إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

هذا أمر الله ((فاتّقوا اللّه وأصلحوا ذات بينكم ..))دعوة للصلح بين طائفتين دعوتهما واحدة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [مقال] هذا أمر الله ((فاتّقوا اللّه وأصلحوا ذات بينكم ..))دعوة للصلح بين طائفتين دعوتهما واحدة

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين الذي ألف بين قلوب المؤمنين ، ونزع الغل والحقد من قلوبهم بعضهم البعض ، قال تعالى :{وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }(63).
    وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين ، خير من امتثل الأمر والنهي ، ودعا إلى خير هدي ، وعلى آله وصحبه خير من استجاب واتقى وعلى من تبعهم بإحسان إلى أقوم طريق واهتدى .
    أما بعد :
    فإن أول ما أبدأ به أنأنصح لنفسي وإياكم جميعا بتقوى الله عز وجل ، فهي رأس الأمر كله ، وهي التي أوصى بها الله الأولين والآخرين فقال : { ولقد وصيناكم والذين من قبلكم أن اتقوا الله } فاتقوا الله حق التقوى واعلموا أن أجسامنا وأجسامكم على النار لا تقوى ، ونسأل الله لنا ولكم الهداية للطريق الأقوم والأقوى ..
    ثانيا: يا إخواننا السلفيين يا من دعوتهما واحدة ، يا من قد امتلأت قلوبهم لإخوانهم حبا في الله ، ونفوسهم مودة في ذات الله قبل هذا الخلاف ، وكانوا كما وصفهم الله في كتابه كالبنيان المرصوص ، ونبيه كالجسد الواحد ، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد وتألم لتألمه ؛ وفرح لفرحه وحزن لحزنه ، وأحب له ما يحب لنفسه ؛ فهما جسد ولا فرق .
    عن سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيّ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ الْمُؤْمِنَ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ، يَأْلَمُ الْمُؤْمِنُ لِأَهْلِ الْإِيمَانِ، كَمَا يَأْلَمُ الْجَسَدُ لِمَا فِي الرَّأْسِ" (1).
    قال ابن كثير (7/375) وَقَوْلُهُ: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} أَيِ: الْجَمِيعُ إِخْوَةٌ فِي الدِّينِ، كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ" (2) .
    وَفِي الصَّحِيحِ: "وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ" (3) .
    وَفِي الصَّحِيحِ أَيْضًا: "إِذَا دَعَا الْمُسْلِمُ لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ قَالَ الْمَلَكُ: آمِينَ، وَلَكَ بِمِثْلِهِ" (4) .
    وَالْأَحَادِيثُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ، وَفِي الصَّحِيحِ: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوادِّهم وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَوَاصُلِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ الْوَاحِدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بالحُمَّى والسَّهَر". وَفِي الصَّحِيحِ أَيْضًا: "الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ، يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا" وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ (5) .
    أيها الأفاضل ؛ ألستم أسعد النّاس بهذه النصوص ، ألا تأخذ بمجامع أحدكم ولبه هذه النصوص إذا سمعها فتأثر، وبادر إلى التجاوب معها ، وإعمالها دون إهمالها فتصالح مع إخوانه ، وذلك تصالح مع نفسه لأن المؤمنين أخوة ،فهم كالجسد الواحد ، فالتصالح معهم تصالح مع النفس ، فالتصالح معهم إخواننا تصالح مع أنفسنا .
    إخواننا الكرام ؛ قد شاع وذاع الخلاف الذي ذب بين السلفيين على مرآى ومسمع من العالم ، ولم يعد شيئا خفيا ، وهذا شيء طبيعي أن يكون ، فقد أخبرنا الله تعالى عن شيء من ذلك فقال :{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ..} (9) الحجرات. فلم يحصل قتال حتى اختلفوا وتفرقوا.
    فالخلاف منهي عنه ، ولكنه يحصل بين المؤمنين وهم أخوة ،لمشارب النفس وشحها ، وربما يصل إلى حد الاقتتال ، وقد وقع عبر تاريخ هذه الأمة ، ولكن المؤمن الحقيقي هو من يتجاوز هذا الخلاف ويستجيب لنداء الصلح الذي أمر الله به ، إذا دعي إليه ، كما استجاب الصحابة الذين حصل بينهم بعض الخلاف لأمر الله بالصلح ، ولا ينبغي أن يغلق باب الصلح بين الطائفتين المختلفتين لأن ذلك خلاف ما أمر الله به ؛ وعلى المؤمنين الذين لم يدخلوا في الخصام أن يسعوا إلى الصلح بكل ما أتوا من وجوه الشرع والتعقل والحكمة ، ودفع الشر والضر والبغي ولو بقتال الباغية التي لم تستجب إلى الصلح ، حتى ترجع إلى الحق ؛ فإن رجعت فينبغي الصلح بينهما بالعدل والإنصاف .
    يا مشايخنا وقادتنا الأفاضل لقد كنتم بالأمس القريب إخواننا متحابين ... واختلافكم اليوم لم يصل إلى درجة الاقتتال ، - والحمد لله - فلا تغلقوا أبواب الصلح وتأبى كل طائفة منكم إلا أن تتقوقع على نفسها وتتحزب لطائفتها دون الأخرى من إخوانكم فأنتم كالجسد الواحد، ولم الشمل وتأليف القلوب على المودة والألفة مطلب شعري واجب ، وإن الذين يسعون بالتعصب والتحريش من الأتباع والأيدي الخفية ليسوا على الطريق الصحيح ؛ فالمرجو منكم جميعا المبادرة إلى الصلح والاجتماع على كلمة سواء ، وأن نفوت على أعداء هذا المنهج المبارك الذين يتربصون بنا الدوائر وقد تكالبوا علينا من ككل حدب وصوب ، يفرحهم اختلافنا ، ويحزنهم اجتماعنا ، وقد رأينا ورأيتكم كيف استغل هذا الاختلاف أولئك الأعداء والخصوم المناوئون لأهل السنة والجماعة ، فالله الله في هذه الدعوة المباركة ، وعلينا جميعا أن نتجاوز هذا الخلاف وأن نتنازل عن حقوق أنفسنا وشح أنفسنا من أجل إعلاء كلمة الحق لا غير ...
    ثالثا : يا إخواننا علينا وعليكم جميعا أن نعظم الأمر والنهي ، قال تعالى :{ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [سورة الحج: 32].
    قال الماوردي في تفسيره (4/23): فيه وجهان:
    أحدهما: فروض الله. والثاني: معالم دينه ، وفيها ثلاثة أقاويل:

    أحدها: أنها مناسك الحج ، وتعظيمها إشعارها ، وهو مأثور عن جماعة.
    والثاني: أنها البُدن المشعرة ، وتعظيمها استسمانها واستحسانها ، وهو قول مجاهد.
    والثالث: أنها دين الله كله ، وتعظيمها التزامها ، وهو قول الحسن. {فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} قال الكلبي والسدي : من إخلاص القلوب. قال القرطبي في تفسيره (12/56): قوله تعالى: (ومن يعظم شعائر الله) الشعائر جمع شعيرة، وهو كل شيء لله تعالى فيه أمر أشعر به وأعلم... قال الشيخ السعدي (1/53: فتعظيم شعائر الله صادر من تقوى القلوب، فالمعظم لها يبرهن على تقواه وصحة إيمانه، لأن تعظيمها، تابع لتعظيم الله وإجلاله.
    فالذي يعظم شعائر الله إنما يعظم الأمر والنهي بالتزام دينه ، والاستجابة إلى ما يعود على هذه الأمة بالنصر والعزة والتمكين كما عزت ومكن لها بتعظيم الرعيل الأول أوامر الله تعالى ونواهيه وسرعة استجابتهم للامتثال وذلك من تقوى قلوبهم وإخلاصها وصدقها ، وهؤلاء هم حقا من قدروا الله حق قدره ، وعظموه حق تعظيمه مقدمين ما يحب ويرضاه على محابهم ..
    وقال تعالى:{وما قدروا الله حق قدره ..} .
    قال أبو جعفر(11/521):يقول تعالى ذكره:{وما قدروا الله حق قدره}، وما أجلُّوا الله حق إجلاله، ولا عظموه حق تعظيمه .
    13539 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء"، إلى قوله:"في خوضهم يلعبون"، هم اليهود والنصارى، قوم آتاهم الله علمًا فلم يقتدوا به، ولم يأخذوا به، ولم يعملوا به، فذمهم الله في عملهم ذلك. ذكر لنا أن أبا الدرداء كان يقول: إن من أكثر ما أنا مخاصَمٌ به غدًا أن يقال: يا أبا الدرداء، قد علمت، فماذا عملت فيما علمت؟
    قال الشيخ السعدي (1/264): هذا تشنيع على من نفى الرسالة، [من اليهود والمشركين] وزعم أن الله ما أنزل على بشر من شيء، فمن قال هذا، فما قدر الله حق قدره، ولا عظمه حق عظمته، إذ هذا قدح في حكمته، وزعم أنه يترك عباده هملا لا يأمرهم ولا ينهاهم، ونفي لأعظم منة، امتن الله بها على عباده، وهي الرسالة، التي لا طريق للعباد إلى نيل السعادة، والكرامة، والفلاح، إلا بها، فأي قدح في الله أعظم من هذا؟ " انتهى كلامه.
    فالذين يردون أوامر الله ولا يرفعون بها رأسا ويتحججون بحجج أوهى من بيت العنكبوت أو بأعذار هي أقبح من ذنوب ما قدروا الله حق قدره وما أجلُّوا الله حق إجلاله، ولا عظموه حق تعظيمه . ولا عرفوه حق معرفته ، ولا وصفوه حق وصفه، إذا ذهبوا يتحاكمون إلى عقولهم وعصبتهم بعصبية تدل على عدم إجلال الله وعدم تعظيم أوامره ..ف{مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا} ؟؟
    قال ابن عباس قال: ما لكم لا تعظمون الله حق عظمته.
    وقال مجاهد {مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا} قال: كانوا لا يبالون عظمة الله.قال : والرجاء: الطمع والمخافة.
    وعن ابن عباس ، قوله: (مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا) يقول: ما لكم لا تعلمون لله عظمة . تفسير ابن جرير (23/634). انتهى .
    وتعظيم الأمر والنهي هو تعظيم للآمر والناهي سبحانه وتعظيم الرسول هو تعظيم للمرسل له سبحانه وتعالى .
    ولتعلموا يا إخواننا أن الدين هو ما أنزله الله وجاء به رسوله صلى الله عليه وسلم من كتاب وسنة ، فلا عقلانيات ولا سفسطائية ولا حزبيات ولا طائفية ، ولا تأويلات فاسدة ، ولا لحمل الأدلة على المحامل الكامنة في النفوس ، ولا اتباع المتشابه من أدلة الوحي .. وإنما هو البرهان والدليل على منهج أقوم وأهدى سبيل.
    كما قال أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - في خطبته إنكم تقرؤون هذه الآية: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة: 105] إنكم تضعونها في غير موضعها، وإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه)) .
    فاتقوا الله ودعوا الحمية والانتصار ، والمغالبة والافتخار ؛ فإنها منتنة من سنن الجاهلية ، وعلينا وعليكم جميعا بالسمع والطاعة والجماعة ، والانقياد من أخف الأمور إلى أعلاها ؛فإن ذلك من شعب الإيمان .
    و
    ((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (الإيمانُ بِضعٌ وسُتونَ أَوْ بِضعٌ وسَبعونَ شُعبة أَفضلُها لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وأَدنَاهَا إِماطَةُ الأذَى عَن الطريقِ والحَياءُ شُعبةٌ مِن الإيمَان ...)) صحيح البخاري (09)ومسلم (57-5.
    فمن تلك الشعب تعظيم الأمر والنهي ، السمع والطاعة ، وعدم الخروج عن الجماعة ؛ وترك تعظيمهما أن تؤتى الجماعة من قبلنا ؛ فلا تكونوا معاول هدم لشُعب الإيمان بالاستخفاف ، والتهوين من شأن أوامر الله ونواهيه ، ونزع يد السمع والطاعة لمن ولاه الله أمرنا وفي مقدمتهم العلماء أهل الحل والعقد، ولا تكونوا معاول هدم لأخوة المؤمنين التي تربط جماعة أهل السنة والأثر ، فالتنازع يسبب الفشل ويذهب بالقوة والنصر ، ويقطع أواصر الأخوة ويفرق الجماعة ، وهذا شر وأي شر فمن تولى كبره أو كان سببا فيه فهو على غير السبيل وإن ادعى غير ذلك ..
    فعلينا وعليكم جميعا أن نتجاوز شح أنفسنا ، والانتصار لها وللطائفية ، وأن نخضع رقابنا للوحي المنزل ، والنصوص التي وردت بها السنة فلا ينبغي أن يستهان بها أو أن تستهجن أو يستخف بها ؛ فكيف إذا كانت نصوص في القرآن من مثل قوله تعالى :{ فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ...} .
    فلا بد من تحكيمه في كل صغير وكبير والرجوع إلى من أتاهم الله مقاليد الحكم في المسائل العلمية من الربانيين ، وترك التعذر والاعتذار بأمور هي أقبح من ذنب ، أو شروط لا توجد في كتاب الله ولا سنة رسوله مما يكون قرينة قوية بعدم الرضى بالإصلاح والتحاكم إلى أوامر الله ونواهيه . وقد قال تعالى {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم فانتهوا}ومما جاءنا به إصلاح ذات البين والحث عليها والترغيب فيها والدعوة إليها والحرص عليها بين من دعوتهم واحدة ومنهجهم واحد ومبتغاهم واحد وهو ظهور الحق وانتصار المنهج السلفي الحق وفي ذلك مرضاة الله والفوز بالدار الآخرة لا غير.
    لقد جاءت السنة النبوية تبين أن المتخاصمين المتقاطعين يؤخروا عن مغفرة الله تعالى حتى يصطلحوا ، فليحذر كل واحد من الطائفتين أن يكون هجره ومقاطعته لغير الله ، ولأسباب شخصية أو طائفية وليراجع كل واحد منّا مقصده في ذلك ،
    فالذين يخافون أن لا تغفر ذنوبهم ، وأن يؤخروا عن المغفرة حتى يصطلحوا بينهم يسارعون إلى تعظيم الأمر والنهي وتجاوز هذه المحن والإحن والفتن ؛ فتراهم يهضمون حقوق أنفسهم ويصطلحون مع إخوانهم رجاء مغفرة الله حتى لو كان لهم الحق أو بعض الحق ، لأن عدم المغفرة ليس بالأمر الهين ..فهي أعظم من بعض الحق الذي يطلبه وقد يكون فيه واهما أو متعديا ..

    وقد يحمل العبد هواه وعزته بنفسه أن يرى نفسه على الحق ، وأن خصمه على الباطل ، وربما كانت الحقيقة هي العكس ، فحبك الشيء يعمي ويصم ،لذلك فلنراجع أنفسنا ولندقق معها الحساب ، ولنحملها على قبول ظهور الحق وانتصاره على يد الغير من إخواننا السلفيين ، ولنحملها على الفرح والسرور على ذلك ، ولو كان في ذلك بخسا لها واحتقارا لجنابها فالمسألة مسألة دين والوقوف بين يدي رب العالمين .
    وقد أمرنا الله بإصلاح ذات البين ونهانا عن الخصومة فيه والتفرق والاختلاف عليه ، في غير ما آية ، فأين الحزم ؟ وأين العزم ؟ وأين كبح جماح النفس للاستجابة إلى هذا الأمر :{ اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم }. فأين الفعل المطابق للقول ، وكل الطائفتين تدعي أنها تريد الصلح ، وتتهم غيرها بأنها هي من لا يريد الصلح ، ودعوتهما واحدة ، وتصدران عن منبع واحد ومعين واحد ، ولغة الدليل لديهما واحدة .
    وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم من لم يعظم أمره عليه الذلة والصغار فقال : << وجعل الذل والصغار على من خالف أمري >>. أخرجه البخاري معلقا.
    ولنعلم أن هذه الذلة واقعة على من خالف أمره صلى الله عليه وسلم إن عاجلا أو آجلا ، لا محالة ، فتصيب المخالف كما أصابت أهل البدع والأهواء فيعيشون في ذلة ، وهذه المذلة هي أشد من ذلة أهل المعاصي .
    وقد حذرنا الله تعالى أشد الحذر من عدم تعظيم أمره ، وأمر رسوله أو مخالفتهما فقال عز من قائل :{ فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو عذاب أليم } وأي مصيبة أعظم من أن تصيب المدعي سنة رسول الله فتنة أو العذاب الأليم ، وهذا وعيد شديد يحذره المؤمن ويخاف أن يقع عليه ..
    وقد نفى الله تعالى الإيمان عمن لم يرض بحكمه ويسلم له تعظيما وتحكيما ، وأنه لا يمكن أن يكون مؤمنا حقيقيا حتى يحكم الرسول فيما شجر بينه وبين غيره من المسلمين فضلا عن إخوانه السنيين السلفيين وزيادة على الرضا لا يجد في نفسه أدنى حرج من الحكم له أو عليه ؛لأن قصده ظهور الحق وليس ظهور الخلق ..
    فقال جل وعز :{ فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } [سورة النساء: 65].
    واعلموا - رحمني الله وإياكم - أن تعظيم الأمر والنهي له مراتب فأول مراتب تعظيم الأمر التصديق به، ثم العزم الجازم على امتثاله، ثم المسارعة إليه والمبادرة به، والحذر عن القواطع والموانع، ثم بذل الجهد والنصح في الإتيان به على أكمل الوجوه، ثم فعله لكونه مأمورا، بحيث لا يتوقف الإتيان به على معرفة حكمته، فإن ظهرت له فعله وإلا عطله، فإن هذا ينافي الانقياد، ويقدح في الامتثال.
    قال شيخ الإسلام في تعظيم الأمر والنهي : هو أن لا يُعارضا بترخيص جاف ولا يعارضا بتشديد غال ، ولا يحملا على علة توهن الانقياد ، وذلك بأن يسلم لأمر الله وحكمته ممتثلا ما أمر به سواء ظهرت له حكمته أو لم تظهر فإن ظهرت له حكمة الشرع في أمره ونهيه حمله ذلك على مزيد الانقياد والبذل والتسليم ولا يحمله ذلك على الانسلاخ من تركه . الوابل الصيب (1/10).
    وقال الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى – الوابل الصيب (1/ : تعظيم الأمر والنهي ناشئ عن تعظيم الآمر والناهي فإن الله تعالى ذم من لا يعظم أمره ونهيه وقال سبحانه وتعالى: { مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (13) } [نوح: 13]، قالوا في تفسيرها: ما لكم لا تخافون لله تعالى عظمة...
    وقال في معنى كلام شيخ الإسلام : ومعناه : أن أول مراتب تعظيم الحق - عز وجل - تعظيم أمره ونهيه، وإنّما يكون ذلك بتعظيم أمر الله - عز وجل - واتباعه، وتعظيم نهيه واجتنابه، فيكون تعظيم المؤمن لأمر الله تعالى ونهيه دالاً على تعظيمه لصاحب الأمر والنهي، ويكون بحسب هذا التعظيم من الأبرار المشهود لهم بالإيمان، والتصديق وصحة العقيدة، والبراءة من النفاق ،فإن الرجل قد يتعاطى فعل الأمر لنظر الخلق، وطلب المنزلة والجاه عندهم، ويتقي المناهي خشية سقوطه من أعينهم، وخشية العقوبات الدنيوية من الحدود التي رتبها الشارع صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على المناهي.
    فهذا ليس فعله وتركه صادراً عن تعظيم الأمر والنهي ولا تعظيم الآمر والناهي، فعلامة التعظيم للأوامر رعاية أوقاتها وحدودها والتفتيش على أركانها وواجباتها وكمالها، والحرص على تحينها في أوقاتها، والمسارعة إليها عند وجوبها، والحزن والكآبة والأسف عند فوت حق من حقوقها، كمن يحزن على فوت الجماعة ويعلم أنه تقبلت منه صلاته منفرداً فإنه قد فاته سبعة وعشرون ضعفاً. انتهى بتصرف .
    ومن هذا الباب قوله تعالى{ثمّ كان من الّذين آمنوا وتواصوا بالصّبر وتواصوا بالْمرحمة }(17)سورة البلد.
    وفي سورة العصر{إلَا الذين آمنوا وعملوا الصالِحات وتواصوا بالْحقّ وتواصوْا بالصّبر}.
    فهل عظمنا هذا الأمر بالتواصي بالحق، والتواصي بالصبر على جفاء وظلم بعضنا لبعض ؟؟
    ومن الأوامر والنواهي التي ينبغي أن تعظم وينقاد لها قوله تعالى{فاتّقوا اللّه وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين}(1)سورة الأنفال .
    قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي - رحمه الله- [ج2/187]: عليكم إذا حكم الله ورسوله أن ترضوا بحكمهما ، وتسلموا الأمر لهما ، وذلك داخل في قوله:{فاتقوا الله} بامتثال أوامره،واجتناب نواهيه،{وأصلحوا ذات بينكم} أي أصلحوا ما بينكم من التشاحن ، والتقاطع، والتنابز، بالتواد ، والتحاب ، والتواصل فبذلك تجتمع كلمتكم ، ويزول ما يحصل – بسبب التقاطع – من التخاصم ، والتشاجر ، والتنازع ويدخل في إصلاح ذات البين تحسين الخلق لهم،والعفو عن المسيئين منهم فإنه بذلك يزول كثير مما يكون في القلوب من البغضاء والتدابر.والأمر الجامع لذلك كله :قوله تعالى:{وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين}.
    وقال ابن كثير رحمه الله [ج2/ 1260]: اتقوا الله في أموركم ، وأصلحوا فيما بينكم ولا تظالموا، ولا تخاصموا ولا تشاجروا فما آتاكم الله من الهدى والعلم خير مما تختصمون بسببه .ا.هـ
    فلا شك أن المنهج الذي منّ الله به عليكم وهداكم إليه ، وخصكم به من دون سائر الخلق والطوائف وهو سبيل المؤمنين على منهاج النبوة ، ومنهج الفرقة الناجية والطائفة المنصورة الرضية المرضية خير مما تتخاصمون بسببه مما تتهم كل طائفة الأخرى به ، وتتبرأ كل واحدة مما اتهمت به مما يوجب الفرقة وتمزيق الصف – أيدي سبأ – مما ذمه الله تعالى وجعله كله شر .
    ومن الأوامر والنواهي التي ينبغي أن تعظم وينقاد لها قوله تعالى :{{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }. (9) الحجرات. فقد كرر الأمر بالإصلاح توكيدا للقيام به بالعدل الذي أمر الله به .
    قال أبو جعفر ابن جرير 22/292) القول في تأويل قوله تعالى:{ وإن طائفتان من أهل الإيمان اقتتلوا، فأصلحوا ..} أيها المؤمنون بينهما بالدعاء إلى حكم كتاب الله، والرضا بما فيه لهما وعليهما، وذلك هو الإصلاح بينهما بالعدل..
    (فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأخْرَى) يقول: فإن أبَت إحدى هاتين الطائفتين الإجابة إلى حكم كتاب الله له، وعليه وتعدّت ما جعل الله عدلا بين خلقه، وأجابت الأخرى منهما (فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي) يقول: فقاتلوا التي تعتدي، وتأبى الإجابة إلى حكم الله (حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ) يقول: حتى ترجع إلى حكم الله الذي حكم في كتابه بين خلقه (فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ) يقول: فإن رجعت الباغية بعد قتالكم إياهم إلى الرضا بحكم الله في كتابه، فأصلحوا بينها وبين الطائفة الأخرى التي قاتلتها بالعدل: يعني بالإنصاف بينهما، وذلك حكم الله في كتابه الذي جعله عدلا بين خلقه. ثم ذكر من قال ذلك من علماء السلف ومنهم ابن عباس رضي الله عنهما قال : فإن الله سبحانه أمر النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم والمؤمنين إذا اقتتلت طائفتان من المؤمنين أن يدعوهم إلى حكم الله، وينصف بعضهم من بعض، فإن أجابوا حكم فيهم بكتاب الله، حتى ينصف المظلوم من الظالم، فمن أبى منهم أن يجيب فهو باغ، فحقّ على إمام المؤمنين أن يجاهدهم ويقاتلهم، حتى يفيئوا إلى أمر الله، ويقرّوا بحكم الله.
    وعن قتادة (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا) وليست كما تأوّلها أهل الشبهات، وأهل البدع، وأهل الفراء على الله وعلى كتابه، أنه المؤمن يحلّ لك قتله، فوالله لقد عظَّم الله حُرمة المؤمن حتى نهاك أن تظنّ بأخيك إلا خيرا، فقال { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}... الآية.
    قال البغوي (7/340 -341): وَيُرْوَى أَنَّهَا لَمَّا نَزَلَتْ قَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاصْطَلَحُوا وَكَفَّ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ. وذكره جمع من المفسرين.
    وقوله{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} فِي الدِّينِ وَالْوِلَايَةِ .. عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَشْتُمُهُ، مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ بِهَا عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" اتهى كلامه.(6) .
    قال العلامة السعدي (1/800): هذا متضمن لنهي المؤمنين، [عن] أن يبغي بعضهم على بعض، ويقاتل بعضهم بعضًا، وأنه إذا اقتتلت طائفتان من المؤمنين، فإن على غيرهم من المؤمنين أن يتلافوا هذا الشر الكبير، بالإصلاح بينهم، والتوسط بذلك على أكمل وجه يقع به الصلح، ويسلكوا الطريق الموصلة إلى ذلك، فإن صلحتا، فبها ونعمت، وإن {بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} أي: ترجع إلى ما حد الله ورسوله، من فعل الخير وترك الشر، الذي من أعظمه، الاقتتال، [وقوله] {فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ} هذا أمر بالصلح، وبالعدل في الصلح، فإن الصلح، قد يوجد، ولكن لا يكون بالعدل، بل بالظلم والحيف على أحد الخصمين، فهذا ليس هو الصلح المأمور به، فيجب أن لا يراعى أحدهما، لقرابة، أو وطن، أو غير ذلك من المقاصد والأغراض، التي توجب العدول عن العدل، {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} أي: العادلين في حكمهم بين الناس وفي جميع الولايات، التي تولوها، حتى إنه، قد يدخل في ذلك عدل الرجل في أهله، وعياله، في أدائه حقوقهم، وفي الحديث الصحيح: "المقسطون عند الله، على منابر من نور الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم، وما ولوا".
    وقوله :{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} هذا عقد، عقده الله بين المؤمنين، أنه إذا وجد من أي شخص كان، في مشرق الأرض ومغربها، الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، فإنه أخ للمؤمنين، أخوة توجب أن يحب له المؤمنون، ما يحبون لأنفسهم، ويكرهون له، ما يكرهون لأنفسهم، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم آمرًا بحقوق الأخوة الإيمانية: "لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا يبع أحدكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانًا المؤمن أخو المؤمن، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره" (متفق عليه.) .
    وقال صلى الله عليه وسلم "المؤمن للمؤمن، كالبنيان يشد بعضه بعضًا" وشبك صلى الله عليه وسلم بين أصابعه. أخرجاه.
    ولقد أمر الله ورسوله، بالقيام بحقوق المؤمنين، بعضهم لبعض، وبما به يحصل التآلف والتوادد، والتواصل بينهم، كل هذا، تأييد لحقوق بعضهم على بعض، فمن ذلك، إذا وقع الاقتتال بينهم، الموجب لتفرق القلوب وتباغضها [وتدابرها] ، فليصلح المؤمنون بين إخوانهم، وليسعوا فيما به يزول شنآنهم.
    ثم أمر بالتقوى عمومًا، ورتب على القيام بحقوق المؤمنين وبتقوى الله، الرحمة [فقال: {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} وإذا حصلت الرحمة، حصل خير الدنيا والآخرة، ودل ذلك، على أن عدم القيام بحقوق المؤمنين، من أعظم حواجب الرحمة.
    وفي هاتين الآيتين من الفوائد، غير ما تقدم: أن الاقتتال بين المؤمنين مناف للأخوة الإيمانية، ولهذا، كان من أكبر الكبائر، وأن الإيمان، والأخوة الإيمانية، لا تزول مع وجود القتال كغيره من الذنوب الكبار، التي دون الشرك، وعلى ذلك مذهب أهل السنة والجماعة، وعلى وجوب الإصلاح، بين المؤمنين بالعدل، وعلى وجوب قتال البغاة، حتى يرجعوا إلى أمر الله، وعلى أنهم لو رجعوا، لغير أمر الله، بأن رجعوا على وجه لا يجوز الإقرار عليه والتزامه، أنه لا يجوز ذلك، وأن أموالهم معصومة، لأن الله أباح دماءهم وقت استمرارهم على بغيهم خاصة، دون أموالهم. انتهى .
    طريق الصلح :
    قال القرطبي - رحمه الله- في تفسيره : ( ج 16 / 317 ) .
    المسألة الثانية : قال العلماء : فالواجب إزالة الشبهة بين المتنازعين بالحجة النيرة ، والبراهين القاطعة على مراشد الحق ، فإن ركبتا متن اللجاج ولم تعملا على شاكلة ما هديتا إليه ونصحتا به من إتباع الحق بعد وضوحه لهما فقد لحقتا بالفئتين الباغيتين.والله أعلم .
    قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - : في شرح رياض الصالحين 3/33- 34): ثم اعلم أن الصلح يجوز فيه التورية أي أن تقول لشخص: إن فلاناً لم يتكلم فيك بشيء، إن فلاناً يحب أهل الخير وما أشبه ذلك، أو تقول: فلان يحبك إن كنت من أهل الخير، وتضمر في نفسك جملة ((إن كنت من أهل الخير)) لأجل أن تخرج من الكذب.
    وقال الله عز وجل: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلا جُنَاحَ عَلَيهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128] . هذه جملة عامة ((الصلح خير)) في جميع الأمور.
    ثم قال تعالى: (وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحّ) [النساء: 128] ، إشارة إلى أن الإنسان ينبغي له عند الإصلاح أن يتنازل عما في نفسه، وأن لا يتبع نفسه؛ لأنه إذا اتبع نفسه فإن النفس شحيحة، ربما يريد الإنسان أن يأخذ بحقه كاملاً، وإذا أراد الإنسان أن يأخذ بحقه كاملاً؛ فإن الصلح يتعذر؛ لأنك إذا أردت أن تأخذ بحقك كاملاً وأراد صاحبك أن يأخذ بحقه كاملاً؛ لم يكن إصلاحاً.
    لكن إذا تنازل كل واحد منكما عما يريد وغلب شحّ نفسه؛ فإنه يحصل الخير ويحصل الصلح، وهذا هو الفائدة من قوله تعالى: (وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ) بعد قوله: (وَالصُّلْحُ خَيْرٌ).
    وقال تعالى: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا) [الحجرات: 9] ، فأمر الله عز وجل بالإصلاح بين المتقاتلين من المؤمنين. والحاصل أن الإصلاح كله خير، فعليك يا أخي المسلم إذا رأيت شخصين متنازعين متباغضين متعاديين؛ أن تصلح بينهما؛ لتنال الخير الكثير، وابتغ في ذلك وجه الله وإصلاح عباد الله حتى يحصل لك الخير الكثير .
    كما قال الله تعالى: (وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) [النساء: 114] .
    وأنتم يا إخواننا الأفاضل في غنى عن أن تُذكروا بفضل الصلح والإصلاح بين النّاس ، وكلنّا يحب الصلح والإصلاح بين النّاس لينال ما فيه من ثواب ، وإذا كان الحال كذلك فلنبدأ بالإصلاح فيما بيننا وبين الله ، وأن نكف عن مخالفة أوامره فما نزل عقاب إلا بذنب ، وما حصلت فرقة إلا بمخالفة ، ولا وقعت هزيمة إلا بمعصية، ونسارع إلى التوبة وإصلاح أنفسنا والتصالح مع إخواننا ولو كانوا من البغاة علينا مادام الباب لم يغلق بيننا وبينهم ويصل إلى حد الاقتتال ،بل حتى لو وصل إلى ذلك فعلى المؤمنين العقلاء وطلاب العلم النبلاء الذين لم يدخلوا في هذا الاختلاف أن يسعوا كما أمرهم الله للصلح بين إخوانهم ، وقد بادر إلى ذلك ثلة من العلماء الربانيين ودوت صرختهم في سماء السلفيين وساحتهم داعية إلى الصلح والتآلف ، وقد رحب بها السلفيون وفرحوا بذلك لعل وعسى أن يسد هذا الباب وتعود المياه إلى مجراها الطبيعي ، وفي اعتقادي أن كل سلفي يحب اجتماع كلمة السلفيين ووحدة صفهم وتآلف قلوبهم .
    اللهم أنك تعلم أنني أحب السلفيين أي كانوا وأين وجدوا وأحب العلماء والمشايخ السلفيين ، وما كتبت الذي كتبه هنا إلا امتثالا لأمرك بالصلح بينهم وحبا في اجتماع كلمتهم ووحدة صفهم .
    وأخيرا أسأل الله أن يجعلني وإياكم من الصالحين المصلحين، وأن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه إن ربنا سميع قريب مجيب .
    الهامش:
    --------------
    (1) - قال ابن كثير (7/375) بعد أن أخرجه : تَفَرَّدَ بِهِ وَلَا بأس بإسناده. وهو في صحيح الجامع(6659) وقال الشيخ الألباني: (حسن) [حم] عن سهل بن سعد. الصحيحة 1137. وقال شعيب الأرنئوط في تحقيق المسند 37/517) : صحيح لغيره.
    (2) رواه البخاري في صحيحه برقم (2442) ومسلم في صحيحه برقم (2580) من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما. (3) صحيح مسلم برقم (2699) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
    (4) صحيح مسلم برقم (2732) من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه.
    (5) صحيح البخاري برقم (6011) وصحيح مسلم برقم (2586) من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه.
    (6) أخرجه البخاري في المظالم، باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه: (5/97) ومسلم في البر والصلة باب تحريم الظلم برقم: (2580) :( 4 / 1996).

  • #2
    رد: هذا أمر الله ((فاتّقوا اللّه وأصلحوا ذات بينكم ..))دعوة للصلح بين طائفتين دعوتهما واحدة

    جزاكم الله خيرا شيخنا الفاضل ونفع الله بك
    الملفات المرفقة

    تعليق

    يعمل...
    X