إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

أثر ابن مسعود في التسبيح الجماعي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أثر ابن مسعود في التسبيح الجماعي


    أثر ابن مسعود في التسبيح الجماعي

    بين مغالطات " الأزهري الأصلي " وواقع العل


    الحمدُ ( العظمةُ ، الجلالُ ، المجدُ ، الكبرياءُ ، الجبروتُ ) لله ، هو رب كل شيء ومليكُه
    لا إله إلا هو وحده لا شريك له.
    وأصلي وأسلم علي النبي الكريم الشريف وعلى آله وصحبه .

    أما بعد :
    فإن نور العلم والسنة لا يناله نورا دائما مستمرا إلا من اعتصم بحقيقتهما ، فالصادق الملازم لحقيقة العلم والسنة هو وحده المنتفع بنورهما ، لا ينقطع عنه ما لزمهما ، أما المظهر الملازمة وهو في الحقيقة إنما يلازم مزاجه أو هواه أو المبدأ المحدث الذي نشأ عليه ، فهذا وإن حصل له انتفاع بسبب صلته بالعلم ، وإن حاز قبسا من النور بحكم الصلة لكن يوشك نوره أن ينقطع فيصير حاله كمن قال الله فيهم : ( فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون ) ولا يزال هذا حاله يصله من النور بقدر صلته بالعلم وينقطع عنه بقدر عبثه به وميله إلى مزاجه وهواه وبقدر تعصبه لمبدئه وانتمائه المحدث ( كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا )
    وهذا حال أصحاب الآراء والأقوال المحدثة الذين يتظاهرون للعامة بتعظيمهم للسنة أو بتحكيمهم للعلم وهم في حقيقة الأمر أبعد الناس عنهما ، لا يعرفون من العلم والسنة إلا ما يمكن أن يخدم آراءهم مستغلين غفلة العامة
    وهؤلاء في حقيقة الأمر لا يخاصمون السنة والعلم بقدر ما يخاصمون أنفسهم كحال الذين قال الله فيهم : ( يخربون بيوتهم بأيديهم ) وهم لم يباشروا تخريبها ، وهنا يحضر العقل المبارك الذي يمنع صاحبه من أن يكون عدو نفسه
    وما أعقل العرب فقد كانوا يصفون كل من يجر إلى نفسه الضرر ولو من غير قصد بأنه عدو نفسه
    وروي عن الحسن البصري كما في تاريخ المدينة أنه قال :
    شَهِدْتُ عثمان يخطبُ على المنبر يوم الجمعة فقامَ رجلٌ [ ممن يخاصمون عثمان ] تِلْقَاءَ وجهه فقال: أسأَل كتابَ الله. فقال عثمان رضي الله عنه: أما لكتاب الله طالبٌ غيرك? اجْلِس .. كَذَبْتَ يا عَدُوّ نفسِهِ " ا.هـ
    والرجل إنما يريد كتاب الله !
    لكن ليس كل من يظهر طلب الكتاب أو السنة يكون صادقا فضلا عن أن يكون مصيبا لهما ، فيكون طلبه لهما بالطريقة التي هو عليها سببا في بُعده عن الله والإضرار بنفسه وبهذا يكون في الحقيقة عدو نفسه ، كما قال تعالى : ( وقد خاب من دساها )
    ومن باب النصيحة أقول لأخي الأزهري الأصلي ( مساعد المشرف بمنتدى الملتقى التابع للإخوان المسلمين ) :
    أي عدو نفسك اتق الله وأشفِق عليها فلطالما ورطتها ورطات يعلمها الله من تحميل للنصوص ما لا تحتمل ، ومن عرضٍ لمسائل تحارب بها خصومك عرضا مجانبا لأمانة العلم ، ومن أجوبة متكلفة أكاد أقطع بأنك على غير قناعة بها ، ومن جحود لأقوال وأدلة تنكر ورودها بمحض التكهن دون أن تأخذ بأسباب البحث !! وتظهر للقارئ أنك تنفيها عن علم ! لتبطل قول مخالفك !!
    ومن تعصبٍ أعمى لرموز طائفتك يدفعك إلى مجانبة المصداقية في الجواب ، فتنفي عنهم المآخذ الثابتة بكل عصبية وعناد ، لا لأنها باطلة النسبة إليهم ولكن لتُضْعف من نقد مخالفك لهم ، وعندما تُحاجَج بتوثيق المآخذ عليهم تنتقل إلى جواب مضاد لجوابك الأول فتدافع عما كنت تنفيه دفاعا مستميتا في صورة واضحة مكشوفة من التناقض
    إلى غيرها من المؤاخذات التي سأبذل لك خدمة جليلة بكشفها تباعا ، تنفعك عند الله

    وأنبه أخي الأزهري الأصلي هداني الله وإياه إلى أن الأخذ بالأسباب في طلب الحق هو أهم ما أنبهه عليه
    وهو أبرز ما ينقصه في جل بحوثه التي قرأتها وأتمنى ألا يكون مقصودا فالرجل قد أوتي فهما ، وهو يذكرني بالكوثري كثيرا على أنه أعقل وأكثر أدبا منه
    فالكوثري يسب خصومه سبا يستحي المؤدب من نقله فضلا عن أن يحاكيه
    لكن أنصاره إذا تكلموا عن أدب النقد يرون قُبته حبةً وحبةَ غيره قبةً على منوال :
    ( يرى أحدكم القذاة في عين أخيه ولا يرى الجذع في عينه معترضا )
    وهذا هو شأن أهل الآراء المحدثة دائما فنحن على إياس من أن نرى منهم عدلا إلا من رحم الله منهم وقليل ما هم
    وهذا واقع ، وخبر عنهم بالقوة ولو كان في ظاهره حكما .
    كما أنبه أخي الأزهري ومن تأثر به إلى أن ما يظهره أخونا الأزهري دائما في بحوثه ليستميل به غيره من إشعاره القرّاء بأنه ينصف خصومه كما يفعل أحيانا عندما يظهر إنصافه عن طريق فقرة معينة ضمن بحث طويل ، يبرزها على أنه أنصف فيها مخالفه وهو يعلم أنها فقرة لا تحمل تأثيرا في المسالة فيظنها صاحب النية الحسنة على غفلة منه أنها خرجت من معدنها فيطمئن للكاتب وهو يظنها مؤشر أمان !
    بينما أخونا الأزهري يكتم أضعاف تلك المعلومة مما يبطل قوله ومما يكشف حقيقة إنصافه المزعوم .
    وهذه شطارة لا يحمد عليها الأزهري ، فإن أكيس الكيس التقى وإن أحمق الحمق الفجور ، وإن ما عند الله لا ينال بالحرام .
    كما أنبه إخواني بما فيهم الأزهري إلى أن الإنصاف قبل أن يكون شعارا فهو حقيقة وهو من أخطر الأبواب التي إن لم تُحكَم دخل منها شر كبير .
    فإن نسمات الإنصاف عندما تأتي في غير موعدها وفي غير محلها وتشتد على المرء في بُعد منه عن العلم وعن أدلته فإنها قد تقتلع ما في قلبه من خير باسم هذا الشعار
    فليس الإنصاف هو أن تتوسط حسيا بين طرفين أو تقف في المنتصف بين أطراف فهذا غالبا يكون من قبيل عدم الإدراك والتمييز للصواب وإن أُلبس ما أُلبس .
    لكن الإنصاف أن تحكُم في المسألة على ضوء واقعها بكل مصداقية وباعتبار الأسباب الحقيقية بغض النظر عن دوافعك النفسية والشخصية والانتمائية
    والجدير بالذكر أن واقع الكثير ممن يظن نفسه منصفا يرجع ظنه لقلة إدراكه
    فإنه كلما اشتدت الخصومة بين مذهبين دعت الظروف من كان أقرب إلى أحد الطرفين إلى تعديل مذهبه طلبا للتوسط الذي يكون نفسيا مطلبا لفئات من المتفرجين ومَن في حكمهم مِنَ الطرفين وهذا التوسط المنادَى به في مثل هذه الظروف والذي يعلم العاقل أن التأثير النفسي أو الطائفي أو الظرفي الواقعي أو نحوه كان سببا في ظهوره ، هذا التوسط كونه توسطا فيما يبدو لا يعني شرعيته من عدمها لأنه توسط حسي لا شرعي
    وعلى هذا الوتر غالبا يضرب أخونا الأزهري سامحه الله .
    لكن ما عند الله لا ينال بضرب الأوتار ، وإنما بتحري مراده ومراد رسوله على ضوء منهج الأخيار الأبرار ، وهو ظاهر مبيّن فيما خلفوه لنا من أسفار ، فلا مجال للإحداث والاختراع
    وهذه هي مشكلة أخينا الأزهري فهو لا يتقيد بفهم السلف وإن زعم خلاف هذا فواقعه يشهد ، والمسألة ليست مسألة أمنيات
    وجل ما يقرره من آراء لا يَسْلم من الإحداث والابتداع حتى فيما يُظهره من مناصرة بعض المقالات فإنه يخالف ما يقوله أرباب المقالة نفسها كما في كلامه عن التفويض في الصفات والمطلع على كلامه يعلم صدق ما أقول .
    على اضطرابٍ صحب شرحه للمسألة وتراجعٍ عما كان يقول به من نفي التفويض ، ومرورٍ بما يعتبر أكثر من مرحلة ، وليس هذا محل بيانه
    وهذا البحث المختصر الذي أقدمه بين يدي القارئ الكريم نموذج لعظيم ما يجره الأزهري وأمثاله من ضرر على العلم والسنة ، ومثال من أمثلة عدة تكشف مجانبته الأمانة في البحث ، وتبين بعده عن المصداقية ، وتدل على تحامله ضد خصومه إلى حد يخرجه عن أصول العلم .
    ولا أريد أن أستطرد في الدعاوى فأترك الحجج النيرة تخاطب عقول وقلوب الباحثين عن الحق بدليله بعيدا عن عصبية الانتماءات المحدثة والله وحده الهادي إلى سواء السبيل




    جاء أثر الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في إنكاره للتسبيح الجماعي من عدة طرق :

    1 ـ عن عمرو بن يحيى بن عمرو بن سلمة قال سمعت أبي يحدث عن أبيه قال :
    " كنا نجلس على باب عبد الله بن مسعود قبل صلاة الغداة فإذا خرج مشينا معه إلى المسجد
    فجاءنا أبو موسى الأشعري ، فقال :
    أَخَرج إليكم أبو عبد الرحمن بعد ؟
    قلنا : لا ، فجلس معنا حتى خرج ، فلما خرج قمنا إليه جميعا
    فقال له أبو موسى : يا أبا عبد الرحمن إني رأيت في المسجد آنفا أمرا أنكرته ، ولم أر والحمد لله إلا خيرا .
    قال فما هو ؟ فقال إن عشت فستراه
    قال : رأيت في المسجد قوما حلقا جلوسا ينتظرون الصلاة ، في كل حلقة رجل وفي أيديهم حصا ، فيقول : كبروا مائة فيكبرون مائة ، فيقول : هللوا مائة فيهللون مائة ويقول : سبحوا مائة فيسبحون مائة .
    قال : فماذا قلت لهم ؟
    قال : ما قلت لهم شيئا انتظار رأيك ، أو انتظار أمرك
    قال : أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم .
    ثم مضى ومضينا معه حتى أتى حلقة من تلك الحلق ، فوقف عليهم فقال ما هذا الذي أراكم تصنعون ؟
    قالوا : يا أبا عبد الله حصى نعد به التكبير والتهليل والتسبيح
    قال : فعدوا سيئاتكم فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء ، ويحكم يا أمة محمد ما أسرع هلكتكم ، هؤلاء صحابة نبيكم صلى الله عليه و سلم متوافرون ، وهذه ثيابه لم تبل وآنيته لم تكسر ، والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد أو مفتتحوا باب ضلالة .
    قالوا : والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير .
    قال : وكم من مريد للخير لن يصيبه
    إن رسول الله صلى الله عليه و سلم حدثنا : أن قوما يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم وأيم الله ما أدري لعل أكثرهم منكم ثم تولى عنهم .
    فقال عمرو بن سلمة : رأينا عامة أولئك الحِلق يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج


    هذه القصة رواها الإمام الدارمي وبحشل في تاريخ واسط من طريق الحكم بن مبارك وعلي بن الحسن بن سليمان كليهما عن عمرو بن يحيى بن عمرو عن أبيه عن جده عمرو بن سلمة به
    وهذا إسناد جيد لابأس به
    فعلي بن الحسن هو شيخ مسلم وهو ثقة وثقه أبو داود والحاكم
    والحكَم بن المبارك " كان أحمد بن حنبل يقول: هو عندنا ثقة، فقيل له: في مالك ؟ فقال: في مالك وغيرمالك " كما في الأنساب للسمعاني
    وقال عنه أبو عبد الله ابن مندة : " أحد الثقات "
    وقال ابن عدي : يقال إنه لا بأس به
    وقد حاول بعضهم الطعن في الحكم عندما نقل عن ابن عدي اتهام الحكَم بسرقة الحديث ، وهذا وإن كان لا يضر روايتنا هذه لأن الثقة علي بن الحسن قد رواه متابعا ولكن مع ذلك فالتهمة المذكورة عن الحكَم بن المبارك لا تصح وبيان هذا كالتالي : ذكر ابن عدي حديثا يُروى بلفظ :
    " يكون في آخر الزمان قوم يحلون الحرام ويحرمون الحلال ويقيسون الأمور برأيهم "
    فقال ابن عدي :
    " وهذا حديث رواه نعيم بن حماد عن عيسى والحديث له وأنكروه عليه وسرقه منه جماعة منهم عبد الوهاب الضحاك وسويد بن سعيد وأبو صالح الخراساني الخاستي الحكم بن المبارك "
    وهذه تهمة لا تثبت عن الحكَم وأوّل من برأه منها ابن عدي نفسه .
    لكن أحب قبل هذا أنْ أُبين أنّ الآفة في هذا الزمان عند جماعة من المشتغلين بالنقد هي قلة الفهم الناشئ عن ضعف التأصيل !!
    فراوٍ كالحكم وهو من طبقة شيوخ الإمام أحمد ويوثقه أحمد نفسه وهو قد أدركه ، ثم بعد أكثر من قرن يحكم عليه الإمام ابن مندة بأنه أحد الثقات فمثل هذا لا ينبغي الحكم عليه بسرقة الحديث بناء على ظنٍّ من إمام يخص رواية معينة
    فالكلام السابق عن ابن عدي لا يدل على أن الحكم كان يسرق الحديث وأن هذا كان من صنيعه ، وإنما لما كان من المعلوم لدى ابن عدي أن الحديث المذكور هو من أوهام نعيم بن حماد قطعا ، وبالتالي فكل من رواه متابعا لنعيم فإنما أخذه من نعيم ، فاعتبر ابن عدي أن هذا مسروق من نعيم بن حماد ليبين أنه مأخوذ عنه ، حتى لا يظن الظان أن هذه متابعات تقوي الحديث ، فهو حكم بالسرقة استنتاجا من رواية واحدة ويخص هذه الرواية فهو حكم إنشائي .
    فكيف يُجعل حكما خبريا عاما ؟!
    ثم كيف يُرد من أجله التوثيق الصريح ممن هو أرفع وأعلم ؟!
    وهذا على التسليم بأن ذكر الحَكَم ضمن أولئك كان مقصودا من ابن عدي على أنه ممن ثبتت سرقته مع المتهمين في هذه الراوية .
    ولكن هذا غير صحيح فابن عدي نفسه بيّن في موطن آخر أن هذه التهمة لا تشمل الحَكَم وإنما تخص الباقين دونه هو .
    ففي الكامل في ترجمة سويد قال :
    " قال الفريابي ووقفت سويد عليه بعد أن حدثني ودار بيني وبينه كلام كثير .
    وهذا إنما يعرف بنعيم بن حماد ورواه عن عيسى بن يونس فتكلم الناس فيه مجراه ثم رواه رجل من أهل خراسان يقال له الحكم بن المبارك يكنى أبا صالح الخواشتي يقال إنه لا بأس به ثم سرقه قوم ضعفاء ممن يعرفون بسرقة الحديث منهم عبد الوهاب بن الضحاك والنضر بن طاهر وثالثهم سويد الأنباري " ا.هـ
    ومن قوله : " وهذا إنما يعرف ..." إلى آخره هو من كلام ابن عدي كما دل على هذا نقل الخطيب البغدادي وابن عساكر في تاريخيهما والمزي في تهذيبه والذهبي في الميزان وابن حجر في التهذيب فكلهم نقلوه عن ابن عدي
    فابن عدي في كلامه المفصّل هذا بَيّن أنّ تهمة السرقة لا تشمل الحَكََم وإنما هو لا بأس به كما يقال .
    ولو أننا لم نحصل من ابن عدي على هذا التفصيل لدفعْنا ثمن غياب التأصيل عن أولئك الذي اعتمدوا حُكما استنتاجيا مِنْ رواية يختص بها ذلك الاتهام !!

    فتبين أن الحديث اتفق عليه الثقتان علي بن الحسن بن سليمان شيخ مسلم والحكم بن المبارك وهو ثقة لا بأس به
    أما شيخهما عمرو بن يحيى فهو لا بأس به إن لم يكن أرفع ، فقد وثقه ابن معين ولم يصح عنه سوى التوثيق
    ففي الجرح والتعديل قال ابن أبي حاتم في ترجمة عمرو بن يحيى :
    " روى عنه ابن أبى شيبة وابن نمير وعبد الله بن عمر وإبراهيم بن موسى وعبد الله بن سعيد الأشج سمعت أبى يقول ذلك
    نا عبد الرحمن قال ذكره أبى عن إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين انه قال : عمرو بن يحيى بن سلمة ثقة " ا.هـ
    فهذا توثيق صريح صحيح
    وروى عن عمرو أيضا سعيد بن سليمان وعبد الرحمن بن صالح ومحمد بن العلاء والحكم بن المبارك وغيرهم
    ومن كان هذا حاله من رواية هذا الجمع ومن توثيق ابن معين له توثيقا صريحا فحديثه صحيح ثابت بلا تردد
    ولم يثبت في حقه جرح معتبر
    وأما ما جاء عند ابن عدي من قوله :
    " حدثنا بن أبي عصمة ثنا أحمد بن أبي يحيى قال سمعت يحيى بن معين يقول عمرو بن يحيى بن سلمة ليس بشيء " ا.هـ
    ففيه أحمد بن أبي يحيى كذاب معروف
    وهو أحمد بن أبي يحيى أبو بكر الأنماطي البغدادي
    قال ابن عدي : سمعت موسى بن القاسم بن موسى بن الحسن بن موسى الأشعث يقول حدثني أبو بكر قال سمعت إبراهيم الأصبهاني يقول أبو بكر بن أبي يحيى كذاب
    قال الشيخ ولأبي بكر بن أبي يحيى هذا غير حديث منكر عن الثقات لم أخرجه هاهنا وقد روى عن يحيى بن معين وأحمد بن حنبل تاريخا في الرجال " ا.هـ
    وهذا إسناد صحيح عن إبراهيم بن أورمة وهو حافظ كبير .
    فكيف يعتمد الأزهري الأصلي على رواية كهذه ينقلها راو كذاب ليرد بها التوثيق الذي رواه الأئمة الثقات ؟!!
    أهي الحاجة إلى تضعيف الأثر وبأي طريقة ؟!
    أم أنها التعمية والتضليل على العامة الذين لا يمكنهم المتابعة ؟!!
    ولو أن الأزهري كان غافلا عن دراسة هذه الرواية لعذرناه لكنه اعتُرض عليه ونُبه بأن الرواية عن ابن معين لا تصح فقال :
    " من قال أن الجرح لم ينقل بطريق صحيح ؟ هذا غير صحيح !! جرح يحيى بن معينللراوي نقله ابن عدي بسند صحيح عنه " ا.هـ كلام الأزهري الأصلي
    إنه العناد والتعصب ، والتلهف الأعمى لنقد أتباع السلف .
    وهذا التصحيح منه لرواية ذلك الكذاب من أبرز ما يدل على أن عداءه لمذهب السلف قائم على المغالطات العلمية وعلى التلبيس لو كان قراءه يعقلون .

    يا قوم ! انتبهوا !
    هذه المغالطة الكاشفة لهذا الأزهري تُنبه العقلاء على أخواتها من المغالطات والتلبيسات
    فإن اللص الماهر في السرقة لا يقع في قبضة رجال الأمن إلا نادرا ، وكونه نادرا ما يقع لا يدل على أنه نادرا ما يسرق فاللبيب يكفيه الدليل القاطع
    فبأي اعتبار صحح الأزهري الرواية وصاحبها كذاب ؟! وتلميذه ابن أبي عصمة لم يوثقه أحد فيما أعلم ؟!
    فهذا هو الأزهري لمن يريد معرفة حقيقته وقد اتخذ من ملتقى الإخوان المسلمين أرضية مناسبة ليحارب آثار السلف ومنهجهم ولكن بقميص العلم وبشعار البحث وبستار الإنصاف
    ولو فرضنا أن الرواية كما ادعى الأزهري صحيحة فالأزهري يعلم أن ابن معين يطلق القول : فلان ليس بشيء ويعني أحيانا أن أحاديثه قليلة لا يعني بها دائما الضعف
    ففي مقدمة الفتح قال الحافظ ابن حجر :
    " ذكر ابن القطان الفاسي أن مراد بن معين بقوله في بعض الروايات ليس بشئ يعني أن أحاديثه قليلة جدا "
    وهذا المعنى موافق لحال عمرو بن يحيى كما ذكر ابن عدي من أن رواياته ليست بكثيرة ، وبهذا نوفق بين أقوال ابن معين نفسها
    لكن الأزهري لا يفهم إلا ما يريد ، فما جوابه وقد تهاوت هذه الرواية التي تفرد بها كذاب !!

    وأما قول ابن معين في عمرو بن يحيى : " لم يكن يُرضى "
    فإليك ما في هذه الرواية مما تجاهله الأزهري جريا على المعتاد
    قال ابن عدي :
    " حدثنا أحمد بن علي ثنا الليث بن عبدة قال سمعت يحيى بن معين يقول عمرو بن يحيى بن سلمة سمعت منه لم يكن يرضي وعمرو هذا ليس له كثير رواية ولم يحضرني له شيء فأذكره " ا.هـ
    وفي إسناده أحمد بن علي بن الحسن بن شعيب المدائني ، أبو علي :
    قال الدارقطني : لا بأس به .
    وقال ابن يونس : لم يكن بذاك ، وكان ذا دعابة ، وكان جواداً كريماً ، حسن الحفظ
    وقال مسلمة بن قاسم : وكان عياراً من الشطار ، كثير المجون ، ولا نحب أن يكتب مثله شيء .
    ومثل هذا لا يُقبل منه ما يرويه ( على الأقل عندما يخالف ) وهذا ما لا ينبغي أن يخالف فيه أحد ، إذ كيف نقبل هذه الرواية عن ابن معين بمثل هذا الإسناد وهي لا توافق ما صح عن ابن معين .
    انظر ترجمة المدائني في "لسان الميزان" ، "وسؤالات حمزة السهمي" للدارقطني .
    والليث بن عبدة أيضا لم يوثقه أحد فيما أعلم
    ومع هذا لو مشّينا هذه الرواية : ( لم يكن يُرضى ) فهي لا تدل إطلاقا على أن صاحبها ضعيف أو مردود الرواية .
    ( لم يكن يرضى ) أفي مذهبه أم في وايته ؟
    وإذا كان في روايته ، فما المراد ؟ هل عدم الرضى الذي ينزل روايته من أعلى مراتب الصحة إلى أدنى مراتب الصحة ؟
    فهذا لا ترد به الرواية
    أم عدم الرضى الذي يصير الرواية دون مرتبة الاحتجاج فهذا غير واضح من هذا اللفظ
    فإذا استحضرنا أن قائل هذه العبارة نفسها وهو ابن معين قد صح عنه أنه وثق هذا الراوي لم يبق مجال أمام الباحث الصادق إلا اعتماد التوثيق لأنه صريح والآخر غير مفسر وغير واضح وهو الذي يسميه العلماء بالمبهم أو المجمل
    فلا أثر عند هذا لذلك اللفظ على قبول روايات عمرو
    وهل يقول مشتغل بعلم الحديث إن قوله : " لم يكن يُرضى " مع ما فيه من إبهام وإجمال يرُد التوثيق ( الصريح في معناه ) ( الأصح من حيث الرواية ) ؟!!
    اللهم إلا على طريقة أهل الأهواء التي يسلكونها في الترجيح بين الأقوال بكل صفاقة لا يستحون فيها من الخلق ولا الخالق
    فالمعروف في أصول الجرح والتعديل أن الجرح المبهم ( الغير مفسر ) يُرَد ولا يُعمل به إذا عارضه توثيق صريح حتى ولو كان الجرح أصح رواية مادام أن التوثيق ثابت فكيف والتوثيق أصح والجرح في ثبوته نظر ؟!
    ومن المفيد ذكره هنا أن ابن عدي نفسه الذي روى الجرح لم يتفاعل معه عندما جاء ليلخص حال عمرو ، وإنما اكتفى بقوله :
    " وعمرو هذا ليس له كثير رواية ولم يحضرني له شيء فأذكره "
    هذا ما لخص به ابن عدي رأيه في عمرو خاتما ترجمته ، ومن عادته أنه يلخص رأيه عند ختام كل ترجمة بما يترجح لديه .
    فهو لم يجرحه ، ومنه تعلم ما اعتمده الأزهري من التمويه كما هو ديدنه في مسائل العلم والسنة عندما نقل عن ابن عدي أنه جرح عمرو بن يحيى
    بينما لم ينطق ابن عدي بأي عبارة جرح ، ولو نطق بشيء يمثل رأيه لهرع الأزهري إلى نقله
    والأزهري قبل غيره يعلم أن مجرد رواية ابن عدي لقول بسنده لا يدل إطلاقا أنه قوله فمن أسند لك فقد برئت ذمته ، كيف وأحمد بن أبي يحيى الكذاب قد روى تكذيبه ابن عدي نفسه في نفس الكتاب وهو الكامل111111111111111

  • #2
    أثر ابن مسعود في التسبيح الجماعي

    وأما كون ابن عدي قد ذكر عمرو بن يحيى في هذا الكتاب ( الكامل في الضعفاء ) فهذا لا يعني أنه مجروح عند ابن عدي نفسه فضلا عن غيره لأمرين ظاهرين :
    ـ أن ما جاء في ترجمة عمرو بن يحيى في الكامل من امتناع ابن عدي من الكلام فيه معللا عدم استحضاره لشيء من روايته دال على عدم اعتماده للجرح ومن يعرف منهج ابن عدي في الكتاب يعلم قيمة ما أقول
    ـ أيضا مَن يعرف كتاب الكامل ومنهج ابن عدي فيه يعلم أنه لم يخص الكتاب بالضعفاء فقط ، ففيه مِن ذكر الثقات ما يعسر حصرهم وإن كان أكثر الكتاب في الضعفاء ، وإنما يذكر أيضا من ورد في حقه كلام بالجرح ولو كان الجرح لايثبت إما لضعف في رواية الجرح وإما لسبب في الجارح وإما لكون الجرح غير قادح في قبول الرواية كالجرح بالبدعة ، ونحوها من الأسباب
    فماذا سيقول المعترض عما جاء في الكتاب من إيراد ابن عدي :
    للثقة الحجة إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عوف وقد قال عنه ابن عدي نفسه في نفس الكتاب : " من ثقات المسلمين "
    أو إيراده للإمام إسرائيل بن يونس
    أو للثقة الحافظ أحمد بن الفرات الضبي
    أو للثقة إبراهيم بن العلاء
    أو للثقة أبان بن تغلب
    أو للثقة إسماعيل بن أبان الوراق
    أو للثقة أشعث بن عبد الملك الحراني
    أو للثقة أفلح بن حميد
    أو للتابعي الكبير أويس القرني وقد قال فيه ابن عدي في نفس الكتاب : ( وهو صدوق ثقة )
    وهؤلاء على سبيل المثال من حرف الهمزة فقط ولا يمثلون كل الثقات الذين أوردهم من حرف الهمزة وإنما اخترتهم بصورة أشبه بالعشوائية
    والذين يذكرهم ابن عدي في هذا الكتاب ويراهم بنفسه أنهم لا بأس بهم يقاربون ربع الكتاب إن لم أكن مبالغا
    فكيف يُعتبر إيراده للرجل في هذا الكتاب جرحا مع كل ما تقدم ؟!!
    إنه الضعف في الاستدلال ، والتشبث بكل ما هو مجرد احتمال ولو كان هشا .
    إنه التخبط الدال على الشعور بالفراغ في الحجة
    ومثله التعلق بقول ابن خراش عن عمرو بن يحيى : " ليس بمرضي "
    نقله ابن حجر في لسانالميزان
    وعبارة ابن خراش هذه لو سلمنا بأنها معتبرة فلا يَرُدّ بها توثيقَ ابن معين منصفٌ
    فهي عبارةُ جرحٍ مجملة شديدة الإجمال ، ولو صَدَرت من أرفع إمام فلا يمكن أن تُقدّم على التوثيق الصريح ، فكيف وابن خراش رافضي متهم في جرحه ، ومتكلَّم فيه حتى اتُّهم بتحريف الأسانيد ، بل واتهم بالزندقة ، وكثيرا ما يذكر أهل العلم كابن حجر أنه لا يُلتفت إليه ولا يُنظر إليه ، وكم من راو قيل فيه : " تكلم فيه ابن خراش من غير حجة " وغالبا يكون هذا إذا انفرد أو خالف
    وهنا عبارته أشبه بعبارة ابن معين السابقة والتي لم تثبت
    وعلى كل حال فقوله " ليس بمرضي " لا يحمل أي موجب لرد روايات عمرو ، فكيف وهي معارَضة بتوثيق صريح صحيح
    لكن كما يقولون " الغريق يتعلق بقشة "
    لكن ثمة قشة أخرى أخيرة يصر أخونا الأزهري على مد يده لها
    فقد نقل قول الهيتمي عن رواية رواها عمرو :
    " وفيه عمرو بن يحيى بن سلمة وهو ضعيف "
    فما أعجز أهل الباطل ، فبالله عليكم أين المروءة العلمية ؟
    توثيق ابن معين في القرن الثالث يعارَض بتضعيف الهيتمي في القرن التاسع ؟
    والأزهري قبل غيره يعلم أن الهيتمي ليس من أهل التحقيق وأنه بنسبة 99 بالمئة إنما اعتمد على تلك الرواية التي تفرد بها كذاب
    فبعد بيان أن عبارة التضعيف الوحيدة في حق عمرو بن يحيى وهي قول ابن معين عنه ليس بشيء " قد تفرد بها راو كذاب
    وبعد بيان أن العبارة الأخرى " لم يكن يُرضى " هي غير مفسرة ولو صحت فلا تفيد رد روايته لأن التوثيق ثابت مع أنها أيضا قد رواها متهم بالمجون
    فهل يليق أن نتعلق بقول من اعتمد على هذه الروايات الواهية من المتأخرين ونحاول التكثر به ، ونُوهم أنه طريق آخر مستقل في الحكم على هذا الراوية ونحن في قرارة أنفسنا نعلم أنه ليس لدى من تكلم من المتأخرين كالهيتمي إلا هذه الروايات الواهية
    ومثله من ألّف في الضعفاء كابن الجوزي الذي لم يفعل سوى أن نقل كلام ابن معين كما في هذه الروايات ؟
    هذا لا يفعله من يكون أمينا ويتجنب التلبيس على الناس
    وبالله عليكم هل يكون صادقا من يدّعى بكل جرأة أن عمرو بن يحيى قد ضعفه جمهور العلماء ؟
    فقد قال الأزهري الأصلي عن جرح ابن معين الذي لم يثبت :
    " وجرحه موافق لكلام جمهور العلماء .. ابن خراش وابن عدي وابن الجوزي والهيثميوغيرهم "
    هل يصدق على هؤلاء بأنهم الجمهور ؟
    وقد سبق أن ابن عدي لم يجرحه قط !
    وابن الجوزي لم يزد على أن نقل كلام ابن معين الواهي روايةً !
    إن لم يكن هذا تدليسا وخداعا للقراء فليس هناك تدليس .
    جمهور العلماء ؟
    يا قوم هؤلاء يستخفون الناس ويلبّسون على العامة ويحاربون الحق بمبادئ منافية للأمانة والدين
    هذا هو الأزهري الأصلي الإخواني فكرا وأظن تنظيما المجنّد لمحاربة منهج السلف وستأتي تباعا ملفاته المتعلقة بالتحريفات والتدليسات بما يجلي الحقيقة لكل مريد للحق

    وأما يحيى بن عمرو فقد قال عنه يعقوب بن سفيان : لا بأس به كما في المعرفة له (3/104)
    وقال العجلي كوفي ثقة
    وهو شيخ شعبة وروى عنه جمع من الثقات
    قال الإمام الألباني مجدد علم الحديث في هذا القرن المنصرم رحمه الله رحمة واسعة كما في الصحيحة (5/12) :
    " ويكفي في تعديله رواية شعبة عنه،فإنه كان ينتقي الرجال الذين كان يروي عنهم كما هو مذكور في ترجمته .. " أ.هـ

    وأما عمرو بن سلمة فهو ثقة كما في التقريب لابن حجر ، وثقه ابن سعد والعجلي وروى عنه جماعة وهو تابعي معروف من كبار التابعين
    فيتلخص من كل ما سبق أن قصة ابن مسعود مع أولئك النفر المجتمعين على التسبيح والتهليل بتلك الهيئة المحدثة قد جاءت من طريق إسناد جيد لا مطعن فيه
    ـ يرويه علي بن الحسن والحكم بن المبارك اللذان هما ثقتان
    ـ يرويانه عن عمرو بن يحيى بن عمرو الذي صح عن ابن معين أنه قال عنه " ثقة " وذكره ابن حبان في الثقات
    بينما جاء عن ابن معين من رواية راو كذاب أنه قال عنه " ليس بشيء " ومن رواية رجل متهم بالمجون والفسق ويروي عن رجل غير معروف بتوثيق أنه قال عنه : " لم يكن يُرضى "
    وعن ابن خراش الرافضي أنه قال : " ليس بمرضي "
    ولم يرد في حق عمرو بن يحيى طعن يضر روايته إطلاقا
    ومع هذا فقد جاءت له متابعات تزيد روايته قوة وستأتي
    ـ ويرويه عمرو عن أبيه يحيى بن عمرو الذي وثقه العجلي ، وقال يعقوب بن سفيان لابأس به ، وهو من شيوخ شعبة الذي ينتقي ولا يروي إلا عن ثقة ، وروى عنه جمع من الثقات
    ـ يرويه عن أبيه عمرو بن سلمة الذي وثقه ابن سعد والعجلي واعتمد التوثيق الحافظ ابن حجر وروى عنه جمع من الثقات وهو تابعي كبير
    ـ عن ابن مسعود أحد أعلم الصحابة رضي الله عنه

    ومع هذا جاءت هذه القصة من طريق آخر عن عمرو بن سلمة نفسه وهي متابعة تامة لم يذكرها الأزهري كعادته فهو لا ينشط إلا إذا كان النشاط يخدم قوله وينصر قضيته ويعينه على مهمة محاربة أتباع السلف
    بل لشدة ولهه بنقد مخالفيه أنكر أن يكون لهذه القصة طريق آخر فسبحان الله من هذا التحامل الذي يعمي أصحابه ويورطهم في معامع علمية محرجة
    المهم جاءت متابعة للرواية السابقة بل وشواهد يقطع معها الباحث الصادق أن القصة أصح من روايات كثيرة في الصحيحين

    2ـ أما المتابعة فيرويها الإمام الطبراني في معجمه عن علي بن عبد العزيز ثنا أبو النعمان عارم ثنا حماد بن زيد عن مجالد بن سعيد عن عمرو بن سلمة قال :
    كنا قعودا عند باب ابن مسعود بين المغرب والعشاء فأتى أبو موسى فقال : أخرج إليكم أبو عبد الرحمن ؟ قال : فخرج ابن مسعود فقال أبو موسى : ما جاء بك هذه الساعة ؟ قال : لا والله إلا أني رايت أمرا ذعرني وإنه لخير ولقد ذعرني وإنه لخير قوم جلوس في المسجد ورجل يقول لهم سبحوا كذا وكذا احمدوا كذا و كذا قال : فانطلق عبد الله وانطلقنا معه حتى أتاهم فقال : ما أسرع ما ضللتم وأصحاب محمد صلى الله عليه و سلم أحياء وأزواجه شواب وثيابه وآنيته لم تغير احصوا سيئاتكم فأنا أضمن على الله أن يحصي حسناتكم

    فهذه نفس القصة بإسنادٍ عن نفس الراوي عمرو بن سلمة ، فهي متابعة تامة ليحيى بن عمرو ، تُقوّي الرواية السابقة وتشهد لحفظ عمرو بن يحيى للخبر
    وعلي بن عبد العزيز البغوي إمام حافظ معروف ثقة مأمون
    وعارم وهو محمد بن الفضل السدوسي ثقة ثبت وكان قد اختلط ورواية علي بن عبد العزيز عنه قبل الاختلاط
    فقد سمع منه في قول سنة ( 217) وفي قول سنة (219)
    وعارم إنما اختلط في الصحيح بعد سنة (220)
    ومن روى عنه قبل سنة (220) كعلي البغوي فروايته عنه جيدة
    قال الإمام ابن أبي حاتم :
    سمعت أبي يقول : اختلط عارم في آخر عمره وزال عقله ، فمن سمع منه قبل الاختلاط فسماعه صحيح ، وكتبت عنه قبل الاختلاط سنة أربع عشرة ولم أسمع منه بعد ما اختلط ، فمن سمع منه قبل سنة عشرين ومئتين فسماعه جيد ، وأبو زرعة لقيه سنة اثنتين وعشرين " ا.هـ

    وقارب أباحاتم العجليُّ فجعله قد اختلط سنة واحد وعشرين أو اثنين وعشرين على القول أن عارما توفي سنة ثلاث وعشرين ومائتين أو ربما بعدهما على القول أنه توفي سنة 224 هـ
    قال العجلي : اختلط قبل موته بسنة أو سنتين
    وكلام العجلي تقريبي فيحمل على ما هو أقرب لقول أبي حاتم
    وقال الدارقطني : وما ظهر له بعد اختلاطه حديث منكر
    واعتبر البخاري والنسائي اختلاطه آخر عمره
    وعلي بن عبد العزيز ذكر العقيلي أنه روى عن عارم سنة تسع عشرة بينما روى العقيلي عن علي نفسه أنه سمع من عارم سنة سبع عشرة
    والقول بأن عارما اختلط سنة عشرين هو الصحيح خلافا للرواية الضعيفة والتي تقول بأنه اختلط سنة ست عشرة
    قال العقيلي :
    حدثني الحسين بن عبد الله الذارع حدثنا أبو داود قال :
    " بلغنا أن عارم (كذا ) أنكر سنة ثلاث عشرة ثم راجعه عقله واستحكم الاختلاطسنة ست عشرة ومائتين "
    قال أبو جعفر العقيلي : وعلي بن عبد العزيز سمع سنة تسع عشرة ومائتين ومن حديثه ما حدثناه محمد بن إسماعيل وعلي بن عبد العزيز قالا حدثنا عارم أبو النعمان قال علي سنة سبع عشرة ومائتين ..." ا.هـ
    ثم ذكر سندا مختلفا فيه بين عارم وغيره
    وهذه الرواية من أبي داود غير معتمدة في مثل هذه الحال للتالي :
    ـ فيها الحسين لم يوثقه ولم يعدله أحد فروايتة عند المخالفة ترد .
    ـ ثم هذه الرواية بلاغ كما هو صريح كلام أبي داود يعني أنها منقطعة ، وأبوداود سنة ست عشرة كان عمره أربع عشرة سنة ، وإن كان قد ثبت في الجملة أنه رأى عارما لكن تحديد سنة الاختلاط لم يقف عليها بنفسه وإنما بلغته من غيره بنص قوله " بلغنا " ـ أنها خالفت الرواية الصحيحة المتصلة وهي ما رواه الإمام أبو حاتم الرازي الذي هو أخص في عارم وأعلم من أبي داود فهو أكبر من أبي داود بسبع سنين و ثبت سماعه من عارم سنة أربع عشرة ـ وكان أبوداود وقتها له من العمر اثنتا عشر سنة فهو أعلم بعارم
    ثم أبو حاتم أعلم بهذا الباب من أبي داود ، فهو أرفع من أبي داود في علم العلل وفروعه إضافة إلى كون أبي حاتم متشدد ـ فشهادته أقوى ، وكونه أقرب إلى موافقة غيره وهو العجلي الذي أخبر أنه اختلط قبل موته بسنة أو اثنتين وعارم إنما مات سنة أربع وعشرين وقيل ثلاث وعشرين
    ومن كل ما تقدم نعلم أن من بنى على كلام أبي داود حكمه على البغوي بأنه سمع بعد الاختلاط فقد باين العلم والحجة وبالتالي فالإسناد خالي من العلل
    لكن تنحصر علة هذا الطريق في مجالد وهو سيء الحفظ وروايته يستشهد بها وخاصة إذا كانت من رواية حماد بن زيد عنه كما هنا فهي من أثبت روايات مجالد
    قال عبد الرحمن بن أبي حاتم :
    حدثنا أحمد بن سنان قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول :
    " حديث مجالد عندالأحداث يحيي بن سعيد وأبي أسامة ليس بشيء ولكن حديث شعبة وحماد بن زيد وهشيم وهؤلاء القدماء يعني أنه تغير حفظه في آخر عمره" ا.هـ
    فرواية حماد بن زيد عنه قوية فلا أقل من أن يستشهد بها
    وقد أخرج مسلم لمجالد مقرونا كما ذكر ابن حجر
    وفضّله أبو حاتم على بشر بن حرب وشهر بن حوشب
    ووثقه النسائي وقال مرة ليس بقوي
    وقال البخاري عنه بأنه صدوق وكذا قال يعقوب الفسوي
    وقال ابن المثنى : يحتمل حديثه لصدقه
    وقال أحمد : احتمله الناس .
    مع أنه يراه ليس بشيء وذكر أحمد مبينا سبب الكلام فيه فقال : وانتقد عليه رفعه ما لم يرفعه غيره "
    وكذا شخّص غير أحمد سبب أكثر الكلام فيه وهو أنه يرفع ما ليس بمرفوع
    فينبغي لمن تردد في تصحيح الأثر من خلال الطريق الأول ألا يتردد في صحته بضميمة هذه المتابعة القوية لكونها من رواية حماد عن مجالد
    فإذا أضفنا المتابعات الأخرى التي روت أصل القصة والتي لا يتردد عاقل في كونها ترفع الأثر إلى أعلى درجات الصحة تَبيَّن لكل ناظر قدر العناد الذي تحلى به الأستاذ الأزهري وبعده عن النزاهة العلمية والإنصاف فالله حسيبه
    وإليك ما وقفت عليه من متابعات أخرى تشترك في مقدار من الأحداث السابقة يدل على أنها قصة واحدة من إنكار ابن مسعود على قوم يسبحون جماعة في المسجد وبعبارات متقاربة جدا جاءت في نفس القصة السابقة
    وكلها امتنع الأستاذ الأزهري من الاعتراف بوجودها بل أنكر إنكارا مجملا ورود شيء من الطرق يذكر القصة سوى الطريق الأولى وهذا جحود للواقع واستخفاف بالعلم وعبث بالآثار ولعب بالتراث
    ولا أستبعد من استخفاف هذا الرجل بالقراء أن يزعم إذا ألقم بهذه المتابعات أن يقول : أنا أقصد أنها لم ترد كاملة بنفس السياق
    فأرجو ألا يقع الأزهري في الكذب لأنه إنما ضعف القصة ليبين أن إنكار ابن مسعود للذكر الجماعي لم يصح وجميع المتابعات التي سأذكرها مشتملة على إنكار ابن مسعود للذكر الجماعي المحدث
    فهو ينكر بصريح كلامه ما جاءت به تلك المتابعات
    ثم هو قد ضعف القصة كاملة ولم يصحح شيئا منها سوى الحديث المرفوع الذي ليس من أحداثها
    وليس من الصدق في شيء أن تكون قصة صحيحة فتأتي وتنكر صحتها كلها ثم عندما تحاصَر بالحجج تدعي أنك أنكرت سياقا معينا بينما أنت أنكرت القصة من أصلها
    وإلا فما معنى إنكارك على مخالفيك الاستدلال بالأثر على إنكار الذكر الجماعي وما معنى اعترافك بصحة ما جاء فيها من حديث مرفوع دون غيره ؟
    هذا هو العبث والعناد

    وإليك أخي القارئ هذه المتابعات

    3 ـ المتابعة الأولى :
    قال الطبراني في معجمه الكبير
    حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا أبو نعيم ثنا سفيان عن سلمة بن كهيل عن أبي الزعراء قال : جاء المسيب بن نجبة إلى عبد الله فقال : إني تركت قوما بالمسجد يقولون : من سبح كذا وكذا فله كذا وكذا قال : قم يا علقمة فلما رآهم قال : يا علمقة اشغل عني أبصار القوم فلما سمعهم وما يقولون قال : إنكم لمتمسكون بذنب ضلالة أو إنكم لأهدى من أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم

    وقال ابن وضاح في كتاب البدع والنهي عنها :
    نا موسى بن معاوية ، عن عبد الرحمن بن مهدي ، عن سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، عن أبي الزعراء قال : « جاء المسيب بن نجيد إلى عبد الله فقال : إني تركت في المسجد رجالا يقولون : سبحوا ثلاثمائة وستين ، فقال : قم يا علقمة واشغل عني أبصار القوم ، فجاء فقام عليهم فسمعهم يقولون فقال : » إنكم لتمسكون بأذناب (1) ضلال ، أو إنكم لأهدى من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، أو نحو هذا «

    فهذه هي نفس القصة مختصرة وبألفاظ تكاد تكون نفسها التي جاءت في الطرق السابقة
    ومدار الرواية على سفيان عن سلمة بن كهيل عن أبي الزعراء
    ورجال هذا الاسناد ثقات ، غير أبي الزعراء عبد الله بن هانئ الراجح أنه صدوق لا بأس به
    قال ابن سعد وكان ثقة وله أحاديث ، ووثقه العجلي
    وقال البخاري :
    " روى عن ابن مسعود رضي الله عنه في الشفاعة ثم يقوم نبيكم رابعهم والمعروف عن النبي صلى الله عليه و سلم أنا أول شافع ولا يتابع في حديثه "
    أي في حديثه هذا كما هو ظاهر قوله ، ولأجل هذا الحديث الذي خالف فيه الناس ذكره العقيلي في كتاب الضعفاء على أن فيه كلاما وذكر كلام البخاري
    فلا أقل من أن يكون حسن الحديث إذا لم يخالف ولم يتفرد بما يستنكر عليه فكيف وقد توبع هنا ؟
    وأما سماعه من ابن مسعود فقد أثبته الإمام البخاري في التاريخ والعقيلي في الضعفاء
    فحديث أبي الزعراء حسن لذاته بلا إشكال وهو صحيح لغيره قطعا
    وما أظن الأستاذ الأزهري سيزعم أن هذه المتابعة لا تفيد حتى في تقوية أصل القصة


    4 ـ روى الطبراني في الكبير قال :
    حدثنا أبو مسلم الكشي ثنا أبو عمر الضرير أنا حماد بن سلمة أن عطاء بن السائب أخبرهم عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : كان عمرو بن عتبة بن فرقد السلمي و معضد في أناس من أصحابهما اتخذوا مسجدا يسبحون فيه بين المغرب والعشاء كذا ويهللون كذا ويحمدون كذا فأخبر بذلك عبد الله بن مسعود فقال للذي أخبره : إذا جلسوا فآذني فلما جلسوا آذنه فجاء عبد الله عليه برنس حتى دخل عليهم فكشف البرنس عن رأسه ثم قال : أنا ابن أم عبد والله لقد جئتم ببدعة ظلماء أو قد فضلتم أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم علما فقال معضد وكان رجلا مفوها : والله ما جئنا ببدعة ظلماء ولا فضلنا أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم فقال عبد الله : لئن اتبعتم القوم لقد سبقوكم سبقا مبينا ولئن جرتم يمينا وشمالا لقد ضللتم ضلالا بعيدا


    إسناده ثابت إن شاء الله وكل رجاله أئمة وعطاء إمام ثقة ورواية حماد بن سلمة عن عطاء قبل الاختلاط اتفاقا فالاسناد صحيح
    وأبو عبد الرحمن السلمي هو عبد الله بن حبيب تابعي كبير ثقة ثبت من أئمة الكوفة وأبوه صحابي وسماعه من ابن مسعود مستحق قد أثبته الإمام أبو عمرو الداني عندما أثبت أخذه القراءة عن ابن مسعود
    وإلى إثباته مال أحمد عندما حكم على نفي شعبة للسماع بالوهم ورأى أن نفي السماع خطأ
    قال أحمد بن حنبل في قول شعبة : " لم يسمع من ابن مسعود شيئا " قال :
    " أراه وهما "
    كما في جامع التحصيل وهو بسنده في المراسيل لأبي حاتم .22222222

    تعليق


    • #3
      أثر ابن مسعود في التسبيح الجماعي

      ومع أن أحمد لم يصح عنده خبر معين يدل على السماع كما يفهم من كلامه في المراسيل لكنه يرى بموجب توهيمه لشعبة أن وحدة البيئة وهي الكوفة ووحدة التخصص في إقراء القرآن والاشتغال بضبطه ، ومع سن السلمي المتقدمة فهو من كبار التابعين توفي سنة 70 للهجرة وكل هذه قرائن قوية كان من عادة أحمد الحكم بالسماع بناء عليها كما هو ظاهر في علله من عدة أمثلة سقت بعضها في مبحث سابق
      وهل يعقل أن يتصدر السلمي للإقراء في الكوفة وبجانبه المقرئ الكبير ابن مسعود دون أن يراه ولا أن يأخذ عنه
      وكيف لا يكون سمع من ابن مسعود وقد احتج البخاري بعنعنته عن عثمان مثبتا لاتصالها ، وثبت في صحيح البخاري كما ذكر العلائي أن السلمي كان جالسا للإقراء في خلافة عثمان
      وابن مسعود إنما مات قبل عثمان بسنتين أو ثلاث
      ويكفينا إثبات الداني لسماعه من ابن مسعود وتوهيم أحمد لشعبة في نفي السماع وميل أحمد لإثباته
      ولو سلمنا جدلا بأنه لم يسمع من ابن مسعود فهذه الطريق تقوي ما سبق لكونها قوية في الشواهد في أدنى الأحوال

      وجاءت روايات عن عطاء أخرى جلها من طريق من روى عنه بعد الاختلاط فهذه التي يرويها عنه حماد أصحها
      وعطاء نفسه يكفيه قول أحمد بن حنبل فيه : " ثقة ثقة "
      وقد روى عطاء الأثر أيضا عن أبي البختري أخرجها الطبراني فقال :
      حدثنا عثمان بن عمر الضبي ثنا عبد الله بن رجاء أنا زائدة عن عطاء بن السائب عن أبي البختري قال : ذكر لعبد الله أن رجلا يجتمع إليه وذكر حديث أبي نعيم (كذا)

      فيه عثمان الضبي لم أقف له على توثيق سوى ما وجدته منقولا في ملتقى أهل الحديث وفيه :
      " قال الحاكم : ثقة مشهور. (بلغة القاصي والداني ص219)
      وفيه ابن رجاء الغداني وليس المكي وثقه غير واحد وقال فيه الفلاس :
      " صدوق كثير الغلط والتصحيف ليس بحجة "
      وقال ابن معين : ليس من أصحاب الحديث ، ونسب له تصحيف الحديث
      ورجح الحافظ أنه صدوق يهم قليلا ، وحقه أن يكون أرفع
      فطريق حماد أصح وأثبت ويمكن أن يكون كلاهما صحيحا فعطاء قبل أن يختلط كان ثقة ثبتا وكلاهما ( حماد وزائدة ) رويا عنه قبل الاختلاط لكن حماد أقوى في عطاء كما يدل عليه كلام الأئمة
      ولأن أثر ابن مسعود هذا يكشف ما عليه أصحاب الأوراد المبتدعة من انحراف عن السنة ضاقت منه صدور مروجي البدع فصاروا يحاولون ما استطاعوا النيل من صحته ولو خبطا ومن هذا ما قرره المدعو سيف العصري حول رواية عطاء عن أبي البختري
      عندما قال :
      " أن في رواية عطاء بن السائب عن أبي البختري ضعفاً، قال الذهبي في الكواكب النيرات (ص61): وقال إسماعيل بن علية: قال لي شعبة: ما حدثك عطاء عن رجاله زاذان وميسرةوأبي البختري فلا تكتبه، وما حدثك عن رجل بعينه فاكتبه.اهـ

      وهذا لون آخر من العبث فالكلام ظاهر في أن خطأ عطاء الحاصل في روايته عن هؤلاء إنما يكون عندما يجمع بينهم في الرواية الواحدة فيقول عن زاذان وميسرة وأبي البختري ، وأما إذا روى عن واحد بعينه فقال عن أبي البختري أوقال عن ميسرة ...
      فلا خلل في هذه الرواية ، وهذا صريح قول شعبة الذي نقله سيف ولم يلتفت إليه أو لم يفهمه : " وما حدثك عن رجل بعينه فاكتبه "
      وقد جاء هذا المعنى صريحا في الطبقات لابن سعد :
      " سألت عنه شعبة فقال: إذا حدثك عن رجل واحد فهو ثقة، وإذا جمع فقال زاذان وميسرة وأبو البختري فاتقه، كان الشيخ قد تغير "

      كان الله في عوننا ، فنحن بين رجل غير مؤهّل وآخر غير مؤَمَّن


      5 ـ وعند ابن وضاح قال :
      نا أسد ، عن عبد الله بن رجاء [ المكي ]، عن عبيد الله بن عمر ، عن يسار [ صوابه سيار ] أبي الحكم ، أن عبد الله بن مسعود حدث أن أناسا بالكوفة يسبحون بالحصا في المسجد ، فأتاهم ، وقد كوم (1) كل رجل منهم بين يديه كومة حصا ، قال : فلم يزل يحصبهم بالحصا حتى أخرجهم من المسجد ، ويقول : « لقد أحدثتم بدعة ظلما ، أو قد فضلتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم علما »

      أسد هو ابن موسى ثقة بلا نزاع وثقه النسائي وابن يونس وابن قانع والخليلي والعجلي وذكره ابن يونس فقال :
      " حدث بأحاديث منكرة وهو ثقة وأحسب الآفة من غيره "
      وشذ ابن حزم كعادته فضعفه بينما لم يضعفه أحد قبله وردّ تضعيف ابن حزم الإمام الذهبي
      وابن رجاء المكي ثقة تغير قليلا كما قال الحافظ
      والإسناد منقطع فسيار لم يدرك ابن مسعود

      6 ـ وروى ابن وضاح قال :
      نا أسد ، عن الربيع بن صبيح ، عن عبد الواحد بن صبرة قال :
      بلغ ابن مسعود أن عمرو بن عتبة في أصحاب له بنوا مسجدا بظهر (1) الكوفة ، فأمر عبد الله بذلك المسجد فهدم . ثم بلغه أنهم يجتمعون في ناحية من مسجد الكوفة يسبحون تسبيحا معلوما ويهللون (2) ويكبرون ، قال : فلبس برنسا (3) ، ثم انطلق فجلس إليهم ، فلما عرف ما يقولون رفع البرنس عن رأسه ثم قال : أنا أبو عبد الرحمن ، ثم قال : لقد فضلتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم علما ، أو لقد جئتم ببدعة ظلما . قال : فقال عمرو بن عتبة : نستغفر الله ، ثلاث مرات ، ثم قال رجل من بني تميم : والله ما فضلنا أصحاب محمد علما ، ولا جئنا ببدعة ظلما ، ولكنا قوم نذكر ربنا ، فقال : « بلى والذي نفس ابن مسعود بيده ، لقد فضلتم أصحاب محمد علما ، أو جئتم ببدعة ظلما ، والذي نفس ابن مسعود بيده لئن أخذتم آثار القوم ليسبقنكم سبقا بعيدا ، ولئن حرتم يمينا وشمالا لتضلن ضلالا بعيدا »

      فيه الربيع مختلف فيه و ابن صبرة قال عنه الدارقطني في العلل : " ليس به بأس " وقد روى عنه جماعة ولكن روايته منقطعة فلم يدرك ابن مسعود


      7 ـ وروى ابن وضاح قال
      نا أسد ، عن محمد بن يوسف ، عن الأوزاعي ، عن عبدة بن أبي لبابة : أن رجلا كان يجمع الناس فيقول : رحم الله من قال كذا وكذا مرة سبحان الله ، قال : فيقول القوم . فيقول : رحم الله من قال كذا وكذا مرة : الحمد لله قال : فيقول القوم ، قال : فمر بهم عبد الله بن مسعود فقال : « لقد هديتم لما لم يهتد له نبيكم ، أو إنكم لمتمسكون بذنب ضلالة »

      رجاله ثقات لكن عبدة لم يدرك ابن مسعود


      8 ـ وروى عبد الرزاق عن بن عيينة عن بيان عن قيس بن أبي حازم قال :
      ذكر لابن مسعود قاص يجلس بالليل ويقول للناس قولوا كذا قولوا كذا فقال إذا رأيتموه فأخبروني فأخبروه قال فجاء عبد الله متقنعا فقال من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا عبد الله بن مسعود تعلمون انكم لأهدى من محمد وأصحابه وإنكم لمتعلقين (كذا) بذنب ضلالة
      وهذا إسناد صحيح كل رجاله ثقات
      وقوله للناس قولوا كذا وكذا ، يعني سبحوا كما هو صريح الرواية التالية الصحيحة التي تتفق مع سياق هذه الرواية إلى حد كبير وكما هو صريح الروايات السابقة


      9 ـ وروى الطبراني قال :
      حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل ثنا إسرائيل عن أشعث بن أبي الشعثاء عن الأسود بن هلال عن عبد الله قال : ذكروا له رجلا يقص فجاء فجلس في القوم فسمعته يقول : سبحان الله كذا وكذا فلما سمع ذلك قام فقال : ألا تسمعوا فلما نظروا إليه قال : إنكم لأهدى من محمد صلى الله عليه و سلم واصحابه ؟ إنكم لمتمسكون بطرف ضلالة
      وهذا إسناد صحيح


      10 ـ وروى ابن وضاح قال :
      نا محمد بن سعيد قال : نا أسد بن موسى ، عن يحيى بن عيسى ، عن الأعمش ، عن بعض أصحابه قال : مر عبد الله برجل يقص في المسجد على أصحابه ، وهو يقول : سبحوا عشرا ، وهللوا (1) عشرا ، فقال عبد الله : إنكم لأهدى من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أو أضل ، بل هذه ، بل هذه ، يعني : أضل

      وفيه يحيى ليس بالقوي ومحمد بن سعيد لم أقف له على توثيق وشيخ الأعمش مبهم

      هذه جل الطرق التي وقفت عليها ، وهي بمجموعها لو عرضت على أشد الناس عنادا لسلّم بما يقتضيه اجتماعها من صحة ما ذُكر عن ابن مسعود
      حتى ولو سلمنا في الطريق الأولى بأن عمرو بن يحيى فيه ضعف وأنه مجروح كما ينادي الأزهري
      أليست روايته تصلح للتقوية باتفاق الجميع ؟
      إذًا متابعة مجالد والتي من طريق حماد
      ومتابعة أبي الزعراء الذي أسوأ حاله لو تكلف أحد في جرحه أن يكون في أخف درجات الضعف
      ومتابعة أبي عبد الرحمن السلمي التي غايتها أن تكون منقطعة مع إدراكه لابن مسعود إدراكا بينا
      ونحوها متابعة سيار وابن صبرة وابن أبي لبابة وثلاثتها منقطعة ويمكن أن تكون معا إضافة لطريق أبي عبد الرحمن السلمي بمثابة الطريق الواحدة القوية في الاستشهاد
      باعتبارها الأربعة منقطعة
      وجميع هذه المتابعات ذكرت اجنماع قوم في المسجد يسبحون ويذكرون بأعداد معينة مجتمعين وإنكار ابن مسعود عليهم بألفاظ تكاد تكون واحدة بعد دخوله عليهم أثناء اجتماعهم
      يضاف إليها متابعة ابن أبي حازم والتي جاءت في مصنف عبد الرزاق بإسناد صحيح وفيها اجتماع جماعة وأحدهم يقول لهم قولوا كذا وكذا ثم إنكار ابن مسعود عليهم
      ونحوها متابعة الأسود بن هلال ثم منابعة الأعمش عن بعض أصحابه
      وهذه المتابعات الثلاث أخرتها لاحتمال أن يجادل المخالف في كونها تروي نفس القصة أم لا باعتبار الاختصار فيها شديد فأنا أعتبرها لنفس القصة ولو تجاوبنا تنزلا مع هذا الاعتراض المحتمل فلا أقل من أن تكون لقصة مشابهة تشترك مع أصل القصة السابقة وهذا يكفي على الأقل لاعتبارها شواهد تصحح أصل القصة السابقة
      فكما ذكرت حتى على التسليم للمخالف بما يقول به فليس له أمام هذه المتابعات إلا أن يشهد على الأقل بصحة أصل القصة من دخول ابن مسعود على جماعة في المسجد يسبحون ويذكرون الله بأعداد معينة يلقنها لهم أحدهم ثم إنكار ابن مسعود عليهم واصفا فعلهم بالضلالة
      وأما ذكر الحصى وأنهم كانوا يسبحون بها وشمول إنكار ابن مسعود لها فهو يثبت من طريقين ، من طريق عمرو بن يحيى الأولى ومن طريق سيار المنقطعة
      وإن كنت أعتقد أن القصة كاملة بالسياق الأول من طريق عمرو بن يحيى هي صحيحة وإسنادها ثابت استقلالا
      ولست أشك أن مخالفينا كالأزهري وغيره لا يملكون أجوبة علمية على ما سبق ، كما هو ظاهر من خلال ما أدلوا به مما يدل على استفراغهم حجتهم فيما نشروه ، فقد اطلعت على ثلاثة بحوث لثلاثة أشخاص ، وكل منهم حاول أن يذكر ما عنده ، واثنان منهم ( الأزهري الأصلي ، وسيف العصري ) لم أر في أجوبتهم إنصافا ولا أمانة ولا أخذا بالأسباب العلمية من الجدية في البحث إلا فيما يظنونه يخدم قولهم ومثل هذا السلوك محال أن يقود إلى هدى أو إلى علم سليم
      أما الثالث فلم يظهر لي ما يعيب أمانته لكن تقصيره في البحث ظاهر
      والمخجل تهكم هؤلاء بأتباع السنة المقتدين بالسلف الصالح كلما سنحت الفرصة ولو فيما يتوهمون أنه خطأ ، بينما هم أنفسهم أسوأ حالا حتى ممن يقع في الغلط من مخالفيهم وحسبك مما سبق نموذجا والبقية تأتي تباعا فما تقدم غيض من فيض والله الموعد وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .
      وإن كنت لا أشك أن في المنتسبين لطرق أهل الأهواء من هو صادق ومخلص لربه قلوا أو كثروا ولكنهم مضلّل بهم
      غير أني لم أجد في الدعاة منهم من تلمس منه المصداقية والأمانة بل الكثير منهم تحوم حوله شبهة محاربة الاسلام الصحيح والحرص على الإفساد فيه ، والذي يقوي هذه الشبهة في حق هؤلاء هو اعتمادهم على التزوير والغش والعبث والله حسيبهم فهو حسبنا ونعم الوكيل
      وإني أيها الإخوة لا أخفيكم ما أشعر به من برد اليقين في كل المسائل العقدية التي يخاصمنا فيها هؤلاء ، وما في حكمها من مسائل البدعة والسنة
      أُقسم بربي الذي تفرّد بكل كمال ، وتنزّه عن كل نقص ، واستحق وحده أن يُعبد ، وأن يُذل له ، ويُحب ويُعظم
      أُقسم بِمَن لا أَرجو في بحوثي هذه سواه ، ومن لا أُقدّم على مرضاته مرضات أحد
      وبِمَن أُنزه نفسي عن التهاون في العلم طلبا لمرضاته
      ومَن يعلم أني أبذل قصارى جهدي حرصا على استيفاء الأسباب طمعا في الحق الذي أمرنا بلزومه
      أقسم أني أتحسس بقلبي برد اليقين في هذه المسائل وأنعم براحة الطمانينة ، وأنه لا يؤرقني ـ شعورًا بالخلل ـ في هذه المسائل لا قول ولا قائل
      وأن ما أسير عليه هو عين مذهب السلف لا أعلم أني خرجت عن قولهم في هذه المسائل لا في قليل ولا كثير
      والله وحده المرجو وإليه الإنابة ومنه التوفيق وعنده الملتقى ( ومن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره )

      وكتب أخوكم الفقير إلى ربه
      محمد بن خليفة الرباحalrrbah74@yahoo.com



      تعليق

      يعمل...
      X