل.باقي الأمر الثّاني.


    الأمر الثّاني أيّها الإخوة –وفّقكم الله ووفقّنا جميعًا- هو أنّه طلب العلم طريق شاقّ يحتاج كما مرّ إلى جُهدٍ وجدٍّ وصبرٍ مع ذلك إخلاص لله جل وعلا فآلة طالب الحديث كما قال الإمام يحيى بن معين في الجامع للخطيب بسند صحيح قال:(آلة طالب الحديث الصّدقُ واجتناب الكبائر واجتناب البدع والأمانة والشّهرة-أي: بالطلب-) هذا يستدعي –بارك الله فيك- أن تعلم أنَّ العلم أو أقسام النّاس في معرفة الحقّ والباطل أربعة؛ فالله جلّ وعلا يقول في كتابه:﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ويقول الله جلّ وعزّ في كتابه:﴿وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ المُجْرِمِينَ فالله جلّ في علاه قد أبانَ سبيل المُؤمنين في كتابه مفصّلاً وأبان أيضًا سبيل المُجرمين مُفصّلاً وبيّن هذا وهذا وجاءت السُّنّة أيضًا كذلك بتفصيل هذا وهذا، والعالمون بالله وبكتابه هم الذين أخذوا بذلك بالعلم المُفصّل بالحقّ المُفصّل والباطل المُفصّل وأوّلهم هم أصحاب رسول الله –صلّى الله عليه وآله وسلّم- وهم الذين يصفهم الإمام ابن القيّم عندما تكلم عن هذه الأقسام قال:(هم الأدلاّء الهداة) فالناس على أربعة أقسام:


    القسم الأول: من عرف الحقّ بالتّفصيل والباطل بالتّفصيل وهؤلاء الذين سلكوا مسلك الكتاب والسُّنّة وأخذوا بما دلّت عليه النّصوص من الوحيين ولزموا طريقة الصّحابة، وهؤلاء يقول عنهم الإمام ابن القيّم:(أعلم الخلق) فإن كانوا أعلم الخلق لا يجوز لك أن تتعدّاهم ولا أن تتجاوزهم لأنهم أعلم الخلق وهم الأدلاء الهداة.


    قال: والقسم الثّاني: من عرف الحقّ بالتّفصيل والباطل بالإجمال، يعرف الحقّ وأنّما ضدّه ماذا؟ هو الباطل هكذا لكن تفاصيل الباطل وطرق أهل الباطل ومداخل أهل الباطل نعم ومكائد أهل الباطل لا يتفطّن لها ولذلك فغالبًا ما يُدخل على أهل السنة من هذا القسم يُدخل عليهم من هذا القسم وضررهم بالغ نعم قد لا يكون طالب العلم ابتداء يُطلب منه أن يعرف الباطل مُفصّلاً من حين ابتدائه إنّما يجب عليه أن يعرف الحقّ مُفصّلاً وأن يعرف أنّ ما ضدّ هذا هو الباطل ابتداءً ثمّ يرتقي فيتلقّى ويتعلّم الحقّ المُفصّل ومعه شيء من تفصيل الباطل وهكذا حتّى يعرف الحقّ المُفصّل والباطل المُفصّل.


    والقسم الثالث: -أعجّل-: من عرف الحقّ بالإجمال والباطل بالتفصيل وهؤلاء ضررهم بالغ أيضًا.


    والقسم الرّابع: من عرف الحقّ بالإجمال والباطل بالإجمال فلا تحد عن أهل الطّريقة الأولى أعني معرفة الحقّ المُفصّل والباطل المُفصّل.


    نسأل الله العلي العظيم بمنّه وكرمه أن يُوفّقنا جميعًا لما فيه مراضيه وأن يُثبّتنا جميعًا على الإسلام والسُّنّة حتّى نلقاه.


    وصلّى الله وسلّم وبارك على رسول الله وآله وصحبه وسلّم.


    الشّيخ محمد بن هادي المدخلي -حفظه الله-:


    نسأل الله جلّ وعلا أن يرزقنا حُسن الانتفاع كما رزقنا حُسن الاستماع.


    واعلموا جميعًا أنّي والله لا أرضى بالمدح ولا أقبله والله يعلمُ ما في قلبي وكفى به عليمًا والله أمقته وأبغضه ظاهرًا وباطنًا فأنا محمد بن هادي تعرفونني وأسأل الله جلّ وعلا أن يسترني وإيّاكم بستره الجميل في الدنيا والآخرة



    مالي وللمدح إنّي لستُ أبغيه *** ولستُ أصغي إلى من قام يُنشيه
    مالي وللمدح والأملاك قد كتبوا *** سعيي جميعا وربّ العرش مُحصيه
    إذ يورث المرء إعجابًا بسيرته *** وما جناه من الزّلاّت يُنسيه

    فنحن معشر الإخوة لا نقبل المدح ولا نُحبّه ولا نُقرّه ونسأل الله جلّ وعلا أن يُصلح بواطننا وظواهرنا وأن يجعل بواطننا كظواهرنا وخيرا من ظواهرنا، كما نسأله جلّ وعلا بأسمائه الحُسنى وصفاته العُلى أن يسترنا وإياكم جميعًا بستره الجميل في الدنيا والآخرة وأن لا يهتك لنا ستر.


    وصلّى الله وسلّم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


    ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ
    الإجابة عن الأسئلة:
    (الشيّخ محمد بن هادي المدخلي -حفظه الله-):

    الحمد لله ربّ العالمين والصّلاة والسّلام على نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


    أمّا بعد:

    يقول: بعض أتباع الحلبي يصفون الإخوة الذين ينكرون عليهم بأنّهم حدّاديّة فكيف نتعامل مع هؤلاء؟

    الجواب:

    أقول:(رمتني بدائها وانسلّتالغلاة هم والانحراف عندهم هم ويرمون به من خالفهم، والحقّ أنّ هؤلاء الذين يشير إليهم السّائل أنا أعرف طائفةً منهم بهذه الصّفة التي ذكرها السّائل وإن لم يذكر الأشخاص لكن الوصف معروف، وأنا أسأل هذا الذي يقول له هذا القول: من هم الحدّاديّة؟وما طريقتهم؟ ومن الذي ردّ عليهم؟

    الحدّاديّة هُم أتباع محمود الحدّاد، وطريقتهم معروفة ومعروفة ومعروفة وقد كُتب فيها وصُنّف من مشايخنا وتكلّمنا فيها عام 1414 هـ، يعني قبل كم من الآن؟ قبل تسع عشرة سنة، فنحنُ أوّل من ردّ على الحدّاديّة، ولكنّ هؤلاء لمّا أرادوا أن يتركوا الطريقة السّلفيّة ليتّحدوا هم والإخوان المسلمين أو إن شئت قُل: المُنتقى من الإخوة المُسلمين كمحمد حسّان ومن كان على شاكلته، وأبو الحسن ومن كان على شاكلته، ما المغرواي وما أدراك ما المغرواي ومن كان على شاكلته، وكلّ من فارق الدّعوة السّلفيّة إمّا بتكفير وغلوّ كالمغراوي ومن كان على شاكلته، وإمّا بتمييع وأقول هذه الكلمة بملء فِيَّ يرضى من رضي ويأبى من يأبى، وَلْنقف جملة معترضة عند كلمة (تمييع) قبل أن ننطلق إلى الجواب، هذه الكلمة اليوم نسمع بعض المتحذلقين يقول: لا وجود لها لا في اللّغة ولا في الشّرع فهي ما هي موجودة في اللّغة العربيّة وليست موجودة لم تُؤثر عن أحد من السّلف فإطلاقها خطأ من ناحية اللّغة ومن حيث الشّرع؛ هكذا قرّر هذا المُقرّر ولكلّ ساقطة لاقطة، ثمّ بعد ذلك جاء بثالثة الأثاثي وهي: أنّ الذين قالوها ليس لهم مستند إلاّ سيّد قطب، شوف! ليس لهم مستند إلاّ سيّد قطب، ثمّ ذهب ينقل من كتب سيّد قطب في أربعة مواطن خمسة مواطن ستّة مواطن لا أدري كم موطن.

    سيّد قطب لتعلموا جميعاً أطلق هذه اللّفظة على أهل السُنّة الذين لا يُوافقونه في تكفير النّاس لأنّه يُكفِّر المجتمعات فمن لم يُكفِّر فهو مُميّع عنده فأطلق هذه اللّفظة، وإطلاقه لها ومراده منها المعنى الباطل ليس معنى ذلك أنّنا لا نستخدمها نحن، أبدًا؛ هذه الكلمة ثابتة لغة ومعروفة عند أصحاب رسول الله –صلّى الله عليه وسّلم- ومعروفة عند علماء الإسلام، أمّا في اللّغة فإنّ العرب يُطلقون على عكس ما قال هذا المُتحذلق يُطلقون المُيوعة على السّحاب إذا جرى، وهل السّحاب بالله مائع؟ من السّوائل؟ يُحقن في القارورة والجالون، ويُطلقون مائع على الفرس إذا جرى فهل بالله الفرس إذا جرى سال وذاب وحطّيناه في قارورة؟ ويُطلقون المُيوعة على ناصية الفرس إذا طالت وسالت فأشبهت السّائل لأنّها استرسلت فهل بالله عليكم ناصية الفرس ذائبة من السّوائل كالزّيت ونحوه؟! ويُطلقون أيضاً المائع على الأحمق (الأحمق) الرّجل الأحمق يُسمّونه مائع فبالله عليكم هذا الرّجل الذي يُسمّى مائع يعني أحمق هل هذا من السّوائل؟ سيّلناه وجعلناه في قارورة؟ هذا موجود أيضاً في لغة العرب، ويطلقون المائع على أوّل النّهار وفوعته، ويُطلقون المائع على أوّل الشّباب السّن وفوعته وشرّته في أوّل أمره، فبالله عليكم الشّابّ في أوّل عمره حينما يكون عنده شيء من الانحراف هُنا وهنا يقولون عنه: مائع هذا بالله سائل من السّوائل؟ أنا أسألكم! هذا كُلّه مرصود في كتب اللّغة ولكنّ صاحبنا ما عرف إلاّ اثنين من كتب اللّغة ولم يُكملها نقل وبتر، فنقل عن مقاييس اللّغة لابن فارس ونقل عن كتاب آخر وُهو الصّحاح للجوهري مع أنّ الصّحاح فيه شيء من هذا لكنّه بتر الكلام ليُدلّل أنّ كلمة مائع لا تُطلق إلاّ على إيش؟ على السّوائل الذّائبة، وهذا كلام العرب إن شئتم راجعوه في (لسان العرب) وإن شئتم راجعوه في (القاموس) وإن شئتم راجعوه في (التّكملة والصّلة) لما فات القاموس من اللّغة، وإن شئتم فراجعوه في (تاج العروس شرح القاموس) هذه بعض الكتب هذا الكلام فيها إذا لم تجدوه فأنا ضمين لكم وموجود ومسجدي معروف فارجعوا وقولوا أنت تُخطئ أو تكذب على العلماء، فالعرب استخدمت ميوعة في هذه الأمور كلّها، وليست في السّوائل فقط.

    فإذن: استخدامهم لها هنا ما هو؟ استعارة على لغة أهل البلاغة، استعاروا هذا اللّفظ من الذّائب المائع السّائل إلى الصّلب لمّا تليّن وتساهل حتّى سال أشبه السّائل فذوبان السُنِّي في أهل البدعة حتّى يغيب بينهم هذا ذوبان، وذوبان الرّجل بين أهل الفسق حتّى يذوب بينهم هذا ذوبان وهذه ميوعة –وهكذا- قُل ما شئت، فهذا استعارة استعاروها من السّوائل إلى الجامدات بجامع اللّيونة والجريان في كلّ، بجامع إيش؟ اللّيونة والذّوبان والجريان في كلّ، والعرب تعرف هذا، وأمّا في الشّرع فقد سُئل عبد الله بن مسعود –رضي الله تعالى عنه- عن قوله تعالى: ﴿إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الأَثِيمِ كَالمُهْلِ يَغْلِي فِي البُطُونِ كَغَلْيِ الحَمِيمِ خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الجَحِيمِ ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ–إيش- ﴿الحَمِيمِ ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ الكَرِيمُ هذا لمّا سُئل عنه عبد الله بن مسعود وكان على بيت المال بالكوفة وقد بقي ببيت المال شيء من فضّة فذهب إليه وأمر به فأخرج ثمّ أضرم عليه النّار يقول الرّاوي: (حتّى إذا أخذت تميّع وتتلوّن) فقال لهم عبد الله بن مسعود:(ما شيء ممّا سألتم عنه أشبه منه بهذا) تتميّع وتتلوّن ذابت بعد أن كانت صلبة كُتلة فضّة ذابت فلمّا ذابت وتلوّنت قيل فيها تميّعت وتلوّنت فقال لهم هذا –رضي الله تعالى عنه-.

    فالتّلوّن في دين الله جلّ وعلا والذّوبان من هذا الرّجل في أهل الباطل من السُنِّي بين أهل الباطل هذه هي المُيوعة شاءها هو أم أباها، وكما قُلتُ لكم أيضاً التّشبّه بالكُفّار والتّحلّي بلباسهم والاتّصاف بصفاتهم تميّع للمسلم وإذهاب لشخصيته حتّى تذوب في هؤلاء الكُفّار، فالميوعة هي اللّيونة والتّلوّن والذّوبان والسّيلان –نسأل الله العافية والسّلامة- فاستُعيرت من السّوائل إلى الجامدات إذا صارت على هذا النّحو وهذا معروف في لُغة العرب، فالقول بأنّها لا أصل لها في لغة العرب ولا في الشّرع هذا قولٌ يرُدّه مُعجم أو معاجم لغة العرب وتردّه كتب التّفسير الموجودة بين أيدينا، وأمّا إطلاقها كما يقول هذا القائل يقول: يُطلقونها على من يتهيّبون أن يُبدّعُوه، نقول له: نعم، نقول متميّع، فإذا قام به وصف البدعة والله وبالله وتالله لَنُبدّعنّه ولا نُبالينّ به (ما الكريم على القلم مُحرّم)، ففي أوّل أمره يتميّع ثم ينتهي بعد آخر أمره إلى أن يُضيَّع فيذوب في أهل الكُفر إن كان من أهل الفسق والفجور، ويذوب في أهل البدع إن كان من أهل الإسلام والسُنّة، والله لو قامت به البدعة لوصفناه بها وما بالينا، والله الذي لا إله غيره لو قامت به البدعة لوصفناه بها وما بالينا ما الذي نخافه؟ نحنُ لا نخشى إلاّ الله –تبارك وتعالى-، ولكن هذه مُقدّمة يتميّع الإنسان حتّى يذوب في أهل البدع ويُصبح الحساسيّة عنده من البدع ومن أهلها ضعيفة أو منعدمة فيصبح بعد ذلك المبتدع قعيدُه جليسُه أكيلُه شريبُه صحيبُه كما سمعتم في هذه الآثار، فهذا هُو التميّع، فما كان بالأمس مُنكرا عنده أصبح اليوم معروفاً عنده، وما كان بالأمس معروفاً عنده أصبح اليوم مُنكراً عنده هذا هو التلوّن في دين الله وهو الذي قاله حُذيفة لأبي مسعود حينما وصّاه وقال له:(إيّاك والتلوّن في دين الله تبارك وتعالى).

    فبالأمس (علي حسن) ويُسطّر هذا بيده في كتابه الذي يُسمّيه منهج السّلف الصّالح يقول: كان يُنكر هذا من زمان كم سنة وأنّه من سنين أحسّ بهذا الغلو الآن يُريد أن يرجع على عقبيه يُريد أن يرجع إلى أصحابه الذين قدموا عليه مؤخرا فيرضيهم بما؟ بالطّعن في أهل السُنّة وأنّه من قديم أحسّ بشيء من هذا الغلو فأصبح يُنكره عليهم الآن ويستغفر الله ممّا كان عليه قبل -هكذا يقول-، هذا الذي نقوله نحنُ بملء أفواهنا، البليّة كلّ البليّة والرّزيّة كلّ الرّزيّة أن تعرف ما كنت تُنكر وتُنكر ما كُنت تعرف وهذا مسطور هُو بنفسه كاتبه، فإذا كان هو الآن يُنكر هذا الحال ورجع إلى ما يقوله قبل سنين ويقول: إنّه كان يقصد به كذا وكذا وكذا فالآن يستغفر الله ممّا كان منه يعني الذي كان عليه من السُنّة قبل وثباته عليها قبل فرجع الآن إلى كلّ السّلفيّين فهذا هُو الذّوبان هذا هو الذّوبان –نسأل الله العافية والسّلامة-، فشيء عجيب يُقال أنّ التّميّع لفظ ما هو موجود لا في اللّغة ولا في الشّرع هذه كتب اللّغة وهذا كلام أصحاب رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم-.

    أمّا قوله إنّهم لابدّ يستخدمه علماء الجرح والتّعديل علماء الجرح والتّعديل كلماتهم أنت شوف أنظر فيها، الجرح والتّعديل ماشي وتطوّر يتطوّر فتجد عند الأوّلين ألفاظ قليلة وهذا معروف عند أهل المُصطلح لمّا زاد وتقدّم التّاريخ زادت الألفاظ بعد ذلك زادت أكثر بعد ذلك ..وهكذا حتّى ضُبطت بمراتب، فهذا اللّفظ الذي استخدمه العلماء معروف إذا كان يُنكره (علي حسن) علينا مثلاً هو موجود في كلام شيخه الذي يدّعي أنّه شيخه و الألباني قد ضرب مثالاً بأنّ من المُستفيدين وليسوا من طلاّبه من المُستفيدين (علي حسن عبد الحميد)، وأنا سمعت هذا الشّريط وقلت: الحمد لله الذي لم يجعل الشيّخ ناصر –رحمه الله- يجعل مثالاً للمُستفيد الذي هو مُستفيد وليس من تلاميذه مُستفيد، لكن طالب تلميذ لا، ما جعل مثالاً إلاّ (علي حسن)؛ فقلت: الله أكبر كأنّ الله وفّق هذا الإمام لأن ينطق بهذه الكلمة لما يعلمه الله في مستقبل العصر والدّهر ممّا سيكون من هذا الرّجل، فضرب مثالاً للمستفيدين منه وما هم تلاميذ، تلاميذ بالمعنى العام إلّي استفادوا من كُتبه (علي حسن)؛ هذا موجود مُسجّل بصوت الشّيخ ناصر وهو موجود في النّتّ.

    فالآن إذا كان يُنكره هو أو غيره ممّن يزعمون أنّ المشايخ الآن تغيّروا هذا كلام الشّيخ موجود فيه فقد تكلّم على هذه المسألة ومسألة تمييع الإنسان حتّى يذوب في غيره تكلّم عليها الشّيخ ناصر –رحمه الله- في مسألة ميوعة المرء حتّى يُشابه أعداء الله.

    وهكذا أيضاً الشّيخ ابن عثيمين –رحمه الله- استخدم هذا اللّفظ وتكلّم عليه في مسألة التّميّع في دين الله تبارك وتعالى وأنّ الإنسان قد يلين ويلين حتّى تأخذه الميوعة حتّى يخرج ويترك ما عليه من الصّلابة في دين الله تبارك وتعالى ويخرج على الذّكورة والرّجولة وحزم الرّجال إلى التّميّع الذي ليس من طباع الرّجال وهكذا الشّيخ الفوزان استخدمه وهكذا...، بل بعض هؤلاء إلّي الآن يُنكرونه في كلماتهم القديمة موجود استخدام هذا اللّفظ فما بالهم اليوم يُنكرونه!! لأّنهم قد وقعوا في مدلوله، فلمّا وقعوا في مدلوله ذهبوا يُنكرونه، فافهموا هذه –بارك الله فيكم-.

    فأقول: إنّ هؤلاء الذين يصفونكم ويقولون عنكم إنّكم حدّاديّة لأنّهم هُم تميّعوا وتركوا السُنّة وذهبوا وأصبحوا يُمالئون أهل الأحزاب والبدع.

    فكما قُلتُ لكم: بالأمس إحياء التّراث لا يُؤخذ منها واليوم جمعيتنا المباركة، نعم.

    بالأمس: فلان إخواني اليوم لا صاحبهم سلفي وتاب، اليوم يراه على مرأى ومسمع من عينيه ومن العالم كلّه، ويسمع صوته أنّه ( كلمة لم أفهمها) في المظاهرات ويقول عنها: هذه المظاهرات إلّي فيها وإلّي فيها ويمدحها ويقول عن الذين خرجوا فيها من الغوغاء والهمج والرّعاع يقول عنهم: هذا الشّباب المؤمن التقيّ الطّاهر ومع ذلك يمدحه، ثمّ يأتي ويقول: وخرجت أنا وزوجتي وأولادي ومع ذلك يمدحه، وبعد ذلك العذر أقبح من ذنب يقول: لا، أنا أذنت بالردّ عليه، أنتَ أنتَ الذي مدحته مُطالب بأن تُبيّن موقف الإسلام من هذا وأمثاله الذين يُضلّون النّاس، دَعكَ من غيرك، أنتَ الذي تكلّمت أمس الآن يجب أن تُبيّن موقفك هذا هو الذي نقوله.

    فالحدّاديّة ما ردّ عليهم إلاّ نحن ولا بيّن أمرهم في أوّل الأمر إلاّ نحن ومشايخنا في المدينة لأنّهم تركوا طريق السُنّة إلى الغلوّ، وهؤلاء تركوا طريق السُنّة إلى البدع والميوعة وترك ما عليه السّلف الصّالح –رحمهم الله تعالى-، فبين تبذيرٍ وبُخلٍ رُتبة وكِلا هذين إن زاد قتل

    فلا تغلو في شيءٍ من الأمر واقتصد *** كِلا طرفي قصد الأمور ذميمُ

    والله سُبحانه وتعالى قد بيّن لنا ذلك، والنبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- قد بيّن لنا ذلك فقال –صلّى الله عليه وسلّم-:(إنّ من إجلال الله إكرام ذي الشّيبة المُسلم، وذي السّلطان المُقسط وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه) فلا غلوّ ولا جفاء فلا إفراط ولا تفريط وأهل السُنّة وسط في جميع الأمور في إثبات ذات الله –تبارك وتعالى- وأسمائه وصفاته وإثبات توحيده وفي اتّباع رسوله -صلّى الله عليه وسلّم- ومحبّته وفي باب القدر وفي باب الصّحابة وفي باب الأقوال والأفعال بإدخالها في مسمّى الإيمان إلى غير ذلك من أبواب العقيدة كما ذكر ذلك علماء السُنّة وعلماء الحديث –رحمهم الله تعالى-.

    لكن هؤلاء لمّا رأوك تُحذّر منهم وصفوكَ بالغلوّ ولا يضيرك بإذن الله -تبارك وتعالى-، فاثبت على ما أنت عليه من التّمسّك بالحقّ والسُنّة ولن يضرّك بإذن الله جلّ وعلا.


    أحد الإخوة: حتّى هذه أوترت على الشيخ عبد المالك فيما يقول: أشدّ من الحدّاديّة.

    الشّيخ محمد: ما يخالف.
    الأخ: جواب واحد؟
    الشّيخ: نعم

    السّؤال:
    هذا يقول: هل يصح إطلاق وصف البدعة على ما أحدثه عثمان من آذان الجمعة؟


    الجواب:
    معاذ الله، هذا أنتم سمعتم قول النبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- قبل غداءكم:(عليكم بسُنّتي وسُنّة الخلفاء الرّاشدين المهديّين من بعدي تمسّكوا بها وعضّوا عليها بالنّواجذ) وعثمان بن عفان –رضي الله تعالى عنه- خليفة راشد –رضي الله تعالى عنه- وقد سنّ هذا الآذان ما نقول أحدثه نقول سنّه لأنّه صاحب سُنّة مأمورين نحن باتّباعها سنّه لمّا رأى الحاجة إليه فرأى النّاس يتأخرون عن الجمعة فسنّه وكان يُؤذن به خارج المسجد في الزّوراء خارج المسجد فيؤذّن به حتّى يُنبّه النّاس بقُرب صلاة الجُمعة فيذهب من يذهب ويستعدّ ويغتسل ويتهيّأ وينطلق إلى الجمعة مُبكّرًا فكان هذا منه –رضي الله تعالى عنه- فهو صاحبُ سُنّة أمرنا بأن نتّبعه وأمرنا بنص حديث رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- فلا يُقال عن ما أحدثه بدعة بل نقول: هو صاحب سُنّة أمرنا باتّباع سُنّته.


    السّؤال:
    وهذا يقول: ما قول القائل:"لا تكن طرفًا في الفتنة"؟


    الجواب:
    أيّ فتنة؛ أي فتنة؛ ماهي؟ الفتنة التي يُعرف فيها الحقّ يُبتلى فيها الخلق ويُعرف فيها الحقّ هذه يُمدح من يصبر على الحقّ فيها وثباته على الحقّ فيها؛ فمثلاً: فتنة الخوارج التي قامت كيف كان موقف أصحاب النّبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- منها؟ كان موقفًا حازمًا وقد مدح النّبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- هؤلاء وقاتلهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب –رضي الله تعالى عنه- ومعه الصّحابة وقد قال في ذلك -عليه الصّلاة والسّلام:(إنّ منكم من يُقاتل على تأويل هذا القرآن كما قاتلتُ على تنزيله) فاشرأبَّ من اشرأبَّ من القوم وكان فيهم أبو بكر وعمر فقال النّبي –صلّى الله عليه وسلّم-:(إنّما ذاكم خاصف النّعل) وكان علي بن أبي طالب –رضي الله تعالى عنه- فهو صاحب قتال الخوارج –رضي الله تعالى عنه وأرضاه- وقاتل معه الصّحابة ومن لم يحضر قتال الخوارج تأسّف على أن فاته فهذه فتنة ابتليت بها أمة الإسلام لكن الحق فيها واضح وظاهر فهذا الموقف منه، أما الفتنة التي لا يُعرف فيها الحق من الباطل ويشتبه الأم على الخلق فهذا الذي أمر النّبي –صلّى الله عليه وسلّم- بالاعتزال فيه فما أدري ماذا يريد هذا من هذه الفتنة "لا تكن طرفًا في الفتنة" فإن أراد به الرّدّ على أهل الأهواء وبعض من ذكرنا فهذا مسكين ينبغي أن يُبيّن له أنّ هؤلاء هم الذين فارقوا الطّريق السّلفيّة الصّحيحة وينبغي عليه أن يتعلّم حتّى يعرف هذا الباب حقّ المعرفة.


    السّؤال:
    وهذا يقول: هل يجوز مع شدّة الشّهوة الاستمناء؟


    الجواب:
    نقول لا؛ النبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- قد أفتانا وبيّن لنا فقال –عليه الصّلاة والسّلام- في هذا الباب بيانًا شافيًا كافيًا:(يا معشر الشّباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصّوم فإنه له وجاء) الصّوم يُضعف هذه الشّهوة فعليكَ يا أخي السّائل بالصّيام وغضّ البصر فإنَّ غضَّ البصر من أعظم الأسباب التي تُعين على كسر الشّهوة وقطعها



    فكلُّ الحوادث مبداها من النّظر *** ومُعظم النّاس من مُستصغر الشّرر

    كم نظرةً فتكت في قلب صاحبها *** فتك السّهام بلا قوس ولا وتر

    إلى أن قال:


    لا مرحبًا بسرور عاد بالضّرر

    فهذا النّظر الذي فيه سرور من أول شيء يرجع بالضّرر فلا مرحبًا بهذا السّرور فأنا أنصحك أخي السّائل ابني السّائل بما أرشدنا إليه رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- وبيّنه لنا.


    السّؤال:
    وهذا يسأل عن كتاب الإبانة لمحمد بن عبد الله الإمام؟


    الجواب:
    أنا ما قرأته نعم.

    أحد الإخوة: (لم أسمع كلامه جيّدًا.....)

    السّؤال:
    هذا يسأل عن المشي مع المُخالف لأهل السُّنّة وإذا نصحته قال: أنا معه أنصحه.


    الجواب:
    فرق في الحقيقة هذا من التّلبيس تلبيس إبليس عليك يعني مشيك معه وهو مخالف لأهل السُّنّة هذا مُصيبة وكما قلنا قبل قليل وسمعتم:(ما في أضرّ على الرّجل من صاحب) أبدًا ما فيه أضر عليه من صاحبه فإذا كان صاحب شرّ وصاحب فسق وصاحب بدعة وصاحب هوى فلا شكَّ أنّه يجرّك إلى ما هو عليه ونحن ما علمنا الصّحيحة يُؤتى بها للمريضة لتصحّ المريضة بل الصّحيحة هي التي تمرض وهذه سُنّة الله الكونية،


    وما ينفع الجرباء قرب صحيحة *** إليها ولكن الصحيحة تجربُ


    والمداواة فرق بينها وبين المخالطة فالطّبيب يأتي إلى المرضى أصحاب الأمراض المعدية يداويهم في أوقات مع تحصّنه بإذن الله تبارك وتعالى وأخذه للقاحات ضدّ هذه الأمراض ويدخل فيهم ثم يعالجهم في أوقات معدودة ويعود ما يجلس معهم ويخالطهم أبدًا بدون تحصّن أيضًا فتحصّن ذاك باللّقاحات في أمور الأمراض المعدية هذا يتحصّن أيضًا بالعلم وبالسّنّة في أمر أيضا الأمراض المردية أمراض الأهواء –نسأل الله العافية والسّلامة- فإنّ العلم كما سمعتم قبل قليل يكشف الله سبحانه وتعالى به الحقّ لصاحبه ويدلّه على الحقّ ويدلّه على من كان على هذا الحقّ من الخلق فيعرف صاحب الحقّ ويعرف صاحب الباطل فالمناصحة لا تستلزم المخالظة، وأمَّا المخالطة فالغالب الغالب على أصحابها أنّ الصّاحب ساحب والمجالَس مُجانَس تُصحب أنت مثله من جنسه؛ فنحن نسأل الله العافية والسّلامة تكتب له كتابًا تُكلّمه في الهاتف تجلس معه جلسة لا مانع من ذلك تجلس معه جلسة فإذا رأيت قبولاً منه ورأيت أنّه مُلبّس عليه وجهله جهل بسيط بيّنت له والحمد لله ينتفع، رأيت أنه معاند وجهله جهل مركّب فهذا لا حيلة فيه لا حيلة فيه


    قال حمار الحكيم توما *** لو أنصفوني لكنت أركب

    لأنّني جاهل بسيط *** وصاحبي جاهل مركّب

    فهو الذي لا يدري ولا يدري أنّه لا يدري ولا يعلم ولا يعلم أنه لا يعلم ويريد أن يكون كأهل العلم وفي الحقيقة ليس عنده إلاّ الجهل فأنت إذا رأيت منه بوادر الاستفادة نعم، رأيت عنده أيضًا -رحمة به- رأيت عنده شبه تحتاج إلى تفنيد فالطف أيضًا واصبر لكن ليس يعني ذلك أن يكون هو الجليس والأكيل والخليط والقعيد والنّزيل..أبدًا هذا غير صحيح نعم.


    يكفي خلاص، لعلّنا نكتفي بهذا القدر، والسّؤالات الباقية لعلّنا إن شاء الله يضمنا مجلس آخر ونجيب عليها. والله أعلم.


    وصلّى الله وسلّم وبارك على عبده ورسوله نبيّنا محمد.

    (كلام قليل خارج الدّرس.....................)

    أحد الإخوة: شيخنا لو تعرّجون على هذه المسألة:"لا يلزمني".


    الشّيخ:
    يسأل الإخوان عن قضيّة قول القائل:(لا يلزمني) تُبيّن له ويقول:(لا يلزمني).


    الجواب:
    إذا كان تُبيّن له الحقّ بدليله ويقول:(لا يلزمني!) فما الذي يلزمه؟ ما الذي يلزمه؟ الله جلّ وعلا يقول:
    ﴿
    وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَّكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَّعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُّبِينًا ويقول:﴿وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ويقول:﴿فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعتُمْ وَاسْمَعُوا وأَطِيعُوا ويقول سبحانه وتعالى:﴿يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ..إلى غير ذلك من الآيات؛ ويقول النبيّ –صلّى الله عليه وسلّم-:(من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله) فإذا بيّنتَ للمرء المسألة بدليلها من الكتاب والسُّنّة دلالةً عليها دلالةً صريحة واضحة لا لبس فيها ولا غموض ولا خفاء ثمّ لا يُعارضك بشيء إلاّ بقوله:(لا يلزمني!) فاعلم أنّه صاحب هوى، أمّا لو أتى بدليل قائم من كتاب الله وسنّة رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- فعليك أن لا تعجل عليه أنظر في دليله فقد يكون الدّليل صحيحًا لكن الفهم غير صحيح فبيّن له فإن أبى بعد البيان له المدعّم بكلام الله من آيات أخرى فإنّ خير ما شرح القرآن القرآن ثمّ بعد ذلك الحديث وخير ما فسرّ السُّنّة السُّنّة فبعد ذلك كلام الصّحابة ثم في الجميع لغة العرب ويُطلب هذا من كلام العرب ومن أشعارهم فإن الشعر ديوان العرب كما قال عبد الله بن عباس –رضي الله تعالى عنهما-، فإذا بيّنتَ له بعد ذلك بكلام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم- وكلام أصحابه –رضي الله تعالى عنهم- وأبى فلا حيلة فيه لا حيلة فيه، وهذا الآن أصبح مركبًا يركبه كلّ من أراد أن يركب رأسه ويخالف ويفارق أهل السُّنّة (لا يلزمني!) هذه مسألة أبو الحسن نحنُ ما سمعناها إلاّ معه تُبيّن له بالحقّ والأدلّة والدّلائل المتتابعة يقول لك:(لا يلزمني!) إذًا ما الذي يلزمك؟ تريد وحيًا في قصّتك هذه بعينها؟ باسمك؟ هذا لا يمكن أن يكون؛ كتاب الله يتلوه كلّ تالي وسنّة رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- يتلوها كلّ تالي بين أيدينا فنحن نحتكم إليها فإمّا أن تكون دلالة منطوق فهي أعلى الدّلالات؛ وإمّا أن تكون دلالة مفهوم فهي التي تليها ثمّ كلام أهل العلم نستعرضه من أصحاب رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- هل هو على فهمك أنت وإلاّ على فهمي أنا على أيّ الفهمين كان وجب على الثّاني الرّجوع له؛ فيه أكثر من هذا إنصافًا معشر الإخوة؟ إن كان يدل كلام السّلف في تفسيرهم لكلام الله وكلام رسوله -صلّى الله عليه وسلم- على ما ذهبت إليه فأنا معك وإن كان يدلّ على ما أنا عليه وأدعوك إليه فيجب عليك أن تتق الله وتترك هذه العبارة (لا يلزمني!) الحقّ يلزمك ويجب عليك قبوله ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَّكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ.


    وبهذه المناسبة هناك مقالة تنجرّ عن هذه؛ بعضهم يقول:(كلام السّلف يُستأنس به!) ما شاء الله وكلامك أنت يجب أن يُؤخذ به! كلام السّلف يقول:(يستأنس به!) فهم السلف يستأنس به وفهمك أنت! فهمنا نحن ملزم وفهم السلف لا يستأنس به مع أن فهم السّلف هذا قد ألزمنا به رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- وأصحابه –رضي الله عنهم- قال:(ما كان عليه اليوم أنا وأصحابي) فالذي عليه النبي –صلى الله عليه وسلم- وأصحابه فهو الدين وبعده ما كان عليه أصحابه مع الخلفاء الراشدين وبعدهم ما كان عليه بقية أصحاب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- هو الدين وبعده ما كان عليه أئمة التابعين وخيار التابعين وكبار تلاميذ أصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم- هو الدين وبعده ما كان عليه أئمة الأثر كمالك والسفيانين والحمّادين والأوزاعي وشعبة وأحمد والشافعي ونحوهم هذا هو الدين فما لم يكن هؤلاء عليه فليس دينًا فلا نحن نعرفه ولا يمكن أن نقبله من صاحبه إذا خالف ما عليه هؤلاء الأخيار إلى أصحاب رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم-.


    فقوله:(لا يلزمني!) هو من باب الضّرب في صدر النّاصح والرّدّ عليه بغير ما حجة ولا دليل.


    نسأل الله جل وعلا أن يرزقنا وإياكم حسن الاستماع والانتفاع والاتباع إنه ولي ذلك والقادر عليه.

    وصلّى الله وسلّم وبارك على عبده ورسوله نبيّنا محمد.اهـ


    وللاستماع إلى الدّروس المباشرة والمسجّلة والمزيد من الصّوتيات يُرجى زيارة موقع ميراث الأنبياء على رابط:www.miraath.net وجزاكم الله خيرًا.



    وفرّغه:/ أبو عبد الرحمن أسامة
    10 / رجب / 1433هـ
    وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

  • #2
    رد: تفريغ اللقاء الأول من اللقاءات السلفية بالمدينة النبوية

    كلمة الشّيخ محمد بن هادي المدخلي -حفظه الله-:

    للتحميل من:
    هنا

    كلمة الشّيخ عبد المجيد جمعة -حفظه الله-:
    للتحميل من: هنا

    الشّيخ محمد بن هادي المدخلي -حفظه الله- مرّةً أخرى:
    للتحميل من: هنا

    كلمة الشّيخ عبد الله بن عبد الرحيم البخاري -حفظه الله-:
    للتحميل من: هنا

    كلمة الشّيخ محمد بن هادي المدخلي -حفظه الله-:
    نسأل الله جلّ وعلا أن يرزقنا حُسن الانتفاع كما رزقنا حُسن الاستماع..
    للتحميل من: هنا

    يقول: بعض أتباع الحلبي يصفون الإخوة الذين ينكرون عليهم بأنّهم حدّاديّة فكيف نتعامل مع هؤلاء؟
    للتحميل من: هنا

    السّؤال:
    هذا يقول: هل يصح إطلاق وصف البدعة على ما أحدثه عثمان من آذان الجمعة؟
    للتحميل من: هنا

    السّؤال:
    وهذا يقول: ما قول القائل:"لا تكن طرفًا في الفتنة"؟
    للتحميل من: هنا

    السّؤال:
    وهذا يقول: هل يجوز مع شدّة الشّهوة الاستمناء؟
    للتحميل من: هنا

    السّؤال:
    هذا يسأل عن المشي مع المُخالف لأهل السُّنّة وإذا نصحته قال: أنا معه أنصحه.
    للتحميل من: هنا

    الشّيخ:
    يسأل الإخوان عن قضيّة قول القائل:(لا يلزمني) تُبيّن له ويقول:(لا يلزمني).
    للتحميل من: هنا

    تعليق

    يعمل...
    X