إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

حكم تغطية وجه المرأة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حكم تغطية وجه المرأة

    بسم الله الرحمن الرحيم

    حكم تغطية وجه المرأة



    إنَّ الحمدَ لله نحمَدُه، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يُضلل فلا هادي له .
    وأشهد أنّ لا إله إلاّ اللهُ وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسولُه.
    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}
    { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقيبا }.
    { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِر لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًاعَظِيمًا }

    أما بعد:
    فإن خير الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدى هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وإن شر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار .

    كَثِيْر مِن الْنَّاس اسْتَشْكَل عَلَيْهِم حُكْم تَغْطِيَة الْمَرْاة لَوَجْها امَام الَاجَانِب مِن مَن هُم لَيْسُوْا مِن الَحَارِم وَالْكَثِيْر مِنْهُم يَقُوْل ان تَغْطِيَة الْوَجْه لَيْس بِوَاجِب وَهَذَا اسْتِنَادا لِمَا جَاء بِه بَعْض اهْل الْعِلْم لَكِن الْقلبَل مِنْهُم مَن يَقُوْل انَّه يَجُوْز لِلْمَرْاة ان تَكْشِف وَجْهَهَا وَهُو لَيْس عَوْرَة لَكِن رَد عَلَيْهِم اغْلْبِيّة اهْل الْعِلْم بَان الْوَجْه يُعَد عَوْرَة وَان كُل الْفِتْنِة فِي الْوَجْه لِان جَمَال الْمَرْأَة فِي وَجْهِهَا وَالْجَمَال هُو الَّذِي يَفْتَتِن بِه الْرِّجَال وَارَدْنَا فِي هَذَا الْبَحْث الْصَّغِيْر ان نُبَيِّن حِجَج وَبَرَاهِيْن الَّذِيْن قَالُوْا انَّه يَجِب عَلَى الْمَرْأَة سَتْر وَجْهِهَا.
    {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَـاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَـارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ ءَابَآئِهِنَّ أَوْ ءَابَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَآئِهِنَّ أَوْ أَبْنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَتِهِنَّ أَوْ نِسَآئِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـانُهُنَّ أَوِ التَّـابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِى الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَآءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُواْ إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }. (النور: 31).

    قول الشيخ ابن باز حمه الله

    س: إني متحجبة ولكن لا أغطي فمي وأنفي فهل هذا حرام؟ جزاكم الله خيراً.

    ج: الصواب وجوب تغطية الوجه؛ لأنه عنوان المرأة جمالاً ودمامة، وقد اختلف الناس في ذلك والصواب هو أنه يجب أن تغطي المرأة وجهها جميعاً؛ لقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العظيم في سورة الأحزاب: ..وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ.. (53) سورة الأحزاب، ولم يستثنِ سبحانه الوجه ولا غيره، وقال عز وجل: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ.. (59) سورة الأحزاب، والجلباب يغطى به الرأس والبدن والوجه والأيدي، فهو عام، وكذلك قوله جل وعلا: ..وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ...الآية (31) سورة النــور، وفي أولها يقول سبحانه: وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ...الآية، فقوله سبحانه: (إلا ما ظهر منها) قد تعلق به بعض أهل العلم، وقالوا: إن المراد بذلك الوجه والكفان، ولكن هذا ليس بصحيح، ولهذا قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه إن المراد بذلك الملابس الظاهرة، وقال ابن عباس -رضي الله عنه- فيما روي عنه إن المراد به الوجه والكفان، قال بعض أهل العلم: إنما أراد ابن عباس قبل النسخ قبل نزول آية الحجاب، كانت المرأة يباح لها الوجه والكفان، يباح لها إظهار الوجه والكفين، وبعد ما نزلت آية الحجاب منعت من ذلك، وهذا هو الأقرب والأظهر فيما رآه ابن عباس أن المراد يعني فيما مضى قبل نزول آية الحجاب، أما بعد نزل آية الحجاب فالوجه داخل في الزينة التي قال الله فيها: (ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن..) الآية، ثم يدل على ذلك ما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت لما سمعت صوت صفوان بن المعطل في غزوة الإفك لما سمعت صوته قالت: خمَّرتُ وجهي، قالت: وكان قد رآني قبل الحجاب، فهذا يدل على أنهم بعد الحجاب مأمورون بتخمير الوجه، والأمة تبع لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، الحكم للجميع، فالحاصل أن الأرجح والأظهر من الأدلة الشرعية هو وجوب ستر المرأة وجهها وكفيها وبقية بدنها؛ لأنها عورة وفتنة، والله سبحانه وتعالى أرشدها إلى أسباب النجاة وأسباب السلامة والعفة حتى قال في آخر الآية: ..وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ..، قال أهل العلم: معناه أنها لا تضرب برجلها حتى يسمع صوت الخلخال؛ لأن السامع قد يفتن بذلك، وأما قوله سبحانه: ..وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ..، معناه: الخمر ما يغطى به الرأس، فضرب الخمار على الجيوب معناه على الوجه والرأس؛ لأن الجيب مدخل الرأس، هذا الجيب من الجوب وهو الشق، فجيوبهن مدخل الرأس، المعنى ليضربن بخمرهن على موضع الجيب، وذلك هو الرأس والوجه، هو موضع الجيب فإنه يخرج من الرأس ويبدو منه الوجه فهذا هو محل التخمير، وأما قول بعضهم أنه لم يقل على وجوههن فلا يحتاج إلى هذا؛ لأنه لو قال: على وجوههن لقال آخرون: لِمَ لم يقل على رؤوسهن؟ فيبقى الأمر أيضاً يحتاج إلى أن يقول على رؤوسهن، وكلام الله أحكم وأعظم سبحانه وتعالى، فقال: فقال وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ، يعني على محل الجيب وهو الرأس والوجه هو الذي خرج من الجيب، وشق من أجله الجيب، فيخرج الرأس من هذا المحل، فيغطى بالخمار الذي هو ستر الرأس والوجه وما قد يبدو من الصدر، وأما حديث الخثعمية وأن الفضل نظر إليها وصرف النبي وجه الفضل فليس في حديث الخثعمية أنها كانت سافرة كاشفة وجهها، بل الأظهر والأصل في ذلك أنها ساترة وجهها، ولو فرضنا أنها سافرة لكان هذا في الإحرام وقد قال بعض أهل العلم: إنه يجوز لها كشف الوجه في الإحرام، لقوله عليه الصلاة والسلام: (لا تنتقب المرأة ولا تلبس القُفَّازين) قالوا: فنهيها عن النقاب يقتضي إسفارها، فيكون هذا في حال الإحرام وهي القادمة من مزدلفة ما قد رمت الجمرة ولا قد تحللت، فالفرض بأنها كانت كاشفة لكان هذا في الإحرام، مع أن الصواب أن المحرمة تستر وجهها بغير النقاب، كما جاء عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع (إذا حاذانا الرجال سدلت إحدانا خمارها من فوق رأسها على وجهها، فإذا بعدوا عنا كشفنا)، وهكذا روي عن أم سلمة أيضاً، فالمقصود أن هذا يدل على أنهن يسترن بغير النقاب وهو خمار يوضع على الرأس والوجه، أما النقاب فهو شيء يصنع للوجه ويخاط للوجه، ويقال له: النقاب، ويقال له: البرقع، يجعل على الوجه فهذا هو الذي يمنع منه تمنع منه المحرمة، أما كونها تستر وجهها بغير ذلك فهذا باقٍ على أصله مأمورة به حذراً من الفتنة وسداً لباب الفتنة، وبهذا يعلم القارئ ويعلم المؤمن أنه ليس فيما أدعاه من رأى الكشف ليس فيه حجة بذلك، والصواب أنها ليست سافرة ولو فرضنا أنها سافرة لكان ذلك في حال الإحرام، والمحرمة قد قال بعض أهل العلم بأنها تكشف وجهها فلا حجة في ذلك في كشفه خارج الإحرام، والصواب أنها لا تكشف لا في الإحرام ولا في غيره، وأنها حديث الخثعمية ليس فيه صراحة بأنها سافرة، وإنما النظر يمكن أن تنظر إليه وينظر إليها من دون كشف الوجه، النظر ممكن بأن تدير وجهها إليه ويدير وجهه إليها إما لحسن صوتها وأدبها حين سألت النبي صلى الله عليه وسلم، وإما لأسباب أخرى، فلا يلزم من ذلك أن تكون سافرة الوجه، كما أنه لا يلزم منها أن تكون كاشفة الرأس أيضاً. سنعود إلى رسالتك يا أخت سرى رياض من الجمهورية العراقية في حلقات قادمة إن شاء الله -تعالى- لإتاحة الفرصة أمام أسئلة أخرى ومستمعين أُخَر.

    س: من تجب تغطية الوجه عنه؟

    ج: تجب تغطية الوجه عن الرجل الأجنبي وهو من ليس محرماً للمرأة في أصح قولي العلماء، سواء كان الأجنبي ابن عم وابن خال أو من الجيران أو من غيرهم، لقوله تعالى يخاطب المسلمين في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن يأتي بعدهم: ( وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ) وهذا يعم أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهن من المؤمنات كما قال سبحانه: ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ)، والجلباب ما يوضع على الرأس والبدن فوق الثياب، وهو الذي تغطي به النساء الرأس والوجه والبدن كله، وما يوضع على الرأس يقال له: خمار. فالمرأة تغطي بالجلباب رأسها ووجهها وجميع بدنها فوق الثياب كما تقدم، وقال الله جل وعلا: ( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ) الآية، فقوله: إلا ما ظهر منها فسره ابن مسعود رضي الله عنه وجماعة بالملابس الظاهرة، وفسره قوم بالوجه والكفين، والأول أصح لأنه هو الموافق للأدلة الشرعية وللآيتين السابقتين، وحمل بعضهم قول من فسره بالوجه والكفين إن هذا كان قبل وجوب الحجاب؛ لأن المرأة كانت في أول الإسلام تبدي وجهها وكفيها للرجال، ثم نزلت آية الحجاب فمنعن من ذلك ووجب عليهن ستر الوجه والكفين في جميع الأحوال، ثم قال سبحانه: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) والخمر جمع خمار وهو ما يستر به الرأس وما حوله، سمي خماراً لأنه يستر ما تحته، كما سميت الخمر خمراً؛ لأنها تستر العقول وتغيرها.
    والجيب: الشق الذي يخرج منه الرأس، فإذا ألقت الخمار على وجهها ورأسها فقد سترت الجيب، وإذا كان هناك شيء من الصدر سترته أيضاً، ثم قال تعالى: ( وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ) إلى آخر الآية، والزينة تشمل الوجه والرأس وبقية البدن، فيجب على المرأة أن تغطي هذه الزينة حتى لا تَفتن ولا تُفتن، ويدل على ذلك ما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (لما سمعت صوت صفوان بن معطل فخمرت وجهي، وكان قد رآني قبل الحجاب) فعلم بذلك أن النساء بعد نزول آية الحجاب مأمورات بستر الوجه، وأنه من الحجاب المراد في الآية الكريمة، وهي قوله عز وجل: ( وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ) الآية.
    وأما ما رواه أبو داود عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في شأن أسماء: ((إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا)) وأشار إلى وجهه وكفيه، فهو حديث ضعيف لا يجوز الاحتجاج به لعلل منها: انقطاعه بين عائشة والراوي عنها، ومنها: ضعف بعض رواته وهو سعيد بن بشير، ومنها: تدليس قتادة رحمه الله، وقد عنعن، ومنها: مخالفته للأدلة الشرعية من الآيات والأحاديث الدالة على وجوب تحجب المرأة في وجهها وكفيها وسائر بدنها، ومنها: أنه لو صح وجب حمله على أن ذلك قبل نزول آية الحجاب جمعاً بين الأدلة. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

    فتاوى نور على الدرب

    الشيخ العثيمين رحمه الله

    السؤال: بارك الله فيكم يقول المستمع من سلطنة عمان ما حكم كشف وجه المرأة وكفيها وهل على الزوج عقوبة إذا تركها كاشفة الوجه والكفين أرجو الإفادة؟

    الجواب
    الشيخ: القول الراجح في هذه المسألة وجوب ستر الوجه عن الرجال الأجانب لقول الله تعالى (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنّ) إلى آخر ولقول الله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) ولحديث أم عطية رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يخرج النساء إلى صلاة العيد حتى الحيض وذوات الخدور يشهدن الخير ودعوة المسلمين وسئل عليه الصلاة والسلام عن المرأة ليس لها جلباب فقال عليه الصلاة والسلام أن تلبسها أختها من جلبابها ولأدلة أخرى مذكورة في الكتب المعنية في هذه المسألة ولأن إخراج المرأة وجهها فتنة يفتتن بها من في قلبه مرض وهي أشد فتنة من أن يسمع الإنسان خلخال امرأة مستور في لباسها وقد قال الله تعالى (وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ) فإذا كانت المرأة تنهى عن تضرب برجلها خوفاً من أن يعلم ما تخفي من زينتها فما بالك بإبداء الوجه أليس هذا أعظم فتنة وأشد خطراً والشريعة الإسلامية شريعة منتظمة لا تتناقض ولا يمكن أن تمنع شيئاً وتحل شيئاً أولى منه في الحكم والشريعة الإسلامية جاءت بمراعاة المصالح ودرء المفاسد ولا يرتاب عاقل أن المرأة لو أخرجت وجهها فإنه يترتب على ذلك مفاسد كثيرة منها في غيرها ومن غيرها لها فإنها إذا أذن لها بأن تخرج الوجه فلن تخرجه هكذا سوف تدخل عليه من التحسينات في العين والشفتين والخدين ما يوجب الفتنة الكبرى من النظر إليها وما وراءها ثم لو فرض أنها تحاشت ذلك كله وأخرجت نصف الوجه فإن ذلك فتنة يفتتن به من في قلبه مرض ولهذا أذن الله للقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة ففرق سبحانه وتعالى بين القواعد اللاتي لا يرجون نكاحاً لكبرهن وتحول وجوههن إلى وجوه لا تحصل بها الفتنة وبين غيرهن وإن الإنسان ليعجب إذا قال إنه يجب على المرأة أن تستر قدمها ولا يجب عليها أن تستر وجهها وكفيها فإنه على فرض أنه لم ترد النصوص من وجوب تغطية الوجه فإن من أقر بوجوب ستر القدم يلزمه بالقياس الأولوي أن يقول بوجوب ستر الوجه والكفين لأنهما أولى بالستر من ستر القدمين وهذا أمر إذا تأمله الإنسان وجد أنه لا يسوق القول بجواز كشف الوجه مع منع تحريم كشف القدم لما في ذلك من التنقل الظاهر بقي أن يقال إن كشف الوجه تحتاج المرأة إليه للنظر في طريقها والجواب على ذلك أو الجواب عن ذلك أن يقال إن الذين أجازوا كشف الوجه لم يقيدوا ذلك بالحاجة بل أجازوا لها أن تكشف وجهها ولو كانت جالسة في مكانها ثم إن الحاجة تزول باستعمال النقاب الذي كان معروفاً على عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما يفيده قوله صلى الله عليه وسلم في المرأة المحرمة لا تنتقب المرأة فإنه دليل على أن من عادتهن النقاب ومعلوم أن المرأة إذا تنقبت بأن فتحت لعينيها فتحتين بقدر الحاجة إنها سترى الطريق ولكن يبقى النظر أيضاً في مسألة النقاب فإن النقاب وإن كان جائزاً في الأصل لكننا نرى أن بعض النساء والعياذ بالله توسعن به وصارت تجمل عينيها بالكحل الفاتن ثم تفتح نقاباً أوسع من عينها بحيث تظهر الحواجب وربما تظهر الجبهة أو بعضها وربما تظهر الوجنتان والنساء لقلة صبرهن ونقص دينهن لا يقفن على حد في هذه الأمور فلو قيل بمنع النقاب من باب سد الذرائع لكان له وجه لأن سد الذرائع مبدأ شرعي دل عليه الكتاب كتاب الله عز وجل ودلت عليه السنة ودلت عليه سيرة الخلفاء الراشدين ففي الكتاب يقول الله عز وجل (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ) فنهى الله تعالى عن سب آلهة المشركين مع أنه مطلوب شرعاً سداً للذريعة إلى سب الله عز وجل وفي السنة أحاديث كثيرة تدل على درء المفاسد ومنع الوسائل إليه والذرائع ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين سئل عن بيع رطب التمر أينقص أجره قالوا نعم ونهى عن ذلك وأما سيرة الخلفاء الراشدين في سد الذرائع فمنها إلزام عمر رضي الله عنه في الطلاق الثلاث إذا طلق الرجل زوجه ثلاثاً فإنه كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر يكون واحدة ثم إنه رأى الناس قد تعجلوا في هذا الأمر واستعجلوا ما فيه لهم أناة فألزمهم بالطلاق الثلاث ومنعهم من الرجوع إلى زوجاتهم من أجل أن ينتهوا عما استعجلوا فيه فنجد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه منعهم ما هو حق لهم وهو الرجوع إلى زوجاتهم من أجل سد الذريعة إلى الطلاق الثلاثة الذي يستعجلون به ما فيه أناة لهم فإذا منعنا من النقاب فإننا لا نمنعه على أنه حرام شرعاً وليس لأحد أن يحرم ما أحل الله ورسوله ولكن نمنعه لأنه ذريعة إلى ما يتحول إليه من الفتنة والزيادة عما أحل الله عز وجل أما بالنسبة للزوج كما وقع في السؤال فعليه أن يمنع زوجته من كشف وجهها ما دام يرى أنه محرم أو أنه سبب للفتنة والزوج قد يغار من أن يتحدث الناس عن زوجته فيقول ما أجمل زوجة فلان أو ما أقبح زوجة فلان ولا يرضى أحد أن تكون زوجته محل للحديث في المجالس يتحدثون في قبحها إن كانت قبيحة في نظرهم أو عن جمالها إن كانت جميلة في نظرهم وهذه أيضاً من الحكم التي تكون في ستر الوجه أن الإنسان يسلم هو وأهله من أن يكون حديث المجالس.

    وسئل الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان

    هناك من يقول إن كشف الوجه لَيْسَ حراماً ، وبذلك لا يجب تغطيته عن ذلك في سائر الأوقات ، وفي الحج بصفة خاصة .

    فأجاب : الصحيح الذي تدل عليه الأدلة أن وجه المرأة من العورة التي يجب سترها، بل هو أشد المواضع الفاتنة في جسمها ، لأن الأبصار أكثر ما توجه إلى الوجه ؛لأنه مركز الجمال ، ومحل مدح الشعراء وأكثره في محاسن الوجه ، فالوجه أعظم عورة في المرأة ، مع ورود الأدلة الشرعية على وجوب ستر الوجه من ذلك قوله تعالى : {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ } . فضرب الخمارعلى الجيوب يلزم منه تغطية الوجه .
    ولما سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن قوله تعالى : { يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ } غطى وجهه وأبدى عينا واحدة فهذا يدل على أن المراد بالآية تغطية الوجه ، وهذا هو تفسير ابن عباس رضي الله عنهما لهذه الآية كما رواه عنه عبيدة السلماني لما سأله عن ذلك .
    ومن السنة أحاديث كثيرة منها :" أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى المحرمة أن تنتقب وأن تلب البرقع " فدل على أنها قبل الإحرام كانت تغطي وجهها .
    وليس معنى هذا أنها إذا أزالت البرقع والنقاب حال الإحرام أنها تبقي وجهها مكشوفاً ، بل تستره بغير النقاب وبغير البرقع بدليل حديث عائشة رضي الله عنها قال :" كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم محرمات ، فكنا إذا مر بنا الرجال سدلت إحدانا خمارها من على رأسها على وجهها ، فإذا جاوزنا كشفناه " فالمحرمة وغير المحرمة يجب عليها ستر وجهها عن الرجال الأجانب ؛ لأن الوجه هو مركز الجمال ، وهو محل النظر من الرجال فلا حجة صحيحة مع من يرى أن الوجه ليس بعورة ،وإنما الحجة الصحيحة مع من يرى أنه عورة ،والله أعلم .

    المنتقى من فتاوى فضيلة الشيخ صالح بن فوزان


    فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
    س1: ما حكم تغطية المرأة وجهها وكفيها، لا سيما إذا كانت ذات جمال؟
    ج1: النساء مأمورات بستر أبدانهن إذا كن بحضرة الرجال الأجانب، ومن ذلك الوجه والكفان، ويدل على ذلك الكتاب والسنة،أما أدلة الكتاب فهي:


    الأول: قال تعالى: سورة النور الآية 31 وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وجه الدلالة: أن المرأة إذا كانت مأمورة بسدل الخمار من رأسها على جيبها لتستر صدرها- فهي مأمورة بدلالة التضمن أن تستر ما بين الرأس والصدر، وهو الوجه والرقبة، ويبين ذلك ما رواه البخاري في (الصحيح) عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت:
    صحيح البخاري تفسير القرآن (4759) ، سنن أبو داود اللباس (4102).

    رحم الله نساء المهاجرين الأول، لما نزل: سورة النور الآية 31 وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ شققن آزرهن فاختمرن بها، والخمار: ما تغطي به المرأة رأسها. والجيب: موضع القطع من الدرع والقميص، وهو من الأمام كما تدل عليه الآية لا من الخلف.

    الثاني: قوله تعالى:(
    وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)

    قال الراغب في (مفرداته) وابن فارس في (معجمه)(القاعدة: لمن قعدت عن الحيض والتزوج)، وقال البغوي في (تفسيره): قال ربيعة الرأي هن العجز اللاتي إذا سألن الرجال استقذروهن، فأما من كانت فيها بقية من جمال وهي محل الشهوة فلا تدخل في هذه الآية
    البغوي 6 / 62 (ط: دار طيبة).

    انتهى كلام البغوي . وأما التبرج فهو: إظهار المرأة زينتها ومحاسنها للرجال الأجانب، ذكر ذلك صاحب (اللسان) و (القاموس) وغيرهما. وجه الدلالة من الآية: أنها دلت بمنطوقها على أن الله -تعالى- رخص للعجوز التي لا تطمع في النكاح أن تضع ثيابها، فلا تلقي عليها جلبابا، ولا تحتجب؛ لزوال المفسدة الموجودة في غيرها، ولكن إذا تسترت كالشابات فهو أفضل لها. قال البغوي (وأن يستعففن فلا يلقين الحجاب والرداء خير لهن)
    البغوي 6 / 62.



    وقال أبو حيان (وأن يستعففن عن وضع الثياب ويتسترن كالشابات فهو أفضل لهن)، انتهى كلام أبي حيان
    (تفسير البحر المحيط) ج 6 ص 473.


    ومفهوم المخالفة لهذه الآية أن من لم تيأس من النكاح وهيالتي قد بقي فيها بقية من جمال وشهوة للرجال فليست من القواعد، ولا يجوز لها وضع شيء من ثيابها عند الرجال الأجانب؛ لأن افتتانهم بها وافتتانها بهم غير مأمون. الثالث: قال تعالى:(
    يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا)



    وجه الدلالة من الآية: ما رواه ابن جرير
    تفسير ابن جرير 20 / 324.
    وابن أبي حاتم وابن مردويه في تفاسيرهم بأسانيدهم عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، وعبيدة السلماني -رضي الله عنه- قالا: أمر الله نساء المسلمين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب، ويبين عينا واحدة. انتهى كلامهما. وقوله: عليهن أي: على وجوههن؛ لأن الذي كان يبدو في الجاهلية منهن هو الوجه، والجلابيب: جمع جلباب الخمار، وقال ابن منظور في (لسان العرب) نقلا عن ابن السكيت أنه قال: قالت العامرية: الجلباب: الخمار. وقال ابن الأعرابي الجلباب: الإزار.قال الأزهري معنى قول ابن الأعرابي (الجلباب: الإزار) لم يرد به إزار الحقو، ولكنه أراد إزارا يشتمل به فيجلل جميع البدن. وكذلك إزار الليل، وهو كثوب السابغ الذي يشتمل به النائم فيغطي جسده كله. انتهى كلام ابن منظور .


    وفي (صحيح مسلم ) عن أم عطية -رضي الله عنها- قالت: يا رسول الله: إحدانا لا يكون لها جلباب، قال: (لتلبسها أختها جلبابها) وقال أبو حيان في (تفسيره): (كان دأب الجاهلية أن تخرج الحرة والأمة وهن مكشوفتي الوجه في درع وخمار، وكان الزناة يتعرضون لهن إذا خرجن بالليل لقضاء حوائجهن في النخيل والغيطان للإماء، وربما تعرضوا للحرة بعلة الأمة، يقولون: حسبناها أمة؛ فأمرن أن يخالفن بزيهن عن زي الإماء بلبس الأردية والملاحف وستر الرؤوس والوجوه، ليحتشمن ويهبن فلا يطمع فيهن)
    (البحر المحيط) ج 7 ص 250.


    ونكتفي بذكر هذا القدر من أدلة الكتاب. وأما الأدلة من السنة فهي: الأول: عن أم سلمة -رضي الله عنها- أنها كانت عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع ميمونة، قالت: بينما نحن عندها أقبل ابن أم مكتوم،وذلك بعد أن أمر بالحجاب، فقال-صلى الله عليه وسلم-: احتجبا منه، فقلت: يا رسول الله، أليس هو رجل أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا؟ قال -صلى الله عليه وسلم-: أفعمياوان أنتما؟ألستما تبصرانه؟ رواه الترمذي وغيره، وقال بعد إخراجه: حديث حسن صحيح، وقال ابن حجر : إسناده قوي.

    الثاني: عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: يا رسول الله: إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب؛ فأنزل الله آية الحجاب رواه الشيخان.


    الثالث: عن عائشة -رضي الله عنها- قالت:( كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- محرمات، فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه )رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه وغيرهم. الرابع: عن عقبة بن عامر -رضي الله تعالى عنه-
    .

    ( أنه سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أخت له نذرت أن تحج حافية غير مختمرة، فأمرها أن تحج وتختمر ) الحديث. وجه الدلالة من هذا الدليل: أنه -صلى الله عليه وسلم- أمرها بالاختمار؛ لأن النذر لم ينعقد فيه؛ لأن ذلك معصية، والنساء مأمورات بالاختمار والاستتار. ولشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- كلام جامع في هذه المسألة، نذكره بنصه، قال رحمه الله تعالى: (والسلف قد تنازعوا في الزينة الظاهرة على قولين: فقال ابن مسعود ومن وافقه: هي الثياب، وقال ابن عباس ومن وافقه: هي ما في الوجه واليدين، مثل: الكحل والخاتم...، قال: وحقيقة الأمر أن الله جعل الزينة زينتين: زينة ظاهرة. وزينة غير ظاهرة. وجوز لها إبداء زينتها الظاهرة لغير الزوج وذوي المحارم...، وأما الباطنة فلا تبديها إلا للزوج وذوي المحارم، وكانوا قبل أن تنزل آية الحجاب كان النساء يخرجن بلا جلباب، يرى الرجال وجهها ويديها، وكان إذ ذاك يجوز لها أن تظهر الوجه والكفين، وكان حينئذ يجوز النظر إليها؛ لأنه يجوز لها إظهاره، ثم لما أنزل الله -عز وجل- آية الحجاب بقوله: سورة الأحزاب الآية 59 (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ) حجب النساء عن الرجال، وكان ذلك لما تزوج النبي -صلى الله عليه وسلم- زينب بنت جحش فأرخى الستر النبي -صلى الله عليه وسلم- ومنع النساء أن ينظرن، ولما اصطفى صفية بنت حيي بعد ذلك عام خيبر قالوا: إن حجبها فهي من أمهات المؤمنين، وإلا فهي مما ملكت يمينه. فحجبها، فلما أمر الله أن لا يسألن إلا من وراء حجاب، وأمر أزواجه وبناته ونساء المؤمنين أن يدنين عليهن من جلابيبهن، والجلباب هو: الملاءة، وهو الذي يسميه ابن مسعود وغيره: الرداء، وتسميه العامة الإزار، وهو الإزار الكبير الذي يغطي رأسها وسائر بدنها، وقد حكى عبيدة وغيره أنها تدنيه من فوق رأسها فلا تظهر إلا عينها، ومن جنسه النقاب، فكن النساء ينتقبن، وفي الصحيح أن المحرمة لا تنتقب، ولا تلبس القفازين، فإذا كن مأمورات بالجلباب لئلا يعرفن، وهو: ستر الوجه أو ستر الوجه بالنقاب- كان (حينئذ) الوجه واليدان من الزينة التي أمرت أن لا تظهرها للأجانب، فما بقي يحل للأجانب النظر إلا إلى الثياب الظاهرة، فابن مسعود ذكر آخر الأمرين وابن عباس ذكر أول الأمرين) انتهى كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
    والمقصود: أن الأدلة التي جاءت دالة على جواز كشف الوجه واليدين كانت دالة على الأصل قبل نزول الأدلة القرآنية ومجيء الأدلة من السنة الدالة على الأمر بالتستر، وبهذا يعلم أن الأدلة الدالة على وجوب ستر الوجه واليدين ناسخة لما دل على جواز ذلك. نعم، إذا دعت حاجة إلى أن المرأة تكشف وجهها ويديها جاز ذلك، ومن أمثلة ما يدعو إلى الكشف: أن تدعو الحاجة كمعالجة مرض في وجهها أو يديها، وكذلك إذا أريد الشهادة عليها ولا تعرف إلا بكشف وجهها كشف ونحو ذلك. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم..


    اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

    رسالة للشيخ محمد بن صالخ العثيمين رحمه الله

    ولمن اراد التوسع اكثر والزيادة ننصحه بهاته الكتب
    -رسالة الحجاب واللباس في الصلاة لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله
    -الصارم المشهور على المفتونين بالسفور للشيخ حمود التويجري رحمه الله
    -ورسالة الحجاب للشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله


    ولا يزال البحث مفتوح باذن الله ونرجو من الاخوة الاعضاء مشاركتنا في هذا البحث والله الموفق الى الخير
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو عائشة عبد الرحمن بن إدريس المغربي; الساعة 09-Nov-2010, 02:26 AM. سبب آخر: تعديل حجم الخط ومسائل أخرى

  • #2
    النقاب هل هو فرض أم مكرمة؟


    النقاب فرض على النساء في ليالي الحج والعمرة؛ لأنه ستر لهن عن الفتنة؛ ولهذا يقول سبحانه وتعالى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ (53) سورة الأحزاب، فالحجاب أطهر لقلوب الرجال وقلوب النساء، وأعظم ما في المرأة من الزينة وجهها، فالواجب هو ستره والتنقب بالحجاب الساتر حتى لا تَفتن ولا تُفتن، وكان النساء قبل نزول آية الحجاب يكشفن وجوههن وأيديهن عند الرجال، ثم إن الله عز وجل أمرهن بالحجاب وأنزل قوله سبحانه: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ الآية من سورة الأحزاب، وأنزل في هذا سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ (59) سورة الأحزاب، وهكذا قوله جل وعلا: وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ (31) سورة النــور، الخمار ما يضرب على مؤخرة الرأس أو الجيب، فالذي يخرج من الجيب هو الرأس والوجه فتضرب بخمارها على شعورها وعلى وجهها حتى تستر ذلك من الرجال، والجيب هو الشق جاب البلاد شقها، جاب الصخر شق الصخر، والمقصود بالجيب هو ما يشق لإخراج الرأس معه عند لبس القميص، فهذا هو محل الستر يعني ترخي جلبابها على رأسها ووجهها الذي هو محل الجيب، (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ..)الآية، والزينة تشمل الوجه وتشمل غيره من زينتها من شعرها ومن صدرها ومن قدمها ويدها وحليها وشبه ذلك مما يفتن، حتى قال في آخر الآية: وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ (31) سورة النــور، حتى نهى عن ضرب الرجل لقصد إسماع الخلخال الذي يكون في الرجل؛ لأنه يفتن أيضاً، فالشيء الذي يفتن الرجال بالرؤية أو بالسماع تمنع منه المرأة حتى لا تَفتن ولا تُفتن؛ ولهذا يحرم عليها الخضوع بالقول؛ لأنه يفتن الرجال؛ ولهذا قال سبحانه يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ (32) سورة الأحزاب، أي مرض الشهوة، وهكذا غيرهن من باب أولى، فإذا كان نساء النبي مع تقواهن لله وكونهن من أكبر النساء فغيرهن أحوج إلى هذا والخطر عليهن أكبر، وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت لما سمعت صوت صفوان بن المعطل في غزوة الإفك يسترجع لما رآها قد تخلفت عن الغزو قالت: (فلما سمعت صوته خمَّرت وجهي وكان قد رآني قبل الحجاب)، ف...... بذلك أن النساء كن قبل الحجاب لا يخمرن وجوههن وبعد آية الحجاب صرن يخمرن وجوههن، وهكذا كان الصحابيات في حجة الوداع مع النبي صلى الله عليه وسلم يخمرن وجوههن عن الرجال، أما ما في حديث ابن عمر: (ولا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين) فالمراد النقاب الذي هو مخيط للوجه لا تلبسه، ولكن تغطي وجهها بغير ذلك، كالجلباب والخمار في الحج في الإحرام؛ لأن عائشة رضي الله عنها أخبرت أنهن كن مع الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وكن إذا دنا منهن الركبان سدلت إحداهن خمارها من على رأسها على وجهها فإذا بعدوا كشفت، وهكذا جاء في حديث أم سلمة وجاء في حديث فاطمة بنت المنذر زوجة هشام بن عروة بن الزبير، كل هذا يدل على أنهن معتادات التستر والحجاب في الإحرام وغيره، وإنما المنهي عنه النقاب الذي هو المخيط على قدر الوجه فهذا تتركه وقت الإحرام في الحج والعمرة، وتكتفي بالخمار الذي يرخى عند الحاجة وينزع عند عدم الحاجة، وسمي نقاباً لأنه ينقب فيه للعينين، هذا يترك وقت الإحرام وتستر وجهها بغير ذلك، وهكذا اليدان لا يلبس فيهما القفازان ولكن يستران بغير ذلك من الجلباب ونحوه، ولا تلبس القفازين في حال الإحرام؛ لأن القفاز يسترها دائماً وربما شق عليها، فتلبس ما تسترهما بغير قفازين، كالخمار والجلباب والعباءة ونحو ذلك، وأما حديث ابن عباس في قصة الخثعمية حين سألت النبي صلى الله عليه وسلم في طريقه إلى منى منصرفاً من مزدلفة وجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، فهذا لا يدل على أنها كاشفة ولا يلزم من النظر إليه وإليها الكشف، بل الواجب أن يحمل ذلك على أنها كانت مسترة بغير النقاب، كما في حديث عائشة وأم سلمة. إذاًَ على هذا فالنقاب فرض لا مكرمة فقط؟ الشيخ: نعم فرض واجب على النساء، النقاب وما يقوم مقامه من الخُمر المقصود ستر الوجه، ما يسمى حجاباً.



    من فتاوى نور على الدرب للشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله

    المصدر
    الملفات المرفقة
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو عائشة عبد الرحمن بن إدريس المغربي; الساعة 09-Nov-2010, 02:35 AM.

    تعليق


    • #3
      السؤال: هذا السائل مصري مقيم بالمملكة بريدة يقول في هذا السؤال فضيلة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد كثر الكلام في موضوع الحجاب والنقاب واختلفت آراء المشايخ والفقهاء فمنهم من يرى أن كشف الوجه واليدين عند المرأة حرام ومنهم من لا يرى ذلك إلا إذا خشيت الفتنة والغريب أن كل فريق استند إلى بعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والفريق الذي يرى أن ذلك حرام استند لآيات الحجاب في سورة النور وغير ذلك والفريق الذي لا يرى أن ذلك حرام استند إلى أن الله عز وجل أمر المؤمنين بغض البصر وقالوا إن غض البصر لا يأتي إلا عند كشف المرأة عن وجهها فكيف يكون غض البصر والمرأة تغطي وجهها وكيف تغض المرأة من بصرها عن الرجال وهل تغطي وجهها فما رأيكم في هذا الموضوع وما ورأيكم حفظكم الله يا شيخ محمد في الاختلافات في مثل هذا الموضوع وغيره وماذا يجب علينا نحن المسلمين في مثل هذه الاختلافات ولا سيما وأن كل فريقٍ يستند على آياتٍ وأحاديث صحيحة جزاكم الله خيرا.


      الجواب
      الشيخ: الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين هذا السؤال سؤالٌ مركزٌ جيد ويعجبني سياقه على هذا الوجه لأنه يدل على أن هذا الرجل السائل قد اعتنى في هذه المسألة ألا وهي مسألة كشف المرأة وجهها لغير المحارم والزوج لا شك أن العلماء اختلفوا فيها وأن كل واحدٍ منهم أدلى بحججه ولكن لدينا ميزانٌ أمرنا الله تعالى به أي بالرجوع إليه وهو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين ما قال الله تعالى ﴿وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله﴾ وقال تعالى:﴿ فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خيرٌ وأحسن تأويلا ﴾ وبتأمل الإنسان للأدلة التي استدل بها كل واحدٍ من الطرفين يتبين له أن الأدلة تؤيد من قال بوجوب ستر الوجه عن الرجال غير المحارم والزوج وفي ذلك أدلة سقناها في رسالةٍ صغيرة لنا أسميناها "الحجاب" وبينا فيها الأدلة من الكتاب والسنة والاعتبار على وجوب ستر المرأة وجهها عن الرجال غير المحارم والزوج وأجبنا عن أدلة القائلين بالجواز بجوابين أحدهما مجمل والثاني مفصل فأما المجمل فإننا ذكرنا أن النصوص الواردة والتي فيها ما يدل على جواز كشف الوجه لغير المحارم والزوج يمكن أن تحمل على أحد أمرين: إما على أنها قبل وجوب الحجاب وذلك لأن المسلمين كان لهم حالان الحال الأولى حالٌ قبل الحجاب وفيها كشف الوجه والكفين والحال الثانية: حالٌ بعد الحجاب وفيها الأمر بستر الوجه والكفين وهذا جوابٌ مجمل أو أن يكون هناك أيضاً من الجواب المجمل يكون هناك قضايا معينة فيها أسباب خاصة ظاهرها جواز كشف الوجه لغير المحارم والزوج وكذلك أجبنا عن أدلة القائلين بالجواز على وجه التفصيل فيحسن بالأخ السائل أن يرجع إلى هذه الرسالة وإلى غيرها أيضاً مما كتبه أهل العلم ولا سيما كتاب عودة الحجاب فإنه كتابٌ مطول وفيه ما يشفي العليل ويروي الغليل وإني أقول لهذا الأخ السائل إنه على فرض أن لا يكون هناك دليلٌ على وجوب ستر الوجه عن الرجال غير المحارم أو الزوج أو أن الأدلة متكافئة أدلة وجوب الستر وأدلة جواز كشفه فإن الحال اليوم تقتضي إلزام النساء بستر الوجه وذلك لكثرة الفتن وضعف الدين فإنه كلما كثرت الفتن وضعف الدين فإنه يجب أن يجعل هناك روادع وزواجر تمنع من الوصول إلى ما تكون به الفتنة ولهذا أصلٌ في الشريعة فقد قال الله عز وجل:﴿ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم﴾ فنهى عن سب آلهة المشركين لأننا لو سببنا آلهتهم لسبوا إلهنا وهو الله عز وجل ونحن إذا سببنا آلهتهم فهي أهلٌ للسب ولكن إذا سبوا الله عز وجل فإنهم يسبون الله تعالى عدواً بغير علم فسد الله تعالى هذا الباب الذي يكون وسيلةً أو يكون ذريعةً إلى سب الله عز وجل مع أنه محمود أي أننا نؤمر بأن نسب آلهة المشركين وأن نبين بطلانها لكن إذا كان يفضي إلى سب من لا يستحق السب وهو الله عز وجل لكمال صفاته فإننا نمنع من سب آلهتهم ولما كثر شرب الخمر في المسلمين بعد كثرة الفتوح في زمن عمر رضي الله عنه استشار الصحابة كيف يجعل عقوبته بعد أن كانت عقوبته نحوٌ من أربعين جلدة فأشاروا إليه أن يرفع هذه العقوبة إلى أخف الحدود إلى ثمانين جلدة وهو أخف الحدود وهو حد القذف فإن حد القذف ثمانون جلدة فأشار الصحابة على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أن يرفع عقوبة شارب الخمر إلى ثمانين جلدة فرفعها فزاد في العقوبة نظراً لكثرة شربها من الناس ولما استهان الناس بأمر الطلاق الثلاث في مجلسٍ واحد وهو من اتخاذ آيات الله هزواً رأى عمر رضي الله عنه أن يلزم من طلق ثلاثاً بما ألزم به نفسه وأن يمنع من الرجوع إلى زوجته فقد روى مسلمٌ في صحيحه عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال:"كان طلاق الثلاث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفي عهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة فلما تتايع الناس فيه قال عمر رضي الله عنه أرى الناس قد تتايعوا في أمرٍ كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم فأمضاه" فعلى فرض أن النصوص في جواز كشف المرأة وجهها لغير المحارم والزوج أو عدمه متكافئة فإنه في هذا الزمان يجب أن يسار في الطريق الأحوط والأمثل لمنع الفتنة والشر والفساد وهو إلزام المرأة بالحجاب إي بستر وجهها ولا يخفى علينا جميعاً ما حصل للبلاد التي أستباح أهلها كشف الوجه والكفين من التهتك في ذلك حتى كشفت المرأة ذراعيها وعنقها وشيئاً من رأسها أو رأسها كله كما هو مشاهدٌ في البلاد الأخرى فالمرأة لن تقف أبداً على الحد الذي هو موضع الخلاف وهو كشف الوجه والكفين فقط بل ستهتك الستر فيما وراء ذلك لهذا نرى أنه يجب على المرأة أن تستر وجهها عن الرجال غير المحارم والزوج ولنا في ذلك أدلة وكما قلت إنه لو فرض تكافؤ الأدلة في ذلك لكانت القواعد الشرعية تقتضي منع النساء كشف وجوههن في هذا العصر أما النقاب فالنقاب لا شك أنه جائز وأنه على عهد النبي عليه الصلاة والسلام ويدل لذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في المحرمة"لا تنتقب" وهذا يدل على أن النقاب كان معروفاً بينهم ولكن النقاب المعروف في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم نقابٌ بقدر الحاجة أي أن المرأة لا تنتقب إلا بمقدار ما ترى الطريق فتفتح لعيناها فتحة تكون بقدر العين فقط لكن النقاب اليوم توسع فيه كثيرٌ من النساء وصارت المرأة تنتقب بنقابٍ واسع تخرج منه كل العين بل والحاجب وطرف الجبهة وطرف الخد وربما تتوسع النساء في ذلك إلى أكثر فلهذا نرى منعه من هذه السياسة وعدم التجاوز في حد النقاب المباح ولسنا نرى منعه لأن الأدلة تدل على منعه لا لأن الأدلة تدل على جوازه لكن الجائز إذا كان يفضي إلى شئٍ محرم لا يمكن انضباطه فإن من الحكمة منعه درءً للمفسدة التي تترتب على القول بإباحته وأما قول السائل إن الله تعالى أمر المؤمنين أن يغضوا من أبصارهم وهذا يدل على أن هناك شيئاً ينظر إليه فيقال إن هذه الآية إن لم تكن دليلاً عليه أي على قول من قال بجواز كشف الوجه فليست دليلاً له لأن أمر الله سبحانه تعالى بالغض من البصر لا يستلزم أن تكون المرأة كاشفة وجهها إذ أن الإنسان قد ينظر إلى المرأة من حيث حجم جسمها ولباقته وما أشبه ذلك ثم إنه قد يكون للمرأة نظرةٌ أولى حينما يواجه المرأة وجهاً لوجه قبل أن تعلم به أو قبل أن يعلم بها ولهذا جاء في الحديث لك النظرة الأولى وليس لك النظرة الثانية فإذا صادف أن رجلاً واجهته امرأة وهي كاشفةٌ وجهها فإن الواجب عليه أن يغض البصر وهي يجب عليها في هذه الحال أن تستر وجهها يقول ما هو موقف الإنسان من خلاف العلماء والجواب على ذلك أن نقول إذا كان الإنسان طالب علم يمكنه أن يجتهد وينظر في أدلة الفريقين فيحكم بما يرى أنه أقرب إلى الصواب فهذا هو الواجب عليه أما إذا كان الإنسان عامياً لا يعرف فإن الواجب عليه أن يتبع من يظنه أقرب إلى الصواب في علمه وفي دينه وأمانته كما أن الإنسان لو اختلف عليه طبيبان وهو مريض بوصفة الدواء فإنه بمقتضى الفطرة سيأخذ بقول من يرى أنه أحذق وأقرب إلى الصواب وهكذا مسائل العلم يجب على الإنسان أن يتبع من يرى إنه أقرب إلى الصواب إما لغزارة علمه وإما لثقته وأمانته ودينه فإن لم يعلم أيهما أرجح في ذلك فقد قال بعض أهل العلم إنه يخير إن شاء أخذ بقول هذا وإن شاء أخذ بهذا وقال بعض العلماء يأخذ بما هو أحوط أي بالأشد احتياطاً وإبراءً للذمة وقال بعض العلماء يأخذ بما هو أيسر لأن ذلك أوفق للشريعة إذا أن الدين الإسلامي يسر كما قال الله تبارك تعالى:﴿ يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ﴾ وكما قال تعالى:﴿ وما جعل عليكم في الدين من حرج ﴾وكما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:(إن الدين يسر) وكما قال وهو يبعث البعوث:(يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين) أي أنه إذا اختلفت آراء العلماء عندك وليس عندك ترجيح فإنك تأخذ بالأيسر لهذه الأدلة ولأن الأصل براءة الذمة ولو ألزمنا الإنسان بالأشد للزم من ذلك إشغال ذمته والأصل عدم ذلك وهذا القول أرجح عندي أي أن العلماء إذا اختلفوا على قولين وتكافأت الأدلة عندك في ترجيح أحد القولين فإنك تأخذ بالأيسر منهما وهذا أعني القول بالأخذ بالأيسر فيما يتعلق بنفس الإنسان إما إذا كان يترتب على ذلك مفسدة فإنه يمتنع من ذلك على وجه الإعلان يعني معناه يمتنع من إظهار ذلك وإعلانه مثال هذا لو قدرنا أن الرجل ترجح عنده أن المرأة يجوز لها أن تكشف وجهها لغير المحارم والزوج لكنه في فئة لا ترى ذلك ونساؤها ملتزماتٍ محتجبات ففي هذه الحال لا يسمح لامرأته بأن تخرج كاشفة الوجه في مجتمعٍ أخذوا بالقول الثاني وهو وجوب ستر الوجه لما في ذلك من المفسدة على غيره لأن من عادة الناس أن يتبعوا ما هو أسهل سواءٌ كان صواباً أم غير صواب إلا من عصم الله وعلى هذا فنقول القول الصحيح أن نأخذ بالأيسر ما لم يتضمن ذلك مفسدة فإن تضمن ذلك مفسدة فليأخذ بالأيسر في حق نفسه فقط.


      من فتاوى نور على الدرب للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

      المصـدر

      تعليق


      • #4
        السؤال: أحسن الله إليكم هذه السائلة من جمهورية مصر العربية وتقيم في المملكة تقول في سؤالها ما حكم تغطية الوجه بالنسبة للمرأة المحرمة إذا كان الرجال الأجانب في كل مكان في الشارع وفي السيارة وفي الحرم نفسه وما المخرج من حديث النبي صلى الله عليه وسلم (المرأة المحرمة لا تنتقب ولا تلبس القفازين) هل يجوز كشف الوجه حال الإحرام؟


        الجواب

        الشيخ: لا يجوز للمحرمة ولا لغير المحرمة أن تكشف وجهها وحولها رجال أجانب بل الواجب ستر الوجه حتى في الإحرام فقد ذكرت (عائشة رضي الله عنها أنه إذا مر الرجال قريبا منهن سدلت إحداهن خمارها على وجهها) لئلا يراها الرجال الأجانب وأما (نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن النقاب) فنعم هو نهى عن النقاب لكن إذا كان حولها رجال فلابد من ستر الوجه وإذا سترت وجهها في هذه الحال فلا شيء عليها.




        من فتاوى نور على الدرب للشيخ ابن عثيمين رحمه الله


        تعليق


        • #5
          في انتظار مشاركتك واثراء هذا الموضوع بأقوال أهل العلم المتنوعة والتي تختلف حسب المواقف.


          وفقكم الله

          تعليق


          • #6
            رد: حكم تغطية وجه المرأة

            هام جداً لكل مؤمنة

            ضابط كلام العلماء الذين أباحوا كشف المرأة لوجهها...

            قال اﻹمام العلامة/ صالح بن فوزان الفوزان -حفظه اللّٰه تعالى-:

            "واعلمي أيتها الأخت المسلمة أن الذين أباحوا لك كشف الوجه من العلماء -مع كون قولهم
            مرجوحاً
            - قيدوه بالأمن من الفتنة. والفتنة غير مأمونة خصوصاً في هذا الزمان الذي قل فيه الوازع الديني في الرجال والنساء، وقل الحياء، وكثر فيه دعاة الفتنة، وتفننت النساء بوضع أنواع الزينة على وجوههن مما يدعو إلى الفتنة، فاحذري من ذلك أيتها المسلمة، والزمي الحجاب الواقي من الفتنة بإذن اللّٰه".

            من مقال للشيخ بعنوان:
            * الحجاب الشرعي وحجاب النفاق

            تعليق

            يعمل...
            X