إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

نسف اللفظة الدَّاخلة في من رمى الإخوة بالمداخلة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [مقال] نسف اللفظة الدَّاخلة في من رمى الإخوة بالمداخلة

    بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
    الحمد لله وكفى والصَّلاة على نبيِّه الذي اصطفى؛ وبعد:

    فلقد راودني هنا ـ وأنا في خلوةٍ مع نفسي وعقلي؛ تفكيراً وتدبيراً وتعبيراً وتحريراً!! ـ مقالة تلك الأعرابيَّة القديمة التي قالتها هنالك في سمع الزَّمان البعيد والبعيد جداً؛ قالت: "ما فيه إلاَّ تعب الأضراس وخَيْبَة الحَنْجَرة". وقد صدقت ـ والله ـ فيما قالت وأردفت!!!؟
    نعم! قد تعبت ـ والله ـ هذه (الأضراس!!) وهذه (الحناجر!!) لجملة هؤلاء المميَّعين وأهل البدعة والضَّلالة، وكذا من طبقة المثقَّفين والأدباء، وحتَّى من أصحاب الإلحاد، وكذا من رطانة السُّفهاء والأوباش والأوحاش؛ تراهم جميعاً قد اتَّفقوا في النَّيل ـ طبعاً مع رغبةٍ ملحَّة! ـ من أهل السنَّة، والتَّحامل عليهم، وسوء الأحدوثة عنهم ـ أو فيهم ـ بمختلق الإفك وقول الزُّور بين النَّاس، ولا ننسى أيضاً كثرة همزهم ولمزهم وغمزهم ونبزهم؛ بملء ما أوتيوا من قوَّةٍ وصخب، وبملء ما أوتيوا من بغضٍ وغضب، ليطلقونها هكذا في سماء الواقع أنَّهم (مداخلة!!!).
    وما هذا منهم فقط إلاَّ لأنَّهم ـ أي هؤلاء الثلَّة الباقية ممَّن قد أطلقوا عليها بـ (المداخلة!!!) ـ متمسِّكون بسلفيَّتهم النَّقيَّة كما يجب، وبمنهجهم الرَّاقي كما يلزم، وهم مع ذلك كلِّه محتسبون ـ الأجر والثَّواب ـ عند الله بما منيوا به من عداوة هؤلاء المذكورين، ومعرضون فيها عن الجاهلين، وماضون على سبيل سواءٍ من الصَّرامة وقوَّة الشَّكيمة وتحرِّي العدالة وخلاص الحقوق.
    فقولوا يا هؤلاء! يا خصوم (ربيع!!) (مداخلة!!!) ما شئتم، وتفنَّنوا في النَّيل من سلفيَّتهم أيضاً ما أردتم، فلا معنى لذلك عندنا إلاَّ أنَّكم آلة صمَّاء في يد الشَّيطان وطاغوت الهوى كما هو الواقع، تتولُّون بالنِّيابة عنهما زحزحة العقبة الكبرى التي تعترض طريقكم وتعرقل مساعيكم، وتقف سدًّا حائلاً دون تنفيذ بدعكم وضلالاتكم في كلِّ مكان! فقولوا (مداخلة!!!).. وعيِّروهم بما تستطيعون؛ فقد علمنا ـ وعلم غيرنا ـ أنَّه لم يسلم أحدٌ من الكلام عليه وإلقاء التُّهمة بين يديه. ولله درُّ من قال ممَّن وقف على حقيقة الحال:
    قيــــل إنَّ الإلـه ذو ولــــد قيــل إنَّ الرَّســـول قد كهنـا
    ما نجا الله والرَّســول معـا من لسان الـورى فكيف أنا؟
    وقيل:
    تالله لو صحب الإنسان جبريلا لا بدَّ للنَّاس من قالٍ ومن قيلا
    وقول القائل:
    تعجَّبت من هذا الزَّمان وأهله فما أحدٌ من ألسن النَّاس يسلم
    وهذا ابن دريد الأزدي يقول:
    وما أَحدٌ من أَلسُنِ النَّاسِ سالِماً ولو أَنَّــهُ ذاك النَبِيُّ المُطهَّــرُ
    ومع هذا لا يخفى على ذوي الألباب ـ فضلاً عن العامَّة ـ أنَّ مطاعن هؤلاء لمن أطلقوا عليهم بـ (المداخلة!!!) هي أشبه شيء بنبح الكلاب، بل لعمري! إنَّه لصرير أو طنين ذباب.
    فقولوها إذاً وبملء الزَّمان الحاضر أنَّهم (مداخلة!!!)..
    قولوها ـ معشر هؤلاء ـ ولا تتردَّدوا في قولها أو إطلاقها..
    فلا غرابة في ذلك منكم ولا عجب! بل الغرابة والعجب أن يصدر مثل هذا الأمر؛ ممَّن كانوا في الأمس القريب يدَّعون أنَّهم سلفيَّة، ويتبجَّحون بها في كلِّ مكانٍ وزمانٍ وأمام الملأ أنَّهم أصحاب حقٍّ وأصحاب سنَّة، وأنَّهم على المنهج القويم، وأيضاً من أعرف القوم بعمل السَّلف الصَّالح.
    فإذا كنتم وكما تدَّعون وتزعمون! تعلمون بالضَّرورة المعلومة؛ أنَّ أهل البدعة من الفرق الضَّالَّة كانوا يعيِّرون أهل السنَّة قاطبة ـ أو أهل الحديث ـ بشتَّى الألفاظ الشَّنيعة وبمختلف الألقاب المنبوذة انتقاصاً وتحقيراً، وازدراءً وتصغيرا! ومع الإسراف في الذمِّ والتقوُّل عليهم لينفِّروا النَّاس منهم؛ فقالوا عنهم: (الحشويَّة! والنَّابتة! والمجبِّرة! ومشبِّهة! ومجسِّمة! وجهلة! والغثاء! والغثر! والأغبياء) وغيرها. فإنَّ أهل البدعة والضَّلالة كانوا ينبزون أهل السنَّة في ذاك الزَّمان، فصاروا في هذا الزَّمان ـ بعد دعوة الشَّيخ محمَّد بن عبد الوهَّاب ـ يسمُّونهم (الوهَّابيَّة!!!). وفي زمن الإستعمار عندنا نحن في الجزائر بـ (الباديسيَّة!!!).
    حتَّى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لم يسلم من نبز الكفَّار له؛ فقد كانوا ينبزونه بلقبٍ بعيدٍ يقولون عنه: (ابن أبي كبشة!!!) ينسبونه إلى جدٍّ له من الرَّضاعة بعيد؛ لشدَّة عداواتهم له.
    وأنتم على علم بذلك كلِّه، وكذا على درايةٍ بواقع الحال والأحوال، وبما قاله الحاكم في ((معرفة علوم الحديث))(ص/14): "كلُّ من ينسب إلى نوعٍ من الإلحاد والبدع لا ينظر إلى الطَّائفة المنصورة إلاَّ بعين الحقارة ويسمِّيها الحشويَّة".
    وبما قاله أيضاً أبو عبد الله بن قتيبة في ((تأويل مختلف الحديث))(ص/555): "إنَّ أصحاب البدع سمُّوا أهل الحديث بالحشويَّة والنَّابتة والمتجبِّرة والجبريَّة، وسمُّوهم الغثاة. وهذه كلُّها أنباز لم يأت بها خبر عن رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم".
    وما جاء في ((الغُنْيَة))(1/855) لعبد القادر الجيلاني: "أنَّ الباطنيَّة تسمِّي أهل الحديث (حشويَّة) لقولهم بالأخبار وتعلُّقهم بالآثار".
    وما جاء أيضاً في كتاب ((حجَّة الله البالغة))(1/644) للشَّاه الدِّهلوي: "واستطال هؤلاء الخائضون على معشر أهل الحديث وسمُّوهم مجَسِّمة ومشَبِّهة؛ وقالوا: هم المتستِّرون بالبَلْكَفة(1). وقد وضح لديَّ وضوحا بَيِّنًا أنَّ استطالتهم هذه ليست بشيء، وأنَّهم مخطئون في مقالتهم رواية ودراية، وخاطئون في طعنهم أئمَّة الهدى" انتهى.
    وما قد قاله العلاَّمة ابن القيِّم في ((كافيته الشافية))(ص/108: "فصل: في تلقيبهم أهل السنَّة بالحشويَّة، وبيان من أَوْلى بالوصف المذموم في هذا اللَّقب من الطَّائفتين، وذكر أوَّل من لَقَّب به أهل السنَّة من أهل البدع:
    ومن العجــائب قولــهم لمـن اقتــدى بالوحـــي مــن أَثَـــر ومـن قــرآن
    حشويَّـــة يعنــون حشوا في الوجــو د وفضــلة فــي أمَّـــة الإنســـــان
    ويظــنُّ جاهــلهم بـأنَّـــهم حشــــــوا ربُّ العبـــاد بـداخــــل الأكــــوان
    إذ قـولهم فـوق العبـاد وفـي السَّمـــا ء الرَّبُّ ذو الملكــــوت والسُّلطان
    ظنَّ الحمير بأنَّ في للظَّرف والرَّحـ ـمـــن مَحْوِيٌّ بظـــــرف مـــــكان
    والله لـم يسمـــع بــذا مــن فـرقـــــة قـالتـه فـي زمــنٍ مـن الأزمـــــان
    لا تبهتــوا أهـل الحديـــث بــه فمـــا ذا قـــولــهم تَبًّــا لـــذي البهتـــــان
    بـل قــولهم: إنَّ السَّمـــاوات العـــلى فــي كـفِّ خـالـق هــذه الأكــــوان
    حـقًّا كخـردلـةٍ تــرى فـي كــفِّ ممـ ـسكهـا تعـــالى الله ذو السُّلــــطان
    أتــرونه المحصــور بعـد أم السَّـــما يا قــومنا ارتدعــوا عن العــدوان
    كـــم ذا مشبِّـهــة؟ وكـم حشـويَّــــة؟ فالبهــت لا يخفـى على الرَّحمـــن
    تــدرون مـــن سَمَّـتْ شيـــوخكم بهـ ـذا الاسم في الماضي من لأزمان
    سمَّـــى بــه ابـنُ عبيــدٍ عبـــدَ الله ذا ك ابنَ الخليـــفة طـارد الشَّيـــطان
    فـــورثتــم عَمْــرًا كما ورثــــوا لعبـ ــــد الله أَنَّــــى يستـــوي الإرثــان
    فأنتم ـ وكما قلت آنفاً ـ تعلمون ذلك كلِّه ـ طبعاً!!؟ ـ تمام العلم والفهم وتمام الدِّراية والرِّواية وتمام الحقيقة والمعرفة، بأنَّ أهل السنَّة هم برآءٌ من ذلك!! وتعلمون أيضاً ـ وهو الأهمُّ هنا بمكان! ـ أنَّنا بقولهم وفعلهم نقول ونفعل، وبدينهم وعقيدتهم ننهج ونعتقد، وبهديهم وسمتهم نتحنَّث ونتعبَّد، بل تعلمون جيِّداً! ـ وهو واضح لكلِّ ذي عينين ـ أنَّنا نتَّبعهم في كلِّ شيء قدر الإمكان والإستطاعة في باب الإتِّباع والمتابعة؛ في ظاهرهم وباطنهم، وفي سرِّهم وعلانيَّتهم، وفي عاداتهم وعباداتهم، وفي أخلاقهم ومعاملاتهم، وما ذاك ـ كما تعلمون وتعرفون!!؟ ـ إلاَّ لكونهم أنَّهم خير النَّاس على الإطلاق، وهذا بشهادة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لهم بذلك؛ فقال: "خير النَّاس قرني، ثمَّ الذين يلونهم، ثمَّ الذين يلونهم"(2).
    وبشهادة أيضاً الحسن البصريِّ رحمه الله! فقد كان ـ ذات يومٍ ـ في مجلسٍ فذُكر أَصحاب محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم؛ فقال: "إنَّهم كانوا أبرَّ هذه الأمَّة قلوبًا، وأعمقها علمًا، وأقلُّها تكلُّفا، قومًا اختارهم الله لصحبة نبيِّه صلَّى الله عليه وسلَّم، فتشبَّهوا بأخلاقهم وطرائقهم، فإنَّهم وربِّ الكعبة على الهدى المستقيم"(3).
    وبما قـاله الحافِظُ ابن كَثِير(44) رحمه الله عند قوله تعالى: ï´؟وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمï´¾(5): "يخبر الله عن رضاه عن السَّابقين من المهاجرين والأنصار والتَّابعين لهم بإحسان ورضاهم عنه بما أعدَّ لهم من جنَّات النَّعيم والنَّعيم المقيم".
    وبما قـاله ـ أيضاً ـ العلاَّمة السَّعْدي(66) عند قوله تعالى: ï´؟وَالذِّينَ اتَّبَعُوهُمْ بإِحْسَانٍï´¾: "بالإعتقادات والأقوال والأعمال؛ فهؤلاء هم الذين سلموا من الذمِّ وحصل لهم نهاية المدح، وأعظم الكرامات من الله".
    فهؤلاء ـ وكما تعلمون بلا ريبٍ!!! ـ قدوتنا وأسوتنا في ديننا ودنيانا, وأنَّنا في باب الإقتداء بهم والإهتداء أفضل منكم ومن غيركم بكثيرٍ وكثير! لذلك أطلقوا علينا ـ من هنا وهناك! ـ باسم (الأصوليُّون) أو باسم (المتشدِّدون) أو باسم (المتزمِّتون) أو غيرها؛ والمعنى العام في جميعها: هو أنَّنا متَّبعون للشَّرع ولأحكامه ولسننه؛ بما أوصلوه لنا جملة هؤلاء المفضَّلون الأخيار والمتَّقون الأبرار من السَّلف الصَّالح رضي الله عنهم أجمعين. أي أنَّنا نعيش بعقل وقلب هؤلاء! ونحيا بنبض وروح هؤلاء! لذلك قالوا ما قالوا، ويقولون إلى حدِّ السَّاعة بما أرادوا؛ فهذا كلُّه لا يغيِّر من الأمر شيئاً، كما أنَّه لا ينقص من الواقع أو يزيد فيه شيئاً. فالحقيقة ـ التي لا نقاش فيها ولا جدال! ـ أنَّنا على درب هؤلاء نسير، وعلى سفينتهم كذا نبحر نحو شاطئ النَّجاة؛ فمن ركبها نجا، ومن تركها غرق. وهو الواقع المشاهد فعلاً!!!
    فإذا كان الأمر كذلك؛ وكان ما تعلمونه عنَّا وعن هؤلاء السَّلف هو الحقُّ غير الحقِّ! ثمَّ تقولون أو تدَّعون ـ بعد ذلك ـ أنَّكم من هؤلاء وسلفيُّون على الجادَّة، فكيف والحال ذلك؛ ترموننا أنتم بـ (المداخلة!!!)، وتتركون آخرين أمثالكم يرموننا بـ (الجاميَّة!!!) وآخرين بـ (الرَّسلانيَّة!!!)؛ ومع علمكم أنَّ هذا كلُّه محض ادِّعاء وافتراء، ومجرَّد تهويش وتحريش، ومجرَّد تحريف وتزييف؛ لحقيقة الحال ولحقيقة الدَّعوة؛ فلماذا؟!!
    فأنتم بين أحد أمرين:
    (الأوَّل): إمَّا أنَّكم تكذبون ـ على أنفسكم وعلى النَّاس ـ أنَّكم من أهل السنَّة؛ أي أنَّكم (سلفيُّون!!؟) وهو الواقع، ودليله ـ واضح ومؤكَّدٌ تأكيداً أكيداً! ـ في رميكم أيَّانا بما قد رموا به المبتدعة في زمانهم الأوَّل ذاك الجيل المثالي من سلفنا الصَّالح رضي الله عنهم، فلا فرق ما بين الواقعين، ولا فرق ما بين الحالين؛ إذ ما رميتمونا به هو نفسه ما قد رمي به هؤلاء السَّلف، فالطَّبيعة واحدة بينهما. ثمَّ هنا تنبيهان في غاية الأهميَّة والدِّقَّة! يجب علينا بيانهما والتَّنويه عنهما؛ وهما:
    أحدهما: أنَّ السَّلف لم يعيِّروا أحدا مهما كان مشربه أو منهجه، ولم يعرف أو ينقل عنهم مسمَّى هذا السَّبُّ أو الشَّتم ـ وكذا مسمَّى الهمز واللَّمز والغمز ـ لغيرهم من أهل البدعة والضَّلالة أو لأيٍّ كان، لأنَّه ليس من صفاتهم التي امتازوا بها عن غيرهم، والتي يعرفها عنهم العام والخاص والدَّاني والقاصي، بل أوَّل ما ظهر هذا السَّبُّ هو عند (الرَّوافض!!!)، ثمَّ أخذه عنهم من جاء بعدهم من الفرق والطَّوائف كما هو مقرَّرٌ ومستقرؤٌ في كتب التَّاريخ والتَّراجم في مكانه.
    وقد خلَّدهم ببصمة ـ عارٍ وشنارٍ!!! ـ شيخ الإسلام ابن تيميَّة لمَّا قال(77): "فلينظر كلَّ عاقلٍ فيما يحدث في زمانه، وما يقرب من زمانه من الفتن والشُّرور والفساد في الإسلام، فإنَّه يجد معظم ذلك من قبل الرَّافضة، وتجدهم من أعظم النَّاس فتناً وشراً، وأنَّهم لا يقعدون عمَّا يمكنهم من الفتن والشُّرور وإيقاع الفساد بين الأمَّة".
    وقال( رحمه الله أيضاً: "ونحن قد علمنا بالمعاينة والتَّواتر أنَّ الفتن والشُّرور العظيمة التي لا تشابهها فتن؛ إنَّما تخرج عنهم".
    فهم لم يقتصروا ـ كما يظنُّ الظَّانُّ! ـ فقط على سبِّ كلٍّ من أبي بكرٍ الصدِّيق وعمر بن الخطَّاب رضي الله عنهما، بل تعدُّوهما إلى غيرهما من جملة الصَّحابة في زمانهما، ثمَّ إلى تابعيهم، ثمَّ إلى تابعي تابعيهم؛ بل إلى أهل السنَّة جمعاء كما هو الواقع، وكما هو مدوَّنٌ في مراجعهم الكبيرة.
    فكثر حينذاك هذا السَّبُ أو الشَّتم، وهذا الهمز أو اللَّمز، بل تجرَّأ كلَّ بوقٍ أو ناعقٍ من الرَّوافض أو من غيرهم من المبتدعة والملحدين وغيرهم، ليفتحون هذا الباب من أجل النَّيل من ذاك الجيل المثالي. وهم هؤلاء السَّلف من العلماء السَّابقين: من الصَّحابة والتَّابعين؛ أهل الصَّلاح وأتباع السُّنن وأهل الفقه، ولا نذكرهم إلاَّ بالجميل والثَّناء، ومن ذكرهم بسوءٍ فهو على سبيل الضَّلالة، فإنَّ محبَّتهم واجبة، ولحومهم مسمومة لمن ذكرهم بسوءٍ، ومحبَّتهم من علامات كون الرَّجل صاحب حقٍّ وسنَّةٍ.
    وقد قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا) (9). وهؤلاء المذكورون من أئمَّة السنَّة والهدى، ومحبَّتهم دليلٌ على محبَّة الهدى، وبغضهم دليلٌ على بغضه، والواجب على المؤمن أن يحبَّهم، فإنَّه من الحبِّ في الله، وهو أوثق عرى الإيمان(10).
    لذلك يقال: إذا رأيت الرَّجل يحبُّ سفيان الثَّوري ومالك بن أنس وأيُّوب السِّختياني وعبد الله بن عوف ويونس بن عبيد وسليمان التَّيمي وشريكاً وأبا الأحوص والفضيل بن عيَّاض وسفيان بن عيينة واللَّيث بن سعد وابن المبارك ووكيع بن الجرَّاح ويحيى بن سعيد وعبد الرَّحمن بن مهدي ويحيى بن يحيى وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه؛ فاعلم أنَّه على الطَّريق. ونقول نحن: وإذا كان الأمر بخلاف ذلك؛ فاعلم أنَّه على غير الطَّريق؛ وهم أهل البدعة والضَّلالة: ومن علاماتهم المعروفة لدى العام والخاص هو أنَّهم يكرهون السنَّة وأهلها وأئمَّتها، ويرمونهم بالألقاب السيِّئة تنفيراً للنَّاس منهم، كما هو دأب الجهميَّة المعطِّلة والقدريَّة والمرجئة والأشعريَّة والماتريديَّة والقبوريَّة والصُّوفيَّة وغيرهم من أصناف المبتدعة.
    ولا بأس أن نذكر هنا ما يروى عن عمرو بن عبيد ـ وهو عيِّنةٌ من هؤلاء ـ أنَّه قال: "لو شهد عندي عليٌّ وعثمان وطلحة والزُّبير على شراك نعلٍ ما أجزت شهادتهم"(11).
    وعن معاذ بن معاذ؛ قال: "قلت لعمرو بن عبيد: كيف حدَّث الحسن عن عثمان أنَّه ورث امرأة عبد الرَّحمن بعد انقضاء عدَّتها؟ فقال: إنَّ عثمان لم يكن سنَّة"(12).
    وقيل له: "كيف حدَّث الحسن عن سمرة في السَّكتتين؟ فقال: ما تصنع بسمرة؟ قبَّح(133) الله سمرة"(14).
    وسئل يوماً عن شيء فأجاب فيه. قال الرَّاوي: "قلت: ليس هكذا يقول أصحابنا. قال: ومن أصحابك لا أبا لك؟ قلت: أيُّوب ويونس وابن عون والتَّيمي. قال: أولئك أنجاسٌ أرجاسٌ، أموات غير أحياء"(15).
    فهذا واحدٌ من هؤلاء ـ أو عيِّنة حيَّةٌ كما قلت آنفاً ـ يقول وبكلِّ جرأةٍ ما يحلو له في أئمَّة السَّلف؛ فما بالك في جملتهم وهم كثر؟!!
    بينما أهل السنَّة لا يقولون ذلك، كما لا يصدر عنهم مثل هذا البتَّة، بل هم رضي الله عنهم أرحم بهم من أنفسهم. قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة: "أهل السنَّة أرحم بأهل البدع من بعضهم لبعض، وأعدل لأهل البدع من بعضهم لبعض؛ لأنَّ أهل البدع يقومون بعضهم بعضاً بالتَّكفير والتَّفسيق والتَّبديع والسِّباب والشَّتائم". وقالوا: هم أكمل الفرق خلقاً كما أنَّهم أكمل النَّاس عقيدة وعملاً.
    والتَّنبيه الآخر: وهو مهمٌّ أيضاً وهو أنَّ هؤلاء السَّلف رضي الله عنهم لقِّبوا بألقابٍ هم يستحقُّونها، ووصفوا بأوصافٍ هم أولى بها من غيرهم؛ وهي أنَّهم سمُّوا بـ: الفرقة النَّاجية والطَّائفة المنصورة وأهل السنَّة وأهل الحديث وأهل الأثر والجماعة!!!
    (والثَّاني): وإمَّا أنَّكم صادقون فيما تقولون به أو تزعمون، أي أنَّكم حقًّا من أهل السنَّة أو من (السَّلفيِّين!!!)؛ لكن وعلى فرض صحَّة هذا الإدِّعاء هنا؛ فأنتم ـ وبالرَّغم ذلك ـ قد أوقعتم أنفسكم في نفس طريقة أهل البدعة في رمي غيرهم وسبِّهم أو همزهم ولمزهم، بما لا يستحقُّونه أو بما ليس فيهم، ومع أنَّ هذا ليس من صفة أهل السنَّة كما بيَّناه سابقاً. فبطل زعمكم بما لا مزيد عليه.
    وحينذاك؛ وعلى ضوء ما ذكرناه ونقلناه سابقاً ولاحقاً، يتبيَّن جلياً أنَّكم تكذبون فيما تزعمون به من أنَّكم من أهل السنَّة أو من (السَّلفيِّين!!!)؛ وهذا كذب، بل أنتم ألحق وألصق بهؤلاء المذكورين من أهل البدعة والضَّلالة بما قد رميتمونا به، كما أنَّنا نحن ـ بالمقابل ـ الألحق والألصق بهؤلاء السَّلف في براءتهم وبراءتنا من كلِّ ذلك كلِّه؛ فتنبَّه ولاحظ.
    ولذلك نجد كما هو الواقع أنَّ المخالفين ـ من أهل الأهواء والافتراق والبدع ـ في العصر الحديث؛ يعيِّرون كلَّ من كان على نهج السَّلف الصَّالح أهل السنَّة والجماعة بأنَّه (وهَّابياً!!) أو (جامياً!!) أو (مدخلياً!!) أو (رسلانياً!!) أو غيرها، فهي - وبحمد الله تعالى - تزكيَّة لنا من الخصوم لا تقدَّر بثمن؛ لأنَّهم صاروا يطلقون وصف (الوهَّابيَّة!!) و(الجاميَّة!!) و(المدخليَّة!!) على التمسُّك بالسنَّة والتزام سبيل السَّلف الصَّالح. لكنَّهم وفي نفس الوقت قد فضحوا أنفسهم وكشفوا عن باطنهم الخبيث والمريض من غير أن يعلموا، وبيانه في أمران:
    الأوَّل: أنَّ إطلاق هؤلاء لقب (المداخلة!!!) على السَّلفيِّين الحقيقيِّين هو ذمٌّ لهم على ما يزعمون أو يقولون كذباً وزوراً: أنَّ (المداخلة!!!) ـ أو غيرها ـ قد فرَّقوا الأمَّة، ومزَّقوها، وجعلوها شيعاً وشعباً وأنواعاً، وقدح بعضهم في بعضٍ بسببهم، وهذا نفسه ما كان يذمُّ به السَّلف. ولا شكَّ أنَّ مثل هؤلاء من أهل الظُّلم والعدوان على فضلاء هذه الأمَّة الذين وصفهم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بأنَّهم خير القرون، كما قال عليه الصَّلاة والسَّلام: "خير القرون قرني، ثمَّ الذين يلونهم، ثمَّ الذين يلونهم، ثمَّ الذين يلونهم"، ثم بعد ذلك ذمُّ من يأتي من القرون بعدهم(16).
    والثَّاني: وهو أنَّك لا تجد أحداً يقدح في الشَّيخ ربيع ـ حفظه الله ـ أو في (المداخلة!!!) كما يقولون، أو بشكلٍ أدقُّ في علوم السَّلف وفي منهج السَّلف وهو على السنَّة أبداً، فلا يقدح فيهم إلاَّ من يكون زائغ الإعتقاد بأيِّ وجهٍ من وجوه الزَّيغ، فالذين يقولون: إنَّ علوم السَّلف ومناهج السَّلف الصَّالح رضوان الله عليهم ـ ومن ضمنها علم الجرح!؟ ـ تفرِّق الأمَّة وتمزِّقهم، هؤلاء ما عرفوا هذه العلوم ولا أدركوها، ولم يعلموا أنَّ السَّلف الصَّالح رضوان الله عليهم يتَّبعون الحقَّ في كلِّ مكان، وفي كلِّ مسألةٍ يجتهدون فيها وفي البحث عنها.
    علماً أنَّ الذين يخالفون الحقَّ! ليسوا سواءً بل هم أنواع، منهم من يخالف الحقَّ فيقع في الكفر المبيِّن، ومنهم من يخالف الحقَّ فيقع في البدعة المضلَّة، ومنهم من يخالف الحقَّ فيقع في المعصية، ومنهم من يخالف الحقَّ بأيِّ وجهٍ من الوجوه. ولهذا لم يحكم السَّلف رضوان الله عليهم على كلِّ من خالف طريقة الرَّسول صلَّى الله عليه وسلَّم بحكمٍ واحد، بل تقوم هذه المخالفة تقويماً شرعياً ثمَّ يحكم عليها، ولهذا عندما تحدَّثوا عن الفرق الضالَّة قديماً سمُّوا أصحابها أصحاب المقالات؛ ومعنى أصحاب المقالات: الذين لهم أقوالٌ يخالفون بها الحقُّ، ثمَّ يبيِّنون حكم هذه الأقوال، وأنَّها تختلف، وأنَّها ليست حكماً واحداً(17).
    وبالتَّالي: فلا عبرة ـ بعدئذٍ ـ بهذه الألقاب ما دامت المضامين صحيحة، وما دام أصحابها من أهل الحقِّ على الحقيقة قائمين، ويكفي فيهم مدحاً وثناءً وتزكيَّة! شهادة كبار العلماء لهم على صحَّة المنهج الذي هم فيه، وكذا على صحةَّ الرَّدِّ على المخالفين من أشباه السَّلفيِّين المميَّعين وأهل البدعة عموماً في واقعنا هذا. كما أنِّي أرى من اللاَّزم أن أنصح هؤلاء الذين يرموننا بـ (المداخلة!!!) ومشفقاً عليهم، بوصيَّة إمام من أئمَّة السَّلف وهو عمر بن عبد العزيز رحمه الله؛ قال: "أوصيكم بتقوى الله ولزوم كتابه والاقتداء بسنَّة نبيِّه وهديه، ...وليس لأحدٍ في كتاب الله ولا في سنَّة نبيِّه صلَّى الله عليه وسلَّم أمرٌ ولا رأيٌ إلاَّ إنفاذه والمجاهدة عليه، ... فإنَّ الذي في نفسي وبغيتي في أمر أمَّة محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم أن تتَّبعوا كتاب الله وسنَّة نبيِّه صلَّى الله عليه وسلَّم وأن تجتنبوا ما مالت إليه الأهواء والزَّيغ البعيد، من عمل بغيرهما فلا كرامة ولا رفعة له في الدُّنيا والأخرى، وليعلم من عسى أن يذكر له ذلك؛ ولعمري لأن تموت نفسي في أوَّل نفسٍ أحبُّ إليَّ من أن أحملهم على غير اتِّباع كتاب ربِّهم وسنَّة نبيِّهم التي عاش عليها من عاش وتوفَّاه الله عليها حين توفَّاه - إلاَّ أن يأتي عليَّ وأنا حريصٌ على اتِّباعه - وإنَّ أهون النَّاس عليَّ تلفاً وحزَنًا لمن عسى أن يريد خلاف شيء من تلك السنَّة"(1.
    والله الموفَّق وهو الهادي إلى السَّبيل. وصلَّى الله على محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليماً.

    وكتبه بقلمه العبد الفقير: أبو حامد الإدريسي
    يوم الأحد 23 ربيع الثاني 1438هـ
    الموافق لـ 22 جانفي 2017م
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــ
    (1) البلكفة: يعنون بها عبارة "بلا كيف"، وذلك أنَّ المتَّبعين صلَّى الله عليه وآله وسلَّم والصَّحابة والسَّلف رضوان الله عليهم يقولون مثلا: نثبت استواء الله على العرش بمعنى أنَّه علا وارتفع، لكن بلا كيف، فأتت عبارة بكلفة من عبارة "بلا كيف".
    (2) رواه البخاري (2652) ومسلم (2533) من حديث ابن مسعود. وله شاهدٌ من حديث النُّعمان بن بشيرٍ رضي الله عنهما بهذا اللفَّظ إلاَّ أنَّه قال ثلاث مرَّاتٍ: "ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ"، فأثبت القرن الرَّابع. كذا حكى الألباني في "الصحيحة"(2/313).
    (3) أنظر "جامع بيان العلم وفضله"(2/97).
    (4) أنظر "تفسير القرآن"(2/39) له.
    (5) سورة التَّوبة، الآية: 100.
    (6) أنظر "تيسير الكريم الرحمن"(ص/349).
    (7) أنظر "منهاج السنَّة"(3/243).
    ( أنظر "منهاج السنَّة"(3/245).
    (9) سورة الحشر، الآية: 10.
    (10) أنظر "اعتقاد أئمَّة السَّلف أهل الحديث"(ص/210) لمحمد الخميس. (بتصرف).
    (11) أنظر "تاريخ بغداد"(12/17 للخطيب البغدادي و"الكامل"(5/102) لابن عدي.
    (12) أنظر "تاريخ بغداد"(12/176) للخطيب البغدادي و"الكامل"(5/100) لابن عدي.
    (13) بل قبح الله عمرو بن عبيد.
    (14) أنظر "تاريخ بغداد"(12/176) للخطيب البغدادي و"الكامل"(5/100) لابن عدي و"أخبار عمرو بن عبيد"(1900) للدَّارقطني.
    (15) ذكر هذه المقولة له الإمام ابن قتيبة في "تأويل مختلف الحديث"(ص/80 ـ81) ورواها عنه الإمام ابن عدي في "الكامل"(5/99)، والدارقطني في "أخبار عمرو بن عبيد" (رقم 15)، والعقيلي في "الضعفاء"(3/284).
    (16) أنظر "شرح الحمويَّة" لعبد الرَّحيم السلمي. (بتصرف).
    (17) أنظر "شرح الحمويَّة" لعبد الرَّحيم السلمي. (بتصرف).
    (1 أنظر :سيرة عمر"(ص/71) لابن عبد الحكم.
يعمل...
X