إعـــــــلان

تقليص
1 من 4 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 4 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 4 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
4 من 4 < >

تم مراقبة منبر المسائل المنهجية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-

تعلم إدارة شبكة الإمام الآجري جميع الأعضاء الكرام أنه قد تمت مراقبة منبر المسائل المنهجية - أي أن المواضيع الخاصة بهذا المنبر لن تظهر إلا بعد موافقة الإدارة عليها - بخلاف بقية المنابر ، وهذا حتى إشعار آخر .

وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه .

عن إدارة شبكة الإمام الآجري
15 رمضان 1432 هـ
شاهد أكثر
شاهد أقل

"تتمة البيان في ضابط الحكم على الأعيان" لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة حفظه الله تعالى

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • "تتمة البيان في ضابط الحكم على الأعيان" لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة حفظه الله تعالى

    .......قال شيخ الإسلام – رحمه الله تعالى :
    ....« فالتكفير يختلف باختلاف حال الشخص،
    .....فليس كل مخطئ ولا مبتدع، ولا جاهل،
    ولا ضال يكون كافراً، بل ولا فاسقا، بل ولا عاصيا »
    ............"مجموع الفتاوى"(12/180)
    ....

    في ضــابط الحكم على الأعيــان
    ..
    !!!

    ..
    بحث متتم لبحث سلف موسوم بـ
    " دعوة المعلمين
    للتفريق في مسائل التكفير والتبديع والتفسيق
    بين الإطلاق والتعيين"
    ..
    !!!

    ..
    الأدلة النقليّة والعقليّة والعرفيّة
    و
    شاهد الوجود في كل الديانات ومختلف المعتقدات
    قاضية صارخة بأنه
    لا حكم على معين – كائنا من كان، في أي أمر كان- قبل استبيان
    ....
    أيا حبيب :
    التبديع حكم شرعي،
    يفرّق فيه بين الإطلاق والتعيين
    وهذا يشمل المسائل الظاهرة والخفية،
    وينسحب على الداعي وغير الداعي،
    وفي كلٍ يرّد الباطل
    ....
    !!!

    ....
    ((( المقدمة وفيها الباعث على الطرح )))
    ....
    ....إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
    ....
    ...."يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ"سورة"آل عمران"الآية(102)
    ....
    ...." يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا"سورة"النساء"الآية(1)
    ....
    ...."يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا"سورة "الأحزاب" الآية (70-71)
    ....
    ....فإن أصدق الحديث : كلام الله . وخير الهدي : هدي محمد r . وشر الأمور : محدثاتـها . وكل محدثة، بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار .
    ....
    ،،، أما بعد ،،،
    ....نسأل الله تعالى تثبيتا وتوفيقا : في زمن الفتنة، وفوضى الفُرقة، وتصدر جهول، وسماع فجور، وتناكح فهوم، وتناحر أهواء، وتشابك أراء، وتشتت صدور، وتقاتل أقوال، وتقلب أحوال، مع ضعف تصور، وعدم نضوج، وخفاء وضوح، واختلاف فروق نفسية، وتأثير نشأة اجتماعية . يقف الرسوخ العلمي سداً منيعاً بأهله، يقف مستمسكاً بالأصول ثابتاً صبور، عاضاً على الثوابت بالنواجذ مبرور، فلا تضره فتنة، يأوي إليه رجاله في طمأنينة وحبور .
    ....
    دليل ذلك :
    ....ما ورد في "الصحيح" من حديث حذيفة – رضي الله تعالى عنه : "تعرض الفتن على القلوب عرض الحصير عودا عودا فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء حتى يصير القلب أبيض مثل الصفا لا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض والآخر أسود مربدا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه" رواه الإمام مسلم وغيره، وانظر"صحيح الجامع"برقم(2960)
    ....
    أجل ..
    ....إن السلفي بل السلفيين أبناء الدليل، قوم يسيّرهم النص، يخضعون أمام سلطانه([1]) يتهمون أقوالهم وينكرون أفعالهم عند مخالفته، لأجل ذلك الأوبة فيهم أسرع([2]) واتهام النفس أسبق .
    ....
    ....يقول الإمام المطلبي، محمد بن إدريسالشافعي - رحمه الله تعالى : " ما كابرني أحد على الحق ودافع،إلا سقط من عيني، ولاقبله إلا هبته، واعتقدتمودته" "سيرأعلام النبلاء" (10/33)
    ....
    ....كانوا – رحمهم الله تعالى- دعاة صدق وبرّ، طاهروا الجنان مع البنان، أعفة اللسان والسنان، الأمر الذي حجبهم عن إطلاق الأحكام – كل الأحكام- على الأنام - كل الأنام- إلا بعد بيان تلو بيان .
    ....
    ....بل وعند تيقن المخالفة كانوا صُبرا، فستروا وتضرعوا ونصحوا، كرروا النصح تكريرا، صبروا على المخالف وصابروا بل رابطوا بغية التجميلا .
    ....
    ....قال الإمام يحيى بن معين – رحمه الله تعالى : "ما رأيت على رجل خطأ إلا سترته، وأحببت أن أزين أمره، وما استقبلت رجلا في وجهه بأمر يكرهه، ولكن أبيّن له خطأه فيما بيني وبينه، فإن قبل ذلك، وإلا تركته" "سير أعلام النبلاء" للحافظ شمس الدين الذهبي (11/83)
    ....
    ....لم يعجلوا - في الحكم بالابتداع تعيينا والسبّ - عجلة النسناس([3]) لم يتسابقوا فيه تسابق الفراش إلى نار إيناس بل كانوا سادة الناس، وبمقتضى تلك السيادة سادوا :
    ....
    ....ومن الصور الرائعة الرائقة في الباب، والتي حفظها لنا بكل فخر وإعزاز تأريخنا المجيد التليد :
    ....عن يونس بن عبد الأعلى- رحمه الله تعالى-تلميذ الإمام الشافعي، قال : قال الشافعي- رحمه الله تعالى-ذات يوم : يا يونس، إذا بلّغت عن صديق لك ما تكرهه، فإياك أن تبادر بالعداوة، وقطع الولاية، فتكون ممن أزال يقينه بشك، ولكن القه، وقل له، بلغني عنك كذا وكذا، وأجدر أن تسمي المبلغ، فإن أنكر ذلك، فقل له : أنت أصدق وأبر، ولا تزيدن على ذلك شيئاً، وإن اعترف بذلك فرأيت له وجهاً، بعذر فاقبل منه" "الحلية"(9/122)
    ....
    ....وقال الإمام الآجري – رحمه الله تعالى- في "ذكر الأغلوطات وتعقيد المسائل" : "وليس هذا طريق ما تقدم من السلف الصالح، ما كان يطلب بعضهم غلط بعض، ولا مرادهم أن يخطيء بعضهم بعضاً، بل كانوا علماء عقلاء يتكلمون في العلم مناصحة وقد نفعهم الله بالعلم" "أخلاق العلماء" للآجري ص(87) في أقوال ...
    ....
    ....ومن ذا – أي: الأقوال المخالفة : القول باعتبار ضوابط إنزال الحكم على المعين في التكفير لا التبديع – في حق الداعي وفي المسائل الظاهرة([4])وكذا القول أن كل مخالفة بدعة ([5]) وكلاهما عندي خطأ، كالقول المرسل المرجوم ([6]) الذي اعتبر الضوابط في التكفير لا الشرك، والواجب التقيد بالوحي في الردّ كذا الحكم، ولا ينبغن قط أن تردّ البدعة ببدعة مثلها، وإنما تردّ البدع بالسنن .
    ....
    ....وما أدري ما زالت ليالينا تفزعنا بكل كابوس، مؤلم للنفوس، مورث لعبوس، والتباس عند بعض الناس .
    ولدفع هذا الخطأ، نقدم بين يديه عدة أصول :
    ..
    ***
    ..
    الأصل الأول :
    اعتبار توفر الشروط وانتفاء الموانع في الحكم على معين بالابتداع :
    أجل ..
    ....يعتبر توفر الشروط وانتفاء الموانع في الحكم على معين بالابتداع لدخوله في باب الأحكام، وفي ذلك :
    ....
    ....قال شيخ الإسلام – رحمه الله تعالى – وهو يتكلم عن لعن المعين : " ولكن لعن المطلق لا يستلزم لعن المعين الذي قام به ما يمنع لحوق اللعنة له، وكذلك (التكفير المطلق) و (الوعيد المطلق) ولهذا كان الوعيد المطلق في الكتاب والسنة مشروطاً بثبوت شروط وانتفاء موانع" "مجموع فتاوى شيخ الإسلام" (10/329)....
    ....
    ....قلت : والتبديع من نصوص الوعيد، داخل فيه، كما لا يخفى . يؤكده ما بعده .
    ....
    ....يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - يرحمه الله تعالى : " ومن قال إن الثنتين والسبعين فرقة كل واحد منهم يكفر كفرا ينقل عَنْ الملة فقد خالف الكتاب والسُنَّة وإجماع الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين
    ....
    ....بل وإجماع الأئمة الأربعة وغير الأربعة، فليس فيهم مِنْ كفر كل واحد مِنْ الثنتين والسبعين فرقة؛ وإنما يكفر بعضهم بعضا مِنْ تلك الفرق ببعض المقالات" "مجموع الفتاوى" (7/21
    ....
    ....وهذا نص في الباب، والشاهد إثبات المباينة بين حكم المخالف والمخالفة، وتأمل كيف نسب عدم اعتبار هذا الفرق إلى من ؟
    ....
    ....ويؤكد– رحمه الله تعالى : " ولو كان كل ذنب لعن فاعله يلعن المعين([7]) الذي فعله؛ للعن جمهور الناس، وهذا بمنزلة الوعيد المطلق لا يستلزم بثبوته في حق المعين إلا إذا وجدت شروطه وانتفت موانعه وهكذا اللعن" انظر "منهاج السنة" (4/573) و "رفع الملام..." (120) و"المسائل الماردنية" ص(66/76) و"مجموع الفتاوي" (4/474)
    ....
    ....وقال– رحمه الله تعالى : « وإذا عرف هذا فتكفير (المعين) من هؤلاء الجهال وأمثالهم -بحيث يحكم عليه بأنه من الكفار-لا يجوز الاقدامعليه إلا بعد أن تقوم على أحدهم الحجة الرسالية، التي يتبين بها أنهم مخالفون للرسل، وإن كانت هذه المقالة لا ريب أنها كفر .
    ....
    ....وهكذا الكلام في تكفير جميع (المعينين) مع أن بعض هذه البدعة ([8]) أشد من بعض وبعض المبتدعة يكون فيه من الإيمان ما ليس في بعض » "الفتاوى"(12/500-501)
    ....
    ....ويقول– رحمه الله تعالى : " فمنهم من يكفر أهل البدع ([9]) مطلقاً، ثم يجعل كل من خرج عما هو عليه من أهل البدع، وهذا بعينه قول الخوارجوالمعتزلة الجهمية، وهذا القول أيضاً يوجد في طائفة من أصحاب الأئمة الأربعة، وليس هو قول الأئمة الأربعة ولا غيرهم، وليس فيهم من كفر كل مبتدع، بل المنقولات الصريحة عنهم تناقض ذلك" "منهاج السنة ..." (5/240) .
    ....
    ....ويقول- رحمه الله تعالى- في سياق عرضه لما حكاه البعض عن الإمام أحمد من تكفيره لبعض أهل البدع :ليس هذا مذهب أحمد ولا غيره من أئمة الإسلام، بل لا يختلف قوله : أنه لا يكفر المرجئة الذين يقولون : الإيمان قول بلا عمل، ولا يكفر من يفضل علياً على عثمان، بل نصوصه صريحة بالامتناع من تكفير الخوارج والقدرية وغيرهم .
    ....
    ....وإنما كان يكفر الجهمية المنكرين لأسماء الله وصفاته، لأن مناقضة أقوالهم لما جاء به الرسول r ظاهرة بينة، ولأن حقيقة قولهم تعطيل الخالق، وكان قد ابتلي بهم حتى عرف حقيقة أمرهم، وأنه يدور على التعطيل، وتكفير الجهمية مشهور عن السلف والأئمة.
    ....
    ....لكن ما كان يكفر أعيانهم،فإن الذي يدعو إلى القول أعظم من الذي يقول به، والذي يعاقب مخالفه أعظم من الذي يدعو فقط، والذي يكفر مخالفه أعظم من الذي يعاقبه .
    ....
    ....ومع هذا فالذين كانوا من ولاة الأمور يقولون بقول الجهمية : إن القرآن مخلوق، وإن الله لا يرى في الآخرة وغير ذلك، ويدعون الناس إلى ذلك، يمتحنونهم، ويعاقبونهم إذا لم يجيبوهم، ويكفرون من لم يجبهم.. ومع هذا فالإمام أحمد رحمه الله تعالىترحم عليهم واستغفر لهم" "مجموع الفتاوى"(23/348-349).
    ....
    ....وطبّق شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى-هذا المسلك الأصيل عند علمائنا، فكان في محنته يقول للجهمية الحلولية :" أنا لو وافقتكم كنت كافراً، لأني أعلم أن قولكم كفر، وأنتم عندي لا تكفرون، لأنكم جهال، وكان هذا خطاباً لعلمائهم وقضاتهم وشيوخهم وأمرائهم" "الرد على البكري" (494/2) انظر "التكفير وضوابطه" ص(39)
    ..
    ***
    .
    =-=-=-=-= ( الحاشية ) =-=-=-=-=
    ....
    ([1]) قال عبد الرحمن بن مهدي- رحمه الله تعالى- حدثنا عبد الواحد بن زياد، قال : لقيت زفر رحمه الله فقلت له : صرتم حديثاً في الناس وضحكة ! قال : وما ذاك؟
    ....قلت : تقولون "ادرؤا الحدود بالشبهات" ثم جئتم إلى أعظم الحدود، فقلتم : تقام بالشبهات.
    ....قال : وما هو ؟
    ....قلت : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم : " لا يقتل مسلم بكافر" فقلتم : يقتل به - يعني بالذمي .
    ....قال : فإني أشهدك الساعة أني قد رجعت عنه"
    ....قال مؤرخ الإسلام الحافظ أبو عبد الله شمس الدين الذهبي - رحمه الله تعالى- معلقاً : هكذا يكون العالم وقافاً مع النص...""سير أعلام النبلاء"(8/40-41)
    ....
    ....
    ([2]) قال الحافظ –رحمه الله تعالى- في بيان أن العلماء أسرع الناس فيئة، وأقربهم أوبة، وأحرصهم على اتباع الحق : " الفاضل لا ينبغي له أن يعاقب من هو أفضل منه ...
    ....
    ....وفيه : ما طبع عليه الإنسان من البشرية حتى يحمله الغضب على ارتكاب خلاف الأولى، لكن الفاضل في الدين يسرع الرجوع على الأولى ...
    ....
    ....وفيه : أن غير النبي-صلى الله تعالى عليه وآله وسلم- لو بلغ من الفضل الغاية ليس بمعصوم""فتح الباري"(7/26)
    ....
    ....
    ([3]) لما ذكر القول بعدم اعتبار الضوابط العلمية في التبديع خلافاً للتكفير، بحثت لأنظر هل لقائله سلف، ولم يفجأني أن وجدت له سلفاً من أقول إخواننا أصحاب شبكة "الأثري" والتي لم أدخلها قط، لخبر تراجم سحاب الخير والصدق، فألجاني المقام إلى نظر، وهاكموه : في "http://www.alathary.net/vb2/showthread.php?t=580
    ....
    ....تحت ترجمة : " قاعدة فاسدة جديدة : لا نبدع المبتدع حتى تقام عليهالشروط وتنتفي الموانع !!كتب ... الهاجري : "... أنالمسلم عندهم لا يكفر ولا يفسق إلا بعد إقامة الشروط وانتفاء الموانع فكذلك لا يبدعوإن كان داعيا إلى البدعة ويوالي ويعادي عليها مثل من ينتسب إلى الفرق الضالةوالجماعات المنحرفة ... وأقول للتوضيح أن هذه العبارة وهي عدم التبديع إلا بعد إقامة الشروطوانتفاء الموانع هذه في الرجل السني المنتسب إلى السنة إذا وقع منه الخطأ والفلتاتفهذا لا يُتسرع في تبديعه حتى ينظر في حاله، أما من ينتسب إلى البدعة ويواليويعادي عليها فهذا حكمه في الدنيا أنه مبتدع، سواء كان معذورا عند الله أو لا؛لأنه ليس لنا إلا الظاهر؛ وبهذا يحصل التمييز بين الفرقة الناجية ومن سواها ويعرفأهل البدعة وأهل السنة . وإليكم الآن أقوال أهل العلم على ما ذكرت "
    ....
    ....أقول : سبحان الله ! زعم هذا البليد أن التفريق بالنظر إلى المخالف لا المخالفة! والواجب أن ينظر إليهما جميعا، بل وتقديم ما أخّره هذا المتسرع – أعني المخالفة فالمخالف- مع اعتبار الشروط التي كفرها لجهله-
    ....
    ....ثم يقال له – تنزلاً- ما دليلك ؟ من سلفك في هذا التفريق ؟ بل كيف نعرف أن الرجل مبتدعا ابتداءا حتى لا ندخله تحت شرطك ؟ أوليس من أهل السنة بل من أئمتهم من قال بقول المبتدعة، واعتذر له، ولم يرموه بابتداع مع ردّهم عليه وتحذيرهم من بدعته ؟
    ....
    ....قالشيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله تعالى :" وكثير من.مجتهدي.السلف والخلف قد قالواوفعلواما هو بدعة ولم يعلموا أنه بدعة إما لأحاديث ضعيفة ظنوها صحيحة وإما لآياتفهموامنها ما لم يرد منها وإما لرأى رأوه وفي المسألة نصوص لم تبلغهم""مجموعالفتاوى") 19/191)
    ....
    ....ثانياً : يقال لهذا العَجل : هل كل من انتسب للسنة هو سني؟ ثم أتنا بخارج عن أهل السنة – بالمعنى الخاص بل وحتى العام- يقول لست بسني؟ بل يزعم كل ناري أنه سلفي أثري!!!
    ....
    ....ثالثاً : هذه الفرق النارية القائمة اليوم أرادت خيرا لم تبلغه، وتستدل غالبا ًبأدلتك، وأصول استدلالها في الجملة أصولك غير أنه الجهل أو الهوى، نحكم على مناهجها بالابتداع، وأفرادها بالتخطئة، ولما كان الخطأ منه الكفري والبدعي والفسقي احتجنا إلى استبيان، قبل استصدار الأحكام، وهو مرامنا، وفي كل ليس أنت ولا شيخك أهل لذا لمقام وسيأتي التدليل .
    أ‌- بالنظر إليك : استدللت – لجهلك - بما ليس فيه دلالة، بل وبما هو دليل عليك :
    ....
    ....فمن قبيل الأول– استدلالك بما ليس فيه دلالة : استدلاك الأول : " قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى : "فهذا هوالفرقان بين أهل الإيمان والسنة وأهل النفاق والبدعة وان كان هؤلاء لهم من الإيماننصيب وافر من اتباع السنة لكن فيهم من النفاق والبدعة بحسب ما تقدموا فيه بين يديالله ورسوله وخالفوا الله ورسولهثم ان لم يعلموا أن ذلك يخالفالرسول ولو علموا لما قالوه لم يكونوا منافقين بل ناقصي الإيمان مبتدعين وخطؤهممغفور لهم لا يعاقبون عليه وان نقصوا به ""الفتاوى"(13/63)
    ....
    ....أقول : فهذا من شيخ الإسلام حكم على سبيل الإطلاق لا التعيين - وستأتيك أقواله لا قوله- وهو قولنا لا قولك .
    ....
    ....ومن قبيل الثاني – الاستدلال بما هو دليل عليك- دليلك الثاني : " قال فضيلة الشيخ صالح الفوزان - حفظه الله تعالى: وسئل هل يشترط إقامة الحجة للتبديع :
    ....
    ....قال : " ... ليس لأحد أن يحكم على شيئبأنه بدعة أو سنة حتى يعرضه على كتاب الله وسنة رسوله ــ صلى الله عليه وسلم ــوأما إن فعله عن جهل، وظن أنه حق، ولم يبين له؛ فهذا معذوربالجهل، لكن في واقع أمره يكون مبتدعا، ويكون عمله هذا بدعة ونحن نعامله معاملةالمبتدع، ونعتبر أن عمله هذا بدعة""المنتقى"(1/404) .
    ....
    ....فأنت ناظر كبف أن الشيخ – زاده الله تعالى توفيقا وتسديدا- غاير بين البدعة والمبتدعة، واعتبر النظر الشرعي وقدّمه، واعتبر أمر الاستبيان قبل استصدار الأحكام، ثم عذره لجهله مع اعتبار فعله بدعة .
    ....
    ....وأما قوله "نحن نعامله معاملة المبتدع" فهذا سبق لسان أو بنان – إن صحّ عنه- بل نعامله كما ذكر الشيخ حفظه الله تعالى- بمقتضى العذر، وهو الإرشاد والنصح، إذ الخطأ في شريعتنا مرفوع وأثمه مدفوع .
    ....
    ....وأما النص الثالث : فيدور في فلك ما تقدمه : في فلك التفريق بين الإطلاق والتعيين، بل مع الوصية من عدم التسرع .
    ....
    ....وأما النص الرابع :وهو سؤال وجّه إلى الشيخ فالح – هداه الله تعالى- نصّه : يا شيخ إن الذي نعرفه من عقيدة أهل السنةوالجماعة أن المعين لا يحكم بكفره إلا بعد قيام الحجة عليه، وأن تجتمع في حقه الشروطوتنتفي عنه الموانع، فهل المبتدع المعين نطبق عليه ما نطبق على الكافر المعين، وهلهذه عقيدة السلف، لأن بعض الشباب اللذين يكتبون في سحاب قد تبنوا هذه القاعدة فماهو جوابكم .....
    ....
    ....الجواب : " نصيحتى أن تحذروا أصحاب هذه القواعدوتحذروا منهم، إن الذي يقول أن المبتدع لا يبدع حتى تقوم عليه الحجة وتجتمع فيهالشروط وتنتفي عنه الموانع هؤلاء هم الجهال المضللين، الذين يريدون أن تنتشر البدعة ،وهذه قاعدة فاسدة باطلة منافية للشرع مخالفة لأصول أهل السنة، وعلى هذه القاعدةلا نبدع المبتدعة وتختلط البدعة بالسنة"انتهى
    ....
    ....أقول : هذا قول فجّ من هذا الشتيم – عفا الله تعالى عنه- وجهل مع تجهيل، وما كان ينبغي له ذلك، لا سيما وأنه في زحمة الإنكار لم يأت بدليل، وطرح– بل بعثرت- الإلزامات الفاسدة هكذا!! نوع ظلم وتجني .
    ....
    ....وسيأتي معنا التدليل وبيان أصول أئمة أهل السنة المخالفة لقوله - عفا الله تعالى عنه- فهل يصحّ معها الطعن بالتجهيل والتضليل بل والتحذير ؟ّ سبحانك هذا بهتان عظيم .
    ....
    ....أما قوله " وعلى هذه القاعدةلا نبدع المبتدعة وتختلط البدعة بالسنة" فالجواب على الشيخ فالح الذي امتطى جواد النصح والتحذير ورفع لواء التجهيل والتضليل لمخالفه، هو عينه جواب الشيخ فالح، لنقف ويقف على صورة من التخبط وحقيقة أهله : "
    ...." السائل : إذا لم يتيسر لقاء هذا المخطئ مع العالم ليقيم عليه الحجة، و استمر فيباطله ؟
    ....الشيخ : يحذر من باطله و يحذر من أخطائه و تسمى الأمور بمسمياتها إنكان بدعة فهي بدعة، إن كان معصية فهو معصية و هكذا وإن كان شرك و إن كان كفر فهوكفر و إن كان ... ولكن لا يحكم عليه حتى تقام عليه الحجة إن كان ممن يحتاج إلىإقامة الحجة ..."
    ....السائل : يعني التحذير لا يستلزم التبديع؟....الشيخ : لا ... لا يستلزم ... لايستلزم حنى التفسيق أو التضليل أو التخطئة حتى ... لا يحكم عليه بشيءلا يقال له مثلا إن كان ما عمله كفر كافر، لا يقال له إن كان عمل بدعة مبتدع ، لايقال أنه إذا كان الذي عمله شرك أنه مشرك..." http://alathary.net/vb2/showthread.php?t=5360
    ....
    .... وهذا الأخير من الشيخ فالح هو الحق المبين الموافق للنصوص والأصول وقول العدول، بقي غض الطرف عن تسرعه والدعاء له بالأوبة – هدانا الله تعالى وإياه وختم لنا بخير وتقبلنا وإياه في الصالحين .
    ....
    ....وعند ذكر التخبط، نستدعي نصح شيخ الإسلام – رحمه الله تعالى : " لا بد أن يكون مع الإنسان أصول كلية يرد إليها الجزئيات، ليتكلم بعلم وعدل، ثم يعرف الجزئيات كيف وقعت، وإلا فيبقى في كذب وجهل في الجزئيات، وجهل وظلم في الكليات، فيتولد فساد عظيم" كتاب "أصول الحكم على المبتدعة عند شيخ الإسلام ابن تيمية" د.أحمد بن عبدالعزيز الحليبيهو من منشورات كتاب الأمة - وزارة الأوقاف - قطر - موجود على موقع أوقاف قطر .
    ....
    ....نذكر هذا، ونذكر معه قول شيخ الإسلام – رحمه الله تعالى : "والكلام في الناس يجب أن يكون بعلم وعدل، لا بجهل وظلم كحال أهل البدع"
    ....
    ....ويقول – رحمه الله تعالى : " ولما كان أَتْبَاعُ الأنبياء هم أهل العلم والعدل، كان كلام أهل الإسلام والسنة، مع الكفار وأهل البدع، بالعلم والعدل لا بالظن وما تهوى الأنفس"
    ....
    ....ويقول – قدّس الله تعالى روحه : " وأئمة السنة والجماعة وأهل العلم والإيمان : فيهم العلم والعدل والرحمة، فيعلمون الحق الذي يكونون به موافقين للسنة، سالمين من البدعة، ويعدلون على من خرج عنها، ولو ظلمهم كما قال تعالى : "كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى"سورة"المائــدة" الآية( ويرحمــون الخلق فيريدون لهم الخير والهدى والعلم، لا يقصدون الشر لهم ابتداءً، بل إذا عاقبوهم وبينوا خطأهم وجهلهم وظلمهم، كان قصدهم بذلك بيان الحق، ورحمة الخلق، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن يكون الدين كله لله، وأن تكون كلمة الله هي العليا""أصول الحكم على المبتدعة عند شيخ الإسلام ابن تيمية"
    ....
    ....بقي الدليل الأخير : وهو : " سئل فضيلة الشيخ عبيد الجابري - حفظه اللهتعالى -هل يلزم من كون الشخص ليس سلفي أنه مبتدع. ....
    ....أجاب الشيخ حفظه الله تعالى :" حالان لا ثالث لهم، الشخص المنتسب للإسلام إما على السنة أو على البدعة، فإذالم يكن سلفي فهو حتما مبتدع ولا محال "
    ....
    ....قلت : وهذا كلام يفتقر إلى السياق، وعلى كل حال فلا يخرج عن كلام سابقه، كما هو ظاهر حكم عام .....
    ....
    ....وعليه .. يظهر لكل عينين مبصرتين صحة القاعدة وفساد قول المعترض، والله تعالى الهادي .
    ....
    ....
    ([4]) و"الظهور" أمر نسبي، و"المعلوم من الدين بالضرورة" أمر إضافي، و"لا يتصور" تحتاج حسن تصور، كل ما سلف يختلف الحكم فيها باختلاف الأشخاص والزمان والمكان، يفتقر إلى استبيان قبل استصدار الأحكام .
    ....
    ....
    ([5]) قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى : "… والإستغاثة بمعنى أن يطلب من الرسول ما هو اللائق بمنصبه لا ينازع فيها مسلم، ومن نازع في هذا المعنى فهو إما كافر إن أنكر ما يكفر به، وإما مخطئ ضال، وأما بالمعنى الذي نفاه رسول الله r فهو أيضاً مما يجب نفيها، ومن أثبت لغير الله ما لا يكون إلا لله فهو أيضاً كافر إذا قامت عليه الحجة التي يكفر تاركها « "مجموع فتاوى شيخ الإسلام" (11/407) ففي كل جاءت ( إن ) الشرطية الاستفسارية، اعتباراً للمقاصد في الأحكام، وإلا فيعد مخطئابقول في هذه المسألة الظاهرة في نفسها ودليلهاوليس مبتدعا .
    ....
    ....
    ([6]) في كتابي "شمس الحق الجلي تسطع على ليل الكوكب الدري" و"البيان البهي وانقشاع ظلمات الكوكب الدري"
    ....
    ....
    ([7]) الراسخون من علماء الإسلام في القديم والحديث يفرقون بين حكم الفعل وحكم فاعله، والأصل في هذه العاصمة من قاصمة التكفير قصة الرجل الذي جلده النبي r في الشراب، فأُتي به يوماً، فأمر بجلده، فقال رجل من القوم: اللهم العنه، ما أكثر ما يؤتى به، فقال النبي r : " لا تلعنه، فوالله ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله""رواه البخاري" ح(780) .
    ....
    ....فهذا رجل ينهى رسول الله عن لعنه، مع أنه r لعن شاربي الخمر كما في حديث أنس بن مالك : " لعن رسول الله r في الخمر عشرة : عاصرها ومعتصرها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه وساقيها وبائعها وآكل ثمنها والمشتري لها والمشتراة له ". رواه الترمذي ح(1295) ابن ماجة ح(3381) وأحمد في المسند ح(2892) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة ح(2726)فشارب الخمر ملعون على لسان النبي r، بينما منع رسول الله r من لعن هذا المعين .
    ....
    ....قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى: " فنهى عن لعنه مع إصراره على الشرب، لكونه يحب الله ورسوله، مع أنه لعن في الخمر عشرة ... ولكن لعن المطلق لا يستلزم لعن المعين، الذي قام به ما يمنع لحوق اللعنة به""مجموع الفتاوى" (10/329)
    ....
    ....
    ([8]) فانظر كيف قرن شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- بين الكفر والبدعة، وساقهما في سياق واحد، معتبرا فيهما جميعا الضابط الشرعي المتين– التفريق بين الإطلاق والتعيين- على حدّ سواء.
    أجل .. يشتركان- الكفر والبدعة- في الطعن في العقائد على تفاوت- وقد يدخل الأول في الثاني، في دلالة على شمول مراعاة القيد – التفريق بين الإطلاق والتعيين .
    ....
    ....
    ([9]) وسئل الشيخ الحافظ الحكمي – رحمه الله تعالى– في كتابه الماتع " أعلام السنة المنشورة " عن مهيّة البدع المكفرة ؟
    ....فأجاب – رحمه الله تعالى : هي كثيرة، وضابطها : من أنكر أمراً مجمع عليه متواتر من الشرع معلوما من الدين بالضرورة؛ لأن ذلك تكذيب بالكتاب وبما أرسل الله رسله كبدعة الجهمية في إنكار صفات الله عز وجل وإنكار أن يكون الله اتخذ إبراهيم خليلا وكلم موسى تكليما وغير ذلك من الأهواء .
    ....
    ....ولكن هؤلاء منهم من عُلِم أن عين قصده هدم قواعد الدين وتشكيك أهله فيه، فهذا مقطوع بكفره بل هو أجنبي عن الدين من أعدى عدو له .
    ....
    ....وآخرون مغرورون ملبس عليهم فهؤلاء إنما يحكم بكفرهم بعد إقامة الحجة عليه وإلزامهم بها « انظر كتاب "أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة" ص(219)

  • #2
    الجزء الثاني

    الأصل الثاني :
    اعتبار القصد في الحكم على المعين بالابتداع :
    ....
    ....لما كان الحكم بالابتداع حكماً، كان اعتبار القصد فيه أصلاً، وهذا لا يتحقق إلا بالاستبيان، وهو المرام .
    ....
    ....وهنا ننظر إلى القصد من جهتين : من جهة قصد التقرب بالفعل المخالف، والثاني، قصد المخالفة :
    ....
    ....ودليل الأول : أي : اختصاص البدعة بوصف قصد القربة، ما ورد في الصحيحين وغيرهما عن أنس بن مالك – رضي الله تعالى عنه – قال : "جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أخبروا كأنهم تقالَّوها، فقالوا : وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبداً، وقال الآخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال الآخر: أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً، فجاء الرسول صلى الله عليه وسلم فقال : أنتم الذين قلتم كذا وكذا، أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني" .
    ....
    ....وفي لفظ مسلم : "... فقال بعضهم : لا أتزوج النساء، وقال بعضهم : لا آكل اللحم، وقال بعضهم : لا أنام على فراش ... " الحديث .
    ....
    ....ومثل هذا حديث سعد بن أبي وقاص- رضي الله تعالى عنه- قال : " ردّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على عثمان بن مظعون التبتل، ولو أذن له لاختصينا"
    ....
    ....قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى : " ... ينكر على من يتقرب إلى الله بترك جنس الملذات، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم للذين قال أحدهم : أما أنا فأصوم ولا أفطر ..." فالإنكار إنما توجه إليهم بسبب قصد القربة بهذا الترك .
    ....
    ....ومن هنا تتقرر هذه القاعدة التي نص عليها الإمام الشاطبي - رحمه الله تعالى – حيث قال : "ولا معنى للبدعة إلا أن يكون الفعل في اعتقاد المبتدع مشروعا، وليس بمشروع " .
    ....
    ....واعتبار المقصد في هذا الباب هو فرع اعتباره في كل الأبواب الشرعية، وهو الثاني، وفي ذلك :
    ....
    ....جاء في الحديث المشهور المروي عن النبي r أنه قال: "إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" رواه ابن ماجة ح(2043) وغيره، وصححه العلامة الألباني في"صحيح ابن ماجة" برقم(1662)
    ....
    ....وقال الإمام الشاطبي - رحمه الله تعالى في معنى الحديث : "هو معنى متفق عليه في الجملة، لا خلاف فيه" "الموافقات" (3/263).
    ....
    ....وقال الحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالى- عن هذا الحديث : " وهو حديث جليل، قال بعض العلماء : ينبغي أن يعدّ نصف الإسلام، لأنّ الفعل إمّا عن قصد واختيار أو لا، الثّاني ما يقع عن خطأ أو نسيان أو إكراه، فهذا القسم معفوّ عنه باتّفاق""فتح الباري" (5/161).
    ....
    ....برهان ثان : في القول يصدر يوم القيامة من آخر أهل الجنة دخولاً إليها، فيقول مخاطباً ربه جل وعلا : " أتسخر بي أو أتضحك بي وأنت الملك؟ قال : لقد رأيت رسول الله e ضحك حتى بدت نواجذه" رواه البخاري ح (6571) ومسلم ح (186). وهذا القول مستقبح لا يخاطَب به الله العظيم، لكنه عفي عن قائله لفرط ذهوله .
    ....
    ....ونقل النووي عن القاضي عياض - رحمهما الله تعالى- قوله في معنى الحديث : "هذا الكلام صدر من هذا الرّجل وهو غير ضابط لما قاله، لما ناله من السّرور ببلوغ ما لم يخطر بباله، فلم يضبط لسانه دهشاً وفرحاً، فقاله وهو لا يعتقد حقيقة معناه، وجرى على عادته في الدّنيا في مخاطبة المخلوق" "شرح النووي على صحيح مسلم" (3/40) .
    ....
    ....وفي هذا الأذى ونحوه،يقول السبكي- رحمه الله تعالى : " لكن الأذى على قسمين أحدهما : يكون فاعله قاصداً لأذى النبي e ولاشك أن هذايقتضي القتل، وهذا كأذى عبد الله بن أُبي في قصة الإفك .
    ....
    ....والآخر: أن لا يكون فاعله قاصداً لأذى النبي e مثل كلام مسطح وحمنة في الإفك، فهذا لا يقتضي قتلاً.
    ....
    ....ومن الدليل على أن الأذى لا بدّ أن يكون مقصوداً قول الله تعالى: ]إنّ ذلكمكانيؤذي النّبيّ[سورة"الأحزاب" الآية( 53) .
    ....
    ....فهذه الآية في ناس صالحين من الصحابة، لم يقتض ذلك الأذى كفراً، وكل معصية ففعلها مؤذي، ومع ذلك فليس بكفر، فالتفصيل في الأذى الذي ذكرناه يتعين""فتاوى السبكي"(2/591) عن"التكفير وضوابطه"
    ....
    ....ويقول شيخ الإسلام- رحمه الله تعالى : "ولهذا كانت الأقوال في الشرع لا تعتبر إلا من عاقل يعلمما يقول ويقصد "
    ....
    ....ويقول بعدها : "وما وقع من لفظ أو حركة- بغير قصد القلب وعمله- فإنه لا يؤاخذ به"
    ....
    ....وبعدها قال : "وأما إذا كان يعلم ما يقول : فإن كان مختاراً قاصداً لما يقوله : فهذا الذي يعتبر قوله" "مجموع فتاوى شيخ الإسلام" (14/115،116،11
    ....
    ....ويقول العلامة شمس الدين ابن القيم - رحمه الله تعالى : " ومن تدبر مصادر الشرع وموارده تبين له أن الشارع ألغى الألفاظ التي لم يقصد المتكلم بها معانيها، بل جرت على غير قصد منه كالنائم والناسي والسكران والجاهل والمكره والمخطئ من شدة الفرح أو الغضب أو المرض ونحوهم""أعلام الموقعين..." (3/124).
    ....
    ***
    ....
    الأصل الثالث :
    عدم اعتبار التفريق في الحكم بين البدعة والمبتدعة، هو في حقيقة الأمر حكم باللازم :
    ....
    ....قال العلامة ابن عثيمين - رحمه الله تعالى- عن قاعدة "اللازم" من كتابه الماتع "القواعد المثلى ..." : "...الإنسان بشر، وله حالات نفسية وخارجية توجب الذهول عن اللازم، فقد يغفل أو يسهو، أو ينغلق فكره، أو يقول القول في مضايق لمناظرات دون التفكير في لوازمهم، ونحو ذلك"أهـ "القواعد المثلى..." ص(12-13) يعني : مما يوجب معه العذر، ويسقط له الحكم" إهـ
    ....
    ....ويقول شيخ الإسلام – رحمه الله تعالى: " فالصواب أن مذهب الإنسان ليس بمذهب له إذا لم يلتزمه، فإنه إذا كان قد أنكره ونفاه كانت إضافته إليه كذباً عليه، بل ذلك يدل على فساد قوله، وتناقضه في المقال غير التزامه اللوازم التي يظهر أنها من قبل الكفر والمحال، مما هو أكثر، فالذين قالوا بأقوال يلزمها أقوال يعلم أنه لا يلتزمها، لكن لم يعلم أنها تلزمه..." "مجموع الفتاوى" (20/217).
    ....
    ....ويقول– رحمه الله تعالى : " فلازم المذهب ليس بمذهب، إلا أن يستلزمه صاحب المذهب، فخلق كثير من الناس ينفون ألفاظاً أو يثبتونها، بل ينفون معاني أو يثبتونها، ويكون ذلك مستلزماً لأمور هي كفر، وهم لا يعلمون بالملازمة، بل يتناقضون، وما أكثر تناقض الناس لا سيما في هذا الباب، وليس التناقض كفراً". "مجموع الفتاوى" (5/306-307) .
    ....
    ....ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : "ولو كان لازم المذهب مذهباً للزم تكفير كل من قال عن الاستواء أو غيره من الصفات أنه مجاز ليس بحقيقة، فإن لازم هذا القول يقتضي أن لا يكون شيء من أسمائه أو صفاته حقيقة " "مجموع الفتاوى" (20/217) .
    ....
    ....قالالإمام أبو محمد ابن حزم– رحمه الله تعالى : "وأما من كفر الناس بما تؤول إليه أقوالهم فخطأ، لأنه كذب على الخصم وتقويل له ما لم يقل به، وإن لزمه فلم يحصل على غير التناقض فقط، والتناقض ليس كفراً، بل قد أحسن إذ فرّ من الكفر" "الفصل..." (3/294) .
    ....
    ....ويقول ابن حجر المكي : " الأصح أن لازم المذهب ليس بلازم" "تحفة الأحوذي" (6/302).
    ....
    ...." وأما من أراد السلامة في دينه والبراءة من الولوغ في ظلم الآخرين فإنه لا ينسب إلى الآخرين إلا صريح قولهم، ولا يحاسبهم بما تؤول إليه أقوالهم مما يستنكرونه ولا يقرونه، فهذا فعل أهل البدع لا الحق والرشاد"“التكفير وضوابطه” ص(47-49).
    ....
    ....قال ابن رشد (الحفيد): "وأكثر أهل البدع إنما يكفرون بالمآل "."بداية المجتهد" (2/343).
    ....
    ....هذا .. والجامع لم تقدم، ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى :
    « وأئمة السنة والجماعة وأهل العلم والإيمان، فيهم العلم والعدل والرحمة فيعلمون الحق الذي يكونون به موافقين للسنة سالمين من البدعة، ويعدلون فيمن خرج منها ولو ظلمهم كما قال تعالى : ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ... [سورة "المائدة" الآية(
    ....
    ....ويرحمون الخلق فيريدون لهم الخير والهدى والعلم، لا يقصدون لهم الشرّ ابتداء بل إذا عاقبوهم وبينوا خطأهم وجهلهم وظلمهم كان قصدهم بذلك بيان الحق ورحمة الخلق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن يكون الدين كله لله وأن تكون كلمة الله هي العليا » "الرد على البكري" ص (257)
    ....
    ....وإنا إذ نذكر هذا، نذكر معه قول الإمام العلم أبو محمد ابن حزم – رحمه الله تعالى : " لم يأمر الله قط بإصابة الحق، لأنه تكليف ما ليس بوسعه". "الإحكام" (2/652) .
    ....
    ***
    مناقشة أقوال :
    ....
    ....أولاً : وأما التفريق بين الكفر والابتداع – في إقامة الحجة وبيان المحجة- في الحكم على الأعيان، فهو تفريق – بحسب علمي- مارق، ولا أعتقد أن له دليل ناصر، ولا يقول به حاذق حاذر، بل الدليل- النقلي والعقلي- خلافه :
    ....
    ....أما الدليل النقلي : فالأدلة القاضية([1]) بأنه لا حكم إلا بعد استبيان، والطعن بالابتداع حكم، فيلزم والحالة هذه لوازمه، هذا لا أعلم فيه خلافا .
    ....
    ....ثانيا : لا أقبل قط القول بأن المتلبس ببدعة ولو ظاهرة أنه مبتدع دون استبيان، بمجرد التلبس وعدم اعتبار
    الالتباس، ولو كان ممن في الناس إمام؛ إذ المجتهد قد يجهل وقد يتأول وقد يكره، وقد يخطئ([2]) والخطئ يعمّ الخلق– عالمهم وجاهلهم- والناس فيه بين مستقل ومستكثر – ارجع في ذلك "رفع الملام عن الأئمة الأعلام" و"إعلام الموقعين..." وغيرهما .
    ....
    ....قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى : " وقد يكون الرجل لم يسمع تلك النصوص، أو سمعها ولم تثبت عنده، أو عارضها عنده معارض آخر أوجب تأويلها، وإن كان مخطئًا " "مجموع الفتاوى"(3/231)
    ....
    ....وقال–رحمه الله تعالى : " أن الإنسان قد يكون مكذبًا ومنكراً لأمور لا يعلم أن الرسول أخبر بها، وأمر بها، ولو علم ذلك لم يكذب ولم ينكر، بل قلبه جازم بأنه لا يخبر إلا بصدق ولا يأمر إلا بحق، ثم يسمع الآية أو الحديث، أو يتدبر ذلك، أو يفسر له معناه، أو يظهر له ذلك بوجه من الوجوه، فيصدق بما كان مكذبًا به، ويعرف ما كان منكرا ًوهذا تصديق جديد وإيمان جديد ازداد به إيمانه، ولم يكن قبل ذلك كافراً بل جاهلاً" "مجموع الفتاوى " (7/237) .
    ....
    ....أقول : إذا كان الحكم بالكفر لا يلزم صاحبه إلا بثبوت شروطه وانتفاء موانعه، فكذلك الحكم بالابتداع بعلة أن كلا منهما حكم شرعي، ومع اعتبار أن من الابتداع نوع كفري، وفي ذلك :
    ....
    ....قال العلامة شمس الدين ابن مفلح- رحمه الله تعالى: " قال الشيخ تقي الدين– يعني: شيخ الإسلام رحمه الله
    تعالى -وهذا القول الجامع للمغفرة لكل ذنب ... إن اللهتعالىقد بيّن في كتابه وسنة رسوله-صلى الله عليه وسلم-أنه يتوب على أئمة الكفر الذين هم أعظم من أئمة البدع"انتهى كلامه "الآداب الشرعية"(1/92)
    ....
    ....والشاهد : الملازمة بين الحكمين- الكفر والابتداع- وعدم اعتبار ذاك التفريق .
    ....
    ....وفي أبواب الكبائر- الموجبة للحد- أيضا،ً وهي دون الابتداع - من جهة- تفتقر كذلك في حالة التعيين – أي : عند رمي متعاطيها بالفسق، عند إقامة الحدّ- إلى تلك الشروط - وما قصة شرب الخمر من عظيم عنا ببعيدة، وغيرها- لتعلقها بالأصل الأصيل العام "لا حكم – تكفيرا كان أو ابتداعا أو لعنا أو تفسيقا- إلا بعد البيان" على تفاصيل أخرى معتبرة : كاعتبار المُبيّن، والكيفية، والمدة والعقوبة وأثرها... .
    ....
    ....قال الإمام أبو محمد ابن حزم - رحمه الله تعالى : " ليس كل ضلال كفراً، ولا فسقاً إلا إذا كان عمداً، وأما إذا كان من غير قصد فالإثم مرفوع فيه كسائر الخطأ". "الإحكام" (2/652) .
    ....
    ....وقال شيخ الإسلام – رحمه الله تعالى : " وقاعدة هذا الباب :أن الأحكام إنما تثبت في حق العبد بعد بلوغه هو، وبلوغها إليه. فكما لايترتب في حقه قبل بلوغه هو، فكذلك لا يترتب في حقه قبل بلوغها إليه .
    ....
    ....وهذا مجمععليه في الحدود([3]) أنها لا تقام إلا على من بلغه تحريم أسبابها، وما ذكرناه منالنظائر يدل على ثبوت ذلك في العبادات والحدود .
    ....
    ....ويدل عليه أيضاً في المعاملات: قوله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ" سورة "البقرة" الآية(27 فأمرهم تعالى أن يتركوا ما بقي من الربا وهو ما لم يقبض، ولم يأمرهم بردالمقبوض، لأنهم قبضوه قبل التحريم فأقرهم عليه . بل أهل قباء صلوا إلى القبلةالمنسوخة بعد بطلانها ولم يعيدوا ما صلوا . بل استداروا في صلاتهم وأتموها، لأنالحكم لم يثبت في حقهم إلا بعد بلوغه إليهم .. الخ"إنتهى المقصود
    ....
    ....ويقول مؤرخ الإسلام الحافظ الإمام شمس الدين الذهبي - رحمه الله تعالى : « فلا يأثم أحد إلا بعد العلم وبعد قيام الحجة عليه، والله لطيف رؤوف قال تعالى : ] وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً [ وقد كان سادة الصحابة – رضي الله عنهم – بالحبشة ينـزل الواجب والتحريم على النبي r فلا يبلغهم إلا بعد أشهر، فهم في تلك الأمور معذورون بالجهل حتى يبلغهم النص، وكذا يعذر بالجهل من لم يعلم حتى يسمع النص، والله أعلم » "كتاب الكبائر" له ص(12).
    ....
    وعليه أقول :
    ....أولاً : ليس كل من خالف يكون كافرا ولا مبتدعا ولا حتى عاصيا، ابتداءا، لاعتبار عوارض : الجهل أو التأويل أو الإكراه، كما أنه ليس كل صاحب هوى مبتدع، وليس كل قائل ضلال([4]) مبتدعا، وليس كل من رأي رأيا وإن خالف، يوسم صاحبه بالابتداع .
    ....
    ....فما تقدم : قد يكون تارة هدر، وقد يكون معصية، وقد يكون بدعة، وقد يكون كفر . و( قد) هذه مانعة من إطلاق الحكم تعيينا قبل الاستفسار والاستفصال .
    ....
    ....قال العلامة ابن عثيمين - رحمه الله تعالى : " لا يمكن الامتثال للأمر المجمل إلا ببيانه"."فوائد على رياض الصالحين" جمع: عبد العزيز الحسيني ص(92)
    ....
    ....ثانياً : ما خالف من أثر أو قول إمام متقدم أو معاصر- فمحمول على الإطلاق، أو حكم خاص قامت عنده دلائله وفق الشروع العلمية والآداب المرعية، ننسب حكمه له، وننقله عنه، ولا نتخطاه لغيره من المخالفين- قياسا أو إلحاقا بدعوى اللازم أو لا يتصور ولا يعقل أو رضا غير مستبصر- إلا بعد بيان، إذ الحكم على العقائد- مع افتقاره للإفصاح عن المقاصد - عظيم .
    ....
    .... ثالثاً : أما اعتبار المراسلة والكتب والردود هي من إقامة الحجج، نعم، غير أنها غير كافية في إنزال الحكم على معين، فضلاً عن التسرع – بل ومع الأسف التشهي به- والجهر به، والإقذاع في سبّ متعاطيه، وصنيع الإمام أحمد– رحمه الله تعالى- مع الخلفاء وقد قامت بين أيديهم المناظرات - وممن وفيما ؟!!!- خير شاهد .
    ....
    هذا ..
    ....مع اعتبار ضوابط إقامة الحجج من أهلها بسوطي الحجة والبرهان والسيف والسنان، فمن لم تردعه
    الأولى([5]) تردّه الأخرى، وإلا كان مبتدعا ولا كرامة، ويحذّر منه، ليَحذر ويُحذر، ولا يجالس بل ويحبس دون إهانة؛ اتقاء لشره، ودفعا لشرره .
    ....
    ....رابعاً : مسألة التفريق بين الداعية من عدمه، مسألة تداخلت فيها الأقول- ولا أقول تشابهت، بل تشابكت- وعندنا المحكم - لا حكم إلا بعد استبيان- وعليه يرّد المتشابه – إن كان- إلى المحكم، ومن ثم نَسلم، ويُسلم منّا .
    ....
    ....مع ملاحظة : أن في كلٍ : الخطأ لا يقبل، والمخالفة تردّ، والشبه تدفع، مناصحة بالرفق تارة والشدة تارة، مع الدعاء بالهداية .
    ....
    ....وفي ردّي على "الحدادية" هداهم الله تعالى- منشور باسم "قوة الجلاد والألسن الحداد على المدعو الحداد وشيعته أهل الإفك والعناد" تحت ترجمة "اضطرابه في مسألة التفريق بين الداعية وغيره وانتصاره للمنع"
    ....
    ....قلت : "في ص(420) وفي سطر واحد بالخط الخفيف، قال : " ومن الخطأ الكبير الخلط بين قبول رواية المبتدع المستور غير الداعية، وقبول رأيه وعلمه" انتهى.
    ....
    قلت :
    ....فهدم بهذه الأحرف القليلة جهد مئات الآثار وجهادها، وسببت وجود هذه الأحرف - مع قلتها-اضطراباً وشجاراً بين التراجم فتداخلت في قتال أفقدها معالمها، وأسكنت ثورة "الرأي" ضد المسود؛ إذا أقرّ به هنا، بعد تكفيره له، وتشبيه بالشيطان، وقال لا بد له من الهجران و.. و .. إلخ .
    ....
    لذا أفرزت هذه الأحرف المضطربة عدة نتائج :
    ....الأولى :سؤال المسود : هل اعتبرت التفريق بين الداعية وغير الداعية؟ أم صرحت كما صرح شيخك بأن الحكم في الكل سواء ...
    ....
    ....الثانية :وهل لا يوجد في"الصحيحين"من أحاديث المبتدعة- حتى الدعاة بل والغلاة منهم، على تفصيل-أم لا ؟ وعليه فما الموقف تجاه الصحيحين - لا من شارحيهما؟
    ....
    ....الثالثة :اعتبرت عدم التفريق "خطأ كبير وأنه خلط" ووقع ذلك منك ومن شيخك في بيان منهج!!! ...
    ....
    ....وفي ص(460) ينقل أثراً ليس فيه الدلالة على منزعه ثم يقول : "وهذا يدلّ على أن أحمد رجع عن التفريق بين الداعية وغير الداعية .
    ....
    ....وفي ص(606) ترجم" رواية الحديث للمبتدعة والرواية عنهم" وتحتها قال وهذا الباب اضطرب فيه كثير من الناس، والسبب في ذلك أن بعض أئمة السنة روى عن المبتدعة بل عن رؤوسهم"
    ....
    ....فأثبت هنا ما هدم أصوله : إذ الرواية تستلزم توثيقه والجلوس تحت قدميه، وإثبات المشيخه له- وهذا تكريم-والتحديث عنه دعوة إليهإلخ فبماذا يخرج علينا المسود ؟ بل وصرح في(631) بأنه يكتب عنهم العلم وتجوز شهادتهم ما لم يكن داعية .
    ....
    ....ثم عاد للدندنة إلى التعويل على"أوائل أهل السنة" ورمى بعض أهل السنة- المرضيين عنده- بالتناقض وذلك في قوله "وحتى الذين رووا عن المبتدعة نقل عنهم عدم الجواز مطلقاً" وزاد "وبعضهم أعلن شروط الرواية عنهم في كلامه ولم يلتزم بها"([6]) إهـ المراد
    ....
    ....كما جاء في ردّ الشيخ الربيع- ثبته الله تعالى – على الحداديّة : "... وماذا نصنع بمن روى عن أهل البدع غير الدعاة من القدرية والشيعة والمرجئة بل الخوارج، بل بعض السلف كان يروي عن المبتدعة الدعاة .
    ....
    ....وماذا نصنع برواياتهم في "الصحيحين" و"سائر الأمهات والمسانيد والجوامع" إذا أخذنا بهذا المذهب الحدادي ..." "مجازفات الحداد ومخالفاته لمنهج السلف"ص(81-82)
    ....
    ....والمقصود : أن الاتكاء على بعض الآثار وحدها، دون مراعاة الأدلة الربانية والضوابط الشرعية واعتبار قرائن الأحوال، خطأ، وإنما الواجب اعتماد النص المعصوم وفهم السلف الموافق له، ومن خالف – ممن سلف- ترّد مخالفته بحسبها وحسبه، مع حفظ مكانته، والترحم عليه .
    ....
    ....وأرى أن غضّ الطرف عنها أولى – بل آكد- ما لم تكن حاجة، وبقدرها؛ صيانة لرتبتهم .
    ....
    ....وما أجمل ما قاله شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- في وصف هؤلاء- الذين لا يفرقون بين البدعة والمبتدع في الحكم- وبين المبتدعة- الذي يحسبون أنهم يحسنون صنعا : " وإذا كان هؤلاء الذين ثبت ضلالهم بالنص والإجماع لم يكفّروا مع أمر الله ورسوله بقتالهم، فكيف بالطوائف المختلفين الذين اشتبه عليهم الحق في مسائل غلط فيها من هو أعلم منهم؟
    ....
    ....فلا يحل لأحد من هذه طوائف أن تكفر الأخرى، ولا تستحل دمها ومالها، وإن كانت فيها بدعة محققة، فكيف إذا كانت المكفرة لها مبتدعة أيضاً، وقد تكون بدعة هؤلاء أغلظ، وقد تكون بدعة هؤلاء أغلظ، والغالب أنهم جميعاً جهال([7])بحقائق ما يختلفون فيه". "مجموع الفتاوى" (3/282-283)
    ....
    ....بقي التنبيه : أن تبني هذا التفريق – وقد علم ما فيه- وأحكام أخرى غبرت، تنبئ أن وراءها أحكام هي الأشد وأفكار هي الأفج، فالله الله في كبح الجماح قبل التفلت، ولو كان، كان معه التقلب .
    ....
    ....عصمنا الله وإياكم من مثل ذي الفتن، وأخذ بأيدينا وأيدكم إلى محابه، ونفع بنا وبكم، وتقبلنا وإياكم في الصالحين .
    ....
    ....
    _____ (الحاشية) ______
    ....
    ([1])راجع أدلتي – مراعاة للمقام- مما دونته من كتب ورسائل .
    ....فمن قبيل الأول : "شمس الحق الجلي" و"البيان البهي" "وإتمام الحجاج وإقامة الاعوجاج..."
    ....ومن قبيل الثاني : "العذر بالجهل" و"التبصرة ببيان تتمات المعذرة" و"إعلان الحرب على من اعتبر ديار لمسلمين ديار حرب" و" الصارم المنكي ..." هذه المجموعة أما المبثوثة ففي جلّ ما كتبت .
    ....
    ....
    ([2])قال الخطيب البغدادي– رحمه الله تعالى : " فإن قيل : كيف يجوز أن يكون للمخطئ فيما أخطأ فيه أجر، وهو إلى أن يكون عليه في ذلك إثم لتوانيه وتفريطه في الاجتهاد حتى أخطأ ؟
    ....
    ....فالجواب : إن هذا غلط، لأن النبي e لم يجعل للمخطئ أجراً على خطئه، وإنما جعل له أجراً على اجتهاده، وعفا عن خطئه، لأنه لم يقصده ". "الفقيه والمتفقه" (1/191).
    ....
    ....
    ([3]) قلت :ومع استصحابنا لهذا الإجماع المحتف بالأدلة والمكلل بالبراهين، نذكر ونذكّر متفقين ومجمعين على أن الردة حدّ من الحدود. وهذه حجة قاضية وقاطعة أيضاً، وقول فصل أيضاً قاض في المسألة، لقوم يعقلون .
    ....
    ....
    ([4]) مثال ذلك : الضلال : في قوله تعالى في "أم الكتاب" "... ولا الضالين" في الكافرين اتفاقا .
    ....
    ....وقوله – صلى الله تعالى عليه وآله وسلم : " كل بدعة ضلالة" ظاهر .
    ....
    ....وفي قوله تعالى : "إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ" سورة "يوسف" الآية( أي انحراف عن الحق واضح .
    ....
    ....واتفاقا هذا لا يلزم منه ابتداعا ولا تكفير .
    ....
    ....
    ([5]) " لقد كان السلف الصالح يمتازون بمعاملتهم لأهل البدع بالشدّة والقسوة ( وللمخالف أحياناً ) وكانوا يعدون هذه الشدة على أهل الأهواء والبدع من المناقب والممادح التي يمدح بها الرجل عند ذكره، فكم من إمام في السنّة قد قيل في ترجمته مدحاً له كان شديداً في السنّة، أو كان شديداً على أهل الأهواء والبدع.
    ....
    ....وما كان باعثهم على هذه الشدّة إلا الغيرة والحميّة لهذا الدين، والنصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم .
    ....
    ....كما قال ابن الجوزي عن الإمام أحمد –رحمه الله تعالى : "وقد كان الإمام أبو عبد الله أحمد بن حنبل لشدة تمسكه بالسنّة ونهيه عن البدعة يتكلم في جماعة من الأخيار إذا صدر منهم ما يخالف السنّة، وكلامه ذلك محمول على النصيحة للدين" "مناقب الإمام أحمد" ص (253) .
    ....
    ....قال العلامة ابن القيّم – رحمه الله تعالى : “ومن تأمل أحوال الرسل مع أممهم؛ وجدهم كانوا قائمين بالإنكار عليهم أشدّ قيام حتى لقوا الله تعالى، وأوصوا من آمن بهم بالإنكار على من خالفهم وأخبر النبي r أنّ المتخلّص من مقامات الإنكار الثلاثة ليس معه من الإيمان حبّة خردل، وبالغ في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أشدّ المبالغة، حتى قال : ” إن الناس إذا تركوه؛ أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده" "مدارج السالكين" (3/123).
    ....
    ....والصحابة y قد واجهوا البدع وأهلها بشدّة، فقمعوها وتبرءوا من أهلها، وذلك واضح جلي لمن تدبّر سيرتهم، وعرف أخبارهم ... ولكن ينبغي التنبيه على أن هذه الشدة على المخالفين التي كان يمتاز بها هؤلاء الأئمة، لا تعني أنهم كانوا على أخلاق سيئة أو دنيئة
    ....
    ....بل كانوا يتحلون بالأخلاق الكريمة والخصال الحميدة من الصبر والحلم والأناة والصدق والورع وغير ذلك، ولكنهم رأوا أن هذا المقام يحتاج لمثل هذه الشدة لقمع هؤلاء المبتدعة لا سيما الدعاة منهم، وصرف بدعهم عن الناس، وما ذلك إلا لعلمهم بخطر تلك البدع، وما تؤدي إليه أحياناً من الكفر والزندقة، وكل ذلك راجع إلى حكمة الداعي وفقهه في المعاملة" بتصرف من كتاب "إجمــاع العلمـاء على الهجـــر والتحذير من أهل الأهواء" لخَالد بن ضَحَوي الظَّفيري- زاده الله تعالى توفيقاً- تقـــديم: فضيلة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي، فضيلة الشيخ زيد بن محمد المدخلي، فضيلة الشيخ عبيد الجابري- حفظهم الله تعالى
    ....
    ....
    ([6])وفي ص(60ذكر منهم الإمام أحمد- رحمه الله تعالى-وحاول الاعتذار، وفي ص(612) أخذ- أي الإمام أحمد- رحمه الله تعالى-عن رأس في الإرجاء وعلل ( المسود) ذلك بقوله : "غير داعية" وحاول المسود الاعتذار أيضاً بـ "ربما" ثم بعدها يخالفه المسود بقوله "كان داعية" وفي ص(627)و(630)اعتذر عنه بأنه لم يكن يعلم" وفي ص(609) كذلك عن الثوري- رحمه الله تعالى- وغيرهما. وتبحث في زحمة هذا التناقض والتعارض عن أصوله فلا تراها وتستدعي قواعده فلا مجيب وتفتش عن ضابط فلا تجد .
    ....
    ....
    ([7]) أقول : ما شاء الله .. ما شاء الله، انظر كلام السلف كم عليه من أنوار الهداية وآيات التسديد وبراهين التوفيق، نعم .. في قوله – رحمه الله تعالى- حق ورحمة .
    ....
    ....أما الحق : فوصفه لحالهم .
    ....
    ....وأما الرحمة : فالإيماءة لضرورة عذرهم لجهلهم .
    ....
    ....وفي زماننا يُنصح القطبيُ التكفيريُ فيصرخ أنه ليس بتكفيري، بل وأنه ردّ على "التكفير والهجرة" وما علم المسيكين أن التكفير دركات، وهكذا صنع الكاتب في تعليقاته غير أنه سكت عن التكفيري، وأثنى على ما توجب عليه مفردات معتقده تكفيره، إصراراً وعناداً، بعد البيان والاستدلال، هدى الله الجميع .

    تعليق


    • #3
      الجزء الثالث

      ((( أقوال أهل العلم المعاصرين تدور في فلك ما تقدم )))
      ....
      ....في بيان : "منهج العلامة الألباني في مسائل التبديع والتعامل مع المخالفين" وفيه : " ليس كل من وقع في البدعة يكون مبتدعا "
      ....
      ....قال العلامة الألباني- رحمه الله تعالى : " إذا كان هذا المخالف يخالف نصا :
      ....
      ....أولا : لا يجوز اتباعه .
      ....
      ....وثانيا : لا نبدع القائل بخلاف النص وإن كنا نقول إنقولهبدعة .
      ....
      ....وأنا أفرق بين أن تقول فلان وقع في الكفر، وفلان كفر . وكذلك فلان وقع فيالبدعة،وفلان مبتدع
      ....
      ....فأقول فلان مبتدع مش معناه وقع في بدعة، وهو مَن شأنه أنهيبتدع ،لأن مبتدع اسم فاعل، هذا كما إذا قلنا فلان عادل ليس لأنه عدل مرة في حياته،فأخذ هذا اسم الفاعل، القصد أن المجتهد قد يقع في البدعة لكن لا إثم بها ولاأطلقعليه اسم مبتدع، هذا إذا خالف نصا « يعنى وكانت المسألة اجتهادية ...
      ....
      ....وبعد أن سئل – قدس الله تعالى روحه- عن قضية إقامة الحجة، قال : فإن عاند وأصرّ، فيبدع ...
      ....
      .... وعرض عليه – رحمه الله تعالى- الكلام الآتي : كما أنه ليس كل من أتى بكفر كافر، وليس كل من أتى بفسقفاسق،وليس كل من أتى بجاهلية فهو جاهلي أو جاهل، فكذلك ليس كل من أتى ببدعة فهومبتدعلأنه ثمة فرقا عند أهل السنة بين من وقع في البدعة وبين من أحدث البدعةوتبناهاودعا إليها وهذا أمر متفق عليه .
      ....
      ....فقال : رحمه الله تعالى ورفع درجاته : هو كذلك بلا شك .
      ....
      ....قال بعد أن قرر أنه ليس كل من قع في البدعة وقعت عليه البدعة : "وأنتتعلم أن هناك في بعض الأئمة المتبعين اليوم والذين لا يشك عالم مسلم -عالم حقابأنهمسلم وليس هذا فقط بل وعالم فاضل، ومع ذلك فقد خالف الكتاب والسنةوخالفالسلفالصالح في غير ما مسألة أعنى بذلك النعمان بن ثابت أبا حنيفة - رحمه الله تعالى- الذي يقولبأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص مثلا، ويقول لا يجوز للمسلم أن يقول أنا مسلم إنشاءالله وأنه إذا قال إن شاء الله فليس مسلما .
      ....
      ....لا شك أن هذا القول بدعة في الدينلأنهمخالف للكتاب والسنة، لكن هو ما أراد البدعة، هو أراد الحق وأخطأه لذلك ففتحهذاالباب من التشكيك في علماء المسلمين سواء كانوا من السلف أو من الخلف، ففي ذلك مخالفةلما عليه المسلمون وربنا عز وجل : " وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِمَاتَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِمَاتَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً" سورة "النساء" الآية(115)
      ....
      ....قال– رحمه الله تعالى : " فأقول الأصل أن تكون الحجة قائمة على هذه الأصناف الثلاثة،هذاهو مناط الحكم، فإذا المسألة بعد تلك الأمثلة التي أوردناها، فمن كان على علمأوعلى ثقة بأن زيدا من الناس الحجة قامت عليه جاز تكفيره، جاز تفسيقه جاز تبديعهوإلافلا هذا هو الصواب .
      ....
      ....وقال - رحمه اللهتعالى :" من المؤسف أن هناك نوعا من التفرق ونوعا من التنازع لأسباب تافهة جدا،لذلكيجب أن نضع نصب أعيننا ما يسمى اليوم في لغة العصر الحاضر بالتسامح الديني، لكنبالمعنى الذي يسمح به الإسلام، التسامح الديني قد وسعت دائرته إلى حيث لا يسمحبهالإسلام، ولكن نحن نعني التسامح بالمعنى الصحيح، وذلك أننا إذا رأينا شخصا منغيرالسلفيين فضلا عمن كان من السلفيين أن له رأيا خاصا أو اجتهادا خاصا أو … بلرأيناهأخطأ فعلا في شيء من تصرفاته أن لا نبادر إلى نهره، ثم إلى مقاطعته بل يجبعليناأن نسلك طريق النصح الذي ابتدأنا به هذه الكلمة بالحديث الدين النصيحة الدينالنصيحة ،فإن نصحناه وتجاوب معنا ذلك ما كنا نبغ وإن لم يستجب فليس لنا عليه منسبيل ،ولا يجوز لنا أن نبادره أو نقاطعه، بل علينا أن نظل معه نتابعه بالنصيحة مابينالفينة والفينة وما بين آونة وأخرى حتى يستقيم على الجادة .
      ....
      ....أورد السائلما يستدل بها البعض على وجوب هجر المبتدع كالآثار المنقولة عن بعضالسلف .
      ....
      ....فقال – رحمه الله تعالى : " الذي أراه والله أعلم أن كلام السلف يرِد في الجو السلفييعنيالجو العامر بالإيمان القوي والاتباع الصحيح للنبي والصحابة، هو تماماكالمقاطعة ،مقاطعة المسلم لمسلم تربيةً وتأديبا له هذه سنة معروفة، لكن في اعتقاديوكثيراما سئلت فأقول زماننا لا يصلح للمقاطعة، زماننا إذن لا يصلح لمقاطعةالمبتدعةلأن معنى ذلك أن تعيش على رأس الجبل، أن تنزوي عن الناس وأن تعتزلهم ذلكأنكحينما تقاطع الناس إما لفسقهم أو لبدعتهم لا يكون ذلك الأثر الذي كان يكون لهيومكان أولئك الذين تكلموا بتلك الكلمات وحضوا الناس على مجانبة أهل البدعة .
      ....
      ....ولما سئل عن الثناء عمن وقع في البدعة قال :" الجواب يختلف باختلاف المقاصد، إذا كان المقصود بالثناء على مسلم نظنه مبتدعاولانقول إنه مبتدع … فإذا كان المقصود بالثناء عليه هو الدفاع عنه اتجاه الكفارفهذاواجب، وأما إذا كان المقصود بالثناء عليه هو تزيين منهجه ودعوة الناس إليهففيهتضليل لا يجوز""منهجالعلامة الألباني في مسائل التبديعوالتعاملمع المخالفين" لمحمد حاج عيسى الجزائري.....
      ....وفي حوار آخر بين الشيخ الألباني رحمه الله تعالى وبعض طلبة العلم عن الترحم على أهل البدع
      ....
      ....قال : " ما هي البدعة : هي الأمر الحادث على خلاف سنة النبي صلى الله عليه وسلم يريد بهاصاحبُها أن يزداد تّقرباً إلى الله تبارك وتعالى....
      ....فهل كلُ من ابتدع بدعة يكونمبتدعاً ؟ أُريد أن أسمع الجواب باختصار....
      ....السائل: لا....
      ....الشيخ: إذاً من هو المبتدع ؟....
      ....السائل :الذي تقام عليه الحجة ويصرّ بعد ذلك على بدعته.....
      ....الشيخ: حسناً فهؤلاء الذين نقول نحنُ عنهم لايُترحم عليهم هل أقيمت الحجة عليهم أنا أقول من عندي الله أعلم . فقل ما عندك....
      ....السائل : كما قلت يا شيخ....
      ....الشيخ: جزاك الله خيرإذاً ما هو الأصل في هؤلاء الإسلام أم الكفر؟ الإسلام . إذاً الأصل أن يُترحم عليهمأليس كذلك إذاً انتهت القضية فلا يجوز أن نتبنى اليوم مذهباً فنقول لا يجوز الترحمعلى فلان وفلان وفلان من عامة المسلمين فضلاً عن خاصتهم فضلاً عن علمائِهم لماذالسبيبن إثنين وهذا تلخيص ما تقدم....
      ....السبب الأول : أنهم مسلمون....
      ....السبب الثاني :أنهم إن كانوا مبتدعين فلانعلم أنه أقيمت عليهم الحجة وأصروا على بدعتهم وأصروا على
      ضلالهم .
      ....
      ....لهذا أنا أقول : منالأخطاء الفاحشة اليوم أن الشباب الملتزم والمتمسك بالكتاب والسنة في ما يظن هو يقعفي مخالفة الكتاب والسنة من حيث لا يدري ولا يشعر
      ....
      ....وبالتالي يحقُ لي على مذهبهم أنأُسمهم مبتدعة لأنهم خالفوا الكتاب والسنة، لكني لا أُخالف مذهبي الأصل في هؤلاءأنهم مسلمون وأنهم لا يتقصدون البدعة ولا يكابرون الحجة ولا يردون البرهان والدليللذلك نقول أخطؤا من حيثُ أرادوا الصواب
      ....
      ....وإذا عرفنا هذه الحقيقه نجونا من كثير منالأمور الشائكة في هذا الزمان" إنتهى كلام الشيخ الالباني رحمهالله موقع ملتقىالسلفييننقلا عن موقع "ملتقي طلاب الجامعة الإسلامية"http://www.is-un.com/vb/showthread.php?p=19345
      ........قول العلامة الصالح محمد بن صالح ابن عثيمين – رحمه الله تعالى :
      وسُئِلَالعلامة محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله تعالى: " متىيبدَّع المخالف في مسائل العقيدة؟....
      ....فأجاب - رحمهاللهتعالى :" إذا خالف طريق السلف فهو مبتدع، لكن قد يكون الشيء بدعةًولايسمى صاحبه مبتدعا، إما لعذر، أو تأويل، أو لغيره"."مزيل الإلباس فيالأحكامعلى الناس"ص(220)
      ....
      ....وقال- رحمه الله تعالى -بعدأن اعتذر لأحد العلماء الكبار، مقررا لم سبق : "إننالا نقول عن الحنفي - مثلا- إذا وافق الشافعية في قول أنه شافعي! " "الدفاع عن الألباني رحمه الله تعالى" .
      ....
      ....وفي إبطال قواعد عدنان عرور البدعية، قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله تعالى – وسئل :
      " السائل : القاعدة الخامسة تقول : يشترط بعضهم في من يسمع من شخص خطأ أو وقف على أخطاء أو بِدع في كتاب أن يستفصل أو ينصح قبل أن يحكم، وقبل أن يبين هذه الأخطاء والبدع" ؟ .
      الشيخ : هذا صحيح ..." "ردود الإمام ابن عثيمين على رؤوس أهل البدع" لعبد الله شكيب السلفي ص(22)
      ....
      ....وسئل الشيخ النجميحفظه الله تعالى في "الفتاوى الجلية"الجزء الثاني : " السؤال(93) : ما هو ضابط البدعة، و متى يجوز لي أن أصف الشخصبها ؟....
      ....الجواب : أولا البدعة هي الإحداث في الدينبما لم يكن منه ...
      ....
      ....ثانيا : الوصف بالبدعة، وهجر المبتدع هذا يكون من بدعه العلماء، و لا تتسرعوا أنتم أيها الطلاب الصغاربالحكم على أي شخص بالتبديع حتى ولو كان عنده بدعة حتى تعرضوا ذلك على العلماء،ويؤيدونكم فيه، بدون هذا لا تفعلوا شيئا من ذلك".
      ....
      ....قال الشيخ صالح الفوزان- حفظه الله تعالى- وسئل: " لقد ظهر بين طلاب العلم اختلاف في تعريف المبتدع ‏.‏‏.‏ فقالبعضهم ‏:‏ هو من قال أو فعل البدعة، ولو لم تقع عليه الحجة، ومنهم من قال لا بد منإقامة الحجة عليه، ومنهم من فرَّق بين العالم المجتهد وغيره من الذين أصلوا أصولهمالمخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة وظهر من بعض هذه الأقوال تبديع ابن حجروالنووي، وعدم الترحم عليهم‏ .‏‏.‏ نطلب من فضيلتكم تجلية هذه المسألة التي كثرالخوض فيها‏.‏‏.‏ جزاكم الله خيرًا‏؟‏....
      ....أولاً‏ :لا ينبغي للطلبة المبتدئين وغيرهم من العامة أن يشتغلوا بالتبديع والتفسيق؛ لأن ذلكأمر خطير وهم ليس عندهم علم ودراية في هذا الموضوع، وأيضًا هذا يحدث العداوةوالبغضاء بينهم،....
      ....
      ....فالواجب عليهم الاشتغال بطلب العلم وكف ألسنتهم عما لا فائدة فيه،بل فيه مضرة عليهم وعلى غيرهم‏.‏....
      ....ثانيًا‏:‏ البدعة‏ :‏ما أحدث في الدين مما ليس منه، لقولهصلى الله عليه وسلم :‏ ‏" من أحدث في أمرنا هذاما ليس منه فهو رد‏"‏ ‏‏رواه الإمام البخاري في ‏"‏صحيحه‏"‏(‏3/167‏)‏من حديثعائشة رضي الله عنها‏، وإذا فعل الشيء المخالف جاهلاً فإنه يعذر بجهله ولا يحكمعليه بأنه مبتدع، لكن ما عمله يعتبر بدعة‏.‏....
      ....ثالثًا‏:‏ من كان عنده أخطاء اجتهادية تأوَّل فيها غيره كابنحجر والنووي، وما قد يقع منهما من تأويل بعض الصفات لا يحكم عليه بأنه مبتدع، ولكنيُقال ‏:‏ هذا الذي حصل منهما خطأ ويرجى لهما المغفرة بما قدماه من خدمة عظيمة لسنةرسول اللهصلى الله عليه وسلم، فهما إمامان جليلان موثوقان عند أهلالعلم‏""المنتقى من فتاوى ( الشيخ ) الفوزان" الجزء الثاني .
      ....
      ....وقال - حفظه الله تعالى في رسالته " التكفير و ضوابطه " : ...فمن جاء بعبادة ليس عليها دليلمن كتاب الله و سنة رسول الله صلى لله عليه وسلم فإنها بدعة مردودة على صاحبهامهما كان صاحبها، من العبادة والزهد .
      ....
      ....من جاءنا بشيء قال : هذا طيب، وهذه عبادة،هذا ذكر، ينظر إن كان عليه دليل فعلى الرأس و العين، وإن كان ما عنده دليل رفضناقوله، و إن كان من أكثر الناس علما .
      ....
      ....لا ننظر للشخص وإنما ننظر إلى الدليل من كتابالله و سنة رسوله صلى الله عليه وسلم،ولا يمكن أن تحكم على شخص معين بأنه مبتدعإلا إذا أتى بشيء في الدين ليس عليه دليل من كتاب الله ولا سنة رسوله صلى اللهعليه وسلم، ولا تحكم على الناس بشيء تجهله أنت أو لا تعرفه، أنت تعرف كل الدين، ولا تعرف كل ما جاء عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، لا يجوز الحكم على الناسبالبدعة حتى إلا إذا أتوا بشيء من الدين لم يوجد عليه دليل من كتاب الله وسنةرسوله صلى الله عليه وسلم، فعليك بالتثبت، لا تحكم على الناس بأنهم مبتدعة إلا بعدأن يثبت لديك بأن هذا الذي جاءوا به ليس عليه دليل من كتاب الله و سنة رسوله صلىالله عليه و سلم، أو حكم عليه العلماء بأنه بدعة، فأنت تقول : قال العلماء بأن هذابدعة .
      ....
      ....أما أن تحكم بدون تثبت وبدون روية وبدون الرجوع إلى كلام أهل العلم
      ....
      ....فهذاأكبر غلط
      ....
      ....وهذا يسبب تفرقة المسلمين
      ....
      ....ويولد العداوة بين المسلمين
      ....
      ....ويسبب أضراركثيرة
      ....
      ....ويسبب إساءة الظن بين الناس بعضهم مع بعض
      ....
      ....فلا تبدع أحدا بغير دليل من كتابالله أو من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو إجماع المسلمين، على أن هذا الأمربدعة فحينئذ تناقش هذا الشخص وتبين له
      ....
      ....لعله فعل هذا عن جهل .
      ....
      ....لعله قلد أحدا يظنهحقا .
      ....
      ....لعل له عذرا، تبيّن له .
      ....
      ....فإن أصرّ بعد البيان تحكم عليه بأنه مبتدع، لأنه أصرّ علىشيء ليس من الدين فيكون مبتدعا. فالأمر يحتاج إلى تثبت يحتاج إلى روية وعدمالتسرع .....
      ....الآن كثر الجهل في الناس وكثر من يدعون العلم وكثر القراء وقلالفقهاء كما أخبر النبي صلى الله عليه و سلم فيجب على المسلمين أن يتثبتوا فيالأمر، وأن لا يتسرعوا في أحكام الدين وفي التكفير و التبديع أو غير ذلك حتى يثبتعندهم الحكم الشرعي من كتاب الله أو سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم، أو إجماعأهل العلم،فهذا أمر خطير و لا يجوز لغير العلماء الكلامفي"
      ....
      ....سئل الشيخ ربيع السنة حفظه اللهتعالى : " هل الهجر يكون لكل مخطئ ؟فكان مما أجابحفظهالله تعالى- مما له تعلق بالباب :" ... فأقول إذا كان هذاالإنسان سلفيا ووقع في خطأ قد يكون هذا الخطأ غير بدعة فيظن هذا أن هذا بدعة وهذاما يدرى فهذا لا يبث في القضية من عنده وإنما يعرض المشكلة على أهل العلم " فاسألواأهل الذكر" انتهى "القول البديع..." للعلامةربيع في مسألة الهجر و التبديع
      ....
      ....وسئل فضيلة الشيخ عبيد الجابري - حفظه الله تعالى " يتردد هنا في بريطانياكثيراً عن الجرح والتعديل([1]) وبعض طلبة العلم أو بعض المنتسبين إلى العلم يظن أن لهالحق أن يجرح حتى لو كان عنده جرح مفسر يا شيخ ؟
      ....
      ....فقال حفظه الله تعالى :هو في الحقيقة يفرق، بارك الله فيكم، بينردّ المقالة وجرح القائل، فرد المقالة هذا الأمر فيها واسع، ما يخالف الكتابوالسنة يُرد على صاحبه، ولا يقبل منه كائناً من كان.....
      ....لكن جرح القائل الذي أظهرمقالة مخالفة، هذا لا تستعجلوا فيه، بارك الله فيكم، بل أؤكد عليكم - وأنتم إنشاء الله، والله أنا لكم ناصحون، وأنا نحب لكم من الخير ما نحبه لنفسنا وأبنائناالذين هم من أصلابنا، فنحرص على اجتماع كلمتكم، ونخشى من التفرق - ردوا إلى أهلالعلم، ردوا الأمر إلى أهل العلم، من تثقون في دينه وأمانته....
      ....فالسلفي بشر ..ينسى أحياناً .. ويخطئ أحياناً .. ويجهل أحياناً .. ينسى، يحصل عنده أمور، قديغضب .....
      ....فأنت لا تنسى جرح المقال، هذه مقالة مخالفة للسنة، هذا الفعل مخالفللسنة، هذا القول قول المبتدعة، هذا لا مانع منه، إذا كنت تحسن، وعندك ولله الحمدسنة، رأيت أن هذا القول مخالف للسنة .....
      ....فعلى سبيل المثال، لو أن خطيباً فسرعلى المنبر "استوى" استولى، قال "استوى" أي أحكم القبضة، فإنك تستطيعأن تردّ عليه، وتقول هذا كلام المعطلة، وهذا ( قول ) الأشاعرة، وهذا بدعة، وهذا تأويللاستواء، والاستواء صفة من صفات الله، وهذا تأويل له .
      ....
      ....
      _______ ( الحاشية ) ________
      ....
      ([1]) نذكر هذا حامدين لله تعالى شاكرين له ثم لكل بهلول قام به بشرطه وقيده، نذكر هذا نذكر معه – بكل عرفان – ما ذكر الشيخ مقبل – رحمه الله تعالى - محدث الديار اليمنية الميمونة : " ... وأبى الله إلا أن ينصر دينه وأن يعلي كلمته وأن يظهر الحق فأصبح أهل السنة يلهجون بالجرح والتعديل وكأنهم كانوا نياما فيسر الله لهم بمن يوقظهم ، فما كانوا يتكلمون في الجرح والتعديل وكأنه خاص بزمن البخاري ومسلم" " فضائح ونصائح"ص (112-116)....
      ....
      ....وقال - رحمه الله تعالى : "مسألة الجرح قصمت ظهورهم، وكل واحد حتى وإن لم نجرحه متوقع أن نجرحه اليوم أو غد أو بعد غد، ففي "الصحيحين" عن معاوية-رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-"لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك" ورب العزة يقول في كتابه الكريم "لأنذركم به ومن بلغ"سورة "الأنعام"الآية(19) فهل معنى أن الجرح والتعديل مقصور على القرن الثالث، وما بعده يكون حراماً، فأين دليلك والنبي- صلى الله عليه وسلم- يقول "من رأى منكم منكراً فليغره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان" والجرح له أصل أصيل من الكتاب والسنة ..." "فضائح ونصائح" ص (144-145)
      ....
      التعديل الأخير تم بواسطة أبو محمد عبدالحميد الأثري; الساعة 19-Feb-2008, 05:09 PM.

      تعليق


      • #4
        ....لكن الحكم على القائلهذا الشخص بأنه مبتدع ضال، فهذا لا تتعجلوا فيه، يناصح، ويبيّن له، وتستشيرونبارك الله فيكم أهل العلم الذين تثقون بهم، فربما أن هذا الرجل رجع، فكم من إنسانتُعُجِل في جرحه ورجع، قال : والله أنا أخطأت، مادام هذا الكلام مخالفاً لعقيدةالسلف، فأنا راجعٌ عنه فلا تتعجلوا بارك الله فيكم في جرح الأشخاص" "شريطأسئلة شباب مدينة برمنجهام - بريطانيا، مقال بعنوان : التبصير .. بما قاله العلامةعبيد فى الهجر والزجر والتحذير" بتصرف من "شبكة سحاب" الخير .http://www.sahab.net/forums/showthread.php?t=344465
        ....
        ....وقال الشيخ إبراهيم عامر الرحيلي – حفظه الله تعالى: " لا يبدع أحد من أهل السنة أو يحكم بخروجه من دائرة أهل السنة بمجرد خطئه في الاجتهاد :
        ....
        ....لا يحكم على أحد من علماء أهل السنة ونظارهم أو حكامهم بأنه مبتدع أو خارج عن أهل السنة والجماعة، بسبب خطئه في الاجتهاد سواء كان ذلك الاجتهاد في مسألة من مسائل العقيدة والتوحيد، أو في مسائل الحلال والحرام مما كثر فيه الاختلاف بين علماء الأمة؛ لأنه إنما قصد الحق وطلبه، وهذا الذي أداه إليه اجتهاده، فهو معذور في ذلك بل مأجور على اجتهاده، فكيف يقال بتبديعه أو تفسيقه.
        ....
        ....وهذه المسألة من المسائل العظيمة التي يقررها أهل السنة ولم يخالف فيها أحد من علماء المسلمين المعتد بأقوالهم، وإنما خالف فيها أهل البدع، من الخوارج، والمعتزلة، ومن تأثر أو انخدع بأقوالهم من عوام المسلمين" "موقف أهل السنة والجماعة من أهل الأهواء والبدع" للدكتور إبراهيم عامر الرحيلي (1/64-65) الطبعة الثانية لمكتبة العلوم والحكم عام 1422هـ .
        ....
        ....وقال–حظه الله تعالى : "وكذلك أقوال السلف وأفعالهم : دلت على عذر بعضهم بعضا في اجتهاداتهم، ولم يبدع أو يفسق بعضهم بعضا مع اختلافهم في مسائل عظيمة فكانوا لا يذكرون بعضهم إلا بخير مع استغفار كل واحد منهم لأخيه، وهذا من عظيم فقههم رضوان الله عليهم أجمعين" "موقف أهل السنة والجماعة من أهل الأهواء..."(1/6
        ....
        ....ثم قال : " وهذا لا يعني عدم التنبيه على أخطاء العلماء ومناصحتهم في ذلك وبيان لحق للناس فإن هذا من أعظم واجبات أهل العلم الذين استحفظهم الله تعالى عليه كما قال تعالى : { وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ } سورة "آل عمران" الآية (187)""موقف أهل السنة ..." (1/72) .
        ....
        ....وفي بيان أن البدع منها المكفرة ومنها المفسقة والضابط السلفي فيهما، قال – حفظه الله تعالى : "...
        ....
        9- بيان موقف أهل السنة من تفكير أهل البدع وتفسيقهم، وأنه مبني على أصلين :
        ....
        ....الأصل الأول : دلالة الكتاب والسنة على أن القول أو الفعل الصادر من المحكوم عليه موجب للكفر –عند النظرف في مسألة التفكير- وموجب للفقه –عند النظر في مسألة التفسيق .
        ....
        ....الأصل الثاني : انطباق الحكم على القائل المعين أو الفاعل المعين بحيث تتم فيه شروط التكفير أو التفسيق وتنتهي موانعهما .
        ....
        10- أن تكفير السلف لبعض فرق أهل البدع كالجهمية والقدرية المنكرين للعلم وغلاة الرافضة هو من باب التفكير المطلق الذي لا يلزم من تكفير كل أفراد تلك الفرق""موقف أهل السنة والجماعة من أهل الأهواء..."(2/715)
        ....
        ....وقال الشيخ عبد السلام بن برجس - رحمه الله تعالى - فيرسالة له بعنوان "مظاهر الغلو في الاعتقاد والعمل والحكم على الناس""فصل في الغلو في الحكم علىالناس" :
        ....
        ...." وأما الغلو في الحكم على الناس : فهو مجاوزة الحد في إلحاق الحكم عليهم بالكفر أو البدعة أو الفسوق .
        ....
        ....فإن الحكم ﺑﻬذه الأمور على أحد من الناس إنما هو إلى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فمن دلالدليل القاطع على إلحاق هذه الأحكام به؛ ألحقت به، ومن لم يدل الدليل على لحوقها به؛ فإن تتريلها عليه من تعدي حدود الله تعالى، والقول عليه بغير علم، وهو الغلوالفاحش الذي أردى الأمة ونخر في جسمها، وفرق جماعتها .
        ....
        ....بل إن أول الغلو في الأمةإنما هو هذا، يوم غلا الخوارج في الحكم على المسلمين، وحكام المسلمين بالكفروالخروج من الإسلام، فترتب على فعلهم هذا : إراقة دماء طاهرة مسلمة، وتمزق الجماعة،وانتشار التباغض والشحناء بين أهل الإسلام.....
        ....ومثل هذا يقال في التبديع بغيرحق([1]) والتفسيق بغير حق، فإنه يقود إلى التقاطع والتباغض، وهو سبيل إلى التكفير([2]) بغيرحق .
        ....
        ....وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في صحيح البخاري - منع من تتريلالحكم العام على شارب الخمر بأن تحل عليه لعنة الله، على الشخص المعين لما قام بهمن إيمان بالله ورسوله، فكيف يتسارع الغالون إلى تتريل أحكام الكفر والفسق العامةعلى الأشخاص المعينين دونما روية وتؤدة؟! ونص الحديث كما في صحيح البخاري( 32) عنعمر بن الخطاب : " َأنَّ رَجًُلا كَان عََلى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلمكان اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ وَكَان يَُلقَّبُ حِمَارًا وَكَان يُضْحِكُ رَسُولاللَّهِ صلى الله عليه وسلم وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد جََلدَهُ فِيالشَّرَابِ، َفأُتِيَ بِهِ يَوْمًا، َفَأمَرَ بِه، َفجُلِد . فَقَال رَجُل مِنَالَْقوْمِ : اللَّهُمَّ اْلعَنْهُ، مَا َأكَْثرَ مَا يُؤْتَى بِهِ ! فَقَالالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم َلا تَْلعَنُوهُ َفوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ َأنَّهُيُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُوَلهُ "....
        ....فتتريل هذه الأحكام على الشخص المعين لا بدلها من شروط تتوفر، وموانع تنتفي، كما أجمع على ذلك علماء أهل السنة والجماعة .
        ....
        .... ومنهذا المنطلق تتابعت نصوص العلماء على أن المتصدي للأحكام على الناس في عقائدهم أوعدالتهم لا بد أن يكون من العلماء وأهل الورع .
        ....
        ....من ذلك قول الحافظ الذهبي - رحمهالله تعالى : " والكلام في الرجال لا يجوز إلا لتام المعرفة تام الورع "اهـ "ميزانالإعتدال" (3/46)
        ....
        ....وفي موقع الدعوة السلفية بالمسجد الأقصى المبارك، المبارك، والمشرف عليه الأخ الشيخ هشام عارف- أرشده الله تعالى- وتحت ترجمة "التوجيهات .المنهجية .لطلاب. الدعوة .السلفية .أدعياء .السلفية: .محمد.حسان، .الحويني، .محمد.حسين.يعقوب." http://www.aqsasalafi.com/vb/showthread.php?t=5784
        ....
        ....وصف الكاتبُ مخالفه المدافع عن سيد قطب – وكلهم- هداهم الله تعالى- كذلك- وللمنهج السلفي بالمخالف لا المبتدع . وهذا الحكم موافق للحق، تنكر المخالفة بحسبها، غير أن الطعن بالابتداع حكم شرعي يحتاج إلى قيده
        ....
        ....كما أن القول بأن كل مخالفة بدعة، ومن ثم يبدع مرتكبها دون بيان، هذا التقعيد قعيد ليس عليه دليل، والأدلة ترده، ومعلوم أن المخالفة قد يكون باعثها : الجهل أو الخطأ، أو النسيان، أو التأويل، أو الإكراه، أو العناد، أو الاستحلال، ولكل حكمه .
        ....
        صبراً .. صبرا .. وإحسانا
        ....
        ....قال الله تعالى : " إنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ" سورة "يوسف" الآية(90)
        ....
        ....قال العلامة شمس الدين ابن القيم- رحمه الله تعالى- في بيان مداخل الشيطان على الصالحين : " إن أعجزه العبد من هذه المراتب الست وأعياعليه، سلّط عليه حزبه من الإنس والجن بأنواع الأذى والتكفير والتضليلوالتبديع والتحذير منه وقصد إخماله وإطفائهليشوش عليه قلبه ويشغل بحربهفكره وليمنع الناس من الانتفاع بهفيبقى سعيه في تسليط المبطلين من شياطين الإنسوالجن عليه ولا يفترُ ولا يَنِيَ فحينئذ يَلبس المؤمنُ لأْمَةَ الحرْبِولا يضعُها عنه إلى الموتِ ومتى وضعها أُسِرَ أو أُصيْبَ فلا يزال في جهادحتى يلقى الله!!" "بدائع الفوائد" (2/245)
        ....
        ....أكرر : كان وراء ضعف البنيان العلمي، وغلبة الجهل، وشيوع مرضي الشهوات والشبهات، والكلام بغير علم، وطغيان الغلو،وانتشار التشدد، وسقط التسرع، وردود الأفعال الإنفعالية، الحكم قبل التثبت، وعدم مراعاة الحال واعتبار قرائن الأحوال، وملابسات المقال، ومقدمات الأحكام، وأثر الزمان والمكان، خروج بعضمن يحكمونعلى الأنام دون مراعاة لضوابط جريانها، فظلموا ثم ظلموا .
        ....
        ....الأمر الذي استحلب ثدي البيان، الموجب لإمعان النظر في النصوص، والالتفات بل والالتفاف إلى قول من شابت بل شاخت لحاهم في العلم الصحيح، وانحت ظهورهم من النظر في النصوص والآثار، وعرفوا بها، وكثرت إصابتهم للحق وكتب لهم القبول فاجتمعت على كلمتهم القلوب، وتيممت وجهتهم صفي النفوس .
        ....
        ....فمتى تنقشع تلك الغمامة، متى يجتث صنم الحكم على أشياء بأنها كفر، وما هي بكفر؟! وأخرى بأنها بدعة وليستبدعة ؟! .
        ....
        ....إننا بحاجة إلى الغيرة في الدعوة للحق والذبّ عن أهله، غير أن الغيرة لا ينبغي أن تجنح بنا إلى المذمة
        ....
        ....نعم .. نحن بحاجة إلى الغيرة المحمودة لا المذمومة، كما أننا بحاجة إلى العاطفة، فيما بيننا، ومع إخواننا المخالفين من عموم المسلمين بل والكافرين إبان دعوتهم، لكن المنضبطة بالعلمالشرعي، المقيدة بالقيود الشرعية الرحبة الرحيمة .
        ....
        ....هذا .. وإن ما يستغرب في هذا الباب هو رجوع الطلبة للحق إبان سطوعه، وعناد وتخبط بعض المشايخ اندفاعا وراء آرائهم، وانسياقا خلف شبق شهوة، أو استسلاما أمام حمم الغضب، فالسقوط في عماية الجهالة، والله تعالى المسؤول لرؤوس المسلمين بالهداية .
        ....
        صفوة القول في نقاط :
        ....
        ....أولاً :دعوة عموم المسلمين لتحقيق التقوى فهي رأس الأمر، وعليها مدار سعادة الخلق .
        ....
        ....ثانياً :ضرورة طلب العلم وفق الأصول السلفية السنية .
        ....
        ....ثالثاً :الاستمساك بالوحي والاستسلام للنص واستصحاب فهم السلف الصالح الذي يدور في فلكه
        ....
        ....رابعاً :الأصل في معاملة المخالف والمؤالف الرفق([3])والتودد في النصح استرضاء–دون مداهنة- واستصلاحا([4]) وإنما يلجأ إلى الشدة والهجر إن كانا فيهما صلاحا، وإلا فلا، فهما والحالة هذه علاج تابع .
        ....
        ....خامساً :أن نصح المؤالف والأخذ على يديه([5]) وحجبه عن تبديع أعيان المخالفين بغير حق دون مراعاة لضابطتوفر شروط التبديع وانتفاء موانعه لهو من تمام النصح، وواجب الحق والوقت بل وكل وقت .
        ....
        ....سادساً : إننا في حاجة إلى الجد والاجتهاد في دعوة الناس وردّ شبه المناوئين، والذبّ عن شريعة رب العالمين، بل والعاطفة في ذلك، غير أن الجنوح يُكبح .
        ....
        ....سابعاً :وهو متمم لم قبله، وهو أن الغيرة منها المحمودة ومنها المذمومة، وأن إهمال الضوابط الشرعية في الحكم على الأعيان([6]) فيه إهدار لجهود النصوص والآثار، ومن ثم يتطاير الهمج ويكثر الهرج..
        ....
        ....ثامناً : لا علاقة قط بين القول باعتبار الضوابط السابقة والردّ على مخالفها وبين التثبيط أو التخذيل، أو التمييع، إنما هو النصح والتبين، وتقديم النص على الهوى، ولا يضر والحالة هذه حزن حبيب، ولا يطمعن في مداهنةٍ غريبٌ .
        ....
        ....تاسعاً : إن عدم الرضا بإنزال حكم التكفير أو التبديع أو اللعن أو التفسيق على الأعيان دون التفات إلى شروطه وموانعه لا يلزم منه ترك قوله المسموم يسري في أدمغة المجتمع، وحممه تلهب نياط قلوب النصوص، ويأسف منه الحق، بل الواجب المتعين الإنذار والإعذار فإعلان النفير([7]) وصدّ العدوان على أن يكون الردّ علمياً موثقاً بعد تثبت([8]) ومع استصحاب الرفق([9]) استجلابا للخير، وإلا .
        ....
        ....عاشراً : ومع تتابع الملاحم، وتعاقب الجولات لإخماد نار الشبهات ودفع لهيب الشهوات، محبة في إيصال الخير للنسمات، لا ننس أن الأمر دين، وإذا كان ذلك كذلك، وهو كذلك وجب توفر شرطا القبول : الإخلاص والمتابعة ([10])مع دومومة التضرع وإعلان الافتقار للعزيز الغفار .
        ....
        ....الحادي عشر : ليُعلَم أن اجتهادات العلماء والأئمة ليس منهجاً، المنهج : قول من معصوم، أو خبر عليه دليل معلوم .
        ....
        ....الثاني عشر : أهل العلم لا يحابون أحدا أبداً في دين الله تعالى- هم أهلالنصيحة محبي الحق .
        ....
        ....تأدبوا بأدب الله تعالى، ذلك لأن الله تعالى لا يحابي أحداً، بل يؤاخذ لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِسورة "النساء" الآية(123) فهذه الأمة تعمل السوء فتجزى وتعاقب بالعذاب الذي هو الفرقة
        ....
        ....فنحن دعاة - بإذن اللهتعالى- نرشد الضال، ونهدي الحيران، وندعوا الكافر، ونردّ المرتد، ونعالج الفاجر، ونداوي أنفسنا، ننساق ونسوق الجميع إلى الخير والبر، وفي الجملة نبذل الجهد في دفع الفرقة وإقامة الملة .
        ....
        ....الثالث عشر : الرجل قد يكون صدِّيقًا عظيمًا، غير أنه ليس من شرط الصدِّيق أن يكون قوله كله صحيحًا، وعمله كله سنة، فحقه حق، ومخالفته تردّ بدليل وأدب .
        ....
        هذا .. والله تعالى المسؤول أن يرفع عنا أسباب سخطه، ويأخذ بأيدينا ونواصينا إلى ما فيه رضاه، ويستعملنا لتحقيق محابه ونصرة أحبابه .
        ....
        وصلي اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى إخوانه وآله وصحبه أجمعين
        والحمد لله رب العالمين
        ....
        ....
        كتبه
        الفقير إلى عون مولاه
        أبو عبد الله محمد بن عبد الحميد حسونة
        2/2/1429هـ - 12/2/2008م
        ....
        ______ ( الحاشية ) ______
        ....
        ([1]) وفي اتباع الحق يقول شيخ الإسلام – رحمه الله تعالى : "والله قد أمرنا ألا نقول إلا الحق، وألا نقول عليه إلا بعلم، وأمرنا بالعدل والقسط، فلا يجوز لنا إذا قال يهودي أو نصراني، فضلاً عن الرافضي، قولاً فيه حق أن نتركه أو نرده كله، بل لا نرد إلا ما فيه من الباطل دون ما فيه من الحق" كتاب "أصول الحكم على المبتدعة عند شيخ الإسلام ابن تيمية"
        ....
        ....
        ([2]) يقول شيخ الإسلام – رحمه الله تعالى : " فإن تسليط الجهال على تكفير علماء المسلمين من أعظم المنكرات، وإنما أصل هذا من الخوارج والروافض، الذين يكفّرون أئمـة المسلمين، لما يعتقدون أنهم أخطأوا فيه من الدين، وقد اتفق أهل السنة والجماعة على أن علماء المسلمين لا يجوز تكفيرهم بمجرد الخطأ المحض، بل كل أحد يؤخذ من قوله ويُترك إلا رسول الله صلى الله عليه و سلم، وليس كُل مَن يُترك بعضُ كلامِه لخطأ أخطأه، يكفر، ولا يفسق، بل ولا يأثم، فإن الله تعالى قال في دعاء المؤمنين : " ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا"سورة"البقرة"الآية(286) وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" إن الله قال : قد فعلتُ"
        ....
        ....ويبين -رحمه الله تعالى أنه " ليس كل مَن خالف في شيء مِن هذا الاعتقاد يجب أن يكون هالكًا، فإن المنازع قد يكون مجتهدًا مخطئًا يغفر الله خطأه، وقد لا يكون بلغه في ذلك من العلم ما تقوم به عليه الحجة، وقد يكون له من الحسنات ما يمحو الله به سيئاته.. وإذا كانت ألفاظ الوعيـــد المتناولــة له، لا يجــب أن يدخــل فيهــــا المتـــأول والقـــانـت وذو الحسنات الماحية والمغفور له وغير ذلك، فهذا أولى، بل موجب هذا الكلام أن من اعتقد ذلك نجا في هذا الاعتقاد، ومن اعتقد ضده فقد يكون ناجيًا، وقد لا يكون ناجيًا، كما يقال : مَن صمت نجا "
        ....
        ....ونبّه -رحمه الله تعالى إلى عظم مسألتي التكفير والتفسيق عمومًا، فقال : "اعلم أن مسائل التكفير والتفسيق هي من مسائل الأسماء والأحكام، التي يتعلق بها الوعد والوعيد في الدار الآخرة، وتتعلق بها الموالاة والمعاداة، والقتل والعصمة، وغير ذلك في الدار الدنيا، فإن الله سبحانه أوجب الجنة للمؤمنين، وحرّم الجنة على الكافرين" .‏
        ....
        ....حتى في العقوبة لما ذكر الحكم فرق فيه بين الإطلاق والتعيين : "ويقرر شيخ الإسلام أن القتل عقوبة تعزيرية، ذهب إليها الإمام مالك وطائفة من أصحاب الشافعي وأحمد وغيرهم تشرع في حق ( الداعية إلى مذهبه ونحو ذلك ممن فيه فساد، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أينما لقيتموهم فاقتلوهم " وقال : " لئن أدركتُهم لأقتلنهم قتل عاد" ... وقال عمر رضي الله عنه لصبيغ بن عِسْل : " لو وجدتك محلوقًا لضربتُ الذي فيــه عينــاك " ... ولأن علي بن أبي طـالب رضي الله عنه طلب أن يقتل عبد الله بن سبأ، أول الرافضة، حتى هرب منه، ولأن هؤلاء من أعظم المفسدين في الأرض، فإذا لم يندفع فسادهم إلا بالقتل قُتلوا، ولا يجب قتل كل واحد منهم إذا لم يظهر هذا القول، أو كان في قتله مفسدة راجحة، ولهذا ترك النبي صلى الله عليه وسلم قتل ذلك الخارجي ابتداءً، لئلا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه، ولم يكن إذ ذاك فيه فساد عام، ولهذا ترك عليٌّ قتلهم أول ما ظهروا، لأنهم كانوا خلقًا كثيرًا، وكانوا داخلين في الطاعة والجماعــة ظاهــرًا، لم يحاربوا أهل الجماعة، ولم يكن يتبين له أنهم هم )
        ....
        فإن عقوبة الداعي، بأي نوع من العقوبات الزاجرة له ليست دليلاً على : ‏
        ....
        ....استحقاقه للإثم، فإنه قد يكون المعاقَب معذورًا، وفي هذا يقول شيخ الإسلام : " يعاقب من دعا إلى بدعة تضر الناس في دينهم، وإن كان قد يكون معذورًا فيها في نفس الأمر، لاجتهاد أو تقليد"
        ....
        ....سلب العدالة منه، فإنه قد يكون المعاقَب عدلاً صالحًا " ومن هذا هجر الإمام أحمد الذين أجابوا في المحنة -أي محنة القول بخلق القرآن- قبل القيد، ولمن تاب بعد الإجابة، ولمن فعل بدعة ما، مع أن فيهم أئمة الحديث والفقه والتصوف والعبادة، فإن هجره لهم والمسلمون معه، لا يمنع معرفة قدر فضلهم، كما أن الثلاثة الذين خُلِّفوا، لما أمر النبي صلى الله عليه و سلم المسلمين بهجرهم، لم يمنع ذلك ما كان لهم من السوابق، حتى قد قيل : إن اثنين منهما شهدا بدرًا، وقد قال : " كأن الله اطلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرتُ لكم" بتصرف من"أصول الحكم على المبتدعة عند شيخ الإسلام ابن تيمية" د.أحمد بن عبد العزيز الحليبيهو من منشورات كتاب الأمة - وزارة الأوقاف - قطر .
        ....
        ....
        ([3]) وقال – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم - لعائشة – رضي الله تعالى عنه- عندما ردّت على اليهود : "مهلا يا عائشة ؛ عليك بالرفق وإياك والعنف والفحش""صحيح الإمام البخاري"(6030) .
        ....
        ....فإذا كان هذا مع قتلة الأنبياء، أمة الغضب، نقضة العهود، سمّاعوا الكذب أكلة السحت ... إلخ، فكيف بالمخالف من أمة الخير، أمة الرحمة، الآخرون الأولون أمة الإجابة .
        ....
        ....
        ([4]) لا أحد أحب إليه العذر من الله تعالى، وكم صبر نبينا – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- وصابر، وداوى بالمداراة وهدى، كم أمهل عمر - رضي الله تعالى- صبيغاً ؟ وكم أمهل علي – رضي الله تعالى عنه- الخوارج ؟ وكم أمهل الإمام أحمد وغيره منالأئمة – رحمهم الله تعالى- من وقعوا في مخالفات أو بدع .....
        ....وفي أيامنا : كم أمهل الشيخ الربيع مخالفوا المنهج، إمهالا إلىدرجة الإهمال، وهل بدع – هو وإخوانه- كل مخالف، وهذا مع كونه وفق الأصل، فيه الحرص على سلامة الخلق .
        ....
        ....وأنقل إليك قولاً قاله -حفظه الله تعالى- في إحدى تنبيهاته في معرض التحذير والرد على أبيالحسن المصري، ما نصّه :" ألفت نظر العقلاء إلى مدى اللطف والاحترام اللذينبذلتهما لهذا الرجل في هذه الملاحظات عند كتابتها الأولى وصبري عليه من التاريخالمشار إليه بل من قبله من عام 1416هـ في سيّد قطب والإخوان المسلمين وعبد الرحمنعبد الخالق ثم عدنان عرعور والمغراوي من سنوات وهو سادر في المخالفات والمواجهاتالسرّية والعلنية، وإني لأظن أنه لا أحد يصبر على بلاء يعرفه ويستيقنه مثل صبريعلى هذا الرجل وأمثاله وأعوانه، فاللهم عفواً ومعذرة إليك" "انتقاد عقدي ومنهجي لكتاب "السراجالوهاج" لأبي الحسن، ص(33)
        ....
        ....
        ([5]) قال فضيلة الشيخ عبيد بن عبد الله الجابري- رحمه الله تعالى : "والواجب على السنّي أنيَحفظ كرامة السنّي، الواجب على السلفي أن يصون السلفي، وأن يرعى كرامته، كماأنه لا يتابعه على زلته إذا زلت به القدم، فأهل السنَّة ينظرون إلى المخالفة كماينظرون إلى المخالف .....
        ....فالمخالفة يردونها ولا يقبلونها ، لأنه قد يُخالف السلفيما عند السلفي الآخر؛ قد يُخطئ؛ فالسلفي بَشر كغيره من سائر البشر .........ثم ينظرأهل السنَّة كذلك إلى المخالف، فإن كان المخالف على السنَّة مُؤصلٌ عليها مَعرُوفٌبالسير عليها، فإنه لا يُتابع على زلّته وتُحفظ كرامته، وإن كان من أهل البدع،فلا كرامة له عندهم
        ....
        ....ومن هنا نقول : على السلفيين؛ على أهل السنَّة أنيوّسعوا صدورهم لبعضهم، وأن يتناقشوا فيما حدث بينهم من خلافات، وأن يعرضوا ماعندهم مما هو مُختلفٌ فيه بينهم على من هو أقدر منهم من أهل العلم من الذين هم علىالسنَّة، بهذا تزول الخلافات وتجتمع الكلمة، ويتحد الصف ويتماسكون -إن شاء اللهتعالى" اهـمن أجوبة الشيخ على أسئلة شبكة سحاب السلفية / المجموعة الأولى ، السؤال الأول ، نقلا من كتاب ( تحذير الخلان من أخطاء الشيخ صالح السدلان ) لمانع بن محمد العجمي السلفي .....
        ....وقال - حفظه الله تعالى- ما نصّه :" فنحن لا نقبل الخطأ،ونبرّر لـه بأن هذا سَلَفي، الخطأ يُرَّد رداً علماً .إن أمكن مناصحة أخيناهذا السلفي بأن قوله في المسألة الفلانية خطأ هذا جميل، وإذا لم يُمكن بُيِّنبالدليل بأنه خالف في كذا لكن لا يُتعَامل مع السلفي مثل ما يتعامل مع أهل البدع،يُشنع عليه!
        ....
        ....السلفي لا يُشنَّع عليه، ولا يُحذَّر منه، ولا يُشَّد عليه شّدةتُضيّع كل جهوده وآثاره السلفية المباركة، فهذا في الحقيقة إفراط، وحيف- يعنيظلم- غير مقبول" نقلاً عن مذكرة "تزكيات العلماء والمشايخ" ص(23)
        ....
        ....
        ([6]) قال شيخ الإسلام – رحمه الله تعالى : « فالتكفير يختلف باختلاف حال الشخص، فليس كل مخطئ ولا مبتدع، ولا جاهل، ولا ضال يكون كافراً، بل ولا فاسقا، بل ولا عاصيا» "مجموع الفتاوى"(12/180)
        ....
        ....
        ([7]) وسئل الشيخ أحمد بن يحي النجمي– حفظه الله تعالى : " فيجب على طلاب العلم أصحاب المعرفة الذين عرفوا المنهج السلفي وعرفوا المناهجالأخرى؛ يجب عليهم أن يـبيّنُوا لغيرهم وأن يقولوا، وأن يتكلّموا وأن يُلقواالخطب، وأن يُوَّضِحُوا في كل مقام، وفي كل مناسبة الحق؛ الذي يجب أن يتبعوالباطل الذي يجب أن يترك ويجتنب؛ أما الذين سكتوا عن بيان الحق للناس فإنهم لايُعذرون بسكوتهم، ولو قالوا : نحن لسنا معهم، فإنهم لا يُعذرون؛ حتى ولو قالوا :نحن لسنا مع أهل هذه الأحزاب الضَّالة عن طريق الحق؛ إلا أن ينكروا ما هم عليه منالضلال" "الفتاوى الجلية عن أسئلة المناهج الدعوية" ص(48-50( الطبعة الأولى - دار الآثار - اليمن .
        ....
        ....
        ([8]) قال العلامة ابن عثيمين -رحمه الله تعالى - ما نصّه : " الواجب التثبت أولا، ثم يتممناقشة من نُقِلَ عنه الخبر أو الفكر، فإن أصَّر على الباطل فإنه يُكشَف ويُـبيّنحتى لا يغتّر الناس به، فالواجب التثبت أولا ثم المناقشة الثانية بين الإنسان وبينمن نُقِلَ عنه هذا الخبر، ثم بعدها بيان الحق إن أصّر على ما هو عليه من باطل"شريط "لقاء الشيخ ربيعبالشيخ ابن عثيمين"
        ....
        ....
        ([9]) قال العلامة ابن باز ـرحمه الله تعالى وطيّب ثراه : " هذا العصر : عصر الرفق والصبر والحكمة، وليس عصر الشدّة.الناس أكثرهم في جهل، في غفلة وإيثار للدنيا، فلا بدّ منالصبر،ولا بدّ من الرفق؛ حتى تصل الدعوة وحتى يبلغ الناس، وحتى يعلموا.ونسأل الله للجميع الهداية""مجموع فتاوى سماحته"(8/376)و(10/91)
        ....
        ....
        ([10])أكد شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى- على أهمية الأمر بالسنة والنهي عن البدعة، وحذّر من سوء النية والانتصار للهوى، لما يؤديان إليه من إبطال العمل، وإشاعة الفرقة، وقبلهما غضب الرب، وإسقاط الأجر .
        ....
        ....فقال : " والأمر بالسنة والنهي عن البدعة، هما أمر بمعروف ونهي عن منكر، وهو من أفضل الأعمال الصالحة، فيجب أن يبتغى به وجه الله، وأن يكون مطابقًا للأمر، وفي الحديث من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر .
        ....
        ....فينبغي أن يكــون عالمًا بمــا يأمــر بـــه، عالمًا بما ينهى عنه، رفيقًا بما يأمر به، رفيقًا فيما ينهى عنه، حليمًا فيما يأمر به، حليمًا فيما ينهى عنه .
        ....
        ....فالعلم قبل الأمر، والرفق مع الأمر، والحلم مع الأمر، فإن لم يكن عالمًا لم يكن له أن يقفو ما ليس له به علم.. وإن كان عالمًا ولم يكن رفيقًا، كان كالطبيب الذي لا رفق فيه، فيغلظ على المريض فلا يقبل منه، وكالمؤدب الغليظ الذي لا يقبل منه الولد، وقد قال تعالى لموسى وهارون عليهما السلام : " فقولا له قولاً لينًا لعله يتذكر أو يخشى" سورة"طه" الآية(44) ..
        ....
        ....ثم إذا أمر أو نهى، فلابد أن يُؤذى في العادة، فعليه أن يصبر ويحلم، كما قال تعالى : "أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور" سورة"لقمان" الآية(17) ..
        ....
        ....وقد أمر الله نبيه بالصبر على أذى المشركين في غير موضع، وهو إمام الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر .
        ....
        ....فإن الإنسان عليه أولاً أن يكون أمره لله، وقصده طاعة الله فيما أمر به، وهو يحب صلاح المأمور، أو إقامة الحجة عليه..
        ....
        ....فإن فَعَلَ ذلك لطلب الرياسة لنفسه ولطائفته وتنقيص غيره، كان ذلك خطيئة لا يقبلها الله .
        ....
        ....وكذلك إذا فعل ذلك لطلب السمعة والرياء، كان عمله حابطًا، ثم إذا رُدّ عليه ذلك، أو أوذي، أو نسب إلى أنه مخطئ، وغرضه فاسد، طلبت نفسه الانتصار لنفسه، وأتاه الشيطان، فكان مبدأ عمله لله، ثم صار له هوى يطلب به أن ينتصر على من آذاه، وربما اعتدى على ذلك المؤذي .
        ....
        ....وهكذا يصيب أصحاب المقالات المختلفة، إذا كان كل منهم يعتقد أن الحق معه، وأنه على السنة، فإن أكثرهم قد صار لهم في ذلك هوى أن ينتصر جاههم أو رياستهم، وما نُسـب إليهم، لا يقصدون أن تكون كلمة الله هي العليا، وأن يكون الدين كله لله .
        ....
        ....بل يغضبون على مَن خالفهم، وإن كان مجتهدًا معذورًا لا يغضب الله عليه، ويرضون عمن كان يوافقهم، وإن كان جاهلاً سيء القصد، ليس له علم ولا حسن قصد، فيفضي هذا إلى أن يحمدوا من لم يحمده الله ورسوله، ويذموا من لم يذمه الله ورسوله، وتصير موالاتهم ومعاداتهم على أهواء أنفسهم، لا على دين الله ورسوله "
        ....
        ....ودعا شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى- إلى سلامة النية، واتّباع الإحسان في مراتب الإنكار، مع جميع المبتدعة مهما غلظت بدعتهم، لقصد الإصلاح، فيقول : "وهكذا الرد على أهل البدع من الرافضة وغيرهم، إن لم يقصد فيه بيان الحق،....
        ....وهدي الخلق ورحمتهم والإحسان إليهم، لم يكن عمله صالحًا، وإذا غلظ في ذم بدعة ومعصية كان قصده بيان ما فيها من الفساد، ليحذرها العباد، كما في نصوص الوعيد وغيرها، وقد يهجر الرجل عقوبة وتعزيرًا، والمقصود بذلك ردعه، وردع أمثاله، للرحمة والإحسان لا للتشفي والانتقام ... وهذا مبني على مسألتين : ‏
        ....
        ....إحداهما : أن الذنب لا يوجب كفر صاحبه، كما تقوله الخوارج، بل ولا تخليده في النار ومنع الشفاعة فيه، كما يقوله المعتزلة.‏
        ....
        ....الثاني : أن المتأول الذي قصده متابعة الرسول، لا يُكفَّر ولا يُفسَّق إذا اجتهد فأخطأ، وهذا مشهور عند الناس في المسائل العملية، وأما مسائل الاعتقاد فكثيــر من الناس كفّروا المخطئين فيهــا، وهذا القــول لا يُعرف عن أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، ولا يُعرف عن أحد من أئمة المسلمين، وإنما هو في الأصل من أقوال أهل البدع، الذين يبتدعون بدعة، ويكفّرون من خالفهم، كالخوارج والمعتزلة والجهمية" كتاب "أصول الحكم على المبتدعة عند شيخ الإسلام ابن تيمية"
        ....

        تعليق


        • #5
          لتحميل البحث


          التعديل الأخير تم بواسطة أبو محمد عبدالحميد الأثري; الساعة 19-Feb-2008, 08:40 PM.

          تعليق

          يعمل...
          X