المشاركة الأصلية بواسطة أبو عبد الرحمن علي المالكي
مشاهدة المشاركة
لكنَّ غيابَ السَّطرِ عنِ العيْنِ في المواضِعِ الَّتي تذكُرُها عنِ الكاتبِ باليمينِ أكثر منَ الكاتبِ باليسارِ ؛ وذلِكَ أنَّكَ تنقُلُ نظركَ منْ يَسَارِ القلمِ إلى يمينِه ، منْ ظهرِه إلى بطنِه ، واللَّامسُ صَفحةَ الورقةِ بطنُ القلمِ حيثُ يسيلُ الحبرُ ، فلعلَّكَ تنظرُ إلى الجهةِ المقابلةِ ، إلى ما بعدَ الخنصرِ ، فلا يظهرُ لكَ مسارُ القلمِ ، واللهُ أعلَمُ ، فأنتَ تحتاجُ إلى نقلِ نظرِكَ إلى الموضِعِ الَّذي ذكرتُه معَ إبعادِ الورقةِ قليلًا ، وسترىَ السَّطرَ وحركةَ القلمِ منَ الدَّاخلِ إلى الخارِجِ أفْضَلَ إن شاءَ اللهُ .
وأمَّا منْ يكتُبُ باليمينِ فنهاياتُ الحروفِ عندَه تختفي خلفَ عرضِ رأسِ القلمِ كما ذكرْتَ ؛ والسَّبَبُ في ذلِكَ أنَّ القلمَ حينَها يُدارُ إلى عكسِ جهةِ سَيْرِه ، بمعنى أنَّ سِنَّتَـه تُحرَّكُ حركةً دائريَّـةً إلى جهةِ اليَمينِ والقلَمُ يَسِيرُ كما قُلْنا إلى اليَسارِ ، وهنا أيضًا أمرٌ لعلَّه السَّببُ فيما ذكرْتَ :
كثيرٌ منَ النَّاسِ وحتَّى بعضُ الخطَّاطينَ يُديرُونَ رأسَ القلمِ في هذِه المواضِعِ إلى جهةِ اليَسارِ حتَّى ينتهيَ الجزءُ الحادُّ منَ الحرفِ بِسِنَّةِ القلمِ ويكونُ عرضُ القلمِ في آخرِ الحرفِ على الورقةِ بكاملِه ، سِنَّتُه إلى اليَسارِ والبطنُ إلى اليمينِ ، وهذَا التَّدويرُ لمخالفتِه ميلَ زاويةِ قطَّةِ قلمِ الخطِّ العربيِّ إلى اليمينِ ـ بِخلافِ قلمِ الخطِّ اللَّاتينيِّ أوِ الهنديِّ ونحوِهما ـ يشُقُّ على الكاتبِ ، ويُؤَدِّي إلى تقطُّعِ حركةِ القلمِ ، ولعلَّكَ إذا رأيتَ أحدًا يفعلُ هذَا تسمعُ صريفَ القلمِ وهو يعلُو حتَّى كأنَّ القلمَ يصيحُ ! وأذكرُ حينَ كنَّا صِغارًا في المدارِسِ كانُوا يعلِّموننا هكذا في دروسِ الخطِّ .
والصَّحيحُ أنْ تُديرَ القلمَ إلى جهةِ اليَمينِ ـ كعقاربِ السَّاعةِ ـ قليلًا ، وترفعَهُ شَيْئًا فشَيْئًـا حتَّى ينتهيَ الحرفُ بِرأسِ سنِّ القلمِ وباقي العرضِ مرفُوعٌ غيرُ ملامسٍ الورقةَ ، في حركةٍ انسيابيَّـةٍ ، ثمَّ تُجْرِي ما يُحتاجُ إليه من تعديلٍ ، والماهرُ رُبَّما لم يَحتجْ إلى إصلاحٍ ، وهذا الجزءُ يأتي بهذِه الطَّريقةِ أرشَقَ وأجملَ ، وأمَّا الطَّريقةُ الأولى فتؤَدِّي إلى يُبْسِه وجمودِه .
وهناكَ طريقةٌ ثالثةٌ ، وهيَ : أنْ تقِفَ في نهايةِ الخطِّ العريضِ وترسُمَ الجزءَ الحادَّ بسنَّـةِ القلمِ رسْمًا ، وهذَا هُو الموجُودُ في كراساتِ الخطِّ التعليميَّـةِ ، ولعلَّ بعْضَهمْ يُشِيرُ علَيْكَ باستِعْمالِ قلمينِ لهذَا الغرَضِ ، قلمٍ لكتابةِ الأجزاءِ العريضَةِ ، وآخر أرفعَ منهُ لرسمِ الأجزاءِ الرَّفيعةِ وللتَّشْكيلِ ، والنَّاسُ في ذلكَ مذاهبُ ، والخبيرُ في غُنيةٍ عنْ مثلِ هذا التكلُّفِ !
وفي انتظارِ إبداعاتِكَ .. وفَّقك الله ..
اترك تعليق: