إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

نريد جمع فتاوى اهل العلم في اسباب الزلازل.

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • نريد جمع فتاوى اهل العلم في اسباب الزلازل.

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    دعوة للمشاركة الى جميع الاعضاء للافادة والاستفادة جزاكم الله خيرا.الامر مهم.
    نظرا لكثرة الزلازل والله المستعان وخاصة في عصرنا هذا ...ادعوا الجميع للمشاركة بهذا الموضوع المميز لان الكثير من الناس يضنون انها كوارث طبيعية ولكن ...؟؟
    نريد جميع اقوال اهل العلم في اسباب الزلازل مع التفصيل وبارك الله فيكم.ولي عودة باذن الله.

  • #2
    الزلازل والفيضانات تقع بقضاء الله وقدره وتدبيره
    الزلازل والبراكين والصواعق والفيضانات.. هل هي جند من جنود الله؟[1]



    كل هذه الأمور وغيرها مما يحدثه الله في الكون، كلها تقع بقضائه وقدره وتدبيره؛ لحكم بالغة وغايات حميدة، يعلمها سبحانه وإن خفيت على كثير من الناس، ويعذب الله بذلك أقواماً ويرحم آخرين، وله الحكمة البالغة في ذلك سبحانه وتعالى، وفق الله الجميع.
    [1] أجاب عنه سماحته بتاريخ 17/12/1418هـ، ونشر في مجلة الدعوة، العدد 1653، بتاريخ 14/4/1419هـ.
    من حكمة الله تعالى ابتلاء العباد بالمصائب والفتن، منها الزلازل
    من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى كافة إخواني المسلمين وفقني الله وإياهم لفعل ما يرضيه وجنبني وإياهم أسباب سخطه وعقابه، آمين.
    سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
    فلقد أنعم الله علينا معشر المسلمين بنعم كثيرة وخيرات وفيرة، أهمها وأعظمها نعمة الإسلام، تلكم النعمة الكبرى التي لا يعادلها شيء، من عقلها وشكرها واستقام عليها قولاً وعملاً فاز بسعادة الدنيا والآخرة، يقول الله تعالى: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ[1]، ويقول سبحانه وتعالى: وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ[2]؛ فالواجب على الجميع شكر الله سبحانه وتعالى على هذه النعم والحذر من عدم الشكر، قال تعالى ممتنا على عباده: وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ[3]؛ فشكر الله على نعمه جملة وتفصيلاً قيد لها، ووسيلة لدوامها وسبب للمزيد منها، قال الله تعالى: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ[4]، وقال تعالى: بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ[5]، وقال تعالى: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ[6]، وقال تعالى: اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ[7].
    وقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل رضي الله عنه أن يدعو بهذا الدعاء في دبر كل صلاة: ((اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك))[8]، وبشكر الله على نعمه واستعمالها فيما يرضيه تستقيم الأمور وتقل الشرور.
    وإن من خير ما تحلى به أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام وأتباعهم من الصفات الفاضلة هو شكرهم للنعمة وطلبهم التوفيق لذلك، قال الله تعالى عن نبيه سليمان عليه الصلاة والسلام: رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ[9]، وقال مثنياً على نبيه نوح عليه الصلاة والسلام: إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا[10].
    ومن علامات شكر النعمة استعمالها في طاعة الله سبحانه وتعالى، وعدم الاستعانة بها على شيء من معاصيه، وكذا التحدث بها على وجه الاعتراف بها لله والثناء عليه، لا تطاولاً وفخراً على من حرمها، ولا رياءً وسمعة، وعلى العكس من ذلك كفران النعمة وعدم شكرها فهو نكران للجميل وجحد لفضل المنعم وعامل من عوامل زوالها عمن أنعم الله بها عليه، وهو ظلم للنفس يجر عليها أسوأ العواقب، قال الله سبحانه وتعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا[11] أي دنسها بالمعاصي. وبتقوى الله سبحانه وتعالى وطاعته بامتثال أوامره واجتناب نواهيه تحصل الخيرات وتندفع الشرور والمكروهات وتدوم النعم، قال الله تعالى: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ[12]، وقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ[13].
    ومن حكمة الله سبحانه وتعالى أنه يختبر عباده فيبتليهم بالخير تارة وبالشر أخرى، فيزداد المؤمنون إيماناً على إيمانهم وتعلقاً بالله ولجوءاً إليه سبحانه وتعالى، ويصبرون على ما قدره الله وقضاه ليتضاعف لهم الأجر والثواب من الله، وليخافوا من سوء عاقبة الذنوب فيكفوا عنها، قال الله سبحانه وتعالى: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ[14]، وقال تعالى: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ[15]، وقال تعالى: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ[16]، وقال سبحانه وتعالى: الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ[17]، وقال تعالى: وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ[18]، وقال تعالى: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ[19].
    وكل هذه الآيات يبين الله سبحانه وتعالى فيها أنه لا بد أن يبتلي عباده ويمتحنهم كما فعل بالذين من قبلهم من الأمم، فإذا صبروا على هذا الابتلاء وأنابوا إلى الله ورجعوا إليه في كل ما يصيبهم عند ذلك يثيبهم الله رضاه ومغفرته، ويسكنهم جنته، ويعوضهم خيراً مما فاتهم، وما يحصل في هذا الكون من آيات تهز المشاعر والأبدان كالصواعق والرياح الشديدة والفيضانات المهلكة للحرث والنسل والزلازل، وما يسقط بسببها من شامخ البنيان وكبار الشجر، وما يهلك بسببها من الأنفس والأموال، وما يقع في بعض الأماكن من البراكين التي تتسبب في هلاك ما حولها ودماره، وما يقع من خسوف وكسوف في الشمس والقمر ونحو ذلك مما يبتلي الله به عباده هو تخويف منه سبحانه وتعالى وتحذير لعباده من التمادي في الطغيان، وحث لهم على الرجوع والإنابة إليه واختبار لمدى صبرهم على قضاء الله وقدره ولعذاب الآخرة أكبر ولأمر الله أعظم.
    ولما كذبت قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبر الله نبيه أنه قد أهلك الأمم المكذبة للأنبياء والمرسلين السابقين عليه في قوله تعالى: وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ[20]. وأنزل بعدها قوله تعالى: إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ[21]؛ فعلى المؤمنين جميعاً أن يتقوا الله ويراقبوه بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، وإذا ما حلت بهم نازلة من النوازل فعليهم أن ينيبوا إلى الله ويرجعوا إليه ويفتشوا في أنفسهم عن أسباب ما حصل؛ لأن الله يقول: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ[22]، وعليهم أن يتوبوا إلى الله مما حصل منهم من نقص في الطاعات أو اقتراف للسيئات، فإن التوبة من أسباب رفع المصائب، وعليهم أن يصبروا ويحتسبوا أجر ما حصل لهم من مصائب عند الله، قال تعالى: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ[23]، وقال تعالى: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[24]، المعنى من أصابته مصيبة فعلم أنها بقضاء الله وقدره فصبر واحتسب واستسلم لقضاء الله هدى الله قلبه لليقين، فيعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه، ويؤمن أن الله سيعوضه عما فاته في الدنيا هدى في قلبه ويقيناً صادقاً، وقد يخلف عليه ما كان أخذ منه أو خيراً منه، وكون بعض الحقائق قد تبين أن شيئاً من الكسوف أو الخسوف وما أشبههما يعرف بالحساب أو ببعض الأمارات قد يحصل، فهذا لا ينافي قدرة الله سبحانه وتعالى وتخويف عباده فهو يوقعها متى شاء، قال الله تعالى: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْ لا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ[25].
    وحينما كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى بأصحابه صلاة الكسوف، خطب فيهم خطبة بليغة أخبرهم فيها أن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته ولكن الله يرسلهما يخوف بهما عباده، وأمرهم بالصلاة والصدقة والتكبير والذكر والاستغفار والعتق، وقال في خطبته: ((يا أمة محمد والله ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته, يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً))[26] الحديث، وإن واقع أكثر المسلمين اليوم يدل على استخفافهم بحق الله وما يجب من طاعته وتقواه، والمتأمل يسمع ويرى كثيرا من العقوبات للأمم والشعوب، تارة بالفيضانات وتارة بالأعاصير، وتارة بالهزات الأرضية، وتارة بالمجاعات، وتارة بالحروب الطاحنة التي تأكل الرطب واليابس، كما بين سبحانه وتعالى في كتابه العزيز بعض أنواع العقوبات التي أنزلها بالعاصين والمنحرفين عن الصراط المستقيم من الأمم السابقة المكذبين لرسلهم ليتعظ الناس ويحذروا أعمالهم، قال تعالى: فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ[27].
    وإن للمعاصي والذنوب من الآثار القبيحة المضرة بالقلب والبدن والمجتمع والمسببة لغضب الله وعقابه في الدنيا والآخرة ما لا يعلم تفاصيله إلا الله تعالى، فهي تحدث في الأرض أنواعاً من الفساد في الماء والهواء والثمار والمساكن، قال تعالى: ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ[28]، وقال تعالى: وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ[29]، وإن فيما يقع من هذه الكوارث عظة وعبرة، والسعيد من وعظ بغيره، وبالجملة فإن جميع الشرور والعقوبات التي يتعرض لها العباد في الدنيا والآخرة أسبابها الذنوب والمعاصي، وإن من علامات قساوة القلوب وطمسها والعياذ بالله أن يسمع الناس قوارع الآيات وزواجر العبر والعظات التي تخشع لها الجبال لو عقلت؛ ثم يستمرون على طغيانهم ومعاصيهم، مغترين بإمهال ربهم لهم، عاكفين على اتباع أهوائهم وشهواتهم، غير عابئين بوعيد ولا منصاعين لتهديد، قال تعالى: وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ[30].
    كما أن الاستمرار على معاصي الله مع حدوث بعض العقوبات عليها دليل على ضعف الإيمان أو عدمه، قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ[31]، وقال تعالى: قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ[32]، وقال تعالى: كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * كَلا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ * ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ * ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ[33].
    أيها الإخوة في الله لقد حدث في الأيام القريبة الماضية حدث عظيم فيه عظة وعبرة لمن اعتبر، ومن واجب المؤمنين أن يعتبروا بما يحدث في هذا الكون، قال تعالى: فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ[34]، ما حدث هو ما سمعنا عنه في الإذاعة وقرأنا عنه في الصحف والمجلات، وما شاهده الناس على شاشة التلفاز، وتحدث به القريب والبعيد، ذلك هو ما تعرض له اليمن الشمالي من الزلازل والهزات التي اجتاحت كثيراً من مدنه وقراه، وما نتج عن ذلك من ذهاب كثير من الأنفس والأموال والممتلكات، وخراب الكثير من المساكن، وجرح الكثير ،وبقاء أسر كثيرة فاقدة أموالها ومساكنها، وأبناءها وأزواجها، فترمل الكثير من النساء، وتيتم الكثير من الأطفال، وكل هذا حصل في وقت قصير، وهو دليل على عظمة الله وقدرته، وأن العباد مهما تمكنوا في هذه الدنيا وكانت لهم قدرة وقوة وعظمة ضعفاء أمام قدرة الله تبارك وتعالى..
    وإن من الواجب على جميع المسلمين أن يأخذوا العظة والعبرة مما حصل، وأن يتوبوا إلى الله وينيبوا إليه ويحذروا أسباب غضبه ونقمته، وندعو الله لموتى إخواننا اليمنيين بالمغفرة والرحمة، ولأحيائهم بالسكينة وحسن العزاء، وأن يجعل الله ما حصل لهم مكفراً لسيئاتهم ورافعاً لدرجاتهم وموقظاً لقلوب الغافلين منا ومنهم، كما يجب علينا أن نواسيهم بالتعاون معهم والعطف عليهم ببذل ما ينفعهم من أموالنا إحساناً إليهم وصدقة عليهم جبراً لمصيبتهم وتخفيفاً من عظمها عليهم، قال تعالى: وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا[35]، وقال تعالى: وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ[36]، وقال سبحانه: وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ[37]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه))[38] رواه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: ((من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته))[39]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا)) وشبك بين أصابعه[40]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى))[41] متفق عليه، فعلينا جميعاً المبادرة إلى مد يد العون لإخواننا في اليمن وبذل ما نستطيع ليتحقق معنى الأخوة الإسلامية التي أشار إليها الرسول في هذه الأحاديث الصحيحة، ولنحصل على الأجر العظيم الذي وعد الله به المنفقين والمحسنين، وفق الله المسلمين عموماً وإخواننا في اليمن خصوصاً للصبر والاحتساب، وضاعف لنا ولهم الأجر والثواب، وأنزل على المصابين السكينة والطمأنينة وحسن العزاء، ومن على الجميع بالتوبة النصوح والاستقامة على الحق والحذر من أسباب غضب الله وعقابه إنه ولي ذلك والقادر عليه.
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد [1] سورة إبراهيم الآية 34.


    [2] سورة النحل الآية 53.

    [3] سورة النحل الآية 78.

    [4] سورة إبراهيم الآية 7.

    [5] سورة الزمر الآية 66.

    [6] سورة البقرة الآية 152.

    [7] سورة سبأ من الآية 13.

    [8] رواه النسائي في السهو برقم 1286، وأبو داود في الصلاة برقم 1301.

    [9] سورة النمل من الآية 19.

    [10] سورة الإسراء من الآية 3.

    [11] سورة الشمس الآيتان 9 – 10.

    [12] سورة الأعراف الآية 96.

    [13] سورة الرعد الآية 11.

    [14] سورة البقرة الآيات 155 – 157.

    [15] سورة البقرة الآية 214.

    [16] سورة آل عمران الآية 142.

    [17] سورة العنكبوت الايات 1 – 3.

    [18] سورة العنكبوت الآية 11.

    [19] سورة الأنبياء الآية 35.

    [20] سورة ق الآية 36.

    [21] سورة ق الآية 37.

    [22] سورة الشورى الآية 30.

    [23] سورة البقرة الآيات 155 – 157.

    [24] سورة التغابن الآية 11.

    [25] سورة الحديد الآيتان 22 – 23.

    [26] رواه البخاري في الجمعة برقم 986، ومسلم في الكسوف برقم 1499.

    [27] سورة العنكبوت الآية 40.

    [28] سورة الروم الآية 41.

    [29] سورة الأعراف الآية 13.

    [30] سورة الجاثية الآيتان 7 – 8.

    [31] سورة يونس الآيتان 96 – 97.

    [32] سورة يونس الآية 101.

    [33] سورة المطففين الآيات 14 – 17.

    [34] سورة الحشر من الآية 2.

    [35] سورة المزمل من الآية 20.

    [36] سورة سبأ من الآية 39.

    [37] سورة البقرة من الآية 195.

    [38] رواه مسلم في الذكر والدعاء والتوبة برقم 4867، والترمذي في البر والصلة برقم 1853.

    [39] رواه البخاري في المظالم والغصب برقم 2262، ومسلم في البر والصلة والآداب برقم 4677 واللفظ متفق عليه.

    [40] رواه البخاري في الصلاة برقم 459، ومسلم في البر والصلة والآداب برقم 4684 وأحمد في مسند الكوفيين برقم 18799.

    [41] رواه البخاري في الأدب برقم 5552، ومسلم في البر والصلة والآداب برقم 4685 واللفظ له.
    ************************************************** ******

    نصيحة حول الزلازل


    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن اهتدى بهداه، أما بعد:

    فإن الله سبحانه وتعالى حكيم عليم فيما يقضيه ويقدره، كما أنه حكيم عليم فيما شرعه وأمر به، وهو سبحانه يخلق ما يشاء من الآيات، ويقدرها تخويفا لعباده وتذكيرا لهم بما يجب عليهم من حقه، وتحذيرا لهم من الشرك به ومخالفة أمره وارتكاب نهيه كما قال الله سبحانه: وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلا تَخْوِيفًا[1]، وقال عز وجل: سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ[2]، وقال تعالى: قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ[3] الآية.
    وروى البخاري في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لما نزل قول الله تعالى: قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أعوذ بوجهك))، قال: أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ قال: ((أعوذ بوجهك))[4].
    وروى أبو الشيخ الأصبهاني عن مجاهد في تفسير هذه الآية: قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ قال: الصيحة والحجارة والريح. أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ قال: الرجفة والخسف.
    ولا شك أن ما حصل من الزلازل في هذه الأيام في جهات كثيرة هو من جملة الآيات التي يخوف الله بها سبحانه عباده. وكل ما يحدث في الوجود من الزلازل وغيرها مما يضر العباد ويسبب لهم أنواعاً من الأذى، كله بأسباب الشرك والمعاصي، كما قال الله عز وجل: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ[5]، وقال تعالى: مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ[6]، وقال تعالى عن الأمم الماضية: فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ[7].
    فالواجب على جميع المكلفين من المسلمين وغيرهم، التوبة إلى الله سبحانه، والاستقامة على دينه، والحذر من كل ما نهى عنه من الشرك والمعاصي، حتى تحصل لهم العافية والنجاة في الدنيا والآخرة من جميع الشرور، وحتى يدفع الله عنهم كل بلاء، ويمنحهم كل خير، كما قال سبحانه: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ[8]، وقال تعالى في أهل الكتاب: وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ[9]، وقال تعالى: أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ[10].
    وقال العلامة ابن القيم - رحمه الله - ما نصه: (وقد يأذن الله سبحانه للأرض في بعض الأحيان بالتنفس فتحدث فيها الزلازل العظام، فيحدث من ذلك لعباده الخوف والخشية، والإنابة والإقلاع عن المعاصي والتضرع إلى الله سبحانه، والندم كما قال بعض السلف، وقد زلزلت الأرض: (إن ربكم يستعتبكم).
    وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد زلزلت المدينة، فخطبهم ووعظهم.، وقال: (لئن عادت لا أساكنكم فيها) انتهى كلامه رحمه الله.
    والآثار في هذا المقام عن السلف كثيرة.
    فالواجب عند الزلازل وغيرها من الآيات والكسوف والرياح الشديدة والفياضانات البدار بالتوبة إلى الله سبحانه، والضراعة إليه وسؤاله العافية، والإكثار من ذكره واستغفاره كما قال صلى الله عليه وسلم عند الكسوف: ((فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه واستغفاره))[11]. ويستحب أيضاً رحمة الفقراء والمساكين والصدقة عليهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((ارحموا ترحموا))[12]، ((الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء))[13]، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((من لا يرحم لا يرحم))[14].
    وروي عن عمر بن عبد لعزيز رحمه الله أنه كان يكتب إلى أمرائه عند وجود الزلزلة أن يتصدقوا.
    ومن أسباب العافية والسلامة من كل سوء، مبادرة ولاة الأمور بالأخذ على أيدي السفهاء، وإلزامهم بالحق وتحكيم شرع الله فيهم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما قال عز وجل: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ[15]، وقال عز وجل: وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ[16]، وقال سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ[17]... والآيات في هذا المعنى كثيرة، وقال صلى الله عليه وسلم: ((من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته))[18] متفق على صحته، وقال عليه الصلاة والسلام: ((من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه))[19] رواه مسلم في صحيحه. والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
    والله المسئول أن يصلح أحوال المسلمين جميعاً، وأن يمنحهم الفقه في الدين وأن يمنحهم الاستقامة عليه، والتوبة إلى الله من جميع الذنوب، وأن يصلح ولاة أمر المسلمين جميعاً، وأن ينصر بهم الحق، وأن يخذل بهم الباطل، وأن يوفقهم لتحكيم شريعة الله في عباده، وأن يعيذهم وجميع المسلمين من مضلات الفتن، ونزغات الشيطان، إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.


    مفتي عام المملكة العربية السعودية



    ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية الإفتاء


    عبد العزيز بن عبد الله بن باز

    [1] سورة الإسراء الآية 59.

    [2] سورة فصلت الآية 53.

    [3] سورة الأنعام الآية 65.

    [4] رواه البخاري في كتاب تفسير القرآن برقم 4262، ورواه الترمذي في تفسير القرآن برقم 2991.

    [5] سورة الشورى الآية 30.

    [6] سورة النساء الآية 79.

    [7] سورة العنكبوت الآية 40.

    [8] سورة الأعراف الآية 96.

    [9] سورة المائدة من الآية 66.

    [10] سورة الأعراف الآيات 97 – 99.

    [11] رواه البخاري في الجمعة برقم 999، ومسلم في الكسوف برقم 1518.

    [12] رواه أحمد في مسند المكثرين برقم 6255.

    [13] رواه الترمذي في البر والصلة برقم 1847.

    [14] رواه البخاري في الأدب برقم 5538، ورواه الترمذي في البر والصلة برقم 1834.

    [15] سورة التوبة الآية 71.

    [16] سورة الحج الآيتان 40 – 41.

    [17] سورة الطلاق الآيتان 2 – 3.

    [18] رواه البخاري في المظالم والغصب برقم 2262، ومسلم في البر والصلة والأدب برقم 4677 واللفظ متفق عليه.

    [19] رواه مسلم في الذكر والدعاء والتوبة برقم 4867، ورواه الترمذي في البر والصلة برقم 1853.
    *************************************

    وجوب التوبة إلى الله والضراعة إليه عند نزول المصائب


    من عبد العزيز بن عبد الله بن باز، إلى من يطلع عليه من المسلمين..
    وفقني الله وإياهم للتذكر والاعتبار، والاتعاظ بما تجري به الأقدار، والمبادرة بالتوبة النصوح من جميع الذنوب والأوزار، آمين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
    فإن الله عز وجل بحكمته البالغة، وحجته القاطعة، وعلمه المحيط بكل شيء، يبتلي عباده بالسراء والضراء، والشدة والرخاء، وبالنعم والنقم، ليمتحن صبرهم وشكرهم، فمن صبر عند البلاء، وشكر عند الرخاء وضرع إلى الله سبحانه عند حصول المصائب، يشكو إليه ذنوبه وتقصيره ويسأله رحمته وعفوه، أفلح كل الفلاح وفاز بالعاقبة الحميدة، قال الله جل وعلا في كتابه العظيم: الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ[1]، والمقصود بالفتنة في هذه الآية: الاختبار والامتحان حتى يتبين الصادق من الكاذب، والصابر والشاكر، كما قال تعالى: وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا[2]، وقال عز وجل: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ[3]، وقال سبحانه: وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ[4] والحسنات هنا هي النعم من الخصب والرخاء والصحة والعزة، والنصر على الأعداء ونحو ذلك، والسيئات هنا هي المصائب، كالأمراض وتسليط الأعداء والزلازل، والرياح والعواصف والسيول الجارفة المدمرة ونحو ذلك، وقال عز وجل: ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ[5] والمعنى: أنه سبحانه قدر ما قدر من الحسنات والسيئات وما ظهر من الفساد؛ ليرجع الناس إلى الحق، ويبادروا بالتوبة مما حرم الله عليهم، ويسارعوا إلى طاعة الله ورسوله؛ لأن الكفر والمعاصي هما سبب كل بلاء وشر في الدنيا والآخرة. وأما توحيد الله والإيمان به وبرسله، وطاعته وطاعة رسله، والتمسك بشريعته، والدعوة إليها، والإنكار على من خالفها فذلك هو سبب كل خير في الدنيا والآخرة، وفي الثبات على ذلك والتواصي به والتعاون عليه؛ عز الدنيا والآخرة، والنجاة من كل مكروه، والعافية من كل فتنة، كما قال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ[6]، وقال سبحانه: وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ[7]، وقال تعالى: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ[8]، وقال سبحانه: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ[9]، وقد بين سبحانه في آيات كثيرات أن الذي أصاب الأمم السابقة من العذاب والنكال بالطوفان والريح العقيم والصيحة والخسف وغير ذلك كله بأسباب كفرهم وذنوبهم، كما قال عز وجل: فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ[10]، وقال سبحانه وتعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ[11]، وأمر عباده بالتوبة إليه، والضراعة إليه عند وقوع المصائب، فقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ[12]، وقال سبحانه: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[13]، وقال سبحانه: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ * فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ[14]، وفي هذه الآية الكريمة حث من الله سبحانه لعباده، وترغيب لهم إذا حلت بهم المصائب من الأمراض والجراح والقتال والزلازل والريح والعاصفة وغير ذلك من المصائب، أن يتضرعوا إليه ويفتقروا إليه فيسألوه العون، وهذا هو معنى قوله سبحانه: فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا[15]، والمعنى هلا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا.
    ثم بين سبحانه أن قسوة قلوبهم، وتزيين الشيطان لهم أعمالهم السيئة، كل ذلك بسبب صدهم عن التوبة والضراعة والاستغفار، فقال عز وجل: وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ[16].
    وقد ثبت عن الخليفة الراشد - رحمه الله - أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز أنه لما وقع الزلزال في زمانه كتب إلى عماله في البلدان وأمرهم أن يأمروا المسلمين بالتوبة إلى الله والضراعة إليه والاستغفار من ذنوبهم.
    وقد علمتم أيها المسلمون ما وقع في عصرنا هذا من أنواع الفتن والمصائب، ومن ذلك تسليط الكفار على المسلمين في أفغانستان والفلبين والهند وفلسطين ولبنان وأثيوبيا وغيرها، ومن ذلك ما وقع من الزلازل في اليمن وبلدان كثيرة، ومن ذلك ما وقع من فيضانات مدمرة، والريح العاصفة المدمرة لكثير من الأموال والأشجار والمراكب وغير ذلك، وأنواع الثلوج التي حصل بها ما لا يحصى من الضرر، ومن ذلك المجاعة والجدب والقحط في كثير من البلدان، وكل هذا وأشباهه من أنواع العقوبات والمصائب التي ابتلى الله بها العباد بأسباب الكفر والمعاصي، والانحراف عن طاعته سبحانه، والإقبال على الدنيا وشهواتها العاجلة، والإعراض عن الآخرة، وعدم الإعداد لها إلا من رحم الله من عباده، ولا شك أن هذه المصائب وغيرها توجب على العباد البدار بالتوبة إلى الله سبحانه من جميع ما حرم الله عليهم، والبدار إلى طاعته وتحكيم شريعته، والتعاون على البر والتقوى، والتواصي بالحق والصبر عليه، ومتى تاب العباد إلى ربهم وتضرعوا إليه، وسارعوا إلى ما يرضيه، وتعاونوا على البر والتقوى، وتآمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر، أصلح الله أحوالهم، وكفاهم شر أعدائهم، ومكن لهم في الأرض، ونصرهم على عدوهم، وأسبغ عليهم نعمه، وصرف عنهم نقمه، كما قال سبحانه وهو أصدق القائلين: وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ[17]، وقال عز وجل: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ[18]، وقال عز وجل: وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ[19]، وقال سبحانه: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا[20] الآية، وقال عز وجل: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ[21].
    فأوضح عز وجل في هذه الآيات أن رحمته وإحسانه وأمنه وسائر أنواع نعمه إنما تحصل على الكمال الموصول بنعيم الآخرة لمن اتقاه وآمن به، وأطاع رسله واستقام على شرعه، وتاب إليه من ذنوبه. أما من أعرض عن طاعته، وتكبر عن أداء حقه، وأصر على كفره وعصيانه، فقد توعده سبحانه بأنواع العقوبات في الدنيا والآخرة، وعجل له من ذلك ما اقتضته حكمته ليكون عبرة وعظة لغيره، كما قال سبحانه: فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ[22].
    فيا معشر المسلمين حاسبوا أنفسكم وتوبوا إلى ربكم واستغفروه، وبادروا إلى طاعته، واحذروا معصيته، وتعاونوا على البر والتقوى، وأحسنوا إن الله يحب المحسنين، وأقسطوا إن الله يحب المقسطين، وأعدوا العدة الصالحة قبل نزول الموت، وارحموا ضعفاءكم، وواسوا فقراءكم، وأكثروا من ذكر الله واستغفاره، وتآمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر لعلكم ترحمون، واعتبروا بما أصاب غيركم من المصائب بأسباب الذنوب والمعاصي، والله يتوب على التائبين، ويرحم المحسنين، ويحسن العاقبة للمتقين، كما قال سبحانه: فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ[23]، وقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ[24].
    والله المسئول بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يرحم عباده المسلمين، وأن يفقههم في الدين، وينصرهم على أعدائه وأعدائهم من الكفار والمنافقين، وأن ينزل بأسه بهم الذي لا يرد عن القوم المجرمين، إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    [1] سورة العنكبوت الآية 1-3.

    [2] سورة الفرقان الآية 20.

    [3] سورة الأنبياء الآية 35.

    [4] سورة الأعراف الآية 168.

    [5] سورة الروم الآية 41.

    [6] سورة محمد الآية 7.

    [7] سورة الحج الآية 40-41.

    [8] سورة النور الآية 55.

    [9] سورة الأعراف الآية 96.

    [10] سورة العنكبوت الآية 40.

    [11] سورة الشورى الآية 30.

    [12] سورة التحريم الآية 8.

    [13] سورة النور الآية 31.

    [14] سورة الأنعام الآيتان 42-43.

    [15] سورة الأنعام الآية 43.

    [16] سورة الأنعام الآية 43.

    [17] سورة الروم الآية 47.

    [18] سورة الأعراف الآية 55-56.

    [19] سورة هود الآية 3.

    [20] سورة النور الآية 55.

    [21] سورة التوبة الآية 71.

    [22] سورة الأنعام الآية 44-45.

    [23] سورة هود الآية 49.

    [24] سورة النحل الآية 128.




    في انتظار مشاركاتكم...









    ا


    التعديل الأخير تم بواسطة أم مرام بنت اسماعيل المهاجر; الساعة 21-Mar-2008, 02:11 AM.

    تعليق


    • #3
      قال الشيخ مقبل طيب الله ثراه في "إيضاح المقال في أسباب الزلزال":

      ونحن لا نزال كما قلنا قبل نرى العبر، ونسمع الآيات، ونسمع الحوادث التي تزعج المسلمين، ولكن أعداء الإسلام يجعلون الحوادث حوادث طبيعية من أجل أن يبطلوا آيات الأنبياء، وأن يبطلوا انتقام الله لأنبيائه.

      يقول الله سبحانه وتعالى: {إنّ قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز ما إنّ مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوّة إذ قال له قومه لا تفرحْ إنّ الله لا يحبّ الفرحين * وابتغ فيما آتاك الله الدّار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدّنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إنّ الله لا يحبّ المفسدين * قال إنّما أوتيته على علم عندي أولمْ يعلم أنّ الله قد أهْلك من قبله من القرون من هو أشدّ منه قوّة وأكثر جمعًا ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون * فخرج على قومه في زينته قال الّذين يريدون الحياة الدّنيا ياليت لنا مثل ما أوتي قارون إنّه لذو حظّ عظيم * وقال الّذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحًا ولا يلقّاها إلا الصّابرون * فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين * وأصبح الّذين تمنّوا مكانه بالأمس يقولون ويْكأنّ الله يبسط الرّزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن منّ الله علينا لخسف بنا ويْكأنّه لا يفلح الكافرون}.

      وفي "الصحيحين" عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((إنّ ثلاثةً في بني إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى، بدا لله عزّ وجلّ أن يبتليهم، فبعث إليهم ملكًا فأتى الأبرص فقال: أيّ شيء أحبّ إليك؟ قال: لون حسن وجلد حسن قد قذرني النّاس. قال: فمسحه فذهب عنه، فأعطي لونًا حسنًا وجلدًا حسنًا، فقال: أيّ المال أحبّ إليك؟ قال: الإبل أو قال: البقر -هو شكّ في ذلك إنّ الأبرص والأقرع قال أحدهما: الإبل وقال الآخر: البقر- فأعطي ناقةً عشراء فقال: يبارك لك فيها، وأتى الأقرع فقال: أيّ شيء أحبّ إليك؟ قال: شعر حسن ويذهب عنّي هذا، قد قذرني النّاس. قال: فمسحه فذهب وأعطي شعرًا حسنًا. قال: فأيّ المال أحبّ إليك؟ قال: البقر، قال: فأعطاه بقرة حاملاً، وقال: يبارك لك فيها، وأتى الأعمى فقال: أيّ شيء أحبّ إليك؟ قال: يردّ الله إليّ بصري، فأبصر به النّاس. قال: فمسحه فردّ الله إليه بصره، قال: فأيّ المال أحبّ إليك؟ قال: الغنم، فأعطاه شاة والدًا، فأنتج هذان، وولّد هذا، فكان لهذا واد من إبل، ولهذا واد من بقر، ولهذا واد من غنم، ثمّ إنّه أتى الأبرص في صورته وهيئته، فقال: رجل مسكين تقطّعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ اليوم إلا بالله ثمّ بك، أسألك بالّذي أعطاك اللّون الحسن والجلد الحسن والمال، بعيرًا أتبلّغ عليه في سفري. فقال له: إنّ الحقوق كثيرة، فقال له: كأنّي أعرفك، ألم تكن أبرص يقذرك النّاس فقيرًا، فأعطاك الله! فقال: لقد ورثت لكابر عن كابر، فقال: إن كنت كاذبًا فصيّرك الله إلى ما كنت، وأتى الأقرع في صورته وهيئته، فقال له مثل ما قال لهذا، فردّ عليه مثل ما ردّ عليه هذا. فقال: إن كنت كاذبًا فصيّرك الله إلى ما كنت، وأتى الأعمى في صورته: فقال رجل مسكين وابن سبيل، وتقطّعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ اليوم إلا بالله ثمّ بك، أسألك بالّذي ردّ عليك بصرك شاةً أتبلّغ بها في سفري. فقال: قد كنت أعمى فردّ الله بصري، وفقيرًا فقد أغناني، فخذ ما شئت فوالله لا أجهدك اليوم بشيء أخذته لله. فقال: أمسك مالك فإنّما ابتليتم، فقد رضي الله عنك وسخط على صاحبيك)).

      ويقول الله سبحانه وتعالى: {ياأيّها النّاس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغنيّ الحميد * إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز}.
      ورب العزة عند أن ذكر في سورة (اقتربت الساعة) الأنبياء وتكذيب أممهم وما فعل الله بهم من الدّمار، قال: { أكفّاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزّبر}.

      ونحن نستطيع أن نقول للشيوعيّين وللبعثيّين وللناصريّين، وللحداثيّين وللعلمانيّين: أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر؟!.

      ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {فكلاً أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبًا ومنهم من أخذته الصّيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون}.

      ونحن في بلدنا، وفي يمننا لم تنته بعد فجيعة الزّلزال وضحايا الزّلزال بذمار ، ثم في هذه الأيام الزّلزال بالعدين.

      إن المنكرات الموجودة بالعدين هي موجودة بصعدة.
      وإن المنكرات الموجودة بالعدين هي المنكرات الموجودة بصنعاء.
      وإن المنكرات الموجودة بالعدين هي المنكرات الموجودة بعدن، وبحضرموت، وبغيرها من البلاد، ولكن الله سبحانه وتعالى جعل لنا عبرةً في بلد إخواننا العدينيّين.

      وكثرة الزلازل في آخر الزّمان، تعتبر علمًا من أعلام النبوة، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما في حديث سلمة بن نفيل رضي الله عنه.

      والشأن كل الشأن: هل اعتبرنا؟ وهل رجعنا إلى الله؟ أم صرنا كما يقول ربنا عز وجل: {أولا يرون أنّهم يفتنون في كلّ عام مرّة أو مرّتين ثمّ لا يتوبون ولا هم يذّكّرون}.
      فهل أنكر اليمنيون (مصنع الخمر)؟ وهل تبرّؤا من الحزبيّة؟ وهل تبرّؤا من الديمقراطية؟ وهل تبرّؤا من الفساد الموجود بين أظهرهم؟ بل هل تبرّؤا من الوحدة مع الشيوعيّين؟ فالأمر يحتاج إلى توبة، وإلى رجوع إلى الله عز وجل: {واتّقوا فتنةً لا تصيبنّ الّذين ظلموا منكم خاصّةً واعلموا أنّ الله شديد العقاب}.

      يقول بعض الملاحدة: لا تقل إن الزلزال بسبب الذنوب، فسيصير اليمنيون مذنبين ورب العزة يقول في كتابه الكريم:{وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير}.

      ويقول سبحانه وتعالى: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إنّ ذلك على الله يسير * لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحبّ كلّ مختال فخور}.

      ويقول: { ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤْمن بالله يهْد قلْبه والله بكلّ شيْء عليم?}.

      والزّلزال قد يكون للابتلاء كما قال الله تعالى: {ياأيّها الّذين آمنوا استعينوا بالصّبر والصّلاة إنّ الله مع الصّابرين * ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون * ولنبلونّكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثّمرات وبشّر الصّابرين * الّذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنّا لله وإنّا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربّهم ورحمة وأولئك هم المهتدون}.

      فهل نحن معصومون من الخطأ؟ وهل ننزّل أنفسنا منْزلة الملائكة الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون؟ بل المنكرات طافحة في المجتمع، وصدق الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذ يقول كما في "صحيح البخاري" من حديث النعمان بن بشير: ((مثل القائم على حدود الله والواقع فيها،كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الّذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مرّوا على من فوقهم، فقالوا: لوأنّا خرقنا في نصيبنا خرقًا ولم نؤذ من فوقنا، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعًا)).

      فالمنكرات والفساد موجودان في البلاد اليمنية، كل يوم وهي تتجسّد، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وقد يقول بعض المنحرفين: فما ذنب الأطفال؟ نقول: لقد أخذوا بذنب آبائهم وأهليهم.

      ففي "الصحيح" عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((يغزو جيش الكعبة فإذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف بأوّلهم وآخرهم)) قالت: قلت: يا رسول الله كيف يخسف بأوّلهم وآخرهم، وفيهم أسواقهم ومن ليس منهم؟ قال: ((يخسف بأوّلهم وآخرهم، ثمّ يبعثون على نيّاتهم)).

      وفي "الصحيح" أيضًا من حديث زينب بنت جحش أنّها قالت: استيقظ رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من نومه وهو محمرّ وجهه وهو يقول: ?((لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج)) وعقد بيديه عشرة قالت زينب: قلت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصّالحون؟ قال:((إذا كثر الخبث)).

      ويقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {واسألهم عن القرية الّتي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السّبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرّعًا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون * وإذ قالتْ أمّة منهم لم تعظون قومًا الله مهلكهم أو معذّبهم عذابًا شديدًا قالوا معذرةً إلى ربكم ولعلّهم يتّقون * فلمّا نسوا ما ذكّروا به أنجينا الّذين ينهون عن السّوء وأخذنا الّذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون * فلمّا عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين * وإذ تأذن ربّك ليبعثنّ عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب إنّ ربّك لسريع العقاب وإنّه لغفور رحيم * وقطّعناهم في الأرض أممًا منهم الصّالحون ومنهم دون ذلك وبلوناهم بالحسنات والسّيّئات لعلّهم يرجعون}.

      فقد كثر الخبث: مصنع الخمر، والتبرّج والسفور، فالله أعلم ما سيحدث، دع عنك الخصام بين القبائل الذين لا يحكّمون كتاب الله، ولا سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

      أما الذي يسند الأمور إلى الطبيعة ويقول: حوادث طبيعية، فإذا أراد أن الطبيعة هي المتصرفة فهو كافر.

      ففي "الصحيحين" عن زيد بن خالد الجهنيّ أنه قال: صلّى لنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم صلاة الصّبح بالحديبية على إثر سماء كانت من اللّيلة، فلمّا انصرف النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم أقبل على النّاس فقال: ((هل تدرون ماذا قال ربّكمْ))؟ قالوا: الله ورسوله أعلم؟ قال: ((أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأمّا من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأمّا من قال: بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب)).
      وفي "الصحيحين" عن عائشة وابن عباس وغيرهما رضي الله عنهم، أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((إنّ الشّمس والقمر لا يكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنّهما من آيات الله يخوّف الله بهما عباده، فإذا رأيتم كسوفًا فاذكروا الله حتّى ينجليا)).

      ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {إنّ الله يمسك السّماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنّه كان حليمًا غفورًا} .

      فهل تستطيع أمريكا أن توقف الزّلزال، أو توقف الفيضانات المائيّة، أو تستطيع أن توقف المطر؟ بل لم تستطع في أهون من هذا، وهو علاج مرض ( الإيدز) وعلاج بعض الأمراض الحديثة.
      وحسبنا الله ونعم الوكيل ونعم المولى ونعم النصير."

      و قال في الختام:

      "الخاتمة

      تحصل مما تقدم أن الزّلزال قد يكون ابتلاءً من الله، وقد يكون بسبب الذنوب، ويكون مع هذا كله مقدرًا من الله، وقد تقدمت الأدلة على ذلك، والقائلون: إنّها براكين، إن أرادوا أنّها بقدر الله وبسبب الذنوب أو الابتلاء فلا تنافي بين هذا وما تقدم، وإن أرادوا أنّها حوادث طبيعية فهذا هو الذي يخالف الكتاب والسنة ويخالف أيضًا السنن الكونيّة في انتقامه سبحانه من أعدائه، وقد تقدم تفنيد ذلك وأنه إلحاد في آيات الله، وفي "الصحيحين" عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((إذا رأيتم الّذين يتّبعون ما تشابه منه، فأولئك الّذين سمّى الله فاحذروهم)).

      آمنا بالله وبكتابه وقدره، وكفرنا بما يقول الملحدون، وحسبنا الله ونعم الوكيل".

      قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموعه" في -باب صلاة الكسوف-:

      "والزلازل من الآيات التي يخوف الله بها عبادة، كما يخوفهم بالكسوف وغيره من الآيات، والحوادث لها أسباب وحكم، فكونها آية يخوف الله بها عباده، هي من حكمة ذلك‏.‏

      وأما أسبابه‏:‏ فمن أسبابه انضغاط البخار في جوف الأرض، كما ينضغط الريح والماء في المكان الضيق‏.‏ فإذا انضغط طلب مخرجا، فيشق ويزلزل ما قرب منه من الأرض‏.‏

      وأما قول بعض الناس‏:‏ إن الثور يحرك رأسه فيحرك الأرض، فهذا جهل، وإن نقل عن بعض الناس، وبطلانه ظاهر، فإنه لو كان كذلك لكانت الأرض كلها تزلزل، وليس الأمر كذلك‏.‏ والله أعلم‏.‏"
      التعديل الأخير تم بواسطة أبو ندى فريد العاصمي; الساعة 25-Mar-2008, 04:36 PM.

      تعليق


      • #4
        ماشاء الله جمع مبارك ورحم الله شيخنا مقبل بن هادي الوادعي.
        والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

        تعليق


        • #5
          ونظرا لكثرة الفيضانات والله المستعان ،سأرفع الموضوع لعلّ القرّاء يستفيدون منه.
          اللهم إنا نسألك توبة نصوحة قبل الممات ياأرحم الراحمين.

          تعليق


          • #6
            رد العلامة ابن عثيمين على من نسب أسباب الزلازل إلى غضب الطبيعة.

            رد العلامة ابن عثيمين على من نسب أسباب الزلازل إلى غضب الطبيعة.

            الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور والحمد لله الذي يقدر على عباده ما فيه الحزن والسرور فبيده ملكوت السماوات والأرض وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله أصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثير.
            أما بعد:
            أيها المسلمون فإنه لا إنكار أن الله خلق السماوات والأرض حتى عند المشركين الكافرين بالله ورسوله (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ) إن الكفار وهم على كفرهم وشركهم يقرون بأن الله تعالى خالق السماوات والأرض وإذا كان الله خالق السماوات والأرض فهو المتصرف فيهما كما يشاء بيده ملكوت السماوات والأرض ومن رحمته بعباده ومن نعمته عليهم أن جعل لهم الأرض قراراً يقرون فيها وجعل لها رواسي وبارك فيها وقدر فيها أقواتها وجعلها ذلولاً لعباده يسيرون فيه حيث يشاءون يكتسبون الرزق من فضله من فضله عز وجل فإذا أراد أن يريهم آية من آياته تبين قدرته عز وجل وتبين أنه غير غافل عن عباده وعن أعمالهم أخلف هذه العادة وجعلها تهتز أو تنخسف قال الله عز وجل : (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ) فلا أحد يقدر على تغير هذا الأمر أن يأتي الأمر من تحت أرجلنا بالخسف أو بالزلزال ولا أدل على ذلك من ضعف بني آدم وعجزهم أن أن يحدث الزلزال بدون أن يشعر به الناس : ( يَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) ولكن الخطأ كل الخطأ أن ينسب ذلك إلى الطبيعة دون أن ينسب إلى الخالق عز وجل ولا ينسبه إلى الطبيعة إلا من كان جاهلاً بالله عز وجل جاهلاً بآيته ولا شك أن هذا الزلزال الذي يصيب بعض مناطق الأرض لاشك أنه ناشئ بقدر الله عز وجل وبقدرته وتدبيره وإن كان الله تعالى قد يجعل له أسباب طبيعية تثيره وتهيجه لكن من خلق هذه الأسباب أليس هو الله وحده إن هذا هو الجواب الصحيح وعلى هذا فالواجب على المسلمين أن يتخذوا من هذه الزلازل عبره يتعظون بها ويرجعون بها إلى الله ولا شك إن ما يصيب الناس من المصائب فإنه بذنوبهم كما قال الله عز وجل : (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) وقال الله تعالى يخاطب الصحابة رضي الله عنهم حين أصابهم ما أصابهم في غزوة احد قال لهم : ( أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ) أيها المسلمون إن الواجب علينا أن نتخذ من ذلك عبرة وأن نتوب إلى الله ونرجع إليه وأن نخشى أن يصيبنا إذا نحن ظلمنا أنفسنا ما أصاب غيرنا من هذه الزلازل المدمرة وإن كثيراً من الناس يجادل فيقول إن المصائب قد تكون من غير الذنوب ثم يضرب لذلك مثلاً بما أصاب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ولكن هذا ما هو إلا جدل كما قال الله عز وجل في الذين يجادلون في عيسى بن مريم ما ضربوه لك إلا جدلا إننا نعلم أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام حالهم مستقيمة حالهم صالحة معصومون على الإقرار عن الإثم والعدوان وأنهم أشرف الخلق عند الله عز وجل ولكن الله يصيبهم بعض المصائب لينالوا أكمل درجات الصبر فإن الصبر منزلة عالية أراد الله عز وجل أن تتحقق لبعض الرسول عليهم الصلاة والسلام فيصيبهم بالمصائب حتى يكملوا درجات الصبر الثلاثة وهي الصبر على طاعة الله والصبر عن معصية الله والصبر على أقدار الله المؤلمة أما أمم ظالمة معتدية أمم فيها من يحارب دعاة الحق أمم فيها من يحكم غير كتاب الله وسنه رسوله فإنه إذا أصابتهم مثل هذه الأمور فإننا نعلم علم اليقين أن هذا بسبب الذنوب وعليهم أن يرجعوا إلى الله عز وجل وأن يستعتبوا من ذنوبهم كما علينا نحن جميعاً أن نحذر ونخاف أن يصيبنا ما أصاب غيرنا من هذه الزلازل أيها المسلمون وإن زلزلت هذه الزلازل بعض قلوب الناس فيا أسفاه أن لا تحرك من القلوب ساكناً زلزلت الدين والأخلاق التي يبثها أعداءنا لنا في كل وقت وحين وإن زلزلت الإيمان من القلوب وزلزلت اليقين من القلوب وزلزلت الأخلاق من القلوب بما يبث في وسائل الإعلام وغيرها إنه عندنا أكبر من هذه الزلازل لأن هذه الزلازل إن أصابت فإنما تصيب الناس وغاية ما يكون الموت الذي هو مآل كل حي ولكن زلازل القلوب والإيمان والأخلاق زلازل تبقي الأمة أمة هالكة أمة كالبهائم يتمتعون كما تتمتع الأنعام فاتقوا الله أيها المسلمون واحفظوا دينكم احفظوا دينكم وأخلاقكم عن محارم الله عز وجل احذوا أعداءكم من النصارى واليهود والوثنين والشيوعيين والمنافقين وغيرهم كونوا أمة صالحة كونوا أمة يقظة كونوا أمة لا ترعى ولا تراعى إلا مستقبلها المحتوم وهو يوم القيامة الذي هو مآل كل حي إن الدنيا مهم طالت بكم ومهما نعمة لكم فإنما هي زائلة إما أن تزول من بين أيديكم بالخسارات والنفقات والنكبات وإما أن تزولوا عنه هذا هو الحقيقة فاتقوا الله عباد الله أقبلوا إلى الله أعينوا من أطاع الله كونوا مع دعاة الحق كونوا مع الأمرين بالمعروف والناهيين عن المنكر وكونوا عباد الله إخوانا لا تتفرقوا لا تختلفوا لا تتحاسدوا إذا أنعم الله على أحدكم بنعمة فأسالوا الله من فضله فإن ذلك هو الطريق الصحيح لا تكرهوا نعم الله على غيركم فإن ذلك هو الحسد الذي يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب أيها المسلمون أمة محمد إنكم بقية في الأرض فاتقوا الله عز وجل في هذه البقية اتقوا الله في أنفسكم أرجعوا إلى دينكم رجوعاً جميلا أحسنوا معاملتكم مع الله يحسن الله ما بينكم وبين الله فإن الإنسان متى ما أصلح ما بينه وبين الله فإن الله يصلح ما بينه وبين الناس وإن الإنسان إذا أفسد ما بينه وبين الله فإنه لن يصلح ما بينه وبين الناس مهما بلغ من القوة ومهم أوتي من السلطة إنه لا إصلاح بين الإنسان وبين الخلق إلا إذا أصلح ما بينه وبين ربه اللهم إن نسألك في مقامنا هذا أن تصلح قلوبنا اللهم أصلح قلوبنا اللهم أصلح قلوبنا اللهم اصلح ما بيننا وبينك حتى يصلح ما بيننا وبين عبادك يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم اللهم أبرم أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك اللهم أعز أهل طاعتك اللهم أعز أهل طاعتك اللهم أعز أهل طاعتك اللهم أذل أهل معصيتك اللهم أذل أهل معصيتك اللهم أذل أهل معصيتك اللهم من أراد بالمسلمين سوء فاجعل كيده في نحره وشتت شمله وفرق جمعه وأكشف سره وأفضح أمره يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم اللهم إن نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العليا يا ذا الجلال والإكرام يا جبار يا قوي يا عزيز نسألك اللهم أن تنزل بأسك بالقوم المجرمين اللهم أنزل بأسك بالقوم المجرمين اللهم أنزل بأسك بالملحدين اللهم أنزل بأسك بالمنافقين اللهم أنزل بأسك بمن أراد بنا سوءاً يا رب العالمين اللهم أنصر المسلمين في كل مكان اللهم أنصر المسلمين في كل مكان اللهم أنصر المسلمين في كل مكان اللهم لا تسلط عليهم أعداءهم اللهم أهزم أعداءهم يا ذا الجلال والإكرام اللهم أنصر المسلمين في البوسنة والهرسك اللهم دمر أعداءهم اللهم أردد أعداءهم على أعقابهم يا ذا الجلال والإكرام بمنك وقوتك اللهم منا وأعداء إخواننا المسلمين من اليهود والنصارى فأفسد عليه أمره وشتت شمله واجعل بأسهم بينهم وأفسد عليهم أمورهم يا رب العالمين اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم ومن شر كل ذي شر يا رب العالمين ربنا أغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاّ للذين آمنوا ربنا إنك رؤف رحيم عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وآيتا ذو القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون وافوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزيدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .

            المصدر : موقع الشيخ رحمه الله

            تعليق


            • #7
              كثرة الزلازل علامة من علامات قروب الساعة .

              كثرة الزلازل علامة من علامات قروب الساعة
              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
              : بسم الله الرحمن الرحيم
              إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله- الشيخ يكلم أحدهم : إجلس يا أخي بارك الله فيك ، إجلس لا تتخطّى إخوانك - (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مسلمون ))(( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رقيبا))((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سديدا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا )) أما بعد ،،


              فإن أصدق الحديث كلام الله تعالى ، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ، أما بعد ،،


              أيها المسلمون نسأل الله جل وعلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يحفظنا والمسلمين جميعا ، أن يحفظ بلدنا هذا وسائر بلاد المسلمين من الزلازل والمحن ومن الفتن ما ظهر منها وما بطن ..


              إن حال المسلم ينبغي أن يكون متميزاً عن غيره من الناس لأنه يعيش لله وبالله - تبارك وتعالى - يعيش على وِفق المنهج الرباني الذي ارتضاه الله جل وعلا للعباد ، يعيش بإسلامه وبدينه وبإيمانه طائعاً لله جل وعلا في كل حال وعلى كل حال ، في حال السرّاء والضراء وليس هذا إلا للمؤمن .



              في الأيام الماضية وصلنا خبر ذلك الزلزال المروِّع الذي أصاب أرضاً بعيدة عنا ، هي أرض من أرض الله جل وعلا وكان حجم الدمار فيه هائلا ، هذا يذكرنا بفاجعة أو بفاجعات مرَّت بنا ، مِنّا من فقد فيها حبيباً أو قريبا ، ولكننا في كل حال نحمد ربنا - تبارك وتعالى - ونسأله السلامة في الدين والدنيا . وإن من الوقفات التي ينبغي أن يقفها المؤمن عند سماع مثل هذه الأخبار ، هو أن يتذكر دائماً وأبدا أن الله جل وعلا عدلٌ في أحكامه وفي قضائه وقدره ، وأن الله جل وعلا لا يبتلي العباد إلا بما كسبته أيديهم ، وأن الذنوب والمعاصي كلها مشئومة ، وعواقبها وخيمة ، ما ينزل بالناس من بلاء، من نقم وعذاب إلا هو بما كسبت أيديهم فإن الله جل وعلا غني عن عقاب الناس جميعا كما قال ربُّ العزة والجلال (( مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ )) هذه الذنوب والمعاصي من عواقبها الوخيمة في الدنيا ، نِقم الله جل وعلا وعذابه الذي يسلطه على الناس لعلهم يرجعون لأنه من عقاب الدنيا ، فيه تذكير لهم ، وفيه دعوة لهم للرجوع إلى ربهم والتوبة إليه والإنابة ممّا سلف من المعاصي والآثام ، قال الله - تبارك وتعالى - (( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ )) أنظر إلى رحمة الله جل وعلا بالعباد ، هؤلاء الذين يجهرون بالمعاصي ويبارزون ربهم جل وعلا بأنواع الفساد كلها وما الفساد إلا معاصي الله جل وعلا ، قال أبو العالية - رحمة الله جل وعلا عليه - (من عصى الله في الأرض فقد أفسد فيها ) أي فقد أفسد في الأرض .


              هذا الفساد الذي ذكره الله جل وعلا في هذه الآية الكريمة هو معاصي العباد وذنوبهم التي كانت سبباً لعقاب ربهم جل وعلا قال (( لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا )) يعاقبهم على البعض ، وإلا لو عاقبهم على الكل ما ترك عليها من دابة ، ولكن الله جل وعلا رؤوف رحيم ، ولكن الله - تبارك وتعالى - رحمته واسعة وسعت كل شيء ، وسعت حتى العصاة والمذنبين الذين يعصون ربهم جل وعلا على ما يُكرِم به عليهم من أنواع النِّعم والأرزاق التي ينزلها عليهم جل وعلا قال ((لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ )) لعل هذا يكون تذكيراً لهم ، والله جل وعلا ما يرسل الآيات إلا تخويفا ، من الآيات : الكسوف والزلازل وهذه الآيات الكونية التي يراها الناس اليوم ، وقد كثرت في هذاالزمان وهذا دليلٌ وعلامة من علامات دُنو الساعة وقرب أجلها - نسأل الله جل وعلا السلامة لنا في الدين والدنيا - والله جل وعلا إنما يبتلي العباد ويُغيِّر من أحوالهم من أمن إلى خوف ومن رزق إلى مجاعة بسبب ما كسبت أيديهم ، (( وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ )) بما كانوا يصنعون ، بما كسبت أيديهم ، كانت قرية مطمئنة ، قال أهل التفسير : المقصود بها هي مكة ، هذا البلد الآمن الذي أمَّنه الله جل وعلا والذي بارك فيه والذي تُجبى إليه الثمرات من كل مكان ، أهله كفروا بنعم الله ، كفروا بالله - تبارك وتعالى - كفروا ببعثة النبي - عليه الصلاة والسلام - فابتلاهم الله جل وعلا بالمجاعة ، أصابتهم سنين وابتلاهم الله جل وعلا بالخوف وقد كانوا آمنين ، يخافون من جند الله جل وعلا ومن أصحاب رسول الله - عليه الصلاة والسلام - ومن سراياه التي كان يبعث بها تخويفاً للمشركين ، بسبب ماذا ؟ بسبب ما صنعوا ، كفروا بنعم الله ومن أعظم نِعم الله عليهم أن بعث فيهم رسولاً من أنفسهم ، أكرمَهم الله جل وعلا وشرَّفهم ببعثته فيهم ولكنهم كفروا النعمة ، كفروا هذه النعمة العظيمة وبغيرها من نِعم الله جل وعلا عليهم ..


              الواجب على المسلمين جميعا أن يحذروا من هذا المنقلب السيِّء ومن هذا التحول في أحوالهم وأن يعتقدوا دائماً وأبدا ويوقنوا يقيناً جازما أن الله - تبارك وتعالى - قد يصيبهم ما أصاب غيرهم ، قد يصيبهم كما أصاب غيرهم ممَّن سبقهم أو ممَّن هم يعايشونهم في البلدان هنا وهناك (( أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ )) أفأمنوا مكر الله ؟ : والخطاب موجَّه للناس جميعا لبَرِّهم وفاجرهم، لمؤمنهم وكافرهم .


              المسلم يجب عليه أن يتغير حاله وأن يجد في قلبه إذا رأى مثل هذه المعاصي والذنوب ، وأن يخاف من سوء العاقبة التي هي سُنة من سُنن الله جل وعلا في الخلق جميعا ، في الأمم كلها ، الله جل وعلا رحم هذه الأمة ببركة دعاء نبيها - عليه الصلاة والسلام - لا يصيبها الله جل وعلا بالعذاب العام الذي يأتي على أوَّلها وأخرها ولكنها تُبتلى كما ابتليت الأمم السابقة ، يكون فيها الخسف والمسخ وتكون فيها الزَّلازل كما أخبر بذلك الصادق المصدوق وهذا دليلٌ من أدلة صدق نُبوَّته - بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام - فإنه قال :" سيكون في هذه الأمة خَسفٌ ومسخ وقذف إذا ظهرت القِيان والمعازف وشُربت الخمور " وهو صحيح ، سيظهر في هذه الأمة أنواع هذه العقوبات كلها من المسخ والقذف والخسف ، بسبب ماذا ؟ قال - عليه الصلاة والسلام - : " إذا ظهرت القيان والمعازف " وما أكثر ظهورها ؟وما أشد انتشارها ؟ أي بلد من بلاد الإسلام لا تجدون فيه المئات بل الألاف من المغنيين والمغنيات والعازفين والعازفات ؟ بل إن لهذا المنكر معاهد يُدرَّس فيها ويُعلم بل إن هذا الفساد يُفرض على أبناء المسلمين في برامجهم التي يسمونها البرامج التعليمية ، نسأل الله جل وعلا أن يرحمنا برحمة منه وأن يتجاوز عن سيئاتنا وأن لا يؤاخذنا بما فعل السفهاء منا إنه بنا رؤوف رحيم ..


              إن الواجب على المؤمن إخوة الإيمان وهو يرى ويسمع بمثل هذه الأخبار ، ويرى من حوله حاله أولاً ، وحال الأمة من حوله أن يخاف من ربه - تبارك وتعالى - ، أن يخاف من عقابه عز وجل .


              واسمع إلى الصالحين من هذه الأمة ، إذا عاشوا مثل هذه الآيات ، هذا عمر رضي الله تعالى عنه وأرضاه لمَّا وقعت هزة في المدينة ( أو هزة أرضية كما يسميها الجغرافيون عندنا ) على عهده رضي الله تعالى عنه وأرضاه جاء إلى أم المؤمنين عائشة - رضي الله تعالى عنها - وسألها ، فماذا قالت له ؟؟ قالت - رضي الله تعالى عنها :" كَثُرت الذنوب في المدينة " قالت هذا الكلام عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم - وأحب نسائه إليه ، بنت الصِّدّيق - رضي الله تعالى عنهما - قالت هذا لعمر - رضي الله تعالى عنه - وقالت هذا في المدينة في زمن الصحابة ، في الزمن الأول ، الزمن المفضّل الذي قال فيه - عليه الصلاة والسلام - "خير الناس قرني " ، قالت : كثرت الذنوب في المدينة ، فماذا كان من عمر رضي الله تعالى عنه ؟ قال :- قال الراوي - : جمع الناس وقال لهم : " والله ما رجفت المدينة إلا بذنب أحدثتُه أو أحدثتموه ، والله لئن عادت لا أُساكِنُكم فيها أبدا "، الله أكبر على هؤلاء الرجال ، ما رجفت المدينة وهي خير الأرض بعد مكة ، ما رجفت المدينة إلا بسبب ذنب أحدثتُه - أي عمر رضي الله تعالى عنه - إتهام النفس قبل اتِّهام الغير ، هذا هَديهم ودَيدَنهم أو أحدثتموه أنتم ، لئن عادت أي لئن رجفت مرة أخرى ، وكانت رجفة يسيرة كما يقول أهل التأريخ لأنها لم تُحدِث مثل هذه الأضرار التي تحدثها الزلازل في هذه الأيام ، والزلازل آية من آيات الله وهي من الآيات التي تكون عند قيام الساعة ، عند قيام الساعة تُزَلزَلُ الأرض ، تزلزل الأرض وتُدَكّ ويخسف القمر وتنتثر النجوم في السماء ، هَوْلٌ عظيم وفزع كبير ، نسأل الله جل وعلا السلامة وأن يختم لنا بالصالحات إنه سميعٌ مجيب ، ألا نخاف الله جل وعلا ونحن على هذا الحال ؟؟ لعب ولهو وتتبُّع لأخبار اللاعبين واللاعبات و والمغنين والمغنيات ، ثم تمُر علينا مثل هذه الأحداث ولا نعتبر ولا نتَّعظ ولا نعود ولا نُنيب ولا نخاف من الله جل وعلا . قال كعب رضي الله تعالى عنه وأرضاه ( أي : كعب الأحبار ) إنما تُزَلزَل الأرض بما عُمِل فيها من المعاصي فترعَد خوفاً من الربِّ جل وعلا أن يطَّلع عليها ، هذا قوله - رضي الله تعالى عنه وأرضاه - إن صحَّت نسبته إليه . وبيَّن النبي - عليه الصلاة والسلام - أن كثرة الزلازل علامة من علامات قروب الساعة ، فقد صح عنه - عليه الصلاة والسلام - أنه قال :" لا تقوم الساعة حتى يُقبَض العلم وتكثر الزلازل ويتقارب الزمان وتظهر الفتن ويكثر الهرج " قالوا : ما الهرج يا رسول الله ؟ قال : القتل القتل .


              نسأل الله جل وعلا أن يعصم دماء المسلمين وأن يأخذ بأيدينا إلى طاعته وأن يوفقنا للتوبة الصادقة إليه إنه سميع مجيب الدعاء ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم وسبحانك اللهم وبحمدك .التي كانت سبباً لعقاب ربهم جل وعلا قال (( لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا )) يعاقبهم على البعض ، وإلا لو عاقبهم على الكل ما ترك عليها من دابة ، ولكن الله جل وعلا رؤوف رحيم ، ولكن الله - تبارك وتعالى - رحمته واسعة وسعت كل شيء ، وسعت حتى العصاة والمذنبين الذين يعصون ربهم جل وعلا على ما يُكرِم به عليهم من أنواع النِّعم والأرزاق التي ينزلها عليهم جل وعلا قال ((لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ )) لعل هذا يكون تذكيراً لهم ، والله جل وعلا ما يرسل الآيات إلا تخويفا ، من الآيات : الكسوف والزلازل وهذه الآيات الكونية التي يراها الناس اليوم ، وقد كثرت في هذاالزمان وهذا دليلٌ وعلامة من علامات دُنو الساعة وقرب أجلها - نسأل الله جل وعلا السلامة لنا في الدين والدنيا - والله جل وعلا إنما يبتلي العباد ويُغيِّر من أحوالهم من أمن إلى خوف ومن رزق إلى مجاعة بسبب ما كسبت أيديهم ، (( وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ )) بما كانوا يصنعون ، بما كسبت أيديهم ، كانت قرية مطمئنة ، قال أهل التفسير : المقصود بها هي مكة ، هذا البلد الآمن الذي أمَّنه الله جل وعلا والذي بارك فيه والذي تُجبى إليه الثمرات من كل مكان ، أهله كفروا بنعم الله ، كفروا بالله - تبارك وتعالى - كفروا ببعثة النبي - عليه الصلاة والسلام - فابتلاهم الله جل وعلا بالمجاعة ، أصابتهم سنين وابتلاهم الله جل وعلا بالخوف وقد كانوا آمنين ، يخافون من جند الله جل وعلا ومن أصحاب رسول الله - عليه الصلاة والسلام - ومن سراياه التي كان يبعث بها تخويفاً للمشركين ، بسبب ماذا ؟ بسبب ما صنعوا ، كفروا بنعم الله ومن أعظم نِعم الله عليهم أن بعث فيهم رسولاً من أنفسهم ، أكرمَهم الله جل وعلا وشرَّفهم ببعثته فيهم ولكنهم كفروا النعمة ، كفروا هذه النعمة العظيمة وبغيرها من نِعم الله جل وعلا عليهم ..



              نسأل الله جل وعلا أن يعصم دماء المسلمين وأن يأخذ بأيدينا إلى طاعته وأن يوفقنا للتوبة الصادقة إليه إنه سميع مجيب الدعاء ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم وسبحانك اللهم وبحمدك .
              مادة مفرغة لفضيلة الشيخ لزهر سنيقرة حفظه الله
              __________________
              المصدر

              تعليق


              • #8
                رد: نريد جمع فتاوى اهل العلم في اسباب الزلازل. زلزال يهز العاصمة في يوم الأربعاء على الساعة 4و32 دقيقة اللهم غفرا غفرا

                بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد أردت أن جمع فيما يخص الزلازل فوجدت هذا الجمع المبارك لعلماء السنة السلفين رحم الله العلماء وكل من ساهم وجمع هذا الجمع المبارك .بسب الزلزال الذي هز العاصمة الجزائرية على بعد حوالي 35كم في الساعة 4و32دقيق بدرجة 8.3 على سلم رشتر وهو اليوم الأربعاء27ذو الحجة 1432 والله المستعان وكنت أن أنقل عن علمائنا فيما يخص الزلزال فكفيت مؤنت ذلك ولله الحمد أولا وآخرا وهذا اختصار واعتصار لكلام العلماء في هذا الجمع المبارك 1كل ما يقع في الكون بقضاء الله وقدره وتدبيره ولا يخرج عن ملكوته وله في ذلك الحكمة البالغة جل وعلى .2 الزلازل من أشرط الساعة كما أخبر بذلك الصادق المصدوق صلواة ربي وسلامه عليه وذلك دليل وعلم من أعلام نبوته .3 الزلازل دليل على قدرة وعظمة الله جل وعلى ألا تسمع كيف تهلك المدن الكبرى والمباني العضيمة في لمح البصر سبحان ربي العظيم لااله الاهو أستغفره وأتوب اليه .4 الزلازل تحذير لكل عاقل على أن يستعمل نعم الله في طاعته ومرضاته وعبادته عتى لا تؤل النعم الى نقم فيهلك بعذاب الله ومنها الزلازل فيندم ولا ينفع الندم .5 سبب الزلازل الأول والأخير الذنوب والمعاصي فما وقع عذاب الا بذنب وما رفع الا بتوبة .6 الحذر والمراقبة الدائمة لمكر الله ولا يامن مكر الله الا القوم الخاسرون اللهم لا تجعلنا منهم وتجاوز عنا بعفوك وجودك ورحمتك يا أرحم الراحمين آمين وذلك بما يرى ويسمع على هلاك وتدمير هذه الزلازل للمدن والقرى التي عصت الله ورسوله .7انتشار سنة الأمربالمعروف واحيائها حتى لا يعم العذاب .8 قلت وانحصار المعاصي بسب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وما يشاهده العصاة من عذاب الله وما يحدث لهم من توبة وانابة ورجوع الى الله .9 الخوف من الله والرجوع اليه ودعائه والانابة اليه والانكسار و الانطراح بين يديه ودعائه والتضرع وصدق اللجوء اليه .10وهناك صنف نسأل الله السلامة والعافية لا يرتدعون حتى يعذبهم الله ويعمهم نسال الله العافية وهذا الصنف قد ختم الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم

                تعليق


                • #9
                  الزلازل دروس وعبر
                  الحمد لله رب العالمين،والصلاة والسلام على رسوله الأمين،وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
                  أمَّا بعدُ:
                  أيُّها النَّاسُ: إن الساعة قد اقتربت، وظهر كثير من علاماتها وأشرا طها؛ فمن أشراطها وعلاماتها؛ ما نرى ونسمع في هذه الأيام من كثرة الزلازل، وهذا مصداق ما أخبرنا به النبي-صلى الله عليه وسلم-؛ كما في حديث أبي هريرة-رضي الله عنه-,قال: قال رسولُ الله-صلى الله عليه وسلم-:(لا تقوم الساعة حتى تكثر الزلازل) رواه البخاري.وعن أبي هريرة-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-:(لا تقوم الساعة حتى يُقبض العلم,ويتقارب الزمان,وتكثر الزلازل ، وتظهر الفتن ، ويكثر الهَرْج). قيل: وما الهَرْج يا رسول الله؟ قال: (القتل القتل) رواه البخاري.وها أنتم ترون كثرتها وتتابعها في هذا الزمن مصداقاً لقول نبينا-صلى الله عليه وسلم-. ولا تزال نذر الله -تعالى- إلى عباده متتابعة، وبصور متعددة، وأشكال مختلفة متنوعة، فتارة تأتي على شكل رياح مدمرة، وتارة على شكل فيضانات مهلكة، وتارة على شكل حروب طاحنة، وتارة عبر زلازل مروعة؛ وهذه النذر التي يرسلها الله على عباده,ومنها الزلازل لله فيها حكم بالغة،وعظات مؤثرة، وعبر كثيرة،ودروس متكاثرة، فما هي هذه الدروس والعبر؟ هذا ما سنتحدث عنه في هذه الدقائق المعدودة- بإذن الله تعالى-؛ فمن هذه الدروس والعبر؛ بيان عظمة قدرة الله -عز وجل-، فهو القادر- سبحانه- على كل شيء، وإذا أراد شيئاً فإنما يقول له كن فيكون؛ قال –تعالى-:{قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ}سورة الأنعام: 65. ومن هذه الدروس والعبر التي نأخذها من هذه الزلازل أنها عقوبة ورحمة؛ عقوبة من الجبار -جل جلاله- يُرسلها على الكفار والعصاة؛ يُخوِّفهم بها، ويُوقظهم بها من رقدة الغفلة، لعلهم يتوبون إليه، قال-تعالى-:{أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}سورة المائدة(74).وقال-تعالى-:{وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا} سورة الإسراء: 59. وقال-تعالى-:{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} سورة النــور: 31.قال العلامة ابن القيم-رحمه الله-:وقد يأذن الله-سبحانه-للأرض في بعض الأحيان فتحدث فيها الزلازل العظام فيحدث من ذلك الخوف والخشية والإنابة والإقلاع عن المعاصي والتضرع إلى الله–سبحانه-والندم؛كما قال بعض السلف وقد زلزلت الأرض...: إن ربكم يستعتبكم. وقد بين أسباب هذه الزلازل من لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى-صلى الله عليه وسلم-؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: (إذا اتخذ الفيء دولاً، والأمانة مغنماً، والزكاة مغرماً، وتعلم لغير الدين، وأطاع الرجل امرأته، وعق أمه، وأدنى صديقه، وأقصى أباه، وظهرت الأصوات في المساجد، وساد القبيلة فاسقهم،وكان زعيم القوم أرذلهم، وأكرم الرجل مخافة شره، وظهرت القينات والمعازف، وشربت الخمور، ولعن آخر هذه الأمة أولها؛ فليرتقبوا عند ذلك ريحاً حمراء، وزلزلةً وخَسْفاً، ومَسْخاً وقَذْفاً، وآيات تتابع كنظامٍ بالٍ قُطِعَ سلكه فتتابع)1. وذكر الإمام أحمد عن صفية,قالت: زُلزلت المدينة على عهد عمر,فقال:أيُّها النَّاسُ، ما هذا؟ ما أسرع ما أحدثتم. لئن عادت لا تجدوني فيها. و ذكر ابن أبي الدنيا عن أنس بن مالك: أنه دخل على عائشة هو ورجل آخر، فقال لها الرجل: يا أُمَّ المؤمنينَ حَدِّثينا عَنِ الزَّلزلةِ؟,فقالتْ: إذا استباحُوا الزِّنا، وشربوا الخمور، وضربوا بالمعازف،غار الله -عز وجل- في سمائه،فقال للأرض: تزلزلي بهم، فإنْ تابُوا ونزعوا،و إلا أهدمها عليهم،قال: يا أم المؤمنين، أعذاباً لهم؟ قالت: بل موعظة ورحمة للمؤمنين، ونكالاً وعذاباً وسُخْطاً على الكافرين...2. وهي رحمة يُرسلها على المؤمنين ليمتحنهم وليثيبهم وليرفع درجاتهم؛ فقد روى الإمام أحمد من حديث أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إذا ظهرت المعاصي في أمتي عمَّهم اللهُ بعذابٍ مِنْ عندِهِ).فقلت: يا رسول الله، أما فيهم يومئذٍ أناس صالحون؟قال: (بلى) قلت: كيف يصنع بأولئك؟قال:(يُصيبهم ما أصاب النَّاسَ، ثم يصيرون إلى مغفرةٍ من اللهِ ورضوان)(3).فاتقوا الله-عباد الله-واعتبروا بما يجري حولكم، وتوبوا إلى ربكم،وتذكروا قولَ ربِّكم-جل جلاله-:{قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ * وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ * لِكُلِّ نَبَأٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ}سورة الأنعام: 65-67.بارك الله لي ولكم بالقرآن الكريم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

                  الخطبة الثانية:
                  الحمد لله الذي خلق فسوى، والذي قدر فهدى، أحمده سبحانه على نعمه التي لا تُحصَى، والصلاة والسلام على النبي المصطفى، محمد وعلى آله وصحبِهِ ومن اقتفى.
                  أمَّا بعدُ:
                  أيُّها المسلمون: كتب عمر بن عبد العزيز-رحمه الله- إلى الأمصار كتاباً جاء فيه:أما بعد: فإن هذا الرجف شيء يعاتب الله-عز وجل- به العباد ، وقد كتبت إلى سائر الأمصار أن يخرجوا في يوم كذا، فمن كان عنده شيء فليتصدق به فإن الله-عز وجل- قال:{قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} سورة الأعلى: 14-15. وقولوا كما قال آدم:{قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} سورة الأعراف: 23.وقولوا كما قال نوح: {وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ} سورة هود:47. وقولوا كما قال يونس عليه السلام: {لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} سورة الأنبياء: 874. وما وقع ويقع بالناس مما يكرهون فإنما هو من جراء ذنوبهم؛ كما قال-تعالى-:{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} سورة الروم:41. فكل ما يحدث على هذه المعمورة من الزلازل مدمرة،وحروب طاحنة، وفيضانات مُهلكة إنما هو بسبب الذنوب والمعاصي؛ كما قال الله-تعالى-:{وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} سورة الشورى:30. وقال-سبحانه-:{فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} سورة العنكبوت:40. وما أكثر ذنوبنا اليوم من انتهاك حرمات الله وتعدي حدوده، وتضييع وتفريط في أوامر الله تعالى وواجباته؛ فترك للصلاة بالكلية، وتهاون بالصلاة في المسجد مع جماعة، وأكل للربا.
                  وأشد من ذلك ما آل إليه حال النساء من تبرج وسفور، وهجر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعدم التواصي به والقيام بحقه، والذي يعتبر بوابة أمان للمجتمع من عذاب الله -تعالى- ومكره، ومن البلايا والرزايا التي جمعت الشرور، ولم يفرح الشيطان بمثل ما فرح بها، تلك الأطباق السوداء (الدشوش) التي فعلت فعلها في الأمة من مسخ لهويتها، وهتك لأخلاقها،-ولا حول ولا قوة إلا بالله-؛ فإننا مع هذه المعاصي المنكرة – عباد الله- لنخشى أن تنزل علينا عقوبة الله بسبب أمننا من مكر الله -تعالى-وعقوبته، قال تعالى: {أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ} سورة النحل:46-45.{أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ} سورة الأعراف: 97.فيا من تعصي الله!! عُدْ إلى ربِّك،وأحسن الظن به،وجد وجاهد نفسك في طاعة الله، واعلم أنه لن تنفعك الضحكات، ولا الأغاني والمسلسلات، ولا الصحف والمجلات، ولا الأهل والأولاد، ولا الإخوان والأصحاب، ولا الأموال، وإنما تنفعك الحسنات والأعمال الصالحات.
                  فـلا تغـرنكَ الـدنيـا وزينَتُهـا* وانظر إلى فعلها في الأهلِ والوطنِ
                  وانظر إلى من حوى الدنيا بأجمَعِهَا* هل راحَ منها بغـيرِ الزادِ والكفنِ
                  يا نفسُ كفي عن العصيان واكتسبي* فعـلاً جميـلاً لعـلَّ اللهَ يرحمني5
                  نسأل الله أن يوفقنا إلى التوبة النصوح، إنه سميع قريب مجيب. اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا. اللهم عاملنا بما أنت أهله، ولا تعاملنا بما نحن أهله، فإنك أهل التقوى وأهل المغفرة. ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.


                  1 - رواه الترمذي (2211) وقال: وفي الباب عن علي وهذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
                  2 - الجواب الكافي صـ( 87-8 بتصرف.
                  3 - رواه أحمد (6/304) .
                  4- انظر الجواب الكافي لابن القيم، صـ(8.
                  5 - انظر مورد الظمآن لعبد العزيز السلمان (3/496).
                  الملفات المرفقة

                  تعليق


                  • #10
                    رد: نريد جمع فتاوى اهل العلم في اسباب الزلازل.

                    جزاكم الله خيرا على هذه النقول الطيبة

                    لكن لمن الخطبة المفرغة التي نقلها الأخ محمد الجزائري ؟؟؟

                    تعليق

                    يعمل...
                    X