بسم الله الرحمن الرحيم
رفع الناس فوق منزلتهم وتقدسهم طريقة إبليسية


الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فقد جاءت الشريعة بالعدل، قال تعالى: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا} [الأنعام: 152].
ومن العدل إنزال الناس منازلهم، وروي في هذا حديث أخرجه أبو داود وغيره يحسنه البعض ويضعفه آخرين والمعنى صحيح: ((أنزلوا الناس منازلهم)).
ورفع الناس فوق منزلتهم تجاوز وظلم، لهذا حذرت الشريعة من الغلو عامة في الأشخاص خاصة.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إياكم والغلو؛ فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين)).
أخرجه أحمد والنسائي وابن ماجة وصححه الألباني.


ومن طرق اضلال الشياطين لبني آدم الغلو في الأشخاص ورفعهم فوق منزلتهم التي أنزلهم الله عز وجل إياها، وجعل لهم قداسة وعصمة لتعصب ذميم، ورفعهم إلى درجة النبيين، بل وجعل بعضهم فوق ذلك حتى قال قائلهم أخزاه الله:
مقام النبوة في برزخ *** فويق الرسول ودون الولي
يعني: أن مقام الولي أعلى من النبي؛ والرسول
مقامه أقل من النبي، بهذا يكون الولي أقل من الرسول.
بل قال الخميني الشقي الفاجر عامله الله بعدله: (ومن ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقامًا لا يبلغه مَلَكٌ مقرَّب، ولا نبي مرسل).
بل البعض غلا في الأشخاص حتى جعل منهم آلهة تعبد من دون الله يطاف بقبورهم وتشد لها الرحال وتصنع لها القرابين النذور ويذبح لها وتدعى من دون الله.
وهذا ما عمله إبليس رفع أناسا من قوم نوح عليه الصلاة والسلام فوق منزلتهم حتى عبدوا من دون الله.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: في قوله تعالى: {وَقَالُوا لاَ تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلاَ تَذَرُنَّ وَدًّا وَلاَ سُوَاعًا وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا}.
قال: (هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلمَّا هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصاباً وسمُّوها بأسمائهم، ففعلوا ولم تعبد حتى إذا هلك أولئك وتنسّخَ العلمُ عُبدت).
أخرجه البخاري.

فرفع الناس فوق منزلتهم بالتعصب المقيت وبالتقديس وعبادتهم من دون الله طريقة إبليسية فكن على حذر منها.

هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الخميس 28 ذي الحجة سنة 1440 هـ
الموافق لـ: 29 أغسطس سنة 2019