إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

الطريقة المجدية هي الدعوة النجدية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الطريقة المجدية هي الدعوة النجدية

    رحم الله علماء نجد المجددين ومن صار على نهجهم من العلماء المعاصرين و السالفين
    وصلى الله و سلم على محمد و آله واصحابه اجمعين.
    الملفات المرفقة
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو عاصم أحمد السوسي; الساعة 10-Apr-2007, 04:08 PM.

  • #2
    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

    التوحيد أولاً يادعــاة الإسلام


    للعلامة محدث الشام محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله-



    بسم الله الرحمن الرحيم


    مقدمة:


    إن الحمد لله ، نحمدهونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا .


    من يهده اللهفلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.


    (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَحَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)(آل عمران:102(


    (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍوَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراًوَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّاللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)(النساء:1)


    )يَا أَيُّهَا الَّذِينَآمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً . يُصْلِحْ لَكُمْأَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُفَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) (الأحزاب:70-71)


    وبعد : فهذه رسالة عظيمةالنفع والفائدة للعامة والخاصة يجيب فيها عالم من علماء هذا العصر وهو فضيلة الشيخمحمد ناصر الدين الألباني حفظه الله تعالى ونفع به ، يجيب فيها على سؤال يدور علىألسنة الغيورين على هذا الدين الذي يحملونه في قلوبهم ويشغلون فكرهم به ليلاًونهاراً ومجمل السؤال هو :


    ما هو السبيل إلى النهوض بالمسلمين وما هو الطريقالذي يتخذونه حتى يمكن الله لهم ويضعهم في المكان اللائق بهم بين الأمم ؟


    فأجابالعلامة الألباني نفع الله به على هذا السؤال إجابة مفصلة واضحة . ولما لهذهالإجابة من حاجة ، رأينا نشرها . فأسال الله تعالى أن ينفع بها وأن يهدي المسلمينإلى ما يحب ويرضى إنه جواد كريم .



    التوحيد أولاً يا دعاةالإسلام:



    سؤال : فضيلة الشيخ لا شك أنكم تعلمون بأن واقع الأمة الديني واقعمرير من حيث الجهل بالعقيدة ، ومسائل الاعتقاد ، ومن حيث الافتراق في المناهجوإهمال نشر الدعوة الإسلامية في أكثر بقاع الأرض طبقاً للعقيدة الأولى والمنهجالأول الذي صلحت به الأمة ، وهذا الواقع الأليم لا شك بأنه قد ولد غيرة عندالمخلصين ورغبة في تغييره وإصلاح الخلل ، إلا أنهم اختلفوا في طريقتهم في إصلاح هذاالواقع ؛ لاختلاف مشاربهم العقدية والمنهجية – كما تعلم ذلك فضيلتكم – من خلال تعددالحركات والجماعات الإسلامية الحزبية والتي ادعت إصلاح الأمة الإسلامية عشراتالسنين ، ومع ذلك لم يكتب لها النجاح والفلاح ، بل تسببت تلك الحركات للأمة فيإحداث الفتن ونزول النكبات والمصائب العظيمة ، بسبب مناهجها وعقائدها المخالفة لأمرالرسول صلى الله عليه وسلم وما جاء به ؛ مما ترك الأثر الكبير في الحيرة عندالمسلمين – وخصوصاً الشباب منهم – في كيفية معالجة هذا الواقع ، وقد يشعر الداعيةالمسلم المتمسك بمنهاج النبوة المتبع لسبيل المؤمنين ، المتمثل في فهم الصحابةوالتابعين لهم بإحسان من علماء الإسلام ؛ قد يشعر بأنه حمل أمانة عظيمة تجاه هذاالواقع وإصلاحه أو المشاركة في علاجه .


    فما هي نصيحتكم لأتباع تلك الحركات أوالجماعات ؟


    وما هي الطرق النافعة الناجعة في معالجة هذا الواقع ؟


    وكيف تبرأذمة المسلم عند الله عز وجل يوم القيامة ؟



    الجواب:


    يجب العنايةوالاهتمام بالتوحيد أولاً كما هو منهج الأنبياء والرسل عليهم السلام :


    بالإضافة لما ورد في السؤال – السابق ذكره آنفاً – من سوء واقع المسلمين، نقول :إن هذا الواقع الأليم ليس شراً مما كان عليه واقع العرب في الجاهلية حينمابعث إليهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ؛لوجود الرسالة بيننا ، وكمالها ، ووجودالطائفة الظاهرة على الحق ، والتي تهدي به ، وتدعو الناس للإسلام الصحيح :عقيدة ،وعبادة ، وسلوكاً ، ومنهجاً ، ولا شك بأن واقع أولئك العرب في عصر الجاهلية مماثللما عليه كثير من طوائف المسلمين اليوم !.


    بناء على ذلك نقول : العلاج هوذاك العلاج ،والدواء هو ذاك الدواء ، فبمثل ما عالج النبي صلى الله عليه وسلم تلكالجاهلية الأولى ، فعلى الدعاة الإسلاميين اليوم – جميعهم – أن يعالجوا سوء الفهملمعنى " لا إله إلا الله " ، ويعالجوا واقعهم الأليم بذاك العلاج والدواء نفسه . ومعنى هذا واضح جداً ؛ إذا تدبرنا قول الله عز وجل { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيرَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَالْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} (الأحزاب:21) .


    فرسولنا صلى الله عليهوسلم هو الأسوة الحسنة في معالجة مشاكل المسلمين في عالمنا المعاصر وفي كل وقت وحين، ويقتضي ذلك منا أن نبدأ بما بدأ به نبينا صلى الله عليه وسلم وهو إصلاح ما فسد منعقائد المسلمين أولاً ، ومن عبادتهم ثانياً ، ومن سلوكهم ثالثاً .ولست أعني من هذاالترتيب فصل الأمر الأول بدءاً بالأهم ثم المهم ، ثم ما دونه ! وإنما أريد أن يهتمبذلك المسلمون اهتماما شديداً كبيراً ، وأعني بالمسلمين بطبيعة الأمر الدعاة ، ولعلالأصح أن نقول : العلماء منهم ؛لأن الدعاة اليوم – مع الأسف الشديد – يدخل فيهم كلمسلم ولو كان على فقر مدقع من العلم ، فصاروا يعدون أنفسهم دعاة إلى الإسلام ، وإذاتذكرنا تلك القاعدة المعروفة – لا أقول : عند العلماء فقط بل عند العقلاء جميعاًتلك القاعدة التي تقول : "فاقد الشيء لا يعطيه " / فإننا نعلم اليوم بأن هناك طائفةكبيرة جداً يعدون بالملايين من المسلمين تنصرف الأنظار إليهم حين يطلق لفظة : الدعاة . وأعني بهم :جماعة الدعوة ، أو : جماعة التبليغ " ومع ذلك فأكثرهم كما قالالله عز وجل : { وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ }(لأعراف: منالآية187) .


    ومعلوم من طريقة دعوتهم أنهم قد أعرضوا بالكلية عن الاهتمامبالأصل الأول – أو بالأمر الأهم – من الأمور التي ذكرت آنفاً ، وأعني : العقيدةوالعبادة والسلوك ، وأعرضوا عن الإصلاح الذي بدأ به الرسول صلى الله عليه وسلم بلبدأ به كل الأنبياء ، وقد بينه الله تعالى بقوله :ل{ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّأُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ }(النحل: منالآية36) . فهم لا يعنون بهذا الأصل الأصيل والركن الأول من أركان الإسلام – كما هومعلوم لدى المسلمين جميعاً – هذا الأصل الذي قام يدعو إليه أول رسول من الرسلالكرام ألا وهو نوح صلى الله عليه وسلم قرابة ألف سنة ، والجميع يعلم أن الشرائعالسابقة لم يكن فيها من التفصيل لأحكام العبادات والمعاملات ما هو معروف في دينناهذا لأنه الدين الخاتم للشرائع والأديان ، ومع ذلك فقد لبث نوح في قومه ألف سنة إلاخمسين عاماً يصرف وقته وجل اهتمامه للدعوة إلى التوحيد ، ومع ذلك أعرض قومه عندعوته كما بين الله – عز وجل – ذلك في محكم التنزيل {وَقَالُوا لا تَذَرُنَّآلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً } (نوح:23) .


    فهذا يدل دلالة قاطعة على أن أهم شيء ينبغي على الدعاة إلى " الإسلام الحق" الاهتمام به دائماً هو الدعوة إلى التوحيد وهو معنى قوله – تباركوتعالى- :{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ }(محمد: من الآية19) .


    هكذا كانت سنة النبي صلى الله عليه وسلم عملاً وتعليماً .


    أما فعله : فلايحتاج إلى بحث ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم في العهد المكي إنما كان فعله ودعوتهمحصورة في الغالب في دعوة قومه إلى عبادة الله لا شريك له .


    أما تعليماً : ففي حديث أنس بن مالك – رضي الله عنه – الوارد في الصحيحين أن النبي صلى الله عليهوسلم عندما أرسل معاذاً إلى اليمن قال له : " ليكن أول ما تدعوهم إليه : شهادة أنلا إله إلا الله ، فإن هم أطاعوك لذلك ....."(2) .إلخ الحديث .وهو معلوم ومشهور إنشاء الله تعالى .


    إذاً ، قد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يبدؤوابما بدأ به وهو الدعوة إلى التوحيد ، ولا شك أن هناك فرقاً كبيراً جداً بين أولئكالعرب المشركين – من حيث إنهم كانوا يفهمون ما يقال لهم بلغتهم - ، وبين أغلب العربالمسلمين اليوم الذين ليسوا بحاجة أن يدعوا إلى أن يقولوا : لا إله إلا الله ؛لأنهم قائلون بها على اختلاف مذاهبهم وطرائقهم وعقائدهم ، فكلهم يقولون : لا إلهإلا الله ، لكنهم في الواقع بحاجة أن يفهموا – أكثر – معنى هذه الكلمة الطيبة ،وهذا الفرق فرق جوهري – جداً – بين العرب الأولين الذين كانوا إذا دعاهم رسول اللهصلى الله عليه وسلم أن يقولوا : لا إله إلا الله يستكبرون ، كما هو مبين في صريحالقرآن العظيم (3) لماذا يستكبرون ؟ ؛ لأنهم يفهمون أن معنى هذه الكلمة أن لايتخذوا مع الله أنداداً وألا يعبدوا إلا الله ، وهم كانوا يعبدون غيره ، فهم ينادونغير الله ويستغيثون بغير الله ؛ فضلاً عن النذر لغير الله ، والتوسل بغير الله ،والذبح لغيره والتحاكم لسواه ....إلخ.


    هذه الوسائل الشركية الوثنية المعروفةالتي كانوا يفعلونها ، ومع ذلك كانوا يعلمون أن من لوازم هذه الكلمة الطيبة – لاإله إلا الله – من حيث اللغة العربية أن يتبرؤوا من كل هذه الأمور ؛ لمنافاتهالمعنى " لا إله إلا الله ".



    غالب المسلمين اليوم لا يفهمون معنى لا إله إلاالله فهماً جيداً :


    أما غالب المسلمين اليوم الذين يشهدون بأن " لا إله إلاالله " فهم لا يفقهون معناها جيداً ، بل لعلهم يفهمون معناها فهماً معكوساًومقلوباً تماماً ؛ أضرب لذلك مثلاً : بعضهم (4) ألف رسالة في معنى " لا إله إلاالله " ففسرها :" لا رب إلا الله!! " وهذا المعنى هو الذي كان المشركون يؤمنون بهوكانوا عليه ، ومع ذلك لم ينفعهم إيمانهم هذا ، قال تعالى:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْمَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّه}(لقمان: منالآية25).


    فالمشركون كانوا يؤمنون بأن لهذا الكون خالقاً لا شريك له،ولكنهم كانوا يجعلون مع الله أنداداً وشركاء في عبادته ، فهم يؤمنون بأن الرب واحدولكن يعتقدون بأن المعبودات كثيرة ، ولذلك رد الله تعالى – هذا الاعتقاد – الذيسماه عبادة لغيره من دونه بقوله تعالى :{....وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِأَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِزُلْفَى....}(الزمر: من الآية3).


    لقد كان المشركون يعلمون أن قول : " لا إله إلاالله " يلزم له التبرؤ من عبادة ما دون الله عز وجل ، أما غالب المسلمين اليوم ؛فقد فسروا هذه الكلمة الطيبة " لا إله إلا الله " بـ : " لا رب إلا الله !! " فإذاقال المسلم : لا إله إلا الله " ، وعبد مع الله غيره ؛ فهو المشركون سواء ، عقيدة ،وإن كان ظاهره الإسلام ؛ لأنه يقول لفظة :لا إله إلا الله فهو بهذه العبارة مسلملفظياً ظاهراً ، وهذا مما يوجب علينا جميعاً – بصفتنا دعاة إلى الإسلام- الدعوة إلىالتوحيد وإقامة الحجة على من جهل معنى" لا إله إلا الله " وهو واقع في خلافها ؛بخلاف المشرك ؛ لأنه يأبى أن يقول :" لا إله إلا الله " فهو ليس مسلماً لا ظاهراًولا باطناً فأما جماهير المسلمين اليوم هم مسلمون لأن الرسول صلى الله عليه وسلمقال :" فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله تعالى "(5).


    لذلك ، فإني أقول كلمة – وهي نادرة الصدور مني - ، وهي :إن واقع كثير منالمسلمين اليوم شر مما كان عليه عامة العرب في الجاهلية الأولى من حيث سوء الفهملمعنى هذه الكلمة الطيبة ؛ لأن المشركين العرب كانوا يفهمون ، ولكنهم لا يؤمنون ،أما غالب المسلمين اليوم ، فإنهم يقولون ما لا يعتقدون ، يقولون : لا إله إلا الله، ولا يؤمنون –حقاً – بمعناها (6)، لذلك فأنا أعتقد أن أول واجب على الدعاةالمسلمين – حقاً – هو أن يدندنوا حول هذه الكلمة وحول بيان معناها بتلخيص ، ثمبتفصيل لوازم هذه الكلمة الطيبة بالإخلاص لله عز وجل في العبادات بكل أنواعها ، لأنالله عز وجل لما حكى عن المشركين قوله : { ... مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّالِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى... }(الزمر: من الآية3)، جعل كل عبادة توجهلغير الله كفراً بالكلمة الطيبة : لا إله إلا الله ؛ لهذا ؛ أنا أقول اليوم : لافائدة مطلقاً من تكتيل المسلمين ومن تجميعهم ، ثم تركهم في ضلالهم دون فهم هذهالكلمة الطيبة ، وهذا لا يفيدهم في الدنيا قبل الآخرة ! نحن نعلم قول النبي صلىالله عليه وسلم :" من مات وهو يشهد أن لا إله إلا الله مخلصاً من قلبه حرم اللهبدنه على النار " وفي رواية أخري :" دخل الجنة "(7) . فيمكن ضمان دخول الجنة لمنقالها مخلصاً حتى لو كان بعد لأي وعذاب يمس القائل ، والمعتقد الاعتقاد الصحيح لهذهالكلمة ، فإنه قد يعذب بناءً على ما ارتكب واجترح من المعاصي والآثام ، ولكن سيكونمصيره في النهاية دخول الجنة ، و على العكس من ذلك ؛ من قال هذه الكلمة الطيبةبلسانه ، ولما يدخل الإيمان إلى قلبه ؛ فذلك لا يفيده شيئاً في الآخرة ، قد يفيدهفي الدنيا النجاة من القتال ومن القتل إذا كان للمسلمين قوة وسلطان ، وأما فيالآخرة فلا يفيد شيئاً إلا إذا كان قائلاً لها وهو فاهم معناها أولاً ، ومعتقداًلهذا المعنى ثانياً ؛ لأن الفهم وحده لا يكفي إلا إذا اقترن مع الفهم الإيمان بهذاالمفهوم ، وهذه النقطة ؛ أظن أن أكثر الناس عنها غافلون ! وهي : لا يلزم من الفهمالإيمان بل لا بد أن يقترن كل من الأمرين مع الآخر حتى يكون مؤمناً ، ذلك لأنكثيراً من أهل الكتاب من اليهود والنصارى كانوا يعرفون أن محمداً صلى الله عليهوسلم رسول صادق فيما يدعيه من الرسالة والنبوة ، ولكن مع هذه المعرفة التي شهد لهمبها ربنا عز وجل حين قال:{...يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ....} (البقرة: من الآية146). ومع ذلك هذه المعرفة ما أغنت عنهم من الله شيئاً لماذا ؟لأنهم لم يصدقوه فيما يدعيه من النبوة والرسالة ، ولذلك فإن الإيمان تسبقه المعرفةولا تكفي وحدها ، بل لا بد أن يقترن مع المعرفة الإيمان والإذعان ، لأن المولى عزوجل يقول في محكم التنزيل : {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُوَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ......}(محمد: من الآية19).


    وعلى هذا ، فإذا قالالمسلم : لا إله إلا الله بلسانه ؛ فعليه أن يضم إلى ذلك معرفة هذه الكلمة بإيجازثم بالتفصيل ، فإذا عرف وصدق وآمن ؛ فهو الذي يصدق عليه تلك الأحاديث التي ذكرتبعضها آنفاً ، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم مشيراً إلى شيء من التفصيل الذي ذكرتهآنفاً : " من قال : لا إله إلا الله ، نفعته يوماً من دهره "(8).


    أي كانتهذه الكلمة الطيبة بعد معرفة معناها منجية له من الخلود في النار – وهذا اكرره لكييرسخ في الأذهان – وقد لا يكون قد قام بمقتضاها من كمال العمل الصالح والانتهاء عنالمعاصي ولكنه سلم من الشرك الأكبر وقام بما يقتضيه ويستلزمه شروط الإيمان منالأعمال القلبية – والظاهرية حسب اجتهاد بعض أهل العلم وفيه تفصيل ليس هذا محل بسطه -(9)؛ وهو تحت المشيئة ، وقد يدخل النار جزاء ما ارتكب أو فعل من المعاصي أو أخلببعض الواجبات ، ثم تنجيه هذه الكلمة الطيبة أو يعف الله عنه بفضل منه وكرمه ، وهذامعنى قوله صلى الله عليه وسلم المتقدم ذكره : " من قال : لا إله إلا الله ، نفعتهيوماً من دهره "، أما من قالها بلسانه ولم يفقه معناها ، أو فقه معناها ولكنه لميؤمن بهذا المعنى ؛ فهذا لا ينفعه قوله : لا إله إلا الله ، إلا في العاجلة إذا كانيعيش في ظل الحكم الإسلامي وليس في الآجلة .


    لذلك لا بد من التركيز على الدعوةإلى التوحيد في كل مجتمع أو تكتل إسلامي يسعى- حقيقة وحثيثاً – إلى ما تدندن به كلالجماعات الإسلامية أو جلها ، وهو تحقيق المجتمع الإسلامي وإقامة الدولة المسلمةالتي تحكم بما أنزل الله على أي أرض لا تحكم بما أنزل الله ، هذه الجماعات أو هذهالطوائف لا يمكنها أن تحقق هذه الغاية – التي أجمعوا على تحقيقها وعلى السعي- حثيثاً إلى جعلها حقيقة واقعية – إلا بالبدء بما بدأ به الرسول صلى الله عليه وسلم .



    وجوب الاهتمام بالعقيدة لا يعنى إهمال باقي الشرع من عبادات وسلوكومعاملات وأخلاق :


    وأعيد التنبيه بأنني لا أعنى الكلام في بيان الأهمفالمهم وما دونه على أن يقتصر الدعاة فقط على الدعوة إلى هذه الكلمة الطيبة وفهممعناها ، بعد أن أتم الله عز وجل علينا النعمة بإكماله لدينه ! بل لا بد لهؤلاءالدعاة أن يحملوا الإسلام كُلاً لا يتجزأ ، وأنا حين أقول هذا- بعد ذلك البيان الذيخلاصته : أن يهتم الدعاة الإسلاميون حقاً بأهم ما جاء به الإسلام ، وهو تفهيمالمسلمين العقيدة الصحيحة النابعة من الكلمة الطيبة "لا إله إلا الله "، أريد أناسترعي النظر إلى هذا البيان لا يعني أن يفهم المسلم فقط أن معنى :" لا إله إلاالله " ، هو لا معبود بحق في الوجود إلا الله فقط ! بل هذه يستلزم أيضاً أن يفهمالعبادات التي ينبغي أن يعبد ربنا- عز وجل – بها ، ولا يوجه شيء منها لعبد من عبادالله تبارك وتعالى ، فهذا التفصيل لا بد أن يقترن بيانه أيضاً بذلك المعنى الموجزللكلمة الطيبة ، ويحسن أن أضرب مثلاً – أو أكثر من مثل ، حسبما يبدو لي – لأنالبيان الإجمالي لا يكفي .


    أقول : إن كثيراً من المسلمين الموحدين حقاًوالذين لا يوجهون عبادة من العبادات إلى غير الله عز وجل ، ذهنهم خال من كثير منالأفكار والعقائد الصحيحة التي جاء ذكرها في الكتاب والسنة ، فكثير من هؤلاءالموحدين يمرون على كثير من الآيات وبعض الأحاديث التي تتضمن عقيدة وهم غير منتبهينإلى ما تضمنته ، مع أنها من تمام الإيمان بالله عز وجل ، خذوا مثلاً عقيدة الإيمانبعلو الله عز وجل ، على ما خلقه ، أنا أعرف بالتجربة أن كثيراً من إخواننا الموحدينالسلفيين يعتقدون معنا بأن الله عز وجل على العرش استوى دون تأويل ، ودون تكييف ،ولكنهم حين يأتيهم معتزليون عصريون ،أو جهميون عصريون ، أو ماتريدي أو أشعري ويلقيإليه شبهة قائمة على ظاهر آية لا يفهم معناها الموسوس ولا الموسوس إليه ، فيحار فيعقيدته ، ويضل عنها بعيداً ، لماذا؟ لأنه لم يتلق العقيدة الصحيحة من كل الجوانبالتي تعرض لبيانها كتاب ربنا –عز وجل – وحديث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ،فحينما يقول المعتزلي المعاصر : الله – عز وجل – يقول : { أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِيالسَّمَاءِ ....} (الملك:الآيتان 15-16). و أنتم تقولون : إن الله في السماء ، وهذامعناه أنكم جعلتم معبودكم في ظرف هو السماء المخلوقة!! فإنه يلقى شبهة على من أمامه .



    بيان عدم وضوح العقيدة الصحيحة ولوازمها في أذهان الكثيرين :


    أريد من هذا المثال أن أبين أن عقيدة التوحيد بكل لوازمها ومتطلباتهاليست واضحة – للأسف في أذهان كثير ممن آمنوا بالعقيدة السلفية نفسها ، فضلاً عنالآخرين الذين اتبعوا العقائد الأشعرية أو الماتريدية أو الجهمية في مثل هذهالمسألة ، فأنا أرمي بهذا المثال إلى أن المسألة ليست بهذا اليسر الذي يصوره اليومبعض الدعاة الذين يلتقون معنا في الدعوة إلى الكتاب والسنة إن الأمر ليس بالسهولةالتي يدعيها بعضهم ، والسبب ما سبق بيانه من الفرق بين جاهلية المشركين الأولينحينما كانوا يدعون ليقولوا : لا إله إلا الله فيأبون ؛ لأنهم يفهمون معنى هذهالكلمة الطيبة ، وبين أكثر المسلمين المعاصرين اليوم حينما يقولون هذه الكلمة ؛ولكنهم لا يفهمون معناها الصحيح ، هذا الفرق الجوهري هو الآن متحقق في مثل هذهالعقيدة ، وأعني بها علو الله عز وجل على مخلوقاته كلها ، فهذا يحتاج إلى بيان ،ولا يكفي أن يعتقد المسلم{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) (طـه:5)


    }. "ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء "(10).دون أن يعرف أن كلمة "في " التيوردت في هذا الحديث ليست ظرفية ، وهي مثل "في " التي وردت في قوله تعالى : { أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ ....} (الملك:الآيتان 15-16). ؛ لأن " في " هنابمعنى " على " والدليل على ذلك كثير وكثير جداً ؛ فمن ذلك : الحديث السابق المتداولبين ألسنة الناس ، وهو مجموع طرقه –والحمد لله – صحيح ، ومعنى قوله صلى الله عليهوسلم :" ارحموا من في الأرض " لا يعني الحشرات والديدان التي هي في داخل الأرض ! وإنما من على الأرض ؛ من إنسان وحيوان ، وهذا مطابق لقوله صلى الله عليه وسلم :" ...يرحمكم من في السماء " ، أي : على السماء ، فمثل هذا التفصيل لا بد للمستجيبينلدعوة الحق أن يكونوا على بينة منه ، ويقرب هذا : حديث الجارية وهي راعية غنم ، وهومشهور معروف ، وإنما أذكر الشاهد منه ؛ حينما سألها رسول الله صلى الله عليه وسلم :" أين الله ؟" قالت له : في السماء"(11) . لو سألت اليوم كبار شيوخ الأزهر – مثلاًأين الله ؟ لقالوا لك : في كل مكان ! بينما الجارية أجابت بأنه في السماء ،وأقرها النبي صلى الله عليه وسلم ، لماذا ؟ ؛ لأنها أجابت على الفطرة ، وكانت تعيشبما يمكن أن نسميه بتعبيرنا العصري ( بيئة سلفية) لم تتلوث بأي بيئة سيئةبالتعبير العام -؛ لأنها تخرجت كما يقولون اليوم – من مدرسة الرسول صلى الله عليهوسلم – هذه المدرسة لم تكن خاصة ببعض الرجال ولا ببعض النساء ، وإنما كانت مشاعةبين الناس وتضم الرجال والنساء وتعم المجتمع بأكمله ، ولذلك عرفت راعية الغنمالعقيدة لأنها لم تتلوث بأي بيئة سيئة ؛ عرفت العقيدة الصحيحة التي جاءت في الكتابوالسنة وهو مالم يعرفه كثير ممن يدعي العلم بالكتاب والسنة ، فلا يعرف أين ربه! معأنه مذكور في الكتاب والسنة ، واليوم أقول : لا يوجد شيء من هذا البيان وهذا الوضوحبين المسلمين بحيث لو سألت –لا أقول : راعية غنم – بل راعي أمة أو جماعة ؛ فإنه قديحار في الجواب كما يحار الكثيرون اليوم إلا من رحم الله وقليل ما هم !!!




    الدعوة إلى العقيدة الصحيحة تحتاج إلى بذل جهد عظيم ومستمر :


    فإذاً ، فالدعوة إلى التوحيد وتثبيتها في قلوب الناس تقتضي مناألا نمر بالآيات دون تفصيل كما في العهد الأول ؛ لأنهم – أولاً – كانوا يفهمونالعبارات العربية بيسر ، وثانياً لأنه لم يكن هناك انحراف وزيغ في العقيدة نبع منالفلسفة وعلم الكلام ، فقام ما يعارض العقيدة السليمة ، فأوضاعنا اليوم تختلفتماماً عما كان عليه المسلمون الأوائل ، فلا يجوز أن نتوهم بأن الدعوة إلى العقيدةالصحيحة هي اليوم من اليسر كما كان الحال في العهد الأول ، وأقرب هذا في مثل لايختلف فيه اثنان ولا ينتطح فيه عنزان – إن شاء الله تعالى- :


    من اليسرالمعروف حينئذ أن الصحابي يسمع الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرة ثمالتابعي يسمع الحديث من الصحابي مباشرة ... وهكذا نقف عند القرون الثلاثة المشهودلها بالخيرية ، ونسأل : هل كان هناك شيء اسمه علم الحديث ؟ الجواب : لا ، وهل كانهناك شيء اسمه علم الجرح والتعديل ؟ الجواب : لا ، أما الآن فهذان العلمان لا بدمنهما لطالب العلم ، وهما من فروض الكفاية ؛ وذلك لكي يتمكن العالم اليوم من معرفةالحديث إن كان صحيحاً أو ضعيفاً ، فالأمر لم يعد ميسراً سهلاً كما كان ذلك ميسراًللصحابي ، لأن الصحابي كان يتلقى الحديث من الصحابة الذين زكوا بشهادة الله – عزوجل – لهم ....إلخ . فما كان يومئذ ميسوراً ليس ميسوراً اليوم من حيث صفاء العلموثقة مصادر التلقي ، لهذا لا بد من ملاحظة هذا الأمر والاهتمام به كما ينبغي ممايتناسب مع المشاكل المحيطة بنا اليوم بصفتنا مسلمين ، والتي لم تحط بالمسلمينالأولين من حيث التلوث العقدي الذي سبب إشكالات وأوجد شبهات من أهل البدع المنحرفينعن العقيدة الصحيحة منهج الحق تحت مسميات كثيرة ، ومنها الدعوة إلى الكتاب والسنةفقط ! كما يزعم ذلك ويدعيه المنتسبون إلى علم الكلام .


    ويحسن بنا هنا أن نذكر بعض ما جاء في الأحاديث الصحيحة فيذلك ومنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر الغرباء في بعض تلك الأحاديث ،قال :" للواحد منهم خمسون من الأجر " ، قالوا : منا يا رسول الله أو منهم ؟ قال : " منكم"(12) .


    وهذا من نتائج الغربة الشديدة للإسلام اليوم التي لم تكن فيالزمن الأول ، ولا شك أن غربة الزمن الأول كانت بين شرك صريح وتوحيد خال من كلشائبة ، بين كفر بواح وإيمان صادق ، أما الآن فالمشكلة بين المسلمين أنفسهم فأكثرهمتوحيده مليء بالشوائب ، ويوجه العبادات إلى غير الله ويدعي الإيمان ؛ هذه القضيةينبغي الانتباه لها أولاً ،و ثانياً : لا ينبغي أن يقول بعض الناس : إننا لا بد لنامن الانتقال إلى مرحلة أخرى غير مرحلة التوحيد وهي العمل السياسي !! لأن الإسلامدعوته دعوة حق أولاً ، فلا ينبغي أن نقول : نحن عرب والقرآن نزل بلغتنا ، معتذكيرنا أن العرب اليوم عكس الأعاجم الذين استعربوا ، بسبب بعدهم عن لغتهم ، وهذاما أبعدهم عن كتاب ربهم وسنة نبيهم ، فهب أننا – نحن العرب – قد فهمنا الإسلامفهماً صحيحاً ، فليس من الواجب علينا بأن نعمل عملاً سياسياً ، ونحرك الناس تحريكاًسياسياً ، ونشغلهم بالسياسة عما يجب عليهم الاشتغال به ، في فهم الإسلام : فيالعقيدة ، والعبادة ، والمعاملة والسلوك !! فأنا لا أعتقد أن هناك شعباً يعدبالملايين قد فهم الإسلام فهماً صحيحاً –أعني : العقيدة ، والعبادة ، والسلوك –وربيعليها.



    أساس التغيير هو منهج التصفية والتربية :


    ولذلك نحن ندندنأبداً ونركز دائماً حول النقطتين الأساسيتين اللتين هما قاعدة التغيير الحق ، وهما : التصفية والتربية ، فلا بد من الأمرين معاً ؛ التصفية والتربية ، فإن كان هناكنوع من التصفية في بلد فهو في العقيدة ، وهذا – بحد ذاته – يعتبر عملاً كبيراًوعظيماً أن يحدث في جزء من المجتمع الإسلامي الكبير- أعني : شعباً من الشعوب - ،أما العبادة فتحتاج إلى أن تتخلص من المذهبية الضيقة ، والعمل على الرجوع إلى السنةالصحيحة ، فقد يكون هناك علماء أجلاء فهموا الإسلام فهماً صحيحاً من كل الجوانب ،لكني لا أعتقد أن فرداً أو اثنين ، أو ثلاثة ، أو عشرة ، أو عشرين يمكنهم أن يقوموابواجب التصفية ، تصفية الإسلام من كل ما دخل فيه ؛ سواء في العقيدة ، أو العبادة ،أو السلوك ، إنه لا يستطيع أن ينهض بهذا الواجب أفراد قليلون يقومون بتصفية ما علقبه من كل دخيل ويربوا من حولهم تربية صحيحة سليمة ، فالتصفية والتربية الآنمفقودتان .


    ولذلك سيكون للتحرك السياسي في أي مجتمع إسلامي لا يحكم بالشرعآثار سيئة قبل تحقيق هاتين القضيتين الهامتين ، أما النصيحة فهي تحل محل التحركالسياسي في أي بلد يحكم بالشرع من خلال المشورة أو من خلال إبدائها بالتي هي أحسنبالضوابط الشرعية بعيداً عن لغة الإلزام أو التشهير ، فالبلاغ يقيم الحجة ويبرئالذمة .


    ومن النصح أيضاً ، أن نشغل الناس فيما ينفعهم ؛بتصحيح العقيدة ،والعبادة ،و السلوك ، والمعاملات .


    وقد يظن بعضهم أننا نريد تحقيق التربيةوالتصفية في المجتمع الإسلامي كل! هذا ما لا نفكر فيه ولا نحلم به في المنام ؛ لأنهذا تحقيقه مستحيل ؛ ولأن الله عز وجل يقول في القرأن الكريم {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَلَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ}(هود:118).


    وهؤلاء لا يتحقق فيهم قول ربنا تعالى هذا إلا إذا فهموا الإسلام فهماً صحيحاًوربوا أنقسهم وأهليهم ومن كان حولهم على هذا الإسلام الصحيح .



    من يشتغل بالعمل السياسي ؟ ومتى ؟


    فالاشتغال الآن بالعمل السياسي مشغلة ! مع أننا لاننكره ، إلا أننا نؤمن بالتسلسل الشرعي المنطقي في آن واحد ، نبدأ بالعقيدة ، ونثنيبالعبادة ثم بالسلوك ؛ تصحيحاً وتربية ثم لا بد أن يأتي يوم ندخل فيه في مرحلةالسياسة بمفهومها الشرعي ؛ لأن السياسة معناه : إدارة شؤون الأمة ، من الذي يديرشؤون الأمة ؟ ليس زيداً ، وبكراً ، وعمراً ؛ممن يؤسس حزباً أو يترأس حركة ، أو يوجهجماعة !! هذا الأمر خاص بولي الأمر ؛ الذي يبايع من قبل المسلمين ، هذا هو الذي يجبعليه معرفة سياسة الواقع وإدارته ، فإذا كان المسلمون غير متحدين – كحالنا اليومفيتولى ذلك كل ولي أمر حسب حدود سلطاته ، أما أن نشغل أنفسنا في أمور لو افترضناأننا عرفناها حق المعرفة فلا تنفعنا معرفتنا هذه ؛ لأننا لا نتمكن من إدارتها ،ولأننا لا نملك القرار لإدارة الأمة ، وهذا وحده عبث لا طائل تحته ، ولنضرب مثلاًالحروب القائمة ضد المسلمين في كثير من بلاد الإسلام هل يفيد أ ن نشعل حماسةالمسلمين تجاهها ونحن لا نملك الجهاد الواجب إدارته من إمام مسؤول عقدت له البيعة؟! لا فائدة من هذا العمل ، ولا نقول : إنه ليس بواجب ! ولكننا نقول : إنه أمر سابقلأوانه ، ولذلك فعلينا أن نشغل أنفسنا وأن نشغل غيرنا ممن ندعوهم إلى دعوتنا ؛بتفهيمهم الإسلام الصحيح ، وتربيتهم تربية صحيحة، أما أن نشغلهم بأمور حماسيةوعاطفية ، فذلك مما سيصرفهم عن التمكن في فهم الدعوة التي يجب أن يقوم بها كل مكلفمن المسلمين ؛ كتصحيح العقيدة ،وتصحيح العبادة ، وتصحيح السلوك ، وهي من الفروضالعينية التي لا يعذر المقصر فيها ،و أما الأمور الأخرى فبعضها يكون من الأمورالكفائية ، كمثل ما يسمى اليوم بـ (فقه الواقع ) والاشتغال بالعمل السياسي الذي هومن مسئولية من لهم الحل والعقد ، الذين بإمكانهم أن يستفيدوا من ذلك عملياً ، أماأن يعرفه بعض الأفراد الذين ليس بأيديهم حل ولا عقد ويشغلوا جمهور الناس بالمهم عنالأهم ، فذلك مما صرفهم عن المعرفة الصحيحة ! وهذا مما نلمسه لمس اليد في كثير منمناهج الأحزاب والجماعات الإسلامية اليوم ، حيث نعرف أن بعضهم انصرف عن تعليمالشباب المسلم المتكتل والملتف حول هؤلاء الدعاة من أجل أن يتعلم ويفهم العقيدةالصحيحة ، والعبادة الصحيحة ، والسلوك الصحيح ، وإذا ببعض هؤلاء الدعاة ينشغلونبالعمل السياسي ومحاولة الدخول في البرلمانات التي تحكم بغير ما أنزل الله ! فصرفهمهذا عن الأهم واشتغلوا بما ليس مهما ً في هذه الظروف القائمة الآن .


    أما ماجاء في السؤال عن كيفية براءة ذمة المسلم أو مساهمته في تغيير هذا الواقع الأليم ؛فنقول : كل من المسلمين بحسبه ، العالم منهم يجب عليه ما لا يجب على غير العالم ،وكما أذكر في مثل هذه المناسبة : أن الله عز وجل قد أكمل النعمة بكتابه ، وجعلهدستوراً للمؤمنين به ، من ذلك أن الله تعالى قال :{ ... فَاسْأَلُوا أَهْلَالذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}(الانبياء: من الآية7) فالله سبحانه وتعالىقد جعل المجتمع الإسلامي قسمين : عالماً ، وغير عالم ، وأوجب على كل منهما مالميوجبه على الآخر ، فعلى الذين ليسوا بعلماء أن يسألوا أهل العلم ، وعلى العلماء أنيجيبوهم عما سئلوا عنه ، فالواجبات – من هذا المنطلق – تختلف باختلاف الأشخاص ،فالعالم اليوم عليه أن يدعوا إلى دعوة الحق في حدود الاستطاعة ، وغير العالم عليهأن يسأل عما يهمه بحق نفسه أو من كان راعياً ؛ كزوجة أو ولد أو نحوه ، فإذا قامالمسلم –من كلا الفريقين – بما يستطيع ؛ فقد نجا ، لأن الله عز وجل يقول : { لايُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا }(البقرة: من الآية286) .


    نحنمع الأسف نعيش في مأساة ألمت بالمسلمين ، لا يعرف التاريخ لها مثيلاً ، وهو تداعيالكفار على المسلمين ، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في مثل حديثه المعروفوالصحيح :" تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها"، قالوا : أمن قلة نحنيومئذ يا رسول الله ؟ قال : "لا ، أنتم يومئذ كثير ، ولكنكم غثاء كغثاء السيل ،ولينزعن الله الرهبة من صدور عدوكم لكم ، وليقذفن في قلوبكم الوهن" ، قالوا: وماالوهن يارسول الله ؟ قال : "حب الدنيا وكراهية الموت".(13)


    فواجب العلماءإذاً ، أن يجاهدوا في التصفية والتربية ، وذلك بتعليم المسلمين التوحيد الصحيحوتصحيح العقائد والعبادات ، والسلوك ، كل حسب طاقته وفي البلاد التي يعيش فيها ،لأنهم لا يستطيعون القيام بجهاد اليهود في صف واحد ماداموا كحالنا اليوم ، متفرقين، لا يجمعهم بلد واحد ولا صف واحد ، فإنهم لا يستطيعون القيام بمثل هذا الجهاد لصدالأعداء الذين تداعوا عليهم ، ولكن عليهم أن يتخذوا كل وسيلة شرعية بإمكانهم أنيتخذوها ، لأننا لا نملك القدرة المادية ، ولو استطعنا ، فإننا لا نستطيع أن نتحركفعلاً ، لأن هناك حكومات وقيادات وحكاماً في كثير من بلاد المسلمين يتبنون سياساتلا تتفق مع السياسة الشرعية – مع الأسف الشديد – لكننا نستطيع أن نحقق – بإذن اللهتعالى _ هذين الأمرين العظيمين اللذين ذكرتهما آنفاً وهما التصفية والتربية ،وحينما يقوم الدعاة المسلمون بهذا الواجب المهم جداً في بلد لا يتبنى سياسة لا تتفقمع السياسة الشرعية ، ويجتمعون على هذا الأساس ، فأنا أعتقد – يومئذ- أنه سيصدقعليهم قول الله عز وجل :{وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ . بِنَصْرِاللَّه)(الروم: من الآية4-5) .



    الواجب على كل مسلم أن يطبق حكم الله فيشئون حياته كلها فيما يستطيعه :


    إذاً ، واجب كل مسلم أن يعمل ما باستطاعته، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها ، وليس هناك تلازم بين إقامة التوحيد الصحيحوالعبادة الصحيحة ، وبين إقامة الدولة الإسلامية في البلاد التي لا تحكم بما أنزلالله ، لأن أول ما يحكم بما أنزل الله –فيه- هو إقامة التوحيد ، وهناك – بلا شكأمور خاصة وقعت في بعض العصور وهي أن تكون العزلة خيراً من المخالطة ، فيعتزلالمسلم في شعب من الشعاب ويعبد ربه ، ويكف من شر الناس إليه ، وشره إليهم ، هذاالأمر قد جاءت فيه أحاديث جداً وإن كان الأصل كما جاء في حديث ابن عمر –رضي اللهعنه -:"المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المؤمن الذي لا يخالط الناسولا يصبر على أذاهم "(14). فالدولة المسلمة – بلا شك – وسيلة لإقامة حكم الله فيالأرض ، وليست غاية بحد ذاتها .


    ومن عجائب بعض الدعاة أنهم يهتمون بما لايستطيعون القيام به من الأمور ، ويدعون ما هو واجب عليهم وميسور !وذلك بمجاهدةأنفسهم كما قال ذلك الداعية المسلم؛ الذي أوصى أتباعه بقوله:" أقيموا دولة الإسلامفي نفوسكم تقم لكم في أرضكم"


    ومع ذلك فنحن نجد كثيراً من أتباعه يخالفونذلك ، جاعلين جل دعوتهم إلى إفراد الله عزوجل بالحكم ، ويعبرون عن ذلك بالعبارةالمعروفة : " الحاكمية لله ". ولا شك بأن الحكم لله وحده ولا شريك له في ذلك ولا فيغيره ، ولكنهم ؛ منهم من يقلد مذهباً من المذاهب الأربعة ، ثم يقول – عندما تأتيهالسنة الصريحة الصحيحة -: هذا خلاف مذهبي !فأين الحكم بما أنزل الله في اتباعالسنة؟!.


    ومنهم من تجده يعبد الله على الطرق الصوفية ! فأين الحكم بما أنزلالله بالتوحيد ؟!فهم يطالبون غيرهم بما لا يطالبون به أنفسهم ، إن من السهل جداً أنتطبق الحكم بما أنزل الله في عقيدتك ، في عبادتك ، في سلوكك ، في دارك ، في تربيةأبنائك ، في بيعك ، في شرائك ، بينما من الصعب جداً ، أن تجبر أو تزيلذلك الحاكمالذي يحكم في كثير من أحكامه بغير ما أنزل الله ، فلماذا تترك الميسر إلى المعسر؟! .


    هذا يدل على أحد شيئين : إما أن يكون هناك سوء تربية ، وسوء توجيه . وإماأن يكون هناك سوء عقيدة تدفعهم وتصرفهم إلى الاهتمام بما لا يستطيعون تحقيقه عنالاهتمام بما هو داخل في استطاعتهم ، فأما اليوم فلا أرى إلا الاشتغال كل الاشتغالبالتصفية والتربية ودعوة الناس إلى صحيح العقيدة والعبادة ، كل في حدود استطاعته ،ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها ، والحمد لله رب العالمين .


    وصلى الله وسلم علىنبينا محمد عليه وآله وسلم .



    ----------------------------------------------------------------------------
    التعليقات:
    (1) أصل هذه الرسالة شريط مسجل ثم كتب ، وطبع في مجلة السلفية ،العدد الرابع عام 1419 هـ .
    (2) حديث صحيح : رواه البخاري (1395) وفي غير موضع، ومسلم (19) ، وأبو داود(1584) ، والترمذي (625) ، كلهم من حديث ابن عباس رضي اللهعنه .
    (3) يشير إلى قوله تعالى في سورة الصافات:{ )إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَاقِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ . وَيَقُولُونَ أَإِنَّالَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ) (الصافات:35-36)
    (4) هو الشيخ محمدالهاشمي ، أحد شيوخ الصوفية " الطريقة الشاذلية " في سوريا من نحو 50 سنة .
    (5)حديث صحيح : رواه البخاري (25) وفي غير موضع ، ومسلم (22) ، وغيرهم ، منحديث ابن عمر رضي الله عنهما .
    (6) يعبدون القبور ، ويذبحون لغير الله ، ويدعونالأموات ، وهذا واقع وحقيقة ما تعتقده الرافضة ،و الصوفية ، وأصحاب الطرق ، فالحجإلى القبور وبناء المشاهد الشركية والطواف عليها والاستغاثة بالصالحين والحلف بهمعقائد ثابتة عندهم .
    (7) حديث صحيح : رواه أحمد (5/236)، وابن حبان (4)زوائد ،وصححه الألباني في الصحيحة(3355)
    ( حديث صحيح : صححه لألباني في السلسلةالصحيحة (1932)وعزاه لأبي سعيد الأعرابي في معجمه وأبي نعيم في الحلية (5/46)،والطبراني في الأوسط (6533)، وهو من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
    (9) هذهعقيدة السلف الصالح ، وهي الحد الفاصل بيننا وبين الخوارج والمرجئة .
    (10)حديث صحيح : رواه أبو داود (4941)، والترمذي(1925) ، وصححه الألباني في الصحيحه (925)
    (11) حديث صحيح : رواه مسلم (537) ، وأبو داود (930) ،والنسائي (1/14-1، من حديث معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه .
    (12) حديث صحيح : رواه الطبراني في الكبير (10/255) رقم (10394) ، من حديث ابن مسعود رضي الله عنه .وله شاهد من حديث عقبة بن غزوان الصحابي رضي الله عنه رواه البزار كما في الزوائد (7/282)وله شاهد آخر من حديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه رواه أبو داود (4341) ،وصححه الألباني في الصحيحة (494) .
    (13) حديث صحيح : رواه أبو داود (4297) ،وأحمد (5/287) ، من حديث ثوبان رضي الله عنه ، وصححه بطريقيه الألباني في الصحيحة (95 .
    (14) حديث صحيح : رواه الترمذي (2507) ، وابن ماجه (4032) ، والبخاريفي الأدب المفرد (38 ، وأحمد (5/365) ، من حديث شيخ من أصحاب رسول الله صلى اللهعليه وسلم وصححه الألباني في الصحيحة (939) .

    تعليق


    • #3
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      بسم الله الرحمن الرحيم
      جزاك الله خيراً و زادك علماً و تقىً . و أدخلك الجنة بغير حساب و لا سابقة عذاب .

      تعليق

      يعمل...
      X