قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: "اشتهر عند الناس أنه كان ليلة سبع وعشرين من رجب، وصار بعض الناس يحتفل به، وبعض الدول تجعله عطلة رسمية، مع أنهم يحكمون بغير ما أنزل الله، وهذا من التناقض العجيب!!؛ ولكن الصواب: أن المعراج ليس في رجب، وأقرب ما قيل: أنه في ربيع الأول، لأن النبي عليه الصلاة والسلام ولد في ربيع الأول، وأنزل عليه الوحي أول ما نزل في ربيع الأول، وقد نزل عليه القرآن في رمضان لكن أول ما بدئ به في الوحي الرؤيا الصادقة من ربيع، كما قالت عائشة رضي الله عنها: "كان أول ما بدى به الوحي أنه كان يرى الرؤيا الصالحة حتى تأتي مثل فلق الصبح" (1)، وبقى على هذا ستة أشهر، وهي: ربيع الأول، والثاني، وجماد الأول، والثاني، ورجب، وشعبان، وفي رمضان أنزل عليه القرآن.
وإذا قارنت بين هذا وبين قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة" (2)، ونسبت ستة من الأشهر إلى الثلاث والعشرين سنة وهي مدة الوحي، صارت ستة الأشهر بالنسبة للثلاث والعشرين سنة، جزءا من ستة وأربعين جزءا من النبوة.
إذا فالنبي صلى الله عليه وسلم ولد في ربيع، وأول ما جاءه الوحي في ربيع، لكن أول ما أنزل عليه القرآن في رمضان، وهاجر في ربيع، وتوفي في ربيع، فكل الحوادث الكثيرة في حياة الرسول عليه الصلاة والسلام كانت في ربيع، فأصح ما قيل: إن المعراج كان في ربيع وليس في رجب، لكن اشتهر أنه في رجب، وصار عند الناس كأنه مجزوم به، كما اشتهر أن ولادته كانت في ليلة الثاني عشر، وهذا لا أصل له. المصدر: شرح العقيدة السفارينية الدرة المضية في عقد أهل الفرقة المرضية، صفحة: 553
(1) رواه البخاري، كتاب بدء الوحي، باب بدء الوحي، حديث رقم (4)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب بدء الوحي، حديث رقم (160).
(2) رواه البخاري، كتاب التعبير، باب الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة، حديث رقم (698، ومسلم، كتاب الرؤيا، حديث رقم (2263).