إعـــــــلان

تقليص
1 من 4 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 4 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 4 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
4 من 4 < >

تم مراقبة منبر المسائل المنهجية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-

تعلم إدارة شبكة الإمام الآجري جميع الأعضاء الكرام أنه قد تمت مراقبة منبر المسائل المنهجية - أي أن المواضيع الخاصة بهذا المنبر لن تظهر إلا بعد موافقة الإدارة عليها - بخلاف بقية المنابر ، وهذا حتى إشعار آخر .

وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه .

عن إدارة شبكة الإمام الآجري
15 رمضان 1432 هـ
شاهد أكثر
شاهد أقل

تحذير أولي الألباب من مخالفات محمد راتب النابلسيّ للسّنة والكتاب –الحلقة الثانية-

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [مقال] تحذير أولي الألباب من مخالفات محمد راتب النابلسيّ للسّنة والكتاب –الحلقة الثانية-

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثره واستنّ بسنته إلى يوم الدين ، أما بعد :
    فهذه الحلقة الثانية في بيان ضلال وانحراف محمد راتب النابلسي وبعده عن المنهج السلفيّ ، وأنه وافق الجهمية والمعتزلة في غير ما أصل من أصولهم ، وأنه ليس من السنة في شيء وإن ادعى ذلك ، والدعاوى إذا لم يكن لمن ادّعاها بينات وحجج وبراهين ساطعة نيّرة مثل الشمس في رابعة النهار قولا وفعلا فأهلها أدعياء .
    وسنبيّن في هذا المقال أن محمد النابلسي على عقيدة الجهمية والمعتزلة والرافضة في هذا الباب ، وذلكم في ردّه لمعظم سنة النبي صلى الله عليه وسلم في باب المسائل العلمية والخبرية، بحجّة أنها أحاديث آحاد.
    وسنبيّن أيضا أنه مخالف في ذلك لكتاب الله تعالى ، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    ومخالف لما كان عليه الصحب الكرام عليهم العفو والغفران.
    ومخالف لما أجمع عليه علماء الإسلام على مرّ العصور بدءًا من القرون المفضلة من لدن النبي صلى الله عليه وسلم إلى عصرنا الحاضر ، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، لأن دين الله واحد ، كامل شامل تام ، لا يحتاج زيادة ولا نقصان ،صالح لكل زمان ومكان ، لا يتغيّر ولا يتبدّل.
    ولو يدرك محمد النابلسيّ أبعاد ماقرّره واعتقده وبثّه ونشره في عدم الأخذ بأخبار الآحاد في العقيدة ،وما يترتّب عليه من الآثار الخطيرة ، لما ذهب إلى ما ذهب إليه ، لكن الهوى يعمي ويصمّ،لكن كما قال تعالى : { فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور } [ الحج : 46 ]
    وقبل وبعد في حقيقة أمره هدمٌ للشريعة التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم، ومن هنا يدرك القارئ اللبيب سبب وقوع أرباب أهل الأهواء والبدع في عظائم الأمور، فعلى سبيل المثال لا الحصر :
    إذا قرع في سمعك أن أهل البدع ينكرون عذاب القبر ، والمسيح الدجال ، ونزول المسيح عيسى عليه الصلاة والسلام ،والصراط ، والميزان ، والحوض ،والشفاعة ونحو ذلك من مسائل الاعتقاد ،ويحتجّون بما قرّره محمد النابلسي فلا تعجب من ذلك ،-وإذا عرف السبب بطل العجب-.
    فمحمد متولي الشعراوي القبوري ينكر عذاب القبر، ومحد رشيد رضا ينكر نزول عيسى عليه الصلاة والسلام آخر الزمان ، وهكذا أيضا ينكر خروج المسيح الدجال، ونحو ذلك من ضلالاته.
    وهكذا محمد الغزالي الذي ينكر انشقاق القمر ، و تلبّس الجنيّ بالإنسيّ ،و أن دية المرأة على النصف من دية الرجل ونحو ذلك من ضلالته.
    وهكذا علي منصور كيالي الذي ينكر عذاب القبر، والصراط ، والميزان ،وينفي وجود يأجوج ومأجوج ، وينكر رؤية الله في الجنة، ونحو ذلك من ضلالته.
    ويوسف القرضاوي ينكر المهدي، وهكذا الدجال عدنان إبراهيم الذي ينكر خروج المهدي والمسيح الدجال ، ونزول عيسى عليه الصلاة والسلام في آخر الزمان ، ونحو ذلك من ضلالهم وانحرافهم وهكذا من كان على شاكلتهم من أهل البدع والضلال، ولو عددنا ضلالاتهم لطال بنا المقام ،ولأطلنا الكلام والله المستعان ، وعليه التكلان.

    قال محمد راتب النابلسي عفا الله عنه : أخطر شيء في حياة المسلم أن تكون بعض معتقداته ضلالاً، أن يتوهم أن هذا الشيء حق، وهو في حقيقته باطل، أن يعتقد أنه صحيح، وهو غير صحيح, لذلك فالعقيدة أخطر شيء في حياة الإنسان، فإن صحت صح عمله، وإن فسدت فسد عمله, والعقيدة لا تؤخذ إلا من كتاب الله، القطعي الثبوت، القطعي الدلالة، ولا تؤخذ إلا مما تواتر من حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، العقيدة فقط، والأحكام الشرعية تؤخذ من الأحاديث الآحاد، فأية فكرة ليس لها أصل في كتاب الله، أو ليس لها أصل في سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام المتواترة، فهي فكرة ضالة بعيدة عن الواقع )). اهــ
    قلت : أولا :
    أشاطرك أيها الدكتور فيما قلته ، وهو أن باب المعتقد من أخطر ما يكون ، كيف لا وهو أعظم من شحمك وعظمك ولحمك كما قاله ابن عمر رضي الله عنهما ، لأن القضية ومافيها وما عليها أمر مصيريّ ، جنة أو نار جهنم وبئس القرار.
    فالسلفيّ لا يرضى بدينه بدلاً ، ولا يساوم في دين الله جلّ وعلا أحدا ، ولا يعرضه للمخاطر والمهالك ، فالسلامة لا يعدلها شيء ، والوقاية خير من العلاج ،لأن هذا دين يدين الله به ، فلا يأخذه من كل من هبّ ودبّ ، وإنما يأخذه من أهله.
    جاء بشير العدوي إلى ابن عباس رضي الله عنهما وجعل يحدث ويقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم, قال رسول الله, فجعل ابن عباس لا يأذن لحديثه ولا ينظر إليه, فقال : يا ابن عباس مالي لا أراك تسمع لحديثي أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تسمع فقال ابن عباس:
    إنا كنا مرة إذا سمعنا رجلا يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتَدَرته أبصارنا واصغينا إليه بأذاننا, فلما ركب الناس الصعب والذلول لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف.
    عن ابن أبي أويس قال: سمعت مالك بن أنس يقول: إن هذا العلم هو لحمك ودمك، وعنه تسأل يوم القيامة فانظر عن من تأخذه
    قال ابن سيرين رحمه الله : لم يكونوا يسألون عن الإسناد فلما وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم ،فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم ،وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم.
    وقال رحمه الله : إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم . [1]
    فالمفوض للألفاظ والمعاني في صفات الباري جل جلاله وعظم سلطانه.
    والذي يرى عدم حجية خبر الآحاد في باب الاعتقاد.
    والذي يرى جواز المولد ويدعو الناس إليه.
    والذي يجالس أهل الضلال والانحراف كعائض القرني وسلمان العودة ومحمد العريفي ومن كان على شاكلتهم من أهل الضلال والانحراف.
    ونحو ذلك من الرزايا والبلايا والعظائم ، فمن كان هذا حاله لا يعوّل عليه ، ولا يجوز الاستماع والاصغاء إليه ، فضلا أن يُتخّذ قدوة وإماما يقتدى به ، ويكون محطّة للرجوع إليه ، فلا وألف لا.
    ثانيا :
    ما قاله النابلسي من الفجور هو عين عقيدة المعتزلة والجهمية ومن حذا حذوهم من أهل البدع والضلال كما سنبيّن ذلك بمشيئة الله.
    قال ابن عبد البر رحمه الله :أجمع أهل العلم من أهل الفقه والأثر في جميع الأمصار فيما علمت على قبول خبر الواحد العدل وإيجاب العمل به إلا الخوارج وطوائف من أهل البدع .
    ثالثا :
    ومن أين لك التفريق بين المسائل العقدية ، والمسائل الفقهية في عدم حجيّة أحاديث الآحاد ؟
    لم يعرف عن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في عدم الأخذ بخبر الواحد ، وإنما عرف ذلك عن أعداء السنة من أهل البدع والضلال من الجهمية والمعتزلة والرافضة ومن حذا حذوهم ومضى على دربهم من أهل الأهواء والضلال.
    وسنذكر جملة في ثنايا هذا المقال أو الذي يليه من الآثار والأخبار عن الصحب الكرام رضي الله عنهم في قبولهم وأخذهم بخبر الواحد خلافا للجهمية والمعتزلة والرافضة والنابلسي عفا الله عنه.
    قال النووي رحمه الله: ولم تزل الخلفاء الراشدون وسائر الصحابة فمن بعدهم من السلف والخلف على امتثال خبر الواحد.[2]
    قال الخطيب البغدادي رحمه الله : فمن أقوى الأدلة على ذلك ما ظهر واشتهر عن الصحابة من العمل بخبر الواحد.. وعلى خبر الواحد كان كافة التابعين ومن بعدهم من الفقهاء الخالفين في سائر أمصارنا الى وقتنا هذا ولم يبلغنا عن احد منهم انكار لذلك ولا اعتراض عليه.[3]
    رابعا :
    هذا تناقض بيّن ، وأمرعجيب ، ومسلك وخيم ،حيث أن محمد النابلسي قرّر أن أخبار الأحاد لا تقبل في مجال العقيدة ، وتقبل في مجال الشريعة-أي:الأحكام الشرعية- .
    ويقال له ولأمثاله : إما أن تكون أحاديث الآحاد مشكوك فيها وباطلة ، فتطرح كلها وهذا من أبطل الباطل ، وإما أن تكون صحيحة مقبولة فيؤخذ بها كلّها وهو الحق الذي يجب أن يقرّره من يحترم سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
    خامسا :
    حديث الآحاد : هو مالم تجتمع فيه شروط التّواتر ، وينقسم إلى ثلاثة أقسام :
    1 ـ مشهور : ما رواه ثلاثة فصاعدا في كل طبقة ، ولم يصل حّد التواتر.
    2 ـ عزيز : مالا يرويه أقل من اثنين في جميع الطبقات.
    3 ـ غريب : هو ما ينفرد بروايته راو واحد، إما في كل طبقة من طبقات السند، أو في بعضها .[4]
    الشاهد : أن هذا التقسيم الثلاثي كلّه يدخل ضمنا ، ويدخل دخولا أوليا في خبر الآحاد ,لا كما يظنه البعض أن خبر الآحاد هو : الذي انفرد به راو واحد ، إذ هو قسم من أقسامه لا غير، فتنبّه وانتبه، وإلا لو كان كذلك ، محمد النابلسي لا يقبل كلامه ابتداء في دروسه في العقيدة، حيث أنه واحد ويخبر عن أمور في الاعتقاد وفي الأمور الغيبية ، فبناء على ما قرّره من عقيدة التجهّم والاعتزال لا يجوز الأخذ عنه-وهو كذلك- ، لأنه شخص واحد.
    والسؤال الصحيح الذي يحتاج إلى جواب صريح من محمد النابلسي ،ومن كان على شاكلته ،وسلك مسلكه ،وهو :
    أن أغلب سنة النبي صلى الله عليه وسلم أخبار آحاد بالنسبة للمتواتر لفظا بل حتى معنى، حتى قال بعض العلماء لا يوجد خبر متواتر إلا أربعة أحاديث، بل قال ابن الصلاح رحمه الله : إنه لا يوجد متواتر إلا حديث : "من كذب علي متعمداً".[5]
    الشاهد : فماذا حكم ردّها وعدم قبولها واعتبار حجيّتها في المسائل العلمية الخبرية ، والأمور الغيبية ؟؟؟
    ومن هنا يتبيّن لنا جليّا وضوحا بيّنا ظاهرا خطورة ما يقرّره النابلسي ويدعو الناس إليه وهو باختصار : هدم السنة –شاء أم أبى-، إذ هدم أغلبها في حقيقة أمره هدم لها بدءًا من أولّ حديث في صحيحي الإمام البخاري وتلميذه الإمام مسلم رحمهما الله ،وهو الحديث المشهور بــ :"إنما الأعمال بالنيات ...."، على اختلاف ألفاظه.
    سادسا :
    قرّر النابلسي وغيره من أهل الأهواء أن أحاديث الآحاد لا تقبل في باب الاعتقاد لأنها تفيد الظنّ، والظن في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم له عدّة معان مختلفة منها : مايراد به المدح ، ومنها مايراد به الذمّ .
    "وقد وردت مادة "ظن" في القرآن الكريم في نحو ستين موضعاً، نصفها ورد كـ (اسم)، نحو قوله تعالى: {إن يتبعون إلا الظن} (الأنعام:116)، ونصفها الآخر ورد كـ (فعل)، مثل قوله سبحانه: {الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم} (البقرة:46).
    ثم إن لفظ "الظن" في القرآن الكريم ورد على عدة معان:
    الأول: بمعنى اليقين، ورد على هذا المعنى في مواضع عديدة، منها قوله تعالى: {الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم}، قال أبو حيان: "معناه: يوقنون، قاله الجمهور؛ لأن من وصف بالخشوع لا يشك أنه ملاق ربه، ويؤيده أن في مصحف عبد الله بن مسعود: الذين يعلمون". وقال ابن كثير في معنى الآية: "يعلمون أنهم محشورون إليه يوم القيامة، معروضون عليه، وأنهم إليه راجعون".
    ونحو هذا قوله تعالى: {وإنا ظننا أن لن نعجز الله في الأرض} (الجن:12)، قال القرطبي: "الظن هنا بمعنى العلم واليقين ". وبحسب هذا المعنى يُفهم قوله تعالى: {إني ظننت أني ملاق حسابيه} (الحاقة:20)؛ وقوله سبحانه: {وظن أنه الفراق} (القيامة:2 .
    قال الطبري ما معناه: العرب قد تسمي اليقين ظناً، والشك ظنًا، نظير تسميتهم المغيث صارخاً، والمستغيث صارخًا... قال: والشواهد من أشعار العرب وكلامها على أن الظن في معنى اليقين، أكثر من أن تحصر.
    الثاني: بمعنى الشك، من ذلك قوله عز وجل: {وإن هم إلا يظنون} (البقرة:7، قال أبو حيان بعد أن نقل أقوالاً في معنى (الظن) هنا: "وقال آخرون: يشكون".
    والمتأمل في الآيات التي ورد فيها (الظن) على معنى (اليقين)، أو الآيات التي ورد فيها (الظن) على معنى الشك، يجد أن الحمل على أحد المعنيين مستفاد من المعنى الكلي للآيات، وليس بمقتضى الوضع اللغوي؛ فقوله تعالى: {إني ظننت أني ملاق حسابيه}، لا يستقيم أن يفسر (الظن) هنا بمعنى الشك، أو العلم الذي لا يفيد اليقين؛ وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما، قوله: {إني ظننت أني ملاق حسابيه}، يقول: أيقنت. ويكون المعنى: أنه ما نجا إلا بخوفه من يوم الحساب، لأنه تيقن أن الله يحاسبه، فعمل للآخرة.
    الثالث: بمعنى التهمة، ومنه قوله تعالى: {الظانين بالله ظن السوء} (الفتح:6)، قال ابن كثير: "أي: يتهمون الله في حكمه". وعلى هذا المعنى قرئ قوله تعالى: {وما هو على الغيب بظنين} (سورة التكوير:24)، بـ (الظاء)، وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو والكسائي؛ والمعنى: وما محمد صلى الله عليه وسلم على ما أنزله الله إليه بمتهم. وقد رجح الآلوسي هذه القراءة، من جهة أنها أنسب بالمقام؛ لاتهام الكفرة له صلى الله عليه وسلم، ونفي (التهمة) أولى من نفي (البخل). ومن قرأها بـ (الضاد)، وهم الجمهور، فمعناها: وما محمد صلى الله عليه وسلم ببخيل، بل يبذل ما أعطاه الله لكل أحد.
    الرابع: بمعنى الوهم والتوهم، ومنه قوله سبحانه: {إن نظن إلا ظنا} (الجاثية:32)، قال ابن كثير: "أي: إن نتوهم وقوعها إلا توهماً، أي: مرجوحاً". وقال الخازن: " أي ما نعلم ذلك إلا حدساً وتوهماً"؛ وعلى هذا المعنى يُحمل قوله تعالى: {وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه} (الأنبياء:87)، قال الراغب: "الأولى: أن يكون من الظن الذي هو التوهم، أي: ظن أن لن نضيِّق عليه"، وهو قول كثير من العلماء في معنى الآية. ويكون معنى {نقدر}، من (القَدْر) الذي هو المنع والتضيق، كقوله تعالى: {ومن قدر عليه رزقه} (الطلاق:7)، وليس من (القدرة)؛ لاختلال المعنى؛ إذ لا يليق بالأنبياء - فضلاً عن غيرهم من البشر - أن يظنوا أن الله غير قادر عليهم.
    الخامس: بمعنى الحسبان، ومنه قوله تعالى: {وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا} (الجن:5)، قال الطبري: "قالوا: وأنا حسبنا أن لن تقول بنو آدم والجن على الله كذباً من القول ". وقال ابن كثير: "أي: ما حسبنا أن الإنس والجن يتمالؤون على الكذب على الله في نسبة الصاحبة والولد إليه".
    السادس: الاعتقاد الخاطئ، كما في قوله تعالى: {فما ظنكم برب العالمين} (الصافات:87)، قال ابن عاشور : "أريد بالظن: الاعتقاد الخطأ؛ والمعنى: أن اعتقادكم في جانب رب العالمين جهل منكر". ومن هذا القبيل قوله سبحانه: {إن بعض الظن إثم} (الحجرات:12)، وقوله تعالى: {إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون} (الأنعام:116)، وقوله عز وجل: {إن الظن لا يغني من الحق شيئا} (يونس:36). وقد ذكر ابن عاشور أن "الظن كثر إطلاقه في القرآن والسنة على العلم المخطئ، أو الجهل المركب، والتخيلات الباطلة."[6]
    الشاهد :
    ماذا يريد النابلسي من تقريره أن أغلب سنة النبي صلى الله عليه وسلم لا يؤخذ بها في العقيدة بحجة أنها من أخبار آحاد ؟؟
    فأي نوع من أقسام الظن الذي يريده النابلسي ؟
    وما أحسن ماقاله العلامة الألباني رحمه الله في الردّ فيما قرره النابلسي ودعا الناس إليه ،حيث قال رحمه الله : لقد عرضت لهم شبهة ثم صارت لديهم عقيدة، وهي أنَّ حجيث الآحاد لا يُفيد إلا الظن، ويعنون به الظن الراجح طبعاً. والظن الراجح يجب العمل به في الأحكام اتفاقاً، ولا يجوز الأخذ به عندهم في الأخبار الغيبية والمسائل العلمية، وهي المراد بالعقيدة. ونحن لو سلَّمْنا لهم جدلاً بقولهم "إنَّ حديث الآحاد لا يفيد إلا الظن" على إطلاقه؛ فإنَّا نسألهم: مِن أين لكم هذا التفريق؟ وما الدليل على أنه لا يجوز الأخذ بحديث الآحاد في العقيدة؟
    لقد رأينا بعض المعاصرين يستدلُّون على ذلك بقوله تعالى: ï´؟إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنْفُسُï´¾ [سورة النجم – الآية 23]، وبقوله سبحانه: ï´؟إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّï´¾ [سورة النجم – الآية 28]، ونحو ذلك مِن الآيات التي يذُم الله تعالى فيها المشركين على اتباعهم الظن. وفات هؤلاء المستدلين أن الظن المذكور في هذه الآيات ليس المراد به الظن الغالِب الذي يفيده خبر الآحاد والواجب الأخذ به اتفاقاً، وإنما هو الشك الذي هو الخرص. فقد جاء في "النهاية" و"اللسان" وغيرهما من كُتُب اللغة: (("الظن": الشك يعرِض لك في الشيء فتحققه وتحكم به)).
    فهذا هو الظن الذي نعاه الله تعالى على المشركين، ومما يؤيد ذلك قوله تعالى فيهم: ï´؟إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلا يَخْرُصُونَï´¾ [سورة يونُس – الآية 66]، فجعل الظن هو الخرص الذي هو مجرد الحرز والتخمين.
    ولو كان الظن المنعي على المشركين في هذه الآيات هو الظن الغالِب – كما زعم أولئك المستدلون – لم يجُز الأخذ به في الأحكام أيضاً، وذلك لسببين اثنين:
    الأول: أنَّ الله أنكره عليهم إنكاراً مطلقاً، ولم يخصه بالعقيدة دون الأحكام.
    الآخر: أنه تعالى صرَّح في بعض الآيات أنَّ الظن الذي أنكره على المشركين يشمل القول به في الأحكام أيضاً، فاسمع قوله تعالى الصريح في ذلك: ï´؟سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَاï´¾ (فهذا عقيدة) ï´؟وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍï´¾ (وهذا حُكم) ï´؟كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلا تَخْرُصُونَï´¾ [سورة الأنعام – الآية 148]، ويفسرها قوله تعالى: ï´؟قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَـزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَï´¾ [سورة الأعراف – الآية 33].
    فثبت مما تقدَّم أنَّ الظن الذي لا يجوز الأخذ به إنما هو الظن اللغوي المرادف للخرص والتخمين، والقول بغير عِلم، وأنه يُحَرَّم الأخذ به في الأحكام كما يُحَرَّم الأخذ به في العقائد، ولا فرق.
    وإذا كان الأمر كذلك فقد سلم لنا القول المتقدم: إنَّ كل الآيات والأحاديث المتقدمة الدالَّة على وجوب الأخذ بحديث الآحاد في الأحكام، تدُل أيضاً بعمومها وشمولها على وجوب الأخذ به في العقائد أيضاً. والحق أنَّ التفريق بين العقيدة والأحكام في وجوب الأخذ فيها بحديث الآحاد فلسفة دخيلة في الإسلام، لا يعرفها السلف الصالح ولا الأئمة الأربعة الذي يقلدهم جماهير المسلمين في العصر الحاضر.[7]
    هذا وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
    كتبه : عبد الحميد الهضابي.
    05 / 06 / 1438

    [1] ـ صحيح الإمام مسلم 1/ 13.
    [2] ـ "شرح صحيح مسلم (1/130)
    [3] ـ " - الكفاية (ص: 31)
    [4] ـ انظر : "مصطلح الحديث" (ص: 6- لابن عثيمين .
    [5] ـ
    وذهب ابن حبان رحمه الله إلى عدم وجود المتواتر - اللفظي – في الحديث النبوي ..وقال ابن الصلاح إلى أن المتاةتر اللفظي يندر وجوده .
    وذهب الحافظان العراقي وابن حجر وغيرهما إلى وجود المتواتر لفظا أو معنى موجود بكثرة ،وقد ردّ ابن حجر على هذا القول بقوله :وما ادعاه - يعنى بن الصلاح - من عزة المتواتر ممنوع وكذا ما ادعاه غيره من العدم به، لأن ذلك نشأ عن قلة الإطلاع على كثرة الطرق وأحوال الرجال وصفاتهم المقتضية لإبعاد العادة أن يتواطؤا على الكذب أو يحصل منهم اتفاقا، ومن أحسن ما يقرر به كون المتواتر موجودا وجود كثرة في الأحاديث أن الكتب المشهورة المتداولة بأيدي أهل العلم شرقا وغربا المقطوع عندهم بصحة نسبتها إلى مصنفيها إذا اجتمعت على إخراج حديث وتعددت طرقه تعدداً تحيل العادة تواطؤهم على الكذب إلى آخر الشروط أفاد العلم اليقيني بصحته إلى قائله ومثل ذلك في الكتب المشهورة كثير).
    [6] ـ ما بين المعكوفتين نقلته من مقال معنون بـــ"لفظ (الظن) في القرآن",
    [7] ـ " الحديث حُجَّة بنفسه في العقائد والأحكام"

  • #2
    رد: تحذير أولي الألباب من مخالفات محمد راتب النابلسيّ للسّنة والكتاب –الحلقة الثانية-

    جزاكم الله خيرا ونفع بكم
    وحبذا لو جعلتَ الحلقات مرتبطة بكلمة دلالية أو صنعت لها فهرسا أو جعلتَ الموضوع موضوعا واحدا متجددا بدل من تفريقه في مواضيع؛ وذلك لكي تيسر على القراء الوصول إلى المواضيع

    تعليق

    يعمل...
    X