إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

فوائد سلفية من كتاب مدارك النظر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [متجدد] فوائد سلفية من كتاب مدارك النظر

    بسم الله الرحمن الرحيم


    الفائدة الأولى ‎: الطريق واحد
    الفائدة الثانية : اتباع الكتاب والسنة على فهم السلف الصالح
    الفائدة الثالثة ‎: العهدة العمرية
    الفائدة الرابعة ‎: حكم تعدد الجماعات والأحزاب



    الطريق واحد

    اعلم -رحمك الله- أن الطريق الذي يضمن لك نعمة الإسلام واحد لا يتعدد؛ لأن الله كتب الفلاح لحزب واحد فقط فقال:(أُولَئكَ حِزْبُ اللّهِ ألا إِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ المُفْلِحُوْنَ)، وكتب الغلبة لهذا الحزب وحده فقال:(وَمَنْ يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُوْلَهُ وَالَّذِيْنَ ءامَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الغالِبُونَ).
    ومهما بحثت في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلّم، فلن تجد تفريق الأمة في جماعات وتحزيبها في تكتلات إلا مذموماً، قال الله تعالى:(وَلا تَكُونُوا مِنَ المُشْرِكِيْنَ، مِنَ الَّذِيْنَ فَرَّقُوا دِيْنَهُمْ وكانُوا شِيَعَاً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ)، وكيف يقر ربنا عز وجل أمة على التشتت بعدما عصمها بحبله، وهو يبرئ نبيَّه صلى الله عليه وسلّم منها حين تكون كذلك وتوعَّدها عليه فيقول:(إِنَّ الَّذِيْنَ فَرَّقُوا دِيْنَهُمْ وكانُوا شِيَعَاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَفْعَلُوْنَ).
    وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال:" خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم خطاً، ثم قال:(هذا سبيل الله)، ثم خط خطوطاً عن يمينه وعن شماله، ثم قال:(هذه سبل، وعلى كل سبيل منها شيطان يدعو إليه)، ثم قرأ:(وأَنَّ هذا صِراطِيْ مُسْتَقِيْماً فاتَّبِعُوهُ ولا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيْلِهِ)"رواه أحمد وغيره وهو صحيح.
    فدل هذا الحديث بنصه على أن الطريق واحد، قال ابن القيم:"وهذا لأن الطريق الموصل إلى الله واحد، وهو ما بعث به رسله وأنزل به كتبه، ولا يصل إليه أحد إلا من هذه الطريق، ولو أتى الناس من كل طريق واستفتحوا من كل باب، فالطرق عليهم مسدودة، والأبواب عليهم مغلقة،إلا من هذا الطريق الواحد، فإنه متصل بالله موصل إلى الله".التفسير القيم
    قلت: ولكن كثرة بُنَيّاته العاديات تشكك فيه وتُخذِّل عنه، وإنما انحرف عنه من انحرف من الفرق استئناساً بالتعدد، وتوحُّشاً من التفرد، واستعجالاً للوصول، وجُبْناً عن تحمل الطول؛ قال ابن القيم:" من استطال الطريق ضعُف مشيُه".
    والله المستعان.
    نقلاً عن الكتاب القيم "مدارك النظر في السياسة"
    لصاحبه: عبد المالك رمضاني الجزائري


    منقول
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو الحسين عبد الحميد الصفراوي; الساعة 04-Apr-2011, 11:50 PM.

  • #2
    نتمنى لو يستكمل هذا العمل من صاحب الموضوع أو من غيره ـ وفقكم الله ـ
    كتبه أخوكم شـرف الدين بن امحمد بن بـوزيان تيـغزة

    يقول الشيخ عبد السلام بن برجس رحمه الله في رسالته - عوائق الطلب -(فـيا من آنس من نفسه علامة النبوغ والذكاء لا تبغ عن العلم بدلا ، ولا تشتغل بسواه أبدا ، فإن أبيت فأجبر الله عزاءك في نفسك،وأعظم أجر المسلمين فـيك،مــا أشد خسارتك،وأعظم مصيبتك)

    تعليق


    • #3
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

      جزاكِ الله خيرًا أختي أم عفاف واسمحي لي بإدراج بعض الفوائد من كتاب مدارك النظر
      أسأل الله الإخلاص والقبول، وأن ينفع بها المسلمين.
      ---------

      الأصل الثاني:

      اتباع الكتاب والسنة على فهم السلف الصالح (1 ):


      إنَّ الذي لم يختلف فيه المسلمون قديماً وحديثاً هو أن الطريق الذي ارتضاه لنا ربنا هو طريق الكتاب والسنة، فإليه يَرِدون ومنه يصدرون، وإن اختلفوا في وجوه الاستدلال بهما.

      ذلك؛ لأنَّ الله ضَمِن الاستقامة لمتبع الكتاب فقال على لسان مؤمني الجن:
      {يا قَوْمَنَا إنَّا سَمِعْنا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الحَقِّ وإلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ}.

      كما ضَمِنها لمتبع الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذي قال له ربه: {وإنَّكَ لَتَهْدِي إلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}.

      لكن الذي جعل الفرق الإسلامية تنحرف عن الصراط هو إغفالها ركناً ثالثاً جاء التنويه به في الوحيين جميعاً،
      ألاَ وهو فَهْمُ السلف الصالح للكتاب والسنة.

      وقد اشتملت سورة الفاتحة على هذه الأركان الثلاثة في أكمل بيان:

      فقوله تعالى:{اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ}
      اشتمل على ركني الكتاب والسنة، كما سبق.

      وقوله: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}
      اشتمل على فهم السلف لهذا الصراط،
      مع أنه لا يشكّ أحد في أن من التزم بالكتاب والسنة
      فقد اهتدى إلى الصراط المستقيم، إلا أنه لما كان فَهْم الناس للكتاب والسنة منه الصحيح ومنه السقيم،
      ، اقتضى الأمرُ ركْناً ثالثاً لرفع الخلاف،
      ألا وهو تقييدُ فَهْم الأخلاف بِفَهْم الأسلاف؛
      قال ابن القيم: " وتأمل سراً بديعاً في ذِكْر السبب والجزاء للطوائف الثلاثة بأوجز لفظ وأخصره؛ فإن الإنعام عليهم يتضمن إنعامه بالهداية التي هي العلم النافع والعمل الصالح"([1]).

      وقال: " فكلُّ من كان أعرف للحق وأتبع له كان أولى بالصراط المستقيم، ولا ريب أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - و رضي الله عنهم هم أولى بهذه الصفة من الروافض ...

      ولهذا فسَّر السلف الصراط المستقيم وأهله بأبي بكر وعمر وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
      "([2]

      وفي هذا تنصيص منه ـ رحمه الله ـ على أن أفضل من أنعم الله عليه بالعلم والعمل هم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنهم شَهِدوا التنزيل، وشاهَدوا من هدي الرسول الكريم ما فهموا به التأويل السليم،
      كما قال ابن مسعود - رضي الله عنه -:
      " من كان منكم مُسْتَنًّا فلْيستنَّ بمَن قد مات، فإن الحيّ لا تُؤْمَن عليه الفتنة،
      أولئك أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -، كانوا أفضل هذه الأمة، وأبرَّها قلوباً، وأعمقها عِلْماً، وأقلّها تكلُّفاً،
      قوم اختارهم الله لصحبة نبيّه وإقامة دينه،
      فاعرفوا لهم فضلهم، واتَّبِعوهم في آثارهم،
      وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم ودينهم؛ فإنهم كانوا على الهدي المستقيم "([3]).


      ---------------------
      ([1]) ((مدارج السالكين )))1/13).

      ([2]) المصدر السابق (1/72ـ73)، وقد صحّ هذا التفسير موقوفاً على أبي العالية والحسن، ذكره ابن حبان في (( الثقات )) (6/229) تعليقاً، ووصله ابن نصر في (( السنة )) (27) وابن جرير في (( تفسيره )) (184) وابن أبي حاتم في (( تفسيره )) (1/21ـ22) والحاكم (2/259) وصحَّحه هو والذهبي، وانظر أيضًا (( الإمامة والردّ على الرافضة )) لأبي نعيم (73)، فقد ورد فيه مثله عن ابن مسعود t.

      ([3]) أخرجه بنحوه ابن عبد البر في (( جامع البيان )) (2/97) وأبو نعيم في (( الحلية )) عن ابن عمر (1/305).

      المصدر
      كتاب
      ( مدارك النظر في السياسة بين التطبيقات الشرعية والانفعالات الحماسية )

      [ صـ 27- 29 ]
      للشيخ عبد المالك رمضاني الجزائري


      يتبع إن شاء الله تعالى

      التعديل الأخير تم بواسطة أم ميمونة السلفية; الساعة 10-Feb-2011, 05:04 AM. سبب آخر: إضافة أرقام الصفحات التي تم النقل منها للتوثيق

      تعليق


      • #4
        فوائد من مقدمة وتمهيد كتاب مدارك النظر

        جاء في نهاية تقريظ الشيخ عبد المحسن العباد لهذا الكتاب قوله:

        "...وفي الختام أوصي بقراءة هذا الكتاب والإستفادة منه.."


        فوائد من المقدمة ومن التمهيد

        1ـ قال محمد البشير الإبراهيمي رحمه الله:"أوصيكم بالإبتعاد عن هذه الحزبيات التي نجم بالشر ناجمها، وهجم ـ ليفتك بالخير والعلم ـ هاجمها، وسَجَم على الوطن بالملح الأُجاج ساجِمُها، إن هذه الأحزاب كالميزاب، جمع الماء كدراً وفرقه هدراً، فلا الزلال جمع ، ولا الأرض نفع!"

        2ـ وتحذيراً من مسالك الثوار:

        قال ابن خلدون رحمه الله:"ومن هذا الباب أحوال الثوار القائمين بتغيير المنكر من العامة والفقهاء فإن كثيراً من المنتحلين للعبادة وسلوك الذين يذهبون إلى القيام على أهل الجور من الأمراء داعين إالى تغيير المنكر والنهي عنه والأمر بالمعروف رجاء الثواب عليه من الله فيكثر أتباعهم والمتشبّثون بهم من الغوغاء والدهماء ويعرِّضون أنفسهم في ذلك للمهالك وأكثرهم يهلكون في تلك السبيل مأزورين غير مأجورين لأن الله سبحانه لم يكتب ذلك عليهم..."


        3ـ قال ابن القيم رحمه الله: "فالنعمة المطلقة هي المتصلة بسعادة الأبد وهي نعمة الإسلام والسنة"

        4ـ قال أبو العالية ـ رحمه الله ـ :" قرأت المُحكم بعد وفاة نبيكم صلى الله عليه وسلم بعشر سنين فقد أنعم الله على بنعمتين لا أدري أيهما أفضل: أن هداني للإسلام، ولم يجعلني حرورياً!!".

        يريد نعمة الهداية إلى الإسلام من بين الملل الكافرة ونعمة الهداية إلى السنة من بين الطوائف المبتدعة وكانت بدعة الخوارج الحروريين أشدها خطفاً للقلوب وترويعاً للمسلمين! والله العاصم.


        ملاحظة:كل ما أدرجه في هذ الفوائد هو من كلام المؤلف أو نقولاته.

        يتبع بإذن الله

        تعليق


        • #5

          في طبعة مُتقدمة عن الطبعات الأولى للكتاب أضاف المؤلف نفع الله به أشياء على أصول أهل الأثرالتي ذكرها في بداية كتابه وأفرد لها كتاباً مستقلا أسماه "ست درر من أصول أهل الأثر"ورتبها كالآتي:
          الأصل الأول: إخلاص الدين لله
          الأصل الثاني: الطريق واحد
          الأصل الثالث: طريق الكتاب والسنة على فهم السلف الصالح
          الأصل الرابع: نيل السؤدد بالعلم
          الأصل الخامس: الرد على المخالف من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
          الأصل السادس: التصفية والتربية


          وهذه فوائد من الأصل الأول: إخلاص الدين لله



          1ـ قال ابن القيم رحمه الله: "التوحيد مفتاح دعوة الرسل..."وذكر بعده حديث معاذ السابق.(يقصد المؤلف حديث معاذ حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن)،
          وهو دعوتهم جميعاً عليهم الصلاة والسلام فلا وسّع الله صدراً ضاق بذلك ذرعاً!

          قال الله تعالى: "لقد أرسلنا نوحاً إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره"}الأعراف59{.
          وقال: "وإلى عاد أخاهم هوداً قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره"}الأعراف65{
          وقال: "وإلى ثمود أخاهم صالحاً قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره"}الأعراف73{
          وقال: "وإلى مدين أخاهم شعيباً قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره"}الأعراف85{...
          وهكذا مهما اختلفت الأمم وتباينت مشاكلها فإن الدعوة إلى التوحيد هي الأصل سواء كانت مشكلتهم اقتصادية كما في أهل مدين أو كانت خلقية كما في قوم لوط عليه الصلاة والسلام.
          ولست بحاجة إلى أن أقول: أو كانت سياسية لأنَّ جميع هؤلاء الشعوب لم يكونوا يحكمون بما أنزل الله.

          ولا يجوز ان يخبو نور هذه الدعوة المباركة زمناً ما بزعم إستتباب التوحيد في قلوب الناس، ألم تسمع جؤار إمام الموحدين إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام وقد خاف على نفسه الشرك فقال: "ربِّ اجعل هذا بلداً آمناً واجنبني وبنيَّ أن نعبدَ الأصنام ربِّ إنهن أضللن كثيراً من الناس"{إبراهيم 36 }.


          2ـ ...قال جرير بن عبد الله رضي الله عنه: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا تُريحُني من ذي الخَلَصة؟ قلت: بلى....(وذكر المؤلف الحديث بطوله إلى أن قال:)
          قال ابن حجر عند قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا تُريحُني":
          "المراد بالراحة راحة القلب وما كان شيءٌ أتعب لقلب النبيِّ صلى الله عليه وسلم من بقاء ما يُشرك به من دون الله تعالى"....
          فكيف استراحت قلوب دعاة يعلِّمون الناسَ الزهدَ أو الأخلاقَ أو السياسةََ أو غيَرها في مساجد بُنيت على أضرحة ولا يحركون ساكناً بل ربما تحرك ساكن من غيرهم غَيرةً على جَناب التوحيد فقاموا مشاغبين: يفرِّق الأمة! متسرع وليس بحكيم! سَلِم منه الشيوعيون ولم يَسْلَم منه الصالحون حتى وهم موتى...!
          فأين الإخلاص؟! وأين هم أهله؟!.


          3 ـ ..ولذلك جرت عادة الله في عباده أن من عاش على التوحيد الخالص ولم يدنسه بشبهات أهل التأويل والتعطيل والتمثيل، توفاه الله عليه لا سيما من كان منهم داعية إليه ذاباً عنه....

          ومما لا أكاد أنساه وصيّةُ شيخنا محمد أمان الجامي رحمه الله فقد ذكر لنا من حضره من مشايخنا وغيرهم أنه كان يقول في سياقات الموت: "العقيدة! العقيدة! أوصيكم بذلك". ونِعْمَ الميتة هذه! فقد عاش الشيخ للتوحيد ولا يكاد يُعرف له كلامٌ إلا في التوحيد والدفاع عنه فختم الله له به حيث جعله وصيته من بعده كما فعل الخليل إبراهيم وبنوه عليهم الصلاة والسلام.


          4 ـ ..وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما جٌعل الرِّفق في شيءٍ إلا زانه وما نُزع من شيءٍ إلا شانه"
          قال أبو عثمان(سعيد بن إسماعيل رحمه الله): "والعجلة إتباع الهوى، والرفق إتباع السنة، فإذا فرغت من عملك وَجِلَ قلبك خوفاً من الله أن يرد عليك عملك فلا يقبله منك، قال الله تعالى: "والذين يؤتون ما ءاتوا وقلوبهم وَجِلةٌ أنهم إلى ربهم راجعون"}المؤمنون{48 ..."
          وتأمل كيف جعل الرفق هو إتباع السنة وذلك أن النفس تهوى أشياء إذا هَوِيَتْها طلبَتْها عل عجل لأن حظها فيه وهذا الهوى لا يَكسِر سَوْرَتَه إلا التأنِّي وبالتأنِّي يتمكن المرء من مراقبة عمله بعين السنة كي يوافق الحق لا بعين الهوى ولذلك قال إبراهيم الخواص " العجلة تمنع من إصابة الحق".

          يتبع بإذن الله

          تعليق


          • #6
            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

            أكمل إن شاء الله وأسأل الله الإخلاص والقبول
            آمين

            فوائد من الأصل الثاني وهو:
            اتباع الكتاب والسنة على فهم السلف الصالح


            إذًا فالمسلمون المقصودون لابن مسعود هم الصحابة - رضي الله عنهم -؛ قال الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ:
            " أصول السنة عندنا التمسُّك بما كان عليه أصحاب رسول الله
            - صلى الله عليه وسلم - والاقتداء بهم "([1]).

            ومَن حظيَ برضى الله مِن بعدهم فلاقتدائه بهديهم،
            قال الله تعالى:
            {
            والسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ المُهاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}([2]).

            وقد جاء تحديد زمن السلف الذين لا تجوز مخالفتهم بإحداث فهْم لم يفهموه،
            في حديث ابن مسعود قال:
            قال رسول الله
            - صلى الله عليه وسلم -:
            خيرُ الناسِ قَرْني، ثم الَّذين يَلُونَهم، ثم الَّذين يَلُونَهم، ثم يجيءُ قومٌ تَسبقُ شهادةُ أحدهم يمينَه، ويمينُه شهادتَه ([3]) متفق عليه.

            ------------

            ([1]) (( شرح أصول اعتقاد أهل السنة )) للالكائي رقم (317) وانظر (( الشريعة )) للآجري ص (14).

            ([2]) انظر تخريج استدلال مالك بهذه الآية في إعلام الموقعين لابن القيّم (4/94ـ95).

            ([3]) ومن ارتاب في عدد القرون فليرجع إلى الصحيحة للألباني رقم (700).

            ---------------------------

            ولهذا الأصل نظائر وأدلة من الكتاب والسنة،
            منها قول الله تعالى:
            {
            ومَن يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى ونُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً}،
            والشاهد هنا في ضمّ مجانبة سبيل المؤمنين إلى مشاقَّة الرسول لاسْتحقاق هذا الوعيد الشديد،
            مع أن مشاقَّة الرسول
            - صلى الله عليه وسلم - وحده كفيلةٌ بذلك
            ومنها ما رواه أبو داود وغيره بسند صحيح لغيره عن العرباض بن سارية قال: وعظنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موعظة بليغة،
            ذرَفت منها العيون ووجِلت منها القلوب،
            فقال قائل: يا رسول الله!
            كأن هذه موعظة موَدِّع فماذا تعهد إلينا؟
            فقال:
            أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإنْ عبداً حبشيًّا؛ فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسَّكوا بها وعَضّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدَثة بدعة، وكل بدعة ضلالة .
            والشاهد هنا في الجمع بين اتباع السنة النبوية وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، ثم تأمل كيف جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - كلمته هذه وصيّته لأمته من بعده
            لتعلم صدق القول بأصالة هذا المنهج،
            ثم تأمل كيف قابل الاختلاف بالتزام هذا المنهج لتعلم أن ضابط ( فَهْم السلف الصالح )
            سبب النجاة من التفرُّق،
            قال الشاطبيّ ـ رحمه الله ـ: " فقرن - عليه السلام ـ كما ترى ـ سنّة الخلفاء الراشدين بسنّته، وأن مِن اتّباع سنّته اتّباع سنّتهم، وأن المحدثات خلاف ذلك،
            ليست منها في شيء؛ لأنهم
            رضي الله عنهم فيما سَنُّوا: إمّا متَّبِعون لسنّة نبيّهم عليه السلام نفسها،
            وإمّا متّبِعون لما فهموا من سنّته
            - صلى الله عليه وسلم -
            في الجملة والتفصيل على وجه يخفى على غيرهم مثلُه،
            لا زائدة على ذلك "
            ([1]).
            --------------

            ([1]) الاعتصام (1/104).

            --------------------

            تنبيه

            إذا اختلف سلفنا الصالح في مسألة ما كان تحكيم الدليل من الكتاب والسنة هو المسلك الوحيد،
            لقول الله تعالى:
            {فإن تَنَازَعْتُمْ في شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}،
            وكلمة {شَيْءٍ} هنا نكرةٌ في سياق الشَّرط،
            فتَعُمّ كل اختلاف التضاد في الأصول والفروع،
            كما أشار إليه العلاّمة محمد الأمين الشنقيطي
            ([1]).



            وقال ابن القيم:
            " ولو لم يكن في كتاب الله وسنة رسوله بيانُ حُكْمِ ما تنازَعوا فيه ولم يكن كافياً، لم يَأمر بالرَّدِّ إليه؛ إذ مِن الممتنِع أن يَأمر تعالى بالرَّدّ عند النزاع إلى مَن لا يوجَدُ عنده فَصْلُ النزاع "([2]).

            -----------------
            ([1]) أضواء البيان (1/333).
            ([2]) إعلام الموقعين (1/49).

            ------------------------

            تم تلخيص هذه الفوائد
            من الصفحات[ 29- 35 ]
            انتهى الأصل الثاني


            يتبع إن شاء الله تعالى


            تعليق


            • #7
              فوائد من الأصل الثاني (الطريق واحد)

              أرجو التنبه إلى أني أنقل هذه الفوائد من الطبعات المتأخرة للكتاب التي أضاف إليها المؤلف وغيّر بعض عناوين أصول أهل الأثر في بداية الكتاب.

              فوائد من الأصل الثاني (الطريق واحد):

              1ـ قال ابن بطة في بيان سبب إجتماع كلمة السلف على عقيدة واحدة:
              (فلم يزل الصََّدرُ الأول على هذا جميعاً على ألفة القلوب وإتفاق المذاهب: كتاب الله عصمتُهم وسنة المصطفى إمامُهم لا يستعملون الآراء ولا يفزعون إلى الأهواء فلم يزل الناس على ذلك والقلوب بعصمة مولاها محروسة والنفوس عن أهوائها محبوسة). (الإبانة)...
              وهذا الطريق الذي ندعو الناس إليه هو أوضح الطرق وأبينها وأغناها وأكملها...وإذا حاول المرء تكميله أو تزيينَه بما لم يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه فإنما يعرِّج بهم في طرقات بل في أودية المهالك وهذا الذي سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم: " البدعة الضلالة ".


              2ـ وقد بلغ من تعظيم سلفنا للسنة أنهم كانوا يَعرِضُون على السَّيف من يَرُدُّ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كما فعل الشافعي وقد شكا بشراً المريسي إلى القاضي أبي البختري قال رحمه الله: " ناظرت المريسي في القرعة(1) فقال _أى المريسي _: ياأبا عبد الله هذا قمار!! فأتيت أبا البختري فقلت له: سمعت المريسي يقول: القرعة قمار! قال يا أبا عبد الله شاهد آخر وأقتله، وفي رواية: " شاهد آخر وأرفعه على الخشبة وأصلبه".
              _ _ _ _ _ _ _ _ _
              (1) هو ما رواه عمران بن حصين: " أن رجلاً أعتق ستة مملوكين له عند موته ولم يكن له مال غيرهم فدعا بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فجزَّأهم ثلاثاً ثم أقرع بينهم فأعتق إثنين وأرَقَّ أربعة وقال له قولاً شديداً". رواه مسلم(1668).

              تعليق


              • #8
                فوائد من الأصل الرابع: &quot;نيل السؤدد بالعلم &quot;

                قال المؤلف: هذا الفصل من أنفس ما في هذه الأصول الستة.

                فوائد من الأصل الرابع (نيل السؤدد بالعلم):


                1ـ وفي كتاب الله U آيتان تشابهتا في اللفظ، يقول الله في الأولى عن إبراهيم e: {وتِلْكَ حُجَّتُنا ءَاتَيْنَاها إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَن نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ}، وفي الثانية يقول عن يوسف e: {نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَن نَشاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ}،
                وفي هذا سرٌّ بديعٌ من أسرار الكتاب العزيز، ذكره ابن تيمية في كلام نفيس جدًّا، حيث يقول:
                " ذَكَر اللهُ أنه يرفع درجات من يشاء في قصة مناظرة إبراهيم وفي قصة احتيال يوسف، ولهذا قال السلف: بالعلم؛ فإن سياق الآيات يدلّ عليه، فقصة إبراهيم في العلم بالحجة والمناظرة لدفع ضرر الخصم عن الدين، وقصة يوسف في العلم بالسياسة والتدبير لتحصل منفعة المطلوب، فالأول: علم بما يدفع المضار في الدين، والثاني: علم بما يجلب المنافع.
                أو يقال: الأول: هو العلم بما يدفع المضرة عن الدين ويجلب منفعته، والثاني: علم بما يدفع المضرة عن الدنيا ويجلب منفعتها.
                أو يقال: قصة إبراهيم في علم الأقوال النافعة عند الحاجة إليها، وقصة يوسف في علم الأفعال عند الحاجة إليها، فالحاجة جلب المنفعة ودفع المضرة قد تكون إلى القول، وقد تكون ...([1])
                ولهذا كان المقصِّرون عن علم الحجج والدلالات وعلم السياسة والأمارات مقهورين مع هذين الصنفين، تارة بالاِحتياج إليهم إذا هجم عدوّ يفسد الدين بالجدل أو الدنيا بالظلم، وتارة بالاحتياج إليهم إذا هجم على أنفسهم من أنفسهم ذلك، وتارة بالاحتياج إليهم لتخليص بعضهم من شرّ بعض في الدين والدنيا، وتارة يعيشون في ظلهم في مكان ليس فيه مبتدع يستطيل عليهم ولا والٍ يظلمهم، وما ذاك إلا لوجود علماء الحجج الدامغة لأهل البدع، والسياسة الدافعة للظلم ...(2)
                فدار أمر الرئاسة الدينية والدنيوية على العلم؛ لأنه أصل لهما،
                ولذلك قال ابن تيمية ـ أيضا ـ: " وذلك أن الله يقول في كتابه: {لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنَا بِالبَيِّناتِ وأَنزَلْنَا مَعَهمُ الكِتابَ والمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالقِسْطِ وأَنزَلْنَا الحَدِيدَ فيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ ومَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالغَيْبِ}، فأخبر أنه أنزل الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط، وأنه أنزل الحديد كما ذكره.
                فقوام الدين بالكتاب الهادي والسيف الناصر {وكَفَى بِرَبِّكَ هادِياً وَنَصِيراً}، والكتابُ هو الأصلُ، ولهذا أول ما بعَث اللهُ رسولَه أنزل عليه الكتاب، ومكث بمكة لم يأمره بالسيف حتى هاجر وصار له أعوانٌ على الجهاد "(3)
                _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
                ([1]) بياض بالأصل.
                ([2]) مجموع الفتاوى (14/493ـ494).
                ([3]) مجموع الفتاوى (28/234).
                وأحبّ أن أُ نبِّه القاريء هنا إلى أنني وجدتُ مَن ابتُلي بفكر ثوري يَبْتر كلام ابن تيمية هذا عند آية الفرقان؛ لأن ما بعدها يُحَطِّم له المراد من استغلال كلام الشيخ! فتنبّه!

                تعليق


                • #9
                  تابع فوائد من الأصل الرابع: نيل السؤدد بالعلم

                  2ـ ... إذن فالذين يتصوّرون قيام دولة الإسلام بمجرد عاطفةٍ إسلامية، وفكرٍ مجـرّد عن حـجّـة الشـرع يسمّونـه فكـراً إسلاميًّا! ونتفٍ من العلم يسمونها ( ثقافةً إسلاميةً!)، وأن التعليم مرحلة قادمة بعدها، فهؤلاء طالبو سراب؛ لأنهم يتخيَّلونها بلا قوة ولا أسباب، وأُولى القوّتين قوةُ الدين الذي عليه وعد الله المؤمنين بالنصر فقال: {وكان حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ المُؤْمِنِين}؛


                  ولهذا قال ابن القيم: " ولما كان جهادُ أعداء الله في الخارج فرعاً على جهاد العبد نفسَه في ذات الله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "المجاهِدُ من جاهَدَ نفسَه في طاعة الله، والمهاجِرُ من هجَرَ ما نهى اللهُ عنه".(1)كان جهاد النَّفْس مُقَدَّماً على جهاد العدوّ في الخارج وأصلاً له؛ فإنه مَن لم يجاهد نفسَه أولاً لتفعل ما أُمِرَت به وتترك ما نُهيَت عنه ويحارِبْها في الله، لم يمْكِنْهُ جهادُ عدوِّه في الخارج، فكيف يمكنه جهاد عدوِّه والانتصاف منه، وعدوُّه الذي بين جنبيه قاهرٌ له، متسلِّطٌ عليه، لم يجاهده ولم يحاربه في الله؟! بل لا يمكنه الخروج إلى عدوِّه حتى يجاهد نفسه على الخروج.
                  فهذان عدوّان قد امتُحِن العبدُ بجهادهما، وبينهما عدوٌّ ثالثٌ، لا يمكنه جهادهما إلا بجهاده، وهو واقفٌ بينهما يُثبِّطُ العبدَ عن جهادهما ويُخذِّلُه ويُرجِف به، ولا يزال يخيِّل له ما في جهادهما من المشاقِّ وترك الحظوظ وفَوْت اللذات والمشتهيات، ولا يمكنه أن يجاهد ذَيْنك العدوَّيْن إلا بجهاده، فكان جهاده هو الأصل لجهادهما، وهو الشيطان، قال تعالى: {إنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا}، والأمر باتخاذه عدوًّا تنبيهٌ على استفراغ الوُسْع في محاربته ومجاهدته، كأنه عدوٌّ لا يفْتُر ولا يقصر عن محاربة العبد على عدد الأنفاس " (2)
                  _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
                  ([1]) رواه أحمد (3/21) وغيره وهو صحيح.
                  ([2]) زاد المعاد (3/6).


                  3 ـ وقال ابن القيم: " تاالله! ما عَدَا عليك العدوُّ إلا بعد أن تَوَلَّى عنك الوَلِيُّ، فلا تظنّ أن الشيطان غَلَبَ ولكن الحافظ أَعْرَض ".

                  وقد عرفتَ أنك تُحْرَم ولاءَ ربك إذا تركتَ المأمور وركبتَ المحظور، كما أنك منصور بحفظك اللهَ في أمره ونهيه، فعاد الأصل إلى العلم؛ لأنه لا يُعرَف الأمر والنهي إلا به.




                  يتبع بإذن الله


                  تعليق


                  • #10
                    تابع فوائد من الأصل الرابع:نيل السؤدد بالعلم

                    * كَثُرَ النقل من هذا الأصل لغزارة فوائده *



                    4ـ روى البخاري ومسلم عن الزبير بن عدي قال: دخلنا على أنس بن مالك قال: فشكونا إليه ما نَلقى من الحَجَّاج، فقال: ما مِن عامٍ إلاَّ والَّذي بعده شرٌّ منه حتى تَلْقَوْا ربَّكم ، سمعتُ هذا من نبيّكم.
                    أخرج يعقوب بن شيبة من طريق الشعبي عن مسروق عن عبد الله بن مسعود قال:
                    " لا يأتي عليكم زمان إلا وهو شرّ مما كان قبله، أمَا إني لا أعني أميراً خيراً من أمير، ولا عاماً خيراً من عام، ولكن علماؤكم وفقهاؤكم يذهبون ثم لا تجدون منهم خلفاء، ويجيء قوم يُفتون برأيهم " .

                    ولو تأمَّلتَ فتنةَ الحركات الإسلامية - فضلاً عن غيرها - لوجدتَها مجموعة في هاتين النعرتين: تصوُّرُ أن خيريَّة أمة على أخرى تابعة لخيريَّة حكّامها، أو وفرة اقتصادها؛ ألا ترى أن أكثرهم لا يرُدّون من عرش الملك يَدَ لامِس، ولو كانت طَماعة من ديمقراطية الوساوس! وآخرين يرون أن عودة عزّ المسلمين مرهونة بالتفوق الحضاري، ولذلك لا يبْرَحون عليه عاكفين!
                    وهذا يبيِّن لك سرّ عناية ابن مسعود بمعالجتهما دون غيرهما، وتالله إنه لفقه النفس الذي فتح الله به عليه، فلْتعرف ـ أخا الإسلام ـ للسلف فضلهم، واستمسك بغرزهم تسترح من شبهات بُنَيّات الطريق.


                    ألا تعلمون أن الكفار لا يقدرون عليكم مادمتم تتلُون الوحيين؟ قال الله تعالى: {يأَيُّها الَّذِينَ ءامَنُوا إِن تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كافِرِينَ. وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتلَى علَيْكُمْ ءَاياتُ اللهِ وفِيكُمْ رَسُولُهُ ومَن يَعْتَصِم ِباللهِ فَقَدْ هُدِيَ إلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ}، وفي هذا السياق الكريم فائدتان هما:
                    الأولى: عصمة أتباع الوحيين من الكفر، قال ابن كثير ـ رحمه الله ـ:
                    " يعني أن الكفر بعيدٌ منكم وحاشاكم منه؛ فإن ءايات الله تنزل على رسوله ليلاً ونهاراً، وهو يَتْلوها عليكم ويُبلِّغها إليكم "([1])
                    والثانية: أن الله تعالى اقتصر على ذكر أعظم كيد يدبِّره الكفار للمسلمين وهو إرادة تكفيرهم، كما قال سبحانه في الآية الأخرى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِن بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الحَقُّ}، فكأن الله يقول: مهما كان مكرهم الكبار الذي تزول منه الجبال قال تعالى: {وإن كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الجِبَالُ}، فإن إيمانكم لا يزول ما أقمتم على تلاوة الوحي كتابا وسنة.

                    يتبع بإذن الله


                    تعليق


                    • #11
                      تابع فوائد من الأصل الرابع: نيل السؤدد بالعلم

                      ما زلنا مع الفوائد من الأصل الرابع من أصول أهل الأثر: (نيل السؤدد بالعلم)


                      6ـ قال الله تعالى لموسى وهارون صلى الله عليهما وسلم ولأتباعهما: {أَنتُمَا ومَن اتَّبَعَكُمَا الغَالِبُون}، وقال لعيسى e ولأتباعه: {إِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى يَوْمِ القِيَامَةِ}.
                      قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ: " فلما كان للنصارى نَصيبٌ ما مِن اتِّباعه كانوا فوق اليهود إلى يوم القيامة، ولما كان المسلمون أَتْبَع له من النصارى كانوا فوق النصارى إلى يوم القيامة ".


                      وقال ابن تيمية: " ولهذا كل من كان متّبعا للرسول كان الله معه بحسَب هذا الاتباع، قال الله تعالى: {يَأَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَك مِنَ المُؤْمِنِينَ}، أي حسْبك وحسْبُ مَن اتَّبعك، فكلُّ مَن اتَّبَع الرسولَ مِن جميع المؤمنين فالله حسْبه، وهذا معنى كون الله معه، والكفاية المطلقة مع الاتِّباع المطلق، والناقصة مع الناقص، وإذا كان بعض المؤمنين به المتبعين له قد حصَل له مَنْ يعاديه على ذلك فالله حسْبُه، وهو معه وله نصيب من قوله: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا}، فإن هذا قَلْبُه موافِقٌ للرسول وإن لم يكن صحِبَه ببدنه، والأصل في هذا القلب، كما في الصحيحين عن النبي e أنه قال:
                      (( إنّ بالمدينة رجالاً ما سِرْتم مسيراً ولا قطعتم وادياً إلاَّ كانوا معكم ))، قالوا: وهم بالمدينة؟ قال: (( وهم بالمدينة، حبَسهم العذرُ ))، فهؤلاء بقلوبهم كانوا مع النبي e وأصحابه الغزاة، فلهم معنى صُحبته في الغزاة، فالله معهم بحسَب تلك الصحبة المعنوية ".


                      ثم قال ـ رحمه الله ـ (يقصد ابن تيمية): " ولو انفرد الرجل في بعض الأمصار والأعصار بحق جاء به الرسول، ولم تنصُرْه الناس عليه، فإن الله معه، وله نصيب من قوله: {إلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا في الغَاِر إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا}،فإن نصر الرسول هو نصر دينه الذي جاء به حيث كان ومتى كان، ومن وافقه فهو صاحبه عليه في المعنى...".

                      يتبع بإذن الله

                      تعليق


                      • #12
                        الفوائد الأخيرة من الأصل الرابع (نيل السؤدد بالعلم):


                        9ـ وأخيراً إلى العلم يا من ينشد عِزَّ الإسلام
                        فعن تميم الداري قال: تطاول الناس في البناء في زمن عمر فقال عمر: " يامعشر العريب! الأرض الأرض! إنه لا إسلام إلا بجماعة ولا جماعة إلا بإمارة ولا إمارة إلا بطاعة فمن سوده الله على قومه بالفقه كان حياة له ولهم ومن سوده قومه على غير فقه فقد كان هلاكاً له ولهم".





                        10ـ ومن الكلمات السائرة عند السلف قولهم: " أسرع الناس رِدَّة أصحابُ الأهواء"



                        11ـ وقد جاء التحذير منهما(الإفراط والتفريط) مقترنين في حديث واحد، هو قول الرسول e: "دعوني ما تركتكم؛ فإنما هلك مَن كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتُكم عن شيء فاجتنبوه وإذا أمرتكم بشيء فأْتوا منه ما استطعتم". متفق عليه.
                        فقوله: بكثرة سؤالهم: في الإفراط والغلو.
                        وقوله: واختلافهم على أنبيائهم: في التفريط والتقصير.
                        ولذلك أورده البخاري في " كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة "، وهو من جوامع كلمه e.
                        ولما كانت المتابعة بهذه الدقة لم يمدح الله تعالى المؤمنين بمجردها، بل بإحسانها فقال: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينِ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}، أي هي متابعة ظاهرة وباطنة،
                        ؛ كما وصف الله المهاجرين والأنصار بذلك؛ لأن مخالفتهم لم تكن متأصِّلة في قلوبهم، وسرّ هذه العناية الربانية بهم ما عُرِفوا به من المتابعة التامة، فتأمَّل إخبار الله عن حفظ قلوبهم من الزيغ بسبب صدقهم في المتابعة في وقت العسرة
                        قال الله U: {لَقَد تَابَ اللهُ عَلَى النَّبِيَّ وَالمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ في سَاعَةِ العُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ}، فلْيحذر الذين هم على ظاهر السنة دون باطنها، وكذا العكس.



                        12ـ قال ابن تيمية: " وقد كتب النبي إلى كسرى وقيصر، وكلاهما لم يُسْلم، لكن قيصر أكرمَ كتاب النبي وأكرم رسوله، فثبَت ملكُه، فيقال: إن الملك باقٍ في ذريته إلى اليوم، وكسرى مزَّق كتاب رسول الله e واستهزأ برسول الله e، فقتله الله بعد قليل ومزَّق ملكه كل ممزق ولم يبق للأكاسرة ملك، وهذا ـ والله أعلم ـ تحقيق لقوله تعالى: {إنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَر}، فكلُّ مَن شنَأه وأبغضه وعاداه فإن الله يقطع دابره ويمحق عينه وأثره، وقد قيل: إنها نزلت في العاص بن وائل أو في عقبة بن أبي معيط أو في كعب بن الأشرف، وقد رأيتَ صنيع الله بهم، ومن الكلام السائر:
                        ( لحوم العلماء مسمومة )، فكيف بلحوم الأنبياء عليهم السلام؟!".




                        وهذه فائدة أخيرة تُوجِز ما مَرَّ من الفوائد في هذا الأصل:
                        13ـ وقال ابن تيمية: " سورة الكوثر: ما أجلّها من سورة! وأغزر فوائدها على اختصارها! وحقيقة معناها تُعْلم من آخرها، فإنه سبحانه وتعالى بَتَر شانيء رسوله من كل خير، فيَبتر ذكره وأهله وماله فيخسر ذلك في الآخرة، ويبتر حياته فلا ينتفع بها، ولا يتزوّد فيها صالحا لمعاده، ويبتر قلبه فلا يعي الخير، ولا يؤهِّله لمعرفته ومحبته والإيمان برسله، ويبتر أعماله فلا يستعمله في طاعة، ويبتره من الأنصار فلا يجد له ناصرا ولا عونا، ويبتره من جميع القرب والأعمال الصالحة فلا يذوق لها طعما ولا يجد لها حلاوة، وإن باشرها بظاهره فقلبه شارد عنها، وهذا جزاء من شنَأ بعض ما جاء به الرسول وردَّه لأجل هواه أومتبوعه أو شيخه أو أميره أو كبيره..".



                        يتبع بإذن الله بفوائد من الأصل الخامس (الرد على المخالف من الأمر بالمعروف والنهي غن المنكر).

                        تعليق


                        • #13
                          فوائد من الأصل الخامس الرد على المخالف منالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

                          فوائد من الأصل الخامس من أصول أهل الأثر: الرد على المخالف من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر




                          قال المؤلف نفع الله به في بداية هذا الأصل المهم: احتجت إلى أن أؤصل لبحثي بهذا الفصل لأن بعض ضعفاء النفوس وقليلي العلم تضيق صدورهم عند مطالعة الردود ظناً منهم أن ذلك أقرب إلى الورع وصيانة أعراض المسلمين.
                          وإطلالة سريعة على تاريخ العلماء تنبيك على أنه لم يخل عصر من العصور من الرد على المخالف ولو كان من خيرة المسلمين.

                          وهذه هي الفوائد:

                          *1_ وأصل هذا الباب النّصوص الواردة في الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر كقوله تعالى: {ولْتَكُن مِنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلى الخَيْرِ ويَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ ويَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ} قال ابن تيمية: " والأمر بالسنّة والنّهي عن البدعة هو أمرٌ بمعروف ونهيٌ عن منكر، وهو من أفضل الأعمال الصالحة ... "

                          · وإذا كان كلما أراد المؤمن أن يقوِّم المسار قيل له: ليس ذا الوقت والكفار متربّصون! فمتى يعرف أخطاءه؟ ومتى يحجم عنها؟ ومتى يصحّ المريض ويُقوَّى الضعيف؟.




                          *2_قال ابن تيمية في هذا المعنى: " ويجب عقوبة كل من انتسب إليهم أو ذبّ عنهم أو أثنى عليهم أو عظّم كتبهم أو عُرِف بمساعدتهم ومعاونتهم أو كره الكلام فيهم أو أخذ يعتذر لهم، بأنّ هذا الكلام لا يُدرَى ما هو؟ أو من قال إنّه صنّف هذا الكتاب؟ وأمثال هذه المعاذير التي لا يقولها إلا جاهل أو منافق، بل تجب عقوبة كل من عَرَف حالهم ولم يعاون على القيام عليهم، فإنّ القيام على هؤلاء من أعظم الواجبات لأنهم أفسدوا العقول والأديان على خلق من المشايخ والعلماء والملوك والأمراء، وهم يسعون في الأرض فسادا ويصدُّون عن سبيل الله ".



                          *3_ ومن ضنائن العلم ما قرأته لابن تيمية في التّمييز بين معاملة الخوارج ومعاملة الكفار، وهو يرفع اللّبس المتبادر إلى الأذهان الكليلة من بعض الأحاديث التي يظهر منها أنّ الخوارج شرّ من الكفار مطلقا، مع أنّ الصّحابة لم يكفّروهم، قال ـ رحمه الله ـ: " وما زالت سيرة المسلمين على هذا، ما جعلوهم مرتدّين كالذين قاتلهم الصدّيق t، هذا مع أمر رسول الله e بقتالهم في الأحاديث الصحيحة، وما رُوِيَ من أنهم شرّ قتلى تحت أديم السماء، خير قتيل من قتلوه في الحديث الذي رواه أبو أمامة، رواه التّرمذيّ وغيره؛ أي أنهم شرٌّ على المسلمين من غيرهم؛ فإنّهم لم يكن أحد شرّا على المسلمين منهم: لا اليهود ولا النّصارى؛ فإنّهم كانوا مجتهدين في قتل كل مسلم لم يوافقهم مستحلين لدماء المسلمين وأموالهم وقتل أولادهم، مكفِّرين لهم، وكانوا متديّنين بذلك لعظم جهلهم وبدعتهم المضلّة ..." أي أنّ الخوارج أقلّ جريمة من الكفار في الميزان العامّ الأخير، يكفي أنهم " من الكفر فرّوا "، لكن بالنسبة لما يعاني منهم المسلمون وما يوقعون بهم من المحن والبلايا فهم أعظم شرّا من الكفار، بل لا يخلص الكفار إلى المسلمين كما يخلص إليهم هؤلاء، ولذلك قد تُقَدَّم عقوبتهم في الدنيا قبل غيرهم، وتأمّل فقه ابن تيمية حين قال بعد كلامه السّابق بصفحتين: " والعقوبة في الدنيا تكون لدفع ضرره عن المسلمين، وإن كان في الآخرة خيرا ممّن لم يُعاقَب، كما يُعَاقَب المسلم المُتَعَدِّي للحدود ولا يُعَاقَب أهل الذِّمّة من اليهود والنّصارى، والمسلم في الآخرة خير منهم ".



                          *4_قال ابن تيمية: " إذ تطهير سبيل الله ودينه ومنهاجه وشرعته ودفع بغي هؤلاء وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين، ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين، وكان فساده أعظم من فساد استيلاء
                          العدو من أهل الحرب؛ فإن هؤلاء إذا استولوا لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إلا تبعا، وأما أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداء، وقد قال النبي صلى الله عيه وسلم : "إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم"رواه مسلم.


                          *5_ كما قال يحيى بن يحيى شيخ البخاري ومسلم: " الذبّ عن السنة أفضل من الجهاد "، رواه الهرويُّ بسنده إلى نصر بن زكريا قال سمعتُ محمد بن يحيى الذهلي يقول سمعتُ يحيى بن يحيى يقول: " الذّبُّ عن السُّنّة أفضلُ من الجهاد في سبيل الله، قال محمد: قلتُ ليحيى: الرجلُ ينفِقُ مالَه ويُتْعِبُ نفسَه ويجاهد، فهذا أفضلُ منه؟! قال: نعم بكثير! "
                          وقال الحميدي شيخ البخاري : " والله! لأن أغزو هؤلاء الذين يَرُدُّون حديث رسول الله e أحبُّ إلي من أن أغزو عِدَّتهم من الأتراك "، يعني بالأتراك: الكفار. وقد وجدتُ مثل هذا عند من هو أعلى طبقةً من الحميدي؛ قال عاصم بن شُمَيْخ: فرأيتُ أبا سعيد ـ يعني الخدري ـ بعد ما كبِر ويداه ترتعش يقول: " قتالهم ـ أي الخوارج ـ أجلّ عندي من قتال عِدَّتهم من
                          الترك ".


                          *6_قال ابن هبيرة في حديث أبي سعيد في قتال الخوارج: " وفي الحديث أن قتال الخوارج أولى من قتال المشركين؛ والحكمة فيه أن قتالهم حفظ رأس مال الإسلام، وفي قتال أهل الشرك طلب الربح؛ وحفظ رأس المال أولى ".



                          *7_ وقد يشتد المؤمن في إنكاره على أخيه أكثر منه مع عدوّه، ألم تر كيف لاَنَ موسىe مع فرعون، واشتد على أخيه هارون e، حتى كان منه ما قصه الله تعالى بقوله: {وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ}، فهل لأحد أن يحتج عليه بالولاء والبراء، متهِما له بأنه يبسط لسانه ويده على أخيه ويلطف بالطواغيت؟!
                          بل ربما كان النبي e يُعنِّف العلماء من أصحابه إذا أخطأوا أكثر من غيرهم، وخذ على سبيل المثال قوله لمعاذ حين أطال الصلاة بالناس: أفتّان أنت يا معاذ؟! متفق عليه، ويقابله تلطفه بالأعرابي الذي بال في المسجد كما في صحيح البخاري وغيره. وقال لأسامة بن زيد حين قَتل في المعركة مشركا بعد أن نطق بكلمة التوحيد : يا أسامة! أقتلته بعدما قال:لا إله إلا الله؟! قال أسامة: " فما زال يكررها حتى تمنيتُ أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم ".
                          وقد استفاد أسامة من هذا التعنيف في النصح أيام الفتنة التي كانت بعد مقتل عثمان t، فأورثه توَرُّعا عن دماء المسلمين، قال الذهبي ـ رحمه الله ـ:
                          " انتفع أسامة من يوم النبي e، إذ يقول له: كيف بلا إله إلا الله يا أسامة؟! فكفَّ يده، ولزم بيته، فأحسن ".



                          يتبع بإذن الله بفوائد من الأصل السادس والأخير من أصول أهل الأثر: التربية والتصفية.

                          تعليق


                          • #14
                            فوائد من الأصل السادس من أصول أهل الأثر (التصفية والتربية)

                            فوائد من الأصل السادس من أصول أهل الأثر (التصفية والتربية)



                            1ـ تطبيق:

                            اجتمع الشيخ محمد ناصر الدين الألباني بعلي بن حاج القائد الروحي
                            ـ كما يقولون ـ للحزب الجزائري: الجبهة الإسلامية للإنقاذ وكان الشيخ على دراية دقيقة بحوادثهم، وبلغه أن مؤيِّديهم يُعَدُّون بالملايين، فكان مما سأله عنه ما أُثبتُه هنا اختصارا أن قال له الشيخ: " أَكُلُّ الذين معك يعرفون أن الله مستوٍ على عرشه؟ " وبعد أخذ وردّ، وتهرّب وصدّ، قال المسئول: نرجو ذلك! قال له الشيخ: " دَعْك من الجواب السياسي! "، فأجابه بالنفي، فقال الشيخ: " يكفيني هذا منك".(1).


                            2ـ فهل استطاعت الدعوات الجهادية أن تجمع الأتباع، فضلاً عن الرعاع على أين الله؟ أم هو سؤال أضحى أُضحوكةً تتندَّر بها الأحزاب في زمن تأثير الحضارات، ومحل سخرية عند منَظِّري الجماعات؟ أم أنهم فهموا ضرورة الحكم بما أنزل الله ولو أنهم ضيَّعوا الله؟! فمتى يأذن الله بعتق رقابهم ممن استذلوهم، كما عتقت الجارية بعد أن عرفت الله؟ {واللهُ غالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُون}.
                            لكن حقيقة هذا السؤال هي استخراج حقيقة الدعوات، وتبيّن مدى خلوص النيات؛ لأن في الاهتمام بالحكم بالشريعة، وفي الاهتمام بمسألة الاستواء اهتماما بحق الله تعالى، لكن بين الأولى والثانية فرق، وهو أن للعبد في الأولى حظًّا لنفسه، وهو ما يتكرر على الألسن من استرجاع المظالم واستيفاء الحقوق، والعيش الرغد الموعود به حقًّا في قول الله تعالى: {ولو أنَّ أَهْلَ القُرَى ءَامَنُوا واتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّمَآءِ والأَرْضِ} أي أن حظّ العبد خالط حقَّ الرب، وأما الاهتمام بصفة الاستواء لله فهو اهتمام بحق الله الخالص، ليس للداعي إليها أدنى نصيب من حظّ نفسه، فتأمل هذا الفرق تدرك عزّة الإخلاص؛ لأن الدندنة حول قضية الحكم بما أنزل الله، مع إهمال قضايا صفات الرب الخالصة أو تأخيرها أو تهميشها ـ وهي أشرف ما أنزله الله؛ إذ شرف العلم بشرف المعلوم ـ لأكبر دليل على أن في الأمر شائبة، تؤكد ضرورة الرجوع إلى دعوة الأنبياء الذين قالوا لقومهم: {اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُم مِنْ إِلَهٍ غَيْرُه}.


                            _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
                            (1) شريط مسجل من سلسلة الهدى والنور رقم (475/1) و(476/1).


                            يتبع بإذن الله

                            تعليق


                            • #15
                              يرحم الله الشيخ الألباني فكم كان نبراسا لأهل السنة بالجزائر وكم أخزى الله به أهل الضلال والتحزب

                              تعليق

                              يعمل...
                              X