إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

فوائد و نبذ من (المدخل لشرح ثلاثة الأصول): إضافة مستمرة - إن شاء الله تعالى-..

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • فوائد و نبذ من (المدخل لشرح ثلاثة الأصول): إضافة مستمرة - إن شاء الله تعالى-..

    بسم الله الرحمن الرحيم


    [ فوائد و نبذ من (المدخل لشرح ثلاثة الأصول)]



    الحمد لله والصلاة و السلام على رسول الله، وعلى آله و صحبه و من والاه، أما بعد:
    فهذه بعض المقتطفات و الفوائد و النبذ أنقلها للإخوة الكرام من رسالة (المدخل لشرح ثلاثة الأصول) تأليف: "عبد الله بن سعد بن محمد أبا حسين" - أثابه الله- وعلق عليها فضيلة الشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان - حفظه الله -، راجيا من الله تعالى أن ينفع بها و بأصلها:



    يتبع إن شاء الله تعالى..

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو الحسين عبد الحميد الصفراوي; الساعة 22-Jul-2014, 01:19 AM.

  • #2

    [ مقدمة ]

    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين،
    نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد فقد ألف الإمام محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي بن مشرف الوهبي التميمي رحمه الله رسالة ((ثلاثة الأصول)) قبل أكثر من ثلاثمائة وأربعين سنة، فانتشرت في الآفاق وتعلمها الناس ذاك الزمان، ثم تعلمتها بعدهم أجيال حيث قررت في مناهج التعليم النظامي في المملكة العربية السعودية منذ ابتدائه فيها، فحصل لهذه الرسالة قبول وانتشار، وذلك لعظم ما اشتملت عليه من تقرير التوحيد وأصول الدين ومهمات الإسلام. ومع كونها رسالة قليلة الصفحات إلا أنها عزيزة المعاني غزيرة الفوائد، لاسيما وأنها ألفت في زمن اشتدت فيه الغربة، فما ذكره المؤلف في هذه الرسالة كان غريبا، وهذا الغريب خوطب به أناس عم فيهم الجهل فهم في الأعم الأغلب لا يقرؤن ولا يكتبون، وفوق ذلك عندهم انحرافات عقدية ورثوها عن آبائهم وأجدادهم، وزينها لهم بعض علماء في زمانهم، فكان أكثرهم لا يعرفون من التوحيد إلا الربوبية، ولا يفرقون بين الربوبية والألوهية، وكان يخطب على منابرهم بالشرك الأكبر، ولهذا فإن البداية لرسالة ((الأصول الثلاثة)) كانت صعبة جدا من جهة قبول معظم الناس لها، فهي تخالف ما ألفوه واعتادوه ونشأوا عليه، وتخالف ما زيّنه علماء وصدح به خطباء، إلا أن الله تعالى هيّأ للتوحيد سيفا ناصرا، فكان هذا السيّف سببًا لانتشار رسالة ((ثلاثة الأصول)) وما في معناها.

    يتبع إن شاء الله تعالى...

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو الحسين عبد الحميد الصفراوي; الساعة 22-Jul-2014, 01:19 AM.

    تعليق


    • #3
      [تابع لما سبق]

      فصدع بها أئمة المساجد في البلاد، وانطلق بها الدعاة إلى البوادي، وجرى العمل في المملكة العربية السعودية قبل بدء المدارس النظامية على هذا، فكان إمام المسجد يلقن العامي هذه الأصول ويعلمه إياها بالأدلة التي فيها، ويقرر عليها فيسأله: من ربك؟ فيجيب العامي: ربي الله، فيسأله: ما الدليل على ذلك؟ فيجيب: (الحمد لله ربّ العالمين).يسأله: ما هو الإسلام؟ فيجيب: هو الاستسلام لله بالتوحيد و الانقياد له بالطاعة و البراءة من الشرك وأهله.يسأله: بم أُرسل محمد-صلى الله عليه و سلم-؟ فيجيب: أرسل بالتوحيد ونبذ الشرك.يسأله: ما الدليل على أن محمد أرسل بالتوحيد ونبذ الشرك؟فيجيب: قال تعالى: (يا أيها المدثر.قم فأنذر.وربك فكبر.وثيابك فطهر.والرجز فاهجر).الآيات..وهكذا ينقلب العامي وقد صحت عقيدته بعد أن دخلها ما دخلها من الفاسد؟، فينقلب الفلاح إلى فلاحته والتاجر إلى تجارته والراعي إلى ماشيته وقد اصلح الخلل، وكان هذا الإصلاح العظيم يبلغ النساء في البيوت ويتقرر عندهن.


      يتبع إن شاء الله تعالى...

      التعديل الأخير تم بواسطة أبو الحسين عبد الحميد الصفراوي; الساعة 22-Jul-2014, 01:19 AM.

      تعليق


      • #4
        هذا ما يتعلق بالقرى والمدن أما البوادي وأهلها الرحل فكان يرسل إليهم الدعاة وطلبة العلم،خصوصا بعد أن ظهرت فيهم ظاهرة الهِجَر، و((الهجرة))تعني استيطان بعض البادية مكانا ما والاشتغال فيه بالزراعة والعلم وترك التنقل من مكان إلى آخر بحثاً عن المرعى الخصيب، فهذه الأماكن اصطلح عليها بمصطلح ((الهجرة))، وقد ظهرت وانتشرت زمن الملك عبد العزيز ابن عبد الرحمن الفيصل رحمه الله، فإمام الدولة يأمر المفتي أو عالم البلد-وربما يكون هذا الأمر بعد أن يستحثه المفتي أو العالم-يأمره بإرسال الدعاة إلى البوادي ليعلمهم أصول الدين ومهماته، وكان للعلماء رحلات مشهورة، ومن هؤلاء - مثلاً - الشيخ عمر بن محمد بن سليم في القصيم كان يأمره الملك عبد العزيز بالذهاب إلى هجرة ((الأرطاوّية)) وغيرها فيمكث فيها الشهرين والثلاثة، ويصحب معه بعض طلاب العلم، ومثله الشيخ صالح بن سالم آل بنيان من حائل، حيث كان يطوف على البادية في مواطنهم وهجرهم، فالعمل استمر على هذا حتى بداية الدراسة النظامية، حيث أنشئت إدارة المعارف العامة سنة1344هـ، ومن حينها قُررّت رسالة((ثلاثة الأصول))ضمن مناهج التعليم الابتدائي، لكن العمل الأول لم ينقطع تماما فربما احتيج إليه، كما حصل عام1380هـ في زمن الملك سعود بن عبد العزيز ابن عبد الرحمن الفيصل رحمه الله حيث وجد بعض البادية الرحل في الشمال البلاد يجهلون الضروري من الدين، وعندهم مخالفات كبيرة فرفع حالهم الشيخ محمد بن إبراهيم إلى الملك سعود الذي أمر أن يعلموا أصول دينهم وأركانه وواجباته العظيمة، وأرسل لهذه المهمة الشيخ عبد العزيز بن محمد الشثري من أهل الحوطة المشهور بأبي حبيب، ومعه عدد من المشايخ منهم الشيخ عبد الرحمن الفريان والشيخ عبد الله بن جبرين، وكان مما جاءوا به معهم رسالة ((ثلاثة الأصول))، واستمرت هذه الرحلة أكثر من ثلاثة أشهر، ودونت في كتاب باسم "العذب الزلال في اختصار رحلة الشمال".

        يتبع إن شاء الله تعالى...

        التعديل الأخير تم بواسطة أبو الحسين عبد الحميد الصفراوي; الساعة 22-Jul-2014, 01:19 AM.

        تعليق


        • #5
          فكان لهذه الرسالة مقام عظيم ومكانة رفيعة عند علمائنا وأمرائنا، ولأجل هذه المكانة قررت في مناهج التعليم الابتدائي، وكان لها أثر بالغ على الكبير والصغير والذكر والأنثى وطالب العلم والعامي.
          وهنا أتساءل:هل أثر رسالة ((ثلاثة الأصول)) يكون قوياًّ دائماً؟ أم أنه ربما يضعف لسبب من الأسباب؟والجواب:إن أثر رسالة ((ثلاثة الأصول)) يضعف لأسباب عديدة، ومن المؤكد أن منها الجهل بموضوع الرسالة وسبب تأليفها، والجهل بالمخاطب بها في الأصل، والظروف التي أُلّفت فيها هذه الرسالة؛ فالجهل بهذه الأمور يضعف أثر رسالة ((ثلاثة الأصول)) حتماً، كما أنّ معرفة هذه الأمور تنتج قوّة الأثر.
          وبعض النّاس - كما هو مشاهد من بعض طلبة المدارس - يمرّ على رسالة ((ثلاثة الأصول)) للحصول على الشهادة وحسب، فلا تؤثر فيه الرسالة كما ينبغي.
          وبعض الناس يمرّ على هذه الرسالة لأنه قيل له: طريق طلب العلم هو أن تبدأ بهذه الرسالة، فيقبل عليها كيفما اتّفق، وبالتّالي لا يتأثّر بها كما ينبغي.
          وبعضهم يتعلمها لأجل أنه رأى الناس يفعلون شيئاً ففعله، فلا يدرك المقصود من هذه الرسالة كما ينبغي.
          بل إن بعض الذين نسمعهم يشرحون هذه الرسالة، نراهم أحسنوا حينما اختاروها وخصصوها درساً لكنهم لم ينقلوا معانيها على الوجه المطلوب.
          ولأجل هذه المسألة المهمة المتعلّقة بمدى أثر وتأثير رسالة ((ثلاثة الأصول)) رأيت أن أتحدّث عن مهمّات لها ارتباط بشرح ((ثلاثة الأصول))، وهذه المهمّات تفيد الشارحَ، وتفيد المتعلم إذا كان ممن يتعلمها طلباً للعلم، ومن هنا جعلت عنوان هذه المحاضرة : ((المدخل لشرح ثلاثة الأصول))، و المقصد منه ذكرُ ما يقوّي أثر الرسالة، وتوضيح الطريق الأكمل و الأحسن لتعامل طالب العلم مع المتن الذي يريد تعلّمه، سواء كان ((ثلاثة الأصول)) أو غيره، فيكون بتطبيق هذه الطريقة قد أنهى - فعلاً - مرحلةً يريد إنهاءها، وبناءً على ذلك يبني ما يستقبل من العلم بناءً قويًّا، لأن العلم بناء بعضه فوق بعض، ومن لم يُدرك ذلك من المتعلمين تجده معلوماتيّاً، ولا تجده طالب علم، بمعنى أن وصف الثقافة و المثقف أقرب إليه من وصف طالب علم، ونحن بحاجة ملحّة لطلاب علم يبنى العلم في صدورهم شيئاً فشيئاً، فهؤلاء إذا زادهم الله من العلم-فيما بعد-ثم أتت المعضلات و النوازل و المشكلات تصدّوا لها - كلٌّ بحسبه -ولكن بنظرة متضمنة لمعرفةٍ بمداخل الشرّ، وفهم لمقاصد الشرع، فتكون نظرتهم أكمل و أعمق من غيرهم، وطريقتهم أكثر حكمة، و بأمثال هؤلاء يُحمى جناب الإسلام بإذن الله تعالى.لأمل غيرهم فكما نُقل عن بعض السلف: ((فساد الأديان بنصف فقيه و فساد الأبدان بنصف طبيب)).

          يتبع إن شاء الله تعالى..
          (الفروق بين المتون العلمية)

          ---
          التعديل الأخير تم بواسطة أبو الحسين عبد الحميد الصفراوي; الساعة 22-Jul-2014, 01:19 AM.

          تعليق


          • #6
            [الفروق بين المتون العلمية]

            أبدأ هذا الموضوع مذكراً بمعلومة بدهيّة وهي أن المتون العلمية تختلف من عدة جهات، ومن ذلك اختلافها من جهة الفن الذي تتعلق به، فهناك متون متعلقة بفن العقيدة، وهناك متون متعلقة بفن الحديث أو الفقه أو علوم الآلة كالنحو وأصول الفقه ومصطلح الحديث.
            وإذا اتفقت عدّة متون في الفنّ الذي تتعلق به كمجموعة متون متعلّقة بفنّ العقيدة، أو مجموعة متون متعلقة بفن الحديث أو الفقه، فإنها مع هذا الاتفاق تختلف من عدة جهات، كموضوع المتن أو حدوده أو المخاطب به.
            عندنا-مثلا-في فنّ الحديث أربعة متون مشهورة، وهي ((الأربعون النووية))، و((عمدة الأحكام))، و((بلوغ المرام))، و((المنتقى من أخبار المصطفى))، فهذه المتون متفقة فيما بينها من جهة الفنّ الذي تتعلّق به وهو فنّ الحديث، لكنّها تختلف فيمل بينها من عدّة جهات، فمن جهة الموضوع يختلف متن الأربعين النووية عن المتون الثلاثة الباقية؛ لأن موضوع((الأربعين النووية)) هو الأحاديث التي عليها مدار الإسلام، أمّا البقية فموضوعاتها أحاديث الأحكام.
            ومن جهة الحدود: تختلف ((العمدة)) عن ((البلوغ))، فحدود ((العمدة))
            ما اتفق عليه الشيخان البخاري و مسلم، أمّا البلوغ فأوسع من ذلك حيث يشمل ما رواه البخاري و مسلم و عن لم يتفقا عليه، وما رواه أحد أصحاب السنن الربعة، و أيضا ما رواه مالك في الموطّأ و احمد في المسند.
            ومن جهة سبب التأليف أو المُخاطب بالمتن ابتداءً فتختلف أيضاً إذ أنَّ المجد بن تيمية في ((المنتقى)) ذكر في المقدمة أنه قصد العلماء أولاً، فبيّن أنه جمع أحاديث يعتمد عليها علماء الإسلام.
            أما ((بلوغ المرام)) فقد ذكر الحافظ ابن حجر في مقدمته ما يُفهم أن المخاطب به أوّلاً هو طالب العلم الذي تقدم فيه شيئاً.
            ولنضرب مثلاً آخر في فنّ العقيدة حتى نقترب من مقصودنا أكثر:
            هناك متون في فنّ العقيدة تتفق فيما بينها من جهة تعلقها بفن العقيدة، إلا أنها تختلف و تفترق من جهة الموضوع، فالعقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية تختلف عن كتاب التوحيد للإمام محمد بن عبد الوهاب من جهة أنّ موضوع العقيدة الواسطية هو اعتقاد أهل السنة و الجماعة الذي فارقوا به أهل الضلال و البدع، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: ((ما ذكرت فيها فصلاً إلا وفيه مخالف من المنتسبين لأهل القبلة، وكل جملة فيها خلاف لطائفة من الطوائف))[1].اهـ، أما كتاب التوحيد فموضوعه بيان توحيد الإلهية وما يضاده في أصله أو في كماله الواجب أو المستحب.
            وبناءً على هذه المعلومات البدهيّة أقول: فرقٌ بين من يتعلم المتون ويسير في طلب العلم بناءً على أنها معلومات متراكمة، ومن يسير في طلب العلم بناءً على متون يعرف سبب تأليفها، ومن المخاطب بها في الأصل، وما هو الفنّ الذي يتعلق به هذا المتن و ذاك المتن، وما هو الموضوع الذي تتناوله، وما هي الحدود التي تتحدث فيها من الفنّ الواحد.
            ويتضح الفرق بينهما في أنّ الأول يتلقّى معلومات لم تتوجّه لخدمة مقصود مؤلفي المتون منها أو مقصودهم من ترتيبها على النسق الذي سار عليه المؤلف، ثم يظن هذا الطالب بعد ذلك أنه أنهى ما يتعلق بالعقيدة عندما درس المتن الفلاني أو المتن الفلاني وهو في الحقيقة لم يدرس غلا موضوعات معيّنة في العقيدة، أما الثاني فإنه يعرف ما الذي تعلمه، ولماذا تعلمه، وما الذي أنهاه من الفن الواحد، وما الذي تبقى عليه، كما أن أثر المتن عليه أقوى، ثم إذا وُفّق وشرح هذا المتن الذي تعلّمه فإنه-غالباً-يؤثر في المتلقي أكثر من غيره.
            وفيما يتعلق برسالة ((ثلاثة الأصول)) فإنها متن كأي متن آخر،فهي تتعلق بفن العقيدة،ولها موضوع تتحدث فيه وتخدمه من فن العقيدة، ولتأليفها سبب.
            وفيما يلي أذكر هذه الأمور التي تقوي أثر رسالة ((ثلاثة الأصول)) على متلقيها،وتعين على فهمها.

            يتبع إن شاء الله تعالى...

            التعديل الأخير تم بواسطة أبو الحسين عبد الحميد الصفراوي; الساعة 22-Jul-2014, 01:20 AM.

            تعليق


            • #7

              [
              موضوع رسالة ((ثلاثة الأصول)) ]

              المتأمل لرسالة ((ثلاثة الأصول)) يجد أن موضوعها تقرير توحيد الإلهية، وتعليم مهمّات الدين، فالمؤلف تحدث عن معرفة العبد ربّه ودينه ونبيّه، لكنّه جعل هذه الثلاثة وسيلة لتقرير التوحيد، فبتأمل الأصل الأوّل، وهو ((معرفة العبد ربه)) نجد أن المؤلف قرّر فيه أن الرّبّ هو المعبود، وبالتالي يجب ان تصرف جميع انواع العبادة له وحده لا شريك له وأنّ من صرف شيئا من العبادة لغيره سبحانه فقد أشرك، فالمؤلف وجّه المعلومات في هذا الأصل لتخدم تقرير توحيد الإلهية.
              وكذلك الأصل الثاني، وهو ((معرفة العبد دينه)) فقد عرّف في بدايته الإسلام، وبيّن أنّ حقيقته قائمة على توحيد الألوهية، فقال: ((الإسلام هو الاستسلام لله بالتوحيد و الانقياد له بالطاعة و البراءة من الشرك و أهله)).اهـ.
              وجاء في نسخة لثلاثة الأصول أنه قال عن هذا الأصل: ((معرفة دين الإسلام الذي أصله وقاعدته أمران: وهما الأمر بعبادة الله وحده و الإنذار عن الشرك بعبادته سبحانه)).اهـ.
              فكلام المؤلف في بداية هذا الأصل يدلّ على أنّه قصد به تقرير التوحيد، ولهذا شرح في أثناءه كلمة التوحيد ((لا إله إلا الله)) كما في النسخة المشهورة.
              أما الأصل الثالث وهو ((معرفة النبي صلى الله عليه و سلم)) فإنّ المؤلف وجّه المعلومات فيه بما يخدم موضوع الرسالة، ولم يسق المعلومات كمعلومات وحسب، ولذا قرّر فيه أنّ النبي صلى الله عليه و سلم لا خير إلا دلّ الأمة عليه و لا شرّ إلا حذّرها منه، والخير الذي دلّ الأمة عليه التوحيد وجميع ما يحبه الله ويرضاه، والشرّ الذي حذّرها منه الشرك وجميع ما يكرهه الله و يأباه.
              إذاً بين الأصل الأول و الأصل الثاني و الأصل الثالث شيءٌ مشترك، وهو تقرير توحيد الإلهية وتعليم مهمات الدين، وهذا هو موضوع الرسالة.
              وممّا يؤيّد ذلك أنّه جاء في بداية حاشية الشيخ عبد الرحمن بن قاسم نقلٌ عن الإمام محمد بن عبد الوهاب، وهو قوله: ((قرّرت ثلاثة الأصول توحيد الربوبية وتوحيد الإلهية والولاء و البراء، وهذا هو حقيقة الإسلام)).اهـ.

              يتبع إن شاء الله..

              التعديل الأخير تم بواسطة أبو الحسين عبد الحميد الصفراوي; الساعة 22-Jul-2014, 01:20 AM.

              تعليق


              • #8

                [فائدة معرفة موضوع الرسالة]


                معرفة موضوع المتن مُعِينٌ على فهمه، فهو يُجلي مقصود مقصود المؤلف، ومعرفة مقاصد المؤلفين لا يستغني عنها من يرغب في فهم كلامهم، أو حتّى من يرغب أن يكون أمينا في النقل عنهم، إذ لا بدّ له من فهم المقصد و إدراك المراد، وإلا فإنه سينقل عنهم معان لم يقصدوها.
                ومن جهةٍ أخرى فإنّه بفهم مقصد المؤلف وموضوعه الذي سيتحدث عنه سترتبط عند قارئ المتن تلكم المعلومات التي ذكرها المؤلف.
                والرابط للمعلومات في المتن الواحد مهمّ لمن أراد شرحه، وليس هذا في متن دون متن أو في فن دون فنّ، بل هو في كلّ المتون والفنون إلا أنّه في فنّ العقيدة أهمّ من غيره من الفنون الأخرى، وذلك لعظم شأن العقيدة ومنزلتها ونتائجها عليها.
                في شروح متون الفقه-مثلا-تلحظ تكرار جملة ((مناسبة الباب))، وهذه المنابة إنما هي جواب لسؤال ينبغي لمن يتعلّم المتن الفقهي أن يعرفه، ألا وهو: لماذا أتى بهذا الباب في الكتاب؟ مثلا: لماذا تكلم عن الطهارة في هذا المتن؟ لماذا تكلم عن البيوع؟ لماذا أتى بباب السلم في كتاب البيوع؟ وهكذا، فالمناسبة تعتبر رابطا للمعلومات الجديدة بموضوع المتن.
                ومن جهة ثالثة يمكن للقارئ عن طريق معرفة الموضوع أن يتعرّف على وجه الارتباط بين كلّ معلومة وأختها في المتن الواحد.
                إذاً...اللبنة الأولى لدراسة متن من المتون معرفة موضوعه؛ فهو المحور الذي تدور عليه معلوماته، وبعد ذلك يُزاد في البناء شيئا فشيئا، بمعنى أنّ شارح المتن لنفسه أو لغيره يزيد في المعلومات كما يحبّ لأنه يعرف لماذا أخذ هذه المعلومة و أضافها، ولماذا جاء ذاك التعليق، وتلكم الحاشية، وهكذا.
                ومن درس المتن بهذه الطريقة فإنه يختلف عن من درس المتن كمعلومات لا يدري ما ارتباط المعلومات بالمتن، ولا يدري ما ارتباط المعلومات بأختها السابقة و اللاحقة، أما من يعرف ذلك فإنه سيكون مهيّأً لما بعد هذا المتن أكثر من غيره بكثير.
                وهكذا نقول في ((ثلاثة الأصول)) فإنّ من تعلّمها بهذه الطريقة فسيكون مهيّأً لكتاب التوحيد؛ لأنّ كتاب التوحيد كالتفصيل لثلاثة الأصول.
                ومن جهة أخرى-وهو الأهمّ-نقول إنّ أُثر ((ثلاثة الأصول)) عليه أكبر من أثرها على غيره.
                أمّا إذا مرّت جمل ((ثلاثة الأصول)) على طالب العلم كمعلومات، فإنّه سيؤجر على الاشتغال بالعلم وحضور مجالسه و الاستماع إليه-إن شاء الله تعالى-، لكنّ ذلك لا يجعله متهيّأً لما بعد كما ينبغي.
                كذلك المتون العقدية الأخرى لابدّ من معرفة مناسبة ما يذكره المؤلف لموضوع المتن الذي يُدرس، فمثلا: العقيدة الواسطية لابن تيمية تقدّم أن موضوع اعتقاد أهل السنة و الجماعة، وما من جملة إلا وثمّ مخالف فيها من الفرق المنتسبة إلى القبلة كما ذكر مؤلفها، إذاً اربط كل جملة أو نصّ بهذا الموضوع ثم انطلق بعد ذلك في المعلومات المتفرّعة، وزد أو انقص في المعلومات بحسب ما تراه مناسباً لك عن كنت متعلماً، أو ما تراه مناسباً لطلابك إن كنت معلماً.


                يتبع إن شاء الله تعالى...

                تعليق


                • #9

                  [تطبيق ربط موضوع المتن بالمعلومات فيه على ((ثلاثة الأصول))]


                  تقرر أنّ موضوع رسالة ((ثلاثة الأصول)) هو: تقرير توحيد الإلهية وتعليم مهمات الدين.
                  وإذا كان هذا هو موضوع الرسالة فلماذا قال: الأصل الأوّل وهو معرفة العبد ربّهظ
                  أو بعبارة أخرى: ما مناسبة الأصل الأول لموضوع الرسالة؟
                  والجواب أنّ الذين خاطبهم المؤلف كانوا يقرّون بتوحيد الربوبية فابتدأ به، واستدلّ به على توحيد الإلهية، فقرّر أن الربّ الخالق الرازق المحيي المميت هو المعبود، ولهذا أتى بكلام الحافظ ابن كثير: ((الخالق لهذه الأشياء هو المستحق للعبادة))، وجاء في نسخة لثلاثة الأصول قوله: ((فإذا عرفت توحيد الربوبية فانظر فيما يستحقه من العبادة)) [1: ((الدر السنيّة(1/119)))]، وبعد ذلك انتقل إلى تقرير توحيد الإلهية فذكر أنواع العبادة كالدعاء والذبح و الاستغاثة والخوف والرجاء، واستدل على وجوب إفراد الله تعالى بكل عبادة من هذه العبادات.
                  فهذا هو وجه مناسبة إدخال الأصل الأول بتفاصيله في رسالة ثلاثة الأصول، والتي موضوعها تقرير توحيد الإلهية.
                  أما الأصل الثاني وهو معرفة العبد دينه، فقد عرّفه المؤلف بأنه دين الإسلام وهو الاستسلام لله بالتوحيد و الانقياد له بالطاعة و البراءة من الشرك و أهله.
                  ومن خلال هذا التعريف تتضح المناسبة، إضافةً على أنّه استطرد في هذا الأصل لمّا جاء الكلام على شهادة أن لا إله إلا الله وكون هذه الشهادة من أركان الإسلام، حيث شرح ((لا إله إلا الله)) وبيّن معناها بما يُفهم حقيقة الإسلام.
                  أما الأصل الثالث وهو معرفة العبد نبيه صلى الله عليه و سلم فمناسبة لموضوع الرسالة يتّضح بقول المؤلف: ((أُرسل بالمدثر{يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ(1) قُمْ فَأَنذِرْ(2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ(3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ(4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ(5)}[المدثر:1-5]))، وجاء في نسخة: ((معرفة النبي صلى الله عليه و سلم، وأجلّ ذلك معرفة ما أرسل به وهو التوحيد ونبذ الشرك)).اهـ[1: ((الدرر السنيّة))(1/157))]
                  وجاء في إحدى النسخ [2: ((المصدر السابق))(1/61،62)] أنّ المؤلف ذكر أساس الأمر و رأسه وأنه التوحيد فمن أجله أرسل الرُّسل ثمّ استدل بقوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ}.
                  وجاء في النسخة المشهورة و المتداولة قوله: ((لا خير إلا دلّ الأمة عليه ولا شرّ إلا حذّرها منه، والخير الذي دل الأمة عليه التوحيد وجميع ما يحبه الله و يرضاه، والشرّ الذي حذّرها منه الشرك وجميع ما يكرهه الله ويأباه)).
                  وهناك جُمل أخرى ذكرت في الرسالة غير الأصل الأوّل والأصل الثاني و الأصل الثالث، كالجملة المتعلقة بإرسال الرسل، وأول الرسل نوع عليه السلام، وآخرهم محمد صلى الله عليه و سلم، والجملة المتعلقة بالكفر بالطاغوت، وأنواع الطواغيت، وغير ذلك، فهاتان الجملتان مرتبطتان بموضوع الرسالة بشكل كبير، لأنّ الرسل عليهم السلام أرسلوا لأجل توحيد الإلهية، ولهذا استدلّ بقوله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ}.[النحل:36].
                  وجاء في نسخة من رسالة ثلاثة الأصول : ((وأعظم ما أمروا به توحيد الله بعبادته وحده لا شريك له، وإخلاص العبادة له، وأعظم ما نهوا عنه الشرك في العبادة)).اهـ[1: ((المرجع السابق))(1/143)].
                  ثمّ تأتي بعد جملة الرسل جملةٌ متعلقةٌ بالكفر بالطاغوت، ومناسبتها للرسالة واضحة إذ تمثّل الشطر الأول من ((لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ))، أما مناسبتها لما قبلها فإن الله تعالى أرسل الرسل لأجل التوحيد ونبذ الشرك كما قال: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ} فناسب إذاً أن يتحدث المؤلف عن الطاغوت بعد أن تحدّث عن مهمّة الرّسل عليهم السلام.

                  يتبع..

                  تعليق


                  • #10

                    [من المخاطب برسالة ((ثلاثة الأصول))]


                    هل تقصد المؤلف بهذه الرسالة العلماء أولا – كما فعل المجد بن تيمية في ((المنتقى)) -؟ أم قصد بالخطاب طلاب العلم أولا – كما فعل الحافظ ابن حجر في ((بلوغ المرام)) و ((نخبة الفكر)) -؟.

                    المؤلف لم يقصد بالخطاب طلبة العلم ولا العلماء، وإنما قصد خطاب العامة، والدليل على ذلك ما يلي:

                    أولا: أنه جاء ذكر عنوان لإحدى نُسخ ثلاثة الأصول بما يفيد ذلك، حيث جاءت هذه الرسالة في مجموعة مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب بعنوان : ((تلقين أصول العقيدة للعامة)).

                    ثانيا: انه كرر كتابة الرسالة بدون التزام أسلوب واحد وصياغة واحدة، بل عن بعضها جاء فيه ما يؤكد قصد تعليم العامة بما يناسب فهمهم وإدراكهم حيث جاءت فيها كلمات بلهجة عاميّة، يقول-مثلا-: ((إذا قيل لك إيش دينك؟ إذا قيل لك إيش كذا)).
                    حتى عنوان الرسالة اختلف فمرّة قيل عنها: ((ثلاثة الأصول))، ومرّة قيل عنها: ((مبادئ الإسلام))، ومرة قيل: ((الأصول الثلاثة الواجبة على كل مسلم مسلمة))، وقيل : ((تلقين أصول العقيدة للعامة))، وقيل : ((أصول الدين الإسلامي)).
                    كل هذا يؤكّد أن المؤلف قصد تعليم مهمات الدين للعامة بطريقة تناسب إدراكهم ولسانهم وثقافتهم.

                    ثالثا: جاء في أحد نُسخ رسالة ((ثلاثة الأصول)) أن الأمير عبد العزيز بن محمد ابن سعود – رحمه الله تعالى – طلب من الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – أن يكتب رسالة موجزة في أصول الدين، فكتب هذه الرسالة، وأرسلها الأمير عبد العزيز إلى جميع النواحي، وأمر الناس أن يتعلموها، فهذا الصنيع يدل على أن المخاطب العامة.

                    ولأجل أن المخاطب بها العامة كانت هذه الرسالة تعلم في مساجدنا، وكان إمام المسجد يلقنها للناس تلقينا، وكان الناس ذاك الزّمان – في الأعم الأغلب – إما أهل بادية أو أهل قرى، وأكثرهم لا يعرفون القراءة ولا الكتابة، فكان إمام المسجد أو الداعية يعلمهم أصول الإسلام ومهمات الدين.

                    ولما ابتدأ التعليم النظامي في المملكة العربية السعودية قام المسؤولون عنه بوضع رسالة ((ثلاثة الأصول)) في المنهج الإبتدائي؛ لأن المعلومات التي في هذه الرسالة مهمة وضرورية ومناسبة للصغير كمناسبتها للكبير.


                    ---

                    يتبع إن شاء الله في الحلقة القادمة : (فائدة معرفة المخاطب برسالة ثلاثة الأصول)
                    التعديل الأخير تم بواسطة أبو الحسين عبد الحميد الصفراوي; الساعة 22-Jul-2014, 01:20 AM.

                    تعليق


                    • #11
                      وهذا رابط لمحاضرة صوتية تتعلق بالموضوع لعل الله ينفع بها:

                      تعليق


                      • #12
                        [ فائدة معرفة المخاطب برسالة (( ثلاثة الأصول)) ]
                        كل من قرأ سيرة ومؤلفات الإمام محمد بن عبد الوهاب، وعرف حال النّاس في زمانه أدرك أن هذا الإمام لا يؤلف تكثّرا، وإنما يؤلف بحسب الحاجة، وإذا ألّف جعل أسلوبه متلائما مع سدّ هذه الحاجة، وذلك بحسب حال المُخاطب وفهمه وإدراكه، يقول د.صالح العبود: ((الشيخ إنما يؤلف بحسب ما تستدعيه حاجة الناس وتقتضيه مصالحهم، ويُلجئ إليهم واقع حياتهم وحالتهم الاعتقادية، والواقع المؤلم للتصحيح والإصلاح بعقيدة السلف الصالح في الاصول والفروع فهذا جعله يهتمُّ بما هو الأولى و الأهم وما يناسب أهل زمانه ويلائمهم، ولقد خاطبهم بما يعقلون ويفهمون بلهجتهم وأسلوبهم على أتمّ وجه وأكمله)).اهـ
                        وإذا كان هذا هو حال المؤلف وكان المُخاطب بهذه الرسالة عامة الناس، فما الداعي للتأليف عن هذا الموضوع؟ وما هي الحاجة التي أراد المؤلف سدّها؟ وما هو الخلل الذي رغب إصلاحه؟
                        والجواب: أنّ كتب التاريخ وغيرها نقلت لنا تصويرا دقيقاً لحال الناس ذاك الزمان، فنقلت أنّ معالم الإسلام اندرست في ((نجد)) وما حولها حتى لم يبق من الإسلام عند كثير من المنتسبين إليه إلا الاسم، وصار المسلم الموحّد المتبع غريبا بينهم، فهذه حقيقة ذكرها مؤرخون وأيّدهم أهل العلم على ذلك.
                        يقول محمد بن غيهب ومحمد بن عيدان وهما تلميذان من تلاميذ الشيخ محمد بن عبد الوهاب: ((فالشيخ محمد بن عبد الوهاب غريب في علماء هذا الزمان، وهو في شأن وهم في شأن آخر..فديننا قبل هذا الشيخ المجدد لم يبق منه إلا الدّعوى والاسم، فوقعنا في الشرك، فقد ذبحنا للشياطين، ودعونا الصالحين، ونأتي الكهان، ولا نفرق بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، ولا بين توحيد الربوبية الذي أقرّ به مشركوا العرب وتوحيد الألوهية الذي دعت إليه الرسل ))، ثم ذكر بعض البدع وانه لم ينهَ عن ذلك علماؤهم بل أقروا عليه، ثم قال : ((ويكفيك عن التطويل أن الشرك بالله يخطب به على منابرهم)).
                        وذكر الشيخ حسين بن مهدي النُّعيمي المتوفى سنة 1187هـ ((أن رجلين من مكة المكرمة قصدا الطائف، وأحدهم يزعم أنه من أهل العلم، فقال له رفيقه ببديهة الفطرة: أهل الطائف لا يعرفون الله، إنما يعرفون ابن عباس. فبادره بقوله: معرفتهم لابن عباس كافية، لأنه يعرف الله )).
                        وجاء في بعض الرسائل لائمة الدعوة أنّ بعض المدّعين للعلم إذا مسّه الضرّ قام يستغيث بغير الله تعالى.
                        وإذا كان-ما تقدّم-هو حال منتسبين للعلم فما الظنّ بغيرهم؟
                        لقد بلغ حال بعض الناس في ((نجد)) وما حولها –إضافة على ما تقدّم-أنهم يجهلون ما لا يسعُ المسلمَ جهله كمعرفة الوضوء والصلاة، وظهر في بعض البوادي إنكار البعث، وهذه الحال ليست في ((نجد)) وحدها، كما أن مبتدأ ذلك لم يكن في زمان الشيخ ولا قبله بقليل، بل انتشر الجهل منذ مدّة طويلة في نجد وغيرها وظهر الشرك و الضلال، وظهرت البدع والخرفات وانتشرت شيئا فشيئا، حتى نشا على ذلك الصغير، وهرم الكبير، وجاء جيلٌ اعتقد أنّ البدع والخرفات و الشركيات والضلالات هي دين محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأنّهم وجدوا آباءهم وأسلافهم على ذلك فقالوا إنا على آثارهم مقتدون.
                        كان في ((نجد)) قبرُ زيد بن الخطاب، وكان يُستغاث به وينادى لتفريج الكربات وقضاء الحجات، وكان يُزعم أن قبرَ ضرار بن الأزور في ((نجد)) وكان يُفعل عنده كما يُفعل عند سابقه، وكان هناك نخلة يسمونها ((فحل الفحول)) تُنادى وتُدعى من دون الله، كانت المرأة تأتي إلى هذه النّخلة وتسألها وتدعوها من دون الله تعالى، فتقول: ((يا فحل الفحول أعطني كذا وكذا))، وهناك شجرة الطرفية يُتبرك بها، وهناك غير ذلك من المظاهر التي صوّرها الشيخ حسين بن غنام في تاريخ ((روضة الأفكار))، وأكّده الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن، والشيخ عبد الله أبابطين، والمؤرخ ابن بشر، والشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ عبد الله بن حميد، بل واعترف به بعض خصوم الدعوة السلفية، كما أنّ كاتبا أمريكيا (لوثروب ستودارد) ألّف كتابا بعنوان ((حاضر العالم الإسلامي)) وصوّر حال النّاس ذاك الزّمان فقال: ((وأما الدين فقد غشيته غاشية سوداء فألبست الوحدانية التي عليها صاحب الرسالة سجفا من الخرفات وقشور الصوفية...)) إلى أن قال: ((وبُدّل المسلمون غير المسلمين)).
                        ولأجل هذا الحال كانت رسائل الإمام محمد بن عبد الوهاب لبعض الجهات تتضمن ذكر مظاهر الشرك بها، فمثلا جاء في إحدى رسائله الموجهة لبعض الجهات قوله فيها: ((وأنتم لا تنكرون هذه الأوثان التي تُعبد في الخرج)).اهـ، وكان ربما سمّى الطّواغيت في بعض الجهات، ويقصد بالطواغيت أولئك العلماء الذين يزينون الشرك ويدعون إليه.
                        ولا تقتصر المصيبة على فعل الشرك الأكبر والكفر الصراح، بل إنها تتعدى إلى ما هو أعظم واشد مرارة، وهو البلاء الذي لحق دين عيسى عليه السلام، والبلاء الذي يلحق دين موسى عليه السلام، أعني بذلك: تسمية الكفر باسم الإسلام، وتسمية الشرك الأكبر باسم التوحيد، فبمثل هذا تتبدل الملة مع بقاء اسمها، وفي معناه ألّف شيخ الإسلام كتابه ((الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح)).
                        إذا..من أراد معرفة سبب تأليف رسالة ((ثلاثة الأصول)) بإنصاف وعلم فعليه أن يعرف حقيقة حال المخاطبين بهذه الرسالة، وحقيقة الفساد الذي عمد المؤلف إلى تصحيحه وإصلاحه.
                        يقول الشيخ عبد الله النعقري رحمه الله: ((معرفة سبب التصنيف مما يُعين على فهم كلام العلماء)).
                        يتبع إن شاء الله – تعالى- في الحلقة القادمة بعنوان (تنبيهات مهمة)
                        التعديل الأخير تم بواسطة أبو الحسين عبد الحميد الصفراوي; الساعة 22-Jul-2014, 01:20 AM.

                        تعليق

                        يعمل...
                        X