إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

قصص الملائكة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #61
    رد: قصص الملائكة

    فوائد:

    الأولى: سبب مجئ جبريل - عليه السلام - بهذه الطريقة أمام الصحابة وسؤاله النبي صلى الله عليه وسلم هو ما ورد فى بعض طرق الحديث عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سلونى" فهابوه أن يسألوه. فجاء رجل فجلس عند ركبتيه..." الحديث.
    الثانية: جاء فى بعض ألفاظ الحديث من رواية عمر رضي الله عنه: "فلبثتُ مَلِيّا" ومعناه: وقتا طويلا.
    وفى رواية: أنه صلى الله عليه وسلم سأل عمر عن السائل بعد ثلاثة أيام.
    وفى شرح التنبيه للبغوى: "بعد ثلاث فأكثر"
    وظاهر هذا مخالف لقول أبى هريرة فى حديثه: ثم أدبر الرجل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ردوا علىَّ الرجل" فأخذوا يردونه فلم يَرَوا شيئا فقال صلى الله عليه وسلم: "هذا جبريل".
    فيمكن الجمع بينهما بأن عمر لم يحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم فى الحال بل كان قد قام من المجلس فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم الحاضرين فى الحال، وأخبر عمر بعد ثلاث إذ لم يكن حاضرا عند إخبار الباقين.[1]
    الثالثة: معنى تمثل الملَك رجلا تقدم ذكر معناه.
    الرابعة: فى الحديث بيان جواز تمثل الملَكِ لغير النبي صلى الله عليه وسلم فيراه ويتكلم بحضرته وهو يسمع.[2]
    الخامسة: أنكر الحافظ قوله فى آخر الحديث: "وإنه لجبريل نزل فى صورة دحية الكلبى." لأن دحية معروف عندهم وقد قال عمر: ما يعرفه منا أحد.[3]
    قال السندى: كونه فى صورة دحية لا يقتضى أن لا يمتاز عنه بشئ أصلا سيما الامتياز بالأمور الخارجة فيجوز أنه ظهر لهم ببعض القرائن الخارجة بل الداخلة الخفية أنه غير دحية؛ فلا وجه لتوهيم الرواة بما ذكر فليتأمل قوله.[4]
    قلت: لعل الحق مع الحافظ فإن جبريل – عليه السلام – لم يكن يتميز عن دحية إذا نزل فى صورته كما فى حديث أم سلمة المتقدم: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: "مَنْ هَذَا؟" قالت: هذا دحية. قالت أم سلمة: ايْمُ الله ما حسبته إلا إياه... الحديث.
    وأيضا فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يعرفْه كما فى الفائدة التالية.

    ___________________
    [1] مسلم بشرح النووى 1/ 142، شرح الأربعين النووية له / 13
    [2] فتح البارى 1/ 170
    [3] فتح البارى 1/ 171
    [4] حاشية السندى على النسائى 4/ 437

    تعليق


    • #62
      رد: قصص الملائكة

      السادسة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعرف جبريل – عليه السلام – حين جاءه فى هذه الصورة.
      وقد كان جبريل – عليه السلام – يأتيه فى صورة دحية فيعرفه،
      ويأتيه فى صورة أعرابى فيعرفه،
      إلا فى هذه الصورة كما فى هذا الحديث: "لا والذى بعث محمدا بالحق هدًى ما كنت بأعلم به من رجل منكم" أي كنت لا أعلم من هو، مثلكم فى أنكم لا تعلمون من هو.
      ووقع فى رواية عند أحمد: "ما أتانى فى صورة إلا عرفته غير هذه الصورة."
      وهذا يدل على أن جبريل – عليه السلام – كان يأتى النبي صلى الله عليه وسلم فى صورٍ متعددة ولا يقتصر على صورة دحية.


      السابعة: أن جبريل – عليه السلام – قد يأتي النبي صلى الله عليه وسلم في ساعةٍ يخبره بها وقد يأتيه على غير موعد
      فهذا الحديث من الساعات التى جاء جبريل فيها إلى النبي صلى الله عليه وسلم على غير موعد بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعرفه.
      أما ما يدل على أنه كان يأتيه فى ساعة يخبره بها، فيدل عليه حديثُ عائشة أنها قالت: وَاعَدَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم جبريلُ – عليه السلام – فى ساعة يأتيه فيها،
      فجاءت تلك الساعة ولم يأتِهِ،
      وفى يده عصا فألقاها من يده وقال: "ما يخلف الله وعده ولا رسله"
      ثم التفتَ فإذا جِرْوُ كلب تحت سريره؛ فقال: "يا عائشة متى دخل هذا الكلب ها هنا"
      فقالت: والله ما دريت.
      فأمر به فأخرج؛
      فجاء جبريل،
      فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وَاعَدْتَنِى فجلستُ لكَ فلَمْ تَأْتِ"
      فقال: "منعنى الكلبُ الذى كان فى بيتك إنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة."
      [1]
      وأيضا عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ قَالَ أَخْبَرَتْنِي مَيْمُونَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَصْبَحَ يَوْمًا وَاجِمًا؛ فَقَالَتْ مَيْمُونَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ اسْتَنْكَرْتُ هَيْئَتَكَ مُنْذُ الْيَوْمِ.
      قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ جِبْرِيلَ كَانَ وَعَدَنِي أَنْ يَلْقَانِي اللَّيْلَةَ فَلَمْ يَلْقَنِي أَمَ وَاللَّهِ مَا أَخْلَفَنِي."
      قَالَ فَظَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَهُ ذَلِكَ عَلَى ذَلِكَ
      ثُمَّ وَقَعَ فِي نَفْسِهِ جِرْوُ كَلْبٍ تَحْتَ فُسْطَاطٍ لَنَا فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهِ مَاءً فَنَضَحَ مَكَانَهُ
      فَلَمَّا أَمْسَى لَقِيَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ لَهُ: "قَدْ كُنْتَ وَعَدْتَنِي أَنْ تَلْقَانِي الْبَارِحَةَ قَالَ أَجَلْ وَلَكِنَّا لَا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ"
      فَأَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ فَأَمَرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ حَتَّى إِنَّهُ يَأْمُرُ بِقَتْلِ كَلْبِ الْحَائِطِ الصَّغِيرِ وَيَتْرُكُ كَلْبَ الْحَائِطِ الْكَبِيرِ.[2]


      لطيفة:

      قال الإمام النووى: وفيه – أى فى هذا الحديث – التنبيه على الوثوق بوعد الله ورسله لكن قد يكون للشئ شرط فيتوقف على حصوله أو يتخيل توقيته بوقت ويكون غير موقت به ونحو ذلك.
      وفيه أنه إذا تكدر وقت الإنسان أو تنكدت وظيفته ونحو ذلك فينبغى أن يفكر فى سببه كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم هنا حتى استخرج الكلب... ا.هـ[3]


      الثامنة: كما أن جبريل – عليه السلام – قد يأتى فى أزمان محددة، فإن له كذلك أماكن مخصوصة يأتيه فيها .
      فعَنْ ثَابِتٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَنَسٍ حَدِّثْنَا يَا أَبَا حَمْزَةَ مِنْ هَذِهِ الْأَعَاجِيبِ شَيْئًا شَهِدْتَهُ لَا تُحَدِّثُهُ مِنْ غَيْرِكَ.
      قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الظُّهْرِ يَوْمًا
      ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى قَعَدَ عَلَى الْمَقَاعِدِ الَّتِي كَانَ يَأْتِيهِ عَلَيْهَا جِبْرِيلُ،
      فَجَاءَ بِلَالٌ فَنَادَاهُ بِالْعَصْرِ،
      فَقَامَ كُلُّ مَنْ كَانَ لَهُ بِالْمَدِينَةِ أَهْلٌ يَقْضِي الْحَاجَةَ وَيُصِيبُ مِنْ الْوَضُوءِ،
      وَبَقِيَ رِجَالٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ لَيْسَ لَهُمْ أَهَالِي بِالْمَدِينَةِ،
      فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقَدَحٍ أَرْوَحَ فِيهِ مَاءٌ فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَفَّهُ فِي الْإِنَاءِ فَمَا وَسِعَ الْإِنَاءُ كَفَّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كُلَّهَا
      فَقَالَ بِهَؤُلَاءِ الْأَرْبَعِ فِي الْإِنَاءِ، ثُمَّ قَالَ: "ادْنُوا فَتَوَضَّئُوا" وَيَدُهُ فِي الْإِنَاءِ فَتَوَضَّئُوا حَتَّى مَا بَقِيَ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا تَوَضَّأَ.
      قَالَ: قُلْتُ: يَا أَبَا حَمْزَةَ كَمْ تَرَاهُمْ؟
      قَالَ: بَيْنَ السَّبْعِينَ وَالثَّمَانِينَ.[4]


      وهذا المكان الذى كان يأتى فيه جبريل هو ما يسمونه موضع الجنائز أو مقام جبريل
      فعن جابرقال: مات رجل فغسلناه وكفناه وحنطناه ووضعناه لرسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يوضع الجنائز عند مقام جبريل – عليه السلام – ثم آذَنَّا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الصلاة عليه فجاء معنا...الحديث.[5]
      وعَنْ أَبِى أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ الأَنْصَارِي أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَعُودُ مَرْضَى مَسَاكِينِ الْمُسْلِمِينَ وَضُعَفَائِهِمْ وَيَتْبَعُ جَنَائِزَهُمْ وَلاَ يُصَلِّى عَلَيْهِمْ أَحَدٌ غَيْرُهُ،
      وَأَنَّ امْرَأَةً مِسْكِينَةً مِنْ أَهْلِ الْعَوَالِى طَالَ سَقَمُهَا فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُ عَنْهَا مَنْ حَضَرَهَا مِنْ جِيرَانِهَا
      وَأَمَرَهُمْ أَنْ لاَ يَدْفِنُوهَا إِنْ حَدَثَ بِهَا حَدَثٌ فَيُصَلِّى عَلَيْهَا
      فَتُوُفِّيَتْ تِلْكَ الْمَرْأَةُ لَيْلا، فَاحْتَمَلُوهَا فَأَتَوْا بِهَا مَعَ الْجَنَائِزِ أَوْ قَالَ مَوْضِعَ الْجَنَائِزِ عِنْدَ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِيُصَلِّىَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا أَمْرَهُمْ، فَوَجَدُوهُ قَدْ نَامَ بَعْدَ صَلاَةِ الْعِشَاءِ، فَكَرِهُوا أَنْ يُهَجِّدُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ نَوْمِهِ؛ فَصَلَّوْا عَلَيْهَا، ثُمَّ انْطَلَقُوا بِهَا.
      فَلَمَّا أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَأَلَ عَنْهَا مَنْ حَضَرَهُ مِنْ جِيرَانِهَا فَأَخْبَرُوهُ خَبَرَهَا وَأَنَّهُمْ كَرِهُوا أَنْ يُهَجِّدُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَهَا،
      فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: « وَلِمَ فَعَلْتُمُ؟ انْطَلِقُوا ».
      فَانْطَلَقُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى قَامُوا عَلَى قَبْرِهَا فَصَفُّوا وَرَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا يُصَفُّ لِلصَّلاَةِ عَلَى الْجَنَائِزِ
      فَصَلَّى عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَبَّرَ أَرْبَعًا كَمَا يُكَبِّرُ عَلَى الْجَنَائِزِ.[6]
      لطيفة:

      مقام جبريل أو موضع الجنائز هذا يقع شرقى المسجد النبوى وهو اليوم الأرض الممتدة مع طول المسجد من الشمال إلى الجنوب بجانب باب النساء.[7]


      وأما سبب تسميته موضع الجنائز: فلأنهم كانوا يحملون الجنائز إلى هذا الموضع حتى يصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم
      وقد كانوا قبل ذلك يؤذنون النبي صلى الله عليه وسلم إذا احتضر الميت فيذهب إليه فربما طال مكثه حتى يقبض فلما خشوا مشقة النبي صلى الله عليه وسلم فعلوا ذلك.[8]

      ___________________________
      [1] صحيح: رواه مسلم ( 2104 )
      [2] صحيح: رواه مسلم ( 2105 )
      [3] مسلم بشرح النووى 14/ 69
      [4] إسناده صحيح: رواه ابن سعد فى الطبقات 1/ 85
      [5] صحيح: رواه الدارقطنى (3065 )
      [6] صحيح: ذكره الشيخ الألبانى فى أحكام الجنائز / 89 وقال: أخرجه البيهقى 4 / 48 بإسناد صحيح والنسائى ( 1 / 280 – 281 ) مختصرا
      [7] أحكام الجنائز للشيخ الألبانى / 89
      [8] روى ذلك ابن سعد فى الطبقات (1/ 124) من طريق محمد بن عمر وهو متروك فى الحديث مع علمه بالسير والأخبار. قال محمد بن عمر: فمن هناك سمى ذلك الموضع موضع الجنائز لأن الجنائز حملت إليه ثم جرى ذلك من فعل الناس فى حمل جنائزهم والصلاة عليها فى ذلك الموضع إلى اليوم.

      تعليق


      • #63
        رد: قصص الملائكة

        [ج] أن يأتيَه فى صورة لا يراه فيها فينفث فى روعه ويلقى فى قلبه:
        فعن ابن مسعود: أن رسول الله صلى الله عقال: "ليس من عمل يقرب إلى الجنة إلا قد أمرتكم به ولا عمل يقرب إلى النار إلا قد نهيتكم عنه لا يستبطئن أحد منكم رزقه إن جبريل – عليه السلام – ألقى[1] فى رُوعِى[2] أن أحدا منكم لن يخرج من الدنيا حتى يستكمل رزقه فاتقوا الله أيها الناس وأجملوا[3] فى الطلب فإن استبطأ أحد منكم رزقه فلا يطلبه بمعصية الله فإن الله لا ينال فضله بمعصية."[4]


        قال الحافظ أبو نعيم: وله – أي الوحي – مراتب ووجوه فى القرآن:
        وحي إلى الرسول: وهو أن يخاطبه الملَك شفاها أو يلقي في رُوعه وذلك قوله عز وجل: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء...} [ سورة الشورى: 51]
        يريد بذلك خطابا يلقى فهمه في قلبه حتى يعيه ويحفظه وما عداه من غير خطاب إنما هو ابتداء إعلام وإلهام وتوقيف من غير كلام ولا خطاب كقوله تعالى: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} [النحل: 68]، {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى} [القصص:7]، وما فى معناهما.[5]

        ______________________
        [1] وفى لفظ: "نفث": أي أوحى وألقى من النفث بالفم وهو شبيه بالنفخ وهو أقل من التفل لأن التفل لا يكون إلا ومعه شئ من الريق.
        [2] رُوعي: الروع بالضم: القلب والعقل، يقال: وقع ذلك في روعي، أي: في خلدي وبالي.
        [3] أجمل: طلب في قصد واعتدال مع عدم انشغال القلب.
        [4] صحيح لغيره: رواه الحاكم (2136) ومن طريقه البيهقى فى الاعتقاد / 209، وفيه مجهولان
        وله طريق أخرى عن ابن مسعود رواها ابن أبى شيبة (35335)، والبيهقى فى شعب الإيمان ( 9891 ) لكنها منقطعة.
        وله شواهد:
        أولها- من حديث جابر بن عبد الله رواه الحاكم ( 2134 ) وابن حبان ( 3239، 3241 / إحسان ) والبيهقى فى السنن الكبرى ( 10404 ) وإسناده صحيح.
        ومن طريق أخرى عن جابر عند ابن ماجه ( 2144 ) والبيهقى فى الكبرى ( 10405 ) وفيها ابن جريج وأبو الزبير وهما مدلسان ولم يصرحا بالتحديث.
        ثانيها- عن أبى حميد الساعدى رواه ابن ماجه ( 2142 ) والحاكم ( 2133 ) والبيهقى فى الكبرى (10403) بإسناد حسن.
        وثالثها-عن المطلب بن حنطب مرسلا رواه الإمام الشافعى فى المسند /صـ233 ومن طريقه البيهقى فى الأسماء والصفات/ 227.
        وله شواهد أخرى عن أبى الدرداء وأبى أمامة وغيرهم فالحديث صحيح إن شاء الله تعالى.
        [5] دلائل النبوة لأبى نعيم: 1/ 34

        تعليق


        • #64
          رد: قصص الملائكة


          [ د ] أن يأتى فى صورته التى خلق عليها:

          وقد تكلمنا عليه فيما سبق بما أغنى عن إعادته

          [سادسا]: بيان شدة الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم

          فعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أن الحارث بن هشام رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يارسول الله: كيف يأتيك الوحي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس وهو أشده علي فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال
          وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول."

          قالت عائشة رضي الله عنها: ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقا.[1]

          وعن ابن عباس فى قوله عز وجل: {لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ} [ القيامة: 16 ]، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه جبريل بالوحي كان مِمِّا يُحَرِّكُ به لسانه وشفتيه[2] فيشتد عليه
          فكان ذلك يعرف منه
          فأنزل الله: {لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} [ القيامة: 16 ]، إن علينا أن نجمعه فى صدرك فتقرأه
          {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} قال: أنزلناه فاستمع له
          {إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} أن نبينه بلسانك
          فكان إذا أتاه جبريل أطرق
          فإذا ذهب قرأه كما وعده الله.[3]

          وعن عبادة بن الصامت قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل الوحي عليه كَرُبَ لذلك وتَرَبَّدَ وجهُه،
          فأُوحي إليه ذات يوم فلقي ذلك
          فلما سُرِّىَ عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا الثَّيِّبُ بالثيب والبكر بالبكر الثيب جلد مائة ثم رجما بالحجارة والبكر بالبكر جلد مائة ثم نفى سنة."[4]

          ________________________
          [1] صحيح: رواه البخارى (2، 3215) ومسلم (2333) وقد تقدم.

          [2] قوله: كان مما يحرك به لسانه وشفتيه: أى كان كثيرا ما يفعل ذلك

          [3] صحيح: رواه البخارى ( 5، 4927، 4928، 4929، 5044، 7524 ) ومسلم ( 448 )

          [4] صحيح: رواه مسلم ( 1690، 2334 )

          تعليق


          • #65
            رد: قصص الملائكة

            وعن زيد بن ثابت قال: كنت أكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "اكتب: {لاَ يَسْتَوِى الْقَأعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُجَاهِدُونَ فِى سَبِيلِ اللهِ} [ النساء: 95 ] "
            فجاء عبد الله بن أم مكتوم فقال: يا رسول الله إني أحب الجهاد في سبيل الله ولكن بي من الزمانة وقد ترى وذهب بصري.
            قال زيد: فثَقُلَتْ فَخِذُ رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي حتى خشيت أن تَرُضَّهَا
            فقال: "اكتب: {لاَ يَسْتَوِى الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِى الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِى سَبِيلِ اللهِ} [ النساء: 95 ] [1]"
            وفى لفظ عند أحمد وأبى داود: قال زيد بن ثابت: إني قاعد إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم يوما إذ أوحي إليه قال: وغشيته السكينة.
            قال زيد: فلا والله ما وجدت شيئا أثقل من فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم
            ثم سري عنه
            فقال: "اكتب يا زيد"
            فأخذت كتفا، فقال: "اكتب": {لاَ يَسْتَوِى الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُجَاهِدُونَ} الآية كلها إلى قوله: {أَجْرا عَظِيما}"
            فكتبت ذلك فى كتف
            فقام حين سمعها ابن أم مكتوم وكان رجلا أعمى فقام حين سمع فضيلة المجاهدين قال: يا رسول الله فكيف بمن لا يستطيع الجهاد ممن هو أعمى وأشباه ذلك؟
            قال زيد: فوالله ما مضى كلامه أو ما هو إلا أن قضى كلامه غشيت النبيَّ صلى الله عليه وسلم السكينةُ فوقعت فخذه على فخذي فوجدت من ثقلها كما وجدت فى المرة الأولى
            ثم سري عنه
            فقال: "اقرأ"
            فقرأت عليه: {لاَ يَسْتَوِى الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ}
            فقال النبي صلى الله عليه وسلم: {غَيْرُ أُولِى الضَّرَرِ}
            قال زيد: فألحقتها، فوالله لكأنى أنظر إلى ملحقها عند صدعٍ كان فى الكتف.

            وعن يعلى بن أمية أنه قال لعمر رضي الله عنه: أرني النبي صلى الله عليه وسلم حين يوحى إليه.
            قال: فبينما النبي صلى الله عليه وسلم بالجعرانة ومعه نفر من أصحابه جاءه رجل فقال: يا رسول الله كيف ترى فى رجل أحرم بعمرة وهو متضمخ[2] بطيب؟
            فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ساعة
            فجاءه الوحي
            فأشار عمر رضي الله عنه إلى يعلى
            فجاء يعلى وعَلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوب قد أظل به[3] فأدخل رأسه فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم محمرُّ الوجه وهو يَغِطُّ[4]
            ثم سُرِّي عنه
            فقال: "أين الذى سأل عن العمرة؟"
            فأُتِىَ برجل فقال: "اغسل الطِّيب الذى بك ثلاث مرات وانزع الجُبَّةَ واصنع فى عمرتك كما تصنع فى حجتك."
            قلت لعطاء: أراد الإنقاء حين أمره أن يغسل ثلاث مرات؟
            قال: نعم.[5]

            والأحاديث فى هذا كثيرة وفيما سبق كفاية إن شاء الله تعالى.

            ___________________
            [1] صحيح: رواه البخارى ( 2832، 4592 ) وأبو داود ( 2507 ) والترمذى ( 3033 ) وقال حسن صحيح، والنسائى (3099، 3100) وأحمد (21657، 21658، 21722)

            [2] متضمخ: أى متلطخ

            [3] أظل به: أى جعل الثوب له كالظلة يستظل به

            [4] يغط: من الغطيط وهو صوت النفس المتردد من النائم من شدة ثقل الوحى

            [5] صحيح: رواه البخارى ( 1536، 1789، 1847، 4329، 4985 ) ومسلم ( 1180 )

            تعليق


            • #66
              رد: قصص الملائكة

              [ د] جبريل والنبي صلى الله عليه وسلم فى مواجهة الشياطين:

              عن أَبى التَّيَّاحِ قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَنْبَشٍ: أدركتَ النبي صلى الله عليه وسلم؟
              قال: نعم.
              قلت: كيف صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة كادته الشياطين؟
              فقال: إن الشياطين تحدرت تلك الليلة على رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأودية والشعاب
              وفيهم شيطان بيده شعلة نار يريد أن يحرق بها وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم
              فهبط إليه جبريل – عليه السلام – فقال: يا محمد قل.
              قال: "ما أقول؟"
              قال: قل: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق وذرأ وبرأ
              ومن شر ما ينزل من السماء
              ومن شر ما يعرج فيها
              ومن شر فتن الليل والنهار
              ومن شر كل طارقة إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن.
              قال: فطفئت نارهم وهزمهم الله تعالى.[1]

              _____________________
              [1] صحيح: رواه أحمد ( 15460، 15461 )، والبيهقي فى الأسماء والصفات / 37، وأبو نعيم فى الدلائل (137) وابن الجوزي فى تلبيس إبليس/ 37،
              وصححه الشيخ الألباني فى الصحيحة (840)
              وقال الهيثمي فى مجمع الزوائد (10/177/1706 رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني بنحوه قال: فلما رآهم وجل وجاءهم جبريل صلى الله عليه وسلم.
              ورجال أحد إسناديْ أحمد وأبي يعلى وبعض أسانيد الطبراني رجال الصحيح وكذلك رجال الطبراني.

              تعليق


              • #67
                رد: قصص الملائكة

                [ فصل ]
                [ ذكر فضائل جبريل عليه السلام ]

                تكاد تُجْمِع الآراءُ على أن جبريل – عليه السلام – هو أفضل الملائكة وأن له فى هذا الباب أوفر حظ وأعظم نصيب فمن ذلك:
                1- أن الله تعالى جعله ثانى نفسه حيث قال: {فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلآئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم: 4].
                2- أن الله – عز وجل – قدم ذكره على سائر الملائكة فقال: {قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ مُصَدِّقا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ} [سورة البقرة 97-98].
                قال الفخر الرازى: ولأن جبريل صاحب الوحي والعلم
                وميكائيل صاحب الأرزاق والأغذية
                والعلم الذى هو الغذاء الروحانى أشرف من الغذاء الجسمانى
                فوجب أن يكون جبريل عليه السلام أشرف من ميكائيل عليه السلام.[1]
                وقال المناوى: (تنبيه) أخذ الإمام الرازي من قوله تعالى: {مَن كَانَ عَدُوّا للهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} أنهما أشرف من جميع الملائكة لقولهم إنه إنما أفردهما بالذكر لفضلهما لأنهما لكمال فضلهما صارا جنسا واحدا سوى جنس الملائكة
                قال: فهذا يقتضي كونهما أشرف من جميعهم وإلا لم يصح هذا التأويل
                قالوا: وإذا ثبت هذا فنقول: يجب أن يكون جبريل أفضل من ميكائيل؛ لأنه تعالى قدم جبريل في الذكر وتقديم المفضول على الفاضل في الذكر مستقبح لفظا فواجب أن يكون مستقبح وضعا كقوله: ما رآه المؤمنون حسنا فهو عند الله حسن
                ولأن جبريل ينزل بالوحي والعلم وهو مادة بقاء الأرواح وميكائيل بالخصب والمطر وهو مادة بقاء الأبدان والعلم أشرف من الأغذية فيجب أن يكون جبريل أفضل
                ولأنه تعالى قال في صفة جبريل: {مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ} [التكوير:21]، فذكره بوصف المطاع على الإطلاق وهو يقتضي كونه مطاعا بالنسبة إلى ميكائيل فوجب كونه أفضل منه.[2]

                3- أنه عليه السلام أحد رؤساء الملائكة الأربعة الكبار: جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت.
                4- قال بعض السلف: منزلة جبريل من الله تعالى بمنزلة الحاجب من الملِك.
                5- أنه ولي النبي صلى الله عليه وسلم ولم يبعث الله نبيا قط إلا وهو وليه كما رُوِى ذلك.
                6- أنه معلم النبي صلى الله عليه وسلم.
                7- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ فَقَالَ إِنِّي أُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ قَالَ فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ ثُمَّ يُنَادِي فِي السَّمَاءِ فَيَقُولُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ قَالَ ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ وَإِذَا أَبْغَضَ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ فَيَقُولُ إِنِّي أُبْغِضُ فُلَانًا فَأَبْغِضْهُ قَالَ فَيُبْغِضُهُ جِبْرِيلُ ثُمَّ يُنَادِي فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ فُلَانًا فَأَبْغِضُوهُ قَالَ فَيُبْغِضُونَهُ ثُمَّ تُوضَعُ لَهُ الْبَغْضَاءُ فِي الْأَرْضِ."[3]
                8- قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [سورة يوسف: 2 ] قال ابن كثير: وذلك لأن لغة العرب أفصح اللغات وأَبْيَنَهَا وأوسعها وأكثرها تأدية للمعانى التى تقوم بالنفوس
                فهكذا أنزل أشرف الكتب
                بأشرف اللغات
                على أشرف المرسلين
                بسفارة أشرف الملائكة
                وكان ذلك فى أشرف بقاع الأرض
                وابتدئ إنزاله فى أشرف شهور السنة وهو رمضان
                فكمل من كل الوجوه.[4]

                ________________________________
                [1] مفاتيح الغيب: 1/ 576 ونحوه ابن القيم فى زاد المعاد 1/ 9 ( ط. دار عمر بن الخطاب )

                [2] فيض القدير: 5 / 452 ط. دار المعرفة.

                [3] صحيح: رواه البخاري (7485، 6040، 3209) ومسلم (2637) وهو لفظه.

                [4] تفسير القرآن العظيم: 4/ 157، والبداية والنهاية: 1/ 83

                تعليق


                • #68
                  رد: قصص الملائكة

                  9- أن أفضل الملائكة أو من أفضلهم من شهد بدرا وقد شهدها جبريل بل كان هو وميكائيل على رأس من شهد بدرا من الملائكة.

                  فعَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِىِّ عَنْ أَبِيهِ - وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ - قَالَ جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النبي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "مَا تَعُدُّونَ أَهْلَ بَدْرٍ فِيكُمْ؟ قَالَ: "مِنْ أَفْضَلِ الْمُسْلِمِينَ - أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا - قَالَ وَكَذَلِكَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمَلاَئِكَةِ."[1]

                  10- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا تَكَلَّمَ اللَّهُ بِالْوَحْيِ سَمِعَ أَهْلُ السَّمَاءِ لِلسَّمَاءِ صَلْصَلَةً كَجَرِّ السِّلْسِلَةِ عَلَى الصَّفَا فَيُصْعَقُونَ فَلَا يَزَالُونَ كَذَلِكَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ جِبْرِيلُ حَتَّى إِذَا جَاءَهُمْ جِبْرِيلُ فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالَ فَيَقُولُونَ يَا جِبْرِيلُ مَاذَا قَالَ رَبُّكَ فَيَقُولُ الْحَقَّ فَيَقُولُونَ الْحَقَّ الْحَقَّ."[2]

                  11- أنه ينصر أولياء الله ويقهر أعداءه كما تقدم عند ذكر صفاته ومن ذلك أيضا:

                  عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت: "اهج المشركين فإن جبريل معك"[3]

                  12- أنه ممن استثناهم الله – تعالى – عند النفخ فى الصور على أحد الأقوال كما سيأتى إن شاء الله تعالى.

                  __________________________

                  [ فصل ]
                  [ ذكر موته عليه السلام ]



                  لا شك أن كل من سوى الله تعالى فهو فانٍ {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: 27] فلا يبقى ملَكٌ مقرب ولا نبى مرسل وروى فى حديث الصور الطويل: "... فيقول الله لِيَمُتْ جبريل وميكائيل. فينطق الله العرش فيقول: يارب يموت جبريل وميكائيل؟ فيقول: اسكت فإنى كتبت الموت على من كان تحت عرشى فيموتان... الحديث.[4]

                  ______________________
                  [1] صحيح: رواه البخارى (3992، 3994)

                  [2] صحيح: رواه أبو داود [4738] وصححه الشيخ الألبانى على شرط الشيخين انظر الصحيحة ( 3/283 ) ومجمع البحرين فيما صححه الألبانى من الأحاديث على شرط الشيخين / صـ 15 / حديث رقم 2

                  [3] صحيح: رواه أحمد ( 18526 ) والنسائى فى الكبرى (5980، 5981، 8236، 8237) من طريقين عن البراء بن عازب وصححه الألبانى على شرط الشيخين انظر مجمع البحرين (211) والصحيحة ( 2/ 435 )

                  [4] ضعيف: قال الشيخ الألبانى فى تخريج الطحاوية صـ232 رقم (201): أخرجه ابن جرير فى تفسيره كما ذكره الشارح (2/330 – 331، 24/30، 186-187) من حديث أبى هريرة مرفوعا، وإسناده ضعيف لأنه من طريق إسماعيل بن رافع المدنى عن يزيد بن أبى زياد وكلاهما ضعيف بسندهما عن رجل من الأنصار وهو مجهول لم يسم، وقول الحافظ ابن كثير فى تفسيره (1/248، 4/63) أنه حديث مشهور... الخ لا يستلزم صحته كما لا يخفى على أهل العلم. ا.هـ


                  تمت قصة جبريل عليه السلام ولله الحمد

                  تعليق


                  • #69
                    رد: قصص الملائكة

                    [ باب ]

                    [ ذكر قصة ميكائيل عليه السلام ]


                    معنى الاسم:

                    قال الإمام البخارى فى صحيحه: وقال عكرمة: جبر ومِيك وإسراف: عبدٌ.

                    إيل: الله.[1]

                    وقال ابن كثير: وحكاية البخارى عن عكرمة ما تقدم هو المشهور أن "إيل" هو الله، ورواه ابن جرير عن عكرمة أنه قال: جبريل اسمه عبد الله وميكائيل عبيد الله، إيل: الله.

                    ورواه يزيد النحوى عن عكرمة عن ابن عباس مثله وكذا غير واحد من السلف.

                    وقال محمد بن إسحاق: عن الزهرى، عن علي بن الحسين قال: أتدرون ما اسم جبرائيل من أسمائكم؟
                    قلنا: لا.
                    قال: اسمه عبد الله.
                    قال: فتدرون ما اسم ميكائيل من أسمائكم؟
                    قلنا: لا.
                    قال: اسمه عبيد الله
                    وكل اسم مرجعه إلى "إيل" فهو إلى الله.

                    ومن الناس من يقول: "إيل" عبارة عن عبد
                    والكلمة الأخرى هى اسم الله؛ لأن كلمة "إيل" لا تتغير فى الجميع
                    فوزانه عبد الله، عبد الرحمن، عبد الملك، عبد القدوس، عبد السلام، عبد الكافى، عبد الجليل
                    فـ"عبد" موجودة فى هذا كله واختلفت الأسماء المضاف إليها
                    وكذلك جبريل وميكائيل وإسرافيل ونحو ذلك
                    وفى كلام غير العرب يقدمون المضاف إليه على المضاف.
                    والله أعلم.[2]

                    قلت: ولعل هذا هو الأرجح وقد رجحه السيوطى فى شرح الموطأ، والله أعلم.[3]

                    _________________________
                    [1] البخارى مع فتح البارى: 8/ 201

                    [2] تفسير القرآن العظيم: 1/183 وفتح البارى 8/ 202

                    [3] تنوير الحوالك شرح موطأ مالك: 1/ 15

                    تعليق


                    • #70
                      رد: قصص الملائكة

                      اللغات فى ميكائيل:


                      الأولى: ميكاييل، قراءة نافع.

                      الثانية: ميكائيل، قراءة حمزة.

                      الثالثة: ميكال، لغة أهل الحجاز وهى قراءة أبي عمرو، وحفص عن عاصم.

                      قال كعب بن مالك:

                      ويوم بدرٍ لقيناكم لنا مددٌ *** فيه مع النصر ميكال وجبريل

                      وقال جرير:

                      عبدوا الصليب وكذبوا بمحمد *** وبجبرئيل وكذبوا ميكالا

                      الرابعة: ميكئيل[1] وهى قراءة ابن محيصن.

                      الخامسة: ميكييل بياءين وهى قراءة الأعمش باختلاف.

                      السادسة: مِيكَائَل كما يقال إِسْرَائَل بهمزة مفتوحة.

                      وهو اسم أعجمى فلذلك لم ينصرف.[2]

                      _____________________________
                      [1] تنطق مثل ميكائيل ولكن بدون إشباع الكاف حتى لا يتولد عن الإشباع ألفٌ.

                      [2] تفسير القرطبى: 1/429

                      تعليق


                      • #71
                        رد: قصص الملائكة

                        [فصل]

                        [ ذكر شدة خوفه من الله عز وجل ]

                        عن أنس بن مالك، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لجبريل عليه السلام: "مالى لم أر ميكائيل ضاحكا قط."
                        قال: ما ضحك ميكائيل منذ خلقت النار.[1]


                        _________________________
                        [1] حسن لغيره: رواه أحمد ( 13342 ) وأبو الشيخ فى العظمة (386) من رواية إسماعيل بن عياش عن المدنيين وهى ضعيفة
                        وشيخ ابن عياش عمارة بن غزية قال فيه الحافظ: لا بأس به وروايته عن أنس مرسلة.
                        وهو فى جمع الجوامع رقم (18863) وفى الصغير رقم (7930) ورمز لحسنه
                        وقال الحافظ العراقى فى تخريج الإحياء (4/252): رواه أحمد وابن أبى الدنيا فى كتاب الخائفين من رواية ثابت عن أنس بإسناد جيد،
                        ورواه ابن شاهين فى السنة من حديث ثابت مرسلا
                        وورد ذلك أيضا فى حق إسرافيل.
                        ورواه البيهقى فى الشعب.
                        وفى حق جبريل رواه ابن أبى الدنيا فى كتاب الخائفين. ا.هـ
                        وقد ضعفه الشيخ الألبانى فى ضعيف الجامع (5090) والضعيفة (4454) ثم عاد فحسنه بشواهده فى الصحيحة (2511)

                        تعليق


                        • #72
                          رد: قصص الملائكة

                          [ فصل ]

                          [ ذكر أعماله عليه السلام ]

                          أولا: أهم أعماله عليه السلام:

                          أنه الملَك الموكل بالنبات والرياح والقطر
                          كما أن جبريل – عليه السلام – موكل بالوحى
                          وإسرافيل موكل بالصور
                          وملك الموت موكل بقبض الأرواح.

                          فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن اليهود سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن أشياء ثم قالوا: إنما بقيت واحدة وهى التى نبايعك إن أخبرتنا بها؛ فإنه ليس من نبى إلا له من يأتيه بالخبر فأخبرنا من صاحبك؟
                          قال: "جبريل عليه السلام."
                          قالوا: جبريل!
                          ذاك الذى ينزل بالحرب والقتال والعذاب
                          عدونا
                          لو قلت ميكائيل الذى ينزل بالرحمة والنبات والقطر لكان.
                          فأنزل الله – عز وجل -: {مَن كَانَ عَدُوّا لِجِبْرِيلَ} [البقرة:97] إلى آخر الآية.[1]

                          ** لطيفة:

                          قال تعالى: {مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ} [سورة البقرة: 98]
                          قال الإمام القرطبى: فإن قيل: لِمَ خص الله جبريل وميكال بالذكر وإن كان ذكر الملائكة قد عمهما؟
                          قيل له: خصهما بالذكر تشريفا لهما كما قال: {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} [سورة الرحمن: 68]
                          وقيل: خُصَّا لأن اليهود ذكروهما ونزلت الآية بسببهما فَذِكْرُهُمَا واجب لئلا تقول اليهود: إنا لم نعاد الله وجميع ملائكته فنص الله عليهما لإبطال ما يتأولونه من التخصيص.[2]

                          ___________________________
                          [1] حسن: رواه أحمد ( 2483)

                          [2] تفسير القرطبى: 1/ 428

                          تعليق


                          • #73
                            رد: قصص الملائكة

                            ثانيا: ميكائيل مع الأنبياء عليهم السلام:

                            [أ] ميكائيل مع إبراهيم الخليل عليهما السلام:

                            قال تعالى: {وَلَقَدْ جَاءتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُواْ سَلاَمًا قَالَ سَلاَمٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَاء بِعِجْلٍ حَنِيذٍ فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمةُُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاء أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ} [ هود: 69-76]

                            قال المفسرون: يذكر تعالى أن الملائكة – وكانوا ثلاثة؛ جبريل وميكائيل وإسرافيل – لما وردوا على إبراهيم الخليل حسبهم أضيافا فعاملهم معاملة الضيوف وشوى لهم عجلا سمينا من خيار بقره
                            فلما قربه إليهم وعرض عليهم لم يرَ لهم همة إلى الأكل بالكلية وذلك أن الملائكة ليس فيهم قوة الحاجة إلى الطعام؛ فنكرهم إبراهيم وأوجس منهم خيفة إذ علم أنهم ملائكة والملائكة إنما تنزل بالعذاب {قَالُواْ لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ} أي: لندمر عليهم
                            فاستبشرتْ عند ذلك سارة غضبا لله عليهم وكانت قائمة على رؤوس الأضياف كما جرت عادة الناس من العرب وغيرهم، فلما ضحكت استبشارا بذلك بشرها الملائكة بالولد {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ} فأقبلت عند ذلك فى صَرَّةٍ أي في صرخة وصكت وجهها كما يفعل النساء عند التعجب وقالت {يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا} أي كيف يلد مثلى وأنا كبيرة وعقيم – أيضا – وزوجى شيخ كبير ولهذا قالت: {إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ}
                            وكذلك تعجب إبراهيم - عليه السلام - استبشارا بهذه البشرى وتثبيتا لها وفرحا بها {قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَن مَّسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ} [الحجر:54]
                            فأكدت الملائكة له هذه البشارة {قَالُواْ بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُن مِّنَ الْقَانِطِينَ قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ} [الحجر: 55-56]

                            تعليق


                            • #74
                              رد: قصص الملائكة

                              [ب] ميكائيل مع محمد صلى الله عليه وسلم

                              عن أبى بن كعب قال: ما حاك فى صدرى منذ أسلمت إلا أنى قرأت آيةً وقرأها آخرُ غيرَ قراءتى
                              فقلت: أقرأنيها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم
                              وقال الآخر: أقرأنيها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم
                              فأتيت النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقلت: يا نبى الله أَقْرَأْتَنِى آية كذا وكذا؟
                              قال: «نعم، إن جبريل وميكائيل عليهما السلام أتيانى فقعد جبريل عن يمينى وميكائيل عن يسارى فقال جبريل عليه السلام: اقرأ القرآن على حرف. قال ميكائيل: استزده. حتى بلغ سبعة أحرف فكل حرف شافٍ كافٍ

                              وفى لفظ: «يا أُبَىُّ إنى أُقْرِئْتُ القرآن فقيل لى: على حرف أو حرفين؟ فقال الملَك الذى معى: قل على حرفين. قلت على حرفين. فقيل لى على حرفين أو ثلاثة؟ فقال الملَك الذى معى: قل على ثلاثة. حتى بلغ سبعة أحرف ثم قال: ليس منها إلا شافٍ كافٍ إن قلت: سميعا عليما عزيزا حكيما مالم تختم آية عذاب برحمة أو آية رحمة بعذاب[1]

                              و عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ: كَانَ النبي صلى الله عليه وسلم إِذَا صَلَّى صَلاَةً أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ «مَنْ رَأَى مِنْكُمُ اللَّيْلَةَ رُؤْيَا» قَالَ: فَإِنْ رَأَى أَحَدٌ قَصَّهَا، فَيَقُولُ مَا شَاءَ اللَّهُ
                              فَسَأَلَنَا يَوْمًا، فَقَالَ: «هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رُؤْيَا»
                              قُلْنَا: لاَ.
                              قَالَ: «لَكِنِّى رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِى فَأَخَذَا بِيَدِى، فَأَخْرَجَانِى إِلَى الأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ، فَإِذَا رَجُلٌ جَالِسٌ، وَرَجُلٌ قَائِمٌ بِيَدِهِ كَلُّوبٌ مِنْ حَدِيدٍ - قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ مُوسَى-: إِنَّهُ يُدْخِلُ ذَلِكَ الْكَلُّوبَ فِى شِدْقِهِ، حَتَّى يَبْلُغَ قَفَاهُ، ثُمَّ يَفْعَلُ بِشِدْقِهِ الآخَرِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَيَلْتَئِمُ شِدْقُهُ هَذَا، فَيَعُودُ فَيَصْنَعُ مِثْلَهُ.
                              قُلْتُ: مَا هَذَا؟
                              قَالاَ: انْطَلِقْ.
                              فَانْطَلَقْنَا، حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ عَلَى قَفَاهُ، وَرَجُلٌ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِهِ بِفِهْرٍ أَوْ صَخْرَةٍ، فَيَشْدَخُ بِهِ رَأْسَهُ، فَإِذَا ضَرَبَهُ تَدَهْدَهَ الْحَجَرُ، فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ لِيَأْخُذَهُ، فَلاَ يَرْجِعُ إِلَى هَذَا حَتَّى يَلْتَئِمَ رَأْسُهُ، وَعَادَ رَأْسُهُ كَمَا هُوَ، فَعَادَ إِلَيْهِ فَضَرَبَهُ
                              قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟
                              قَالاَ: انْطَلِقْ.
                              فَانْطَلَقْنَا إِلَى ثَقْبٍ مِثْلِ التَّنُّورِ، أَعْلاَهُ ضَيِّقٌ وَأَسْفَلُهُ وَاسِعٌ، يَتَوَقَّدُ تَحْتَهُ نَارًا، فَإِذَا اقْتَرَبَ ارْتَفَعُوا حَتَّى كَادَ أَنْ يَخْرُجُوا، فَإِذَا خَمَدَتْ رَجَعُوا فِيهَا، وَفِيهَا رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ.
                              فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟
                              قَالاَ: انْطَلِقْ.
                              فَانْطَلَقْنَا، حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ فِيهِ رَجُلٌ قَائِمٌ عَلَى وَسَطِ النَّهَرِ رَجُلٌ بَيْنَ يَدَيْهِ حِجَارَةٌ، فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ الَّذِى فِى النَّهَرِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ رَمَى الرَّجُلُ بِحَجَرٍ فِى فِيهِ، فَرَدَّهُ حَيْثُ كَانَ، فَجَعَلَ كُلَّمَا جَاءَ لِيَخْرُجَ رَمَى فِى فِيهِ بِحَجَرٍ، فَيَرْجِعُ كَمَا كَانَ.
                              فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟
                              قَالاَ: انْطَلِقْ.
                              فَانْطَلَقْنَا، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ، فِيهَا شَجَرَةٌ عَظِيمَةٌ، وَفِى أَصْلِهَا شَيْخٌ وَصِبْيَانٌ
                              وَإِذَا رَجُلٌ قَرِيبٌ مِنَ الشَّجَرَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ نَارٌ يُوقِدُهَا
                              فَصَعِدَا بِى فِى الشَّجَرَةِ، وَأَدْخَلاَنِى دَارًا لَمْ أَرَ قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهَا، فِيهَا رِجَالٌ شُيُوخٌ وَشَبَابٌ، وَنِسَاءٌ وَصِبْيَانٌ
                              ثُمَّ أَخْرَجَانِى مِنْهَا فَصَعِدَا بِى الشَّجَرَةَ فَأَدْخَلاَنِى دَارًا هِىَ أَحْسَنُ وَأَفْضَلُ، فِيهَا شُيُوخٌ وَشَبَابٌ.
                              قُلْتُ: طَوَّفْتُمَانِى اللَّيْلَةَ، فَأَخْبِرَانِى عَمَّا رَأَيْتُ.
                              قَالاَ: نَعَمْ؛ أَمَّا الَّذِى رَأَيْتَهُ يُشَقُّ شِدْقُهُ فَكَذَّابٌ يُحَدِّثُ بِالْكَذْبَةِ، فَتُحْمَلُ عَنْهُ حَتَّى تَبْلُغَ الآفَاقَ، فَيُصْنَعُ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
                              وَالَّذِى رَأَيْتَهُ يُشْدَخُ رَأْسُهُ فَرَجُلٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ، فَنَامَ عَنْهُ بِاللَّيْلِ، وَلَمْ يَعْمَلْ فِيهِ بِالنَّهَارِ، يُفْعَلُ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
                              وَالَّذِى رَأَيْتَهُ فِى الثَّقْبِ فَهُمُ الزُّنَاةُ.
                              وَالَّذِى رَأَيْتَهُ فِى النَّهَرِ آكِلُو الرِّبَا.
                              وَالشَّيْخُ فِى أَصْلِ الشَّجَرَةِ إِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - وَالصِّبْيَانُ حَوْلَهُ فَأَوْلاَدُ النَّاسِ
                              وَالَّذِى يُوقِدُ النَّارَ مَالِكٌ خَازِنُ النَّارِ.
                              وَالدَّارُ الأُولَى الَّتِى دَخَلْتَ دَارُ عَامَّةِ الْمُؤْمِنِينَ
                              وَأَمَّا هَذِهِ الدَّارُ فَدَارُ الشُّهَدَاءِ
                              وَأَنَا جِبْرِيلُ، وَهَذَا مِيكَائِيلُ، فَارْفَعْ رَأْسَكَ، فَرَفَعْتُ رَأْسِى فَإِذَا فَوْقِى مِثْلُ السَّحَابِ.
                              قَالاَ ذَاكَ مَنْزِلُكَ.
                              قُلْتُ دَعَانِى أَدْخُلْ مَنْزِلِى.
                              قَالاَ إِنَّهُ بَقِىَ لَكَ عُمْرٌ لَمْ تَسْتَكْمِلْهُ، فَلَوِ اسْتَكْمَلْتَ أَتَيْتَ مَنْزِلَكَ.
                              »[2]

                              فائدة:

                              قال الإمام القرطبى: قال علماؤنا – رحمة الله عليهم – لا أَبْيَنَ فى أحوال المعذبين فى قبورهم من حديث البخارى وإن كان منامًا فمنامات الأنبياء وحى.[3]

                              وعن سعد بن أبى وقاص قال: رأيت عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن شماله يوم أحد رجلين عليهما ثياب بياض ما رأيتهما قبل ولا بعد. يعنى جبريل وميكائيل عليهما السلام.[4]

                              ____________________________
                              [1] صحيح: رواه من حديث أنس عن أُبَىٍّ النسائيُّ (940) وهو لفظه وأحمد (21151، 21190) ورواه من حديث عبادة بن الصامت عن أُبَىٍّ أحمد (21150) ورواه من حديث سليمان بن صرد عن أُبَىّ باللفظ الثانى المذكور أبو داود (1477) وهو لفظه وأحمد (21207، 2120 وابنه عبد الله فى زوائد المسند (21209)

                              [2] صحيح: رواه البخارى تاما ومختصرا فى مواضع منها (1386، 7047) وهو لفظه، ومسلم (2275) من أوله إلى قوله: "هل رأى أحد منكم البارحة رؤيا."

                              [3] التذكرة: 120

                              [4] صحيح: رواه البخارى (4054، 5826) ومسلم (2306) وهو لفظه

                              تعليق


                              • #75
                                رد: قصص الملائكة

                                [فصل]

                                [ذكر أعوان ميكائيل عليه السلام]


                                ميكائيل - عليه السلام - أحد رؤساء الملائكة الكبار العظام؛ جبريل، وميكائيل، وإسرافيل، وملَك الموت، - عليهم السلام - وله أعوان يفعلون ما يأمرهم به: من تصريف الرياح، وإرسال المطر، وغير ذلك.

                                ومن أعوانه رؤساء كبار؛ كملَك المطر وغيره. وهم منه بمنزلة الوزراء من الملِك، ولهؤلاء الوزراء أتباع كثيرون.

                                وكل أعوانه رهن إشارته، وجند عبارته، وطوع بنانه. لايتمرد عليه وزير، ولا يتكبر عليه رئيس، بل كلهم له مطيع معين على تنفيذ ما أمره الله تعالى به.

                                ومن أعوانه:


                                [1] الرعد: وهو الملك الموكل بالسحاب:

                                فعن ابن عباس أنه قال: الرعد ملَك ينعق بالغيث كما ينعق الراعى بغنمه.[1]

                                وعن ابن عباس قال: أَقْبَلَتْ يَهُودُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِمِ إِنَّا نَسْأَلُكَ عَنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ، فَإِنْ أَنْبَأْتَنَا بِهِنَّ عَرَفْنَا أَنَّكَ نَبِىٌّ، وَاتَّبَعْنَاكَ، فَأَخَذَ عَلَيْهِمْ مَا أَخَذَ إِسْرَائِيلُ عَلَى بَنِيهِ إِذْ قَالُوا: {اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} [يوسف:66]
                                قَالَ: "هَاتُوا"
                                قَالُوا: أَخْبِرْنَا عَنْ عَلاَمَةِ النبي؟
                                قَالَ: "تَنَامُ عَيْنَاهُ وَلاَ يَنَامُ قَلْبُهُ.
                                "قَالُوا: أَخْبِرْنَا كَيْفَ تُؤَنِّثُ الْمَرْأَةُ وَكَيْفَ تُذْكِرُ؟
                                قَالَ: "يَلْتَقِى الْمَاءَانِ فَإِذَا عَلاَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ أَذْكَرَتْ، وَإِذَا عَلاَ مَاءُ الْمَرْأَةِ مَاءَ الرَّجُلِ آنَثَتْ."
                                قَالُوا: أَخْبِرْنَا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ؟
                                قَالَ: "كَانَ يَشْتَكِى عِرْقَ النَّسَا فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا يُلاَئِمُهُ إِلاَّ أَلْبَانَ كَذَا وَكَذَا." قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَد: قَالَ أَبِي: قَالَ بَعْضُهُمْ: يَعْنِى الإِبِلَ. "فَحَرَّمَ لُحُومَهَا"
                                قَالُوا: صَدَقْتَ.
                                قَالُوا: أَخْبِرْنَا مَا هَذَا الرَّعْدُ؟
                                قَالَ: "مَلَكٌ مِنْ مَلاَئِكَةِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - مُوَكَّلٌ بِالسَّحَابِ، بِيَدِهِ أَوْ فِى يَدِهِ مِخْرَاقٌ مِنْ نَارٍ يَزْجُرُ بِهِ السَّحَابَ يَسُوقُهُ حَيْثُ أَمَرَ اللَّهُ."
                                قَالُوا: فَمَا هَذَا الصَّوْتُ الَّذِى يُسْمَعُ؟
                                قَالَ: "صَوْتُهُ."
                                قَالُوا: صَدَقْتَ. إِنَّمَا بَقِيَتْ وَاحِدَةٌ وَهِىَ الَّتِى نُبَايِعُكَ إِنْ أَخْبَرْتَنَا بِهَا، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ نَبِىٍّ إِلاَّ لَهُ مَلَكٌ يَأْتِيهِ بِالْخَبَرِ فَأَخْبِرْنَا مَنْ صَاحِبكَ؟ قَالَ: "جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَم"
                                قَالُوا: جِبْرِيلُ! ذَاكَ الَّذِى يَنْزِلُ بِالْحَرْبِ وَالْقِتَالِ وَالْعَذَابِ عَدُوُّنَا، لَوْ قُلْتَ مِيكَائِيلَ الَّذِى يَنْزِلُ بِالرَّحْمَةِ وَالنَّبَاتِ وَالْقَطْرِ لَكَانَ.
                                فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {قُل مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ} إِلَى آخِرِ الآيَةَ.[البقرة:97][2]

                                فائدة: فيما يقال عند سماع الرعد:

                                قال الإمام النووى: ورُوِّينا بالإسناد الصحيح فى الموطأ عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أنه كان إذا سمع الرعد ترك الحديث وقال: سبحان الذى يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته.[3]
                                وروى الإمام الشافعى رحمه الله في "الأم" بإسناد صحيح عن طاووس الإمام التابعى الجليل أنه كان يقول إذا سمع الرعد: سبحان من سبحت له. قال الشافعى: كأنه يذهب إلى قوله تعالى: {وَيُسَبِّحُ الرَّعْدَ بِحَمْدِهِ} [الرعد: 13][4]

                                _____________________________
                                [1] حسن لغيره: رواه البخارى فى الأدب المفرد (743) قال الشيخ الألبانى فى التعليق على الأدب المفرد: موسى سيئ الحفظ، والحكم وهو: ابن أبان ليس بالثبت، وثبت الشطر الأول منه بنحوه موفوعاـ ((الصحيحة)) (1872)، ثم وجدت له متابعا قويا في تفسير الطبري (13/18 ،83) فهو به حسن إن شاء الله.

                                [2] حسن: رواه أحمد (2483) وهو لفظه
                                والترمذى (3117) [روى السؤال عن الرعد وعما حرم إسرائيل على نفسه] وقال: حسن غريب
                                والنسائى فى الكبرى (9024) والطبرانى فى الكبير (12429)
                                وأبو الشيخ فى العظمة (769) [روى السؤال عن الرعد]
                                جميعهم من طريق بكير بن شهاب، قال فيه أبو حاتم: شيخ، وقال الذهبى فى الميزان: عراقي صدوق، لكن قال الحافظ فى التقريب: مقبول.
                                قلت: روى عنه اثنان وذكره ابن حبان فى الثقات فإذا أضفت إلى ذلك قول أبى حاتم وقول الحافظ الذهبى تبين لك أن حكم الحافظ عليه بأنه مقبول فيه تسامح، والله أعلم.
                                على أن للحديث شواهد أخرى منها ما رواه أحمد من طريق شهر بن حوشب -وهو لا بأس به فى الشواهد والمتابعات- (2471، 2514، 2515) فقد روى السؤالات دون السؤال عن الرعد.
                                وقد ذكر الشيخ الألبانى رحمه الله تعالى فى الصحيحة (4/492/ رقم 1872) شاهدا مرفوعا لسؤال الرعد ثم قال: وجملة القول عندى أن الحديث حسن على أقل الدرجات وفى الباب آثار أخرى كثيرة أوردها السيوطى في "الدر المنثور" فليراجعها من شاء. ا.هـ

                                [3] صحيح: رواه مالك فى الموطأ: ( 3 / 154 ) والبخارى فى الأدب المفرد ( 744 )

                                [4] الأذكار للنووى: 172

                                تعليق

                                يعمل...
                                X