الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :
فهذه الحلقة الخامسة في بعض الأحكام والنصائح المتعلقة بالمولود لعلّ الله أن ينفع بها :
من يعق عن المولود :
اختلف أهل العلم في من يعق عن المولود على أقوال عدّة ، والراجح منها أن الأمر فيه سعة فيمن يتولى العقيقة وأولى الناس بالعق هو الأب أو من تلزمه نفقة المولود ،وبه قال الحافظ ابن حجر والشوكاني والصنعاني وغيرهم .
قال ابن حجر ـ رحمه الله ـ : وقوله :" تذبح " بالضم على البناء للمجهول فيه أنه لا يتعين للذابح .[1]
وقال الشوكاني ـ رحمه الله ـ : قوله :" يذبح عنه يوم سابعه " وفيه دليل على أنه يصح أن يتولى ذلك الأجنبي كما يصح أن يتولاه القريب عن قريبه .[2]
ويؤيد ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد عقّ عن الحسن والحسين .
عن الذكر شاتان وعن الأنثى واحدة :
أجمع أهل العلم على أنه يذبح عن الأنثى في العقيقة شاة واحدة[3]،ولكنهم اختلفوا فيما يذبح عن الذكر على ثلاثة أقوال :
القول الأول : عن الغلام شاتان وعن الأنثى شاة واحدة.
القول الثاني : يذبح عن الغلام شاة واحدة وكذلك الأنثى شاة واحدة .
القول الثالث :أن العقيقة عن الغلام فقط ولا عقيقة عن الأنثى.
والراجح من أقوال أهل العلم هو القول الأول ،وبه قال ابن حجر وابن حزم وابن القيم وغيرهم ، وذلك لما يلي :
1 ـ عن عائشة ـ رضى الله عنهاـ قالت: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نعق عن الغلام شاتين وعن الجارية شاة.
2 ـ وعن أم كرز الكعبية ـ رضي الله عنهاـ أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العقيقة فقال : عن الغلام شاتان ، وعن الأنثى واحدة ولا يضركم ذكراناً كن أم إناثا.[4]
3 ـ وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ـ رضي الله عنه ـ قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العقيقة ، فقال : " لا أحب العقوق " . وكأنه كره الاسم ، فقالوا : يا رسول الله إنما نسألك عن أحدنا يولد له ، قال : من أحب منكم أن ينسك عن ولده فليفعل عن الغلام شاتان مكافأتان وعن الجارية شاة[5]
4 ـ عن أسماء بنت يزيد ـ رضي الله عنها ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : العقيقة عن الغلام شاتان مكافأتان وعن الجارية شاة .
5 ـ عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين رضي الله عنهما بكبشين كبشين .[6]
وقد علّل ابن القيم ـ غفر الله له ـ هذا التفاضل بين الذكر والأنثى بقوله : وهذه قاعدة الشريعة فإن الله سبحانه وتعالى فاضل بين الذكر والأنثى وجعل الأنثى على النصف من الذكر في المواريث والديات والشهادات والعتق والعقيقة كما رواه الترمذي وصححه من حديث أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أيما امرئ مسلم أعتق مسلماً كان فكاكه من النار يجزئ كل عضو منه عضواً منه ، وأيما امرئ مسلم أعتق امرأتين مسلمتين كانتا فكاكه من النار يجزئ كل عضو منهما عضواً منه[7] ،وفي مسند الإمام أحمد من حديث مرة بن كعب السلمي عن النبي صلى الله عليه وسلم : "أيما رجل أعتق رجل مسلماً كان فكاكه من النار يجزئ بكل عضو من أعضائه عضواً من أعضائه ، وأيما امرأة مسلمة أعتقت امرأة مسلمة كانت فكاكها من النار يجزئ بكل عضو من أعضائها عضواً من أعضائها"، رواه أبو داود في السنن فجرت المفاضلة في العقيقة هذا المجرى لو لم يكن فيها سنة كيف والسنن الثابتة صريحة بالتفضيل .[8]
وقال ـ رحمه الله ـ أيضاً : إن الله سبحانه وتعالى فضل الذكر على الأنثى كما قال :} وليس الذكر كالأنثى {[9]، ومقتضى هذا التفاضل ترجيحه عليها في الأحكام وقد جاءت الشريعة بهذا التفضيل في جعل الذكر كالأنثيين في الشهادة والميراث والدية فكذلك ألحقت العقيقة بهذه الأحكام.[10]
هل يجزئ العق عن الغلام شاة واحدة :
ذهب بعض أهل العلم إلى أنه يكفي أن يعق عن الغلام شاة واحدة ،وذلك أنه لما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه عق عن الحسن والحسين كبشا كبشا[11]،والقول الراجح في ذلك ما ثبت من حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين رضي الله عنهما بكبشين كبشين .
قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ: فإن قيل عقه عن الحسن والحسين، يكفي كبش، يدل على أن هديه أن على الرأس رأسًا. قالوا: ولأنه نسك، فكان على الرأس مثله كالأضحية، ودم التمتع، فالجواب: أن أحاديث الشاتين من الذكر، والشاة من الأنثى، أولى أن يؤخذ بها لوجوه :
أحدها: كثرتها.
ثانيًا: أنها من فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأحاديث الشاتين من قوله، وقوله عام، وفعله يحتمل الاختصاص.
الثالث: أنها متضمنة لزيادة؛ فكان الأخذ بها أولى.
الرابع: أن الفعل يدل على الجواز؛ وللقول يدل على الاستحباب، والأخذ بهما ممكن فلا وجه لتعطيل أحدهما.
الخامس: أن قصة الذبح عن الحسن والحسين، كانت عام أُحد، والعام الذي بعده، وأم كرز سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم ما روته عام الحديبية، سنة ست بعد الذبح، عن الحسن والحسين، قاله النسائي في كتابه الكبير.
السادس: أن قصة الحسن والحسين، يحتمل أن يراد بها بيان جنس المذبوح، وأنه من الكباش لا في تخصيصه بالواحد، كما قالت عائشة: ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه بقرة، وكن تسعًا؛ ومرادها الجنس لا التخصيص بالواحدة.
السابع: أن الله سبحانه فضل الذكر على الأنثى، كما قال: { وليس الذكر كالأنثى }ومقتضى التفاصيل ترجيحه عليها في الأحكام، وقد جاءت الشريعة بهذا التفضيل، في جعل الذكر كالأنثيين في الشهادة، والميراث والدية، فكذلك ألحقت العقيقة بهذه الأحكام.
الثامن: أن العقيقة تشبه العتق عن المولود؛ فإنه رهين بعقيقته، فالعقيقة تفكه وتعتقه، وكان الأولى أن يعق عن الذكر بشاتين، وعن الأنثى بشاة، كما أن عتق الأنثين يقوم مقام عتق الذكر، كما في "جامع الترمذي" وغيره. عن أبى أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"أيما امرئ مسلم اعتق مسلماً كان فكاكه من النار ، يجزئ كل عضو منه عضواً منه ، وأيما مسلم أعتق امرأتين مسلمتين كانتا فكاكه من النار ، يجزئ كل عضو منها عضواً منه" .[12]
قال الإمام محمد صديق حسن خان ـ رحمه الله ـ:فلا يكون الفاعل للعقيقة مستنا إلا إذا ذبح عن الذكر شاتين، لا شاة واحدة.[13]
قال الشيخ ابن بازـ رحمه الله ـ : الصواب أنه صلى الله عليه وسلم عق بكبشين كبشين عن الحسن والحسين ورواية الزيادة مقدمة على من لم يذكر الزيادة فالصواب على ما رواه النسائي ( كبشين كبشين ) والعقيقة تعم كل غلام سواء مات قبل السابع أو بقي على قيد الحياة.
وقال الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ: إن الروايات اختلفت فيما عق به صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين رضي الله عنهما ففي بعضها أنه كبش واحد عن كل منهما وفي أخرى أنه كبشان . وأرى أن هذا الثاني هو الذي ينبغي الاخذ به والاعتماد عليه لأمرين :
الأول : أنها تضمنت زيادة على ما قبلها وزيادة الثقة مقبولة لا سيما إذا جاءت من طرق مختلفة المخارج كما هو الشأن هنا .
والآخر : إنها توافق الأحاديث الأخرى القولية في الباب والتي توجب العق عن الذكر بشاتين .[14]
وقال شيخنا عبد المحسن العباد ـ حفظه الله ـ: وظاهره أن كل واحد عق عنه بكبش، لكن الذي ثبت أنه عق بكبشين عن كل واحد، وهذا مطابق لما جاء عنه صلى الله عليه وسلم من أن عن الغلام شاتان مثلان والجارية شاة. وقد جاء عن ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم عق بشاتين عن كل واحد منهما، وجاء هنا أنه ذبح عن كل واحد كبشاً، فتكون رواية الكبشين هي الراجحة وهي المقدمة، وتكون هذه الرواية صحيحة ولكنها شاذة، والصحيح كبشان عن كل واحد، وهو المطابق للروايات الأخرى التي فيها توجيهه صلى الله عليه وسلم بأن يعق عن الغلام بشاتين. والقضية كما هو معلوم متعلقة بموضوع واحد فإما أنه عق بكبشين وإما بكبش، وليست القصة متعددة أو أن الأمر يقبل التعدد، فليس فيها إلا أن يقال: صحيح وأصح، فيكون الأصح هو المقدم والراجح، وهو أن العق حصل بشاتين وليس بشاة واحدة.
وسئلت "اللجنة الدائمة للإفتاء" ما نصه: هل يجزئ أن أشتري اللحم بدلاً من ذبح العقيقة ؟
فأجابت بما يلي:
لا يجزئ إلا ذبح شاة عن البنت ، وشاتين عن الابن.[15]
الاقتراض للعقيقة :
قال صالح بن الإمام أحمد، قلت لأبي: يولد للرجل وليس عنده ما يعق، أحب إليك أن يستقرض ويعق عنه، أم يؤخر ذلك حتى يوسر؟ فقال: أشد ما سمعت في العقيقة حديث الحسن عن سمُرة عن النبي صلى الله عليه وسلم :كل غلام رهينة بعقيقته. وإني لأرجو إن استقرض أن يعجل الله له الخلف؛ لأنه أحيا سنة من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، واتبع ما جاء به.[16]
قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ: لا ينبغي للإنسان تركها" أي العقيقة"، حتى إن الإمام أحمد رحمه الله قال: إذا لم يجد فليستقرض ويخلف الله عليه إنه أحيا سنة، لكن قول الإمام أحمد: فليستقرض، مقيدٌ بما إذا كان يرجو الوفاء، كإنسان حلت عليه العقيقة وهو ما عنده دراهم، لكن يعرف أنه في آخر الشهر سيأتيه الراتب، هذا نقول: استقرض وادفع العقيقة في وقتها في اليوم السابع. أما الإنسان الذي لا يرجو الوفاء فلا يستقرض؛ لأن العقيقة سنة، والدين واجب قضاؤه.[17]
وقال الألباني ـ رحمه الله ـ: هذه البحث تختلف باختلاف المستدين؛ إن كان الذي يريد أن يعق ولا يجد ثمن العقيقة فيريد أن يستدين فهو الذي يعرف هل يجب عليه أن يستدين أم لا. كيف؟!
نحن نفترض الآن شخصين اثنين فقيرين ورُزقا ما يجب عليهما العقيقة.
أحدهما: فقير، ويعلم من حاله ومن كسبه ومن عمله أنه إذا استدان ثمن العقيقة أنه لا يستطيع الوفاء به.
نقول له: ليس فقط لا يجب عليك أن تستدين بل لا يجوز لك أن تستدين؛ لأنك في هذه الحالة ستستقرض وأنت تعلم أنك عاجز عن الوفاء فتقع في أكل أموال الناس بالباطل بحكم الدين.
أما الآخر: نفترض أنه يستطيع أنه إذا استقرض أن يفيَ القرض الذي استقرضه في الموعد الذي حُدد له، فهذا يجب عليه أن يستقرض لهذه المناسبة؛ لأنه مستطيع.[18]
الاشتراك في العقيقة :
اختلف أهل العلم في من يشترك سبعة أشخاص في جزور أو بقرة عن سبعة أولاد أو يشترك سبعة بعضهم يريد اللحم وبعضهم يريد العقيقة في جزور أو بقرة ،و الراجح من أقوال أهل العلم عدم جواز ذلك ،وبه قال الحنابلة وغيرهم .
وذلك لعدم ورود دليل على ذلك ، والعبادات أصلها التوقف حتى يرد النص ، قال الخلال في "جامعه" : باب حكم الجزور عن سبعة : أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد أنه قال لأبي عبد الله -الإمام أحمد- يعق بجزور وقال الليث قد عق بجزور . قلت : يعق بجزور عن سبعة ؟ أنا لم أسمع في ذلك بشيء ورأيته لا ينشط لجزور عن سبعة في العقوق[19].
قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ: ولا يجزئ الرأس إلا عن رأس هذا بتمامه تخالف فيه العقيقة الأضحية والهدي.[20]
و قد علّل ـ رحمه الله ـ :عدم جواز الاشتراك في العقيقة بكلام لطيف حيث قال :لما كانت هذه الذبيحة جارية مجرى فداء المولود كان المشروع فيها دماً كامله لتكون نفس فداء نفس وأيضاً لو صح فيها الاشتراك لما حصل المقصود من إراقة الدم عن الولد فإن إراقة الدم تقع عن واحد ويحصل لباقي الأولاد إخراج اللحم فقط والمقصود نفس الإراقة عن الولد وهذا المعنى بعينه هو الذي لحظه من منع الاشتراك في الهدي والأضحية ولكن سنة رسول الله أحق وأولى أن تتبع وهو الذي شرع الاشتراك في الهدايا وشرع في العقيقة عن الغلام دمين مستقلين لا يقوم مقامهما جزور ولا بقرة.[21]
قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ: العقيقة لا يجزئ فيها الاشتراك ، فلا يجزئ البعير عن اثنين ، ولا البقرة عن اثنين ، ولا تجزئ عن ثلاثة ولا عن أربعة من باب أولى . ووجه ذلك :
أولا : أنه لم يرد التشريك فيها ، والعبادات مبنية على التوقيف .
ثانيا : أنها فداء ، والفداء لا يتبعض ؛ فهي عن فداء عن النفس ، فإذا كانت فداء عن النفس فلا بد أن تكون نفسا ، والتعليل الأول لا شك أنه الأصوب ، لأنه لو ورد التشريك فيها بطل التعليل الثاني ، فيكون مبني الحكم على عدم ورود ذلك .[22]
قال شيخنا عبد المحسن العباد ـ حفظه الله ـ: الاشتراك في البدنة عن العقيقة فقد قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه "تحفة المودود في أحكام المولود": لا يصح الاشتراك فيها، أي: العقيقة، ولا يجزئ الرأس إلا عن رأس". ومعناه أنه لا يشترك في البدنة سبعة، مثل أن يأتي سبعة أشخاص عندهم سبع بنات فيشتركون في بدنة، فلا يشترك فيها كما يشترك في الأضحية والهدي. وقوله: (ولا يجزئ الرأس إلا عن رأس) معناه أن الذبيحة تكون عن شخص، ولا تكون عن شخصين، بل الرأس عن رأس، سواء كان الرأس من الإبل أو من الغنم؛ لكن الغلام له رأسان من الغنم. قال: وهذا مما تخالف فيه العقيقة الهدي والأضحية)؛ لأن الهدي والأضحية تجزئ فيه البقرة عن سبعة والبدنة عن سبعة. قال: (قال الخلال في جامعه: باب حكم الجزور عن سبعة، أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد أنه قال لأبي عبد الله : تعق جزوراً؟ فقال: أليس قد عُق بجزور؟ قلت: يعق بجزور عن سبعة؟ قال: لم أسمع في ذلك بشيء، ورأيته لا ينشط بجزور عن سبعة في العقوق). أي كونها على سبيل الاشتراك لا تصح. قال ابن القيم : لما كانت هذه الذبيحة جارية مجرى فداء المولود كان المشروع فيه دماً كاملاً؛ لتكون نفس فداء نفس، وأيضاً: فلو صح فيها الاشتراك لما حصل المقصود من إراقة الدم عن الولد؛ فإن إراقة الدم تقع عن واحد، ويحصل لباقي الأولاد إخراج اللحم فقط، والمقصود نفس الإراقة عن الولد، وهذا المعنى بعينه هو الذي لحظه من منع الاشتراك في الهدي والأضحية، ولكن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق وأولى أن تتبع، وهو الذي شرع الاشتراك في الهدايا، وشرع في العقيقة عن الغلام دمين مستقلين لا يقوم مقامهما جزور ولا بقرة، والله أعلم.[23]
مسألة : لو ولد توأمان هل يصح الاشتراك في العقيقة عنهما :
لو ولدت امرأة توأمين في بطن واحد فلا تجزئ عقيقة واحدة عنهما ولا بد من عقيقتين
قال الحافظ ابن عبد البر ـ رحمه الله ـ : وقال الليث بن سعد في المرأة تلد ولدين في بطن واحد ، أنه يعق عن كل واحد منهما ، وقال أبو عمر : ما أعلم عن أحد من فقهاء الأمصار خلافاً في ذلك.[24]
وقال الباجي ـ رحمه الله ـ :لا يجوز الاشتراك فيها فلا يعق عن ابنين بشاة واحدة وإذا ولدت المرأة توأمين ففي كل واحدة شاة.[25]
وقال النووي ـ رحمه الله ـ:ولو ولد له ولدان فذبح عنهما شاة لم تحصل العقيقة[26]
قال الحافظ ابن حجرـ رحمه الله ـ :فلو ولد اثنان في بطن استحب عن كل واحد عقيقة.[27]
قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ: ولا يجزئ الرأس إلا عن رأس هذا بتمامه تخالف فيه العقيقة الأضحية والهدي.[28]
حكم العقيقة بغير الشاة :
اختلف أهل العلم في العقيقة تكون بغير الشاة من البقر والإبل ونحو ذلك ، والراجح أنه لا يجزئ فيها إلا ما يقع عليه اسم الشاة إما من الضأن أو من الماعز، وأما ما عدا ذلك من الإبل أو البقر أو الأرانب أو الدجاج أو نحو ذلك فلا يجزئ .
فعن عطاء ابن أبي رباح ـ رحمه الله ـ قال : قالت امرأة عند عائشة ـ رضي الله عنها ـ : لو ولدت امرأة فلان نحرنا عنه جزورا ، قالت عائشة : لا ، و لكن السنة عن الغلام شاتان و عن الجارية شاة واحدة.[29]
وعن عبد الله ابن أبي مليكة ـ رحمه الله ـ قال : نفس لعبد الرحمن بن أبي بكر غلام ، فقيل لعائشة ـ رضي الله عنهاـ : يا أم المؤمنين عقي عنه جزورا . فقالت : معاذ الله ، و لكن ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "شاتان مكافئتان".[30]
وعن يوسف بن ماهك ـ رحمه الله ـ أنه دخل على حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر وقد ولدت للمنذر بن الزبير فقلت لها : هلا عققت جزوراً عن ابنك قالت : معاذ الله كانت عمتي عائشة تقول على الغلام شاتان وعلى الجارية شاة واحدة.[31]
قال السبكي ـ رحمه الله ـ: قال أبو نصر البندنيجي في "المعتمد" : ليس للشافعي نص في غير الغنم في العقيقة وعندي لا يجزئ غيرها.[32]
قال ابن حزم ـ رحه الله ـ:ولا يجزئ في العقيقة إلا ما يقع عليه اسم الشاة إما من الضأن وإما من الماعز فقط ولا يجزئ في ذلك من غير ما ذكرنا لا من الإبل ولا من البقر الإنسية ولا من غير ذلك.[33]
وأورد ابن القيم ـ رحمه الله ـ في "التحفة"(ص:83):"أن أبا بكرة ولد له ابنه عبد الرحمن فنحر له جزوراً فأطعم أهل البصرة، وأنكر بعضهم ذلك، وقال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاتين عن الغلام وعن الجارية بشاة، ولا يجوز أن يعق بغير ذلك." اهـ
قال ابن حجرـ رحمه الله ـ:واستُدل بذكر الشاة والكبش على أنه يتعين الغنم للعقيقة، وبه ترجم أبو الشيخ الأصبهاني، ونقله ابن المنذر عن حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر.[34]
وقال الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ: و قولها " لا " ، فإنه صريح في أنه لا تجزئ العقيقة بغير الغنم.[35]
و سئل ـ رحمه الله ـ هل يجوز العقيقة بالعجل؟
فأجاب بقوله : لا؛ شاة بس، شاة.[36]
وسئل الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ ما نصه :هل يجوز ذبح الماعز في العقيقة أم لا يجوز وهل يجوز ذلك أيضا ذبحها في العروس أي في الزواج"؟
فأجاب بقوله:
أما السؤال عن ذبحه الماعز في العقيقة فوجيه لأنه قد يظن الظان أنه لا يجزئ إلا الشاة من الضأن وليس كذلك بل تجزئ الواحدة من الضأن والماعز والأفضل من الضأن .[37]
قال شيخنا عبد الله بن عقيل ـ رحمه الله ـ: لا يجزئ في العقيقة سبع البدنة، والبقرة، بخلاف هدي وأضحية.[38]
هذا وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وكتبه : عبد الحميد الهضابي.




الحواشي :
[1] ـ "الفتح"(9/595) .
[2] ـ "نيل الأوطار "( 5/157)
[3] ـ انظر:"البحر الزخار"(5/323)
[4] ـ أخرجه الترمذي ( 1516 ) وقال: حسن صحيح ، والنسائي ( 4217 ) وأبو داود ( 2835 )، وابن ماجه ( 3162 ) ،والبيهقي في "السنن"( 1844)،وعبد الرزاق في "مصنفه"( 7954)،والحميدي في "مسنده" (34،وابن أبي شيبة في "مصنفه"( 36304)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع"( 4106).
[5] ـ أخرجه أحمد (6713)،وأبو داود (2842)،والنسائي (4212)، وصححه الألباني في "الصحيحة" (1655)
[6] ـ أخرجه النسائي (4219 )،وفي "الكبرى"( 4531)، وصححه الألباني في "صحيح سنن النسائي" (4219 ) ،وفي " الإرواء" ( 1164 )
[7] ـ أخرجه ابن ماجه (2522)،وأبو داود(3967)،والترمذي (1547)،والنسائي في "الكبرى"( 4863)،والطحاوي في "مشكل الآثار"(726)،والبيهقي في "السنن" (21309)، وابن أبي شيبة في "مصنفه"( 12632)وصححه الألباني في "الصحيحة"( 2611).
[8] ـ "تحفة المودود" (ص: 6 .
[9] ـ سورة آل عمران الآية : 36
[10] ـ "زاد المعاد" (2/302) .
[11] ـ أخرجه أبوداود(2841)، والطحاوى فى " المشكل " (1/457) وابن الجارود (911) والبيهقى (9/299 , 302) وأبو إسحاق الحربى فى " غريب الحديث (5/8/2) وابن الأعرابى فى " معجمه " (ق 166/1) والطبرانى فى " المعجم الكبير " (1/254 , 3/137/2 , 138/1) وأبو نعيم فى " أخبار اصبهان " (2/151)،وصححه الألباني في "الإرواء"(4/ 379).
[12] ـ "زاد المعاد"(2 / 302 ـ 303)
[13] ـ "الروضة الندية"(2/226)
[14] ـ "الإرواء "(4 / 384 )
[15] ـ " فتاوى اللجنة الدائمة "(11/440)
[16] ـ " مسائل الإمام أحمد بن حنبل رواية ابن أبي الفضل صالح "( ص :90)
[17] ـ " مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين"(25/213)
[18] ـ "سلسلة الهدى والنور" شريط رقم ( 208 )
[19] ـ "تحفة المودود"( ص:82)
[20] ـ "تحفة المودود"( ص:82)
[21] ـ"تحفة المودود"( ص:82)
[22] ـ "الشرح الممتع "(7/500/501)
[23] ـ " شرح سنن أبي داود" عقب شرحه لحديث رقم (2843)
[24] ـ "فتح المالك" (7/105) .
[25] ـ "المنتقى" (4/204) .
[26] ـ " المجموع "(8/429) .
[27] ـ " الفتح" (12/9) .
[28] ـ "تحفة المودود"( ص:82)
[29] ـ أخرجه ابن راهويه في " مسنده " ( 1033 )وصححه الألباني في "الصحيحة"( 2720)
[30] ـ أخرجه الطحاوي (3/6(1042)،وحسنه الألباني في "الصحيحة"(6/490)،وفي "الإرواء"(4/390)
[31] ـ أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"( 7956 )وابن حزم في "المحلى" (6/236)، وصححه إسناده الألباني في "الصحيحة"(6/490)
[32] ـ "طبقات الشافعية الكبرى" (4/207)
[33] ـ "المحلى" (6/234) .
[34] ـ"الفتح"(9/593)
[35] ـ "الصحيحة"(6/490)
[36] ـ "سلسلة الهدى والنور"( شريط رقم: 797)
[37] ـ " نور على الدرب "(شريط رقم : 339 )
[38] ـ"فتاوى الشيخ عبد الله بن عقيل"(1/264)