اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللهِ وَ بَرَكَاتُهُ
بَارَكَ اللهُ فِيكُمْ عَلَى الْإِهْتِمَامِ بِهَذَا الْـمَوْضُوعِ الْـمُهِمِّ.
قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْـخُضَيْرِ : [الموطأ - كتاب القرآن (2) باب: ما جاء في تحزيب القرآن]
يقول -رحمه الله تعالى-: "باب ما جاء في تحزيب القرآن"
تحزيب القرآن: تقسيمه إلى أحزاب وأجزاء
والحزب: القدر المحدد، الورد الذي يعتاده الشخص من قراءة أو صلاة أو غيرهما،
وَجَرَتْ عَادَةُُ السَّلَفِ إِلَى تَحْزِيبِ الْقُرْآنِ وَتَقْسِيمِهِ إِلَى سَبْعَةِ أَحْزَابٍ، إِلَى سَبْعَةِ أَحْزَابٍ اِعْتِمَاداً عَلَى حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو: ((اِقْرَأِ الْقُرْآنَ بِسَبْعٍ وَلاَ تَزِدْ))
ثلاث -يعني في يوم-، وخمس وسبع، وتسع، وإحدى عشرة، وثلاثة عشرة، ثم حزب المفصل، سبعة، هذه طريقة لمن أراد أن يقرأ القرآن في سبع. (...)
ثلاث: البقرة وآل عمران والنساء،
الخمس: المائدة، والأنعام، والأعراف، والأنفال، والتوبة،
السبع: يونس وهود ويوسف والرعد وإبراهيم والحجر والنحل،
ثم التسع: الإسراء الكهف، مريم، طه، الأنبياء، الحج، المؤمنون، النور، الفرقان،
ثم بعد ذلك الإحدى عشرة: تبدأ من الشعراء وتنتهي بـ(يس)،
الثلاثة عشرة: من (يس) أو الصافات على خلاف بينهم إلى الحجرات أو قبل هذا، يعني حزب المفصل الخلاف فيه هل يبدأ من (ق) كما هو قول الأكثر؟ أو من الحجرات؟ لكن الأكثر على أنه من (ق).
هَذَا التَّحْزِيبُ مُتَقَارِبٌ، يَعْنِي: مَا يُمْكِنْ قِسْمَةُ الْقُرْآنِ بِدِقَّةٍ، يَعْنِي: مِثْلُ مَا يَفْعَلُ الْحَجَّاجُ، يَقْسِمُ الْقُرْآنَ أَرْبَاعٍ ؛ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي يَقِفُ عَلَى الطَّاءِ مِنْ {وَلْيَتَلَطَّفْ} [(19) سورة الكهف] ! ممكن؟ نعم، يقف على نصف كلمة من نصف آية؟!!
لا، لا، مَا هَذَا تَقْسِيمٌ مُعْتَمَدٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ.
وَالَّذِي يَعْتَادُهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ يُكَرِّرُهُ : يَقْرأ القرآن في سبع وهو مرتاح، فإذا جلس بعد صلاة الصبح إلى انتشار الشمس بالراحة يقرأ الحزب، يقرأ الحزب براحة، وهذا فيه خير عظيم، ((اقرأ القرآن في سبع)). وفي أسبوع واحد -سبعة أيام- من عمرك الضائع تكسب أكثر من ثلاثة ملايين حسنة، لا يفرط في هذا إلا محروم، لا يفرط في هذا إلا مخذول!!! اهـ
ثُمَّ قَالَ -حَفِظَهُ اللهُ تَعَالَى- فِي [تفسير الجلالين - سورة ق (1) من آية: (1-

هذه السورة أعني سورة (ق) هي بداية المفصل عند أكثر العلماء، وإن كان منهم من يرى أن بداية المفصل الحجرات، ولا وجه لمن قال: إن المفصل يبدأ من الجزء الأخير من عم يتساءلون، هذا قول شاذ لم يقل به أحد ممن يعتد بقوله، كما ذكر ذلك الحافظ ابن كثير، إنما الأكثر على أنه يبدأ من (ق)، ومنهم من يقول: إنه من الحجرات.
وعلى كل حال، إذا نظرنا إلى تحزيب القرآن عند الصحابة كما في سنن أبي داود، كَانُوا يُحَزِّبُونَ الْقُرْآنَ إِلَى سَبْعَةِ أَحْزَابٍ، سَبْعَةِ أَسْبَاعٍ، عَلَى عَدَدِ أَيَّامِ الأُسْبُوعِ، امتثالاً لقوله -عليه الصلاة والسلام- لعبد الله بن عمرو: ((اقرأ القرآن في سبع)).
فإذا اعتمد طالب العلم هذه الطريقة، وقرأ القرآن في سبع امتثالاً لهذه الوصية المباركة، التي وجد أثرها على ملتزمها من غير أن تعوقه عن أي عمل ينفعه في دينه أو دنياه..
هذا التحزيب تقسيم، تقسيم القرآن إلى سبعة أحزاب، يدل على أن المفصل يبدأ من (ق) كيف ذلكم؟
يقول الصحابي: كانوا يقرءون في اليوم الأول ثلاث، يعني ثلاث سور، وفي الثاني خمس، وفي الثالث سبع، وفي الرابع تسع، وفي الخامس إحدى عشرة وفي السادس ثلاثة عشرة، وفي السابع المفصل.
فإذا قرأ في الستة الأيام ثمان وأربعين سورة وقف على (ق)، فإذا اعتبرنا الثلاث في اليوم الأول: البقرة وآل عمران والنساء، ثم الخمس التي تليها إلى آخر براءة، ثم من يونس إلى الإسراء سورة بني إسرائيل في اليوم الثالث، ثم الرابع من الإسراء إلى آخر الفرقان، والخامس من الشعراء إلى الصافات، ثم من الصافات إلى (ق) هذا ثلاث، ثم خمس، ثم سبع، ثم تسع.. إلى آخره.
الذي يقول: إن أول المفصل يبدأ من الحجرات يعتمد هذا التقسيم لكنه يدخل الفاتحة في الثلاث، فإذا أدخلنا الفاتحة وقف التقسيم في اليوم السابع على الحجرات، وهذا بيناه بياناً شافياً -إن شاء الله تعالى- في أول تفسير سورة الحجرات، وهي موجودة ومتداولة في شريطين، لا نحتاج إلى شيء من البسط في هذه المسألة بعد أن ذكرناها هناك.
[تفسير الجلالين - سورة ق (2) من آية: (8- 15)]
يقول [السائل] : ذكرت تحزيب الصحابة للقرآن الكريم بالسور، ونرى الآن التحزيب بتقسيم القرآن إلى ثلاثين جزءاً والحفظ والمراجعة عن طريق هذا التحزيب، وكأن الأمة أجمعت على ذلك فهل الأفضل لي في القراءة والمراجعة وتثبيت الحفظ عن طريق السور أو عن طريق الأجزاء؟
[الشيخ] : يا إخوان! القراءة التي هي حزبك اليومي، ونصيبك اليومي من كتاب الله -جل وعلا- بحيث تقرأها نظراً بالتدبر والترتيل ينبغي أن يكون على طريقة الصحابة؛ لأن تقسيمهم مقسم على أيام الأسبوع، وهو مناسب لذلك جداً،
لكن قد يقول قائل: "أنا والله لا أستطيع أن اقرأ في اليوم خمسة أجزاء"،
نقول: اقرأ ما تستطيع لكن لا تهجر القرآن، وكلما أكثرت فالله أكثر، وكل حرف بعشر حسنات، والختمة بثلاثة ملايين حسنة!!، وإن حرمت حرمت نفسك.
فالقراءة هذه -قراءة الحروف-، يعني: جلب الحسنات أو اكتساب الحسنات عن طريق الحروف، هذا لا شك أنها بواسطة تحزيب الصحابة ؛
أما بالنسبة للحفظ ومراجعة الحفظ : فكل إنسان أعرف بنفسه، كل إنسان أعرف بنفسه! ضعيف الحافظة يقتصر على آيتين، ثلاث، خمس، لا يزيد على ذلك؛ لأنه لو زاد على ذلك تفلت عليه وما استطاع الإحاطة به ؛ الذي أقوى منه حافظة، يزيد إلى عشر مثلاً، أقوى منه حافظة يزيد إلى عشرين...
المقصود: أن مثل هذا كل إنسان يعرف قدرته واستطاعته، وتقسيم القرآن إلى ثلاثين جزءاً هذا لا ينافي تحزيب الصحابة، لا ينافيه أبداً. اهـ
وَ اللهُ أَعْلَمُ
وَ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللهِ وَ بَرَكَاتُهُ
اترك تعليق: