العلم قبل القول والعمل
الحمد لله رب العالمين، و صلى الله و سلم على نبينا محمد سيد الأنبياء و المرسلين، و على آله و صحبه أجمعين، و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
و بعد، فقد بوب الإمام البخاري في صحيحة في كتاب العلم، باب : العلم قبل القول والعمل لقول الله تعالى : {فاعلم أنه لا إله إلا الله} فبدأ بالعلم.
هذه الجملة يحفظها كل من له تطفل على العلم و أهله فضلا عن طالب علم، هذه الجملة يعلم معناها كل من جالس العلماء و المشايخ حفظهم الله، فإن ديدنهم بيان هذا الأمر : أن العمل لابد أن يكون بعد العلم.
قال الحافظ بن حجر رحمه الله في الفتح (1/211) : "قوله (باب العلم قبل القول و العلمل) قال ابن المنير : أراد به أن العلم شرط في صحة القول و العمل، فلا يعتبران إلا به، فهو متقدم عليهما لأنه مصحح للنية المصححة للعمل، فنبه المصنف على ذلك حتى لا يسبق إلى الذهن من قولهم : "إن العلم لا ينفع إلا بالعمل" تهوين أمر العلم و التساهل في طلبه".
و قال الإمام بن باز رحمه الله في شرح الأصول الثلاثة : "فالإنسان عليه أن يتعلم أولا، ثم يعمل، فيتعلم دينه و يعمل على بصيرة، و الله أعلم".
قال الشيخ عبد العزيز الراجحي حفظه الله في شرح الأصول الثلاثة (ص14) : "يعني : العلم مقدم، تتعلم أول شيء، ثم تعمل و تتكلم، العلم قبل القول و العمل، العلم إمام للعمل، يعني تتعلم أولا ثم تقول و تعمل، لأن الإنسان إذا عمل بدون علم صار عمله في ظلام، و صار في ضلالة، هذا هو الضلال، الضلال أن يعمل الإنسان بدون علم، هذا هو الضلال و الجهل، و هذه هي طريقة النصارى، الذين نسأله أن يجنبنا طريقتهم في كل صلاة".
فيتبين من هذا أنه من الخطأ أن يعمل الإنسان عملا يدين الله به و ليس له فيه علم، حتى إذا نُبه أو أُنكر عليه ذهب يبحث و يفتش في كلام العماء و فتاويهم عن كلام يبرر به فعله، فإنه حتى و إن وجد ما يوافق فعله، إلا أن هذه الطريقة حذرنا منها علماؤنا الأجلاء و مشايخنا الفضلاء جزاهم الله خيرا.
و الأخطر من ذلك أن يسمع الإنسان من فتاوى أهل العلم و يعمل -بغير علم- خلافَ ما تعلم، حتى إذا نُبه ذهب يفتش عما يوافق عمله من كلام الأئمة الأعلام، فهذا أخطر فتنبه.
كتبت هذه الأسطر ناصحا لنفسي و لإخواني باجتناب هذا المسلك الخطير فإنه ليس دأب الصادقين، أسأل الله تعالى أن يعلمنا ما علمنا، و أن ينفعنا بما علمنا، إنه جواد كريم، و أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها و ما بطن.
و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه.
كتبه : يوسف صفصاف
08 صفر 1436
01 ديسمبر 2015