بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلّى الله وسلّم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمّد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد،
يهدف هذا المقال إلى بيان وجمع بعض النصائح والتوجيهات لزوّار المسجد النبوي بالمدينة لتوعيتهم بالآداب المناسبة لزيارتهم الحرمين الشريفين - نفعنا الله بها ونسأل الله الهدى والتوفيق -
- لا تصوّروا بالكاميرا ولا تلتقطوا الصور داخل المسجد النبويّ لأنّ ذلك يفتح عليكم باب الرياء الذي نهانا الله عزّ وجلّ ونبيّنا عنه كما في قوله صلّى الله عليه وسلّم : "إنَّ أخوفَ ما أخافُ عليكم الشركُ الأصغرُ الرياءُ ، يقولُ اللهُ يومَ القيامةِ إذا جزى الناسُ بأعمالِهم : اذهبوا إلى الذين كنتم تُراؤون في الدنيا ، فانظروا هل تجدون عندَهم جزاءً." (رواه الترمذي وصحّحه الألباني)
ويشتدّ ذلك إذا أضيف إليه تصوير ذوات الأرواح لأنه محرّم عند جمهور أهل العلم كما دلّت على ذلك أحاديث كثيرة منها قوله صلّى الله عليه وسلّم : "إنّ أشدّ الناس عذابا يوم القيامة المصوّرون" (متفق عليه)
ومنه الاشتغال بتصوير الأذان بالكاميرا لأن ذلك يخالف طريق نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم التي تحثّ على الاستماع إلى المؤذّن والردّ بعده لقوله صلّى الله عليه وسلم : "إذا سَمِعْتُمُ المُؤَذِّنَ، فَقُولوا مِثْلَ ما يقولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فإنَّه مَن صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى اللَّهُ عليه بها عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِيَ الوَسِيلَةَ، فإنَّها مَنْزِلَةٌ في الجَنَّةِ، لا تَنْبَغِي إلَّا لِعَبْدٍ مِن عِبادِ اللهِ، وأَرْجُو أنْ أكُونَ أنا هُوَ، فمَن سَأَلَ لي الوَسِيلَةَ حَلَّتْ له الشَّفاعَةُ." (رواه مسلم)
كما وردت أيضا أحاديث كثيرة في هذا الباب وفي الأدعية المشروعة التابعة له التي فيها أجر عظيم فلا يفوتك ذلك
وقد ذكر أهل العلم قاعدة مهمة في المفاضلة بين الأعمال أنّ الأفضل في كل وقت (أي الأعمال) هو الأوفق للسنّة في ذلك الوقت ولذلك إذا كنت تقرأ القرآن وأُذِّن للصلاة توقّف عن القراءة وردّ للمؤذّن
فما بال الذي يقوم عند بدئه ويصوّر والله المستعن
كذلك التصوير أثناء الدروس فأهل العلم لا يجيزون ذلك للأسباب التي ذكرنا سابقا فاتّقوا الله
- أطفئوا هواتفكم أو اجعلوها على الصامت لأجل عدم إزعاج المصلّين لا سيّما بما يحتويه من نغمات موسيقية محرمة وغير ذلك من المنكرات
وذكر أهل العلم أن من المؤسف والمنكر جدّا في هذا الزمان أن يسمع الموسيقى في المساجد فاتّقوا الله
- ابتعدوا عن التحدّث بغير فائدة والكلام الذي لا ينفع ولا يليق بالمساجد كالأمور الدنويّة والتافهة ولا ترفعوا أصواتكم بغير سبب تذكّروا أنّكم في مكان عبادة لا يناسب إلا الصلاة والذكر وقراءة القرآن وغير ذلك مما يُتقرب به إلى الله عز وجل
قال تعالى : " في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه " [ أية 36 من سورة النور ] أي أن يرفع ويعلو قدرها.
قال ابن كثير – رحمه الله – في تفسيره : "أي أمر الله – تعالى – برفعها ، أي : بتطهيرها من الدنس ، واللغو ، والأفعال ، والأقوال التي لا تليق فيها ، كما قال علي بن أبي طلحة عن ابن عبّاس في هذه الأية الكريمة : " في بيوت أذن الله أن ترفع " قال : نهى الله – سبحانه – عن اللغو فيها"
قال الشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه مناسك الحجّ "ورَفْعُ الصوتِ في المساجِدِ؛ مَنْهِيٌّ عنه، وهو في مسجد النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أشدُّ ، وقد ثبتَ أنَّ عمرَ بنَ الخطابِ رَضِيَ اللهُ عنه رأَى رَجُلَيْنِ يرفعَانِ أصواتَهُمَا في المسجدِ فقالَ: "لو أعلمُ أنَّكُمَا مِنْ أهلِ البلدِ لأَوْجَعْتُكُمَا ضربًا، إنَّ الأصواتَ لَا تُرْفَعُ في مسجِدِهِ" رواه البخاري
والمقصود هنا رفع الصوت بالاختصام ونحوه من أمور الدنيا فهذا الذي نهى عنه عمر - رضي الله عنه - وغيره من الصحابة كما ذكره الحافظ ابن رجب في فتح الباري
- لا تمرّوا بين يدي المصلّين لقوله صلّى الله عليه وسلّم : "لو يَعْلَمُ المَارُّ بيْنَ يَدَيِ المُصَلِّي مَاذَا عليه، لَكانَ أنْ يَقِفَ أرْبَعِينَ خَيْرًا له، مِن أنْ يَمُرَّ بيْنَ يَدَيْهِ. قالَ أبو النَّضْرِ: لا أدْرِي قالَ: أرْبَعِينَ يَوْمًا، أوْ شَهْرًا، أوْ سَنَةً" (رواه البخاري ومسلم)
كما ينبغي أيضا على المصلّي أن يتّخذ سترة تمنع من المرور بين يديه لقوله - صلى الله عليه وسلم - : "إذا صلَّى أحدُكم إلى سُترةٍ فليدْنُ منها لا يقطَعِ الشَّيطانُ عليهِ صلاتَه" (رواه أبو داود والنسائي وصححه الألباني)
ذكر أهل العلم أن هذه الدقائق القليلة التي تصبر عليها تمنعك من الوقوع في ذنب نهانا النبيّ صلّى الله عليه وسلّم عنه لأنّ بعض المسلمين تجدونهم يمرّون بين يدي المصلين بغير اكتراث وإذ هم في خارج المسجد يتحدّثون بينهم وقتا طويلا أكثر مما كان عليهم أن ينتظروا فلو صبروا ولم يمرّوا بين يديهم لكان خيرا لهم
- امكثوا في المسجد إلى بعد شروق الشمس بعد صلاة الصبح مع الجماعة لنيل أجر حجّة أو عمرة لقوله صلى الله عليه وسلم : "من صلَّى صلاةَ الصبحِ في مسجدِ جماعةٍ يثبُتُ فيهِ حتّى يُصلِّيَ صلاةَ الضُّحَى كان كأجرِ حاجٍّ أو معتمرٍ تامًّا حجَّتُهُ وعمرتُه" (السلسلة الصحيحة ,7/1196)
وذكر أهل العلم أن وقتها يبتدئ من ارتفاع الشمس قيد رمح في عين الناظر، وذلك يُقارب ربع ساعة بعد طلوعها أي بعد شروق الشمس وستجدونه مشار على لوحات مواقيت الصلوات داخل المسجد النبوي
- ألتحقوا بالسُفَر المهيّئة لإفطار الصائمين داخل وخارج المسجد لأيام الاثنين والخميس وأيّام البيض وشهر رمضان
- التحقوا بحلقات القرآن للزوار لتصحيح قراءة الفاتحة وقصار السور مع معلمي المسجد النبوي لقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : "خَيْرُكُمْ مَن تَعَلَّمَ القُرْآنَ وعَلَّمَهُ" (رواه البخاري)
هذه الحلقات تجدونها موجودة في أماكن كثيرة في المسجد النبوي وتدل عليها لوحات معينة على سفح الأعمدة - نفعكم الله بها
وكذلك ستجدون نسخ مترجمة من المصحف بعِدَّة اللّغات موجودة على رفوف المسجد
- تحرَّوا واحصلوا على بركة ماء زمزم بحسب نيتكم عند شربه كما ورد في الحديث الصحيح عن جابر بن عبدالله - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - يقول : "ماء زمزم لما شُرِب له" صحّحه الألباني في الإرواء 1123
قال الإمام الشوكاني - رحمه الله - في نيل الأوطار : "فيه دليل على أن ماء زمزم ينفع الشارب لأيّ أمر شربه لأجله سواءً من أمور الدنيا والآخرة لأن في قوله : "لما شُرِب له" صيغة العموم
ومنها الاستشفاء لأن رحمة الله تعالى بعباده أن جعل لهم في ماء زمزم المبارك خاصية الشفاء من كل داء يشفي الله تعالى به من يشاء تكرُّمًا وتفضُّلًا كما ورد عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - : "خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم فيه طعام الطعم وشفاء السُّقم" حسّنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب 1161
وكذلك يعمّ نفعه حضرا وسفرا سواءً أ شربه في المدينة أو مكة أو في غيرهما
ستجدون ماء زمزم داخل المسجد النبويّ في القارورات المخصّصة له
ولأجل تعبئة ماء زمزم أتيح لزوار المسجد النبويّ "سبيل زمزم" الموجود على الجهة الجنوبية الغربية (باب 310) من الساحة في أوقات محددة
- فترة الفجر من الساعة 2 إلى الساعة 4 صباحًا
- فترة الصباح من الساعة 8 إلى الساعة 10 صباحًا
- فترة العصر من الساعة 4:30 إلى 6:30 مساءً
- فترة العشاء من الساعة 9 إلى 11 مساءً
- اشهدوا صلاة الجنازة واتبعوها إلى البقيع لنيل الأجر العظيم المذكور في الحديث : "مَن شَهِدَ الجَنازَةَ حتَّى يُصَلِّيَ، فَلَهُ قِيراطٌ، ومَن شَهِدَ حتَّى تُدْفَنَ كانَ له قِيراطانِ، قيلَ: وما القِيراطانِ؟ قالَ: مِثْلُ الجَبَلَيْنِ العَظِيمَيْنِ." (رواه البخاري ومسلم) واتعظوا وتذكروا الآخرة عند زيارتها لقوله صلى الله عليه وسلم : "كُنتُ نَهيتُكم عن ثلاثٍ: عن زيارةِ القُبورِ فزُورُوها؛ فإنَّ في زِيارتِها عِظةً وعِبْرةً..." (رواه أحمد)
وعند الفراغ من الدفن يستحب الوقوف على القبر يدعو له بالتثبيت ويستغفر له كما ورد في حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه قال : " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال : "استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت فإنه يسأل" رواه أبو داود وصحّحه الألباني
ولا تنسوا الدعاء للأموات عند زيارتها كما ورد في صحيح مسلم : "السَّلَامُ علَيْكُم أَهْلَ الدِّيَارِ مِنَ المُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وإنَّا، إنْ شَاءَ اللَّهُ لَلَاحِقُونَ، أَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمُ العَافِيَةَ."
- احضروا دروس ومحاضرات أهل علم المسجد النبوي لأن في ذلك فضل وأجر عظيم كما دلت عليه السنة المطهرة وأنه من أتى حلق العلم ليتعلم أو يعلّم علما فهو بمنزلة المجاهد في سبيل الله وأن حلق العلم والذكر رياض الجنة وقد دعا الرسول صلى الله عليه وسلم لمستمع العلم وحافظه ومبلّغه في تلك الحلق والمجالس المباركة
"مَن جاءَ مَسجِدي هذا لم يَأتِهِ إلَّا لِخيرٍ يتعلَّمُهُ أو يعلِّمُهُ فَهوَ بمنزلةِ المجاهِدِ في سبيلِ اللَّهِ ومن جاءَ لغيرِ ذلِكَ فَهوَ بمنزلةِ الرَّجُلِ ينظرُ إلى متاعِ غيرِهِ" (صحيح ابن ماحه)
وقال الإمام السندي في حاشيته على ابن ماجه في معنى قوله صلى الله عليه وسلم : "فهو بمنزلة الرجل ينظر إلى متاع غيره" أي بمنزلة من دخل السوق لا يبيع ولا يشتري بل لينظر إلى أمتعة الناس فهل يحصل له بذلك فائدة ؟
وقال الشيخ السعدي - رحمه الله - : "فاحضروا مجالس العلم مستمعين ومستفيدين واسألوا أهل العلم مسترشدين متبصرين فإن لم تفعلوا وأعرضتم عن العلم بالكلية فقد هلكتم وكنتم من الخاسرين. أما علمتم أن الاشتغال بالعلم من أجل العبادات وأفضل الطاعات والقربات وموجب لرضى رب الأرض والسماوات ومجلس العلم تجلسه خير لك من الدنيا وما فيها وفائدة تستفيدها وتنتفع بها لا شيء يزنها ويساويها"
لمعرفة الدروس القائمة في المدينة تابعوا المنصات تعني بالإعلان عن المحاضرات والدروس ومنها
http://linkjar.co/drosalmadina
https://t.me/khizana_62
- سيروا على ممشى قباء المهيئة لزوار المدينة (حوالي 4 كم) لأداء الصلاة في مسجده - أول مسجد بني في الإسلام - لقوله صلى الله عليه وسلم : "كانَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَأْتي مَسْجِدَ قُباءٍ كُلَّ سَبْتٍ ماشِيًا وراكِبًا. وكانَ عبدُ اللَّهِ بنُ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما يَفْعَلُه." (رواه البخاري)
وأجر الصلاة فيه أجر عمرة لقوله صلى الله عليه وسلم : "من تطَهَّرَ في بيتِهِ , ثمَّ أتى مسجدَ قباءٍ ، فصلَّى فيهِ صلاةً ، كانَ لَهُ كأجرِ عمرةٍ." (رواه ابن ماجه وصحّحه الألباني)
ومبدؤه على الجنوب الغربي من المسجد النبوي اتجاها إلى مسجد الغمامة
- استلموا من مكاتب مختلفة مؤلفات دينية موزعة مجانيا
مكتب باب 34 الدور الأرضي لاستلام متون طالب العلم
مكتب باب 37 للكتب باللغة العربية والكتب المرتجمة في عدة اللغة (السلالم على اليمين من داخل المسجد الدور الثالث)
يستلم أيضا المصحف أو نسخة مترجمة منها بعدة اللغات باب 17 الشمالي نسخة واحدة لكل فرد
- استمعوا إلى خطبة الجمعة المترجمة في عدة اللغات عبر إذاعة المسجد النبوي
ستجدون أيضا نسخة منها مفرغة مكتوبة على حساب (X) tweeter قديما الرسمي من إدارة الترجمة بالمسجد النبوي : TrMadina@
رزقنا الله زيارة مسجده الشريف كما يحبه ويرضاه وأجره وفضله
كتبه أخوكم أبو طلحة يحيى الفرنسي وراجعه أخوكم محمد عبدالرحيم أبو لقمان برامة
