إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

زكاة الفطر بين الخلاف الفقهي، وبينانتقاض عرى الإسلام واندراس الشعائر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [مقال] زكاة الفطر بين الخلاف الفقهي، وبينانتقاض عرى الإسلام واندراس الشعائر

    زكاة الفطر بين الخلاف الفقهي وبين انتقاض عرى الإسلام، واندراس الشعائر:
    لعله يهولك هذا العنوان، وما بين طرفيه من بون شاسع، ولعلك تخاله من المبالغات، وبخاصة أن كاتب هذه السطور ليس من أهل العلم، ولا عليه سيماه، ومن حقك أن تحجم عن هذه السطور، إن رأيت أنك لن تجد فيها ضالة منشودة، لكن، أن تنقلب شعيرة مطهرة إلى عراك سنوي لا في قطر بعينه، بل في العالم الإسلامي بعامة، وحين ينقلب بيان الحكم الشرعي إلى تهم بالتسييس، وبالفتاوى المستوردة، ويناصب المسلمين هذا الحكم الشرعي بالعداء تحت هذه الذرائع، اعلم أن المسألة ليست مجرد خلاف فقهي، بل الأمر أكبر من ذلك، فحين تهون أيها السلفي من شأن هذا الخلاف، وتحصره في دائرة الخلاف الفقهي فاعلم أنك جانبت الصواب يقينا، لا في تعويلك في المسائل التي فيها الخلاف معتبر، أو خلاف تنوع، بل في كونك صرت معولا في اندراس الشعائر، دريت أو لم تدرِ.
    لقد تعددت الرئاسات والهيئات الدينية، منها ما هو رسمي، ومنها ما يتبع أحزابا وجماعات، وتنوعت فتاويها بتنوع مناهجها وطريقتها في التفكير، وتبين بما لا يدع مجالا للشك أن المشبوه منها والمنحرف تتباين مواقفها وتتناقض في الفتاوى إذا ما امتحنت وابتليت بما يخالف توجهها، وبما يحقق مصالحها، وفي ثورات الخريف العربي بالذات لم يبق عذر لعاقل، وخطورة الأمر تكمن في وجود قاعدة عريضة من العوام تبعا لهؤلاء، يستنون بسنتهم، ويهتدون بهديهم، فإذا صادف قلب العامي الفارغ هوى مع أحد هؤلاء الأئمة المضلين، ثم بين لهذا العامي الحق أزبد وأرعد، فقد جئت تنتزع منه ما كان يعتقد بأنه الحق الزمان الطويل، ومسألة زكاة الفطر خير شاهد.
    يا ترى! لماذا يؤجج الصراع سنويا حول إخراج زكاة الفطر نقودا، لماذا فشا هذا المذهب مع أنه مرجوح من حيث النظر والاستدلال؟ كيف صار هو الحق الغالب في العالم الإسلامي؟ بل هو الدين كما يبينه الواقع اليوم؟ وصار الإطعام مرجوحا، إذا تمعنت في هذه الأسئلة لا بد أنك ستتجاوز زاوية التهوين بحجة الخلاف الفقهي، وسيجلو لك سر عنوان هذه السطور, (زكاة الفطر بين الخلاف الفقهي وانتقاض عرى الإسلام، واندراس الشعائر).
    قد لا تعجب ممن ينسبون إلى ما يسمى جماعة الحنابلة الجدد حين يجددون القول بحرمة الخروج عن المذاهب الأربعة، مع أن التحريم حكم شرعي يحتاج إلى دليل، قد لا تعجب من مفتٍ حمل نفسه عهدة مشاركة بعض أهل الكتاب فيما يسمى بالصلاة من أجل الإنسانية، أو حمل نفسه إجازة دفع الزكاة أو صدقة الفطر لمفوضية اللاجئين، قد لا تعجب من فوضى الفتوى ممن يتصدرون الساحة الدعوية، لأنهم على أصول فاسدة، والشيء من معدنه لا يستغرب.
    لكن الأدهى أن ينهض منتسب للسلفية ممن عليه سيما من سيماء طلب العلم فينبز إخوانه قليلي البضاعة في العلم بأن لديهم ضيق في الأفق، ولا يستوعبون الخلاف ولا ينتفعون بدراسة المذاهب، فهذا عجب، لا لشيء إلا أنهم قلدوا من تصدى لإحياء تقديم الدليل من أهل العلم، ومن ثمرات هذه الدعوى أن بعض من تأثروا بها صاروا ينبز بعضهم بعضا: أنت سلفي مالكي، أنت سلفي حنبلي، نعم، المذاهب الأربعة من مذاهب السلف، لكن الحق ليس منحصرا في بعضها دون بعض، ولا منحصرا فيها وحدها، كما قرره أهل العلم،
    وهذا آخر ينقل عمن سوى بين المعصوم والمجتهد, حيث ذهب هذا المتأخر في دفاعه عن المذهبية إلى أن أقوال العلماء لا بد أن يكون لها وجه من الاستدلال, علم ذلك أو لم يعلم، وآخر رأى وضوح المستقبل في نيل المناصب بالعناية بالمذاهب والشهادات، فتناوبت الوسائل والغايات على هذا الرأي بينهما في المنزلة، فأصبحت الغاية وسيلة، وآخر يقول: لا يجوز فتوى أهل البلد بخلاف المذهب الشائع عندهم، فإن كان مذهب البلد إخراج زكاة الفطر نقودا، فلا ينبغي إحداث فتنة، إلى أن يتفهم الناس مسألة تقديم الدليل! كل هذا يقوله منتسبون لمذهب السلف، وعندهم الحمية للحق في الدفاع عن مذهب السلف!
    الاختلاف سنة كونية أرادها الله عز وجل كونا، والأصل الاتفاق لا الاختلاف, { كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّةً وَٰحِدَةً فَبَعَثَ ٱللَّهُ ٱلنَّبِيِّۦنَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ ٱلْكِتَٰبَ بِٱلْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ ٱلنَّاسِ فِيمَا ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ ۚ وَمَا ٱخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا ٱلَّذِينَ أُوتُوهُ مِنۢ بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَٰتُ بَغْيًۢا بَيْنَهُمْ ۖ فَهَدَى ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِمَا ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ ٱلْحَقِّ بِإِذْنِهِۦ ۗ وَٱللَّهُ يَهْدِى مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَٰطٍۢ مُّسْتَقِيمٍ}.
    (البقرة - 213)، }
    والمطلوب إصابة السداد في الحق ومقاربته، والمسألة فيها إفراط وتفريط، فمصطلح الخلاف المعتبر صحيح في بابه وبضوابطه، ومن ذلك ألا يتناسى أن الحق واحد وليس بمتعدد، والموفق من أصاب ذلك الحق، وإصابة السداد في الحق أو مقاربته لا يعنى بها اعتبار كل ما حام حوله من وجوه الاستدلال.
    وكذلك المقاصد العامة، وجريان الشريعة بين درء المفسدة وجلب المصلحة كل ذلك صحيح معتبر، شريطة ألا يتنازل عن النص الصحيح الصريح في بابه فيضيع المقصد التعبدي بذلك النص، ويقع بقصد أو بدون قصد الاستدراك على الشارع في حكمه، أو أن يغلب على الحق في المسألة غيره، نعم، من دفع زكاة الفطر نقدا له سلف، ولعل ذمته تبرأ إن كان في بلد لم يصل إليه علم بالسنة أو قلد من ظن فيه الورع، هذا ليس المقصد، لكن، أن يهون من شأن الخلاف في زمن صار فيه الأصل وهو الإطعام مذهبا مستشنعا مستقبحا، يعتبره الناس تخلفا، وأحلوا المرجوح محله، فعندها لا يجمل بك أيها السلفي أن تهون من شأن الخلاف، فأنت تحيي سنة، وتصحح شعيرة إن لم تتداركها درست وانتقضت وهي من عرى الإسلام، لا يجمل بك أن تلبس السلفية لباس المذهبية في زمن ضعف فيه التعويل على الدليل، والفتوى فيه بتأثيم من خالف الأئمة الأربعة وإن كان معه الدليل، وتجد نفسك تبذر بذور الخلافيات من أجل الوصول إلى تلك المناصب فلا تستفيد منك السلفية نصرة في حين كان مقصدك أن تكون المناصب التي تسعى إليها سببا في نصرة السنة،.
    شتان بين زمنين، ففي زمن السلف وجد الخلاف بين أهل الحق في جملة من المسائل بدون أن يكون هناك عراك ممنهج تنتج عنه بغضاء، وكان الرد على المخالف دينا يتدين به لله عز وجل، أما اليوم فبعض الخلافيات التي تثار بقصد أو بغير قصد لتأجيج الرأي العام على الدين باسم الدين، ولتمييع الحق في بعض المسائل باسم المقاصد العامة للشريعة زعموا، بعض هذه المسائل تثار ليحفظ بها من كانت لهم رئاسات مكانتهم، ليس المقصد عندهم مصلحة الفقير، أو الدفاع عن أبي حنيفة وغيره، مع أنه لم يطعن على أبي حنيفة من قال بإخراج زكاة الفطر على الأصل، وكذلك قل في الذين يستميتون من أجل إحياء البدع تحت مسمى السنة الحسنة.
    التعامل مع الخلافيات في زمن ضعف السنة يختلف، فالانتصار للأصل الذي هو إخراجها طعاما ليس تفرقة بين المسلمين، ولا طعنا في القائلين بجواز إخراج النقود من إجلاء من قال به، ولا هو إضرار بالفقير، بل هو وقوف ضد بعض من يدعو إلى باطل يلبسه لباس الحق، وقوف مع إحياء السنن التي شرعها الله عز وجل وهو العالم بالمصلحة في كل زمان ومكان، وادعاء المصلحة في غيره وإن كان يشتبه على الناس أنه مصلحة افتيات على الشارع الحكيم، والوقوف مع الأصل الذي هو الإطعام وقوف على خط أمامي حتى لا تنتقض عرى الإسلام وتندرس الشرائع.
    ولذا مع هذه المسالك التي يسلكها بعض من عليه سيما من سيماء طلب العلم، أو من تشبه بهم من المنتسبين لمذهب السلف، وجب التنبيه على أمر لا ينبغي أن يغيب عن أولي الألباب.
    سؤال طرحه عمر بن الخطاب الذي إن كان في هذه الأمة محدثون فعمر، كيف تختلف هذه الأمة وكتابها واحد؟ ونبيها واحد؟ وقبلتها واحدة؟
    روى أَبُو عُبَيْدٍ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ (17 ـ 6) وَسَعِيدُ بْنُ منصور في سننه ـ تحقيق الحميد ـ برقم (42)، والبيهقي في شعب الإيمان (2086)، والخطيب البغدادي في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (1587)، عن إبراهيم التيمي أنه قال: "خَلَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ذَاتَ يَوْمٍ فَجَعَلَ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ، فَأَرْسَلَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: كَيْفَ تَخْتَلِفُ هَذِهِ الْأُمَّةُ، وَكِتَابُهَا وَاحِدٌ، وَنَبِيُّهَا وَاحِدٌ، وَقِبْلَتُهَا وَاحِدَةٌ؟ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، §إِنَّما أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْقُرْآنُ فَقَرَأْنَاهُ وَعَلِمْنَا فِيمَ نَزَلَ، وَإِنَّهُ يَكُونُ بَعْدَنَا أَقْوَامٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ ولَا يَعْرِفُونَ فِيمَ نَزَلَ، لكُلُّ قَوْمٍ فِيهِ رَأْيٌ، فَإِذَا كَانَ لِقَوْمٍ فِيهِ رَأْيٌ اخْتَلَفُوا، فَإِذَا اخْتَلَفُوا اقْتَتَلُوا " فَزَبَرَهُ عُمَرُ وَانْتَهَرَهُ فَانْصَرَفَ ابْنُ عَبَّاسٍ ثُمَّ دَعَاهُ بَعْدُ فَعَرَفَ الَّذِي قَالَ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا أَعِدْ.
    وقد أعل بعضهم الخبر بأن إبراهيم التيمي لم يدرك عمر، لكن له شاهد من مجمع معمر بن راشد 982 أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : قَدِمَ عَلَى عُمَرَ رَجُلٌ ، فَجَعَلَ عُمَرُ يَسْأَلُهُ عَنِ النَّاسِ ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، قَدْ قَرَأَ مِنْهُمُ الْقُرْآنَ كَذَا وَكَذَا ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَقُلْتُ : وَاللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنْ يَتَسَارَعُوا يَوْمَهُمْ هَذَا فِي الْقُرْآنِ هَذِهِ الْمُسَارَعَةِ ، قَالَ : فَزَبَرَنِي عُمَرُ ثُمَّ قَالَ : " مَهْ " قَالَ : فَانْطَلَقْتُ إِلَى أَهْلِي مُكْتَئِبًا حَزِينًا ، فَقُلْتُ : قَدْ كُنْتُ نَزَلْتُ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ مَنْزِلَةً ، فَلَا أُرَانِي إِلَّا قَدْ سَقَطْتُ مِنْ نَفْسِهِ ، قَالَ : فَرَجَعْتُ إِلَى مَنْزِلِي ، فَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِي حَتَّى عَادَنِي نِسْوَةُ أَهْلِي وَمَا بِي وَجَعٌ ، وَمَا هُوَ إِلَّا الَّذِي تَقَبَّلَنِي بِهِ عُمَرُ ، قَالَ : فَبَيْنَا أَنَا عَلَى ذَلِكَ أَتَانِي رَجُلٌ فَقَالَ : أَجِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، قَالَ : خَرَجْتُ فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ يَنْتَظِرُنِي ، قَالَ : فَأَخَذَ بِيَدِي ثُمَّ خَلَا بِي ، فَقَالَ : " مَا الَّذِي كَرِهْتَ مِمَّا قَالَ الرَّجُلُ آنِفًا ؟ " ، قَالَ : فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنْ كُنْتُ أَسَأْتُ ، فَإِنِّي أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ ، وَأَنْزِلُ حَيْثُ أَحْبَبْتَ ، قَالَ : " لَتُحَدِّثَنِّي بِالَّذِي كَرِهْتَ مِمَّا قَالَ الرَّجُلُ " ، فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَتَى مَا تَسَارَعُوا هَذِهِ الْمُسَارَعَةَ يَحِيفُوا ، وَمَتَى مَا يَحِيفُوا يَخْتَصِمُوا ، وَمَتَى مَا يَخْتَصِمُوا يَخْتَلِفُوا ، وَمَتَى مَا يَخْتَلِفُوا يَقْتَتِلُوا ، فَقَالَ عُمَرُ : " لِلَّهِ أَبُوكَ ، لَقَدْ كُنْتُ أُكَاتِمُهَا النَّاسَ حَتَّى جِئْتَ بِهَا " .
    فهذا يقوله ابن عباس في زمن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم متوافرون، والحرص على الاتباع مستوٍ على سوقه، ومع هذا يستشعر ذاك الخطر، مع أن الذي وقع ظاهره خير، وهو مسارعة الناس في القرآن حفظا، بدون فهم أو علم، البداية كانت ظاهرها خيرا، لكن مع التطور التدريجي للمراحل التي ذكرها ابن عباس سيلبس أهل الباطل باطلهم ثوب حق، حتى يصل الأمر إلى الاستدلال بالقرآن على إبطال صلاتين من خمس، كما في حديث أبي حذيفة عند الحاكم، وسيأتي ذكره.
    وأعظم من الاقتتال الذي سببه الاختلاف ما روى الإمام أحمد والحاكم وابن حبان عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
    "لَتُنْقَضَنَّ عُرى الإسلام عُروةً عروةً، فكلما انتقضت عُروةٌ تَشَبَّثَ الناسُ بالتي تليها، فأولُهنَّ نقضاً الحُكْمُ، وآخِرُهُنَّ الصلاةُ".
    رواه ابن حبان في "صحيحه".
    قال الشيخ الألباني في صحيح الترغيب والترهيب, 572[صحيح].
    ولن تنتقض عرى الإسلام دفعة واحدة، بل لا بد من تدرج في ذلك، ولكنه أمر عجيب، فكيف تنقض عرى الإسلام مع توافر العلماء، ومع وجود المجددين على رأس كلم مئة؟
    وجاء بيان شيء من ذلك الانتقاض لعرى الأسلام، كما في مستدرك الحاكم من حديث حذيفة رضي الله عنه موقوفا عليه، ففي كتاب الفتن والملاحم من المستدرك 8469 - حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، ثنا عبد الرحمن بن مهدي ، ثنا عكرمة بن عمار ، عن حميد بن عبد الله الفلسطيني ، حدثني عبد العزيز ابن أخي حذيفة ، عن حذيفة - رضي الله عنه - ، قال : " أول ما تفقدون من دينكم الخشوع ، وآخر ما تفقدون من دينكم الصلاة ، ولتنقضن عرى الإسلام عروة عروة ، وليصلين النساء وهن حيض ، ولتسلكن طريق من كان قبلكم حذو القذة بالقذة ، وحذو النعل بالنعل ، لا تخطئون طريقهم ، ولا يخطأنكم حتى تبقى فرقتان من فرق كثيرة فتقول إحداهما : ما بال الصلوات الخمس ، لقد ضل من كان قبلنا إنما قال الله - تبارك وتعالى - : وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل لا تصلوا إلا ثلاثا ، وتقول الأخرى : إيمان المؤمنين بالله كإيمان الملائكة ما فينا كافر ولا منافق ، حق على الله أن يحشرهما مع الدجال " " هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه .
    قال الشيخ حمود بن عبد الله التويجري في كتابه إتحاف الجماعة: "ورواه الحاكم في "مستدركه"، ولفظه: قال: «أول ما تفقدون من دينكم الخشوع، وآخر ما تفقدون من دينكم الصلاة، ولتنقضن عرى الإسلام عروة عروة، وليصلين النساء وهن حيض» (وذكر تمام الحديث) ".
    قال الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه". وبعضهم أعله بعبد العزيز ابن أخت حذيفة رضي الله عنه.
    وقد بوب الشيخ حمود رحمه الله بابا في كتابه السالف الذكر تحت عنوان, (ما جاء في نقض عرى الإسلام)، ابتدأه بحديث أبي أمامة السابق، وتكلم عن الحكم بالقوانين الوضعية، ثم قال:
    "وقد نقض الأكثرون أيضًا غير ذلك من عرى الإسلام؛ كما لا يخفى على من له أدنى علم ومعرفة؛ فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم".
    فيا للعجب، كيف قالوا عمن قبلهم إنهم كانوا على ضلال، وكيف استدلوا بالقرآن على أن الصلوات ثلاث، بل كيف ستصلي الحيض من النساء مع أن حكم صلاة الحائض في أثناء حيضتها معلوم للعامة، والخاصة، أين الأحاديث يومئذ؟ فإن كان هذا سيقع يوما فلا تعجب مما هو أدنى منه اليوم، حين يصير المذهب المرجوح في زكاة الفطر أصلا، وحين تشيع البدع تحت مسمى السنة الحسنة، والقرآن قائم، والحجة به قائمة، والأحاديث متوفرة بضغطة زر، وتأمل يا رعاك الله، هذا الكلام من الشيخ حمود رحمه الله، حيث ينسب نقض غير الحكم من عرى الإسلام الأخرى للأكثرين، مع أن العلماء متوافرون، ومنهم من الناس ملتفون من حولهم في زمنه، فكيف يقال في وقتنا هذا، وقد مات جماعة من هؤلاء العلماء؟ والعهد ما زال قريبا بهم، ثم تظهر أمثال هذه الأفكار في أوساط السلفيين؟!
    ثم قال الشيخ:
    "وعن فيروز الديلمي رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لينقضن الإسلام عروة عروة كما ينقض الحبل قوة قوة» .
    رواه الإمام أحمد، ورجاله ثقات.
    وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: «والذي نفس محمد بيده؛ لينقضن الإسلام عروة عروة، حتى لا يقال: الله، الله!» .
    رواه ابن أبي الدنيا.
    وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما: أنه قال: «لتتبعن أمر من كان قبلكم حذو النعل بالنعل، لا تخطئون طريقتهم ولا تخطئكم، ولتنقضن عرى الإسلام عروة عروة، ويكون أول نقضها الخشوع، حتى لا ترى خاشعًا» ....". الحديث.
    رواه الآجري في كتاب "الشريعة"".
    ثم ذكر أثر حذيفة الذي رواه الحاكم قبل هذا المنقول، ثم قال:
    "ورواه ابن وضاح، ولفظه: قال: «أول ما تفقدون من دينكم الأمانة، وآخر ما تفقدون الصلاة، ولتنقضن عرى الإسلام عروة عروة، ولتصلين نساؤهم حيضًا» .
    وعن أبي الطفيل عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما: "أنه أخذ حصاة بيضاء، فوضعها في كفه، ثم قال: إن هذا الدين قد استضاء إضاءة هذه الحصاة. ثم أخذ كفًا من تراب، فجعل يذره على الحصاة حتى واراها، ثم قال: والذي نفسي بيده؛ ليجيئن أقوام يدفنون الدين كما دفنت هذه الحصاة".
    رواه ابن وضاح في كتاب "البدع والنهي عنها".
    وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: أنه قال: «إن هذا الدين قد تم، وإنه صائر إلى نقصان، وإن أمارة ذلك: أن تقطع الأرحام، ويؤخذ المال بغير حقه، ويسفك الدماء، ويشتكي ذو القرابة قرابته ولا يعود عليه بشيء، ويطوف السائل بين الجمعتين لا يوضع في يده شيء، فبينما هم كذلك؛ إذ خارت خوار البقر، يحسب كل الناس أنما خارت من قبلهم، فبينما الناس كذلك؛ إذ قذفت الأرض بأفلاذ كبدها من الذهب والفضة، لا ينفع بعد ذلك شيء من الذهب والفضة» .
    رواه الحاكم في "مستدركه "، وقال: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
    وهذا الحديث والحديثان قبله لها حكم المرفوع؛ لأنه لا دخل للرأي في مثل هذا، وإنما يقال ذلك عن توقيف".
    وفي سنن الترمذي وغيره عن أبي الدرداء, قال: كنَّا معَ رسولِ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ- فشخصَ ببصرِهِ إلى السَّماءِ ثمَّ قالَ هذا أوانٌ يُختَلَسُ العِلمُ منَ النَّاسِ حتَّى لا يقدِروا منهُ علَى شيءٍ فقالَ زيادُ بنُ لَبيدٍ الأنصاريُّ كيفَ يُختَلَسُ العِلمُ منَّا وقد قَرأنا القرآنَ فواللَّهِ لنَقرأنَّهُ ولنُقرِئنَّهُ نساءَنا وأبناءَنا فقالَ ثَكِلَتكَ أمُّكَ يا زيادُ إن كُنتُ لأعدُّكَ مِن فُقَهاءِ أهلِ المدينةِ هذهِ التَّوراةُ والإنجيلُ عندَ اليَهودِ والنَّصارَى فَماذا تُغني عَنهم قالَ جُبَيرٌ فلَقيتُ عُبادةَ بنَ الصَّامتِ قلتُ ألا تسمَعُ إلى ما يقولُ أخوكَ أبو الدَّرداءِ فأخبَرتُهُ بالَّذي قالَه أبو الدَّرداءِ قالَ صدقَ أبو الدَّرداءِ إن شئتَ لأحدِّثنَّكَ بأوَّلِ عِلمٍ يُرفَعُ منَ النَّاسِ الخشوعُ يوشِكُ أن تدخُلَ مسجدَ جماعةٍ فلا ترَى فيهِ رجلًا خاشعًا.
    وأما الحديث الذي أخرجه ابن ماجه (4049)، والحاكم (4 / 473)، عن حذيفة مرفوعا: { " يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب حتى لا يدرى ما صيام ولا صلاة ولا نسك
    ولا صدقة وليسرى على كتاب الله عز وجل في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية
    وتبقى طوائف من الناس: الشيخ الكبير والعجوز، يقولون: أدركنا آباءنا على هذه
    الكلمة: " لا إله إلا الله " فنحن نقولها ".
    فحديث أشهر من نار على علم، قال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبي.
    وأليك ما علق به الشيخ الألباني رحمه الله على هذا الحديث تحت رقم 87، حيث قال: " وفي الحديث إشارة إلى عظمة القرآن، وأن وجوده بين المسلمين هو السبب لبقاء
    دينهم ورسوخ بنيانه وما ذلك إلا بتدارسه وتدبره وتفهمه ولذلك تعهد الله
    تبارك وتعالى بحفظه، إلى أن يأذن الله برفعه. فما أبعد ضلال بعض المقلدة
    الذين يذهبون إلى أن الدين محفوظ بالمذاهب الأربعة، وأنه لا ضير على المسلمين
    من ضياع قرآنهم لو فرض وقوع ذلك! ! هذا ما كان صرح لي به أحد كبار المفتين من
    الأعاجم وهو يتكلم العربية الفصحى بطلاقة وذلك لما جرى الحديث بيني وبينه
    حول الاجتهاد والتقليد.
    قال - ما يردده كثير من الناس -: إن الاجتهاد أغلق بابه منذ القرن الرابع!
    فقلت له: وماذا نفعل بهذه الحوادث الكثيرة التي تتطلب معرفة حكم الله فيها
    اليوم؟
    قال: إن هذه الحوادث مهما كثرت فستجد الجواب عنها في كتب علمائنا إما عن عينها
    أو مثلها.
    قلت: فقد اعترفت ببقاء باب الاجتهاد مفتوحا ولا بد!
    قال: وكيف ذلك؟
    قلت: لأنك اعترفت أن الجواب قد يكون عن مثلها، لا عن عينها وإذ الأمر كذلك،
    فلابد من النظر في كون الحادثه في هذا العصر، هي مثل التي أجابوا عنها، وحين
    ذلك فلا مناص من استعمال النظر والقياس وهو الدليل الرابع من أدلة الشرع،
    وهذا معناه الاجتهاد بعينه لمن هو له أهل! فكيف تقولون بسد بابه؟ !"

    ثم قال الشيخ: " أعود إلى إتمام الحديث مع المفتي الأعجمي، قلت له: وإذا كان الأمر كما
    تقولون: إن المسلمين ليسوا بحاجة إلى مجتهدين لأن المفتي يجد الجواب عن عين
    المسألة أو مثلها، فهل يترتب ضرر ما لو فرض ذهاب القرآن؟ قال: هذا لا يقع،
    قلت: إنما أقول: لو فرض، قال: لا يترتب أي ضرر لو فرض وقوع ذلك!
    قلت: فما قيمة امتنان الله عز وجل إذن على عباده بحفظ القرآن حين قال: (إنا
    نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) ، إذا كان هذا الحفظ غير ضروري بعد الأئمة
    ؟ !
    والحقيقة أن هذا الجواب الذي حصلنا عليه من المفتي بطريق المحاورة، هو جواب
    كل مقلد على وجه الأرض، وإنما الفرق أن بعضهم لا يجرؤ على التصريح به، وإن
    كان قلبه قد انطوى عليه. نعوذ بالله من الخذلان.
    فتأمل أيها القارىء اللبيب مبلغ ضرر ما نشكو منه، لقد جعلوا القرآن في حكم
    المرفوع، وهو لا يزال بين ظهرانينا والحمد لله، فكيف يكون حالهم حين يسرى
    عليه في ليلة، فلا يبقى في الأرض منه آية؟ ! فاللهم هداك". السلسلة الصحيحة ج1 174-175
    فلا عجب من أمثال هؤلاء والحالة هذه أن يقدموا المذهب المرجوح أو ينتصروا للبدعة باسم السنة الحسنة، لكن العجب منك أنت أيها السلفي، حين تنصرهم بحججك المذكورة أعلاه, بين الأجر والأجرين، هذا خلاف فقهي، من لم يدرس المذاهب فهو ضيق الأفق، لا ينبغي فتوى أهل البلد إلا بمذهبهم، ولا شك أن بعض هذه المقالات كما مر حق في بابها وبضوابطها، لكن، هل ينفع ذلك منك في زمن يريد أهل الباطل فيه أو الجهلى أن يحلوا الآراء محل السنن الثوابت؟ لا شك أنك حين تفعل ذلك تكون جزءا –دريت أو لم تدري—من منظومة اندراس الشعائر وتغيرها، وإن قلت أنك مدافع عن السنة ذاب عنها، والله أعلم.
يعمل...
X