إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

نصيحة في الصبر على أذى المنافقين والتحذير من أخلاقهم للإمام محمد بن علي الشوكاني رحمه الله تعالى

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • نصيحة في الصبر على أذى المنافقين والتحذير من أخلاقهم للإمام محمد بن علي الشوكاني رحمه الله تعالى

    نصيحة في الصبر على أذى المنافقين والتحذير من أخلاقهم للإمام محمد بن علي الشوكاني رحمه الله تعالى
    للشيخ عمار تمالت
    إنّ الحمد لله، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه،ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا وسيِّئات أعمالنا، منيهده الله فلامُضلَّ له، ومن يُضللْ فلا هاديَ له.
    وبعد؛ فإنَّ الله عزَّ وجل قد هداناللإيمان، وبيَّن لنا أوصافَ المؤمنين، ودعانا إلى التحلِّي بها وملازمتِها حتى يكملإيمانُنا ويثبت، وهي التي ترجمَها النبيُّصلى الله عليه وسلَّم في سيرته العطرة،واتبعها أصحابُه من بعده، ومن تبعهم إلى يوم الدين من العلماء والصالحين؛ وحذَّرنامن كلِّ ما يُنقِصُ إيمانَنا أو يُبطِلُه، من العقائد والأخلاقوالأعمال.([1])
    وإنَّ من الأخلاق السيِّئة التيتُنقِصُ الإيمان،وأحياناً تُضادُّه وتُعرضُه للبطلان: خُلُقَ النفاق،الذياتَّصفَ واختصَّ به قومٌ دُخلاء على المسلمين،يُظهرونالإيمان والإسلام، ويُبطِنون ما يخالفُ ذلك منالعقائدوالأعمال، ويسعون في الكَيْد للمسلمين وإعاقةدعوتهمبوسائل مخفيَّة وطرق مشبوهة، لكن سرعان ما تنكشفُ أسرارُهموتظهرُحقيقتُهم بين المسلمين بسبب ما يسلكونه ويتَّصفونبه من بعض الصفات التي بيَّنها الله عزَّ وجل في مواضع من كتابهالكريم.
    وبين يديك أخي القارئ نصيحةٌ في بيانأحوال أهل النفاق وسلوكهم مع المسلمين المؤمنين،وماينبغي للمسلمين أن يسلكوه تجاه كيد هؤلاء القوم وأراجيفهم الباطلة؛ كتبها الإمامُالعالمُ القُدوةُ الناصحُ محمد بن علي بن محمد الشَّوْكاني.
    والإمامالشوكاني([2])فقيهٌ مجتهدٌ، من كبارعلماءاليمن، من أهل صنعاء، وُلد بهجرة شَوْكان ـقريةٌمن بلاد خَوْلان باليمن ـ سنة 1173ﻫ، وهاجر معأبيه إلى مدينة صنعاء، فنشأ بها وحفظ القرآن الكريم،ثمانصرف إلى التعلُّم، فحفظ جملةً من المتون والكتب العلميّة في مختلف الفنون، ثم شرعفي القراءة على علماء عصره، فقرأ وسمع عليهم كتباً لا تُحصى في علوم عدَّة، وبعد أننضج في العلم تفرَّغ لإفادة الطلبة، فكانت له في اليوم الواحد أزيَد من عشرة دروسفي علوم متعدِّدة، إلى جانب ذلك كان مشتهرًا بالفتوى فكانت تأتيه الفتاوى والنوازلمن مختلف مناطق اليمن وغيرها، وكان لا يأخذ على الفتيا شيئًا من المال؛ بل كانيقول: أنا أخذتُ العلمَ بلا ثمن فأريدُ إنفاقَه كذلك، وصنَّف الإمامُ الشوكانيُّتصانيف عدَّة تنيفُ على المائة مصنَّف، ما بين مطوَّل ومختصر، وامتازت مصنَّفاتُهبالتَّحقيق والرجوع إلى الأدلَّة الشرعيَّة في مختلف المسائل، فمن مصنَّفاته: «فتحالقدير» في التفسير، و«نيل الأوطار في شرح منتقى الأخبار» في الحديث، و«إرشادالفحول في تحقيق الحق من علم الأصول» في أصول الفقه، و«السيل الجرّار على حدائقالأزهار» في الفقه، وغير ذلك كثير، وتوفي رحمه الله تعالى قاضيًا بمدينة صنعاء سنة 1250.
    وهذه النصيحة التي نحن بصدد نشرها فيهذه المجلَّة الغرَّاء يوجدُ أصلُها الخطِّي ضمن المجموع رقم (86) من مجاميع مكتبةالجامع الكبير بمدينة صنعاء، ونُسختُها كتبها المؤلِّف بخطِّ يده، ولم يذكر تاريخَكتابتها، لكن يُرَجَّح أنّه كتبها سنة 1239ﻫ، لمِا قُيِّد فيآخرها من قراءة أحد تلامذته عليه.
    وهذا نصّالنصيحة:
    بسم الله الرحمنالرحيم
    والحمد لله رب العالمين، والصلاةوالسلام على سيدنا محمد الأمين، وعلى آله الطاهرين وصحبهالراشدين.
    وبعد؛ فإنَّا رأينا من بعض أهل عصرنامن يتَّصفُ بالأوصاف التي ذكرها الله سبحانه في كتابه العزيز، حيث قال عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَتَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَاعَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْأَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُون (11 هَاأَنتُمْأُوْلاء تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِوَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُالأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌبِذَاتِ الصُّدُور (119) إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْسَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْكَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَمُحِيط[آل عمران: 118-120]، انظر كيف وصف سبحانه ما يقع من هذه الطائفةمن الخبال والخذلان ووِدادة ما يُعنِتُ أهلَ الإيمان، وظهورِ البغضاء ـ التيمحلُّها القلوب ـ بترجمةِ الألسن عنها وظهورِها منها، وأنَّ ذلك الذي تُبديهالألسنُ من الأفواه إنَّما هو البَعض، وما تُخفيه الصدورُ أكبرُ، ثم ختم الآيةبأنَّ هذا البيان الربَّاني بالآيات القرآنيّة إنَّما يفهمُه مَن يتعقَّلُ الأمورَكما ينبغي، ويفهمُها كما يجب، لا مَن كان غافلاً بَليدَ الفهم ضعيفَ العقل، فإنَّهيلتبسُ عليه صنيعُ هؤلاء المنافقة، الذين يُبطِنون ما لا يُظهِرون، ولكنْ فلتاتُألسُنهم وما تَجيشُ به خواطرُهم ممَّا استجنَّ في قلوبهم من الغيظ: يستدلُّ بهالعُقلاءُ على ما وراءه ويتعقَّلُ به ما خلفه من العداوة الكامنة، كموت النار فيصمم الأحجار.
    ثم أوضحَ لعباده المؤمنين أنَّهم قداغترُّوا بظواهر أحوالهم وما تلقَّوْه من نفاقهم، فأحبُّوهم مع أنَّهم لايُحبُّونهم، وأنَّ المؤمنين ـ على طريقة الإيمان الخالص التامِّ ـ بالكتاب كلِّه،وأضدادُهم لا يؤمنون أصلاً؛ بل ينافقونهم فيقولون آمنَّا، وذلك مجرَّدُ قولباللِّسان لا حقيقة له ولا اعتقاد قلب.
    ثمَّ بالغ الربُّ سبحانه في غَيْظهؤلاء المنافقين ومزيد بُغضهم وتكالبهم في العداوة للمؤمنين فقال: ﴿وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُالأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ﴾، والبلوغُ إلى هذاالحدِّ لا يكون إلاَّ لالتهاب صدورهم وتسعُّر قلوبهم واضطرام خواطرهم، كما تراهفيمن بلغ به الغيظُ إلى عضِّ أنامله، فإنَّه لا يكون ذلك إلاَّ لأمر قد فدحه وبلغمنه إلى الغاية التي ليس وراءها غاية.
    ثم علَّم الله المؤمنين بما يقولونهلهم عند ذلك، وأمر رسولَه صلى الله عليه وسلَّم أنْ يقوللهم:﴿مُوتُواْبِغَيْظِكُمْ﴾، فانظر هذا الأدبَ الإلهي،والتعليمَ الربَّاني، فإنَّك لو جئتَ بكلِّ عبارةٍ في الردِّ على هؤلاء المنافقة لمتجدْ جواباً أبلغ من هذا، ولا أقطعَ لظهورهم، ولا أنكأ لقلوبهم وأخرس لألسنهم منه،فإنَّ غاية ما يتأثَّر عن مزيد العداوة هو الغيظ، فإنْ تعاظمَ وتفاقم وأفرط بصاحبهبلغ به الـموتَ، فإذا قلتَ لمن غلتْ مراجلُ قلبه واضطرمت نيارُ جوفه واضطربت أمواجُصدره بما جلبتْه عليه عداوتُه لك من الغيظ: «مُتْ بغيظك»، فقد بلغتَ من نكايتهمبلغاً لا تفي به عبارةٌ ولا يُحيطُ به قولٌ؛ لأنَّك جئتَ بغاية ما يبلُغ إليهكيدُه وينتهي إليه غيظُه، وقلتَ له: «مُتْ بغيظك» فإنَّك لم تضرَّ به إلاَّ نفسَك،ولم ينجعْ إلاَّ فيك، ولا بلغ هذه الغايةَ إلاَّ منك، وعند أنْ يسمع هذا الجوابَيزدادُ غيظًا إلى غيظه، وبلاءً إلى بلائه، ومحنةً إلى محنته، فكانت الثمرةُ التياستفادها من عداوته وما حمله من حسده هو هذا العذاب العظيم والبلاء المُقيم، ولمينلْ أهلَ الإيمان من ذلك شيءٌ أصلاً، فجارَ كيدُه عليه، ولا يحيقُ المكرُ السيِّءُإلاَّ بأهله، ويرجعُ بغيُه إليه: ﴿يَا أَيُّهَاالنَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَىأَنفُسِكُم[يونس: 23]،وعاد نكثُه إلى نفسه:﴿فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَايَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ﴾، وحلَّ خداعُه به: ﴿يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَايَخْدَعُونَ إِلاَّأَنفُسَهُم[البقرة: 9]([3]).
    ثم أخبر سبحانه عباده المؤمنين بأنَّهعليمٌ بما تُجنُّه الصدورُ وتُخفيه القلوبُ، وفي ذلك تسليةٌ للمؤمنين عظيمةٌ عمَّايكادُ يلحقُ بهم من غَمٍّ، لما يسمعونه من جَلَبَة المنافقين عليهم، وصَوْلَتهموعداوتهم لهم؛ لأنَّ ما كان بعلمِ الربِّ سبحانه وكائنٌ لديه فهو المُجازي لفاعلهالمنتصِف من قائله، وكفى به سبحانه مُنصِفاً من الظالمين ومُنتقمًا من المُتخلِّقينبأخلاق المنافقين.
    ثم بيَّن سبحانه لعباده حالَ هؤلاءبأكمل بيانٍ، وأَوضحَه بأتمِّ إيضاح، بحيث لا يبقى بعده رَيْبٌ، ولا يختلجُ عندهشكٌّ، فقال: ﴿إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌتَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْبِهَا﴾، فجعل سبحانه مجرَّدَ مسِّ الحسنةللمؤمنين موجبًا لـمُساءة المُتخلِّقين بأخلاق المنافقين، ومجرَّدَ إصابة ما يُساءُبه المؤمنون مُقتضيًا لحصول الفرج لهم، وليس بعد هذا من العداوة شيءٌ، فإنَّهالنهايةُ التي ليس وراءها نهايةٌ، والغايةُ التي ليس بعدهاغايةٌ.
    ثم شدَّ سبحانه قلوبَ عباده المؤمنين،وطمَّنَ خواطرَهم، وأثلجَ صدورَهم، أنَّهم مع الصبر والتقوى لا ينالُهم من تلكالصَّولاتِ شيءٌ، ولا يعلَقُ بهم من تلكالقعاقعِ ([4]) أمرٌ، ولا يصلُ إليهمضررٌ البتَّة، كما يفيدُه قولُه سبحانه: ﴿لاَيَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا﴾، فجاء بلفظشيء الذي يتناول مثقالَ الذرَّة وما دونه، فضلاً عمَّا فوقه، وليس بعد هذه التسليةالربَّانيَّة والتعزية الرحمانيَّة لمن كان له قلبٌ أو ألقى السمعَ وهو شهيد؛ فإنَّهذه الألفاظ اليسيرة والكلمات الموجزة أفادتْ ما لم تُفدْه بلاغاتُ البُلغاءوفصاحات الفُصحاء، فإنَّ غاية ما نجدُه من كلامهم في هذا الشأن هو كقولقائلهم([5]):
    إن يسمعوا سُبَّةً طارُوا بهافَرَحًا


    مِنِّي ومَا سمِعُوا مِنْ صَالِحٍدَفَنُوا
    وكقولالآخر([6]):
    إن يسمعوا الخير يُخفوه وإنسمعوا


    شرًّا أذاعوا وإن لم يسمعواأفكوا
    فإنَّ غاية ما في هذين البيتين أنَّهميُخفون المحاسن وينشرون المساوئ، فأين هذا ممَّا وصفه الله سبحانه عنهم من إساءةالحسنة لهم وفرحهم بالسيِّئة؛ فإنَّ هذا أمرٌ وراء الإخفاء والإذاعة؛ فإنَّها لاتتأثَّرُ القلوبُ بالإساءة والفرح إلاَّ بعد تمكُّن العداوة والبغضاء تمكُّنًازائدًا، وأما مجرَّد الإخفاء للخير والإذاعة للشرِّ فإنَّ ذلك يحصلُ لمن بُليبمجرَّد الحسد.
    ومع هذا؛ فإنَّ هذا النَّظْمَالقرآنيَّ يدلُّ على أنَّ مجرَّد ما يصلُ إلى المؤمنين مما يسمَّى حسنة يتأثَّر عنهالمُساءةُ لأعدائهم، ومجرَّد ما يصلُ إلى المؤمنين مما يسمَّى سيِّئة يتأثَّرُ عنهالفرحُ لأعدائهم، كما يدلُّ عليه تنكيرُ الحسنة والسيِّئة، فإنَّ الظاهر فيه أنَّهتنكيرُ التحقير، فالحسنة الحقيرةُ والسيِّئةُ الحقيرةُ ـوإن بلغت إلىالغاية في الحقارةـ يتأثَّرُ عنها ذلك، فكيف بما كان فوقذلك!
    فإن قلتَ: قد ذكر الله سبحانه في هذهالآيات أوصاف أهل النفاق وما كانوا عليه، فمِن أين لك أنَّ بعض أهل عصرككذلك؟
    قلتُ: من وجدنا منه هذه الأوصاف التياشتمل عليها الكتابُ العزيز فقد صدق عليه ما ذكره الله سبحانه في هذه الآيات، ولاشكَّ أنَّ المُتخلِّق بأخلاق المنافقين، المُقتدي بهم فيما كانوا يعاملون بهالمؤمنين لاحقٌ بهم، وغايةُ الأمرأنْنتورَّعَ عن الحكم بالنفاق ونقول: من اتَّصف بهذه الأوصاففهو مُتخلِّقٌ بأخلاق المنافقين، وهذا كلامٌ صحيحٌ لا يدفعُه دافعٌ ولا يردُّهرادٌّ، بل السنَّة المُطهَّرة تشهدُ له شهادةً أوضحَ من شمس النهار، وتُنادي عليهبأعلى صوتٍ، وذلك أنَّه صحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم ـ كما في «الصحيحين» وغيرهما([7])ـ أنَّه قال في تبيينأخلاق النفاق أنَّها: «إِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَاحَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا ائْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ، وَإِذَا عَاهَدَغَدَرَ»، هكذا في الأحاديث الصحيحة من طرق عديدة، وقال مَنْكَانَتْ فِيهِ خصْلَةٌ مِنْ هَذِهِ الخِصَـالِ كَانَتْ فِيهِ خصْلَةٌ مِنْ خِصَالِالمُنَافِقِينَ، وَمَنِ اجْتَمَعَتْ فِيهِ فَقَدْ كَمُلَ فِيهِ النِّفَاقُ، هكذاوقع القضاءُ النبويُّ على كل مُتخلِّقٍ بهذه الأخلاق أو ببعضها من أهل الإسلام،والأحاديثُ في هذا الباب متواترةٌ، يعرفُها من يعرفُ السنَّةَالمُطهَّرةَ.
    وقد وجدنا ـ ووجد غيرُنا ـ منالمتخلِّقين بهذه الأخلاق من يعلمُ من بُحِث عن أحواله أنَّه إذا لم يكن فيه كلُّهذه الخصال ففيه بعضُها، وإذا شئتَ أن تعرفَ صحَّةَ هذا فانظرْ إلى من غَلَب عليه،أنَّه إذا لاقاك عظَّمَك وأثنى عليك وتودَّدَ إليك، وإذا فارقَك قامَ وقعد بذمِّك،وأظهر من العداوة لك والبغضاء ما يقدرُ على إظهاره، كما قالالشاعر([8]):

    ويُجيبُني إذالاقيتُه


    وإذا يخلو له جسميرتعْ
    ويراني كالشجا فيحَلْقه


    عَسِرًا مخرجُه ماينتزع
    وهكذا من وعدَك فأخلفَك، أو حدَّثكفكذبَك، أو عاهدك فغدرَك، أو أمَّنتَه فخانَك، فمن وجدتَه هكذا وحكمتَ عليه بما حكمعليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلَّم كان الحقُّ بيدك والصوابُ ما فعلتَه، ومنأنكر عليك ذلك فقد أنكر الشرعَ الواضحَ والسنَّةَ المتواترةَ.
    اللَّهم أصلحنا وسائرَ عبادك، وادفعْعنا شرَّ الأشرار وكيدَ الفجَّار، يا من لا إله غيرُه ولا ملجأ سواه، وحسبُنا اللهونعم الوكيل.

    [FONT='Times New Roman',serif][/FONT]
    ([1]) لم يضع المؤلِّف عنوانًا لما كتبه، وقد وضعته اجتهادًا.
    ([2]) له ترجمة ذاتيَّة في «البدر الطالع» (2/214 ـ 225)، وممَّن ترجم له: زبارة في «نيل الوطر» (2/297 ـ 302)، والبغدادي في «هدية العارفين» (2/365)، وصديق حسن خانفي «التاج المكلل» (ص 305 ـ 317)، وغيرهم.
    ([3])وقد كتب المصنِّف كلمة «يخادعون» هكذا بضم الياء وألف بعد الخاء، وذلك على قراءةغير الكوفيين وابن عامر الشامي.
    ([4])
    «القعاقع» جمع قعقعة، وهي اضطراب الصوت، انظر: «اللسان» (ق ع ع) و«تاج العروس» (ق عع(
    ([5])
    أورده ابن هشام في «مغني اللبيب» (1/90 بدون ذكر قائله.
    ([6])
    هو: طُرَيْح بن إسماعيل الثَّقفي، والبيت من قصيدة لهأوردها الصدر البصري في «الحماسة البصرية» (2/21)،وعنده: «كذبوا» بدل «أفكوا».
    ([7])
    الحديث أخرجه البخاري (34) ومسلم (5 وغيرهما.
    ([8])
    هو: سُوَيْد بن أبي كاهل اليَشْكُري، والبيتان في «ديوانه» ص (30).
يعمل...
X