إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

نماذج من استشعار لذة العلم وحلاوته

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [مقال] نماذج من استشعار لذة العلم وحلاوته

    نماذج من استشعار لذة العلم وحلاوته



    الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
    أما بعد:
    فلما سمت نفوسهم وعلت أرواحهم وارتفع كعبهم واختلط العلم بدمهم ولحمهم، هانت عليهم الدنيا فباعوها واشتروا حلاوة الإيمان ولذة العلم، فمنهم من فارق الأوطان وترك الأهل والأصحاب، ومنهم من أنفق الأموال، ومنهم من سهر الليالي الطوال، وتركوا التلذذ بالفرش والزوجات، ومنهم من ترك ما لذ وطاب من الطعام والشراب، ليس لهم هم وليس لهم مطلب إلا أن يتزودوا من العلم.
    فلذة العلم عندهم فاقت كل لذائذ الدنيا وغلبت حلاوته كل حلاوة فيها، فيه أنسهم وفرحهم وطربهم، فكان نومهم للعلم وقومتهم للعلم وجلوسهم للعلم وكلامهم في العلم ومشيهم إلى العلم، ونفقتهم في العلم، وأكلهم وشربهم للعلم، وسمرهم في العلم، في حلهم وترحالهم مع العلم، فحياتهم علم، فلهذا كان العلم دنياهم.
    وعليه لما لم يكن العلم لله عز وجل لم تر حلاوته.
    قال يزيد بن هرون رحمه الله كما في ((تلبيس إبليس)) لابن الجوزي: طلبنا العلم لغير الله فأبى إلا أن يكون لله.
    قال ابن تيمية رحمه الله في ((درء تعارض العقل والنقل)): ((وكمن دخل في العلم والدين لرغبه في مال أو جاه أو رهبة من عزل أو عقوبة أو أخذ مال فلما ذاق حلاوة العلم والإيمان كان ذلك أحب إليه مما طلعت عليه الشمس)) اهـ.
    العلم أوله مر مذاقته *** لكنّ آخره أحلى من العسل
    قال سهل بن عبد الله رحمه الله كما في ((اقتضاء العلم العمل)) للخطيب البغدادي: العلم أحد لذات الدنيا، فإذا عمل به صار للآخرة.
    وقال محمد بن الفضل البلخي رحمه الله كما في ((شذرات الذهب)) لابن العماد: من ذاق حلاوة العلم لم يصبر عنه.
    وقال الماوردي رحمه الله في ((أدب الدنيا والدين)): ((العلم عوض من كل لذة، ومغن عن كل شهوة)) اهـ.
    وقال الموفق أبو محمد عبد اللطيف بن يوسف البغدادي الشافعي رحمه الله في ((سير أعلام النبلاء)): ((من لم يحتمل ألم التعلم لم يذق لذة العلم ومن لم يكدح لم يفلح)) اهـ.
    وقال ابن الجوزي رحمه الله في ((صيد الخاطر)): ((والله ما أعرف من عاش رفيع القدر بالغاً من اللذات ما لم يبلغ غيره إلا العلماء المخلصين كالحسن وأحمد وسفيان، والعباد المحققين كمعروف، فإن لذة العلم تزيد على كل لذة)) اهـ.
    وقال رحمه الله في ((صيد الخاطر)): ((فالمنهوم كلما عب من لذة طلب أختها)) اهـ.
    ويقول شيخ الإسلام أبن تيمية رحمه الله كما في ((مجموع الفتاوى)): ((ولا ريب أن لذة العلم أعظم اللذات)) اهـ.
    وقال ابن القيم رحمه الله في ((روضة المحبين)): ((وأما عشاق العلم فأعظم شغفا به وعشقا له من كل عاشق بمعشوقه وكثير منهم لا يشغله عنه أجمل صورة من البشر وقيل لامرأة الزبير بن بكار أو غيره هنيئا لك إذ ليست لك ضرة فقالت والله لهذه الكتب أضر علي من عدة ضرائر)) اهـ.
    وقال رحمه الله في ((روضة المحبين)): ((ولو صور العلم صورة لكانت أجمل من صورة الشمس والقمر)) اهـ.
    ويقول الشاطبِيُّ رحمه الله في ((الموافقات)): ((فإن في العلم بالأشياء لذة لا توازيها لذة؛ إذ هو نوع من الاستيلاء على المعلوم والحوز له، ومحبة الاستيلاء قد جُبلت عليها النفوس ومُيلت إليها القلوب، وهو مطلبٌ خاص، برهانه التجربة التامة والاستقراء العام؛ فقد يُطلب العلم للتفكه به، والتلذذ بمحادثته، ولا سيما العلوم التي للعقول فيها مجال، وللنظر في أطرافها مُتسع، ولاستنباط المجهول من المعلوم فيها طريق متبع)) اهـ.
    وقال المناوي رحمه الله في ((فيض القدير)): ((طالب العلم المتلذذ بفهمه لا يزال يطلب ما يزيد التذاذه فكلما طلب ازداد لذة فهو يطلب نهاية اللذة ولا نهاية لها)) اهـ.
    فهذه نماذج مما سطره لنا التاريخ من اخبارهم في بيان استشعارهم بلذة العلم وحلاوته:
    1)
    جاء في ((محاضرات الأدباء)) للراغب الأصبهاني كان أبو حنيفة رحمه الله (ت 150 هـ) إذا أخذته هزة المسائل يقول: أين الملوك من لذة ما نحن فيه؟ لو فطنوا لقاتلونا عليه.
    2)
    قال شعبة بن الحجاج رحمه الله (ت 160 هـ): (من طلب الحديث أفلس بعت طستا لأمي بسبعة دنانير).
    أخرجه الخطيب البغدادي في ((الجامع)).
    3)
    وأخرج أبو نعيم في ((حلية الأولياء)) عن فرقدا إمام مسجد البصرة يقول: دخلوا على سفيان الثوري (ت 161 هـ) في مرضه الذي مات فيه فحدثه رجل بحديث فأعجبه وضرب يده إلى تحت فراشه فأخرج ألواحا له فكتب ذلك الحديث.
    فقالوا له: على هذه الحال منك.
    فقال: (إنه حسن إن بقيت فقد سمعت حسنا وإن مت فقد كتبت حسنا).
    4)
    قال ابن القاسم كما في ((ترتيب المدارك وتقريب المسالك)) للقاضي عياض: أفضى بمالك (ت 179 هـ) طلب العلم إلى أن نقض سقف بيته فباع خشبه، ثم مالت عليه الدنيا بعد.
    5)
    قال ابن القاسم رحمه الله (ت 192 هـ) كما في ((ترتيب المدارك وتقريب المسالك)) للقاضي عياض: ((أنخت بباب مالك سبع عشرة سنة، ما بعت فيها ولا اشتريت شيئاً. قال: فبينما انا عنده إذ أقبل حاج مصر، فإذا شاب متلثم دخل علينا فسلم على مالك. فقال أفيكم ابن القاسم؟ فأشير إلي فاقبل يقبل عيني ووجدت منه ريحاً طيبة، فإذا هي رائحة الولد وإذا هو ابني، وكان ترك أمه به حاملاً، وكانت ابنة عمه وقد خيَّرها عند سفره لطول إقامته، فاختارت البقاء).
    6)
    قيل للإمام الشافعي رحمه الله (ت 204 هـ) كما في ((توالي التأنيس بمعالي محمد بن إدريس)) لابن حجر: كيف شهوتك للعلم؟
    قال: أسمع بالحرف مما لم أسمعه، فتود أعضائي أن لها أسماعًا تتنعم به ما تنعمت به الأذنان.
    فقيل له: كيف حرصك عليه؟
    قال: حرص الجموع المنوع في بلوغ لذته للمال.
    فقيل له: فكيف طلبك له؟
    قال: طلب المرأة المضلة ولدها ليس لها غيره.
    أنشد إمامنا الشافعي رحمه الله:
    لمحبرة تجالسني نهاري... أحب إلى من أنس الصديق
    ورزمة كاغد في البيت عندي... أحب إلي من عدل دقيق
    ولطمة عالم في الخد مني... أحب إلي من شرب الرحيق

    وقال الشافعي رحمه الله أيضا:
    إن صحبنا الملوك تاهوا علينا... واستبدوا بالرأي دون الجليس
    أو خدمناهم بقبض وبسط... كان أدعى إلى دخول الحبوس
    أو صحبنا التجار عدنا إلى اللوم... وصرنا إلى حساب الفلوس
    أو لزمنا السلاح نبغي به العز... تعدى إلى احترام النفوس
    فلزمنا البيوت نتخذ الحبر... ونطلي به وجوه الطروس
    ونناجي العلوم في كل فن... عوضا عن منادمات الكؤوس

    ومما أنشده الإمام الشافعي رحمه الله:
    سَهَرِي لِتَنْقِيحِ العُلُومِ أَلَذُّ لي... مِنْ وَصْلِ غَانِيةٍ وَطيبِ عِنَاقِ
    وصريرُ أقلامي على صفحاتها... أحلى من الدَّوْكاءِ والعُشَّاقِ
    وَأَلَذُّ مِنْ نَقْرِ الفتاة لِدُفِّهَا... نقري لألقي الرَّملَ عن أوراقي
    وتمايلي طرباً لحلِّ عويصةٍ... في الدَّرْسِ أَشْهَى مِنْ مُدَامَةِ سَاقِ
    وأبيتُ سهرانَ الدُّجى وتبيتهُ... نَوْماً وَتَبْغي بَعْدَ ذَاكَ لِحَاقِي؟

    وحكى الربيع كما في ((الحث على طلب العلم)) لأبي هلال العسكر عن فاطمة بنت الشافعي قالت: (أسرجت لأبي في ليلةّ سبعين مرة).
    يَهْوَى الدَّياجي إذا المغرورُ أغْفَلَها *** كأنَّ شُهْبَ الدياجي أعينٌ نُجْلُ
    7)
    قال موسى بن داود في ((الطبقات الكبرى)) لابن سعد: أفلس الهيثم بن جميل (ت 213 هـ) في طلب الحديث مرتين.
    قال الشافعي رحمه الله: (لا يصلح طلب العلم إلا لمفلس).
    أخرجه أبو نعيم في ((الحلية)) والخطيب البغدادي في ((الجامع)).

    قال أبو عبيد القاسم بن سلام رحمه الله (ت 244 هـ): كنت في تصنيف هذا الكتاب [غريب الحديث] أربعين سنة، وربما كنت أستفيد الفائدة من أفواه الرجال، فأضعها في موضعها من الكتاب، فأبيت ساهرا فرحا مني بتلك الفائدة.
    أخرجه الخطيب البغدادي في ((تاريخ بغداد)).
    يقول الألبيري رحمه الله في ((تائيَّته)):
    فَلَو قَد ذُقتَ مِن حَلواهُ طَعماً *** لَآثَرتَ التَعَلُّمَ وَاِجتَهَدتا
    وَلَم يَشغَلَكَ عَنـهُ هَوى مُطاعٌ *** وَلا دُنيا بِزُخرُفِها فُتِنْتـا
    وَلا أَلهاكَـ عَنهُ أَنيـقُ رَوضٍ *** وَلا خِدرٌ بزِينتِها كُلِفتـا

    9)
    وروى محمد بن يوسف السمرقندي كما في ((سير أعلام النبلاء)) عن محمد بن مبشر الكرميني، قال: انكسر قلم محمد بن سلام البيكندي (ت 225 هـ) في مجلس شيخ، فأمر أن ينادى: قلم بدينار، فطارت إليه الاقلام.
    10)
    قال الخطيب البغدادي في ((الرحلة في طلب الحديث)): ((وذكر ابن عدي أن والد يحيى [ابن معين] (ت 233 هـ) خلف له ثروة ضخمة ألف ألف درهم وخمسين ألف درهم فأنفق ذلك كله على الحديث لما توسع في طلبه ورحلاته من أجله.
    وقال الفضل بن موسى السيناني رحمه الله: (طلب الحديث حرفة المفاليس).
    أخرجه الخطيب البغدادي في ((الجامع)).
    11)
    وحكى المالكي قال كما في ((ترتيب المدارك)) للقاضي عياض: ((كانت لمحمد بن سحنون (ت 240 هـ)، تسعة أسرة. يريد لكل سرير سرية. وكانت له سرية يقال لها أم قدام.
    فكان عندها يوماً، وقد شغل في تأليف كتاب الى الليل، فحضر الطعام، فاستأذنته.
    فقال لها: أنا مشغول الساعة.
    فلما طال عليها، جعلت تلقمه الطعام، حتى أتت عليه.
    وتمادى هو على ما هو فيه الى أن أذن لصلاة الصبح.
    فقال: شغلنا عنك الليلة يا أم قدام. هات ما عندك.
    فقالت قد والله يا سيدي ألقمته لك.
    فقال لها: ما شعرت بذلك)) اهـ.
    ولهذا لن تجد لذَّة العلم حتَّى تأكل ولا تدري أنك أكلت.
    وقد قيل:
    سَهَري لِتَنقيحِ العُلومِ أَلَذُّ لي *** مِن وَصلِ غانِيَةٍ وَطيبِ عِناقِ
    وَصَريرُ أَقلامي عَلى صَفَحاتِها *** أَحلى مِنَ الدَوكاءِ وَالعُشّاقِ
    وَأَلَذُّ مِن نَقرِ الفَتاةِ لِدَفِّها *** نَقري لِأُلقي الرَملَ عَن أَوراقي
    وَتَمايُلي طَرَباً لِحَلِّ عَويصَةٍ *** في الدَرسِ أَشهى مِن مُدامَةِ ساقِ
    أأَبيتُ سَهرانَ الدُجى وَتَبِيتُهُ *** نَوماً وَتَبغي بَعدَ ذاكَ لِحاقي

    12)
    قال عبد الله ابن أحمد بن حنبل كما في ((مناقب الإمام أحمد)) لابن الجوزي: سمعت أبي (ت 241 هـ) يقول: ربما أردت البكور في الحديث فتأخذ أمي بثيابي وتقول: حتى يؤذن الناس أو حتى يصبحوا.
    13)
    قال يعقوب بن إسحاق الهروي كما في ((سير أعلام النبلاء))، عن صالح بن محمد الحافظ: سمعت هشام بن عمار (ت 245 هـ) يقول: دخلت على مالك، فقلت له: حدثني.
    فقال: اقرأ.
    فقلت: لا، بل حدثني.
    فقال: اقرأ.
    فلما أكثرت عليه، قال: يا غلام، تعال اذهب بهذا، فاضربه خمسة عشر.
    فذهب بي، فضربني خمس عشرة درة، ثم جاء بي إليه، فقال: قد ضربته.
    فقلت له: لم ظلمتني؟ ضربتني خمس عشرة درة بغير جرم، لا أجعلك في حل.
    فقال مالك: فما كفارته؟
    قلت: كفارته أن تحدثني بخمسة عشر حديثا.
    قال: فحدثني بخمسة عشر حديثا.
    فقلت له: زد من الضرب، وزد في الحديث.
    فضحك مالك، وقال: اذهب.
    14)
    قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في ((البداية والنهاية)): ((قد كان البخاري (ت 256 هـ) يستيقظ في الليلة الواحدة من نومه فيوقد السراج ويكتب الفائدة تمر بخاطره ثم يطفئ سراجه، ثم يقوم مرة أخرى وأخرى حتى كان يتعدد منه ذلك قريبا من عشرين مرة)) اهـ.
    قيل لبعضهم كما في ((الفقيه والمتفقه)) للخطيب البغدادي: بم أدركت العلم ؟
    فقال: بالمصباح، والجلوس إلى الصباح.
    15)
    أخرج الخطيب البغدادي في ((تاريخ بغداد)) عن محمد بن موسى المارستاني قال: حدثنا الزبير بن بكار (ت 256 هـ) قال: قالت: ابنة لأختي لأهلنا خالي خير رجل لأهله لا يتخذ ضرة ولا يشتري جارية.
    قال: تقول المرأة: والله لهذه الكتب أشد على من ثلاث ضرائر.
    16)
    أخرج القزويني في ((التدوين في أخبار قزوين)) عن عبد الرحمن بن أبي حاتم قال سمعت أبي (ت 277 هـ) يقول: أحصيت ما مشيت على قدمي في طلب الحديث فلما زد على ألف فرسخ تركت الإحصاء.
    قيل لبعضهم كما في ((الفقيه والمتفقه)) للخطيب البغدادي: بم أدركت العلم ؟
    فقال: بالسفر، والسهر، والبكور في السحر.
    أخرج ابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) عن أبي الحسن علي بن احمد الخوارزمي بالري يقول: عبد الرحمن بن أبي حاتم إمام ابن إمام قد ربي بين إمامين أبي حاتم وأبي زرعة إمامي هدى قال وسمعت عبد الرحمن يوما يقول: لا يستطاع العلم براحة الجسم.
    وقال: كنا بمصر سبع أشهر فلم نأكل فيها مرقة وذلك أنا كنا نغدو بالغدوات إلى مجلس بعض الشيوخ ووقت الظهر إلى مجلس آخر ووقت العصر إلى مجلس آخر ثم بالليل للنسخ والمعارضة فلم نتفرغ نصلح شيئا، وكان معي رفيق خراساني أسمع في كتابه وسمع في كتابي فما أكتب لا يكتب وما يكتب لا أكتب فغدونا يوما إلى مجلس بعض الشيوخ، فقال: هو عليل فرجعنا فرأينا في طريقنا حوتا يكون بمصر يشق جوفه فيخرج منه أصفر فأعجبنا فلما صرنا إلى المنزل حضر وقت مجلس بعض الشيوخ فلم يمكننا إصلاحه، ومضينا إلى المجلس فلم نزل حتى أتى عليه ثلاثة أيام كاد أن يتغير فأكلناه نيئا.
    فقيل له: كنتم تعطونه لمن يشويه ويصلحه.
    قال: من أين كان لنا فراغ.
    وأخرج ابن أبي حاتم في ((مقدمة الجرح والتعديل)) قال: سمعت ابي يقول: بقيت بالبصرة في سنة اربع عشرة ومائتين ثمانية أشهر وكان في نفسي أن أقيم سنة فانقطع نفقتي فجعلت أبيع ثياب بدني شيئا بعد شيء حتى بقيت بلا نفقة ومضيت أطوف مع صديق لي إلى المشيخة وأسمع منهم إلى المساء فانصرف رفيقي ورجعت إلى بيت خال فجعلت أشرب الماء الجوع ثم أصبحت من الغد وغدا علي رفيقي فجعلت أطوف معه في سماع الحديث على جوع شديد فانصرف عني وانصرفت جائعا فلما كان من الغد غدا على فقال: مر بنا إلى المشايخ.
    قلت: أنا ضعيف لا يمكنني.
    قال: ما ضعفك ؟
    قلت: لا اكتمك أمرى قد مضى يومان ما طعمت فيهما شيئا.
    فقال: قد بقي معي دينار فأنا أواسيك بنصفه ونجعل النصف الآخر في الكراء فخرجنا من البصرة وقبضت منه النصف دينار.
    عن علي بن خشرم يقول: سمعت سفيان بن عيينة، يسأل رجلا ما حرفتك ؟
    قال: طلب الحديث.
    قال: (بشر أهلك بالإفلاس).
    أخرجه الخطيب البغدادي في ((الجامع)).
    17)
    أخرج الخطيب البغدادي في ((الرحلة في طلب الحديث)) قال محمد بن يزيد العطار: سمعت يعقوب بن سفيان [الفسوي] (ت 277 هـ) يقول: كنت في رحلتي فقلت نفقتي فكنت أدمن الكتابة ليلا وأقرأ نهارا فلما كان ذات ليلة كنت جالسا أنسخ في السراج وكان شتاء فنزل الماء في عيني فلم أبصر شيئا فبكيت على نفسي لانقطاعي عن بلدي وعلى ما فاتني من العلم فغلبتني عيناي فنمت فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فناداني: يا يعقوب لم أنت بكيت.
    فقلت: يا رسول الله ذهب بصري فتحسرت على ما فاتني.
    فقال لي: أدن مني.
    فدنوت منه فأمر يده على عيني كأنه يقرأ عليهما ثم استيقظت فأبصرت فأخذت نسخي وقعدت أكتب.
    1
    قيل لأبي العباس أحمد بن يحيى بن ثعلب (ت 291 هـ) كما في ((جامع بيان العلم وفضله)) لابن عبد البر: توحشت من الناس جدا فلو تركت لزوم البيت بعض الترك وبرزت للناس كانوا ينتفعون بك وينفعك الله بهم؟
    فمكث ساعة ثم أنشأ يقول:
    إن صحبنا الملوك تاهوا علينا *** واستخفوا كبرا بحق الجليس
    أو صحبنا التجار صرنا إلى البؤس *** وصرنا إلى عداد الفلوس
    فلزمنا البيوت نستخرج العلـم *** ونملا به بطون الطروس

    حكي كما في ((الحث على طلب العلم)) لأبي هلال العسكر، عن ثعلب أنه كان لا يفارقه كتاب يدرسه، فإذا دعاه رجل إلى دعوة شرط عليه أن يوسع له مقدار مسورة، يضع فيها كتابا ويقرأ.
    وقال ابن خلكان رحمه الله في ((وفيات الأعيان)): ((وتوفي يوم السبت لثلاث عشرة ليلة بقيت من جمادى الاولى، وقيل: لعشر خلون منها سنة إحدى وتسعين ومائتين ببغداد، ودفن بمقبرة باب الشام، رحمه الله تعالى، وكان سبب وفاته أنه خرج من الجامع يوم الجمعة بعد العصر، وكان قد لحقه صمم لا يسمع إلا بعد تعب، وكان في يده كتاب ينظر فيه في الطريق فصدمته فرس فألقته في هوة، فأخرج منها وهو كالمختلط، فحمل إلى منزله على تلك الحال وهو يتأوه من رأسه، فمات ثاني يوم)) اهـ.
    19)
    كان أبو بكر الخياط النحوي يدرس جميع أوقاته، حتى في الطريق، وكان ربما سقط في جرف أو خبطته دابة كما في ((الحث على طلب العلم)) لأبي هلال العسكر.
    20)
    أخرج ابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) وساق بسنده عن أبي الحسين بن فارس اللغوي قال سمعت الأستاذ ابن العميد (ت 367 هـ) يقول: ما كنت أظن أن في الدنيا حلاوة ألذ من الرياسة والوزارة التي أنا فيها حتى شاهدت مذاكرة سليمان بن أحمد الطبراني وأبي بكر الجعابي بحضرتي فكان الطبراني يغلب الجعابي بكثرة تحفظه وكان الجعابي يغلب الطبراني بفطنته وذكاء أهل بغداد حتى ارتفعت أصواتهما ولا يكاد أحدهما يغلب صاحبه.
    فقال الجعابي: عندي حديث ليس في الدنيا إلا عندي.
    فقال: هاته.
    قال: نا أبو خليفة نا سليمان بن أيوب وحدث بالحديث.
    فقال الطبراني: أنا سليمان بن أيوب ومني سمع أبو خليفة فاسمع مني حتى يعلو فيه إسنادك ولا تروي عن أبي خليفة عني.
    فخجل الجعابي وغلبه الطبراني.
    قال ابن العميد: فرددت في مكاني أن الوزارة والرياسة لم تكن لي وكنت الطبراني وفرحت مثل الفرح الذي فرح الطبراني لأجل الحديث أو كما قال.
    21)
    قال محمد بن طاهر كما في ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي: سألت الحافظ أبا إسحاق الحبال عن أبي نصر السجزي، وأبي عبد الله الصوري، أيهما أحفظ ؟
    فقال: كان السجزي أحفظ من خمسين مثل الصوري.
    ثم قال إسحاق: كنت يوما عند أبي نصر السجزي (ت 444 هـ)، فدق الباب، فقمت ففتحت، فدخلت امرأة، وأخرجت كيسا فيه ألف دينار، فوضعته بين يدي الشيخ، وقالت: أنفقها كما ترى !
    قال: ما المقصود ؟
    قالت: تتزوجني ولا حاجة لي في الزوج، لكن لأخدمك.
    فأمرها بأخذ الكيس، وأن تنصرف، فلما انصرفت، قال: خرجت من سجستان بنية طلب العلم، ومتى تزوجت، سقط عني هذا الاسم، وما أوثر.
    22)
    أخرج ابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) قال: أخبرنا أبو نصر الحسن بن محمد بن إبراهيم قال سمعت الحافظ أبا الفضل محمد بن طاهر المقدسي (ت 566 هـ) يقول: بلت الدم في طلب الحديث مرتين مرة ببغداد ومرة بمكة وذلك أني كنت أمشي حافيا في حر الهواجر بهما فلحقني ذلك وما ركبت قط دابة في طلب الحديث وكنت أحمل كتبي على ظهري إلى أن استوطنت البلاد وما سألت في حال الطلب أحدا وكنت أعيش على ما بي من غير مسألة والله ينفعنا به ويجعله خالصا لوجهه.
    23)
    وفي ترجمة أبي العلاء الحسن بن أحمد الهَمَذاني (ت 569 هـ) قال تلميذه عبد القادر الرُّهاوي كما في ((الذيل على طبقات الحنابلة)) لابن رجب: ((وكان عفيفاً من حب المال، مهينًا له، باع جميع ما ورثه. وكان من أبناء التجار فأنفقه في طلب العلم حتى سافر إلى بغداد وأصبهان مرات ماشيًا يحمل كتبه على ظهره.
    سمعته يقول: كنت أبيت ببغداد في المساجد، وآكل خبز الدخن.
    وسمعت أبا الفضل بن نبهان الأديب يقول: رأيت الحافظ أبا العلاء في مسجد من مساجد بغداد يكتب وهو قائم على رجليه لأن السراج كانت عالية، ثم نشر الله تعالى ذكره في الآفاق، وعظم شأنه في قلوب الملوك وأرباب المناصب الدنيوية والعلمية والعوام، حتى إنه كان يمر بهمدان، فلا يبقى أحد رآه إلا قام، ودعا له حتى الصبيان واليهود.
    وربما كان يمضي إلى بلده مشكان فيصلي بها الجمعة، فيتلقاه أهلها خارج البلد: المسلمون على حدة، واليهود على حدة ويدعون له إلى أن يدخل البلد)) اهـ.
    24)
    قال ابن الجوزي رحمه الله (ت 597 هـ) في ((صيد الخاطر)): ((ولقد كنت في حلاوة طلبي العلم ألقى من الشدائد ما هو عندي أحلى من العسل لأجل ما أطلب وأرجو.
    كنت في زمان الصبا آخذ معي أرغفة يابسة فأخرج في طلب الحديث، وأقعد على نهر عيسى فلا أقدر على أكلها إلا عند الماء.
    فكلما أكلت لقمة شربت عليها، وعين همتي لا ترى إلا لذة تحصيل العلم)) اهـ.
    25)
    قال ابن القيم رحمه الله في ((روضة المحبين)): ((وحدثني أخو شيخنا -يعني أحمد ابن تيمية- عبد الرحمن ابن تيمية، عن أبيه قال: كان الجَدُّ - أبو البركات - (ت 652 هـ) إذا دخل الخلاء يقول لي: اقرأْ في هذا الكتاب وارْفَعْ صوتكم حتى اسمعُ)) اهـ.
    26)
    قال ابن القيم رحمه الله في ((مفتاح دار السعادة)): ((وسمعت شيخنا ابا العباس بن تيمية رحمه الله (ت 728 هـ) يقول: وقد عرض له بعض الألم.
    فقال له الطبيب: أضر ما عليك الكلام في العلم والفكر فيه والتوجه والذكر.
    فقال: ألستم تزعمون أن النفس إذا قويت وفرحت أوجب فرحها لها قوة تعين بها الطبيعة على دفع العارض فإنه عدوها فإذا قويت عليه قهرته.
    فقال له الطبيب: بلى.
    فقال: إذا اشتغلت نفسي بالتوجه والذكر والكلام في العلم وظفرت بما يشكل عليها منه فرحت به وقويت فأوجب ذلك دفع العارض هذا او نحوه من الكلام)) اهـ.
    وَلَم يَشغَلَكَ عَنهُ هَوى مُطاعٌ *** وَلا دُنيا بِزُخرُفِها فُتِنتا
    27)
    قال محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله كما في ترجمته في ((أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن)): ((جئت للشيخ في قراءتي عليه فشرح لي كما كان يشرح، ولكنه لم يشف ما في نفسي على ما تعودت، ولم يرو لي ظمئي. وقمت من عنده وأنا أجدني في حاجة إلى إزالة بعض اللبس وإيضاح بعض المشكل وكان الوقت ظهرا فأخذت الكتب والمراجع فطالعت حتى العصر، فلم أفرغ من حاجتي فعاودت حتى المغرب فلم أنته أيضا، فأوقد لي خادمي أعوادا من الحطب أقرأ على ضوئها كعادة الطلاب، وواصلت المطالعة وأتناول الشاهي الأخضر كلما مللت أو كسلت والخادم بجواري يوقد الضوء حتى انبثق الفجر وأنا في مجلسي لم أقم إلا لصلاة فرض أو تناول طعام وإلى أن ارتفع النهار وقد فرغت من درسي وزال عني لبسي، ووجدت هذا المحل من الدرس كغيره في الوضوح والفهم فتركت المطالعة ونمت، وأوصيت خادمي أن لا يوقظني لدرسي في ذلك اليوم اكتفاء بما حصلت عليه واستراحة من عناء سهر البارحة)) اهـ.
    وجاء في ((كشكول)) ابن عقيل رحمه الله:
    أنست بمكتبي ولزمت بيتي *** فطاب الأنس لي ونما السرور
    وأدبني الزمــان فـلا أبــالي *** هجـــرت فــلا أزار ولا أزور

    أختم بوصية العلَّامة حافظ حكمي رحمه الله في ((ميميته)):
    يا طالِب العلْم لا تبْغي بِه بدلًا *** فقد ظفِرْت وربِّ اللَّوح والقلَم
    حقيقة أنَّ للعلم لذَّة لا يعرفها من واصل الليل بالنهار، وزاحم بالركب العلماء، وفارق الأهل والخلان ورضي بالقليل.
    ومن لم يذق حلاوة العلم عاش في الدنيا ولم يعرف ما أجمل فيها.
    هذا والله أعلم وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
    كتبه
    عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
    طرابلس الغرب: يوم الخميس 11 جمادى الأولى سنة 1440 هـ
    الموافق لـ: 17 يناير سنة 2019 ف

  • #2
    رد: نماذج من استشعار لذة العلم وحلاوته

    سمعته يقول: كنت أبيت ببغداد في المساجد
    عندنا في غير أوقات الصلاة تغلق المساجد

    تعليق

    يعمل...
    X