إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

مجلس مدارسة لمعة الاعتقاد (2)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #31
    1- ما هي المراتب التي يتضمنها الإيمان بالقدر ؟

    الإيمان بالقدر لا يتم إلا بأربع أمور :
    1- الإيمان بأن الله عالم كل ما يكون جملة وتفصيلاً بعلم سابق , لقوله تعالى : (( ألم تعلم أن الله يعلم ما فى السماء والأرض إن ذالك في كتاب إن ذالك على الله يسير ))[الحج:70].

    2- أن الله كتب في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء لقوله تعالى : (( مآ أصاب من مصيبة فى الأرض ولا فى أنفسكم إلا فى كتاب من قبل أن نبرأها ))[الحديد:22]. أي نخلق الخليفة ولقوله صلى الله عليه وسلم (( إن الله قدر مقادير الخلق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة )) رواه مسلم.

    3- إنه لا يكون شيء في السموات والأرض إلا بإرادة الله ومشيئته الدائرة بين الرحمة والحكمة وسلطانه, وهم يسألون وما وقع من ذلك فإنه مطابق لعلمه السابق ولما كتبه في اللوح المحفوظ لقوله تعالى : (( إنا كل شيءٍ خلقناه بقدر)) [القمر: 49].
    ((فمن يُرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً))[الأنعام : 125]. فأثبت وقوع الهداية والضلال بإرادته.

    4- أن كل شيء في السموات والأرض مخلوق لله تعالى, لا خالق غيره ولا رب سواء لقوله تعالى : (( وخلق كل شيءٍ فقدََّره تقديرا )) [الفقران: 2]
    وقال على لسان إبراهيم (( والله خلقكم وماتعملون ))[الصافات : 97].


    2- الإرداة نوعان فما هما ؟

    إرادة الله تنقسم إلى قسمين كونية وشرعية :
    فالكونية : هي التي بمعنى المشيئة كقوله تعالى : ((فمن يُرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً))[الأنعام : 125].

    والشرعية : هي التي بمعنى المحبة كقوله تعالى (( والله يريد أن يتوب عليكم )) [النساء : 28].
    والفرق بينهما : أن الكونية يلزم فيها وقوع المراد , ولا يلزم أن يكون محبوباً لله , وأما الشرعية فيلزم أن يكون المراد فيها محبوباً لله , ولا يلزم وقوعه .
    _إضافة : أنصح بمراجعة الكتاب شرح العقيدة والواسطية للإمام ابن عثيمين_.


    3- هل يحتج بالقدر على المعصية أو ترك الأمر ؟ ابسط في هذا النقل من كلام الشارح

    أفعال العباد كلها من طاعات ومعاص كلها مخلوقة لله كما سبق ولكن ليس ذلك حجة للعاصي على فعل المعصية وذلك لأدلة كثيرة منها :

    1- إن الله أضاف عمل إلى العبد إليه وجعله كسباً له فقال : (( اليوم تجزىا كل نفس بما كسبت )) [غافر:17]. ولو لم يكن له اختيار في الفعل وقدرة عليه ما نسب إليه.

    2- إن الله أمر العبد ونهاه ولم يكلفه إلا ما يستطيع لقوله تعالى : (( لا يكلف الله نفساً إلا وسعها )) [البقرة:286] . ولو كان مجبوراً على العمل ما كان مستطيعاً على الفعل أو الكف لأن المجبور لا يستطيع التخلص .

    3- أن كل واحد يعلم الفرق بين العمل الاختياري والإجباري, وأن الأول يستطيع التخلص منه.

    4- أن العاصي قبل أن يقدم على المعصية لايدري ما قدر له وهو باستطاعته أن يفعل أو يترك فكيف يسلك طريق الخطأ ويحتج بالقدر المجهول أليس من الأحرى أن يسلك الطريق الصحيح ويقول هذا ما قدر لي.

    5- أن الله أخبر أنه أرسل الرسل لقطع الحجة : (( لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل )) [النساء: 165]. ولو كان القدر حجة للعاصي لم تنقطع بإرسال الرسل .



    4 - استخرج فوائد الشراح في هذا الفصل


    التوفيق بين كون فعل العبد مخلوقاً لله وكونه كسباً للفاعل :

    التوفيق بينهما أو أن وجه كون فعل العبد مخلوق لله تعالى أمران
    الأول : أن فعل العبد من صفاته والعبد وصفاته مخلوقان لله تعالى.
    الثاني : أن فعل العبد صادر عن إرادته قلبيه ووقدرة بدنية , ولولاهما لك يكن فعل والذي خلق هذه الإرادة والقدرة هو الله تعالى وخلق السبب خالق للمسبب , فنسبة فعل العبد إلى خلق الله له نسبة مسبب إلى سبب لا نسبة مباشرة لأن المباشر حقيقية هو العبد فلذلك نُسب الفعل إليه كسباً وتحصيلاً , ونُسب إلى الله خلقاً وتقديراً فلكل من النسبتين اعتبار والله اعلم .

    2-الإيمان بالقدر واجب وهو أحد أركان الإيمان الستة.

    وقال النبي صلى الله عليه وسلم (( آمنت بالقدر خيره وشره وحلوه ومره )) فالخير والشر باعتبار العاقبة والحلالة , والمرارة باعتباره وقت إصابته . وخير القدر ما كان نافعاً وشره ما كان ضاراً أو مؤذياً .

    والخير والشر هو بالنسبة للمقدور وعاقبته فإن منه ما يكون خيراً كالطاعات والصحة والغنى , ومنه ما يكون شراً كالمعاصي والمرض والفقر , أما النسبة لفعل الله فلا يقال إنه شر ولقوله صلى الله عليه وسلم في دعاء القنوت الذي علمه الحسن بن علي : (( وقني شر ما قضيت )) فأضاف الشر . إلى ما قضاه لا إلى قضائه.

    تعليق


    • #32
      1 ـ مراتب الإيمان بالقدر:
      المرتبة الأولى: العلم المطلق الأبدي الأزلي الذي لا ابتداء له ولا انتهاء، فإن الله عز وجل يعلم ما كان وما سيكون وما لم يكن إن لو كان كيف يكون، يعلم الجزئيات كما يعلم الكليات، ((يَعلَمُ مَا بَينَ أَيدِيهِم وَمَا خَلفَهُم وَمَا تَحتَ الثَّرَى))، ((يَعلَمُ السِرَّ وَأخفَى))، ((وَمَا تَسقُط مِن وَرقَةٍ إلاَّ يَعلَمهَا وَلاَ حَبَّةٍ في ظُلمَاتِ الأَرضِ وَلاَ رَطبٍ وَلاَ يَابسٍ إلاَّ في كِتابٍ مُبِين))
      المرتبة الثانية: الكتابة والتقدير وهو كتابة ذلك جميع المقادير في اللوح المحفوظ قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، قال الله جل وعلا: ((مَا أَصَابَ مِن مُصِيبَة فِي الأَرضِ وَلاَ في أَنفُسِكُم إلاَّ في كِتَابٍ مِن قَبلِ أَن نَبرَأهَا)) وقال تعالى ((يَمحُو اللهُ مَا يشَاء وُيثبت وَعنِدَه أمّ الِكَتاب)) وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أَوَّل مَا خَلَق اللهُ القَلَم فَقَال لَه اكتُب، قَال: وَمَاذَا أَكتُب؟ قَال: اكتُب مَقَادِير كُلِّ شَيء إلَى قِيامِ السَّاعَة)) وقال - صلى الله عليه وسلم-: ((إنَّ اللهَ كَتبَ مَقادِيرَ الأَشيَاء قَبلَ أَن يَخلُقَ السَّمَاوَات وَالأَرض بِخمسِين أَلفَ سَنة، وكَان عَرشُه عَلى المَاء))
      فمن أنكر الأولى فقد كفر بإجماع المسلمين، أما من أنكر الكتاب والتقدير فهذا ينظر في حاله فإن أقيمت عليه الحجة كفر وإلا وكل أمره إلى الله
      والمرتبة الثالثة: هي المشيئة فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن قال تعالى: ((يَفعَلُ مَا يَشاء ويخَتَار)) وقال تعالى: ((مَن يَشَأ اللهُ يُضلِلْهُ وَمَن يَشَأ يَجعلَه عَلَى صِرَاطٍ مُستَقِيم))
      وقال جل وعلا ((وَمَا تَشَاءُونَ إلاَّ أَن يَشَاءَ اللهُ رَبُّ العَالمَين))، وقال ((إنَّ اللهَ يَفعَلُ مَا يُريد)) فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ولا يخرج أحد عن مشيئته وإرادته النافذة ، ولذلك يروى عن الإمام الشافعي قوله:
      فما شئتَ كان وإن لم أشأ *** وما شئت إن لم تشأ لم يكن
      المرتبة الرابعة: الخلق والإيجاد وفق تلك المشيئة، قال تعالى ((اللهُ خَالقُ كُلِّ شَيء )) وقال تعالى ((وَخَلَق كُلَّ شَيءٍ فَقدَّرَه تَقدِيرَا)) فتبين بذلك مراتب القدر.


      2 ـ أنواع الإرادة:
      باستقراء الكتاب والسنة، واستنتج سلف الأمة أن الإرادة على قسمين:
      إراد كونية قدرية عامة، وإرادة دينية شرعية أمرية.
      أما الأولى: فهي المتعلقة بإرادة الله الشاملة العامة وأنه لا يخرج شيء عن مشيئته وإرادته سبحانه وتعالى إذ هو الفعال لما يريد ولا يسأل عما يفعل وهو الذي يفعل ما يشاء ويختار لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه، فما شاء الله كان ولما لم يشأ لم يكن، ويدخل فيها جميع أمور الكون بما فيها أفعال العباد، وبما فيها طاعة المطيع ومعصية العاصي، هذه الإرادة الكونية العامة القدرية
      ومن أدلتها قول الله تعالى ((وَمَا تَشَاءُون إلاَّ أَن يَشَاءَ اللهُ ربُّ العَالمينَ)) قوله تعالى ((إنَّ رَبَّك فَعَّالٌ لمَا يُرِيد)) وقوله تعالى (( مَن يَشَأ اللهُ يُضلِلهُ وَمَن يَشَأ يَجعله عَلَى صِراطٍ مُستَقِيم)) فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، ويدخل في هذه الإرادة جميع الخلق بلا استثناء، فجميع الأفعال مقدرة لله، مرادة له كونا وقدرا، وغن كانت غير مرادة دينا وشرعا، المشيئة والإرادة مترادفان.
      القسم الثاني: الإرادة الدينية الشرعية الأمرية وهي المتعلقة بما يحبه الله ويرضاه فإن الله تعالى لا يضرى لعباده الكفر ومنها ((يُريدُ اللهُ لِيبَيِّن لَكُم وَيهدِيكُم سُنَن الذِينَ مِن قَبلِكُم وَاللهُ عَلِيم حَكِيم)) ((واللهُ يُريدُ أَن يَتوبَ عَلَيكُم وَيُريد الذِينَ يَتَّبِعونَ الشَّهَواتِ أَن تَميلُوا مَيلاً عَظيمًا يُرِيدُ اللهُ أَن يُخَفِّف عَنكُم وَخُلقَ الإنسَانُ ضَعيفًا)) ومن ذلك قوله تعالى ((يُريدُ اللهُ بِكُم اليُسرَ ولاَ يُريدُ بكُم العُسرَ)) وهي متعلقة بما يحبه الله ويرضاه.
      وتجتمع الإرادتان في حق المؤمن المطيع وتتخلف الإرادة الأمرية الدينية في حق الكافر والعاصي، فطاعة الطائعين مرادة كونا وقدرا، ومرادة دينا وشرعا، وأما معصية العاصين وكفر الكافرين فإنها مرادة كونا وقدرا وليست مرادة دينا وشرعا لأن الله لا يرضى لعباده الكفر، وهو لا يسأل عما يفعل.

      3 ـ هل يحتج بالقدر على المعصية أو ترك الأمر؟
      هذا قول الجبرية الإبليسية ، ووجه الشبه بينهم لأنهم يحتجون بالقدر على أفعالهم يعني يحتجون بالقدر على ما يقترفون من ذنوب مع أنهم لو كان الأمر عقوبة لهم لما احتجوا بالقدر بل يقولون لماذا تعاقبنا على السرقة أو على الزنا، وقد أجبرنا على ذلك فيحتجون على الفعل إذا أدى على عقوبة لهم ولكنهم لا يحتجون به فيما قد يفعل بهم من جراء ذلك، يروى أن "عمر" –رضي الله عنه- قطع يد سارق فقال(( كيف تقطع يدي وقد قدر الله علي أن أسرق))، فقال عمر ((وقد قدر الله أن أقطع يدك))ولذلك هناك قاعدة عند أهل العلم قاعدة (يحتج بالقدر في المصائب ولا يحتج به في المعايب) وهذا فيه رد على هؤلاء الجبرية.المعايب هي الذنوب التي يقترفها الشخص لا يحتج بالقدر عليها، ولكن يمكن أن يحتج ببعض المصائب التي لا إرادة للعبد فيها ، ومن هنا حجّ آدم موسى عليه السلام عندما قال "موسى" لـ"آدم" ((أنت آدم أبو البشر الذي خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه، فلما أخرجتنا من الجنة)) وقال: (( أنت موسى الذي كلمه الله كيف تلومنني على أمر قدره الله عليه قبل أن أخلق بأربعين سنة)) فآدم احتج بالمصيبة ولم يحتج بالذنب الذي اقترفه، وإنما حاجّه بالمصيبة العامة التي جرت بها الأقلام، فحاجّ آدم موسى من هذا الوجه، وسميناهم إبليسية لأن حججهم حجج إبليس، قالوا: (( لَو شَاءَ اللهُ مَا أشرَكنَا وَلاَ آبَاؤنَا وَلاَ حَرَّمنَا مِن شَيء )) فاحتجوا بالمشيئة العامة على ما اقترفوا من جرائم وإبليس قال ((رَبّ بِما أَغوَيتَني لَأقعُدنَّ لَهُم صرَاطَكَ المستَقِيم ثُمَّ لآتِينَّهُم مِن بَينِ أَيدِهِم ومِن خَلفِهم وعَن أيمانِهم وعَن شَمائلِهم ولاَ تَجِد أَكثرهُم شَاكِرين)) فهنا بطل مذهب الجبرية في إنهم فعلوا باختيارهم الذي أعطاهم الله سبحانه وتعالى ، وتبطل حجج الجبرية من أربعة وجوه:
      الوجه الأول: أن الله تبارك وتعالى أنزل إليهم الرسل وأرسل إليهم الكتب، فماذا بعد الحق إلا الضلال
      الوجه الثاني: أن الله تبارك وتعالى لم يكلفهم ما لا يطيقون بل كلفهم بما يستطيعون قال الله تعالى (( لاَ يُكلِّفُ نَفسًا إلاَّ وسعَهَا))
      الوجه الثالث: أن الأمر والنهي الذي أمروا به في مقدورهم وفي وسعهم
      الوجه الرابع : يقال لأهل الكفر والمعاصي هل عندكم علم بالقدر حتى تحتجوا به، ربما لو كان عندهم علم بالقدر يكون شيء من الاحتجاج، مع انه لا حجة لهم على الله، لكن طالما القدر مخبأ وهو سر الله في خلقه، فلا حجة لهم في ذلك لأنهم مطالبون أن يفعلوا ما أمرهم الله به وان يجتنبوا ما نهاهم الله عنه، فلذلك لا احتجاج لهم في هذا البتّة.
      الأمر الخامس: وهو أن الله عز وجل قد أعطاهم اختيار ((لِمن شَاء مِنهُم أَن يَستَقيم)) ولم يفرض عليهم شيء يلزمهم بفعل الشر الذي اختاروه وإنما اختاروه بمحض إرادتهم.

      4 ـ فوائد الشارح:
      كيف نوفّق بين كون الله عز وجل خالقا لأفعالهم، وبين كونهم هم الفاعلون لتلك الأفعال؟
      أنها من جهة الله كونا وتقديرا من جهة أنّ الله عزّ وجل هو خالق الأسباب والمسببات، وشاء أن يترتب المسبب على السبب، أما من جهة العبد فإنها منه مباشرة واكتسابا. ودليله قوله تعالى ((وَإنْ تُصبهُم حَسنةٌ يَقُولوا هَذِهِ مِن عِندِ اللهِ وَإن تُصِبهُم سَيِّئةٌ يَقُولوا هَذِهِ مِن عِندِك)) قال تعالى ((قُل كُلٌّ مِن عِندِ اللهِ)) هذا كونا وقدرا ثمّ جاء فيما يتعلق بما يباشره العبد فقال ((مَا أَصَابكَ مِن حَسَنَةٍ فَمِنَ الله وَمَا أَصَابَك مِن سَيّئةٍ فَمِن نَفسِك)) الآية الأولى هي من الله كونا وقدرا وفي الآية الثانية ((فَمِن نَفسِك))أي بسبب نفسك وبمباشرة نفسك ومن كسب نفسك، فالعبد هو الذي باشر الفعل، ولذلك لا يجوز أن يقال أن فعل العبد هو عين فعل الله، كما تقول الجبريّة، وإنّما تقول العبد وما كسب قدر من الله ومن خلق الله، لكن كسب العبد الذي باشره وفعله هو العبد نفسه، وبذلك لم تعد لهم حجّة قائمة على الله تبارك وتعالى، ولا تعارض بين كون الله هو الخالق للعبد وفعله، وبين كونه هو الذي باشر الفعل بنفسه.

      ـ ومنها مسألة يرددونها هل الإنسان مخير أم مسير؟؟
      الإنسان مسير مخيّر، مسير في الأمور الكونية القدرية، فهو بهذا الاعتبار مسير
      ومخير في أنّ الله تعالى أعطاه مشيئة يميز بها بين الحق والباطل وبين الهدى والضلال فما وقع فيه إنما وقع على بصيرة، وباعتبار التقدير العام مسير.

      ومن عادة السلف عدم الإكثار من الخوض في القدر، يقول علي –رضي الله عنه-: ((القدر سرّ الله في خَلقه فلا نكشفه)) ويقول عبد الله بن عباس: ((القدر نظام التوحيد، فمن وحّد الله وكذّب بالقدر فقد نقض تكذيبه توحيده)) ويقول بعض السلف ((نظرت في القدر فتحيّرت ثم نظرت فتحيّرت، ثمّ نظرت فتحيرت، فوجدت أكثر الناس إيمانا به أكفّهم عن الخوض فيهم، وأكثرهم شكّا فيه أكثرهم خوضا فيه))
      وعلى المسلم إذا وجد شيئا من الوسوسة أن يقول ((آمنت بالله)) هذه كفارة ذلك، الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يجدون كما نجد يقول أحدهم لرسول الله –صلى الله عليه وسلّم -: ((إنَّنَا نَجِد فِي أنفُسِنَا مَا لا نستطِيع أن نتكَلَّم بِه)) فقال النبي –صلى الله عليه وسلّم- ((ذَلِكَ صَرِيحُ الإِيمَان)) أو ((ذَلِكَ مَحضُ الإِيمَان))

      تعليق


      • #33
        مراتب القدر

        "
        الإيمان بالقضاء والقدر يتضمن أربع مراتب :
        المرتبة الأولى : أن الله علم ما كان وما يكون في علمه الأزلي الذي هو موصوف به أزلاً وأبداً .
        المرتبة الثانية : أنه كتب ذلك في اللوح المحفوظ الذي كتب فيه كل ما يكون إلى أن تقوم الساعة .
        الأمر الثالث : أنه لا يكون في هذا الكون من إيجاد شيء أو هلاك شيء أو موت أو حياة أو وجود أو عدم إلا بمشيئته سبحانه وتعالى وإرادته ، فإذا أراد شيئا كان ، كما قال { إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون } فلا يكون في هذا الكون من حياة أو موت أو خير أو شر أو مرض أو صحة أو خصب أو جدب أو غير ذلك إلا بمشيئة الله وإرادته سبحانه وتعالى ، لا يكون في ملكه ما لا يرد .
        الأمر الرابع : أنه إذا أراد شيئا وشاءه خلقه وأوجده سبحانه وتعالى فلا يكون في هذا الكون إلا ما خلقه الله و أوجده الله كما قال تعالى { الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل } فهو المنفرد بالخلق والإيجاد . وقال سبحانه وتعالى { والله خلقكم وما تعملون } فأعمال العباد من جملة الأشياء التي يخلقها الله - جل وعلا - علمها وكتبها وشاءها وأرادها وخلقها و أوجدها في مواقيتها التي شاءها سبحانه وتعالى فهي أفعال العباد فعلوها بإرادتهم ومشيئتهم وقدرتهم وهي خلق الله - جل وعلا - وإيجاده سبحانه وتعالى هذا مخلص الإيمان بالقضاء والقدر وأنه لا بمن من هذه الأربع مراتب " .


        أنواع الإرادة

        " فالإرادة نوعان : إرادة كونية وهذه يدخل فيها كل شيء من الخير و الشر ، والطاعة والمعصية والكفر والإيمان كل ذلك إراده الله كونا . وأما النوع الثاني وهي الإرادة الدينية الشرعية فهذه إنما تكون للطاعات والأعمال الصالحة وقد تقع وقد لا تقع الإرادة الدينية قد تقع وقد لا تقع فالله أراد شرعاً من الكافر أن يسلم ولكنه لم يسلم ما وقع ما أراد الله منه ديناً وأراد الله الإيمان من جميع الناس لكن المؤمن أطاع والكافر عصى فالإرادة الكونية لا بد من وقوعها وأما الإرادة الشرعية الدينية فقد تقع وقد لا تقع حسب مشيئة الله سبحانه وتعالى " .


        هل يحتج بالقدر على ترك الطاعة أو ارتكاب المعصية ؟

        " فالقضاء والقدر لا يحتج به على فعل المعاصي ، وإنما يحتج به على المصائب التي لا اختيار للإنسان فيها فينسبها إلى القضاء والقدر حتى يصبر عليها لكن المعاصي له فيها اختيار وله فيها قدرة ومشيئة وفعل فهي فعله وهي كسبه وهي باختياره فيلوم نفسه ويحمل الذنب على نفسه ويتوب إلى الله سبحانه .
        الأبوان - آدم وحواء عليهما السلام - قالا { ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين } وفي آية الأخرى { فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم } فالأبوان لم يقولا : يا ربنا هذا قضاؤك وقدرك بل قالا { ربنا ظلمنا أنفسنا } اعترفا { وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين } .... " إلى أن قال
        " فالمسلم لا ينسب ذنوبه معاصيه إلى القضاء والقدر وإن كان بقضاء الله وقدره لكن هو له فيها فعل وله فيها اختيار وله إقدام لو شاء تركها لأنه لم يجبر عليها ولم يكره عليها فهو يحمل نفسه الخطأ ويتوب إلى الله ويستغفره ويغفر الله لمن تاب ويعفو عنه "

        فوائد الشرح

        " الله - جل وعلا - حكيم يضع الأمور في مواضعها فيضع الهداية فيمن يستحقها ويقبلها ويرتاح لها ويجعل الضلال فيمن لا يقبل الحق ولا يرتاح له وهذا ظاهر في الناس من الناس من ينقبض إذا سمع الحق وسمع القرآن وسمع الذكر وسمع المواعظ ينقبض ويضيق صدره ومن الناس من يرغب في الخير ويرغب في سماع الخير فدل على أن للهداية والضلال أسبابا من قبل العبد فالذي يقبل على الحق ورغب فيه يوفقه الله - جل وعلا - للحق والذي يبغض الحق وأهل الحق يحرمه الله سبحانه وتعالى ؛ لأن الله حكيم لا يضع الهداية فيمن ليس أهلا لها ولا يضع الضلال فيمن ليس أهل له بل هو يضع الأمور في مواضعها سبحانه وتعالى وذلك حسب إرادته الكونية "

        [ شرح لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد للفوزان ص 155-170 ]

        تعليق


        • #34
          أرى أن نوقف المجلس الثاني عند هذا الحد

          و إن شاء الله نبدأ في المجلس الثالث قريباً وما شغلني عنكم إلا المفاجأة التي نعدها لأعضاء منتديات الإمام الآجري ستظهر لكم في الأسبوع القادم نرجو أن تعجبكم وقد أعلنتها في غرفة الإمام الآجري وستبقى مفاجأة لكم

          تعليق


          • #35
            بقى شرح الشيخ صالح آل الشيخ :

            1ـ ما هي المراتب التي يتضمنها الإيمان بالقدر ؟

            الإيمان بالقدر على مرتبتين؛ يعني كيف يكون إيمان أهل السنة والجماعة بالقدر؟ على مرتبتين:
            (المرتبة الأولى ما يسبق حصول المقدر؛ ما يسبقه في الزمان؛ يعني ما كان في الماضي.
            (المرتبة الثانية هي ما يكون حال وقوع المقدر.
            أمّا المرتبة الأولى: فتضم مرتبتين أيضا: الأولى هي العلم، والثانية هي الكتابة. وهذه سابقة، والله جل وعلا علم ما الخلق عاملون إلى يوم القيامة، وكتب جل وعلا -وهذه المرتبة الثانية- مقادير الخلائق إلى قيام الساعة قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء.
            فإذًا السابق من مراتب القدر أننا نؤمن بأن الله جل وعلا علم ما الخلق عاملون من خير وشر ومن أحوالهم وسكناتهم، وعلمه بهذا لم يزل أوَّلْ؛ لأنه جل وعلا عالم بهذا، ولم يتضرع إليه جل وعلا عدم العلم بهذا.
            الثاني أنه جل وعلا كتب هذا في اللوح المحفوظ؛ يعني ما الخلق عاملون، وما هم سائرون فيه ومن سيُهدى منهم، ومن سيضل، وكفر الكافر، ومعصية العاصي، وطاعة المطيع، وكل الحركات والسكنات هي مكتوبة في اللوح المحفوظ.
            قال جل وعلا(أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ([الحج:70] فذكر في آية الحج هذه مرتبتين التي هي المرحلة الأولى والمرتبة الأولى السابقة وهما العلم والكتابة، فنوقن بأن الله جل وعلا لم يحدث له علم بشيء، وليس الأمر أُنف؛ بل الله جل وعلا عالم بكل شيء قبل أن يكون أي شيء، وبعد ذلك كتب الله جل وعلا في اللوح المحفوظ مقادير الخلائق إلى قيام الساعة، فلا يتعدون ما كتب لهم.
            المرتبة الثانية: ما يواكِب المقدور، فأهل السنة والجماعة يجعلون الرتبة الثالثة من مراتب القدر وهي المرحلة الثانية, -المرحلة الأولى علم وكتابة- المرحلة الثانية ما يوافق المقدّر، وهي:
            أولا: أن الله جل وعلا مشيئته نافذة في عباده؛ فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، فلا يحدث في ملكه وملكوته شيء إلا وقد أذن الله جل وعلا به كونا، فطاعة المطيع أذن الله بها كونا، ومعصية العاصي أذن الله بها كونا، وكفر الكافر أذن الله جل وعلا بها كونا، والمصائب التي تصيب العباد أذن الله بها كونا(وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ([الإنسان:30]، فما يشاء العبد داخل في مشيئة الله ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن كما قال جل وعلا(وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا([الإنسان:30]، فجعل مشيئة العبد تبعا لمشيئة الله جل وعلا، وأن العبد إذا شاء شيئا لا يكون استقلالا؛ بل إذا شاء الله جل وعلا أن يكون كان.
            الثانية في هذه المرحلة: وهي الرابعة من مراتب القدر، أنّ الله جل وعلا لا يكون في ملكه شيئا إلا وهو خالقه، فالله جل وعلا خالق كل شيء كما قال جل وعلا(اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ([الزمر:62]، فالله جل وعلا خلق كل شيء، من ذلك طاعة المطيع ومعصية العاصي, من ذلك أفعال العباد, من ذلك المصائب, كل ما يحدث في ملكوت الله جل وعلا خالق له.


            2 ـ الإرداة نوعان فما هما ؟
            لم يتكلم الشيخ فى هذه الفقرة عن الإرادة وأنواعها بالتفصيل .
            3-هل يحتج بالقدر على ترك الطاعة أو ارتكاب المعصية ؟
            ليس معنى إثبات القدر أننا نقول أننا مجبرون على أعمالنا، وأن يكون قضاء الله جل وعلا وقدره حجة لنا في ترك ما فرض علينا، فإذا ترك العبد فرضا من فرائضه قال قُدِّر علي، أو ترك واجبا من الواجبات قال قُضي عليَّ، وإذا فعل معصية قال هذا مُقدّر عليّ.
            وأهل السنة والجماعة يقولون: لا يُحتجّ بالقدر على المعايب، ولكن يحتجّ بالقدر في المصائب. فإذا وقعت مصيبة على العبد فإنه يقول هذا قضاء الله وقدره فلا تلمني على شيء قضاه الله وقدّره، ولكن إذا كان منه تفريط في أمر واجب فإنه لا يحتجّ بالقدر على المعصية، وإنما كما عند أهل السنة: يُحتج بالقدر في المصائب لا في المعائب. وهذا مأخوذ من قصة محاجّة آدم عليه السلام مع موسى عليه السلام .

            4-فوائد الشرح
            أولاً :القضاء والقدر لفظان يكثر ورودهما فهل بينهما فرق؟
            (من أهل العلم من قال إنه لا فرق بين القضاء والقدر؛ فالقضاء هو القدر، والقدر هو القضاء.
            (وفرَّق طائفة من أهل العلم بين القضاء والقدر؛ بأنّ القدر هو ما يسبق وقوع المقدَّر، فإذا وقع المقدَّر وانقضى سُمِّي قضاءً، فما قبل وقوع المقدر مشاهدا معلوما به يسمى قدرا، وإذا وقع ومضى سُمِّي قضاءً مع كونه يسمى قدَرا باعتبار ما قضي، وهذا التفريق حسن وظاهر، وذلك لأن مادة القضاء تختلف عن مادة القدر في اللغة، وقوله عليه الصلاة والسلام «وقني شر ما قضيت» هذا باعتبار أن ما قدر الله جل وعلا هو قضاء؛ يعني أنه كائن لا محالة، فيسأل الله جل وعلا أن يدفع عنه شر ما قدّر وما قضى.
            وكثير من أهل العلم ومنهم ابن القيم رحمه الله يقولون لا فرق بين القضاء والقدر، فالقضاء هو القدر والقدر هو القضاء فيتواردان.

            ثانياً :تعريف القدر عند أهل السنة والجماعة، فشمل هذا التعريف الأربع مراتب العلم، والكتابة, المشيئة العامة, الخلق لكل شيء، فالله جل وعلا خالق كل شيء.
            خالف بعض أهل البدع فقالوا: إن الله جل وعلا لا يخلق فعل العبد؛ بل العبد يخلق فعل نفسه، وهذا هو قول القدرية يعني نفاة القدر، والجواب أن الله جل وعلا قال(وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ([الصافات:96] فخلق الله جل وعلا العباد وأعمالهم، فعمل العبد من الطاعات والمعاصي مخلوق لله جل وعلا، لكنه واقع لمشيئته، وهو الذي خلقه، وإذا كان معصية فإنما أذن بها كونا، ولم يرض بها شرعا ودينا؛ أرادها كونا، ولم يردها شرعا، فهو جل وعلا لا يكون في ملكه إلا ما يريد، ولا يكون في ملكه شيء إلا وهو خالقه، وهو الذي أنشأه فصوره وبرأه وخلقه، ويجامع هذا في معصية العاصي وكفر الكافر وأنه لا يرضى بتعدي الشرع.
            نفاة القدر قسمان:
            1. قدرية غلاة: وهؤلاء هم نفاة العلم، وهؤلاء فرقة انقرضت، وهي التي قال فيها أئمة السلف ”ناظروا القدرية بالعلم، فهم إن أقروا به خُصموا وإن أنكروه كفروا“.
            2. الطائفة الثانية: القدرية الذين ينفون خلق الله جل وعلا لأفعال العباد، وينفون القدر ويقولون: إن العبد هو الذي يخلق فعل نفسه.
            ويقابلهم الجبرية، والجبرية قسمان:
            1. جبرية غلاة: وهم الذين يقولون إن المرء ليس له اختيار بتاتا، بل هو كالريشة في مهب الريح، وهذا اعتقاد الجهمية، وطوائف من الصوفية الغلاة موجودون اليوم.
            2. والطائفة الثانية الجبرية غير الغلاة: وهؤلاء هم الأشاعرة، فإن الأشاعرة يقولون بالجبر لكنه جبر مؤدب؛ يعني جبر في الباطن دون الظاهر، يقولون: ظاهر المكلف أنه مختار، ولكنه في الباطن مجبر، ولهذا اخترعوا لفظ الكسب، فاخترع أبو الحسن الأشعري لفظ الكسب، وقال: إن الأعمال كسب للعباد. ما تفسير الكسب؟ اختلف حُذَّاقهم في تفسير الكسب إلى نحو من اثني عشرة قولا، ولا يهمنا ذكر هذه الأقوال الآن، كنه خلاصة الأمر أنه لا معنى للكسب عندهم، ولهذا قال بعض أهل العلم:
            مما يقال ولا حقيقة تحته معقولة تدنو لذي الأفهام الكسب عند الأشعري والحال عند البهشمــي وطفرة النظام ثلاثة لا حقيقة لها، فالكسب إذا أردت أن تفسره أو تستفسر من الأشعري ما معناه لا يكاد يجتمع منهم جماعة على تفسيره بتفسير صحيح، ولهذا ذكر بعض شُرّاح الجوهرة -من متون الأشاعرة المعروفة- جوهرة التوحيد: أنه لابد من الاعتراف بأننا جبرية، ولكننا جبرية في الباطن دون الظاهر، فلسنا كالجبرية الذين يقولون للإنسان مجبر مطلقا، لا، ولكنه مختار ظاهرا، ولكنه مجبر ظاهرا. طيب كيف تفسرون الأفعال التي تحصل من العبد؟ قال: هو كالآلة التي يقوم الفعل بها فإمرار السكين, لا نقول أن السكين هي التي أحدثت القطع، ولكن نقول حدث القطع عند الإمرار، كذلك العبد نقول هو أُجبر على الصلاة؛ أُجبر على الصلاة لما قام، هو عصى وأُجبر على المعصية لما أتى، فيجعلونه كالآلة وكالمحل الذي يقوم بها إجبار الله جل وعلا، وينفذ فيه حكم الله جل وعلا، وهذا غاية في المخالفة لما دلت عليه النصوص.
            فالأشاعرة طائفة من الجبرية, والمعتزلة طائفة من القدرية، والجبرية الغلاة والقدرية الغلاة قد مرّ بك تفصيل الكلام على اعتقادهم، وبهذا يتبين لك خلاصة ما يتعلق القدر، وأن الله جل وعلا مقدر للأشياء قبل وقوعها، ومعنى ذلك أنه علم ذلك، وكتب ذلك في اللوح المحفوظ، وأن قضاءه نافذ في عباده لا يخرجون عما قدّر ولا عما قضى، وأن ذلك لا يعني إجبار العبد؛ بل هو يفعل باختياره ويجازى على أفعاله.


            ثالثاً :ذكر الإمام ابن قدامة رحمه الله تعالى لفظ الكسب أيضا، وهذا الموضع مما أنتقد عليه أيضا، وذلك أن لفظ الكسب مما استعمله الأشاعرة ، وجاء في القرآن(لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ([البقرة:286]؛ ولكنه إذا كان في باب الاعتقاد فينبغي إذا استعملت الألفاظ التي يستدل بها أهل البدع ينبغي أن يكون استعمالها موضَّحا بالمعنى الصحيح، فلا تستخدم الألفاظ التي تحتمل معنىً ليس بصحيح كما عليه أهل البدع، فقوله عز وجل(لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ([البقرة:286] يعني عمِلت، فالكسب في القرآن هو العمل، أما الأشاعرة ومن شابههم من المبتدعة فاستعملوا الكسب بمعنى أن العبد يكون محلاًّ لفعل الله جل وعلا، فيقول هو كسب الفعل لأنه محله، ولا يجعلونه فاعلا حقيقة، ولكن العبد فاعل لفعله حقيقة،

            رابعاً :وبهذا يتبين لك مجمل اعتقاد أهل السنة والجماعة في مسألة القدر، وهي مسألة مهمة، ولكن لنتذكر قول علي بن أبي طالب ( ”القدر سر الله فلا تكشفوا“ يعني أن القدر من الأسرار التي إذا أتى العبد وخاض فيها فإنه لن يصل فيها إلى مبتغاه، إلا إذا سار على ما دلت عليه النصوص، وقد جاءت في بعض الأحاديث «وإذا ذُكر القدر فأمسكوا» لأن العبد إذا خاض في هذا على غير بصيرة فإنه يقع في الضلال، وسبب ضلال الخلق أنهم دخلوا في تعليل أفعال الله، ودخلوا في البحث في مسائل القدر دون معرفة لما دل عليه الكتاب والسنة، ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في تائيته القدرية التي ردّ بها على اليهودي الذي شكّك في قدر الله جل وعلا وفي أفعال الله، قال من ضمن ما قال فيها:
            وأصلُ ضلالِ الخلْقِ مِنْ كُلِّ فِرقَةٍ هو الخوضُ في فعْلِ الإلـهِ بعلَّةٍ فإنَّهمُ لـم يَفْهَمُـوا حِكْـمَةً لَهُ فصاروا على نَوْعٍ مِنَ الجاهليَّةِ وما أحسن قول ابن الوزير أيضا في كتابه ”إيثار الحق على الخلق“لما تعرض لمسألة التعليل وأفعال الله جل وعلا وكيف نفهم القدر، وأنّه يجب علينا أن نَسْلُوَا ونبتعد عن فهمنا للحِكَم جميعا،


            أسأل الله أن يهدينا وإياكم إلى سبيله القويم، وأن يفقهنا في دينه، وأن يرزقنا العلم والعمل والسداد، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.


            تعليق


            • #36
              السلام عليكم ورحمة الله..
              رأيت فيما مر كلام من استدرك على الشيخ العثيمين رحمه الله في قوله: إن رؤية الله عز وجل في الدنيا مستحيلة"
              كالشيخ الراجحي حفظه الله والشيخ الفوزان حفظه الله، وإن كان الشيخ الراجحي توسط في عبارته، وقبل تعليقي أذكر كلام الشيخ العثيمين-رحمه الله- في الجواب عمن استشكل عبارته بعدما وقف على كلام الشنقيطي.
              جاء في مجموع فتاوى الشيخ رحمه الله:
              ( 106 ) سئل فضيلة الشيخ : عما جاء في شرح لمعة الاعتقاد من قول فضيلته : " رؤية الله في الدنيا مستحيلة" . وقد ذكر الشنقيطي - رحمه الله - أن رؤية الله عز وجل بالأبصار جائزة عقلا في الدنيا والآخرة ، وأما شرعا فهي جائزة وواقعة في الآخرة ، وأما في الدنيا فممنوعة شرعا . وما نقله النووي عن بعض أهل العلم من أن رؤية الله تعالى في الدنيا جائزة ، فنرجو من فضيلتكم توضيح ذلك ؟
              فأجاب بقوله : ما ذكرته في شرح لمعة الاعتقاد لا ينافي ما ذكره الشيخ الشنقيطي وغيره من أن رؤية الله تعالى في الدنيا ممكنة ، فإن قولي : "إنه مستحيل" أي بحسب خبر الله عز وجل بأنه لن يراه ، إذ لا يمكن أن يتخلف مدلول خبره تعالى ، وقد جاءت بمثل ذلك السنة ، حيث قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يتحدث عن الدجال : « واعلموا أنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا » . أخرجه مسلم .
              ثم اعلم أن المستحيل في حق الله تعالى نوعان :
              أحدهما : مستحيل لكونه لا يليق بجلاله كالجهل والعجز ونحوهما ، فهذا لا يمكن لمن عرف الله تعالى وقدره حق قدره أن يخطر بباله جوازه أو ينطق لسانه بسؤاله .
              الثاني : مستحيل بالنسبة لغيره لكمال صفات الله تعالى ، كرؤية الإنسان ربه في الدنيا ، فإن هذا مستحيل لكون البشر لا يطيق أن يرى الله تعالى في الدنيا لنقص حياة البشر حينئذ . ولذلك تكون الرؤية ممكنة يوم القيامة ؛ لأن حياة البشر حينذاك أكمل .
              وعلى كل حال فقد دلت النصوص وإجماع السلف على أن الله تعالى لم يره أحد في الدنيا يقظة ، وإن كان قد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما ما ظاهره أن نبينا محمدا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى الله تعالى ، فالله أعلم . ا.هــ

              بهذا يظهر مراد الشيخ ويندفع الاستدراك..مع تأكيدي على أفضلية التفصيل فيقال رؤية الله في الدنيا جائزة عقلا قبل ورود النص، وممتنعة شرعا وعقلا بعد ورود النص حيث أخبرنا الله عز وجل بضعف الجسم البشري على هيئته الحالية مما يمنع عقلا إمكانية رؤيته فإذا اندك الجبل فالبشر من باب أولى، هذا والله أعلى وأعلم

              تنبيه: نسيت أن أشير إلى أن للشيخ الفاضل إبراهيم الرحيلي كلاما في مسألة هل الإنسان مسير أم مخير؟، ناقش فيه صحة إطلاق كون الإنسان مسير في أمور ومخير في أمور ورجح تجنبه..وتجد البحث في جزء "المختصر في القدر" له، ولعلك تجد في شرحه -للشيخ أيضا- نقاشا أوسع، خاصة لمن لا يملك الكتاب، والشرح على هذا الرابط:
              http://www.maktaiba.net/Books/dawra7006.htm
              التعديل الأخير تم بواسطة أبوصهيب عاصم الأغبري اليمني; الساعة 23-Jan-2010, 01:43 PM.

              تعليق


              • #37
                مربط الفرس في القضية والله أعلم الفرق بين دلالة العقل والحس ودلالة الشرع ، وهو منشأ الإشكال والاعتراض ولا زال بعد الجواب ، كيف ذلك ؟
                المستحيل مما تعارفوا على استعماله فيما يحيله العقل وما لا يمكن وجوده لا في العقل ولا في الخارج في الحس وليس كذلك رؤية الله تعالى ، لأنه لو كان كذلك لما كان موسى يسأل ربه ذلك وإذ سأل والأمر كذلك فسينبه إلى أن سؤاله في غير موضعه ، كما نبه نوح عليه السلام فقال الله تعالى له : (( فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين )) ..
                بخلاف الممتنع فإنه يمكن أن يفرضه الذهن وإن لم تكن له حقيقة واقعة في الخارج ، بخلاف الممكن فإنه يتصور في الذهن ويمكن أن يوجد ولا يوجد في الخارج .
                ومناط الأمر في ذلك المرئي لا الرائي فالمسألة هي : هل الله تعالى يرى في الدنيا ؟ وليست هل هذا الإنسان بخلقه الحالي يرى الله تعالى ؟ فليست رؤية الله تعالى مستحيلة في الدنيا هذا ما يقوله العقل ، لكن ضعف الإنسان هو الذي عاقه وبهذا جاء الشرع ..
                فهنا الإشكال ، ولا يدفعه قول الشيخ رحمه الله ( فإن قولي : "إنه مستحيل" أي بحسب خبر الله عز وجل بأنه لن يراه ، إذ لا يمكن أن يتخلف مدلول خبره تعالى ) فإن هذا المنع الشرعي وقد اتفق عليه ، لكن يدفع به قصد الشيخ من كلامه نفي الجواز العقلي كما يأتي ، فالدفع حينئذ للقصد لا للمقصود ! ..
                ويوضحه أن ما ذكر الشيخ بعد من المستحيلين فأولهما مطابق لدلالة اللفظ المتعارف عليها فهو مستحيل أبدا شرعا وعقلا وحسا ..
                وأما الثاني فهو مشكل ، لأمرين :
                1 ـ أنه مطلق .
                2 ـ وهو قسيم للأول ولا بد أن أن يكون مثله فليست العلاقة هنا مقابلة ..
                ويسلك فيه طريقان :
                1 ـ إما أن يجاب بجزء جوابه المنقول آنفا حملا لكلامه على المنع الشرعي ، فيقال : مسألة لفظ ، ولم يتعرض الشيخ للمنع العقلي وهو يقر ما قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله وغيره ..
                2 ـ وإما أن يقال كما قال أبو صهيب ـ ولعله استنبطه من كلام الشيخ هذا ـ : ( فيقال رؤية الله في الدنيا جائزة عقلا قبل ورود النص ، وممتنعة شرعا وعقلا بعد ورود النص ) فهذا معيد للإشكال السابق جذعا بعد أن كدنا نقول : الشيخ يريد المنع الشرعي وإنما عبر بالاستحالة على غير ما تعورف عليه ولا مشاحة في الاصطلاح ـ إلا إذا أشكل فيبين كما بين الشيخ ـ .
                والأول أحب إلي وبه ( يظهر مراد الشيخ ويندفع الإشكال ) فالجواز العقلي قائم ـ ولهذا أنكر على الشيخ من أنكر ـ وإنما المانع شرعي ، وليس هذا تعارضا بين العقل والشرع ، بل التعارض فيما يتوهم عكس هذا ولهذا قالوا : الشرع لا يأتي بمحالات العقول ولكن يأتي بمحارات العقول ..
                ولعل جملة واحدة تفي بمقصود ما ندند حوله منذ الصباح وهي أن نقول :
                ( رؤية الله تعالى في الدنيا ممكنة غير واقعة ) وإذن فلا نقول : مستحيل لأن المستحيل نقيض الممكن ، ولا يجتمع النقيضان ..
                هذا ما بدا لي ؛ فإن أخطأت فقوموني وإن أصبت فصدقوني ( أي قولوا : صدقت ؛ ولا يطلب الاقتناع ) والله أعلم ..
                التعديل الأخير تم بواسطة أبو محمد فضل بن محمد; الساعة 25-Jan-2010, 07:58 PM.

                تعليق


                • #38
                  الذي أفهم أن الشيخ تدرج في بيانه:
                  1- فأولا أشار إلى عدم المنافاة بين كلامه وكلام الشنقيطي رحمه الله، وأن ما أراده هو الاستحالة الشرعية.
                  2- ثم أشار إلى تفصيل أدق وهو أن الاستحالة [العقلية](1) منها ما يرجع لله وكماله، ومنها ما يرجع لقصور العبد ونقصانه.
                  فلو قلنا باستحالة الرؤية عقلا فهذا راجع للقسم الثاني لا الأول، وإنكار بعض المشايخ ينصب على الأول ويفهم هذا من تعليلهم فانظر إلى قوله:
                  ((ولهذا سأل موسى عليه السلام ربه الرؤية ، ولو كانت رؤيته في الدنيا غير ممكنة ما كان يليق بموسى أن يسأل شيئا مستحيلا فليست رؤية الله في الدنيا مستحيلة ، ولكن هي غير ممكنة لضعف مدارك الناس )) ا.هـ
                  فهم ينفون استحالتها عقلا بالنسبة لله وهذا ظاهر في قول الشيخ السابق انظر للكلمات الملونة ((ولو كانت رؤيته في الدنيا غير ممكنة ما كان يليق بموسى أن يسأل شيئا مستحيلا فليست رؤية الله في الدنيا مستحيلة ، ولكن هي غير ممكنة لضعف مدارك الناس )) ا.هـ
                  فالشيخ أولا منع كونها غير ممكنة ومستحيلة، ثم قال هي غير ممكنة...وهذا لولا انفصال الجهة والنسبة لكان تناقضا..وهذا هو قول الشيخ العثيمين -رحمه الله- الذي أشرت إليه من التفريق بين كون الرؤية مستحيلة عقلا بالنسبة لله أو بالنسبة للعبد.

                  والذي يظهر لي أن سبب إنكارهم أن المقام ..مقام سرد لصفات الله تعالى فالبحث يكون بالنظر إلى تعلقها بالله عز وجل أولا..ثم إن بُحث تعلقها بالنسبة للعباد فهذا استطرادا لا تأصيلا..ولذا يورد العلماء هذا البحث في قسم الصفات، ويظهر لي أن الشيخ مشى على هذا حيث أشار أن كلامه في اللمعة لا يخالف الشنقيطي وأن مراده الاستحالة الشرعية، ثم أفاد فائدة أخرى أن الاستحالة العقلية أيضا تنقسم..الخ ما سبق، وهذا من باب زكاة العلم لا أنه تفسيرا لكلامه في اللمعة-هكذا يظهر لي-.

                  وهذا ما أشار إليه أخي فضل حيث قال:
                  ((ومناط الأمر في ذلك المرئي لا الرائي فالمسألة هي : هل الله تعالى يرى في الدنيا ؟ وليست هل هذا الإنسان بخلقه الحالي يرى الله تعالى ؟ فليست رؤية الله تعالى مستحيلة في الدنيا هذا ما يقوله العقل ، لكن ضعف الإنسان هو الذي عاقه وبهذا جاء الشرع ))

                  وأما قول أخي فضل (( وإذن فلا نقول : مستحيل لأن المستحيل نقيض الممكن ، ولا يجتمع النقيضان))

                  فكما سبق أن الجهة منفكة فحيث قلنا: هي ممكنة أي: من حيث هي صفة لله..فالله رؤيته جائزة سواء في الدنيا أو الآخرة، أما بالنسبة للعبد فيأتي التفصيل السابق من حيث استحالتها في الدنيا وإمكانها في الآخرة فالجهة منفكة فلا تضاد.
                  وأظن بهذا يظهر توافق المشايخ وتآلفهم في الحقيقة، فعند البحث في صفات الله يقال هي مستحيلة شرعا...لا عقلا، فإن توسعنا قلنا: أما بالنسبة للعبد فهي ممتنعة =مستحيلة عقلا في الدنيا ، وهي في الآخرة ممكنة عقلا وواقعة شرعا. هذا والله أعلى وأعلم

                  الهامش

                  (1) وهذا يفهم من سياق كلام الشيخ وإن لم يصرح به، وكلا الأمرين يعرف بالعقل سواء تنزهه عن النقائص، أو قصور العباد وضعفهم.

                  تعليق


                  • #39
                    لا يجوز فك الجهات لأن حكمه يتعلق به سواء قيل من هذا أو من هذا ، النتيجة واحدة ولا يجتمع حكمان متناقضان أو متضادان على محكوم واحد عقلا فلا يكون الشيء الواحد أبيض من جهة أسود من جهة أخرى !! ، فهو ممنوع عقلا على كل حال أو جائز عقلا على كل حال ، لكن التفصيل من حيث خبر الشرع وتأتي هنا الاعتبارات المختلفة فالشيء يكون حلالا باعتبار حراما باعتبار آخر ولكن إمكان وجوده وإمكان اتصافه بصفات معينة لا يتغير .
                    وهذا ما عبرت عنه في الأخير ، وهو في كلام الشيخ الراجحي ( ممكنة عقلا ) يعني على أي جهة ( غير واقعة شرعا ) لأن الشرع جاء بذلك لضعف البشر عن تحمل الرؤية فهذا مانع حسي في الخارج منع مع إمكان الأمر في نفسه ..
                    وفي تصوري هو مثل أمور ينهى عنها الشرع مع إمكانها في العقل والخارج لمصلحة الإنسان ..
                    ولو فرضنا انفكاك الجهات لغلب المنع وقيل هو ممنوع وحسب ، ولبقيت الجهة الأخرى فرضا عقليا فقط وقيل : لو أنه كان متعلقا بكذا لجاز لكن لوجود العلة الأخرى صار مستحيلا ..
                    وأنبه إلى أمر آخر أوضح من تناقض القول بالإمكان وعدمه وفك الجهات فيه وهو : الترتب بحيث كان قبل الشرع جائزا وصار بعده مستحيلا لا ممتنعا وحسب ! ، فالعقل هو العقل والعلة التي علق عليها الحكم ـ وهي الضعف البشري ـ هي هي قبل ورود خبر الشرع بهذا وبعده فكيف لم ينظر قبل إلا إلى جهة النسبة إلى الله تعالى فقال بالإمكان فلما ورد الشرع أضاف العقل جهة أخرى ـ وهي واقعا موجودة قبل ـ فقال بالمنع مع بقاء الجواز الأول ...
                    كل هذا تناقض لا محيد عنه ولا مناص منه ولا خلاص ..
                    ونستريح إذا سلكنا السبيل المعروفة لدى العلماء في واضح كلامهم وهو : جائز عقلا غير واقع شرعا .. وتركنا الاستنباط من الكلام المحتمل ، وإن كان المحتمل يفيد احتماله في الاعتذار لمن ظاهر كلامه المخالفة و واقع حاله إنكار العلماء قوله ، يفيد احتمال كلامه في أن نرجعه إلى الواضح .. ونكتفي بهذا الاعتذار ولا ينتقض معنا أول الكلام بآخره ..
                    والكلام الذي استشهدت به واضح وليس تفسيره هكذا ـ يعني أن الإمكان الأخير هو الإمكان الأول ـ فالأول عقلي والثاني شرعي واقعي ويبينه كلام الشيخ قبل وبعد : ( بل هي ممكنة في الدنيا ولكن الناس لا يستطيعونها ، ولهذا سأل موسى عليه السلام ربه الرؤية ، ولو كانت رؤيته في الدنيا غير ممكنة ما كان يليق بموسى أن يسأل شيئا مستحيلا فليست رؤية الله في الدنيا مستحيلة ، ولكن هي غير ممكنة لضعف مدارك الناس في هذه الحياة وإلا فهي حد ذاتها ليست مستحيلة لأن موسى سأل ربه الرؤية وموسى لا يسأل المستحيل ولا يسأل المحرم ) فقوله ( في حد ذاتها ليست مستحيلة ) تبين لك معنى الإمكان العقلي ، وقوله ( لا يستطيعونها ) هو المانع الذي من أجله ولمصلحة الخلق فيه ورد حكم الشارع مع إمكان الأمر في نفسه ، فهو غير ممكن في الدنيا لأن خبر الشارع وأمره لا يتخلف كما قال الشيخ ابن عثيمين ، وليس ذلك راجعا إلى نفسه .
                    وأوضح منه قول الشيخ صالح آل الشيخ : ( ممتنع في الدنيا ) ( ممكن في الآخرة ) لاحظت هذا في كلامه ، وأنا نبهت إلى هذه الألفاظ في مشاركتي الأولى لهذا السبب ، فالممتنع غير المستحيل ، و غير الممكن أوسع من المستحيل والممتنع ، ولهذا يتجوزون في استعمالها ، ولعلك تلاحظ أن الشيخ الفوزان استعمل المستحيل في الأول والأخير ولم يستعمله في الوسط ، هذا يدلك على معنى ..
                    والشيخ ساقه في الاستدلال بفعل موسى عليه السلام ، فيبقى السؤال قائما إذا رجعنا إلى عدم الإمكان العقلي : ( كيف ساغ له السؤال ؟ ) بغض النظر عن طريق هذا الحكم العقلي فهو حكم عقلي في نهاية الأمر ..
                    وقد كنت أرسلت لك رسالة خاصة خوفا أن أقطع على الإخوة مدارستهم وأشغلهم ، لكن أظن أن ما ذكرت هنا كاف ..
                    والكلام الكثير في هذه العقليات الجدليات والإغراق فيها لا يستحسن ويولد وحشة في القلب .. والله المستعان .
                    التعديل الأخير تم بواسطة أبو محمد فضل بن محمد; الساعة 25-Jan-2010, 07:52 PM.

                    تعليق


                    • #40
                      المشاركة الأصلية بواسطة أبو حفص عبد الرحمن السلفي مشاهدة المشاركة
                      قال المصنف رحمه الله في باب القرآن كلام الله
                      وقال عليْه الصّلاةُ والسّلامُ: «إقْرَأُوا القُرْآنَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ قَوْمٌ يُقِيمُونَ حُرُوفَهُ إِقَامَةَ السَّهْمِ لا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يَتَعَجَّلُونَ أَجْرَهُ وَلاَ يَتَأَجَّلُونَهُ».([3])
                      ([3]) سنن أبي داوود: كتاب الصلاة، باب ما يجزئ الأمي والأعجمي من القراءة، حديث رقم (831).
                      قال الشيخ الألباني: حسن صحيح. وأورده في السلسلة الصحيحة برقم (259).



                      هذا الحديث بلفظ (يقيمون حروفه) لم يروه أبو داود في سننه، ولكن رواه بهذا اللفظ الإمام عبد الله بن المبارك في الزهد (813) والطبراني في المعجم الكبير (6021)و(6022دون وجه الشاهد أعني ذكر الحروف) وفيه موسى بن عبيدة، وهو ضعيف، وأصل الحديث صحيح بلفظ (يقيمونه) دون قوله (يقيمون حروفه) رواه أبو داود (830 و 831) وغيره وهو الذي صححه الشيخ الألباني رحمه الله، ينظر السلسلة الصحيحة (259) وتعليق الأرناؤوط على صحيح ابن حبان (3/37/760)
                      والله أعلم
                      ويغني عنه في إثبات أن القرآن حروف حديث ابن عباس رضي الله عنه في صحيح مسلم وهو:
                      عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ بَيْنَمَا جِبْرِيلُ قَاعِدٌ عِنْدَ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- سَمِعَ نَقِيضًا مِنْ فَوْقِهِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ هَذَا بَابٌ مِنَ السَّمَاءِ فُتِحَ الْيَوْمَ لَمْ يُفْتَحْ قَطُّ إِلاَّ الْيَوْمَ فَنَزَلَ مِنْهُ مَلَكٌ فَقَالَ هَذَا مَلَكٌ نَزَلَ إِلَى الأَرْضِ لَمْ يَنْزِلْ قَطُّ إِلاَّ الْيَوْمَ فَسَلَّمَ وَقَالَ أَبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِىٌّ قَبْلَكَ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهُمَا إِلاَّ أُعْطِيتَهُ.
                      رواه مسلم (806)

                      وفي الباب أحاديث

                      تعليق


                      • #41
                        رد: مجلس مدارسة لمعة الاعتقاد (2)

                        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بارك الله فيكم هل بامكاني المشاركة معكم في هذه المدارسة الطيبة وجزاكم الله خيرا.

                        تعليق

                        يعمل...
                        X