هل تحوَّل العز بن عبد السلام : من سلطان العلماء إلى سلطان المنافقين!! الحمدُ للهِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ اللهِ أما بعد: فإن هذا الزمان فيه من العجائب والغرائب ما الله به عليم .. نحن في زمن تهيأ للسفهاء والرويبضات والأطفال أن يتكلموا في أمر العامة ، وفي الأمور الخطيرة بسبب انتشار القلم وفشوه عن طريق الصحافة والفضائيات والإنترنت وغيرها.. فأصبح العالم أو طالب العلم الشرعي إذا تكلم انبرى له المجاهيل من الأطفال والجهال فيسبونه ويشتمونه بل ويكفرونه!! يأتي الباحث وطالب العلم بالأدلة الواضحة، والبراهين الساطعة، والحجج الباهرة فهل يجد نقاشاً سليماً أو رداً علمياً؟ هذا أندر من النادر ... بل الغالب الاستهزاء ، واللعب والخوض بالباطل وكأن الذي يعقب على المقال ممن قال الله فيهم : {فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ {11} الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ} ، وقول الله تعالى : { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} وكذلك يقابلون الردود العلمية بالسب والشتم ، والهمز واللمز، والطعن في النيات، والزعم أن الكاتب ما كتب إلا لدنيا ، ونحو هذه الأساليب التي لا تصدر من العقلاء وطلاب العلم والله المستعان... هل أصبح سلطان العلماء سلطان المنافقين ومن عجائب أولئك الناس أنهم كانوا يطلقون على بعض العلماء : سلطان العلماء لأنهم قرؤوا في سيرته أنه وقف في وجه بعض الحكام ، وأنكر على الملك الصالح نجم الدين أيوب الأيوبي -رحمهُ اللهُ- علناً أمام الناس ... وما زالوا يلهجون بأن العز (عبد العزيز) بن عبد السلام سلطان العلماء ، ونشروا هذا في الآفاق .. وقد حصل من بعض القضاة الفقهاء في زماننا أن قام بمثل ما قام به العز بن عبد السلام من الإنكار على الولاة على المنابر فسموه : سلطان العلماء!! وهذا الشيخ الفقيه من الله عليه ووفقه للرجوع عن طريقته تلك في الإنكار وعاد إلى منهج السلف فيما يتعلق بولاة الأمور .. ثم صدرت منه فتاوى يبين فيها صحة حكومة غازي الياور وإن كانت في ظل الاحتلال الأمريكي .. فانقلب ذاك العالم الفقيه عند الحزبيين والحركيين من سلطان العلماء –في هذا العصر- إلى سلطان المنافقين في نظرهم!! ولكن من العجائب أن سلطان العلماء في هذا الزمان-كما كانوا يسمونه بذلك- استند في فتواه إلى الكتاب والسنة واستشهد بأقوال العلماء .. ومِنَ الذي استشهد بأقوالهم ذلك العالم الفقيه : سلطان العلماء العز بن عبد السلام .. قال العز بن عبد السلام -رحمهُ اللهُ- في قواعد الأحكام(1/73-74) عن الكفَّار المحتلين : "إذا ولوا قاضياً على المسلمين فالذي يظهر إنفاذ ذلك جلباً للمصالح ودرءاً للمفاسد الشاملة، إذ يبعد عن رحمة الشارع ورعايته لمصالح عبادة تعطيل المصالح العامة وتحمل المفاسد الشاملة لفوات الكمال فيمن يتعاطى توليتها لمن هو أهل لها وفي ذلك احتمال بعيد" . فهل سيصبح العز بن عبد السلام عند أولئك : سلطان المنافقين بدل سلطان العلماء ؟ تنبيه : ما فعله العز من إنكاره على السلطان علناً خطأ مخالف لمنهج السلف ، وكذلك هو مع علمه وفقهه كان أشعرياً متشدداً .. والله أعلم. وصلَّى اللهُ وسلَّم على نبينا محمد كتبه: أبو عمر أسامة العتيبي