التلويث السياسي للأطفال من خلال أفلام الكرتون (الحلقة الثانية)

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فلأهل الباطل صولات وجولات لزرع الشر وإفساد الفطر السليمة للأطفال، وهذا الأمر للصد عن سبيل الله عز وجل ومحاربة الإسلام وأهله. فقد كان صاحب الكتاب الأخضر - الأغبر - عليه من الله ما يستحق وحزبه المتهالك - يروج لما يسمى بالنظرية العالمية الثالثة التي فيها مزج بين الاشتراكية والرأسمالية، وذلك في الحقبة التي سيطر فيها على حكم ليبيا بالحديد والنار، وأذاق شعبها مرارة العيش، وداس بقدمه النجسة على رقاب الليبيين وخاصة المتمسكين بدينهم، فأبى الله عز وجل إلا أن يُدقه من الكأس ذاته، فتجرع مرارة الألم والهوان بعد التكبر والطغيان وبعد العز والدلال إلى التنكيل والحبس والإذلال، حتى قُتل شر قِتلة، {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ}.
ففي ذلك الوقت نُشر على القناة الرسمية التلفزيونية فيلم كرتون يقرر فيه سياسته الاقتصادية العفنة، التي رفع فيها شعار (شركاء لا أجراء) – يعني رب العمل شريك للعمال والموظفين الذين يعملون تحته وليس مالكا، والعمال والموظفون هم أصحاب العمل وليسوا أجراء -.
في هذا الفيلم صوروا شخصية صاحب ورشة نجارة رجلا طماعا وأنه استغل حاجة العمال وضعف حالتهم، فلا يعطيهم إلا الفتات مما يجنيه، ويتأخر عليهم ويماطلهم في تسديد رواتبهم، وصوروا كذبه وهو يعد ما في خزنته. وكما صوروه في بيته فض وغليظ مع أسرته وأنه أكول - يأكل بشراهة -، كل هذا ليكرهوا الناس في أصحاب الأموال، وأن كلهم بهذه الصفات الذميمة، وتغافلوا عن بيان أصحاب الخير والبذل والمساعدات أصحاب البر والإحسان.
وأعطي مثالا واحدا مشاهدا، كثرة المساجد في ليبيا وخاصة في العاصمة طرابلس، والذي عمل على إنشائها جلها أصحاب الخير، ولا يعرف لنظام صاحب النظرية العالمية الثالثة إلا بناء مسجد واحد طيلة اثنين وأربعين سنة.
أرجع لذلك الفيلم الهزيل الذي صوروا فيه صدور ذلك القرار الجائر الذي رفع فيه العمال لافتات مكتوب عليها (شركاء لا أجراء)، وبذلك يكونون قد انتصروا – أي سلبوا ورشة النجار – على صاحب العمل – الذي صوره ظالم -، وبذلك أسدل الستار على أن العمال أبطال والمالك للورشة رئيس العصابة. هكذا باسم القانون تسلب الأموال، ويربى عليها الصغار وينشئ عليها الشباب، وتعطى لهم حقنة مسمومة مغلفة بكرتون ألوانه زاهية، ولكن لكل ظالم نهاية، {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ}.
هذا وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم السبت 12 المحرم سنة 1440 هـ
الموافق 22 سبتمبر 2018 ف