إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

[جديد] محاضرة ’تأصيل العقيدة حماية من الأخطار الهدامة‘ لمعالي الشيخ صالح آل الشيخ [mp3]

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [صوتية] [جديد] محاضرة ’تأصيل العقيدة حماية من الأخطار الهدامة‘ لمعالي الشيخ صالح آل الشيخ [mp3]

    محاضرة صوتية جديدة
    تأصيل العقيدة حماية من الأخطار الهدامة


    لمعالي الشيخ
    صالح بن عبد العزيز آل الشيخ
    حفظه الله


    الخميس 06 رجب 1434 هـ الموافق لـ 16/05/2013
    جامع الأمير تركي بن عبد الله بالرياض ( الديرة)


    الاستماع:
    التحميل: تأصيل العقيدة حماية من الأخطار الهدامة | 27.15 مب | mp3


    تنبيه ورجاء: أرجو أن يتطوع أحد الإخوة أو إحدى الأخوات لتفريغ المحاضرة، فهي محاضرة قيمة غزيرة بالفوائد ألقاها عالم بارع محقق في العقيدة، وسنتكفل نحن -بإذن الله- بتنسيقها وإخراجها في قالب جميل لائق بموضوعها.
    الملفات المرفقة
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو محمد فريد القبائلي; الساعة 19-May-2013, 12:47 AM.

  • #2
    رد: [جديد] محاضرة ’تأصيل العقيدة حماية من الأخطار الهدامة‘ لمعالي الشيخ صالح آل الشيخ [mp3]

    حمل بشكل وورد من المُرفقات

    بسم الله الرّحمن الرّحيم

    الحمد لله حقَّ الحمد وأوفاه، وأشهدُ أنْ لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأشهدُ أنّ مُحمّدًا عبد الله ورسوله وصَفِيُّهُ وخليلُهُ، أشهدُ أنّه بلّغ الرِّسالة، وأدّى الأمانة، ونصح الأُمّة، وجاهد في الله حقَّ الجهاد؛ حتّى تركها بعده صلّى الله عليه وسلّم على بيضاء نقيّة لا يزيغُ عنها إلاّ هالك.

    اللّهم صلِّ وسلّم وبارك على عبدك ورسولك مُحمّدٍ كِفاء ما أرشدنا إليه، وهدانا إليه كُلّما صلّى عليه المُصلُّون، وصلِّ اللّهم وسلّم عليه كُلّما غفل عن الصّلاة عليه الغافلون.

    أمَّا بعدُ أيُّها الأخوة السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أسأل الله جلَّ وعلا أن يجعلني وإيَّاكم مِمّن إذا أُعطي شكر، وإذا أُبتلي صبر، وإذا أَذنب استغفر؛ فإنََّّ هؤلاء الثلاث عنوان السّعادة للمرء في دُنياه وفي آخرته.

    موضوع هذه المُحاضرة اختاره الإخوة في ضمن المُحاضرات الأسبوعيّة الّتي تُقام في هذا الجامع المُبارك، واختاروا له موضوعاً هو مُهِمّ كما وصفه سماحة شيخنا ووالدنا عبدالعزيز بن عبدالله آل الشّيخ أيّده الله ورفع درجته في جنّات النّعيم.. موضوع مهُِمّ؛ لأنّه به النّجاة في الدُّنيا وبه النّجاة في الآخرة، عنوانه: تأصيل العقيدة حماية من الأخطار الهدّامة.

    والأخطار الهدّامة أعظمها الأخطار الأُخرويّة عند لقاء الله جلّ وعلا ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ [الشعراء:88-89]، وهي الأخطار الّتي رُبّما هَدَمَتْ كُلَّ العمل أو هَدَمَتْ أكثر العمل، أو أَوْبَقَتْ الإنسان في النّار والعياذ بالله، ومنها أخطار في الدُّنيا كما سيأتي تفصيلها، لذلك هذا الموضوع مُهِمّ؛ لأنّ به النّجاة في فهمه في الدُّنيا وفي الآخرة.

    وتأصيل العقيدة معناه جعلها أصلا ًوأساساً في حياة الناس، وليست أمراً ثانوياً أو أمراً كغيره ويساوي غيرَه مِن المسائل الشّرعيّة أو مِن المسائل الدُّنيويّة والعياذ بالله.

    تأصيل العقيدة أن تُجعل هي الأصل، تأصيلها في النّاس أن تُجعل أصلاً في حياتهم ينظرون بها ويُقّيِّمُون بها ويهدون بها وإليها.

    تأصيل العقيدة أن تكون هي الأساس في نفس المُسلم، وأن تكون هي الأساس أيضًا في المُجتمع المُسلم، فالمُجتمع المُسلم يُبْنَى على ما يُحِبُّه الله ويرضاه، وأعظم ما يُحِبُّه الله ويرضاه صفاء القلب وتَوَجُّه القلب والوجه إليه سُبحانه، وذلك بالعقيدة الصّحيحة الصّافية.

    تأصيل العقيدة مُهِمّ؛ لأنّه يحمي الإنسان مِن أنْ يُوبَقَ عمله وأنْ يخسر ما يَعمَلُهُ ﴿ عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ[الغاشية:3]، هي تعمل وتنصب ولكن أصابها الخطر ﴿ تَصْلى ناراً حامِيَةًلغاشية:4].

    تأصيل العقيدة مُهِمّ؛ لأنّه فيه دخول الجنّة والنّجاة من النّار ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ[النحل:97].

    تأصيل العقيدة به دخول الجنّة والنّجاة من النّار، يعني أن تكون أساسًا في نفسك؛ وهذا يحملك على تعلّم العقيدة، تعلُّم أساسات الاعتقاد، والعقيدة الإسلاميّة بسيطة سهلة كما سيأتي بيانها.

    فتأصيل العقيدة في النّفس، وفي المُجتمع في حال الفرد المُسلم، وفي حال الجماعات المُسلمة، وفي حال الدّولة المسلمة؛ يحمي الفرد والجماعة والدّولة من الأخطار الّتي تُوبِقُ الأعمال الدُّنيويّة والأُخرويّة.

    العقيدة سُمِّيت عقيدة لأنّها يُعْقَدُ عليها القلب، الشّيء المُهِمّ الّذي تحتاج إلى الاهتمام به تعقد عليه، يعني تغلقه في قلبك؛ فيُصبح عقدًا قويًّا من حيثُ عدم الشّك فيه والمُحافظة عليه ووُجوده في القلب. كذلك عقيدة؛ لأنّها عقد بينك وبين الله جلّ وعلا تُحافظ عليه وتلتزم به.

    العقيدةُ الإسلاميّة سهلةٌ ولكن كَثُرتْ الفِرقُ والمُخالفات فكبُرَ وكَثُر الكلام في العقيدة، وإلاّ ففي الأساس هي تطبيق للإيمان بأركان الإيمان السّتّة، والعقيدة إذًا هي الإيمان بما أوجب اللهُ الإيمان به من أُمور الغيب قال اللهُ جلّ وعلا: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيدًا[النساء:136]، وقال الله جلّ وعلا -أيضًا-:﴿ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُلبقرة:285].

    أركانُ الإيمان جاءت في حديث جبريل المعروف الّذي رواه مُسلم في صحيحه عن عمر رضي الله عنه، قال جبريلُ لمّا أتى النّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم: "اخبرني عن الإيمان" قال: "أنْ تُؤمن بالله وملائكته وكُتبه ورُسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشرِّه".

    فأركان العقيدة هي هذه السّتّة الإيمان بالله وملائكته وكُتبه ورُسله وملائكته وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشرِّه من الله تعالى، وهذه مبسوطة يُمكن أنْ يُرجع إليها في مواطنها بتفاصيلها، وليس المقام اليوم في المُحاضرة بيان تفاصيل العقيدة، لكن هذا الإيمان بالأركان السّتّة يشمل:

    أوّلاً وهو أهمُّها الإيمان بالله، الإيمان بالله إيمانٌ بالله وحده ربًّا فلا ربَّ لنا سِواه، الإيمان بالله وحده إلهًا مُستحقًا للعبادة وحده دونما سِواه، الإيمان بالله جلّ وعلا كاملاً فيما له من الأسماء والصِّفات والأفعال سُبحانه وتعالى.

    وأوّل ما يظهر لك الإيمان بالله يعني الإيمان بربوبيّة الله، المُشركون كانوا يُؤمنون بأنّ اللهَ هو الرّبُّ الخالق الرّازق المُعطي ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ منْ خَلَقَهمْ لَيَقولُنَّ اللهُ [الزخرف:87] أي ما عندهم إلحاد في وُجود الله، لا يُنكرون وُجود اللهَ جلّ وعلا ولكن أنكروا أنّه المُستحقّ للعبادة وحده.
    لذلك هُنا أوّل مطلب في مطالب موضوع المُحاضرة تأصيل الإيمان برُبوبيّة الله حماية من الأخطار الهدّامة، الإيمان بربوبيّة الله إذا أُصِّل لم يوجدْ الإلحاد، كما تعلم أنّ الإلحاد يعني إنكار وُجود الله جلّ وعلا، أو الاستهزاء بالله جلّ وعلا أو الاستهزاء بما أنزل، عدم الإيمان بالله ربًّا ولا إلهًا، الكُفر بوُجود الله جلّ وعلا؛ هذا مِن أعظم ما يُلقيه الشيطان في النُّفوس ﴿ وَقَالُواْ مَا هِيَ إِلاّ حَيَاتُنَا الدّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَآ إِلاّ الدّهْرُ [الجاثية:24].
    فئة قليلة كانت من العرب تقول بهذا القول؛ ولذلك ليس في القُرآن كثير حوار يتعلّق بهذا الأصل وهو الإيمان بتوحيد الرُّبوبيّة، ولكن القُرآن كُلُّه تقرير لتوحيد الرُّبوبيّة لاستحقاق الله جلّ وعلا الرُّبوبيّة وحده؛ فهو الخالق وحده، وهو الرّازق وحده، وهو المُحيِّ وحده، وهو المُمِيتُ وحده، وهو المُجير وحده، وهو الّذي لا يُجار عليه وحده، وهو سُبحانه القويّ وهو على كُلِّ شيء قدير وحده.. وهو سُبحانه خالقُ كُلِّ شيء.

    إذن في مثل هذا الزّمن الّذي تعرض فيه موجات لبعض من لم يتعلمْ العقيدة، ولم يتشبّعْ منها، ولم يستفِد ممن عُلِّم، تعرض له موجات الإلحاد، لا بُدّ أنْ نحمي العقيدة، نُؤصِّل العقيدة لنحمي بلدَنا وشبابنا من هذا الخطر العظيم وهو الكُفر بالله جلّ وعلا. كيف؟
    يكون بكثرة ذِكر مُفردات توحيد الرُّبوبيّة، يعني في مثل هذا المقام حين يُنكر وُجود الرّبّ جلّ وعلا؛ لا بُدّ أنْ نُكثر من ذِكرِ مُفردات توحيد الرُّبوبيّة، يعني أنْ تَذْكُرَ تفاصيل أنّ اللهّ خالقُ كُلِّ شيء.

    وفي كُلِّ شيء له آية *** تدُلُّ على أنّه الواحد

    تبدأ بنفسك، خلق الإنسان ، خلق السّماء، خلق الأرض، خلق الكائنات، إجراء السّحاب، ما في المَلكوت مِن عجائب يُربط بتوحيد الله جلّ وعلا وأنّه سُبحانه هو الّذي أوجدهُ وخلقهُ، وبكثرة ذِكر الآيات فيه، وذِكر تعظيم الرَّبِّ جلّ وعلا، وما له سُبحانه وتعالى من العجائب في خلقه وفي ملكوته؛ يُغرس توحيد الرُّبوبيّة في النُّفوس.

    لذلك لمّا جاءت بعض الكلمات وبعض الأقوال الّتي قالها مُلحِدون في إنكارِ وُجود الله جلّ وعلا أو الاستهزاء به، وهي قديمة.. حتّى في مُجتمعنا قديمة، أتتْ من عدّة عقود من الزّمن.. ثلاثين أو أربعين سنة، وتتكرّر بين كُلِّ فترة وفترة.. تتكرّر؛ إذا ضَعُفْنَا عن تقريرِ هذا التّوحيد؛ تجِدْ بعض النّاس يُطالب بحوارهم، يقول لابُدّ أنْ تُحمى العقيدة بحوار المُلحدين، وحوار المُلحِد يصلُحُ فُرادًا، لكن ما يصلح أمام النّاس في التِّلفاز، أو في القنوات، أو في الشّبكات عَلَنًا، وفي المواقع الإلكترونيّة عَلَنًا، الحوار طيِّبٌ وهداية الضّال واجبٌ، ويكون على شكلٍ غير مُعلَن. لماذا؟
    لأنّ إيرادُ المُلحد للشُّبه قد يتأثّر به الجاهل ، يأتي جاهل ويسمع هذه الشُّبهة، تأتي في ذِهنِه؛ فيكون الحوار سببًا لانتشار هذه الفكرة. بعض النّاس ما عنده علم يقتنع بالشُّبهة ويأتيه الشّيطانُ بها أكثر مِمّا يقتنع بالعلم والحُجّة، وإلاّ لما ضلّ مَن ضلّ، فأكثر مَن ضلّ هو عن عدم فهم.

    ولكن العلاج الآخر المُهمّ الناجح أنْ يأتي الخطيب في خُطبتِه، والدّاعية في دعوته، والعالم في فتاويه إذا سُئِلَ وأشباه ذلك، يأتون بتقرير مُفردات توحيد الرُّبوبيّة؛ لأنّ اللهَ جلَ وعلا هو الرّبُّ سُبحانه ﴿ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ [النمل:63]. لذلك تأصيل توحيد الرُّبوبيّة منهج ومطلوب، لا يُقال إنّ هذا شيء معروف لا نُأسِّسُهُ، إذا كان لا يُوجد إلحاد أو لا يُوجد ضعف في تعظيم الله جلّ وعلا؛ فإنك قد لا تحتاج إلى التّفصيل فيه كثيرًا، لكن مع وُجود -مثل أيامنا هذه- ضعف في توحيد الله جلّ وعلا وتوقيره له وبُعد عن رُؤية آيات الله؛ فالخطيب والدّاعية والعالم ومَن له توجيه في النّاس والمُعلِّم في مدرسته يأتي إذا جاءت الآيات الّتي فيها ذِكر الله جلّ وعلا وذِكر عظمته يُرقِّق القُلوب بها، يتفكّر في الحديث أو في آية الكُرسي ﴿ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ [البقرة:255]، والكُرسي الّذي وسِع السّماوات والأرض هو موضع قدمَي الرّحمن جلّ جلاله، وما السّماوات السّبع بالنِّسبة إلى العرش إلاّ كسبعة دراهم أُلقيَتْ في تُرْسٍ، فما هذه العظمة؟! بين السّماء والسّماء مسيرة خمسمائة عام، ثُمّ بين السّماء والسّماء مسيرة خمسمائة عام، والنّاس اليوم يتفاخرون إذا بنوا عمارة طولها كذا؛ وأصبحوا يتعجّبون بما فيها ﴿ لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ [غافر:57]، يعني أكبر من خلق الله للنّاس أو أكبر مِمّا يخْلُقُهُ النّاس يعني يصنعه النّاس؛ وهذا مجال كبير جدًا لتأصيل العقيدة لتوحيد الرُّبوبيّة لتعظيم الله جلّ وعلا في النُّفوس، وإذا عَظُمَ في النُّفوس الإيمان بالله ربًّا؛ فإنّه يكون الخشوع قويًّا ودائم، ذلك إذا جاءت الآيات الّتي فيها ذِكرُ الله جلّ وعلا، وفيها ذِكر عظمته، وأنّه الواحد، وهو المُجري لكُلِّ شيء سُبحانه ﴿ أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْوَجَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَاء قُلْ سَمُّوهُمْ [الرعد:33] فإذا جاءت مثل الآيات الّتي فيها ذِكره حَرِّكْ بها نفسَك، ردِّدها، وحرِّكْ بها أيضًا مَن حولك، والخطيب يُحرِّك والإمام أيضًا إذا قرأها في الآيات يُحرِّك، يُغرَس الإيمان بالله جلّ وعلا، وإذا غُرس الإيمان بالله جلّ وعلا ربًّا فإنّ ما بعده يكون أسهل، ولذلك في القُرآن احتجّ اللهُ جلّ وعلا على المُشركين بما يؤمنون به وهو توحيد الرُّبوبيّة على ما يُنكِرونه وهو توحيد الإهيّة.

    ولكن إذا نظرتَ توحيد الرُّبوبيّة وتوحيد الإلهيّة: توحيد الرُّبوبيّة يعني مَن آمن بالله واحدًا في رُبوبيّته يلزم منه كما احتجّ اللهُ جلّ وعلا المُشركين في القُرآن، يلزم منه أنْ يجعله واحدًا في عبادته له، ومَن وحّد اللهَ في إلهيّته فإنّه مُتضمِّنٌ ذلك بتوحيده في رُبوبيّته.

    الكافر بالله ربًّا لا ينفعه شيء في الآخرة ﴿ وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا [الفرقان:23] فهو على أشدّ الأخطار، كذلك المشرك بالله وهو الّذي لم يُوحِّدْ الله توحيدَ العبادة، يعني جعل مع الله إلهاً آخر إمَّا صنما أو وثنا.

    الصّنم هو التِّمثال -صورة- التِّمثال الّذي يُعبد،يعني الصُّورة لها حالان -الصُّورة المُجسَّمة- إمّا أن تكون تمثالاً وهذا كان مُباحاً عملُه في الشّرائع قبلنا، وفي شريعة الإسلام حُرِّم أشدّ التّحريم ﴿ يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَآءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَٱلْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ [سبأ:13] في الإسلام حرّم الصُّورة أن تكون على هذا على هذا النّحو، وإذا عُبِدَ التِّمثال صار صنماً، وكل معبود وثن كذلك الصّليب, الصّليب وثن لأنّه؛ عُبِدَ من دون الله أو عُبِدَ مع الله جلّ وعلا، والقبر وثن، القبر إذا عُبِدَ مع الله جلّ وعلا ومن دون الله جلّ وعلا صار وثناً، فالوثن هو ما يُعبد مِمّا ليس على صورة، وإذا كان على هيئة صورة مُجسَّمة فإنّه يُسمّى صنما.

    ولذلك أعظمُ ما يُتَقَرّبُ إلى الله جلّ وعلا به أنْ تجعل هذه النُّفوس الّتي خلقها الله جلّ وعلا مُوحِّدة له في إلهيّتِهِ وعبادتِهِ، فلا تعبد إلاّ هُوَ، لا تدعو -دعاء العبادة- إلاّ هُوَ، لا تذبح ذبح العبادة والتّقرب إلاّ له، لا يُرجى رجاء العبادة إلاّ منه سُبحانه، لا يُخاف خوف السِّر الّذي لا يرتبط بأسباب ظاهرة إلاّ منه سُبحانه وتعالى، وهكذا في أنواع العبادة.

    هُنا يأتي أُناسٌ يقول ما أهميّة هذا التّوحيد الّذي دائما تقولونه.. دائماً تُردِّدونه.. ما أهميّته في حياة النّاس؟ له أعظم الأثر في الدُّنيا وفي الآخرة. أمّا أثره في الدُّنيا فهو الحياة المُطمئنّة ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً [النحل:97]، وفي الآخرة أعظم أثر أن تموت وأنت لا تُشرك بالله شيئاً "من مات ولا يُشرك بالله شيئا دخل الجنّة"[مُتّفقٌ عليه من حديث أبي ذر رضي الله عنه] ﴿ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء [النساء:48], لذلك تأصيل هذا التّوحيد هو أعظم بِرٌّ بالنّاس وأعظمُ إحسان إلى الخلق، فالإحسان إلى الخلق بالصّدقة إحسان، لكن بنجاتهم في الدُّنيا والآخرة؛ بتأصيل العقيدة بتأصيل توحيد العبادة هذا أعظمُ بِرّ وإحسان إليهم وأعظمُ نفع لهم. فالّذي يُعلِّم التّوحيد ويُعلِّم هذه العقيدة سَواءٌ في المساجد أو في المحاضرات أو في الجامعات يَحْتَسِبُ أنّه ينفع النّاس بأعظمِ نفعٍ، وهو في ميراث الأنبياء والمرسلين عليهم الصّلاة والسّلام.

    لذلك حماية هذا الأصل واجبة وتأصيل توحيد الإلهيّة في النّاس واجب؛ لأنّ به سعادة النّاس في الدُّنيا وسعادتهم في الآخرة، فالأفراد يجب عليهم أنْ يهتمُّوا بذلك، وكذلك الجماعات الّتي تعمل للإسلام في كل مكان يجب أنْ يهتمُّوا بتنقية النُّفوس لتكون لله جلّ وعلا وحده، وأن يكون عنده تمييز بين الحقِّ والباطل في التّوحيد، وله الأثر الكبير في الدّولة؛ لأنّ اللهَ جلّ وعلا وعد الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات كما قال سُبحانه: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا [النور:55]، فأيُّ ثمرة أعظم من الأمن الوارف في ثمرة دُنيويّة.. غير إرسال الأمطار، وخيرات السّماء والأرض، وفتح كُنوز الله جلّ وعلا من السّماء والأرض.

    وهُنا وقفة، وهي أنّ أهلَ العلم لمّا صنّفوا في العقيدة أصّلوا أصلاً مُهِمًّا جدًا، وتأصيله من تأصيل العقيدة، وهو أنّه كيف نتلقّى هذا الدِّين؟ كيف نتلقّى الشّريعة؟ هذا سُؤال مُهِمّ.

    تتلقّى الشّريعة بأيِّ وسيلة أو كيف تتلقى الشّريعة؟ ما منهج التّلقي للشّريعة؟ كُلُّ شيء له منهج، لتضبط نفسَك من الخطأ لا بُدّ أنْ تكون مُمنهجًا في أعمالك، فكيف في مسألة الاعتقاد؛ ولذلك سمّى العلماء كثيرًا من مسائل العقيدة سموها مِنهاجًا والمنهج؛ السّبب أنّ المنهج يعصِمُ من الضّلال، المنهج يعني الطّريق، فمنهج تلقِّي الدِّين، تلقِّي الشّريعة، تلقِّي العقيدة لا يكون إلاّ بالتّلقِّي عن الله ورسوله وما كان عليه سلف هذه الأُمّة في مجموعه، بمعنى أنّ منهج التّلقِّي هو الاعتماد على الكتاب والسُّنّة.

    يقول أحدٌ مثلاً يا أخي فيه أحد ما يعتمد على الكتاب والسُّنّة؟ نعم يعتمد على الكتاب والسُّنّة في بعضٍ ويعتمد على عقله في البعض، ولذلك تنازع كثيرٌ مِمّن يعتمِدون على الكتاب والسُّنّة من العلماء السّابقين تنازعوا في الأدلّة العقليّة، يعني ما يستحسِنُهُ العقل، ما يراه العقل، المصالح العقليّة، التّرجيحات العقليّة، الشّواهد العقليّة.

    فبعضهم وهم الفرقة النّاجية والطّائفة المنصورة قالوا لا يُقدّم على الكتاب والسُّنّة شيء من العقول واجتهادات الأذهان فيما فيه نَصٌ في الكتاب والسُّنّة، وخاصّة في الأمور الغيبيّة في ما لا نرى في أمور الاعتقاد؛ هذا لا مجال للاجتهاد فيه، ومُنازعة العقل له مُنازعة في غير مجاله؛ وهذه هي الفرقة النّاجية الّذين قالوا منهج التّلقِّي الاعتماد على الكتاب والسُّنّة، ولا دَخْلَ للعقل في تأصيل العقيدة ولا للمصالح في تأصيل العقيدة.

    ومِن النّاس مَن قال العقل والنّصُ مُتساويان في التلقِّي فيُؤخذُ بهذا ويُؤخذ بهذا، هذا أيضًا باب ضلال؛ لأنّه جعل عقل الإنسان مُساويًّا للمُنْزَلِ من الرّحمن جلّ وعلا، وأنّى يكون هذا بمنزلة ذلك.
    وضلّ كثيرون حيثُ جعلوا الشّرع في منزلةٍ أقلُّ من العقل، بل زاد بعضُهم فقال: "إنّ الشّرع -يعني الكتاب والسُّنّة- شاهِدٌ مُعَدَلٌ، والعقل قاضٍ مُحَكَّمٌ"، وهذا القول الّذي قاله فئةٌ من أهل الكلام والفلاسفة في ما مضى من مئات السِّنين نراه اليوم في جرائدِنا وفي صُحُفِنا وفي كثيرٍ من الكتابات اللِّيبراليّة والعلمانيّة الّتي تُكتبُ اليوم في بلاد التّوحيد. يجعل يُناقش النُّصوص العقليّة وقواعد الشّرع المُجمع عليها، يُناقش حتّى في العقيدة، يناقشها بمُناقشات عقليّة ويُقدّم عقله على مورد النّص.

    ولذلك من المُهِمّات في تأصيل العقيدة أنّه لا يُقدَّم على القُرآن والسُّنّة شيء في أمور الاعتقاد والأمور الغيبيّة وما نصّ اللهُ جلّ وعلا عليه وما نصّ عليه رسوله صلّى الله عليه وسلّم، لذلك قال ابن القيِّم رحمه الله في نونيّته:

    والله ما خـوفي الذُّنـوب فإنّها *** لَعَلَى سبيل العفو والغُفران
    لكنّما أخشى انسلاخ القلب من *** تحكيم هذا الوحي والقُرآن

    الّذي نخشى منه حقيقة الخطر الخطر الخطر.. أنْ لا تُؤصَّل العقيدة وأنْ لا يُحكَّم القُرآن والسُّنّة، لا يُحكَّم الوحي وإنّما يُحكّم العقل، فيأتي بعقليات ثُمّ يستشهد لها؛ وهذا سبيل من سُبُل الضّلال، وهو الّذي نراه اليوم حتّى وقع فيه بعض الخاصّة من المُنتسبين إلى العلم من حيثُ يشعر أو لا يشعر!

    الأصل الشّرعيّ هو أنْ تستقي من الكتاب والسُّنّة ثُمّ تُبيِّن وتشرح، وظيفة الأنبياء البيان.. بيان ما أنزل الله ﴿ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ[النحل:64]، ووظيفة العلماء هي بيان ما أنزل الله وما جاء به رسوله صلّى الله عليه وسلّم والاجتهاد في مواطن الاجتهاد، لكن مُصادمة العقل للوحي هذه من أكبر سُبُل الضّلال، ولذلك تأصيل العقيدة في منهج التّلقِّي حمايةٌ من هذا الخطر الدّاهم الكبير الّذي نراه اليوم من تقديم العقل على النّص، ومُناقشة كُلُّ الأُمور حتّى في أمورٍ جاء فيها نصٌ، ويَتْبَعُ هذه المُناقشة استهزاء والعياذ بالله بما جاء به الوحي.

    لهذا من المُهِمّات أنْ تُؤصِّل منهج التّلقِّي، تتلقى الدِّين مِمّن..كيف يُفكِّر العقل؟ تُفكِّر في المسائل الشّرعيّة والدِّينيّة بأيِّ طريق؟
    بالبحث عن الدّليل، ما هو الدّليل الشّرعيِ؛ لأنّ هذه مسائل وحي، العقل يجتهد في أُمور دُنيا أو يجتهد في فهمِ ما أنزل الله على رسوله صلّى الله عليه وسلّم، لكن لا يجتهد في مُصادمة نص.

    واليوم يأتي فئامٌ.. وأيضًا يُصادِمون الشّرع بما يُسمونه المصلحة، اليوم جاء شيء وهو من قديم لكن اليوم في بلادنا، صار هذا الأمر في السِّنين الأخيرة.. المصلحة، المصلحة لا يجوز أنْ تُصادَمَ بالنّص؛ لأنّ المسائلَ ثلاثة أنواع:

    المسألة الأولى: مسائل عقديّة فلا مجال فيها لذِكر المصالح والمفاسد، هذا اعتقاد.
    والمسائل الثّانية: مسائل عمليّة مُجمعٌ عليها فلا مجال فيها لذِكر مصالح وغير مصالح.
    المسألة الثّالثة: مسائل عمليّة قابلة للاجتهاد.. اجتهد فيها العلماء، هذه تدخل فيها المصلحة؛ إمّا مصلحة مُرسلة أو مصلحة منصوصٌ عليها ومُتحقِّقَة.

    لذلك الّذين يجعلون المصلحة مُقدَّمة في التّفكير على النّص، هؤلاء وقعوا في خطر داهم، لذلك من تأصيل العقيدة الواجب أنْ نُؤصِّل أنّ المصلحةَ تبعٌ للشّرع وليس الشّرعُ تبعًا للمصلحة؛ ولذلك غلِط بعضُهم حينما قالوا أينما وُجِدتْ المصلحةُ فثَمَّ شرعُ الله! يعني ابحث عن المصلحة..أين هي؟ والشّرع مُوافقٌ لهذا الشّيء! سواء كانت مُصادِمةٌ للنّص؛ لأنّ الشّرع جاء بالمصلحة، بل زاد بعضُهم والعياذ بالله في خَرْقِ هذا الأمر فقال: "إنّ المصلحة تقضي بتغيير منهج أُصول الفقه"، فمصلحة النّاس اليوم تقتضي بأنْ لا نقول إنّ الأمرَ يقتضي الوُجوب أو الاستحباب بحسبه، أو أنّ النّهي يقتضي الحُرْمة أو الكراهة بحسبه، أو الإباحة بحسبه، قالوا حيثُ أنّ الأمرَ منوطٌ في فهمه بالمصلحةِ، يعني إذا أَمَرَ اللهُ بشيءٍ تبحث عن مصلحتك في ضوء هذا الأمر؛ هذا قتلٌ واغتيال للعقيدة ولمنهج التّلقِّي في الدِّين.

    القاعدة الصّحيحة الّتي أجمع عليها العلماء "حيثُ وُجِدَ الشّرع فثَمَّ المصلحة"، إذا وُجِد الشّرع فثَمَّ المصلحة:
    - إذا وُجِدَ الشَّرعُ المُجمع عليه في المسائل العمليّة فثَمَّ المصلحة المُجمع عليها.
    - مسائل الاعتقاد فيما أسّسه السّلف ودلّتْ عليه دلائل الكتاب والسُّنّة؛ المصلحة في الدُّنيا والآخرة في اعتقادها.
    - وأمّا المسائل المُختلف فيها الّتي فيها اجتهاد فهذه يتنازع العلماء في المصالح والمفاسد فيها، ولذِكر المصالح والمفاسد تفصيلات ليس هذا موطن بيانها.

    هُنا نقف وقفة مُهِمّة في ذِكر المنهج، السّلف رحمهم الله تعالى جَمَعَ منهجَهم عُلماءُ الحديث أئمّة أهل السُّنّة كالإمامِ سُفيان الثّوريّ، والإمامِ وكيع، والإمامِ أحمد بن حنبل، والإمامِ البُخاريّ، والإمامِ مُسلم، وأبي داود السِّجستانيّ، وابنِ خُزيمة، وسائرِ أئمّة السّلف وأَصَّلَهَا وقعّدها شيخُ الإسلام تقيّ الدِّين أحمد بن تيمية رحمه الله تعالى وجزاه عنّا خير الجزاء، وتلميذه العلاّمة شمس الدِّين بن القيِّم، ثُمّ بعثها في الأُمّة من جديد الإمامُ المُصلح الشّيخُ محمّدُ بن عبدالوهّاب ومَن تَبِعَهُ على هذا النّهج.
    هذا المنهج السّلفيّ.. هذا المنهج السّلفيّ اليوم يُطعن فيه!

    وهُنا يجب أنْ نقف وقفة؛ لأنّ مِن تأصيل العقيدة تأصيل منهج السّلف للعقيدة؛ لأنّه لا يُمكن أنْ نصِل إلاّ بالطّريق، لا يُمكن أنْ تصِل العقيدة إلاّ بمنهجها، ولذلك لمّا كتب العلماءُ في العقيدة جعلوا مع مسائل الإيمان الّتي ذكرتُ أركان الإيمان السِّتّة جعلوا منها مسائل في التّعامل أو في الأحكام.. السّبب؟ لأنّه هُناك خلاف في هذه المسائل، فجعلوا مسائل عمليّة مثل مسائل الأمر بالمعروف والنّهي عن المُنكر، مثل طاعة وُلاة الأمر ومسائل البيعة، مثل التّرضِّي عن الصّحابة جميعًا ومُوالاتهم والتّرضِّي عن أُمّهات المُؤمنين ومُوالاتهم ونُصرتهم، مثل مسائل الأخلاق والعبادة وتعامل المُسلم مع المُسلم، تعامل المُسلم مع غير المُسلم، مثل مسائل البدع والخروج عنها، فيه مسائل كثيرة هي في الأصل ليست من أركان الإيمان لكن ضمّها السّلف إلى مسائل العقيدة؛ لأنّها أصبحت منهجًا للالتزام بالعقيدة من الكتاب والسُّنّة، ومَن جاء بها فقد التزم فهي من أضخم المسائل الّتي قال بها الّذين ضلُّوا عن العقيدة الصّحيحة.

    وهنا وقفة أُنبِّهُ الإخوة عليها مَن سمعَ ومَن لم يسمعْ في زمانٍ كَثُرَتْ فيه الشُّبهات، وهي مسألة المُحكم والمُتشابه وصِلَتُها بمنهج السّلف وصِلَتُها بما نُقِلَ عن السّلف.

    اللهُ جلّ وعلا مِن حكمته البالغة وابتلائه لعباده جعل من كتابه القرآن مِن وَحْيِّهِ جعل منه مُحكمًا وجعل منه متشابهًا كما قال الله جلّ وعلا في أوّل سورة آل عمران ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ [آل عمران:7]، ما معنى المُحكم والمُتشابه؟
    المُحكم ما يُدْرِكُ معناه كُلُّ أحد، والمُتشابه الّذي يشتبه معناه على النّاس إمّا جميعًا وإمّا بعضه، ويبقى أهل العلم يعلمونه كُلَّهُ أو يعلم بعضُهم شيئًا وبعضُهم يعلم شيئًا منه.

    فالقرآن منه محكم ومتشابه، ففيه آيات لو تأخذها لوحدها سَلَكْتَ مسلكَ الخوارج في التّكفيرِ بالكبيرة، وفي التّكفير بمُطلقِ الحُكمِ بغيرِ ما أنزل الله وبأشباهِ ذلك، وهي في آيات القرآن. كذلك منهج المُرجئة، المُرجئة يَسْتدِلُّون بآيات من القرآن. كذلك القدريّة يَسْتدِلُّون بآيات من القرآن؛ لكن ما اسْتدَلُّوا بالمُحكمات؛ هم اسْتدَلُّوا بالمُتشابهات. وإذا اشتبه عليه المتشابه لم يُوكِلُوا علمَه إلى الله ويأْخُذُوا بالمُحكم وإنّما أخذوه.. كما الله جلّ وعلا: ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ[آل عمران:7]، وهُنا انتبه لهذه القاعدة قال جلّ وعلا ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فأثبت اللهُ سُبحانه وتعالى أنّ وُجود المُتشابه مِن القرآن ليس هو سبب الزَّيْغ، لكن الزَّيْغ موجودٌ في النُّفوسِ أوّلاً بسبب الإعراض عن المُحكمات وبسبب الإعراض عن التّسليم، ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌوُجِدَ الزَّيْغ قال: ﴿ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فوُجِدَ الزَّيْغُ ثُمّ بعده بالتّرتيب بالفاء ذهبوا يبحثون عن المُتشابه لِيَبْتَغُوا به الفِتْنة ﴿ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ بعضهم ﴿ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِبدون أنْ يفهموا تاء التّأويل بالذّهاب إلى المُتشابه، والله جلّ وعلا أمرنا بالإيمان بالمُحكم والمُتشابه؛ نقول فيه ﴿ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا [آل عمران:7]، وأهل العلم بمجموعهم يعلمون ما اشْتَبَهَ منه، طيِّب..

    كلامُ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أيضًا منه مُحكم ومنه مُتشابه، فما يأتي واحد ويقول أنا أَسْتدلُّ بالسُّنّة معناه أنّي على حقّ.. لا. تستدل بمُحكمات السُّنّة. وأمّا ما اشْتَبَهَ مِن السُّنّة فقد استدلّتْ كُلُّ الفِرق الضّالة أيضًا بأشياء مِن السُّنّة، فإذا وُجِدَ المُحكم والمُتشابه في القرآن فهو موجودٌ أيضًا في السُّنّة، فبعض الأحاديث يفهم معناها كُلُّ أحد؛ مُحكمات. وبعضها لا يفهم معناها إلاّ أهل العلم؛ فلذلك يجب عليك -حتّى في السُّنّة- ألاّ تُصغي إلى مَن يُدلي بمتشابهٍ، وأنْ تأخذ بالمُحكمات الواضحات البَيِّنات مِن الدلائل.

    نأتي إلى نُزول درجة في الاستدلال، أقوالُ الصّحابة أيضًا يَعْرِضُ لها أنْ يكون بعضُها مُحكمًا وأن يكون بعضُها مُتشابهًا. أقوالُ التّابعين وأقوال بعض الأئِمّة يَعْرِضُ لها أنْ تكون بعضُها مُحكمًا و بعضُها مُتشابهًا.

    هذه الأقوال، أيضًا الأفعال من باب أوْلى؛ لأنّ القولَ فيه دِلالة لفظيّة وأمّا الفعل فدِلالته أضعف؛ فيكون مِن الأفعال ما دِلالته مُحكمة ومِن الأفعال ما دِلالته مُشتبهة؛ فلذلك مِن تأصيل العقيدة الّذي يحمي مِن الأخطار هو أنْ يُؤصَّلَ في النّاس العمل بالمحكمات.

    واليوم في زمانِ جهل.. النّاس يقرءون كثيرًا ولكن فيه جهل؛ فيَكْثُرُ الاستدلال بالمُشتبهات، هذا لاحظناه كثيرا في المُشاركات، في المواقع، وفي مَن يتكلّمون وبعضِ الكتب والمؤلّفات، لا يَعْزُبُ عن النّاس اليوم الاستدلال. اليوم الواحد عنده كمبيوتر ويبحث فيه، ويضع كلمة ويبحث ويأتي بالأدلّة ويقول كوّنتُ بحثًا! ليس هذا هو العلم.

    العلم أنْ تعلم المُحكمات أوّلاً ﴿ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ[آل عمران:79]، قال البُخاريّ رحمه الله: " الرّبانيُّون هم الّذين يُعلِّمون النّاس صِغار العلم قبل كِباره"[صحيح البخاريّ: كتاب العلم]، هذه مسألة مُهِمّة في تأصيل العقيدة، لكن أنْ يُوجد نقل.. ينقلون من كتاب ومِن.. الآن ما يرجَعُون إلى الكُتب! ينقُلون أيضًا مِن "النت" ويأخُذُون، ويقول.. أنا عندي أدِلّة وقال.. ويَرُدُّون على أهل العلم! "..أولئك الّذين سَمَّى الله فاحذروهم"[مُتفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها]، "أولئك الّذين سَمَّى الله" يعني الّذين يَتّبِعُون المُشتبهات ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ ، أين نحن مِن القرآن؟! أين نحن مِن القرآن؟!
    اللهُ جلّ وعلا أقام علينا الحُجّة، كُلُّ شيءٍ بَيِّن ﴿ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ.

    كذلك أفعال السّلف، أفعال السّلف منها مُحكم ومنها مُتشابه، يأتي بعض النّاس اليوم ويقول الخُروج على وُلاة الأمر والثّورة على وُلاة الأمر الّذين في أعناق النّاس عليهم بَيْعَةٌ ليس للسّلف فيها منهج! فبعضُ السّلف قال كذا وبعضُ السّلف قال كذا!! ويَنْقُلُ نقلاً مِن هنا وهناك؛ وهذا هو المنهج الّذي حذّرنا الله منه.

    كيف نعرف المنهج.. منهج السّلف؟

    بمجموع أقوالهم ومجموع أعمالهم، لكن الواحد منهم ما جعل الله له العِصمة، والاثنين منهم لم يجعل الله لهما العصمة.

    النّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم بَيَّن لنا أنّ خيرَ هذه الأُمّة هم الصّحابة "خيرُكم قرني ثُمّ الّذين يلونهم ثم الّذين يلونهم"[رواه البُخاريّ من حديث عمرانَ بنِ حُصَينٍ رضي الله عنهما]، فالخيريّة في المجموع؛ فلذلك قد يقع الواحد في شيء يجتهد فيه وأَمْرُهُ إلى الله جلّ وعلا وله فضله، لكن العالم لا يُتّبَعُ في زَلتِّه، العالم وهو عالم لا يُتّبَعُ في زَلتِّه، الإتباع يكون في الكتاب والسُّنّة، ما جعل الله لأحدٍ العِصمة بعد نبِيِّه صلّى الله عليه وسلّم لكن الأُمّة في مجموعها معصومة؛ لأنّه لا بدّ من قائم لله بالحُجّة؛ وهذه مِن مُهِمّات المسائل، فيأتي ويقول السّلف ليس لهم منهج في هذا! في ضوابط الأمر بالمعروف والنّهي عن المُنكر يقول السّلف ليس لهم منهج في هذا!

    أين الّذي أصّلَهُ العُلماء: الإمام أحمد والأئِمّة والبربهاريّ وابن خُزيمة وابن تيْميّة.. والعقائد، أين تعليم النّاس الواسطيّة؟! أين كُتب الاعتقاد؟! أين منهج أهل الحديث؟! أين منهج السّلف؟! يذهب للاستدلال بقول فُلان أو فِعل فُلان واحد أو اثنين؛ هذا هو إتِّباع المُتشابه، ترك المُحكمات وإتِّباع المُتشابهات.

    إذًا فمَن أتى بشيءٍ في العقيدة يُخالف تأصيلها وأساسها المُجمع عليه الكثير في الكتاب والسُّنّة في أُمور الاعتقاد أو في أُمور المنهج أو أُمور التّعامل بالاحتِجاج بشيءٍ هُنا أو هُناك يُخالف هذا الأصل؛ فهذا إتِّباعٌ للمُتشابهات، حتّى أُوِّل الحديث بلْ أُوِّلتْ أحاديث ﴿ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ.
    ما ذكره اللهُ جلّ وعلا نراه عيانًا بيانًا، ولذلك قال اللهُ جلّ وعلا في آخر سورة الأنعام :﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ [الأنعام:159]، أنتَ لستَ منهم في شيء، ابعد وابتعد عنهم، التزم بالمنهج العام حتّى يأتيك الموتُ وأنتَ على ذلك.

    وهُنا يقضي الالتزام بهذا المنهج العام.. يقضي السّلامة، أمّا الأخذ باجتهادات؛ نُصادم النّص بعقل، ونُصادم النُّصوص والقواعد الشّرعيّة بمصالح، ونُصادم منهج السّلف العام بقولِ بعضِهم أو تأويل بعضِهم أو نقلٍ عن عالم، حتّى أئِمّة السّلف قد يكون عند بعضِهم حالة أو حادثة وقعتْ له تُخالف المنهج العام، ليس نبّيًّا أنْ يُؤخذ منه كُلُّ شيء؛ ولذلك قال الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة رحمه الله تعالى وجزاه عنّا خيرَ الجزاء: "ما مِنّا مِن أحد إلاّ يُؤخذ مِن قوله ويُترك إلاّ صاحب هذا القبر".

    وهُنا تضع في نفسِك هذه القاعدة ولا تَغِبْ عن بالك، القُرآن منه مُحكم ومُتشابه؛ ضلَّتْ الفِرق بإتِّباع المُتشابه فصارتْ من الاثنتين وسبعين فِرقة الّتي هي في النّار، كذلك أحاديث النّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم إتّبعتْ طائفة منها المُتشابه وتركتْ المُحكمات، كذلك أقوال وأفعال الصّحابة، وكذلك أقوال وأفعال السّلف؛ فما كان الشّيء إذا جاء عن نُدرة فلا يُحتجُّ به على المنهج العام لذلك، وهذا ولله الحمد بيِّن ظاهر لا مِن جهة الاستدلال ولا مِن جهة التّدوين، أئِمّة أهل الحديث وأئِمّة الإسلام أصّلُوا ذلك لنا وتركوه لنا في المُصنّفات وجزاهم الله عنّا أحسن الجزاء ورفع درجتَهم في جنّات النّعيم؛ لذلك احرِص على قاعدة المُحكم والمُتشابه اليوم.

    إذا جاءك الّذين يستدلُّون بالمُتشابه تذكّر مِنِّي "أولائك الّذين سمّى الله فاحذروهم"، ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ هذا في القُرآن، كذلك الّذين في قُلوبهم زَيْغٌ يتّبِعون السُّنّة ما تشابه منها ابتغاء الفِتنة، كذلك الّذين في قُلوبهم زَيْغٌ يتّبِعون في أفعال الصّحابة ما تشابه منها ابتغاء الفِتنة، كذلك في أفعال السّلف ابتغاء الفِتنة وهكذا، والحمد لله الأمر بَيِّن ظاهر في هذا الصّدد.

    تأصيل العقيدة أمان من الأخطار الهدّامة وحماية، ذكرتُ لكم أنّ الأخطار نوعان: أخطار في الدُّنيا وأخطار في الآخرة.

    وتأصيل العقيدة يعني جعلها أساسًا في النُّفوس أوّلاً بها غُفران الذُّنوب برحمة الله جلّ وعلا﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48]، "مَن لقي اللهَ لا يُشرِكُ به شيئًا دخل الجنّة"[ عند مُسلم عن جابر رضي الله عنه]،"مَن كان آخرُ كلامه لا إله إلاّ الله دخل الجنّة"[حديث لمُعاذ بن جبل رضي الله عنه أخرجه أبو داود وأحمد وصحّحه الألبانيّ] يعني على رجاء دُخول الجنّة بمغفرة الله وبرحمته.

    العقيدة حسنات عظيمة؛ لأنّها عملُ القلب واعتقاد القلب وقول القلب، حسنات عظيمة هي في ميزان الحسنات ﴿ إِنَّ الْحَسَنَات يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ [هود:114]، ﴿ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ *وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ [المؤمنون:102-103].

    العقيدة في الآخرة حماية من الخطر العظيم وهو النّار، وكذلك في الدُّنيا حماية للنّاس مِن زَيْغِ القلب، حماية للمُسلم مِن الخلل في مَنهجِه، حماية للمُسلم في رِزْقِه ومَعيشَته، وفي ظنِّه بربِّه جلّ وعلا، وفي حياته المُطمئنّة، كذلك تأصيل العقيدة حماية للدّولة المُسلمة، الدّولة المُسلمة يجب أن يكون أوّل ما تهتمُّ به العقيدة، تُؤصِّلها في النّاس، تدعوهم إليها، تضعها في مناهج التّعليم وتحرص على ذلك، وتُكرّر ذلك في النّاس حتّى لا تُنسى.

    التّوحيد يُنسى..نعم، يُنْسى ورأيناه، أناسٌ درسوا التّوحيد ثُمّ بعد عشرين ثلاثين سنة نسوا أصوله؛ وصاروا يُجادِلون في أحكام هي مِن الشِّرك أو مِن البدع أو نحو ذلك، نعم يُنسى، يحتاج إلى تكرار وتكرار في هذا الصّدد؛ لذلك احرِص في نفسِك على مُلازمة تذكُّر أصول الاعتقاد ومنهج السّلف.. كُتب العقيدة العامة.

    الزمْ القُرآن، لا ترغبْ عن القُرآن في غيرِه، إذا كانت تُلْهِيك الأجهزة الحديثة اليوم؛ فلا تُلهينّك عن كتاب الله، فوالله إنّها ليستْ بالخير، الخيرُ في القُرآن لك في الدُّنيا وفي الآخرة، والعلم في القُرآن، والمعلومات في القُرآن، خُذْ مِنها ما ينفعُك في وقتٍ قليل، أمّا السّاعات الطّويلة الّتي تُلهي فيها عن العبادة، وعن العمل الصّالح، وعن تِلاوة القُرآن، وعن النّظر في السُّنّة، وعن النّظر في ما ينفع الإنسان في دُنياه وفي آخرته؛ وبال على المرء.

    احرِص على إدمان النّظر في ما أسّسه أهلُ الحديث عُلماء الحديث: البُخاريّ ومُسلم وكتب السّننّ والمُوطّأ ومُسند الإمام أحمد والشُّروح.

    احرِص على كلام العُلماء الرّبانيين ليكون عندك في هذه الحياة المنهج الكامل في الاعتقاد وفي مُلازمة الهُدى والحقّ.

    أسأل اللهَ جلّ وعلا أنْ يجعلنا وإيّاكم مِمّن إذا سمِع القولَ إتّبع أحْسنَهُ وأنْ يُلهِمَنَا وإيّاكم الرُشد والسّداد، وأنْ يجزيَ مَنْ أوْرَثنا هذا العلم خير الجزاء، اللّهمّ صلِّ على مُحمّد كِفاء ما هدانا وأرشد، صلِّ عليه كُلّما صلّى عليه المُصلّون وصلِّ عليه كُلّما غفل عن الصّلاة عليه الغافلون. اللّهمّ اجز شيخنا الشّيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشّيخ خير الجزاء وأوفره وأجزله وأطيبه في الدُّنيا والآخرة كِفاء ما صابر في الجُلُوس لهذه المُحاضرات وإرشاد النّاس تعليمهم، وجعلنا وإيّاه مِن الواردِين على حوضِ نبيِّنا صلّى الله عليه وسلّم. اللّهمّ وفِّق وُلاةَ أُمورنا لِما تُحبُّ وترضى واجعلنا وإيّاهم مِن المُتعاونين على البِرِّ والتّقوى، اللّهمّ اغفر لنا جميعًا، وآخر دعوانا أن الحمد لله لربِّ العالمِين وصلّى اللهُ وسلّم وبارك على نبيِّنا مُحمّد.
    الملفات المرفقة
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد المهيمن سمير البليدي; الساعة 21-May-2013, 04:10 AM.

    تعليق


    • #3
      رد: [جديد] محاضرة ’تأصيل العقيدة حماية من الأخطار الهدامة‘ لمعالي الشيخ صالح آل الشيخ [mp3]

      جزاك الله خيرا وبارك الله فيك أخي الفاضل... الفاضل بن الصادق !
      جاء الآن دورنا في تنسيق هذا التفريغ ومراجعته وإخراجه في ثوب لائق إن شاء الله...
      شكرا على استجابتك لرجائنا مرة أخرى...

      تعليق


      • #4
        رد: [جديد] محاضرة ’تأصيل العقيدة حماية من الأخطار الهدامة‘ لمعالي الشيخ صالح آل الشيخ [mp3]

        جزاكم الله خيراً
        الرجاء تنسيق هذه المحاضرة وتنزيلها في ملف pdf

        تعليق


        • #5
          رد: [جديد] محاضرة ’تأصيل العقيدة حماية من الأخطار الهدامة‘ لمعالي الشيخ صالح آل الشيخ [mp3]

          أبشر أبا مروان... عن قريب إن شاء الله...

          تعليق

          يعمل...
          X