إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

فكرة جديدة .. تفريغ مزدوج .. شرح المراكشية للشيخين الراجحي والرحيلي ..

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • فكرة جديدة .. تفريغ مزدوج .. شرح المراكشية للشيخين الراجحي والرحيلي ..

    بِسْمِ الله الرَّحمنِ الرَّحيمِ
    الحمدُ لله والصَّلاةُ والسَّلامُ علَى رَسُولِ الله وعلَى آلِه وصَحبِه ومنْ والاهُ ، وبَعْدُ

    هذه فكرةٌ أرى أنَّها جيِّدةٌ ، جمعُ أكثرِ مِنْ شَرْحٍ في مَوْضِعٍ واحدٍ ، فلِكلِّ عالِمٍ طَريقةٌ وعندَ كلٍّ ما ليسَ عندَ الآخر ، ويمكنُ تطبيقُ هذَا في إثْباتِ شُرُوحٍ كاملةٍ أوْ فَوائِدَ منْ غَيرِ شَرحٍ ، ولِلشَّيْخِ الخضَيرِ طَريقةٌ في دِراسةِ كُتُبِ الحديثِ ذَكرها في بَعْضِ المحاضَراتِ التَّأصِيلِيَّـةِ تَفْنَى دُونَها الأَعمارُ ! لا لا ، هكذَا يقُولُ بَعْضُ ضِعافِ الهمَّةِ يُثَـبِّطُونَ أَصْحابَ الهممِ ! مَنْ جدَّ وجدَ ، ومثْلُ هذِه الطَّريقةِ أخْرجتْ لَنا كالشَّيخِ وهو مَنْ هو ، والله المستعانُ .

    ندخُلُ في الموضُوعِ :

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ


    مُقَـدِّمةُ العَلَّامةِ عبدِ العَزيزِ بْنِ عَبْدِ الله الرَّاجِحِيِّ حفِظهُ اللهُ تعالَى :

    بِسْمِ الله الرَّحمنِ الرَّحيمِ

    إِنَّ الحمدَ لله نَحْمدُهُ ونَسْتَعِـينُـهُ ونَسْتَـغْفِرُهُ ، ونَعُوذُ بِالله مِنْ شُـرُورِ أَنْفُسِنا ومِنْ سَيِّـئَاتِ أَعْمالِنا ، مَنْ يَهْدِه اللهُ فَلا مُضِلَّ لَه ، ومنْ يُضْلِلْ فلا هَادِيَ لَهُ ، وأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَه إِلَّا اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لهُ ، وأَشْهدُ أَنَّ سَيِّدَنا ونَبِيَّنا وإِمامَنا وقُدْوَتَنا محمَّدًا بْنَ عبدِ الله بْنِ عَبدِ المطَّلِبِ الهاشِمِيَّ القُرَشِيَّ العَرَبِيَّ المكِّيَّ ثُمَّ المدَنِيَّ أَشْهدُ أَنَّـهُ رَسُولُ الله إِلَى الثَّقَلَيْنِ الجِنِّ والإِنْسِ ، إِلى العَرَبِ والعَجَمِ ، أَشْهدُ أَنَّـهُ بَلَّغَ الرِّسَالةَ ، وأَدَّى الأَمانةَ ونَصَحَ الأُمَّةَ وجاهَدَ في الله حَقَّ جِهادِه حَتَّى أَتاهُ مِن رَبِّه اليَـقينُ ، فَصَلَواتُ الله وسَلامُهُ علَيه وعلَى إِخْوانِه مِنَ النَّبِـيِّـينَ والمرْسَلِينَ وعلَى آلِه وعلَى أَصْحابِه وعلَى أَتْباعِه بِـإِحْسَانٍ إِلَى يَومِ الدِّينَ ، اللهُمَّ اجْعَلْنا مِنْ أَتْباعِهِمْ ، واحْشُرْنا معَهُمْ وفي زُمْرَتِهمْ ، أَمَّـا بَعْدُ :
    فإنَّ اللهَ سُبْحانَه وتعالَى بَعثَ نَبِيَّـهُ محمَّدًا صَلَّى اللهُ علَيْه وعلَى آلِه وسَلَّمَ بِالهدَى ودِينِ الحقِّ ، بَعَثَهُ اللهُ تَعالَى رَحْمةً لِلْعالَمِـينَ ، وهُدًى لِـمَنْ شَرحَ اللهُ صَدْرَه بِالحقِّ الـمُبِـينِ ، فبلَّغَ الرِّسالةَ وأَدَّى الأَمانةَ ، وجاهدَ في الله حَقَّ جِهادِه ؛ حَتَّى دَخلَ النَّاسُ في دِينِ الله أَفْواجًا ، وانتَشَرَ دينُ الله وطَـبَّقَ الأَرْضَ شَرْقًا وغَرْبًا .
    فدخلَتْ في الإِسْلامِ شُعُوبٌ مُخْـتَلِفةٌ ، مُخْـتَلِفةُ الأَلْسِنةِ ومُخْـتَلِفةُ الأَفْـكَارِ ، لـهُمْ حَضَاراتٌ ولـهُمْ أَدْيانٌ ، أُممٌ دخلَتْ في الإِسْلامِ ، منَ الفُرْسِ والرُّومِ والهنْـدِ ، فانْـتَشَرَتْ مَذَاهِبُـهُمْ وعَقَائِدُهُمْ وأَدْيانُهُمْ ، فانتَشَرتِ الفَلْسَفةُ الإِشْراقِيَّـةُ مِنْ أَفْلاطُونِـيَّـةٍ يُونانِـيَّـةٍ ومِنْ فارِسِيَّـةٍ مَجُوسِيَّـةٍ تَحتَ سِتارِ التَّصَوُّفِ والرُّوحانِيَّـةِ ، وكذلِكَ راجَتِ الفَلْسَفةُ المشَّائِيَّـةُ الأرُوسْطِيَّـةِ الَّتي يتزَعَّمُها ( أَرُوسْطُو ) أَوْ ( أَرُوسْطَاطَالِـيسُ ) بِاسْمِ الكلامِ والمنطِقِ والحِكمةِ والجدَلِ .
    فَنشَأَ في النَّاسِ عَقَائِدُ تُخالِفُ وتُبايِنُ ما جاءَ في الكِتابِ والسُّنَّـةِ ، تُناقِضُ ما جاءَ صَرِيحًا عنِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ علَيه وعلَى آلِه وسَلَّمَ وعنْ أَصْحابِه .
    ودخلَ في الإسْلامِ مَنْ كانَ في قَـلْبِه نِفاقٌ ، دخلَ في الإِسْلامِ مَنْ لا يُـرِيدُ الإِسْلامَ مِنَ المنافِـقِينَ الَّذينَ مُلِئَتْ قُلُوبُهُمْ حِقْدًا وحَنَقًا علَى الإِسْلامِ ؛ يُرِيدُونَ المكرَ بِالإِسْلامِ ، " واللهُ مُتِمُّ نُورِهِ ولَوْ كَرِهَ الكافِرُونَ " (1) .
    فَنَـشَأَتْ في الإِسْلامِ عَـقَائِدُ ومَذَاهِبُ مُخْـتَلِفةٌ ؛ فَظَهَرَتْ فِرْقَةُ الخوارِجِ في أَواخِرِ خِلافةِ الـخُلفاءِ الرَّاشِدِينَ ، ظَهَرُوا علَى الخلِيفةِ الرَّاشِدِ عَـلِيٍّ بْنِ أَبي طالبٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ بِالكُوفةِ والعِراقِ ، وقَـتَلُوا قَـبْلَهُ الخلِيفةَ الرَّاشِدَ عُثْمانَ بْنَ عفَّانٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ .
    وظَهَرَتْ في مُقَابَلَتِـهِمْ فِرَقُ التَّشَيُّعِ حَتَّى وُجِدَتِ الرَّافِضَةُ ، وانتَـشَرَ الرِّفْضُ (2) ، ثُمَّ ظَهَرَتْ بِدْعةُ الإِرْجاءِ ، ثُمَّ ظَهَرَتِ الجَهْمِيَّـةُ والمعْتَزِلَةُ ، وهكذَا نَشَأَتْ هذِه الفِرَقُ " تَـتَجارَى بِهِمُ الأَهْواءُ كما يَـتَجارَى الكلَبُ بِصَاحِـبِه " .
    وقَـيَّضَ اللهُ تَعالَى لِـهؤُلاءِ حَمَـلَةَ السُّنَّـةِ وحُماةَ الدِّينِ أَهْلَ الحديثِ والأَثرِ فناصَرُوا السُّنَّـةَ وبيَّـنُوا ما جاءَ به الإِسْلامُ وجاهَدُوا في الله حَقَّ جِهادِه ، وجاهَدُوا أَهْلَ البِدعِ ، واسْتَمرَّ الجِهادُ مِنْ أَهْلِ السُّنَّـةِ لأَهْلِ البِدَعِ مِن مَطْـلَعِ الـمِئَـةِ الثَّانِـيَـةِ إِلَى يَوْمِنا هذَا .
    وكانَ الإِسْلامُ وأَهْلُه في عِزٍّ وقُوَّةٍ ونَشَاطٍ وأَعْلامُ الجِهادِ مَنْشُورةً ، والسُّنَنُ ظاهِرَةً ، والبِدَعُ مَكْبُوتَـةً ، والحقُّ ظاهِرًا ، ثُمَّ بَعْدَ ذلِكَ جاءَتِ الدَّوْلةُ العَبَّاسِيَّـةُ وجاءَ عَهْدُ الخليفةِ المأْمُونِ علَى رَأْسِ المِـئَـتَيْنِ فَظَهرَ التَّـشَيُّعُ وأَبْدَى صَفْحتَـهُ ، وعُرِّبَتْ كُتُبُ اليُونانِ وانْتَشَرَ في النَّاسِ عُلُومٌ تُخالِفُ عِلْمَ النُّـبُوَّةِ ولا تُوافِقُ تَوْحيدَ الأَنْبِـيَاءِ والـمُرسَلِـينَ ـ وقَدْ كانتِ الأُمَّـةُ قَـبْلَ ذلِكَ في عافِيَـةٍ ـ ؛ فقَوِيَتْ شَوْكةُ المعْتَزِلةِ ، وقَوِيَتْ شَوْكةُ الرَّافِضَةِ ، وحَمَلَ المأْمُونُ المسْلِمينَ والأَئِمَّةَ والعُلَماءَ علَى القَوْلِ بِخَلْقِ القُرْآنِ ودَعاهُمْ إِلَيْه ؛ فامْتَحنَ العُلَماءَ ، أَيَّدَ اللهُ تعالَى أَهْلَ السُّنَّـةِ وثَـبَّتَ اللهُ تعالَى أَهْلَ الحقِّ والأَئِمَّـةَ .
    ثَبَّتَ اللهُ تعالَى الإِمامَ أَحْمدَ رحمهُ الله وصَبَرَ يَوْمَ المِحْنةِ كما أَنَّ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللهُ عنْهُ صَبَرَ يَوْمَ الرِّدَّةِ ، قَـيَّضَ اللهُ لِلْإسْلامِ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللهُ عنهُ لَـمَّا ارْتَدَّ العَرَبُ وقَـيَّضَ اللهُ الإِمامَ أَحْمدَ رحمهُ اللهُ يَوْمَ المِحْنةِ فصَبَرَ وصَمدَ كالجِبالِ الرَّاسِياتِ ولَمْ يُوافِقْهُمْ علَى القَوْلِ بِخَلْقِ القُرْآنِ ، حتَّى يَسَّرَ اللهُ سُبْحانهُ وتَعالَى أَنْ تَـزُولَ هذِه المِحْنةُ وهذِه البَـلِـيَّـةُ .
    ثُمَّ بَعْدَ ذلِكَ تَـتابَعَ العُلَماءُ والأَئِمَّةُ يُناصِرُونَ السُّنَّـةَ ويكبِتُونَ ويَقْمَعُونَ البِدْعةَ وأَهْلَها ويُجاهِدُونَ ويُناضِلُونَ عنْ دِينِ الله ، ويُنافِحُونَ بِما أُوتُوا مِنْ قُـوَّةٍ .
    ومِنْ هؤُلاءِ الأَئِمَّـةِ الَّذينَ نَصَرَ اللهُ بِهمُ الحقَّ والَّذينَ جاهَدُوا بِأَبْدانِهمْ وأَلْسِنَتِهمْ وأَقْلامِهِمْ الإِمامُ شَيْخُ الإِسْلامِ أَحمدُ بْنُ عبدِ الحليمِ بْنِ عبدِ السَّلامِ بْنِ تَيْـمِـيَّـةَ الحرَّانِيُّ ، المولُودُ سَنَـةَ سِتِّمِئَـةٍ وإِحْدَى وسِتِّينَ والمتَوَفَّى سَنةَ سَبعِمِئَـةٍ وثمانٍ وعِشْرِينَ رحمهُ اللهُ تعالَى .
    فَأَلَّفَ المؤَلَّفاتِ العَظيمةَ وكَتبَ الرُّدُودَ ، وآتاهُ اللهُ تعالَى منَ القُـوَّةِ والتَّحمُّلِ ، وآتاهُ اللهُ منَ العِلْمِ والصَّبْرِ والمصَابَـرَةِ ؛ فقَارَعَ أَهْلَ البِدَعِ والمشْرِكينَ والنَّصَارَى ، رَدَّ علَى النَّصَارَى وقَارَعَهُمْ بِحُجَجِهمْ ، ورَدَّ علَى الرَّافِضَةِ وهَدَمَ مَذْهَبَهُمْ ، وردَّ علَى المعتَزِلةِ ، وردَّ علَى الـمُرجِئَـةِ ، وردَّ علَى الصُّوفِـيَّـةِ ، وردَّ على الاتِّحـادِيَّـةِ ، وعلَى الفَـلاسِفةِ وأَهْلِ الـمَـنطِـقِ
    والجدلِ ، كلَّ هؤُلاءِ قارَعَهُمْ بِالأَدِلَّةِ .
    وأَلَّفَ في ذلِكَ المؤَلَّفاتِ العَظِيمةِ ، مِنها : ( مِنهاجُ السُّنَّـةِ ) ، ومنهَا : ( دَرْءُ تَعارُضِ العَقْلِ والنَّقْلِ ) و ( بيانُ تَلْبِـيسِ الـجَهْمِيَّـةِ ) ، وغَيْرَها مِنَ الكُتُبِ العَظيمةِ .
    وعدَّ الإِمامُ ابْنُ القَـيِّمِ رحمهُ اللهُ مُؤَلَّفاتِ هذَا الإِمامِ ، وقالَ : إِنَّ لَه مِنَ المؤلَّفاتِ العَظِيمةِ ، وقالَ : [ الكامل ]

    وَاقْـرَأ تَصَانِـيفَ الإِمامِ حَقِـيقَـةً ......... شَيْـخِ الوُجُـودِ العالِـمِ الرَّبَّـانِي
    أَعْنِـي أَبَا العَـبَّاسِ أَحْمدَ ذلِكَ الْـ.........ـبَحْرَ المحيـطَ بِسَائِـرِ الخـلْجَـانِ
    واقْـرَأْ كِتابَ العَقْلِ والنَّقْلِ الَّذي .........مَـا في الوُجُـودِ لَـهُ نَـظِـيرٌ ثَـانِ
    أَيْ : لَيْسَ لَه نَظِـيرٌ في بابِـه ..
    وكَـذَا قَواعِـدَهُ الْكِـبَـارَ وإِنَّهـا .........أَوْفَى مِنَ الـمِئَـتَـيْنِ في الـحُسْبانِ
    ثُمَّ قالَ :
    لَـمْ يَـتَّسِعْ نَظْمِي لَـهَا فَـأَسُوقَها .........فَـأَشَـرْتُ بَعْضَ إِشَارَةٍ بِـبَـيَـانِ
    وكَـذَا رَسَائِلَـهُ إِلَى البُـلْدانِ والْـ .........أَطْرافِ والأَصْحابِ والإِخْوانِ
    هِيَ في الوَرَى مَبْـثُـوثَـةٌ مَعْـلُومةٌ .........تُـبْـتَـاعُ بِـالـغَـالِي مِـنَ الأَثْـمانِ
    ولَه الـمَقاماتُ الشَّهِيرَةُ في الوَرَى .........قَـدْ قَـامَـهَا لله غَـيْـرَ جَـــبَـانِ
    نَـصَـرَ الإِلَـهَ ودِيـنَـهُ وَكِــتَـابَـهُ .........ورَسُولَـهُ بِالسَّـيْـفِ والـبُرْهَـانِ
    [ إِلَى أَنْ قالَ : ]
    أَبْدَى فَضَائِحَهُمْ وبَـيَّنَ جَهْلَـهُمْ .........وأَرَى تَـنَـاقُـضَهمْ بِكُـلِّ زَمَـانِ
    وَمنَ العَجَـائِـبِ أَنَّـهُ بِـسِلاحِهمْ .........أَرْدَاهُـمُ تَـحْتَ الحضِيضِ الدَّانِي

    يَعْني : هذِه مِنَ العَجائِبِ ، مِنَ العَجائِبِ أَنَّ الـمُؤَلِّفَ رحمهُ اللهُ رَدَّ علَيْـهِمْ بِأَدِلَّـتِهمْ ؛ يَقُولُ شَيْخُ الإسْلامِ رحمهُ اللهُ : ( أَنا ضَامنٌ ومُتَـكَفِّـلٌ أَنَّ كُـلَّ مُبْطِـلٍ يَأْتي بِدَلِـيلٍ أَقْلبُ دَلِـيلَه حجَّةً علَـيْه ) اهـ ، كُلُّ مُبْطِـلٍ يسْتَـدِلُّ بِدَليلٍ أَنا عِندِي اسْتِعْدادٌ لأَنْ أَقْلِبَ دَليلَه حُجَّةً علَيْه ، نفْسُ الدَّليلِ الَّذي يَسْتَدِلُّ بِه يَجْعلُه دَليلًا وحجَّةً علَيْه .
    هذَا الإِمامُ نَصَرَ اللهُ بِـهِ السُّنَّـةَ وأَظْهرَ اللهُ بِه الحقَّ فَصَارتْ كُتُـبُه مَرْجِعًا لأَهْلِ العِلْمِ ولا سِيَّما كُـتُبُه ورَسَائِلُه في العَقِـيدةِ ، مِنْ مُـؤَلَّفاتِه العَظيمةِ : ( الحمَوِيَّـةُ ) و ( التَّدْمُرِيَّـةُ ) .
    ومِنْ مُؤَلَّفاتِه : ( الواسِطِـيَّـةُ ) رسَالةٌ عَظيمةٌ مُخْـتَصَرةٌ في مُعْتَقَدِ أَهْلِ السُّنَّـةِ والجماعةِ يَنْبَغي حِفْظُها لِكُلِّ طالبِ عِلْمٍ ، عِبارةٌ عنْ خُلاصَةٍ لِـمُعْتَـقَدِ أَهْلِ السُّنَّـةِ والجماعةِ في : الأَسْماءِ والصِّفاتِ ، والقَدَرِ ، والصَّحابةِ ، والأَفْعالِ .
    ومِنْ مُؤَلَّفاتِ هذَا الإِمامِ : هذِه الرِّسالةُ الَّتي بيْنَ أَيْـدِينا المختَصَرَةُ ، الَّتي سَمَّاهَا : ( القَاعِدةَ الـمَرَّاكُشِيَّـةَ ) الـمَرَّاكُشِيَّـةَ : بِميمٍ مَفْتُوحةٍ وراءٍ مُشَدَّدَةٍ مَفْتُوحةٍ وكافٍ مَضْمُومَةٍ .
    كَتبَها جَوابًا علَى سُؤَالٍ ، جاءَهُ هذَا السُّؤَالُ مِنْ ( مَـرَّاكُش ) وهِيَ : مَدِينةٌ بِالمغْرِبِ ، قالَ في ( مُعْجَمِ البُـلْدانِ ) : ( هِيَ أَعْظمُ مَدينةٍ في المغْرِبِ وأَجَلُّها وأَجْملُها وبِها سَريرُ ملُوكِهِمْ ، في وَسَطِ بِلادِ البَرْبَرِ ، بَيْـنَها وبَـيْنَ البَحْرِ عَشَرَةُ أَيَّـامٍ ) (3) ، يَعْني : في زَمانِه .
    ومَعْنَى ( مَرَّاكُشْ ) بِالبَرْبَرِيَّـةِ : أَسَرَعَ المشْيَ ؛ لأَنَّها كانتْ مَوْضِعَ مَخافَةٍ يَقْطَعُ فيها اللُّصُوصُ علَى القَوافِلِ ، ولا تَزالُ بِهذَا الاسْمِ .
    فَسُمِّـيَتْ هذِه القَـاعِدةُ بِـ ( الـمَـرَّاكُشِـيَّـةِ ) لأَنَّها جَوابٌ عنْ سُؤَالٍ ، والسَّائِـلُ مِنْ بَـلْـدَةِ ( مَـرَّاكُش ) ، كما أَنَّ ( الـحَمَـوِيَّـةَ ) جَوابٌ علَى سُـؤَالٍ والسَّائِـلُ مِـنْ بَـلْـدَةِ ( حَـمَـاهْ ) ، و ( التَّـدْمُرِيَّـةُ ) جَوابٌ علَى سُـؤَالٍ والسَّائِـلُ مِـنْ بَـلْـدَةِ ( تَـدْمُـرْ ) ، و ( الواسِطِـيَّـةُ ) جَوابٌ لِسُـؤَالٍ والسَّائِـلُ مِـنْ بَـلْـدَةِ ( واسِط ) في العِراقِ ، كَتبَها بَعْدَ الظُّهْرِ في جَلْسَةٍ واحِدةٍ جَوابًا علَى سُؤَالِ أَحدِ القُضَاةِ قُضَاةِ ( واسِط ) بِالعِراقِ سَألَ الشَّيْخَ رحمهُ اللهُ أَنْ يكْتُبَ لهُ عَقِيدةً مُخْـتَصَرةً لأَهْلِ السُّنَّـةِ والجماعةِ فَـكتبَ لَه ( الواسِطِـيَّـةَ ) (4) .
    [ وهذِه الرِّسَالةُ ] كَتبَها المؤَلِّفُ جَوابًا علَى سُؤَالٍ جاءَ مِنْ ( مَرَّاكُش )حَوْلَ : ما يَجِبُ الإِيمانُ بِه مِنْ صِفاتِ اللهكَعُلُـوِّه علَى خَلْقِه ونَحْوِها ، هَلْ تُـثْـبَتُ كما هِيَ أَمْ يُـقَالُ فيها بِقَوْلِ النُّـفَاةِ مِنَ الجهْمِيَّـةِ والمعْتَزِلةِ ؟ ؛ فكتَبَ الشَّيْخُ رحمهُ اللهُ هذِه الرِّسالةَ ، كعادَتِه مُدَعِّـمًا بِالدَّليلِ والتَّعْلِيلِ ، و رَدَّ علَى مَنِ اتَّبَعَ آراءَ الجهمِيَّـةِ مِنْ أَصْحابِ البِدَعِ ، فأَجادَ وأَفادَ ، وقَـرَّرَ مَذْهبَ السَّلَفِ ونَصَرَهُ بِالأَدِلَّةِ النَّـقْلِيَّـةِ والعَقلِيَّـةِ ، ثُمَّ أَيْضًا عَضَّدَها بِأَقْوالِ العُلَماءِ المتقَدِّمِينَ ، بِما تَقَرُّ بِه عَينُ كُلِّ صَاحِبِ سُنَّـةٍ .
    وهِيَ ـ أَيْضًا ـ بَيانٌ لِكُلِّ مُنْصِفٍ مُرِيدٍ لِلْحقِّ لِـمذْهبِ السَّلَفِ في بابِ الأَسْماءِ والصِّفاتِ .
    وهِيَ ـ أَيْضًا ـ بَيانٌ لِـمَنْهَجِ الشَّيْخِ في الأَسْماءِ والصِّفاتِ ، وفيهَا دَفْعٌ لِـفِرْيَـةِ أَهْلِ البِدَعِ بِأَنَّ الشَّيْخَ كانَ مُشَبِّـهًا ، رحمهُ اللهُ ، أَهْلُ البِدَعِ يَقُولُونَ : إِنَّ شَيْخَ الإِسْلامِ مُشَبِّـهٌ ! هذِه الرِّسَالةُ فيها رَدٌّ علَيْـهِمْ .
    وشَيْخُ الإِسْلامِ ابْنُ تَيْمِيَّـةَ رحمهُ اللهُ تعالَى معْرُوفٌ بإِمامَـتِه وعِلْمِه و وَرَعِه وزُهْدِه ، وُلِدَ بِحَـرَّانَ في يَوْمِ الاثْنَـيْنِ العَاشِرِ ـ وقِـيلَ الثَّانيَ عَشَرَ ـ مِنْ رَبيعِ الأَوَّلِ سَنةَ إِحْدَى وسِتِّينَ وسِتِّمِئَـة ، ونَشَأَ في بَـيْتِ دِيانةٍ وعِفَّـةٍ وخُلُقٍ حَسَنٍ ، كانَ بَـرًّا بِوالِدَيْـهِ ، كانَ تَقِيًّـا وَرِعًا عابِدًا ناسِكًا صَوَّامًا قَوَّامًا ذَاكِرًا لله ، مُجاهِدًا ، رَجَّاعًا إِلَى الله وقَّافًا عِندَ حُدُودِ الله وأَوامِرِه ، آمِرًا بِالمعْرُوفِ نَاهِيًـا عنِ المنكَرِ ، لا تَكادُ نَفْسُه تَشْبَعُ مِنَ العِلْمِ ، ولا تَرْوَى مِنَ المطالَعةِ ،ولا تَـمَلُّ مِنَ الاشْتِغالِ ، ولا تَـكلُّ مِنَ البَحْثِ .
    قَلَّ أَنْ يدْخُلَ في عِلْمٍ مِنَ العُلُومِ وفي بَابٍ مِنَ الأَبْوابِ إِلَّا ويُفْتَحُ لهُ مِنْ ذلكَ البابِ أَبْوابٌ ويَسْتَدْرِكُ أَشْياءَ علَى حُذَّاقِ أَهْلِه ! ، وكانَ يَحضُرُ المجالِسَ والمحافِلَ في صِغَرِه ، يَتكلَّمُ ويُناظِرُ ويُفْحِمُ الكِبار ! ، ويَأْتي بِما يَـتَحيَّرُ مِنهُ أَعْيانُ البَـلَدِ في العِلْمِ ، وأَفْتَى ولَه نَحْوُ سَبْعَ عشرَةَ سَنةً ! ، وشَرعَ في الجمعِ والتَّـأْلِـيفِ مِنْ ذلِكَ الوَقْتِ .
    وماتَ والِدُهُ ـ وكانَ مِنْ كِبارِ الحنابِلَةِ وأئِمَّـتِهمْ ـ فَدَرَّسَ بَعدَهُ في وَظَائِـفِه ولَهُ إِحْدَى وعِشْرُونَ سَنةً .
    وحجَّ سَنةَ إِحْدَى وتِسْعِينَ ولَهُ ثَلاثُونَ سَنةً ، و رَجَعَ وقَدِ انْتَهتْ إِليه الإِمامةُ في العِلْمِ والعَملِ والزُّهْدِ والوَرعِ والشَّجاعةِ والكَـرَمِ والتَّواضُعِ والحِلْمِ والأَناةِ ، والأَمرِ بِالمعْرُوفِ والنَّهْيِ عنِ المنكَرِ معَ الصِّدْقِ والأَمانةِ والعِفَّـةِ والصِّيانةِ وحُسْنِ القَصْدِ والإِخْلاصِ ، والابْتِهالِ إِلَى الله وشِدَّةِ الخوْفِ منهُ ودَوامِ المراقَـبَةِ لَهُ ، والتَّمسُّكِ بِالأَثرِ ، والدَّعْوةِ إِلَى الله ، وحُسْنِ الأَخْلاقِ ، ونَفْعِ الخلْقِ والإِحْسانِ إِلَيْهمْ .
    كانَ رحمَهُ اللهُ سَيْفًا مَسْلُولًا علَى المخالِـفِينَ وشَجًى في حُلُوقِ أَهْلِ البِدَعِ والأَهْواءِ ، وكانَ إِمامًا قَائِـمًا بِـبَيانِ الحقِّ ونُصْرَةِ الدِّينِ .
    وتُوُفِّيَ رحمَهُ اللهُ لَيْـلَةَ الاثْنَـيْنِ العِشْرِينَ مِنْ ذِي القِـعْدةِ سَنةَ ثَمانٍ وسِتِّينَ وسَبْعِمِئَـة ، وكانَ عُمرُهُ حِينَ تُـوُفِّيَ سَبعًا وسِتِّـينَ سَنةً ، رحمَهُ اللهُ وغَفَـرَ لَه وجَـزَاهُ عَـنَّا وعنِ المسْلِمينَ خَيْرَ الجزاءِ .
    يَقُولُ العُلَماءُ في شَيْخِ الإِسْلامِ رحمَهُ اللهُ : اللهُ تَعالَى جَعلَ مقامَ هذَا الإِمامَ ومِحْنتَـهُ وانْتِصَارَه بِالدِّيارِ المصْرِيَّـةِ سَبَـبًا عَظِـيمًا لِانْتِشَارِ عِلْمِه في بِلادِ المغرِبِ لأَنَّ مِصْرَ لأَجْلِ الحجِّ وَجهُ تِلْكَ البِلادِ الفَسِيحةِ ، كما أَنَّ الشَّامَ لأَجْلِ الحجِّ أَيْضًا وَجهُ البِلادِ المشْرِقِـيَّـةِ ، واللهُ تعالَى أَرادَ عُلُوَّ كَلِمةِ هذَا الإِمامِ المحقِّقِ النَّاقِـدِ البارِعِ وانْتِشَارَ صِيـتِه وعِلْمِه في مَشارِقِ الأَرْضِ ومَغارِبِها ، فأقامَ سُبْحانهُ وتَعالَى لِذلِكَ أَسْبابًا وفَتحَ لهُ أَبْوابًا ، والمؤَلَّفاتُ الَّتي انْـتَـقَلَتْ مِنْ بِلادِ مِصْرَ إِلَى بِلادِ المغْرِبِ علَى أَيْـدِي طَلَـبَـةِ العِلْمِ والدِّينِ كَثِـيرةٌ ، وما نُقِلَ مُتَـفَرِّقًا فَهُوَ كَثِـيرٌ أَيْضًا .
    وهذِه الرِّسالَةُ جَوابٌ عَنْ سُؤَالٍ ـ كما سَبقَ ـ ، جاءَ في بَعْضِ المخْطُوطَاتِ في مُقَدِّمةِ مخطُوطةِ هذَا الكِتابِ هذَا النَّصُّ :
    ( مَسْألَـةٌ سُئِلَ عَنهَا سَيِّدُنا وشَيْخُنا شَيْخُ الإِسْلامِ وناصِرُ السُّنَّـةِ فَرِيدُ الوَقْتِ وبَحْرُ العُلُومِ بَقِيَّـةُ المجتَهِدِينَ وقُدْوةُ المتأَخِّرِينَ ، تاجُ العارِفينَ ولِسانُ المتكلِّمِينَ ، رُحْلَـةُ (5.) الطَّالِـبِينَ ، إِمامُ الزَّاهِدِينَ ، ومَنارُ المجتَهِدِينَ ، الإِمامُ الحجَّـةُ النُّورانِيُّ ، والعالِمُ المصْلِحُ الرَّبَّانِيُّ تَقِيُّ الدِّينِ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمدُ بْنُ الشَّيْخِ الإِمامِ العالِمِ العلَّامةِ شِهابِ الدِّينِ بَهاءِ الإِسْلامِ شَرَفِ الأَنامِ مُفْتِي الشَّامِ أَبِي المحاسِنِ عَبْدِ الحلِيمِ بْنِ الشَّيْخِ الإِمامِ العالِمِ العلَّامةِ مَجْدِ الدِّينِ ضِياءِ الإِسْلامِ شَرَفِ الأَنامِ ، رَئِيسِ الأَصْحابِ ، سَيِّـدِ العُـلَماءِ والفُضَلاءِ أَبِي البَركاتِ عَبدِ السَّلامِ ابْنِ أَبي القاسِمِ بْنِ محمَّدٍ ابْنِ تَـيْمِـيَّـةَ الحرَّانِيِّ ، مَـتَّـعَـنَا اللهُ بِعُلُومِه الفاخِرةِ ، وأثَـابَـهُ اللهُ في الدُّنْيا والآخِرةِ ، وأَسْبَغَ علَيْه نِعمَـهُ باطِنَـةً وظاهِرَةً .
    وهِيَ مَسْأَلةٌ شَرِيفةٌ اشْتَـمَلَتْ علَى غُررٍ مِنَ المقاصِدِ الـمُهِمَّـةِ معَ صِغَـرِ حَجْمِها ـ يَعْني هذِه الرِّسالةَ ـ سَأَلَ عنهَا الشَّيْخُ محمَّـدٌ بْنُ محمَّدٍ المغْرِبِيُّ المرَّاكُشِـيُّ في شُهُورِ سَنـةِ اثْنتَيْ عَشْرٍ وسَبْعِمِئَـة في القاهِرَةِ ، وأَوَّلُها : ما تَقُولُ السَّادةُ العُلَماءُ في رَجُلَيْنِ تَباحَـثَا في مَسْأَلةِ الإِثْباتِ لِلصِّفاتِ والجزْمِ بِإثْباتِ العُلُوِّ .. ) اهـ ، ثُمَّ ذَكرَ صُورةَ السُّؤَالِ والجوابِ .
    فإِذَنْ ؛ هذِه الرِّسالةُ العَظِـيمةُ هِيَ في إِثْباتِ أَسْماءِ الله وصِفاتِه ، وإِثْباتِ العُلُوِّ بِالخُصُوصِ ، والرَّدِّ علَى أَهْلِ البِدَعِ ، وبَـيَانِ عَقِـيدةِ أَهْلِ السُّنَّـةِ والجماعةِ ، نَبْدأُ في قِراءَةِ هذِه الرِّسالةَ الَّتي سَنَشْرَحُها إِنْ شاءَ اللهُ كما هِيَ بَيْنَ أَيْـدِيكُمْ ، ( القاعِدةُ الـمَرَّاكُشِيَّـةُ ) .



    *********

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ

    مُقَـدِّمةُ الشَّيْخِ إِبْراهيمَ بْنِ عامرٍ الرُّحيـلِيِّ حفِظهُ اللهُ تعالَى :

    بِسْمِ الله الرَّحمنِ الرَّحيمِ

    إِنَّ الحمدَ لله نحمدُهُ ونَسْتَعينُهُ ونَسْتَغْفِرُه ونَـتُوبُ إِلَـيْه ، ونَعُوذُ بِالله مِنْ شُرُورِ أَنْـفُسِنا ومِنْ سَيِّـئَاتِ أَعْمالِنا ، مَنْ يَهْدِه اللهُ فلا مُضِلَّ لَه ، ومَنْ يُضْلِلْ فلا هادِيَ لهُ ، وأَشْهدُ أَنْ لا إِلَه إِلَّا اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لهُ ، وأَشْهدُ أَنَّ نَبِـيَّنا محمَّدًا عبدُهُ ورَسُولُه ، اللهُمَّ صَلِّ وسَلِّمْ وبارِكْ علَى عبدِكَ و رَسُولِكَ محمَّدٍ وعلَى آلِه وصَحْبِه أَجْمَعينَ ، أَمَّـا بَعْدُ :
    فلا زالتْ هذِه الدَّوْرَاتُ العِلْمِـيَّـةُ المبارَكةُ تَـتَوالَى ، ويبذُلُ فيها المشْرِفُونَ علَيْها والقائِمونَ علَـيْـها مِنَ الجهْـدِ والأَمْوالِ والأَوْقاتِ الكَـثيرَ ، وهذَا مِنْ تَوْفيـقِ الله عَزَّ وجلَّ لِطُـلَّابِ العِلْمِ ولأَهْلِه الَّذِينَ يَحْرِصُونَ علَى تلَقِّيه .
    وإِنِّي أُؤَكِّـدُ الحِرْصَ علَى العِنايَـةِ بِهذِه الدَّوْراتِ والاسْتِمْرارَ في تَنْظِـيـمِها والعِـنَايَـةَ بِذلِكَ واحْتِسابَ الأَجْرِ عِندَ الله عَزَّ وجَلَّ .
    وإِنَّ هذِه الدَّوْراتِ وإِقْبالَ الطَّلَـبَـةِ علَيْها لتُـبَشِّرُ بِالخيرِ ، وإِنَّا لَـنُـؤَمِّلُ خَيْرًا كَثيرًا قَريبًا إِنْ شاءَ اللهُ بِـإِقْبالِ طُلَّابِ العِلْمِ علَى العِلْمِ وعلَى تلَقِّيه .
    وكُنَّا نَقُولُ قَبْلَ سَنواتٍ : إِقْبالَ الشَّبابِ ، وأَصْبَحَ الآنَ بِحمدِ الله إِقْبالَ الجميعِ منَ الكِبارِ والصِّغارِ ومِنَ الرِّجالِ والنِّساءِ ، الكُلُّ مُقْبِلٌ علَى تَلَقِّي العِلْمِ الشَّرْعِيِّ ؛ وهذَا ممَّا يدُلُّ علَى عِنايَـةِ الأُمَّـةِ بِأمْرِ دِيـنِها ، وممَّا يُـبَشِّرُ بِقُرْبِ النَّصْرِ والتَّمكِينِ لِـهذِه الأُمَّةِ كما كانتْ في عُصُورِها الماضِيَـةِ وفي صَدْرِها الأَوَّلِ في صَدْرِ سَلَفِ الأُمَّـةِ .
    فإِنَّ هذِه الأُمَّـةَ ما تَسَلَّطَ علَيْها أَعْدَاؤُها إِلَّا بِسَبَبِ بُعْدِها عنْ دِيـنِها ، ومِنْ أَعْظَمِ أَسْبابِ البُعْدِ عنِ الدِّينِ جَهلُ المسْلِمِ بِديـنِه وعَقِيدتِه .
    وهذِه الدَّوْراتُ ممَّـا يُـرَسِّخُ العِلْمَ الشَّرْعِيَّ النَّافِعَ ، خُصُوصًا أَنَّـهُ بِحمدِ الله يُنْـتَقَى في تَدْرِيسِ الكُتُبِ الكُـتُبُ النَّافِعَـةُ الَّتي ألَّفها أَئِمَّـةٌ كِبارٌ اعْتَـنَوْا بِها ، ويَقُومُ على شَرْحِها أَهْلُ العِلْمِ الَّذينَ هُمْ مُتجَرِّدُونَ بِحَمدِ الله في نُصْرَةِ السُّنَّـةِ وفي بَـيَانِ الحقِّ .
    ودَرْسُنا في هذَا الوَقْتِ مِنْ أَوْقاتِ هذِه الدَّوْرةِ هُوَ في كِتابٍ عَظِـيمٍ وفي رِسالةٍ مُهِمَّـةٍ لِشَيْخِ الإِسْلامِ ابْنِ تَيْمِيَّـةَ رحمهُ اللهُ تعالَى ، وهِيَ : ( القَـاعِدةُ الـمَـرَّاكُشِيَّـةَ ) الَّتي صَنَّـفَها شَيْخُ الإِسْلامِ في جَوابِ سُؤَالٍ وَرَدَ علَيْه مِنْ أَحدِ السَّائِـلِينَ مِنْ بَلَدِ ( مَـرَّاكُـشْ ) مِنَ المغْرِبِ .
    و ( مَـرَّاكُشْ ) هِيَ بَلْدةٌ مِنْ بُلْدانِ المغْرِبِ العَرَبِيِّ ، وهِيَ ما زالَتْ بِهذَا الاسْمِ ، وهِيَ داخِلَةٌ في وِلايَـةِ دَوْلةِ المغْرِبِ ، هذِه الدَّوْلةِ الحديثَـةِ ، ولا زالَتْ تُعْرَفُ بِهذَا الاسْمِ .
    وذَكرَ العُلَماءُ في ضَبْطِ وفي التَّعْرِيفِ بِالبُلْدانِ أنَّ هذِه البَلْدةَ أُطْلِقَ علَيْها هذَا الاسْمُ وهُو بِاللُّغةِ البَرْبَرِيَّـةِ يَعْنِي : الإِسْراعَ في المشْيِ ؛ وذلِكَ أَنَّها كانتْ يتربَّصُ اللُّصُوصُ بِالمارِّينَ بِها ، فإِذَا مَرَّتْ بِها القَوافِلُ والرُّكْبانُ أَسْرَعُوا فَأُطْلِقَ علَيْها : ( مَـرَّاكُشْ ) فعُرِفتْ بِهذَا الاسْمِ إِلَى هذَا اليَوْمِ .
    ورَدَ السُّؤَالُ لِشَيْخِ الإِسْلامِ ابْنِ تَيْمِيَّـةَ رحمهُ اللهُ مِنْ أَحدِ عُلَماءِ هذَا البَلَدِ ، وهُو مَنْ ذَكرَ المترْجِمُونَ لَهُ أَنَّـهُ محمَّـدٌ بْنُ محمَّدٍ الـمَـرَّاكُشِـيُّ ، سَألَ شَيْخَ الإِسْلامِ ابْنَ تَيْـمِيَّـةَ عنْ هذِه المسْأَلةِ الَّتي هِيَ مَضْمُونُ جَوابِ شَيْخِ الإسْلامِ في هذِه الرِّسالةِ ، سَأَلَه عنْ مَسْأَلةِ الصِّفاتِ وأنَّ اثْـنَـيْنِ اخْتَلَفا في مَسْأَلةِ الصِّفاتِ : هلْ تُثْـبَتُ لله عَزَّ وجَلَّ ؛ فتُـثْبَتُ الصِّفاتُ والعُلُوُّ لله كما جاءَ في الكِتابِ والسُّنَّـةِ ؟ أَمْ أَنَّ إِثْباتَها مِنَ التَّجْسِيمِ والتَّشْبِيه ؟ ويَنْبَغي تَرْكُ الكلامِ فيها وعدَمُ البَحْثِ في هذَا البابِ ؟ ؛ فَأَجابَ شَيْخُ الإِسْلامِ إِجابةً مُوَثَّقةً بِالأَدِلَّـةِ كما هِيَ طَرِيقَتُـهُ رحمَهُ اللهُ .
    وهذِه الرِّسالةُ صَنَّـفَها شَيْخُ الإِسْلامِ رحمَهُ اللهُ في سَنةِ اثْنَـتَيْ عَشرةَ وسَبْعِمِئَـة ، وقَدْ مَضَى مِنْ عُمرِه المبارَكِ إِحْدَى وخَمْسُونَ سَنةً ، وكانتْ قَبْلَ وفاتِه بِسِتِّ عشرةَ سَنةً ؛ فكانتْ هذِه الرِّسالةُ مِنَ الكُتُبِ الَّتي أَلَّفَها شَيْخُ الإِسْلامِ في آخِرِ حَياتِه بِالنَّظرِ لِـمَا قَبْلَها ؛ فإنَّـهُ رحمهُ اللهُ بَـدَأَ التَّصْنِـيفَ وهُو شَابٌّ في مُقْـتَـبَلِ العُمرِ ، فكانتْ هذِه الرِّسالةُ هِيَ بَعدَ ( الواسِطِـيَّـةِ ) و ( الحمَوِيَّـةِ ) .
    وكانتْ ـ أَيْضًا ـ فيها فَوائِدُ اشْتَمَلَتْ علَيْها ونَبَّـهَ علَيْها شَيْخُ الإِسْلامِ كسَائِـرِ طَرِيقَـتِه في كُتُبِه تَتميَّـزُ بِه هذِه الرِّسالةُ عنْ غَيْرِها لِفَوائِدَ انْفَرَدتْ بِها ، كما أَنَّ كُتُبَ شَيْخِ الإِسْلامِ كُلُّها مَلِيئَـةٌ بِالفَوائدِ ، وبِتَقْرِيرِ القَواعِدِ والأُصُولِ لِعَقِـيدةِ أَهْلِ السُّنَّـةِ والجماعةِ .
    فَنَشْرَعُ في قِراءَةِ هذِه الرِّسالةِ ، ونسْأَلُ اللهَ عَزَّ وجَلَّ أَنْ يَرْزُقَـنَا وإِيَّـاكُمُ الإِخْلاصَ في القَوْلِ والعَملِ ، وأَنْ يَرْزُقَـنا حُسْنَ الـمُـتَابَعةِ لِـكِتابِ رَبِّـنا ولِسُنَّـةِ نَبِـيِّـنا صَلَّى اللهُ علَيْه وعلَى آلِه وسَلَّمَ .




    *********

    ـــــــــــــــــــــــــــ
    (1) سُورةُ الصَّفِّ .
    (2) هكذَا ضَبطَها الشَّيْخُ ، وممَّـا اسْتَدْرَكهُ الزَّبِيدِيُّ علَى صَاحبِ القامُوسِ : ( الرِّفْضُ ـ بِالكَسْرِ ـ : مُعْتَـقدُ الرَّافِضَةِ ، ومنْهُ قَوْلُ الإِمامِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللهُ عنهُ فيما يُنْسَبُ إِلَيْه وأَنْشَدَناهُ غيْرُ واحِدٍ مِنَ الشُّيُوخِ : [ الكامِلُ ]
    إِنْ كانَ رِفْـضًا حُـبُّ آلِ محمَّـدٍ ..........فَلْـيَـشْهَدِ الثَّـقَلانِ أَنِّي رافِـضِي
    والأَرْفاضُ : هُمُ الرَّافِضَةُ ، الطَّائِـفَـةُ الخاسِرةُ ، كأَنَّه جَمعُ رافِضٍ ؛ كصَاحبٍ وأَصْحابٍ ) اهـ ، انظُرْ : تاجَ العَرُوسِ منْ جَواهِرِ القامُوسِ (18/354) ط (وزارةُ الإِعْلامِ بِالكُوَيْتِ ) .
    (3) انظُرْ ( مُعجَمَ البُلْدانِ ) لِياقُوتَ الحموِيِّ ، ج (4) ص (239) ط : الكُتُب العِلْميَّـةِ بيْرُوتَ .
    (4) مِنْ قَوْلِه ( كما أَنَّ الحموِيَّـةَ ) إِلَى هُنا قالَه الشَّيْخُ حفِظهُ اللهُ بَعْدَ الفِقْرةِ الآتِيَـةِ في ذِكر مَوْضُوعِ الرِّسَالةِ ومَضْمُونِها لكِنْ رأَيْتُ أَنَّـهُ أَلْصَقُ بِهذِه الفِقْرةِ المتعلِّـقَةِ بِتَسْمِيَـةِ الرِّسالةِ ، واللهُ أَعْلمُ .
    (5.) بِضَمِّ الرَّاءِ وسُكُونِ الحاءِ : الوِجْهةُ الَّتي تُقْصَدُ ، يُقالُ : مكَّةُ رُحْلَتِي ، أَيْ : وَجْهي الَّذي أَقْصِدُ الارْتِحالَ إِلَيْه ، ومِنْ هُنا أُطْلِقَ علَى العالِمِ وصَاحِبِ الجاهِ الَّذي يُرْحلُ إِلَيْه . انظُرْ : تاجَ العَرُوسِ (29/60) ط ( الكويت ) .
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو محمد فضل بن محمد; الساعة 19-Mar-2009, 04:42 PM.

  • #2
    القاعـدة الـمراكـشـيـةُ


    سُئِلَ شَيْـخُ الإِسْلامِ فَـرِيدُ الزَّمانِ بَحْـرُ العُـلُومِ تَـقِـيُّ الدِّينِ أَبُو العَـبَّاسِ أَحمدُ ابْنُ تَـيْمِـيَّـةَ رحمهُ اللهُ تعالَى عنْ رَجُلَـيْنِ تَباحَـثَا في مَسْأَلَـةِ الإِثْـبَاتِ لِلصِّفاتِ ، والجزْمِ بِـإِثْـبَاتِ العُلُـوِّ علَى العَرْشِ .
    فقالَ أَحدُهُما : لا يَجِبُ عَلَى أَحدٍ مَعْرِفَـةُ هذَا ولا البَحْثُ عنْـهُ ، بَلْ يُـكْرهُ لهُ ، كما قالَ الإِمامُ مالِكٍ رحمهُ اللهُ لِلسَّائِـلِ : ( ومَا أُراكَ إِلَّا رَجُلَ سُوءٍ ) ، وإِنَّـمَا يَجِبُ علَيْه أَنْ يَعْرِفَ ويَعْتَـقِدَ أَنَّ اللهَ تعالَى واحِدٌ في مُلْكِه ، وهُو رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وخالِـقُه ومَلِـيكُهُ ، بلْ ومَنْ تكلَّمَ في شَيْءٍ مِنْ هذَا فَـهُوَ مُجَـسِّمٌ حَشْوِيٌّ ! .
    فَهَلْ هذَا القائِـلُ لِـهَذَا الكلامِ مُصِيبٌ أَمْ مُخْطِـئٌ ؟
    فَإِذَا كانَ مُخْطِـئًـا فَما الدَّلِـيلُ علَى أنَّـهُ يَجِبُ علَى النَّاسِ أَنْ يَعْتقِدُوا إِثْباتَ الصِّفاتِ والعُلُـوِّ (1) عَلَى العَرْشِ ـ الَّذي هُو أَعْـلَى المخْلُوقاتِ ـ ويَعْرِفُوهُ ؟
    وما مَعْنَى ( التَّـجْسِيمِ ) و ( الـحَشْوِ ) ؟
    أَفْـتُونَا وابْسُطُوا القَـوْلَ بَسْطًا شَافِـيًـا يُـزِيلُ الشُّبُـهَاتِ في هذَا مُـثَابِـينَ مَأْجُورِينَ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعالَى .
    فَـأَجابَ :
    الحمدُ لله رَبِّ العَالَـمينَ ، يَجِبُ علَى الخلْقِ الإِقْرارُ بِما جاءَ بِه النَّبِـيُّ صَلَّى اللهُ علَـيْه وعلَى آلِه وسَلَّمَ ؛ فَما جاءَ بِه القُـرْآنُ العَزِيزُ أَوِ السُّنَّـةُ المعْلُومةُ وَجبَ علَى الخلْقِ الإِقْرارُ بِه جُمْـلةً ، وتَفْصِيلًا عِندَ العِلْمِ بِالتَّـفْصِيلِ .

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ الرَّاجِحيُّ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ
    * قَوْلُهُ ( فَإِذَا كانَ مُخْطِـئًا ) : وإِذَا كانَ مُخْطِـئًا ـ بِالواوِ ـ أَحْسَنُ .
    هَذَا هُوَ السُّؤَالُ الوارِدُ منَ السَّائِلِ مِنْ بَـلْدَةِ ( مَرَّاكُش ) ، سُئِلَ رحمهُ اللهُ عنْ رَجُلَيْنِ تَباحَـثَا في مَسْألَةِ الإِثْباتِ لِلصِّفاتِ وإِثْباتِ العُلُوِّ لله علَى عَرْشِه .
    تَباحَثَا في مَسْأَلةِ الإِثْباتِ إِثْباتِ الصِّفاتِ لله عزَّ وجَلَّ ، الصِّفاتِ الَّتي وَصَفَ اللهُ عزَّ وجَلَّ بِها نَفْسَهُ كالعِلْمِ والقُدْرةِ والسَّمْعِ والبَصَرِ والكَلامِ والرُّؤْيَـةِ والعُلُوِّ والعَظَمةِ والعِزَّةِ والكِبْرِيَاءِ والضَّحِكِ والنُّـزُولِ .. إلَى آخِرِه ، هلْ تُثْـبَتُ هذِه الصِّفاتُ لله ؟ وهَلْ يُثْـبَتُ العُلُوُّ علَى العَرْشِ أَوْ لا يُثْـبَتُ ؟
    أَحدُ الرَّجُلَيْنِ قالَ : لا ، لا نَبْحثُ في هذِه المسائِلِ ، ولا يَجِبُ علَى الإِنْسَانِ أَنْ يَبْحثَ في هذِه المسائِلِ ، ولا يَعْرِفَها ، بلْ يُـكرهُ ذلِكَ ! ، يَكفِـيه أَنْ يُثْبِتَ رُبُوبِيَّـةَ الله ، يُثْبِتَ أَنَّ اللهَ تعالَى واحِدٌ في مُلْكِه ، وأَنَّ اللهَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ومَلِيكُهُ وخَالِقُه .
    وَقَالُوا : مَنْ تَكلَّمَ في الصِّفاتِ والعُلُوِّ والضَّحِكِ والعَظَمةِ والكِبْرِياءِ والعِزَّةِ والسَّمْعِ والبَصَرِ ... قَالُوا : هذَا مُجَـسِّمٌ ! .
    ومَعْنَى ( مُجَسِّمٌ ) أَيْ : أَثْـبَتَ لله جِسْمًا ، يَعْنِي : جَعلَهُ مِثْلَ المخلُوقاتِ الَّتي لَها أَجْسَامٌ ، المخلُوقاتِ الَّتي لَها سَمْعٌ وبَصَرٌ وعِلْمٌ ... مِثْلَ الآدَمِيِّينَ لَهُمْ سَمْعٌ وبَصَرٌ وعِلْمٌ ... ، وهذِه أَجْسَامٌ ؛ فإِذَا اتَّصَفَ اللهُ تعالَى بِهذِه الصِّفاتِ صَارَ جِسْمًا مِثْلَها ! فقالُوا : الَّذي يَقُولُ هذَا مُجَسِّمٌ حَشْوِيٌّ .
    و ( الحشْوِيَّـةُ ) : نَـبْزٌ ينْـبُزُونَ بِه أَهْلَ السُّنَّـةِ ، والشَّيْءُ الحشْوُ : الَّذي لا فَائِدةَ مِنهُ .
    ويُسَمُّونَهُمْ : ( النَّـابِتَـةَ ) ، ويُسَمُّونَهُمْ أَشْياءَ ؛ يُنَـفِّرُونَ منْهُمُ النَّاسَ (2) .
    والثَّانِي يَقُولُ : لا ، يَجِبُ علَى الإِنْسَانِ أَنْ يُثْبِتَ لله الصِّفاتِ ، ويُثْبِتَ العُلُوَّ علَى العَرْشِ ؛ فأَيُّهُما الـمُصِيبُ وأَيُّهـمَا الـمُخْطِـئُ ؟ .
    إِذَا كانَ الأوَّلُ ( مُخْطِـئًـا فَما الدَّلِـيلُ علَى أنَّـهُ يَجِبُ علَى النَّاسِ أَنْ يَعْتَـقِدُوا إِثْباتَ الصِّفاتِ والعُلُـوِّ عَلَى العَرْشِ الَّذي هُو أَعْـلَى المخْلُوقاتِ ) .
    إِذَنْ ؛ رَجُلانِ : أَحدُهما يَقُولُ : لا يَجِبُ علَى الإِنْسَانِ أَنْ يُثبِتَ الصِّفاتِ ولا العُلُوَّ ، بَلْ يُكْرَهُ لهُ هذَا ، ومَنْ أَثْبَتَ فهُو ( مُجسِّمٌ ) ( حَشْوِيٌّ ) ، وإِنَّما يَكْفِيه أنْ يُثْبِتَ رُبُوبِيَّـةَ الله وأنَّ اللهَ هُو الخالِقُ الرَّازِقُ والمدَبِّـرُ والمحيِي والمميتُ .
    وقالَ الآخرُ : لا ، يَجبُ علَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يُثْبِتَ الأَسْماءَ والصِّفاتِ لله ؛ لأَنَّ اللهَ أَثْـبَتَها لِنَفْسِه وأَثْبَتها لَه رَسُولُه صَلَّى اللهُ علَيْه وعلَى آلِه وسَلَّمَ .
    فأَيُّهُما الـمُصِيبُ ؟ : لا شَكَّ أَنَّ المصِيبَ هُوَ الَّذي يَقُولُ : إِنَّـهُ يَجِبُ إِثْباتُ الصِّفاتِ لله والعُلُـوِّ .
    فيقُولُ : ( ما الدَّلِـيلُ علَى أنَّـهُ يَجِبُ علَى النَّاسِ أَنْ يَعْتَـقِدُوا إِثْباتَ الصِّفاتِ والعُلُـوِّ عَلَى العَرْشِ الَّذي هُو أَعْـلَى المخْلُوقاتِ ) المخلُوقاتُ أَعْلاهَا وسَقْفُها هُو العَرْشُ ، ما الدَّليلُ عَـلَى هذَا ؟ .
    وما مَعْـنَى ( التَّـجْسِيمِ ) و ما مَعْنَى ( الـحَشْوِ ) ؟ ، وطلَبَ مِنَ الشَّيْـخِ قالَ : ( أَفْـتُونَا وابْسُطُوا القَـوْلَ بَسْطًا شَافِـيًـا يُـزِيلُ الشُّبُـهَاتِ ... مُـثَابِـينَ مَأْجُورِينَ ) .
    والجوابُ : أَنَّه يَجِبُ علَى الإِنْسَانِ أَنْ يُثْـبِتَ الأَسْماءَ والصِّفاتِ الَّتي أَثْـبَتَها لِنَـفْسِه ؛ لأَنَّ اللهَ أَثْبَـتَها لِنَفْسِه ، ولأَنَّ اللهَ تعالَى قالَ : " ءَامِـنُوا بِاللهِ وَ رَسُولِـهِ " (3) ومِنَ الإِيمانِ بِالله ورَسُولِه الإِيمانُ بِأَسْمائه وصِفاتِه ، اللهُ تعالَى بِذَاتِه وأَسْمائِه وصِفاتِه هُوَ الخالِقُ .
    ومِنْ ذلِكَ ـ منَ الصِّفاتِ ـ : إِثْباتُ العُلُـوِّ ، والعُلوُّ لله علَى عَرْشِه أَدِلَّـتُه تَزيدُ علَى أَلْفِ دَليلٍ كما ذَكرَ ابْنُ القَـيِّمِ رحمهُ اللهُ وغَيرُه (4) ، تَـزِيدُ أَفْرادُها علَى أَلْفِ دليلٍ : كُلُّ نَصٍّ فيه إِثْباتُ الاسْتِواءِ علَى العَرْشِ ، وكُلُّ نَصٍّ فيه إِثْباتُ العُلُوِّ ، وكُلُّ نَصٍّ فيه إِثْباتُ أَنَّ اللهَ هُو العَـلِيُّ ، وكُـلُّ نَصٍّ فيه إِثْـبَاتُ رَفْعِ الأَشْـيَاءِ إِلَـيْه أَوِ الصُّعُودِ إِلَـيْه أَوْ نُـزُولِ الشَّيْءِ مِـنْـهُ ، أَوْ رَفْعُ اليَدَيْنِ (5) إِلَى غَيْرِ ذلِكَ ، أَفْرادُها تَزيدُ علَى أَلْفِ دليلٍ .
    * المؤَلِّفُ رحمهُ اللهُ افْـتَـتَحَ الجوابَ بِقَوْلِه : ( الحمدُ لله رَبِّ العَالَـمينَ) ، وكَثِيرًا ما يَفْتَـتِحُ الجوابَ يقُولُ : ( الحمدُ لله رَبِّ العَالَـمينَ) .
    * ثُمَّ قالَ : ( يَجِبُ ..... بِالتَّـفْصِيلِ ) (6) : إِذَنْ ؛ ما جاءَ في القُرْآنِ يَجِبُ الإِيمانُ بِه والإِقْرارُ بِـهِ وما جاءَ في السُّنَّـةِ يَجـبُ الإِيـمانُ والإِقْـرَارُ بِه ؛ وقَـدْ جاءَ في القُـرْآنِ : إِثْـبَاتُ الأَسْماءِ والصِّفات لله ؛ جاءَ في القُرْآنِ : " هُوَ اللهُ الَّذِي لَا إِلَـهَ إِلَّا هُوَ عَالِـمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ " (7) : إِثْباتُ اسْمِ ( الرَّحمنِ ) إِثْباتُ اسْمِ ( الرَّحيمِ ) إِثْباتُ اسْمِ ( الله ) ( اللهُ ) أَعْرفُ المعارِفِ لا يُسَمَّى بِه غَيْرُه ، وأَصْلُ ( الله ) : الإِله ؛ " هُوَ اللهُ " : هُو الـمَألُوهُ الَّذي تَأْلَـهُهُ القُلُوبُ محبَّـةً وإِجْلالًا وتَعْظِـيمًا وخَشْيَـةً ورَغْبةً ورَهْبةً .
    وكُلُّ اسْمٍ مِنْ أَسْماءِ الله مُشْتَمِلٌ علَى صِفةٍ : ( الله ) مُشْتَملٌ علَى صِفةِ الأُلُوهِيَّـةِ ، ( الرَّحمنُ ) مُشْـتَمِلٌ علَى صِفَـةِ الرَّحمةِ ؛ لأَنَّ أَسْماءَ الله مُشْتَـقَّـةٌ ، ( العَلِـيمُ ) مُشْتَمِلٌ علَى صِفةِ العِلْمِ ، ( القَديرُ ) مُشْتَمِلٌ علَى صِفةِ القُدْرةِ ، ( الحكيمُ ) مُشْتَمِلٌ علَى صِفةِ الحِكمةِ ، ( العَزِيزُ ) مُشْتَمِلٌ علَى صِفَةِ العِـزَّةِ ، وهكذَا .
    فإذَن يَجِبُ الإيمانُ والإِقْرارُ بِما جاءَ في الكِتابِ والسُّنَّـةِ ؛ وقَدْ جاءَ في الكِتابِ والسُّنَّـةِ إِثْـبَاتُ الأَسْماءِ والصِّفاتِ لله ، قالَ تَعالَى : " هُوَ اللهُ الَّذِي لَا إِلَـهَ إِلَّا هُوَ عَالِـمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللهُ الَّذِي لَا إِلَـهَ إِلَّا هُوَ الْـمَلِكُ القُدُّوسُ السَّلَامُ الْـمُؤْمِنُ الْـمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الـجَبَّـارُ الْـمُتَـكَـبِّرُ سُبْحَانَ اللهِ عَـمَّا يُشْرِكُونَ (23) " ثَمانِـيَـةُ أَسْماءٍ ، وفي الآيةِ الأخْرَى خَمْسةُ أَسْماءٍ :" هُوَ اللهُ الْـخَالِقُ الـبَارِئُ الـمُصَوِّرُ لَـهُ الأَسْـمَاءُ الْـحُسْنَى يُسَبِّحُ لَـهُ مَا فِى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ العَزِيـزُ الحكِـيمُ (24) " (8.) ، وهكذَا .
    قالَ عنْ نَفْسِه : " وَهُوَ العَلِـيمُ الحكِـيمُ " (9) ، " وَهُوَ العَزِيزُ الغَفُورُ " (10) ، " وَهُوَ السَّمِـيعُ البَصِيرُ" (11) .
    وكذلِكَ ما أَخْبرَ بِه النَّبيُّ صَلَّى اللهُ علَيْه وعلَى آلِه وسَلَّمَ عَنْ رَبِّـهِ ؛ قالَ : " يَـنْزِلُ رَبُّـنَا كُلَّ لَيْـلَةٍ إِلَى السَّماءِ الدُّنْـيَا حِينَ يَبْقَى ثُـلُثُ اللَّـيْلِ الآخِرِ .. " ؛ نُـثْبِتُ صِفةَ النُّـزُولِ .
    " إِنَّ اللهَ هُو القابِضُ الباسِطُ الخافِضُ الرَّافِـعُ " ؛ كُلُّ هذِه أَسْماءٌ وردتْ في السُّنَّـةِ .
    إِذَنْ ، ما جاءَ في الكِتابِ والسُّنَّـةِ يَجِبُ الإِقْرارُ بِه والإِيمانُ بِه ؛ يَجِبُ الإِقْرارُ والإِيمانُ بِما جاءَ في الكتابِ والسُّنَّـةِ مِنَ الأَسْماءِ والصِّفاتِ .
    إِذَنْ ؛ اللهُ تعالَى أَعْلَمُ بِنَفْسِه ، وهُو الَّذي سَمَّى نَفْسَه وهُو الَّذي وَصَفَ نَفْسَه ؛ فنَحنُ نُؤْمِنُ بِما سَمَّى اللهُ بِه نَفْسَه وبِما وَصَفَ اللهُ بِه نَفْسَه .
    * ( فَما جاءَ بِه القُـرْآنُ العَزِيزُ أَوِ السُّنَّـةُ المعْلُومةُ وَجبَ علَى الخلْقِ الإِقْرارُ بِه جُمْـلةً ، وتَفْصِيلًا عِندَ العِلْمِ بِالتَّـفْصِيلِ ) : جُمْـلةً فيما لَـمْ يُفَصَّلْ ، وتَفْصِيلًا فيما فُصِّلَ .
    جُمْـلَةً : نُـثْبِتُ أَنْ نَقُولَ كما قالَ سُبْحانهُ وتَعالَى : " وَلَـهُ الـمَثَلُ الْأَعْلَى فِى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ العَزِيزُ الحكِـيمُ" أَيْ : لَهُ الوَصْفُ الكامِلُ ، هذَا جُمْلة ؛ إِذَنْ لَهُ الوَصْفُ الكامِلُ .
    والتَّفْصِيلُ : وصَفَ نَفْسَهُ بِأنَّـهُ رَحيمٌ ، بِأنَّهُ علِيمٌ ، بِأنَّهُ سَميعٌ ، بِأنَّهُ بَصِيرٌ .

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ الرُّحَيْلِـيُّ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ
    * هذَا هُو السُّؤَالُ الَّذي وَرَدَ علَى شَيْخِ الإِسْلامِ وأَجابَ عنهُ في هذِه الرِّسالةِ ، ومَرْجِعُه إِلَى اخْتِلافِ رَجُلَيْنِ في بَابِ الصِّفاتِ : هَلْ تُثْـبَتُ لله عَزَّ وجَلَّ ؟ صِفاتُ الله عزَّ وجَلَّ والعُلُـوُّ أَمْ أَنَّ البَحْثَ في ذلِكَ مِنَ التَّجْسِيمِ والتَّشْبِيه .
    ونَزَّلَ أَحدُ المخْـتَلِفَيْنِ قَوْلَ الإِمامِ مالِكٍ رحمهُ اللهُ في مَنْ سَألَ عنِ الكَيْـفِيَّـةِ في قَوْلِه : ( ما أُراكَ إِلَّا رَجُلَ سُوءٍ ) علَى هذَا في الكلامِ في الصِّفاتِ ، ومَعْلُومٌ أَنَّ هذَا الذَّمَّ إِنَّـمَا وَرَدَ لِـمَنْ بَحثَ عنِ الكَيْـفِيَّـةِ ، لا يَـرِدُ علَى مَنْ أَثْـبَتَ الصِّفاتِ ، ولكِنْ ـ علَى كُلِّ حالٍ ـ هكذَا وَرَدَ السُّؤَالُ ، وهذَا دَلِـيلٌ علَى أَنَّ هذَا الَّذي فَهِمَ مِنْ قَوْلِ الإِمامِ مالِكٍ رحمهُ اللهُ هذَا الفَهْمَ أَنَّـهُ مُسِيءٌ في فَهْمِه لِـمَوْقِفِ الإِمامِ مالِكٍ مِنْ هذَا الرَّجُلِ .
    ولكِنْ شَيْخُ الإِسْلامِ سَيَتَـوَلَّى الرَّدَّ علَى هذَا ، ولا نَسْتَبِقُ الحديثَ ، بَلْ نَقِفُ عِندَ كلامِه ، ونَنْـتَـفِعُ بِما قَـرَّرَهُ في هذِه الرِّسالةِ العَظِـيمةِ الَّتي قَـرَّرَ فِـيها مَذْهَبَ السَّلَـفِ و أنَّهُمْ يُثْـبِتُونَ الصِّفاتِ لله عَزَّ وجَلَّ كما يَـلِيقُ بِجَلالِه .
    * هكذَا شَرَعَ شَيْخُ الإِسْلامِ ابْنُ تَيْمِيَّـةَ رحمهُ اللهُ في إِجابةِ هذَا السَّائِلِ ، وهُنا نُنَـبِّهُ علَى مَسْأَلةٍ مهمَّةٍ جِدًّا في الاسْتِفادةِ مِنْ مَنْهَجِ شَيْخِ الإِسْلامِ في تَقْرِيرِ العِلْمِ وفي الرَّدِّ علَى الشُّبَهِ : يُلاحظُ ما اشْتَملَ علَيْه السُّؤَالُ منَ الخطَـإِ البَـيِّنِ في دَعْوَى مَنِ ادَّعَى أَنَّ إِثْباتَ الصِّفاتِ تَجْسِيمٌ وتَشْبِيه ، واسْتَدَلَّ علَى هذَا أوِ اسْتَأْنسَ بِقَوْلِ الإِمامِ مالِكٍ رحمهُ اللهُ في زَجْرِه لِـمَنْ سَأَلَ عنِ الكَيْـفِيَّـةِ .
    يُلاحظُ أَنَّ شَيْخَ الإِسْلامِ رحمهُ اللهُ لَـمْ يُـبَادِرْ إِلَى الرَّدِّ علَى الشُّبْهةِ ، ولَـمْ يُـبَادِرْ إِلَى التَّشْنِـيعِ علَى المخالِفِ ، وهذَا ما نفْتَـقِدُه في تَعَجُّلِ بَعْضِ مَنْ يَنْتَسِبُ لِلسُّنَّـةِ ؛ إِذَا ما سَمِعَ المخالَفةَ بَادرَ إِلَى رَدِّها ، دُونَ مُقَدِّماتٍ ؛ فيقَعُ في نَفْسِ صَاحبِ الشُّبْهةِ أَنَّ هذَا مُسَلَّطٌ علَيْه ؛ وإِنَّما يُرِيدُ أَنْ يرُدَّ ما عِندَهُ !
    فشَيْخُ الإِسْلامِ لَـمْ يُبادِرْ إِلَى تَخْطِئَـةِ المخطِئِ ، وإِنَّما بدَأَ يُقَـرِّرُ القَواعِدَ الكلِّـيَّـةَ العَظيمةَ الَّتي تَرْجِعُ هذِه المسْألَـةُ إِلَـيْها .
    فذَكَـرَ أَوَّلَ ما ذَكَـرَ : أَنَّـهُ يَجِبُ الإِقْرارُ والإِيـمانُ بِما جاءَ بِـهِ النَّبِـيُّ صَلَّى اللهُ علَـيْه وعلَى آلِه وسَلَّمَ ، هذِه مَسْألةٌ لمْ يَذْكُرْها شَيْخُ الإِسْلامِ رحمهُ اللهُ إِلَّا لِـيَـبْنيَ علَيْها ما بَعْدَها .
    وتُـلاحِظُونَ في كَثيرٍ مِنْ كُتُبِ شَيْخِ الإِسْلامِ أَنَّه يُقَـرِّرُ هذِه الـمَسَائِـلَ ، كما في ( الحموِيَّـةِ ) و( الواسِطِيَّـةِ ) و( التَّدْمُرِيَّـةِ ) .
    يُقَـرِّرُ أَوَّلًا أَنَّه يَجِبُ الإِقْرارُ والإيمانُ بِما جاءَ بِه النَّبيُّ صَلَّى اللهُ علَيْه وعلَى آلِه وسَلَّمَ ، ثُمَّ يَذْكُرُ أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ علَيْه وعلَى آلِه وسَلَّمَ بَلَّغَ البَلاغَ الكامِلَ ، وأنَّهُ أُوتِيَ جَوامِعَ الكلِمِ وأُوتِيَ قُـوَّةَ البَـيَانِ ، وأَنَّ الصَّحابةَ رَضِيَ اللهُ عنهُمْ تَلَقَّوْا عنهُ هذَا ، ثُمَّ بَعْدَ ذلِكَ يَبْدأُ يُقَـرِّرُ هذِه المسائِلَ .
    فذَكرَ في مُقَدِّمةِ هذِه الرِّسالةِ : أنَّـهُ يَجِبُ الإِقْرارُ بِما جاءَ بِه النَّبيُّ صَلَّى اللهُ علَيْه وعلَى آلِه وسَلَّمَ ، وما جاءَ بِه القُرْآنُ العَزيزُ والسُّنَّـةُ المعْلُومةُ جُملَـةً وتَفْصِيلًا .
    ثُـمَّ اسْتَـدْرَكَ في التَّـفْصِيلِ ـ وهذَا مِنْ دِقَّـتِـهِ رحمَهُ اللهُ ـ قالَ : (وتَـفْصِيلًا عِندَ العِلْمِ بِالتَّـفْصِيلِ ) ، وكمْ نَبَّـهْتُ علَى دِقَّةِ شَيْخِ الإِسْلامِ رحمَهُ اللهُ في تَحرِيرِ المسائِلِ ، وأَنَّه أُوتِيَ مِنْ قُـوَّةِ الفَهْمِ وقُوَّةِ العِبارةِ والبَـيَانِ ما سَبقَ إِلَيْه سَبْقًا كَثِـيرًا ، لا نَجِدُ أَنَّ مِثْلَهُ في العُصُورِ المتأَخِّرةِ يُضَاهِي شَيْخَ الإِسْلامِ في هذَا ، بَعْدَ عُصُورِ السَّلَفِ .
    فذَكرَ الإِقْرارَ بِالجمْلةِ ، وأَنَّ هذَا واجِبٌ ، وهذَا ما يُسَمِّيه العُلَماءُ بِالعِلْمِ المتعَيِّنِ علَى كلِّ مُسْلِمٍ ؛ لأَنَّهُ مَعْرُوفٌ مِنْ عُمُومِ النُّصُوصِ .
    وأَمَّا تَفَاصِيلُ المسائِلِ فهذِه تَخْفَى علَى بَعْضِ النَّاسِ ، ولكنْ مَنْ وَقَفَ علَى شَيْءٍ مِنَ التَّـفْصِيلِ فيَجِبُ علَيْه والإِيمانُ بِه ، كما نَبَّـهَ علَى هذَا أَهْلُ العِلْمِ في بَابِ الإِيمانِ ؛ عندَما يَقُولُونَ : الإِيمانُ بِالله جُمْلةً وتَفْصِيلًا ، وكذلِكَ الملائِكةِ والكُتبِ والرُّسُلِ والقَدرِ .
    فالإِيمانُ المجمَلُ هُو : الإِيمانُ العامُّ الَّذي تَدُلُّ علَيْه القَواعِدُ الكُلِّـيَّةُ والأُصُولُ العامَّـةُ ، الَّذي لا يَكادُ يَخْفَى علَى أَحدٍ ، وأَمَّا تَفَاصِيلُ المسائِلِ فإِنَّها تَخْفَى علَى بَعْضِ النَّاسِ ؛ ولِـهذَا اسْتَدْرَكَ شَيْخُ الإِسْلامِ قالَ : ( الإِقْرارُ بِه جُمْـلةً ، وتَفْصِيلًا عِندَ العِلْمِ بِالتَّـفْصِيلِ فَلا يَكُونُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا حتَّى يُـقِرَّ بِما جاءَ بِه النَّبيُّ صَلَّى اللهُ علَيْه وعلَى آلِه وسَلَّمَ ) .
    ـــــــــــــــــــــــــــ
    (1) ويَجُوزُ : ( والعُلُوَّ ) بِالنَّصْبِ عَطْفًا علَى ( إِثْباتَ ) ؛ أَيْ : ويَعْتَـقِدُوا العُلُـوَّ ، واللهُ أَعْلمُ .
    (2) و ( المشَّبِّهةِ ) و ... الخ ، ولا زَالُ أَعْداءُ السُّنَّـةِ يبْتَـكِرُونَ أَلقابًا يلْصِقُونَها بِأَهْلِ السُّنَّـةِ وأَتْباعِ منْهجِ السَّلَفِ في العَقِيدةِ والعَملِ ، قُدْوتُهُمْ في ذلِكَ أَعْداءُ الرُّسُلِ الَّذينَ لاقَوا رُسُلَ الله عزَّ وجلَّ بِمثْلِ هذَا الصَّنيعِ وكانَ أَشَدَّهُمْ بَلاءً بِهؤُلاءِ نَبِـيُّنا محمَّدٌ بْنُ عَبْدِ الله صَلَواتُ رَبِّي وسَلامُهُ عَلَيْه فَرمَوهُ بِالجنُونِ والشِّعْرِ والكِهانةِ والسِّحْرِ ؛ " كَذلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْـنُونٌ " وسَمَّوْهُ ( الصَّابِئَ ) واتَّهَمُوهُ بِتَـفْرِيقِ الجماعةِ و و الخ .
    ولا تَزالُ السِّلْسِلةُ مُسْتَمِرَّةً فَمنَ ( الوَهَّابِيَّـةِ ) إِلَى ( الأَلْبانيِّـةَ ) و ( المتمسْلِفةَ ) إِلَى ( الجامِيِّـة ) و ( المدْخلِـيَّـةَ ) و ( المباحِثِ ) ... الخ ، وفي بِلادِ شِبْـهِ القارَّةِ الهنْدِيَّـةِ : ( غيرُ المقلِّدينَ ) ! و الـ ( لا مَذْهَبِـيِّـينَ ) وكأنَّ هذَا عَيْبٌ !! .
    وهِـيَ سُنَّـةٌ باقِـيَـةٌ ما بَـقِـيَتِ السَّماواتُ والأَرْضُ ، وما بَـقِـيَ حَـقٌّ وباطِـلٌ، فَما عَلَى أَهْلِ الحقِّ منَ الـمُـبْطِـلِـينَ ؛ " فَـتَـوَلَّ عَنْـهُمْ فَـمَا نتَ بِمَلُومٍ وَذَكِّـرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَـنفعُ الْـمُؤْمِنِـينَ " ، وانظُرْ النُّونِيَّـةَ معَ شَرْحِ الهرَّاسِ (1/393 ـ 400 ) فإِنَّه مهمٌّ .
    (3) سُورةُ النِّساءِ ، الآيَـةُ : (136) ، ومثْـلُها في سُورةِ الحديـدِ ، الآيَـةُ : (7) .
    (4) قالَ ابْنُ القَيِّمِ رحمهُ اللهُ في النُّونِيَّـةِ : [ الكامل ]
    ولَـقَـدْ أَتَـانا عَشْـرُ أَنْـوَاعٍ مِـنَ الـ.........ـمَـنْـقُـولِ في فَـوْقِـيَّـةِ الـرَّحْـمنِ
    مَـعْ مِـثْـلِـها أَيْـضًا تَـزِيدُ بِواحِـدٍ.........ها نَحْـنُ نَـسْـرُدُها بِـلا كِـتْـمَـانِ
    مِنْها اسْتِواءُ الرَّبِّ فَوْقَ العَرْشِ في.........سَـبْـعٍ أَتَـتْ في مُـحْـكَمِ الـقُـرْآنِ
    فَذَكرَهَا نَوْعًا نَوْعًا ممثِّـلًا لِأَفْرادِها ، وقالَ في أَثْـنَاءِ ذلِكَ :
    يَــا قَـوْمَــنَـا والله إِنَّ لِـقَـوْلِــنَـا......... أَلْـفًـا تَـدُلُّ علَـيْـهِ بَـلْ أَلْــفَـانِ
    عَقْلًا ونَقْلًا معْ صَرِيحِ الفِطْرةِ الـ.........أُولَى وَذَوْقِ حَـــلَاوةِ الــقُــرْآنِ
    كُــلٌّ يَــدُلُّ بِـأنَّــهُ سُـبْـحَـانَــهُ .........فَـوْقَ السَّـمَـاءِ مُـبَـايِـنُ الأَكْوانِ
    أَتَــرَوْنَ أنَّــا تَـارِكُـوا ذَا كُـلِّــهِ.........لِـجَعَاجِعِ التَّعْطِـيلِ والـهَـذَيَـانِ
    انظُـرْ : النُّونِـيَّـةَ معَ شَرْحِ الهرَّاسِ (1/212 فما بعدَها ) .
    وسَيَأتي ذِكْرُ بَعْضِ هذِه الأَنْواعِ الَّتي أَشَارَ إِلَيْها الشَّيخُ الرَّاجِحِيُّ حفِظهُ اللهُ والتَّمْثِـيلُ علَى بَعْضِ أَفْرادِها في هذِه الرِّسَالةِ .
    (5) أَيْ في الدُّعاءِ ، وهذِه الحاجةُ الَّتي يَجِدُها كلُّ مخلُوقٍ إِلَى العُلُوِّ ، إِذَا ما ادْلَهمَّتْ بِه الأُمورُ لَمْ يَلْتفِتْ يَمينًا ولا شِمالًا ، حتَّى البَهائِمُ العَجماءُ تَـرْفعُ رأسَها إِلَى السَّماءِ إِذَا ما أُصِيبَتْ ، فَـكَيْـفَ بالإِنْسانِ ؟! ، " فِطْرَتَ اللهِ الَّتِى فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَـبْدِيلَ لِـخَلْقِ اللهِ " ، فاللَّهُمَّ لا تَجْعلْنا ممَّنْ اجْتالَتْـهُ الشَّياطِـينُ .. ـ رُحْماكَ ـ ، وكذَا : رَفْعُ الأُصْبُعِ إِلَى جِهةِ العُلُوِّ عندَ ذِكرِ الله وعندَ إِشْهادِه سُبْحانَهُ علَى أَمرٍ منَ الأُمُورِ كما في حديثِ حجَّةِ الوَداعِ ، وانظُرْ : النُّونِيَّـةَ معَ شَرْحِ الهرَّاسِ (1/233 ـ 234) .
    (6) يَقْرَأُ الشَّيْخُ كلامَ شَيْخِ الإِسْلامِ كاملًا ، ورُبَّما أَعاد العبارةَ أَكثرَ منْ مرَّةٍ فأخْتَصِرُ ما وَجدتُ السَّبيلَ إلَيْه وأُشيرُ إِمَّا بِالنُّقطِ وإِمَّا بكلمةِ ( الآيةِ ) و ( الحديثِ ) والمتنُ موجُودٌ ، وكذلِكَ بَعْضُ عِباراتِ الشَّرْحِ إِذَا تكرَّرتْ بالحرفِ أُثْبِتُها مرَّةً واحدَةً .
    (7) سُورةُ الحشْرِ .
    (8.) سُورةُ الحشْرِ .
    (9) سُورةُ التَّحْرِبمِ .
    (10) سُورةُ الملك .
    (11) سُورةُ الشُّورَى .
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو محمد فضل بن محمد; الساعة 20-Mar-2009, 01:24 PM.

    تعليق


    • #3
      فلا يَكُونُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا حَتَّى يُـقِرَّ بِما جاءَ بِه النَّبِـيُّ صَلَّى اللهُعلَيْه وعلَى آلِه وسَلَّمَ ، وهُو تَحْقِـيقُ شَهادةِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ وأَنَّ محمَّدًا رَسُولُ الله .
      فمَنْ شَهِـدَ أنَّـهُرَسُولُ الله شَهِدَ أَنَّـهُ صَادِقٌ فيما يُخْـبِرُ بِه عَنِ الله ؛ فإِنَّ هذَا حَقيقةُ الشَّهادةِ بِالرِّسالةِ ؛ إِذِ الكاذِبُ لَيْسَ بِرسُولٍ فيما يكذِبُه ، وقَدْ قالَ اللهُ تعالَى : " وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينِ (46)" (1)
      وبِالْـجُمْلَـةِ : فَهذَا مَعْلُومٌ بِالاضْطِرارِ مِنْ دِينِ الإِسْلامِ ، لا يُحْـتَاجُ إِلَى تَـقْرِيرِه هُنا ، وهُو : الإِقْرارُ بِما جاءَ بِه النَّبِـيُّ صَلَّى اللهُ علَيْه وعلَى آلِه وسَلَّمَ ، وهُو ما جاءَ بِه منَ القُرْآنِ والسُّنَّـةِ .
      كَما قَالَ اللهُ تَعالَى : " لَقَـدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْـمُؤْمِنِـينَ إِذْ بَعَثَ فِـيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَـتْلُوا عَلَيْـهِمْ ءَايَاتِـهِ وَيُـزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (164) " (2) .
      وَقَالَ تَعالَى : " كَمَـا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِّنكُمْ يَـتْلُوا عَلَيْكُمْ ءَايَـتِنَا وَيُـزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَـابَ وَالْحِكْمَةَ " (3) ، وَقَـالَ تَعالَى : " وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِـهِ " (4)، وَقَـالَ تَعالَى : " وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِـيُطَاعَ بِإِذْنِ اللهِ " (5) .
      وَقَالَ تَعالَى : " فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِـيمَا شَجَرَ بَيْـنَـهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّـمَّـا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًـا (65) "(6) ، وَقَالَ تَعالَى : " يَـأَيُّـهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِـيعُوا اللهَ وَأَطِـيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ فَـإِن تَـنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَـرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ " (7) .
      ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ الرَّاجِحيُّ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
      * ( فلا يَكُونُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا حَتَّى يُقِرَّ بِما جاءَ بِه النَّبِيُّ صَلَّى اللهُعلَيْه وعلَى آلِه وسَلَّمَ) نَعمْ، إِذَا أَنْكرَ ما جاءَ بِه النَّبيُّ صَلَّى اللهُ علَيْه وعلَى آلِه وسَلَّمَ لا يَكُونُ مُؤْمِنًا ، وهَـذَا ( هُـوَ تَـحْقِـيقُ شَهادةِ أَنْ لا إِلـهَ إِلَّا اللهُ وأَنَّ محمَّـدًا رَسُولُ الله ) .
      * ( فمَنْ شَهِـدَ أنَّـهُرَسُولُ الله شَهِدَ أَنَّـهُ صَادِقٌ فيما يُخْـبِرُ بِه عَنِ الله ) وقَدْ أَخْبَرَنا أَنَّ الله أَنْـزَلَ علَيْه القُـرْآنَ وأَنْـزَلَ علَيْه السُّنَّـةَ ؛ والسُّنَّـةُ وَحْيٌ ثَـانٍ ؛ قالَ علَيْه الصَّلاةُ والسَّلامُ : " أَلا إِنِّي أُوتِـيتُ القُرْآنَ ومِثْـلَهُ مَعهُ " .
      * " وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينِ (46) " (1) : أَخبرَ أنَّـهُ لَوْ تَقَـوَّلَ ، وهُو مَعْصُومٌ ، ( لَوْ ) حَرْفُ امْتِـنَاعٍ لامْتِـنَاعٍ ، هذِه فَرضِيَّـةٌ ، فهذَا شَرْطٌ مُقَدَّرٌ والشَّرْطُ التَّقْديرِيُّ لا يكُونُ ، لكِنْ [ يُؤْتَى بِه ] لِـبَـيَانِ عِظمِ الأَشْيَاءِ ؛ لَوْ تَقَوَّلَ وكذَبَ علَى الله [ وحاشَاهُ ] لَعُوجِلَ بِالعُـقُوبةِ ولَمْ يُمهَلْ ، لكنَّـهُ مَعْصُومٌ علَيْه الصَّلاةُ والسَّلامُ .
      كَقَوْلِه تَعالَى : "لَئِـنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ" (8.) ، مَعْصُومٌ عنِ الشِّرْكِ ، لكِنْ هذَا شَرْطٌ تَقْدِيرِيٌّ لِـبَـيَانِ عِظمِ الشِّرْكِ ولِـبَـيَانِ شَأنِه .
      " الْوَتِـينِ ": عِرْقٌ مُتَّصِلٌ بِالقَلْبِ إِذَا قُطِعَ ماتَ الإِنْسانُ لِساعتِـه .
      * ( وبِالْـجُمْلَـةِ ) أَيْ : خُلاصَةُ الكلامِ أَنَّ (هذَا مَعْلُومٌ بِالاضْطِرارِ مِنْ دِينِ الإِسْلامِ ، لا يُحْـتَاجُ إِلَى تَـقْرِيرِه ) يَعْنِي أَنَّ الإِقْرارَ بِما جاءَ في الكِتابِ والسُنَّـةِ هذَا لا بُدَّ منهُ في الإِيمانِ ، وهذَا ( هُوَ تَحْقِـيقُ شَهادةِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ وأَنَّ محمَّدًا رَسُولُ الله )، هذَا معْلُومٌ منَ الدِّينِ بِالضَّرُورةِ : أَنَّ الرَّجلَ لا يكُونُ مُؤْمِنًا حتَّى يُـقِرَّ ويُؤْمنَ بِما جاءَ في الكِتابِ والسُّنَّـةِ ، بِما أَخْبرَ اللهُ بِه عنْ نَفْسِه .
      وهذَا هُو تَحقيقُ شَهادةِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ ؛ مَنْ لمْ يُصَدِّقِ اللهَ في أَخْبارِه ما شَهدَ أنْ لا إِله إِلَّا اللهَ ، مَنْ لَـمْ يُصَدِّقِ الرَّسُولَ صَلَّى اللهُ عليْه وعلَى آلِه وسَلَّم في أَخْبارِه ما شَهِد أنَّ محمَّدًا رسُولُ الله .
      إِذَنْ منْ تَحْقِـيقِ شَهادةِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ : أَنْ تُـقِرَّ وتُصَدِّقَ وتُـؤْمنَ بما جاءَ في كتابِ الله مِنَ الأَخْبارِ ، ومِنْ ذلكَ ما أَخْبرَ اللهُ بِه عنْ نَفْسِه مِنَ الأَسْماءِ والصِّفاتِ .
      ومِنْ تحْقِـيقِ شَهادةِ أَنَّ محمَّدًا رسُولُ الله : أَنْ تُقِرَّ وتُؤْمنَ بِما أَخبرَ بِه الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ علَيْه وعلَى آلِه وسَلَّمَ عَنْ رَبِّـه ، وبِما أَخبرَ بِه عنْ أَشْراطِ السَّاعةِ ، وبِما أَخبرَ بِه عنِ الغُيُوبِ الـمَاضِيَـةِ وعنِ الغُيُوبِ المسْتَقْبلةِ ، أَنْ تُصَدِّقهُ في أَخبارِه وأنْ تَمْـتَـثِلَ أَوامِرَهُ وأَنْ تَجتـنِبَ نَواهِيَـهُ ، وأَنْ تتَعَبَّد لله بِما شَرَعهُ في كِتابِه وعلى لِسَانِ رسُولِه صَلَّى اللهُ علَيْه وعلَى آلِه وسَلَّمَ .
      يقُولُ الـمُؤَلِّفُ : ( هذَا مَعْـلُومٌ بِالاضْطِرارِ مِنْ دِينِ الإِسْلامِ ، لا يُحْـتَاجُ إِلَى تَـقْرِيرِه ) ما معْنَى ( مَعْـلُومٌ بِالاضْطِرارِ مِنْ دِينِ الإِسْلامِ ) ؟
      المعْنَى : أَنَّ المؤْمنَ يَضْطرُّ إِلَى تَصْدِيقِ هذَا اضْطِرَارًا ، العِلْـمُ الضَّرُورِيُّ هُو : الَّذي لا يَحْتاجُ إِلَى تأَمُّـلٍ واسْتِدْلالٍ ، كالعِلْمِ الَّذي يَحْصُلُ بِالحواسِّ ؛ فالعِلْمُ بِأَنَّ الشَّمْسَ طالِعةٌ في النَّهارِ هذَا عِلْمٌ ضَرُورِيٌّ لا يَسْتَطِيعُ الإِنْسَانُ أَنْ يُنكِـرَهُ ولا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَدْفعَهُ ، هذَا العِلْمُ الضَّرُورِيُّ العِلْمُ الَّذي يَضْطرُّ الإِنْسانُ إِلَى إِثْباتِه ولا يَسْتَطِيعُ إِنكارَهُ .
      فكذلِكَ هذَا عِلْمٌ ضَرُورِيٌّ وهُو : الإِيمانُ والإِقْرارُ بِما جاءَ في الكِتابِ والسُّنَّـةِ وتَصْدِيقُ الله في أَخْبارِه وتَصْدِيقُ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ علَيْه وعلَى آلِه وسَلَّمَ في أَخْبارِه أَنَّ هذَا لا بُدَّ منهُ في الإِيمانِ وأَنَّ مَنْ لَـمْ يُـقِرَّ ويُؤْمنْ فليْسَ بِمُؤْمِنٍ ولَمْ يَشْهَدْ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا اللهَ ولَمْ يَشْهَدْ أَنَّ محمَّدًا رسُولُ الله .
      * " لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْـمُؤْمِنِـينَ " الآيَة : أَخْبرَ اللهُ تعالَى أَنَّ هذَا مِنَّـةٌ منَ الله علَى المؤْمِنينَحيثُ" بَعَثَ فِـيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَـتْلُوا عَلَيْـهِمْ ءَايَاتِـهِ " القُرْآنيَّـةَ " وَيُـزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ " الحكمةُ السُّنَّـةُ " وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (164) " .
      * وَقَالَ تَعالَى : " وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَـابَ وَالْحِكْمَةَ " ، وَقَـالَ : " وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ ": الكِتابُ : القُرْآنُ ، والحكمةُ : السُّنَّـةُ .
      * " وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِـيُطَاعَ بِـإِذْنِ اللهِ ": ومِنْ طاعتِه تَصْدِيقُهُ في أَخْبارِه ؛
      فالَّذي لا يُصَدِّقُه في أَخْبارِه ما أَطاعَه .
      * وَقَالَ تَعالَى : " فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ " الآية : نَفَى اللهُ الإِيمانَ عنِ الشَّخْصِ حتَّى يُحكِّمَ الرَّسُولَ صَلَّى اللهُ علَيْه وعلَى آلِه وسَلَّمَ في مَوارِدِ النِّزاعِ ، ثُمَّ لا يكْفِي أَنْ يُحكِّمَه ، بلْ لا يكُونَ في صَدْرِه حرَجٌ مِنْ قَضَاءِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ علَيْه وعلَى آلِه وسَلَّمَ وحُكْمِه ، ولا بُدَّ أَنْ يُسَلِّمَ أَيْضًا تَسْلِيمًا ويَطْمئِنَّ طُمَأنِـينَـةً كاملَةً .
      * وَقَالَ تَعالَى : " يَـأَيُّـهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِـيعُوا اللهَ وَأَطِـيعُوا الرَّسُولَ "الآية : هذَا أَمرٌ بِطاعةِ الله وطاعةِ رَسُولِه صَلَّى اللهُ علَيْه وعلَى آلِه وسَلَّمَ ، وأَنَّ المسائِلَ المتنَازَعَ فيها تُرَدُّ إِلَى الله وإلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ علَيْه وعلَى آلِه وسَلَّمَ .
      " إِلَى اللهِ " : أَيْ إِلَى كِتابِه ، و إِلَى الرَّسُولِ : في حياتِه وإِلَى سُنَّـتِه بَعْدَ مَماتِه صَلَّى اللهُ علَيْه وعلَى آلِه وسَلَّمَ .
      ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ الرُّحَيْلِـيُّ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
      * ثُمَّ ذَكرَ أنَّ هذَا ( تَحْقِـيقُ شَهادةِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ وأَنَّ محمَّدًا رَسُولُ الله) ، وهُو بِهذَا يَـرْبِطُ الإِيمانَ بِأَصْلِ الدِّينِ ؛ فكما أَنَّ الرَّجُلَ لا يَدْخُلُ في الدِّينِ إِلَّا بِهذِه الكلِمةِ فكذلِكَ بَـقِـيَّـةُ الأُصُولِ هِيَ مُرْتَبِطةٌ بِالشَّهادَتَـيْنِ ؛ فلا يُظَنُّ أَنَّ تَحْقِـيقَ الإِسْلامِ يكُونُ بِمجرَّدِ النُّطْقِ بِالشَّهادَتَيْنِ دُونَ الإِيمانِ بِما تَضَمَّنتْـهُ هاتانِ الشَّهادَتانِ العَظيمَتانِ مِنْ أُصُولٍ عَظيمةٍ تندَرْجُ تَحتَ مَعْناهُما العامِّ .
      * ثُمَّ ذكرَ أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ علَيْه وعلَى آلِه وسَلَّمَ صَادِقٌ في خَبرِه ، وهذَا هُو الرَّسُولُ ، ولَيْسَ هُناكَ رسُولٌ أَرْسَلَهُ اللهُ عزَّ وجَلَّ إِلَّا وهُو صَادِقٌ في خبرِه ، وقَدْ بَلَّغَ عنِ الله عزَّ وجَلَّ ؛ وهذَا ممَّا يُـرَسِّخُ العِنايَـةَ بِالسُّنَّـةِ ؛ لأنَّ هُناكَ مِنْ طَوائِفِ الأُمَّـةِ مَنِ انْحرفُوا عنِ السُّنَّـةِ ؛ فزَعُموا أنَّ القُرْآنَ يَـكفِي في هِدايَـةِ الخلْقِ ! .
      فلا يحصُلُ الإِيمانُ إِلَّا بِالإِيمانِ بِالنَّبيِّ صَلَّى اللهُ علَيْه وعلَى آلِه وسَلَّمَ .
      * ثُمَّ ذَكرَ أَنَّ ما جاءَ بِه النَّبيُّ صَلَّى اللهُ علَيْه وعلَى آله وسَلَّمَ هُو ما جاءَ بِه القُرْآنُ ، وهذَا فيه تَنْبِـيهٌ لِـمَسْأَلةٍ أَنَّـهُ لا يُفَـرَّقُ بَيْنَ الكِتابِ والسُّنَّـةِ لأنَّهُما مُرْتَبِطانِ ؛ ولا يُمكِنُ لمدَّعٍ أَنْ يدَّعِيَ الإِيمانَ بِالكِتابِ إِلَّا والكِتابُ يَدْعُوهُ إِلَى السُّنَّـةِ لَوْ كانَ صَادِقًا ، وما مِنْ مُدَّعٍ يَدَّعِي الإِيمانَ بِالنَّبيِّ صَلَّى اللهُ علَيْه وعلَى آلِه وسَلَّمَ إِلَّا وإِيمانُه بِالنَّبيِّ صَلَّى اللهُ علَيْه وعلَى آلِه وسَلَّمَ يَدْعُوهُ إِلَى العَملِ بِكِتابِ الله .
      فلا يُفَـرَّقُ بَيْنَ الكِتابِ والسُّنَّـةِ ، ومَنْ زَعمَ التَّفْرِقةَ فهُو كاذِبٌ ، فلا فَرْقَ مِنْ حَيْثُ الاسْتِدْلالُ بَيْنَ الكِتابِ والسُّنَّـةِ ، والصَّحيحُ أَنَّهُما مَصْدرٌ واحِدٌ ، لا يُفَـرَّقُ بَيْنَـهُما ، ولا يُقالُ : هذَا مَصْدرٌ أوَّلٌ وهذَا مَصْدرٌ ثانٍ ، بلِ ( الكتابُ والسُّنَّـةُ ) مَصْدرٌ أَوَّلٌ ، ( الوَحْيُ ) هُو المصْدرُ الأَوَّلُ .
      فهُما في الاسْتِدْلالِ علَى دَرجةٍ واحِدةٍ ، لكِنْ إِذَا صَحَّ الحديثُ عنِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ علَيْه وعلَى آلِه وسَلَّمَ كانَتْ لَه هذِه المنزِلَةُ ، وأمَّا قَـبْلَ ذلِكَ فإِنَّـهُ يُنْظَـرُ في ما يَثْـبُتُ عنِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ علَيْه وعلَى آلِه وسَلَّمَ مِنْ غَيْرِه .
      ولِـهذَا كانَ مِنْ حَيْثُ الثُّـبُوتُ فالقُرْآنُ أَعْلَى درجةً ؛ لأَنَّـهُ نُقِلَ لِلْأُمَّـةِ بِالتَّواتُرِ ، وهُو مَقْطُوعٌ بِلَـفْظِه عنِ الله عزَّ وجَلَّ ، وأَمَّـا السُّنَّـةُ فَـإِنَّ مِنها ما هُوَ مُـتَواتِـرٌ ومِنْها ما نُـقِلَ علَى
      سَبِيلِ أَخْبارِ الآحادِ ، لكنَّ أَهْلَ السُّنَّـةِ لا يُفَـرِّقُونَ في الاسْتِدْلالِ بَـيْنَ الأَخْبارِ الـمُـتَواتِـرَةِ وأَخْبارِ الآحادِ إِذَا ثَـبَـتَتْ عنِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ علَيْه وعلَى آلِه وسَلَّمَ .
      * ثُمَّ ذكرَ بَعْضَ الآياتِ في الاسْتِدْلالِ علَى أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ علَيْه وعلَى آلِه وسَلَّمَ دَعا إِلَى الكِتابِ وعمِلَ بِه كما قالَ اللهُ عَزَّ وجلَّ :" لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْـمُؤْمِنِـينَ " الآيَة ؛ فهذَا دليلٌ علَى أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ علَيْه وعلَى آلِه وسَلَّمَ بَعثَـهُ اللهُ لِيُعلِّمَ الكِتابَ ولِيُـبَـيِّنَ الكِتابَ ، فلَيْسَتْ رِسالةُ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ علَيْه وعلَى آلِه وسَلَّمَ بِمَعْزلٍ عنْ كِتابِ الله عزَّ وجلَّ .
      * وهكذَا بَقِـيَّـةُ الآياتِ فيها الدَّلالةُ والشَّواهِدُ لِـهذِه المسألَـةِ العَظيمةِ ، وأَنَّـهُ لا يَصِحُّ الإِيمانُ إِلَّا بِالإِيمانِ بِالنَّبيِّ صَلَّى اللهُ علَيْه وعلَى آلِه وسَلَّمَ والتَّصْدِيقِ بِه ، ولا يَصِحُّ الإِيمانُ بِالنَّبيِّ صَلَّى اللهُ علَيْه وعلَى آلِه وسَلَّمَ حَتَّى يُعْمَلَ بِكِتابِ الله عزَّ وجَلَّ ؛ فكتابُ الله حَقٌّ في كُلِّ ما جاءَ بِه ، والسُّنَّـةُ حَقٌّ في كُلِّ ما جاءَتْ بِه ، والسُّنَّـةُ مُوَضِّحةٌ ومُبَـيِّـنَـةٌ لِكتابِ الله ، لا تَعارُضَ بَيْنَ كِتابِ الله وبَيْنَ ما صَحَّ مِنْ سُنَّـةِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ علَيْه وعلَى آلِه وسَلَّمَ .
      * ولا يَصِحُّ الإِيمانُ ولا يَتَحَقَّقُ إِلَّا بِتَحْكِـيمِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ علَيْه وعلَى آلِه وسَلَّمَ فيما شَجَرَ بيْنَ الأُمَّـةِ ؛ كما قالَ اللهُ عَـزَّ وجلَّ :" فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِـيمَا شَجَرَ بَيْـنَـهُمْ " ؛ فهذَا فيه تَـقْرِيرٌ لِلْمسأَلةِ الَّتي سيُجِيبُ علَيْها شَيْخُ الإِسْلامِ في تنازُعِ الرَّجُلَيْنِ : أَنَّه لا يَصِحُّ الإِيمانُ ولا يَسْتَـقِيمُ إِلَّا بِتَحْكيمِ كِتابِ الله وسُنَّـةِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ علَيْه وسَلَّمَ .
      ـــــــــــــــــــــــــــ
      (1) سُورةُ الحاقَّـةِ .
      (2) سُورةُ آلِ عِمْرانَ .
      (3)سُورةُ البقَرةِ ، الآية : (151) .
      (4) سُورةُ البقَرةِ ، الآية : (231) .
      (5) سُورةُ النِّساءِ ، الآية : (64) .
      (6) سُورةُ النِّساءِ ، الآية : (65) .
      (7) سُورةُ النِّساءِ ، الآية : (59) .
      (8.) سُورةُ الزُّمر ، الآية : (65) .

      تعليق


      • #4
        جزاك الله خيرا
        هل الشرح كاملا
        فإن كان فهلا أنزلته في ملف مرفق نفع الله بك

        تعليق

        يعمل...
        X