إعـــــــلان

تقليص
1 من 4 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 4 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 4 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
4 من 4 < >

تم مراقبة منبر المسائل المنهجية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-

تعلم إدارة شبكة الإمام الآجري جميع الأعضاء الكرام أنه قد تمت مراقبة منبر المسائل المنهجية - أي أن المواضيع الخاصة بهذا المنبر لن تظهر إلا بعد موافقة الإدارة عليها - بخلاف بقية المنابر ، وهذا حتى إشعار آخر .

وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه .

عن إدارة شبكة الإمام الآجري
15 رمضان 1432 هـ
شاهد أكثر
شاهد أقل

منابر العلماء : حكم الإخوان .. دروس وعبر لشيخ محمد بن سعيد رسلان حفظه الله 26 شعبان 1434

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [خطبة جمعة] منابر العلماء : حكم الإخوان .. دروس وعبر لشيخ محمد بن سعيد رسلان حفظه الله 26 شعبان 1434

    بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه

    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	7.jpg 
مشاهدات:	32 
الحجم:	47.3 كيلوبايت 
الهوية:	193702




    خطبة جمعة بعنوان
    حكم الإخوان .. دروس وعبر لشيخ سعيد رسلان حفظه الله 26 شعبان 1434



    للتحميل

    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	tahmil.png 
مشاهدات:	13 
الحجم:	12.6 كيلوبايت 
الهوية:	193704


    للاستماع والتحميل من موقع الشيخ
    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	سعيد رسلان.jpg 
مشاهدات:	7 
الحجم:	2.2 كيلوبايت 
الهوية:	193703




  • #2
    رد: منابر العلماء : حكم الإخوان .. دروس وعبر لشيخ محمد بن سعيد رسلان حفظه الله 26 شعبان 1434

    منقولة من موقع التواصل الإجتماعى الفيس بوك

    نقلا عن أحد الأخوات -بارك الله فيها-

    تفريغ خطبة

    حكم الإخوان .. دروس وعبر

    لفضيل الشيخ الدكتور محمد سعيد رسلان حفظه الله

    تاريخ إلقاء هذه المحاضرة : الجمعة 26 من شعبان 1434هـ الموافق 5-7-2013م
    مكان إلقاء هذه المحاضرة : بالمسجد الشرقي - سبك الأحد - أشمون - محافظة المنوفية – مصر
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
    [الْخُطْبَةُ الأُولَى]

    إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّه مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ.
    وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ.
    وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ.
    ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾[آل عِمْرَان:102].
    ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾[النِّسَاء:1].
    ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾[الْأَحْزَاب:70-71].
    أَمَّا بَعْدُ:
    فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّـهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
    أَمَّا بَعْدُ:

    فإن أخطر ما يصيب أمة بعد تحول مجتمعى هائل و تغيير سياسى شامل أن تكب على التشفى و الشماتة و الانتقام.
    إن روح الانتقام و الشماتة روح نجسة لا تسكن إلا الخرائب ولا تنعم إلا على الأطلال , و حرى بمجتمع يتعثر فى أذيال معاناته أن يركز على سلامة خطوه و استقامة خطواته .

    إن روح التسامح و التغافر و الصفح روح طيبة طهور و ما أحوج المصريين اليوم إلى غسل أوزارهم بضيائها و إزالة أدرانهم بطيبها و نورها .
    و هذا درس من تجربة الإخوان الفاشلة , لائحة معالمه لا تخطئها عين باصرة و لا مقلة مبصرة .
    لقد خرج القوم من كهوف كالقبور إلى البراح و إلى النور فأبوا إلا أن يصحبوا ظلمة الكهوف و يحيوا فى ضيق القبور.
    ما أحوج أمة يحدو بركب دعوتها إلى الحق و الخير المبتدعون الجاهلون المتعالمون المغامرون .
    لقد كان أكبر أخطائهم بل كبرى خطاياهم أن صرفوا جهدهم و وفروا طاقتهم على التمكين - الذى اعتقدوا أنه أنعم به عليهم - و الاستخلاف - الذى ظنوا أنه سيق إليهم – و لم يتوقف الإخوان لحظة ليتدبروا أهم المعنيون بالتمكين حقا و هل توفرت شروطه فيهم صدقا ؟
    قال جل و علا: ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) 55 النور
    حسب الإخوان أنهم معنيون بهذا القول الطهور , داخلون فى هذا الوعد الكريم و عموا عن المعنى اللطيف فى النظم الشريف .
    إن الله تعالى لم يقل وعد الله الذين ابتدعوا منكم ولا الذين حالفوا أهل الشرك منكم ولا الذين والوا الأعداء و عادوا الأولياء منكم
    و إنما قال وعد الله الذين آمنوا منكم
    و الله جل و علا لم يقل وعملوا الطالحات ولا وعملوا السيئات ولا وعملوا الموبقات
    و إنما قال تعالى : وعملوا الصالحات
    و الله تعالى قال يعبدوننى لا يشركون بى شيئا , و شيئا نكرة فى سياق النفى فهى تفيد العموم .
    فأين الإخوان المسلمون من شروط التمكين هذة , مثل الإخوان وهذة الشروط كما قال الشاعر:
    سَارَتْ مُشَرِّقَةً وَسِرْتُ مُغَرِّبًا شَتَّانَ بَيْنَ مُشَرِّقٍ وَمُغَرِّبٍ!!
    كنت أبصر وأسمع كل ما كان من أمر التمكين المزعوم، وكنت بفضل الله على يقين من أنهم لن يُمكنوا , فليس هؤلاء أهل الوعد الكريم , و من عرف صنيع وزير الأوقاف الإخوانى , و هو ينفى أقواما من أهل الكفاءة و الصدق , و يأتى بآخرين من أهل السمع و الطاعة و الجهل عرف تأويل قوله تعالى: أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (الملك 22) و تأويل قوله تعالى: ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ(5 التين) وعلم كيف يكون عبث العابثين و تخليط المخبلين .
    لقد كنت اسمع ذلك فأمر به مرور الكرام المعرضين عن اللغوو فى أذنى قول الفرزدق:
    و كانت كعنز السوء قامت لحتفها إلى مدية تحت الثرى تستثيرها
    لقد كان مما مضت به المقادير وقضت به حكمة الله الحكيم القدير أن ابتلي المصريون عاما كاملا بل حولا أكتعا برؤية وجوه أولئك القوم من الإخوان وأشياعهم بما جعل الله عليها من سواد البدعة وكآبة المنظر وذل المعصية.
    وابتلي المصريون عاما أكتعا بسماع نعيبهم وتخاريفهم في مكرهم ومخادعاتهم .
    و أما الحول الأكتع فهو حول الذلفاء فى طوله و امتداده دون مباهجه ولذاته
    يا لَيتَني كنتُ صَبِيّا مُرضَعَا ... تَحْمِلُني الذَلْفَاءُ حَوْلا اكْتَعَا
    إذا بَكَيْتُ قبلتني في أرْبعا ... إذا زللت العمر أبْكي أجْمَعا
    إن أخطر ما يواجه مجتمعا بعد التحولات الحادة والاضطرابات العنيفة ما يسميه الباحثون بالرومانسية الثورية
    والرومانسية الثورية حالة نفسية تعيشها الجماهير وقتا يطول أو يقصر تعتقد فيه الخيال حقيقة والمثال واقعا
    فإذا وسدت الأمة أمرها إلى أحد أبنائها، طالبته الجماهير أن يجعل الخيال شاخصا والبعيد دانيا والمستحيل ممكنا وحاسبته حسابا عسيرا على العجز عن تحقيق ما لا يستطاع .
    إن الناس لا ينقمون غالبا إلا واقعا خشنا تبرز أنياب معاناته كأنها أنياب أغوال و يسير الناس فيه على مثل حد الموسى تألما و صراخا وعلى من يتولى أمرهم حال كونهم يفزعون عن واقعهم إلى الرومانسية الثورية أن يردهم إلى الواقعية الحياتية برفق وحنو وصبر وإخلاص ومصارحة مكاشفة وإن لا يفعل يزدد سخطهم ولا تُأمن نقمتهم .
    و لما كان الإخوان المسلمون قوما لا يفقهون فإنهم لا يبالوا بذلك بل هم لا يعلموه .
    و قد كنت نبهت بحول الله و قوته إليه فى معرض نصحهم لتقويمهم و التحذير من انحرافهم عام 2005 و هم ينافسون على مقاعد البرلمان حينذاك و قد جعلوا أصل دعايتهم " الإسلام هو الحل " .
    و قد كنت تسائلت ما معنى هذا الشعار فى السياق الذى ورد فيه , ألا إنه لا شك أن الإسلام هو الحل لكل مشكل و المخرج لكل مأزق , و لكنه فى سياق الدعاية الانتخابية الإخوانية ينصرف إلى حل مشاكل الناس اليومية و معالجة همومهم الحياتية .
    و قلت وقتها لو اختاركم الناس لأجل هذا الشعار بهذا المعنى فسيطالبونكم غداة توليكم الحكم بحل مشكلاتهم و رفع دخولهم وتحسين حياتهم وسيطالبكم كل ببيت أنيق و سيارة متواضعة و مدارس للأبناء متطورة و دخل للأرة يجنح للرفاهية فى الوقت الذى ستقولون للناس فيه ليربط كل منكم على بطنه عند الجوع حجرا و لكم فى الرسول أسوة حسنة فقد كان يربط حجريين جوعوا تصحوا و عليكم بالصبر و السلوان و لن يقبل ذلك الناس منكم و سيذكرونكم بشعاركم و يكتشفون كذبكم و زيغكم وذلك ما كان .
    ثم جاءت لحظة فارقة فى تاريخ مصر , كانت مصر فيها بسببهم من الارتباك فى غاية ومن التخالف و التضارب فى نهاية و تصدر الإخوان الصفوف حاكمين فههوا إلى القاع مسرعين و تسارعوا إلى الإخفاق مهطعين و هم يزعمون أنهم يحكمون باسم الدين .
    و الذى لا ينقضى منه العجب أن بعض قادتهم مدرج فى قائمة أغنى أغنياء العالم فكيف لم يجد على بلده و أهله بنصف ثروته بثلث بربعها بخمسها بعشرها بل كيف لم يقبض يده عن اقتصاد بلده و مال أهل وطنه الذين أحسنوا الظن به و برفاقه و أتوا بهم إلى سدة الحكم فراحوا يحكمون جماعة لأن حكم الجماعة عندهم أفضل من حكم الفرد بسبع و عشرين درجة حكموا جماعة لتتنزل البركة و طوبى لمن تصدى ببعض مهام منصبه و لو كان رئاسة على أخيه و لو كان أحمق جاهلا ولا بأس فصدقة قليلة تمنع بلاوى كثيرة .
    إن باعة البصل ينادون عليه فى أسواقنا بالرمان و باعة الترمس يصيحون عليه يا لوز و هيهات أن ينطلى هذا الدلال على أحد ولله تعالى فى خلقه شئون و هو تعالى يعز و يذل و يضع و يرفع و يعطى ويمنع وهو تعالى فعال لما يريد و هو سبحانه على كل شىء قدير
    بَيْنَا نَسُوسُ النَّاسَ وَالأَمْرُ أَمْرُنَا إِذَا نَحْنُ مِنْهُمْ سُوقَةٌ نَتَنَصَّفُ
    فَأُفٍّ لِدُنْيَا لا يَدُومُ نَعِيمُهَا تَقَلَّبُ تَارَاتٍ بِنَا وَتَصَرَّفُ
    إن أى مجتمع تلى فيه عرى الأخلاق و تضعف فيه مقومات النفوس الكبيرة هيهات أن يوفق لتأسيس دولة متينة أو إقامة حكم رشيد .
    إن النفوس الدنيا لا يمكنها أن تقيم أحكام العلى الأعلى ولا تستطيع و هلى مخلدة إلى الأرض أن تستجيب لتعاليم الوحى أو أن تتقيم مع جوه النقى الطهور و النفوس التى انحسرت فى أهوائها الصغيرة لا تفقه الدين و لو فقهته ما اصلحت به شيئا فضلا عن أن تصلح هى به .
    و إذا رأيت رجلا يشتغل بجهاد الناس و هو مشغول عن جهاد نفسه فاعلم أنه خطاف نهاب يريد الاشتغال بالسلب و النهب تحت ستار الدين .
    إن أولى الناس بالله من حكموا الله فى أنفسهم و خضعوا لدينه فى نواياهم و عاشوا له فى شئونهم التى لا يراها إلا هو جل اسمه قبل أن يتظاهروا بالعيش له فى كل زحام و الغضب له فى كل خصام .
    إن أولى الناس بالله من يقيم فى نفسه سلطان الحق و يهزم نوازع الهوى فإذا أذنت له الأقدار بامتداد كان البر بعباد الله أول ما ينتظر منه و كان الجور عن الطريق آخر ما يرمى به .
    ألا ما أشد انطباق ما قاله الشيخ الغزالى عن الإخوان المسلمين و قيادتهم عقب فصله من مكتب الإرشاد إبان فترة إرشاد المستشار حسن الهضيبى .
    ألا ما أشد انطباق ما قاله حينئذ عنهم و عن قيادتهم على ما هم عليه فى هذة الأيام و قيادتهم
    قال الغزالى رحمه الله: .
    إن قيادة الإخوان الآن حريصة على الأوضاع الغامضة و القرارات المريبة الجائرة و هي مسؤولة أمام الله ثم أمام الناس عن مشاعر الحيرة و البلبلة التي تغمر قلوب الإخوان في كل مكان, ثم هي مسؤولة من قبل و من بعد عن الخسائر التي أصابت الحركة الإسلامية في هذا العصر و عن التهم الشنيعة التي توجه للإسلام من خصومه المتربصين.
    و قال الغزالى أيضا:
    إن الذين يحسبون أنفسهم جماعة المسلمين يرون مخالفة الأستاذ حسن الهضيبي ضرباً من مخالفة الله و رسوله، و طريقاً ممهدة إلى النار و بئس القرار !.
    و قد كنت أسير مع زميلي الأستاذ سيد سابق قريباً من شعبة المنيل ، فمر بنا اثنان من أولئك الشبان المفتونين و أبيا إلا إسماعنا رأيهم فينا و هو أننا من أهل جهنم ! .
    و صادف ذلك منا ساعة تبسط و ضحك فمضينا في طريقنا و قد سقط طنين الكلمة النابية على الثرى قبل أن يتماسك في آذاننا..
    إلا أنني تذكرت بعد أيام هذا العداء المر و الأوامر التي أوحت به ، فعزَّ عليَّ أن يلعب بالإسلام و أبنائه بهذه الطريقة السمجة و أن تتجدد سياسة الخوارج مرة أخرى ، فيلعن أهل الإيمان و يترك أهل الطغيان .
    لقد ذكر الغزالى فى فصل السمع و الطاعة من كتابه من معالم الحق في كفاحنا الإسلامي الحديث أمور عظيمة و أظهر كثيرا مم كان خافيا فى جماعة الإخوان و فى مكتب إرشادها و قد أصر على إبقاء ما كتب كما كتب من غير حذف و لا تغيير .
    و مع ذلك فقد امتدت يد التغيير بعد موته لما كتب و أصر على بقائه تحريفا للتاريخ و طمسا للحقائق .
    قال فى آخر فصل السمع و الطاعة هممت غير مرة أن اطوى هذا الذى كتبته فى فصل السمع و الطاعة بعد الأحداث الجسام التى قرعت أنباءها الآذان و أغنت مرارتها عن كل بيان لكنى آثرت أن أرويها كما وقعت فى إبانها لأمور منها :
    - إنصاف الحقيقة العارية و ذكرها للتاريخ العدل
    - قمع الغرور الذى يستولى على أغلب العاملين فى البيئات الدينية فيشتط بهم بعيدا عن مرضاة الله و عن إقناع العقلاء
    و انظر – رعاك الله – إلى ما روى عن أن اتباع زعيم ديني فى السودان تهافتوا على تقبيل سلم عربة السكة الحديدية التى سافر فيها .
    و قال الشعراء فى تحيته “أعداء ذاتك عصبة فى النار”!!
    إن صلف الرؤساء وهوس العوام على هذا النحو جاهلية عمياء . وليست إسلاما قط. إن كلمة “أغمض عينيك واتبعنى” لا يمكن أبدا أن يقرها دين يؤمر رسوله بهذا البيان الواضح “قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ”.
    فلنخدم الإسلام بقوة ، ولنخدمه بنظام. أما إشباع نزوات الاستعلاء في هذا ، وكبوات الاستخذاء في ذلك ، بالكبر هنا ، وبالهوان هناك ، فأبعد ساحة عنه ، ساحة يهتف فيها باسم الله ويفرض فيها العمل للإسلام.
    و قال أيضا : (وقد رأيت جمعا غفيرا من شباب جماعة المسلمين ينظرون إلى مرشدهم نظرة يجب أن تدرس وأن تُحذر.
    قال أحدهم في اجتماع ضخم للهيئة التأسيسية: إن المرشد لا يخطئ.
    وكان بهذه القولة العجيبة يريد أن يخذلني، وأنا أعارض المرشد في بعض تصرّفه، وقد خذلت فعلا، ومزّقت ملابس الرّجل الّي وقف يناصرني.
    و مع أن كلمة المرشد لا يخطىء وجدت امتعاضا عند أغلب الأعضاء إلا أنه امتعاض المذنب عندما يواجه بجريرة لا يجد منها فكاكا.. ويكره أن تلتصق به ، لظهور معرتها.
    والقوم يخلطون بين توقير القائد وتوقير المهابة له... وبين الخنوع لرأيه والمسارعة في هواه.

    ثم قال :
    وأستطيع أن أقول: إن الحاجة تكون ماسة إلى تربية أزكى وفقه أوسع وتخليص للدين من مسالك غبية كانت تقع باسمه ، ومن أمراض نفسية تختفي وراء شعائره.
    و قال :
    فانظر ماذا صنع المحسوبون على دعوة الله فى زماننا هذا؟ داسوا موازين الإيمان وجاءوا برجال لا يدرون من شرائع الله شيئا ليقودوا ركب الدعاة إلى الله! فكان أن قادوهم إلى مواطن الندم. إن المسلم الذي يفقد ضميره لإيثار شخص بمنصب كيف يرجى منه أن يحكم بما أنزل الله حين يتولى مهام الدولة ويملك أزمتها الكبرى؟

    فإذا غلغلت النظر في خبء هؤلاء، وجدت تقرباً سره الزلفى، وإغماضاً سره الجبن، وفصلاً سره الحقد، ووصلاً سره الإدلال، وصداقة سرها الهوى! فأين ((مَا أَنْزَلَ اللَّهُ)) بين قوم هذه حالهم؟

    إننا لن نوفق إلى الحكم بما أنزل الله حقاً إلا إذا نمت أعوادنا في مغارس الفضيلة، فكنا عدولاً مع أنفسنا قبل أن نكون عدولاً مع الناس…

    وتربية الأجيال الجديدة لتكوين أخلاق عظيمة ومسالك رائعة، خطوة لا بد منها في هذه السبيل.

    إن ما ذكره الغزالى كان مواكبا لمحنة كبرى من محن الإخوان المسلمين .

    و الآن هل ترى فرقا بين حالهم التى كانت وحالهم التى هم عليها , إن العلل التى شخصها الرجل عندما كان فى مكتب الإرشاد عضوا هى بعينها التى رأها الناس و يرونها فى هذة الأيام بل لقد زادت فى القوم استفحالا و تجذرا .
    لقد حملهم من قبل جميع المآسى التى عانى و يعانى منها المسلمون فى هذا العصر .
    فقال:
    إن قيادة الإخوان الآن حريصة على الأوضاع الغامضة و القرارات المريبة الجائرة , ثم هي مسؤولة من قبل و من بعد عن الخسائر التي أصابت الحركة الإسلامية في هذا العصر و عن التهم الشنيعة التي توجه للإسلام من خصومه المتربصين.
    فهل يرى عاقل منصف فرق بين ما كان و ما هو كائن ؟!
    بل هل خسرت الدعوة إلى الإسلام فى العصر الحديث مثل ما خسرت بسبب تلك المغامرة التى غامرها القوم؟!
    لقد بدد الإخوان المسلمون فرصة كبرى سنحت لهم فى هذا العصر , و ترتب على ذلك نتائج كارثية شوهت صورة الإسلام فى أعين كثير من المسلمين و حرفتهم عن الحق و جرفتهم سيول الباطل إلى معتقدات باطلة و أفكار زائفة و تحلل من القيم والأخلاق بغيض .
    و الواجب على الجميع بعد الذى كان أن يراجع كل نفسه و أن يتوقف طويلا ليتأمل كثيرا و أن يبتعد قليلا ليرى أفضل , و حقيقة الإسلام لا تخفى على فطرة نقية ولا على نفس سوية .
    و على الإخوان و أشياعهم أن يعلموا أن تصعيد النظر إلى القيادة قبل بناء القاعدة المسلمة هو انطلاق من فراغ تشابه مسلك الخوارج من وجه و نتيجته الشر و الفتنة .
    و من مسلمات الاعتقاد عقد سلطان الولاء و البراء تحت اسم الإسلام و رسم أحكامه فلا يجوز بحال عقده على شعار بدعى أو اسم رجل أو او طائفة او ما يفضى الى بدعة او معصية.
    و مرة أخرى اذكر شباب الإخوان فى هذة المحنة بما قاله الغزالى فى محنة سابقة مشابهة :
    فاعلم أن الإسلام بني على الوضوح والثقة والتعقل. "ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ", “إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ”. فارفض الغموض في رسالتك واحذر قبول الريبة باسم السمع والطاعة. فالطاعة في المعروف ، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول ` دع ما يريبك إلى ما لا يريبك `. ولا تتعصب إلا لما تعقل وتؤمن ، فإن التسليم للأوهام بعض الطقوس الماسونية في هذا العصر ، وبعض طقوس الكنيسة في العصور الوسطى المظلمة. أما الإسلام فبريء من هذه المسالك المحدثة.
    إن قيادة الإخوان الآن حريصة على الأوضاع الغامضة و القرارات المريبة الجائرة و هي مسؤولة أمام الله ثم أمام الناس عن مشاعر الحيرة و البلبلة التي تغمر قلوب الإخوان في كل مكان, ثم هي مسؤولة من قبل و من بعد عن الخسائر التي أصابت الحركة الإسلامية في هذا العصر و عن التهم الشنيعة التي توجه للإسلام من خصومه المتربصين.
    إن انشقاق حزب فأكثر من جماعة المسلمين يلوح متميزا بالرمز و الشعار و المنهج و التخطيط أو بشىء من ذلك عن منهاج النبوة مهما أحاط به من حسن النية وصفاء القصد فإنه لا محل له من القبول فى الإسلام من حيث مبدأ الانشقاق أو بكليته فكما أنه لا محل بحال للاختلاف فى الكتاب و السنة فلا محل للاختلاف فى نشرهما و الدعوة إليهما فالوسائل لها أحكام الغايات فلا بد من سير الغاية و الوسيلة معا تحت سلطان النظر الشرعى قبولا و ردا.
    و أصل الانشقاق إذا حللناه إلى أجزائه وجدناه فى جملته يتناثر بين الكفين كتناثر الرمل إلى ذراته و هذا بمقدار دائرة الفرقة (أى الجماعة المتحزبة) شمولا لأحكام الإسلام و تجزئة و قربا و بعدا عن منهاج النبوة و هذة أيلولة حتمية لكل منشق عن أصله حسب مقياسه الثابت و هو هنا منهاج النبوة فى الكتاب و السنة .
    و هذا تحليل لآثار ممارسة التفرق و التحزب و التشرذم تحت سلطان المقياس الثابت (الكتاب و السنة) طريق جماعة المسلمين لترى كيف شكلت هذة المآخذ بذور التقلص و التلاشى لتلك الفرق فى الماضى و مدى تأثيرها اليوم فى بعثرة مسيرة العمل الإسلامى فى الدعوة إلى الله تعالى خالصة من كل شائبة و هذا ذكر ما أمكن إدراكه من مضارها كما فى مهذب حكم الانتماء:
    1- اعلم أن كل ممارسة لعمل هنا لا تكون إلا بدافع و الدافع لا يكون إلا بقناعة و القناعة لا بد أن تكون معتبرة والاعتبار لا يعتد به إلا بدلالة الشرع عليه.
    فاعتبر أى فرقة بعرض أصولها و منهجها على أصول الشريعة و قواعدها لتعلم مدى انشقاقها عن جماعة المسلمين فى اسم أو رسم.
    و من وراء هذا تيقظ لمبدأ (النظرة التبريرية) الحاملة لتسخير النصوص للدلالة على واقع جماعة ما و ما لها من تنظيم ونتائج.
    و هذا منهج معكوس إذ الأصل شرعا العمل بالدليل لا العمل بالنظرة التسويغية.
    و نعوذ بالله أن يكون لمسلم نصيب من قوله تعالى : وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ آل عمران 87

    2- ومن النكبات التى تحل على المسلمين بسبب التفرق و التحزب و التشرذم عقد الولاء و البراء على الحزبية وهذا المحور الحزبى هو عين المشاقة لله و لرسوله و هو نظير التحزب الذى محاه الإسلام :
    و عليه : فإن الحزب إن جعل أساس الولاء و البراء هو الإسلام و لم يتميز عنه باسم و لا رسم فهذا هو الإسلام دون أى تميز فى شكل أو مضمون خارج عنه و إن جعل الولاء و البراء على أمر أو أمور أخر فهو صرف لقاعدة الإسلام الولاء و البراء عن متعلقها الشرعى و مادتها الإسلامية الإسلام و هذا من ضروب العصبية التى تكاثرت النصوص على نبذها و محوها من سجل المسلمين.

    3- الفرقة فى الإسلام لا تكون إلا على أساس الاختلاف فى الكتاب و الاختلاف فيه هلكة فى الحق و شقاق بعيد قال الله تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ(176)سورة البقرة
    فالإسلام لا يعرف الاختلاف فى شىء من مجالاته و ما ذاك إلا لشموليته و كماله و إذا أتى خلاف تصادمت الأفكار و اضطربت الآراء فتنتج تفكك الأمة إلى أحزاب متصارعة.
    4- أن الفرق بقيود التحكم على سبيل الدعوة إلى الله تعالى فجعلت العنوان لمزولة العمل الإسلامى و التحرك داخل حزام الخط الإسلامى هو حمل بطاقة الحزب إن كان له بطاقة أو الانتماء إليه فحسب بينما الإسلام على منهاج النبوة يعتبر المنتمى إلى الحركة الإسلامية و الدعوة إلى الله تعالى كل من جاء بالشهادتين بحقهما جاعلا الإسلام محور حياته و نقطة انطلاقه لا يشترط أن يكون داخل جدر الأحزاب بل يشترط أن يكون خارجها .
    فانظر كيف حجبت الحزبية سعة الانتماء اليوم كما حجبت و حدته من قبل.

    5- الحزبية ترصد فى أفئدة شباب الأمة: الربط الشديد بين الفكر الحزبى و (العمل الإسلامى :الدعوة إلى الله) أى لا عمل إلا بحزب أو جماعة أو تنظيم
    فيبقى السؤال الذى لا جواب له متفق عليه عند الحزبيين:
    إلى أى حزب ينتمى المسلم؟
    نعم إن منطق الإسلام يقول : (منهاج النبوة) هو : (مقياس التقويم) أما لدى حزب أو جماعة ما فإن مقياس التقويم هو فكر المؤسس.
    قال حسن البنا: (وموقفنا من الدعوات المختلفة... أن نزنها بميزان دعوتنا فما وافقها فمرحبا به ومن خالفها فنحن برآء منه!!)
    كما قال قائلهم بعد:ينبغى أن يفهم الإسلام من خلال الأصول العشرين للإمام المؤسس و هذا عكس للأمورتماما كما تقول ينبغى أن تنظر للدنيا على سعتها من سم الخياط و لو أنه قال ينبغى أن تفهم الأصول العشرين فى ضوء الكتاب و السنة فما وافق منها الكتاب و السنة أخذ و ما خالف منها الكتاب و السنة رد لكان كلامه مستقيما ولكنه عكس الحقيقة و هذا غلو مقيت
    قال البنا مخاطبا الاخوان : فدعوتكم أحق أن يأتيها الناس ولا تأتى هي أحدا وتستغني عن غيرها ، إذ هي جماع كل خير ، وما عداها لا يسلم من النقص
    لا والله ماهذا إلا الكتاب و السنة ما هذا إلا ما جاء به محمد صلى الله عليه و سلم و ما كان عليه أصحابه.
    و أما هذا الكلام فباطل مردود.

    6- الذى يريده الله من عباده الدعوة إلى دينه بنقل المسلم من ظلام الوثنية إلى أنوار التوحيد ومن مغارة المعصية إلى عز الطاعة ومن غبش البدعة إلى وضوح السنة.
    لا بنقل المسلم من أفق الإسلام الواسع الذى تستوعب رحمته جميع المسلمين على منازلهم إلى ضيق الشعار الحزبى ولا النقل من محتوى جماعة المسلمين إلى حضار جماعة من المسلمين تقارع أخواتها و تنبلج فى نفسها.
    قال الله تعالى : وَإِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ 52 المؤمنون

    7- الإذن بالأحزاب فى الإسلام فيه فتح باب لا يرد بدخول أحزاب تحمل شعار الإسلام و هى حرب عليه و كم رأينا ذلك فى دعوات ضالة بل كافرة و كم التف حولها من المسلمين ما لا يحصيهم إلا الله تعالى فأخرجتهم من نور الإسلام إلى الضلال البعيد.
    فانظر كيف تعيش تلك الفرق تحت مظلة الإسلام و هو منها براء.

    8- نسأل هلى يسمح الحزب بتعدد الأحزاب فى البلدة الواحدة و توزع انتماءات أهلها؟
    فمن قال نعم فهو جواب من لا يعقل ولا يريد بالأمة خيرا وماذا يصير إليه مصيرها من التمزق و لانشقاق و المشاقة؟
    و إن قال لا فكيف يسمح لنفسه بحزبه دون بقية الأحزاب و كل يدعى أنه يمثل الإسلام؟
    ليس أمامنا إلا لزوم جماعة المسلمين السائرين على منهاج النبوة ( من كان على مثل ما أنا عليه و أصحابى )

    9- الأحزاب و الجماعات و الفرق كلها مبتدعة.
    ولو لم يكن من أمر الحزبية التى تنفرد باسم أو رسم عن منهاج النبوة إلا أنها عمل مستحدث(عمل مبتدع) لم يعهد فى الصدر الأول لكفى بذلك دليلا على خروج عن صراط الإسلام المستقيم.

    10- و كم كانت الأحزاب المبنية على تصعيد النظرة السياسية الخالية من القاعدة الإسلامية الملتزمة سببا فى التسلط على المسلمين و حصدهم و تقهقر الدعوة و قهر الدعاة على منهاج النبوة و كبت الانطلاقة فى الدعوة إلى الله تعالى.
    والواقع شاهد لا يكذب.

    11- فى الحزبية تحجيم للإسلام فلا ينظر إليه إلا من خلالها فهو تجمع حول شخص و قيادة معينة فى أطر مخصوصة و ربما كان الحزب لا يحمل من أنورا النبوة إلا بصيصا ولا كمصباح راهب.

    12- أى فرقة قد أسرت نفسها بربقة (الرمز) و ضيق (اللقب و الاسم) و الانفراد (بالشعار) فهذا تحجر منها عن سمة الاسم الشامل (المسلمين).
    و عليه:
    فالوسم بالاسم الضيق عن دائرة الإسلام المتسعة,علة يجب التخلص منها وفقا لمنهاج الإسلام و إطاره العام .

    13- هذة الفرق هذة الجماعات هذة الأحزاب متعددة بل الفرقة بل الحزب بل الجماعة فى نفسها متعددة إلى فرق إلى أحزاب إلى جماعات هذا يقع غالبا و التعدد دليل على الإختلاف.
    و تعدد التعدد دليل على ضراوة الاختلاف والاختلاف نتيجة حتمية لاضطراب الأصول التى تنفرد بها كل جماعة و تدعو إليها و تقيم جماعتها عليها.
    و هذا يناقض قاعدة الشرع المطردة من أن (الحق واحد لا يتعدد) و كل واحدة تقيم حرب التشكيك بما لدى الأخرى مدعية أن ما لديها هو الحق و ما لدى الأخرى هو الباطل كلا أو بعضا.
    فلا يقضى على هذا السبب العظيم للتفرق و تمزيق الجماعة بله الأمة إلا الالتزام بمنهاج النبوة كما درج عليه الصدر الأول ومن تبعهم بإحسان فدع أيها المسلم بنيات الطريق.

    14- التعدد داعية الفرقة و الفرقة سبب للمنازعة المورثة للفشل و الضعف و الوهن قال الله تعالى : وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ 46 الأنفال
    و هذة نقلة جديدة من جراحات الأمة على يد أعدائها إلى الاشتغال بجراحاتها على يد أبنائها فى سلاسل من حروب فى غير معركة و انتصارات بغير عدو تحتوى كدرا و تفرق جهدها هدرا
    فالحزبية مظنة الفرقة بل زاد لها و للبغضاء بين أهل الإسلام قال الله تعالى : وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ آل عمران:105

    15- و كم كانت الحزبية حجابا عن معرفة الحق لداء التعصب لها و دافع الكفاح عنها و كم كانت سببا لإضعاف الغيرة على التوحيد الخالص والسنة المطهرة.

    16- و هذا (الاعتقال الفكرى) أفرز فى مقابله (الإرهاب الفكرى) تنفيرا ما لدى الآخرين للاستفادة من العلم و تصحيح المسار و أعظم مولدات الإرهاب الانقطاع عن أنوار الدليل من الكتاب و السنة و التمحور فى فكرية الجماعة والانغلاق فى قالبها.
    ففى الوقت الذى بدأ فيه المسلمون يتخلصون من العصبية المذهبية الفروعية أخذت الأحزاب تنفخ فى التعصب من وجه آخر هو أشد سوءا.

    17- إن القيادة و الزعامة فى الفرقة و الجماعة يطغى الاهتمام بها على الفكرة و المنهج و الأصول التى تبنى عليها أصول الجماعة فى دعوتها . و هذا يؤول إلى تبعية ماسخة للأفراد للمنتمين بأنهم جنود للقيادة لا للدعوة النبوية ولا للغاية المشروعة الإسلامية و بالتالى تخدم الحزبيات الأشخاص لا الأهداف و الغايات للدعوة على منهاج النبوة.

    18- و من ظواهر الحزبية : إضفاء قسط من القداسة على بلد القائد المؤسس و على مكان وفاته و من تتبع علم .

    19- من مفاسد الجماعات التنابز بالألقاب و هى سمة جاهليةمحاها الإسلام ثم أحيا رسمها أهل الأهواء كما فى كتب الفرق و مباحث الكلام و من هذا تسمية بعض الجماعات لمن ينتمى إليهم (أخا) و (ملتزم) و من لم ينتم إلي (الجماعة) باسم الآخرين و العلم الذى لم ينتم إليهم بلقب بأنه (ليس واعيا) و (غير واع بالواقع) و (غير فاهم للواقع) و الصاق التهم الكاذبة بالعلماء و التنفير منهم و النظر إليهم بعين السخط و الاستصغار و هكذا تشييد جسر ممتد من الغمز و اللمز لعلماء الأمة و التنقص بهم بل وصل الحال إلى التكفير فما دونه مما يستخرجونه من قاموس منظارهم الحزبى.
    و ما هذا من شهوة التكفير لدى بعض الفرق الغابرة ببعيد إذ يخطئون من خالف الدليل لشبهة و لا يكفرون أما أهل الأهواء فبالعكس.
    و يقابل هذا من بعض الجماعات المعاصرة فى طرف مناقض من يقول :
    (نجتمع فيما اتفقنا فيه و يعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه)
    و هذا تقعيد حادث فاسد إذ لا عذر لمن خالف فى قواطع الأحكام فى الإسلام فإنه بإجماع المسلمين لا يسوغ العذر و لا التنازل عن مسلمات الاعتقاد و كم من فرقة تنابذ أصلا شرعيا و تجادل دونه بالباطل.

    20- الحزبية تقوم على التسليم بآراء الجماعة و توزيعها و نشرها و سد منافذ النظر و النقد لها و هذا يناقض ما دعا إليه الشرع.

    21- الأحزاب فى ظاهرها وسائل منظمة للدعوة إلى الله لكنها فى الغالب تتحول إلى تشكل غريب فى جسم الأمة إلى غايات إلى مراكز احتكار للعمل الإسلامى بحكم ما تصدره من أحكام على الجماعات الأخرى.
    إلى غاية تقوية للسلطة الشخصية بشاهد ما يبدو من صراع عليها و جمع للأموال و احتلال لمراكز النفوذ.

    22- إن الحزبية تورث (عقدة الاستعلاء الثقافى و التنظيمى) و لهذا ترى و تسمع رمى الآخرين بالسطحية و ضيق الأفق و الخلو من فقه الدعوة(يقصدون به التنظيم الحزبى) كل هذا على مذابح التعصب الحزبى و ما يفرزه من مفاهيم تضرب فى الصف الداخلى للأمة.
    و من آثاره ذلك التهيب المريض من طرح ما لديهم من مفاهيم على العلماء و فرارهم من مناقشة العلماء لهم.

    23- تعدد الأحزاب تعدد فى المناهج الفكرية لها و هذا اضطراب فى الحياة الفكرية فى وسط الأمة الإسلامية و كم لهذا من آثار فى فساد الحياة الإجتماعية من إثارة للشغب و الإضطارب و التهارج على أنقاض و حدة الأمة عى منهاج النبوة.

    24- كم كانت الحزبية سببا لصرف الأنظار عن الأمراض الحقيقية التى تنخر فى جسم الأمة من داخل فتفرز فيها الابتداع فى الدين و هجر السنة المعصومة.

    25- و من أظهر مضارها أنها تفتقد السير بالدعوة إلى الله فى مراحلها على منهاج النبوة فهى لا تعنى ترسيخ الاعتقاد و لا التفقه فى الدين و لا نشر لسان العرب.

    26- هذة الدعوات الحزبية مبنية على فكر و تخطيط و أطر الجماعة فكر بها منشؤوها فهذة تحيا بقدر ما يوجد بها من قتاعات و تموت بموت القناعات بها.
    أما الدعوة على منهاج النبوة بالعودة إلى الكتاب و السنة فهى الدعوة الباقية فلا تموت و إن مات المجدد لها لأنها دعوة الإسلام دعوة الأنبياء إلى مدلول (لا إله إلا الله)

    فيا أيها الموافقون ويا أيها المخالفون هيا إلى الدعوة إلى الله على منهاج النبوة لا غير حتى ترتفع الخصومات و تزول الإشكالات و حتى تئتلف القلوب على كتاب ربنا و سنة نبينا على منهاج النبوة بفهم أصحاب نبينا محمد صلى الله عليه و سلم و رضى الله عنهم أجمعين و الله تعالى الموفق للصواب.

    [الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ]
    الحمد لله وحده ، و الصلاة و السلام على من لا نبى بعده.
    أَمَّا بَعْدُ:
    فعقد نظام الدعوة إلى الله تعالى على منهاج النبوة أشد آصرة التآخى بين المسلمين و توثيق عرى الولاء بينهم و الحب فى الله و البراءة من كل ما يخالف دينه و شرعه و نبذ الشقاق و الفرقة على أساس من رسوخ وحدة الاعتقاد و التخلق بأخلاق كتابه و سنة نبيه صلى الله عليه و سلم
    كل هذا لجلب كل ملائم لحياة المسلمين و دفع كل مؤلم عنهم فالإسلام لهذا مد وشائج الإخاء و وثق وسائل النصرة بما نراه مبثوثا فى نصوص الشرع و انظر كيف امتن الله على صحابة نبيه صلى الله عليه و سلم بآصرة التآخى مع المن عليهم بنعمة الإيمان فقال سبحانه: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ آل عمران:103 و انظر كيف قال النبى صلى الله عليه وسلم فى حديث أنس إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرتكم و لكن فى التحريش
    و ما ذاك إلا بذر الشقاق و النزاع لنقض وحدة الجماعة أسرع من نقض الاعتقاد أما إذا حدث الانقسام العقدى فهو آخر معقل يدك من حصون الإسلام و انظر ما غشى اليوم من الغواشى بسببه و ما جعل الغربة الثانية أشد من الاولى.
    أهل الإسلام ليس لهم سمة سوى الإسلام، ولا رسم سوى القرآن والسنة، وهذا أصل الملة الحنيفية التي دعا إليها شيخ الأنبياء أبونا إبراهيم -عليه السلام- ومن بعده من أنبياء الله ورسله إلى خاتمهم نبينا ورسولنا محمد -صلى الله عليه وسلم.

    قال الله تعالى : {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}.

    وهذه التسمية هي صبغة الله، التي رضيها لعباده، فقال سبحانه ممتنًا بها عليهم : {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ}.
    وقد نعى الله على من رغب عن هذا الشعار، فقال تعالى : {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ * إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ * وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ * تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ * فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ}.

    هذا هو السلم الذي لا يقبل الله من أحد دينًا سواه؛ قال تعالى : {الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ}.

    والآيات في هذا عن أنبياء الله ورسله : إبراهيم، وابنه إسماعيل، وموسى، وعيسى، وغيرهم من أنبياء الله ورسله؛ كثيرة في القرآن الكريم، كلهم تحت لواء الإسلام، ولقب المسلمين، قال الله تعالى : {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}.
    وكما أن كلمة التوحيد : "لا إله إلا الله" هي أساس الملة، فإن كلمة "الإسلام" هي أم الكلمات الشرعية التي يتسمى بها الأميون، فيقال لهم : المسلمون.
    ولهذا؛ فإن كلمة التوحيد وحدت الناس تحت شعار واحد : الإسلام؛ قال تعالى : {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}.
    وقال تعالى : {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ}.
    فاسم المسلم وما في كفته من أسماء المدح، مثل : المؤمن، المتقي، الصالح... هي أسماء المكلفين التي علق عليها الشارع المدح، وفي مقابلها ما علق عليه الذم، مثل : الكافر، المنافق، الفاسق... وعلى هذين المتقابلين مدار الجزاء؛ ثوابًا وعقابًا.
    وعليه؛ فإن ما دون ذلك من ألقاب أحدثت في الشرع بالأمس، هي نظيرة الألقاب التي أحدثت اليوم، وكلها في المنع من بابه واحدة، في رسمها واسمها :
    فلا يسوغ للمسلم أن يتلقب بأنه : قدري، أو مرجئ، أوخارجي، أو أشعري، أو ما تريدي، أو معتزلي... كما أنه لا يسوغ له أن يضيف اليوم : إخواني، صوفي، تبليغي... وهكذا؛ فالمنع من جهتين : أنه لقب لم يرد به الشرع، أو لهذا ولما فيه من مخالفات لنصوص الشرع في المادة والرسم.
    وعليه؛ فلا يجوز إحداث واختراع شعارات وألقاب لم يرد بها الشرع، فإنها "تكون في البداية كلمة وفي النهاية مذهب ونحلة"! فلا تغتر بذلك وإن زخرفه أهل الأهواء، والله أعلم.
    أهل الإسلام ليس لهم سمة سوى الإسلام والسلام.
    فيا طالب العلم بارك الله فيك وفي علمك، اطلب العلم، وادع إلى الله تعالى على طريقة السلف، ولا تكن خراجًا ولاجًا في الجماعات، فتخرج من السعة إلى القوالب الضيقة، فالإسلام كله لك جادة ومنهجًا، والمسلمون جميعهم هم الجماعة، وإن يد الله مع الجماعة، فلا طائفية ولا حزبية في الإسلام.
    وأعيذك بالله أن تتصدع، فتكون نهابًا بين الفرق والطوائف والمذاهب الباطلة والأحزاب الغالية، تعقد سلطان الولاء والبراء عليها.
    فكن طالب علم على الجادة؛ تقفو الأثر، وتتبع السنن، تدعو إلى الله على بصيرة، عارفًا لأهل الفضل فضلهم وسابقتهم.
    وإن الحزبية ذات المسارات والقوالب المستحدثة -التي لم يعهدها السلف- من أعظم العوائق عن العلم والتفريق بين الجماعة، فكم أوهنت حبل الاتحاد الإسلامي، وغشيت المسلمين بسببها الغواشي.
    و انشطار الحزب الواحد و الفرقة و الجماعة لا بد منه هى ضربة لازم على الأحزاب و الفرق و الجماعات لا بد من انشطارها فتنشطر الجماعة أو الفرقة أو الحزب إلى اثنين ثم ينشطر كل اثنين إلى اثنين و هكذا إلى ما لا نهاية له كان ذلك قديما فى الأحزاب التى نشئت و الفرق التى نجمت من الخوارج و القدرية و المعتزلية و المرجئية إلى غير أولئك من أصحاب الأهواء الضالة و الأفكار المنحرفة و المعتقدات الباطلة فانشقوا و تمزقوا و كل يكفر كلا.
    و كذا الشأن فى هذا العصر الحديث حذو النعل بالنعل و من كان له بصر أبصر ومن كانت له بصيرة علم و أما من طمس الله عين بصيرته و جعل على عينيه غشاوة فلن يرى الحقائق اللائحة و لن يبصر الدلائل الواضحة .
    فاحذر رحمك الله فرقا أحزابًا جماعات طاف طائفها، ونجم بالشر ناجمها، فما هي إلا كالميازيت، تجمع الماء كدرًا، وتفرقه هدرا؛ إلا من رحمه ربك، فصار على مثل ما كان عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه -رضي الله عنهم.
    قال ابن القيم -رحمه الله تعالى- عند علامة أهل العبودية : "العلامة الثانية : قوله : "ولم يُنسبوا إلى اسم"؛ لم يشتهروا باسم يعرفون به عند الناس، من الأسماء التي صارت أعلامًا لأهل الطريق.
    وأيضًا؛ فإنهم لم يتقيدوا بعمل واحد يجري عليهم اسمه، فيعرفون به دون غيره من الأعمال، فإن هذا آفة في العبودية، وهي عبودية مقيدة، وأما العبودية المطلقة؛ لا يعرف صاحبها باسم معين من معاني أسمائها، فإنه مجيب لداعيها على اختلاف أنواعها، فله مع كل أهل عبودية نصيب يضرب معهم بسهم، فلا يتقيد برسم، ولا إشارة، ولا اسم، ولا بزي، ولا طريق وضعي اصطلاحي، بل إن سئل عن شيخه؟ قال : الرسول. وعن طريقه؟ قال الاتباع. وعن خرقته؟ قال لباس التقوى. وعن مذهبه؟ قال : تحكيم السنة : وعن مقصده ومطلبه؟ قال : {يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ}، وعن رباطه ؟ قال : فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ
    وهؤلاء لما كانوا مستورين عن الناس بأسبابهم، غير مشار إليهم، ولا متميزين برسم دون الناس، ولا منتسبين إلى اسم طريق، أو مذهب، أو شيخ أو زي، كانوا بمنزلة الذخائر المخبوءة، وهؤلاء أبعد الخلق عن الآفات، فإن الآفات كلها تحت الرسوم والتقيد بها، ولزوم الطرق الاصطلاحية، والأوضاع المتداولة الحادثة، هذه هي التي قطعت أكثر الخلق عن الله وهم لا يشعرون، والعجب أن أهلها هم المعروفون بالطلب والإرادة والسير إلى الله.
    وقد سئل بعض الأئمة عن السنة؛ فقال : ما لا اسم له سوى السنة.
    يعني : أن أهل السنة ليس لهم اسم ينسبون إليه سواها.
    اللهم اجعلنا منهم يا رب.
    وأهل الإسلام ليس لهم رسم سوى الكتاب والسنة، والسير في الدعوة إليهما على مدارج النبوة، وهم كما وصفهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله : ((من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي)). وهم الذين سماهم -صلى الله عليه وسلم- الجماعة. وجماعة المسلمين الصحابة والتابعون بإحسان إلى يوم الدين. وهم الطائفة المنصورة كما وصفهم بذلك.
    وهم الفرقة الناجية؛ كما وصفهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك.
    وهم المنتسبون لسنته وطريقته -صلى الله عليه وآله وسلم- الراغبون فيها دون ما سواها من الأهواء لمّا مالت بأهلها؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- : ((من رغب عن سنتي فليس مني)). ولما تشعبت بالأمة الأهواء، صاروا هم أهل السنة والجماعة دون من سواهم.
    وهم السلف الصالح، فمن تبع أثرهم، ومن هنا؛ لما ظهرت البدع والأهواء المضلة؛ قيل لمعتقدهم : السلفي، أو العقيدة السلفية.
    وهم الذين يمثلون الصراط المستقيم، سيرًا على منهاج النبوة، وسلفهم الصالح؛ لهذا فليسوا بحاجة إلى التميز بلقب، أو رسم، أو اسم، أو شعار لم يرد به النص.
    ولم يحصل تمام البروز والظهور لهذه الألقاب الشريفة لجماعة المسلمين إلا حين دبت في المسلمين الفرقة، وتعددت على جنبتي الصراط الفرق، وتكاثرت الأهواء، وخلفت الخلوف، فبرزت هذه الألقاب الشريفة للتميز عن معالم الفرق الضالة، وهي مع ذلك ألقاب لا تختص برسم يخالف الكتاب والسنة؛ زيادة أو نقصًا، وإنما يمثلون في الحقيقة والحال الامتداد الطبعي لما كان عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه -رضي الله عنهم- في الشكل والمضمون، والمادة والصورة.
    وعليه؛ فإن أي فرقة أو حزب أو جماعة تعيش تحت مظلة الإسلام باسم معين أو رسم خاص، فهي من جماعة المسلمين وتقترب وتبتعد من الصراط المستقيم الذي عليه جماعة المسلمين بقدر ما لديها أو ما تفتقده من شريعة الإسلام العظيم.
    وعليه؛ فإن الحق واحد لا يتعدد، لما تخالف ما كان عليه نبيك و ما كان عليه أصحابه رضوان الله عليهم.
    و النجاة كل النجاة فى أن تكون على ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم و ما كان عليه أصحابه و هم المؤيدون و هم المنصورون إلى يوم القيامة كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم .
    إن الأمة اليوم فى أمس الحاجة إلى منهاج النبوة إلى الرجوع إلى الكتاب و السنة بفهم السلف الصالح من الصحابة و من تبعهم بإحسان .
    إن الأمة لا يمكن أن تداوى أمراضها و لا أن تشفى عللها ولا أن تبرأ أسقامها إلا بالعودة إلى الكتاب و السنة على منهاج النبوة إلا بأن تكون على ما كان عليه النبى المأمون صلى الله عليه و سلم و ما كان عليه أصحابه رضوان الله عليهم أجمعين.
    اسأل الله أن يرفع الغمة وأن يزيل الملمة و أن يجمع الجميع على طاعته إنه تعالى على كل شىء قدير .
    وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو محمد فريد القبائلي; الساعة 10-Jul-2013, 04:29 AM.

    تعليق

    يعمل...
    X