بسم  الله الرحمن الرحيم 
 وحسبي  الله ونعم الوكيل
 الحمدلله والصلاة  والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين 
 فهذا كلاماً للعلامة  عبدُ الرّحمنِ بنُ يحي المعلميّ العُتميّ اليماني -رحمه الله-: متكلّمًا عن  الأسبابِ الدّافعةِ إلى عدم الاعتراف بالحقّ بعد علمِه و تبيُّنِه ، و عن بواعثِ  التّمادي على الباطلِ:قال: الدّينُ على درجاتٍ : كفٌّ عمّا نهُي عنه، و عملٌ بما  أُمر به ، و اعترافٌ بالحقّ ، واعتقادٌ له وعلمٌ به . ومخالفةُ الهوى للحقِّ في  الكفّ واضحةٌ ، فإنّ عامَّة ما نهي عنه شهواتٌ و مستلذّاتٌ ، و قد لايشتهي الإنسانُ  الشّيءَ مِنْ ذلكَ لذاته ، ولكنّه يشتهيهِ لعارضٍ . 
 و مخالفةُ الهوى للحقّ  في العمل واضحةٌ ، لما فيه من الكُلفة و المشقّةِ.
 و مخالفةُ الهوى للحقِّ  في الاعتراف بالحقّ من وجوهٍ:
 الأوّلُ :أنْ يرى الإنسانُ  أنّ اعتراف بالحقّ يستلزمُ اعترَافَه بأنّه كان على باطلٍ، فالإنسان يَنشأُ على  دينٍ أو اعتقادٍ أو مذهبٍ أو رأيٍي تلقّاهُ من مربّيهِ ومعلّمهِ على أنّه حقٌّ ،  فيكون عليه مدّةً ، ثمّ إذا تبيّن له أنّه باطلٌ شقَّ عليه أن يعترفَ بذلكَ ، وهكذا  إذا كان آباؤه أو أجداده أو متبوعُه على شيءٍ ، ثمّ تبيّن له بطلانُه ، و ذلك أنه  يرى أنّ نقصَه ممستلزمٌ لنَقصِه، فاعترافُه بضلالهم أو خطأِهم إعترافٌ بنقصه ، حتى  أنّ كل ترى المرأةَ في زماننا هذا إذا وقفتْ على بعض المسائلِ التي كان فيها خلافٌ  بين أمّ المؤمنين عائشةَ و غيرِها منَ الصّحابة ، أخذتْ تحامي عن قولِ عائشةَ ،  لالشيءٍ ، إلا لأنّ عائشَةَ امرأةٌ مثلُها ، فتتوهّمُ أنّها إذا زعمت أنّ  عائشةأصابتْ و أنّ مَنْ خالفها من الرّجالِ أخطأوا ، كان في ذلك إثباتُ فضيلة  لعائشة على أولئك الرّجال ، فتكون تلك الفضيلةُ فضيلةً للنّساء على الرّجال مطلقًا  ، فينالها حظٌّ من ذلك ،و بهذا يلوحُ لك سرُّ تعصّبِ العربي للعربي، و الفارسي  للفارسي ، و التركي للتركي ، وغيرذلك .حتى لقد يتعصّبُ الأعمى في عصرنا هذا  للمَعَرّي !.
 الوجهُ الثّاني: أنْ يكونَ قدْ صارَ لهُ في الباطلِ جاهٌ و شهرةٌ و  معيشةٌ ، فيشقُّ عليه أن يَعترفَ بأنّه  باطلٌ فتذهبُ تلك الفوائدُ .
 الوجه الثالث: الكِبْرُ، يكونُ الإنسان على جهالةٍ أو باطلٍ ، فيجيءُ آخَرُ فيبيّنُ له  الحُجّةَ ،فيرى أنّه إن اعترف كان معنى ذلك اعترافُه بأنّه ناقصٌ، و  أنّ ذلك الرّجلَ هو الذي هداهُ ، ولهذا ترى من  المنتسبينَ إلى العلم من لا يشقُّ عليه الاعتراف بالخطأ إذا كان الحقُّ تبيّنَ له  ببحثه و نظره ، و يشقُّ عليه ذلك إذا كان غيرُه هو الذي بيّنَ له  اهــــ[1]
 فالله أسأل أن يجنبنا  اتباع الباطل وأهله بعد ما تبين لنا الحق وأن يثبتا عليه إنه ولي ذلك والقادر عليه  والحمد لله على التمام
[1]- القائد إلى تصحيح العقائد و هو القسم الرابع  من كتاب ( التنكيل بما تأنيب الكوثري من الأباطيل )الفصل الثاني  (2-180)

 
	 
	