إعـــــــلان

تقليص
1 من 4 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 4 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 4 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
4 من 4 < >

تم مراقبة منبر المسائل المنهجية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-

تعلم إدارة شبكة الإمام الآجري جميع الأعضاء الكرام أنه قد تمت مراقبة منبر المسائل المنهجية - أي أن المواضيع الخاصة بهذا المنبر لن تظهر إلا بعد موافقة الإدارة عليها - بخلاف بقية المنابر ، وهذا حتى إشعار آخر .

وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه .

عن إدارة شبكة الإمام الآجري
15 رمضان 1432 هـ
شاهد أكثر
شاهد أقل

( فقه التعامل مع أهل السنة وأهل الباطل ) فضيلة الشيخ عبيد الجابري

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ( فقه التعامل مع أهل السنة وأهل الباطل ) فضيلة الشيخ عبيد الجابري

    ( الحد الفاصل بين معاملة أهل السنة وأهل الباطل )
    ويليه :
    ( الضوابط في كيفية معاملة أهل السنة وأهل الباطل )
    ثم :
    ( فقه التعامل مع أهل السنة وأهل الباطل )
    وهي عبارة عن سلسلة لقاءات لشباب من المغرب العربي
    مع فضيلة الشيخ عبيد بن عبد الله الجابري -حفظه الله-
    وقد نصح الشيخ عبيد الجابري بقراءتها والرجوع إليها في المسائل المنهجية
    http://www.sahab.net/forums/showthread.php?t=348583
    ________________________

    * السؤال الأول :
    فضيلة الشيخ : هل إذا أخطأ عالم من العلماء الكبار، يجوز أو يسع لأحد من الشباب أن يردَّ عليه خطأه ، أم يرد عليه عالم مثله؟ حيث إن بعض الشباب يتجرأ على رد فتوى بعض العلمـاء التي تكون الفتـوى أحياناً محظورة شرعاً ، وأفتى بها العالم نظراً لضرورة ، أو حكمة يراها هو - بارك الله فيكم - أفتونا مأجورين .

    الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحـده لا شريك له ، ولي الصالـحين، ورب الطـيـبـين وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، سيد ولد آدم أجمعين ، صلى الله عليه وعلى آله، وأصحابه الطـيـبـين الطاهرين ، وسلم تسليماً كثيرا إلى يوم الدين . أما بعد :
    فإن ما سألتم عنـه يُنظر إليه من وجهـين ، كما يُـنظر إلى من صدرت عنه تلك المقـولة الخاطئة من جهتـين أيضاً، وهكذا أهل السنة ينظرون إلى المخالفة، وإلى المخالف.
    ( فالمخالفة لا تخلو من حالين )
    - إما أن تكون مخالفةً في أمر لا يسوغ فيه الاجتهاد :
    سواء أن كان في أصول الدين، أو في فروعـه ؛ لأنه تظافرت عليها النصوص من الـقـرآن والـسـنة ، وأجمع عليها الأئمة، أو كانت في حكم الإجماع، وكان المخالف ليس عنده من النصوص ما يقوي مذهبه.
    - وإما أن تكون المخالفة حدثت في أمر يسوغ فيه الاجتهاد :
    أو أمر النصوص تحتمل، وتحتمل.
    فالصـنف الأول : وهو الذي لا يسـوغ فيه الاجتهاد
    فإن الخـلاف فيه غير سـائغ، غير سـائغ أبداً؛ ويُردُّ الخطأ على قائله، كائناً من كان.
    ( ثم هذ ا المخـالف لا يخلو عن واحد من رجلين )
    * إماأن يكون صاحب سنة عرف الناس منه الاسـتقـامة عليها،والذَّبَّ عـنها وعن أهلـها، كما عرفوا منه النصح للأمة، فهذا لا يـتابع على زلته، وتحفظ كرامـته، وإن كنا رددنا مخالفـته فإنَّا نتأدب معه، ونحفظ كرامته، ولا نشنع عليه كما نشنع على المبتدعة الضـُّلال؛ وذلك رعايـةً لما مـنَّ الله به عليه من السـابقة في الفضل، والجلالة في القدر، والإمامة في الدين، فنحن نرعـى هذا كله، وإذا نظـرت في كثير من الأئمة الذين هم على السنة، يشهد لهم الناس في محياهم ، وكذلك نرجوا أن يكونوا بعد مماتهم - إن شاء الله تعالى - حدثت منهم أخطاء ، زلت بهم القدم ، فردَّ عليـهم المعاصـرون لهم واللاحقون لهـم مع حفظ كرامتهم، وصيانه أعراضهم، وعدم التطاول عليهم بنابيات العبارات.
    * وإما أن يكون هذا المخالف الذي خالف في أمر لا يسوغ فيه الاجتهاد- ولكنه خالف- قد يكون هذا خالف عناداً، واستكباراً، وترفعاً عن الحق، وانسياقاً وراء الـهوى، فهذا لا كرامة له عند أهل السنة؛ يردون عليه قوله، ويشنعون عليه، ويصفونه البدعة والضلال، ويحذرون منه، ويغلظون فيه القول.
    >>إلا إذا ترتبت مفـسدة أكبر من المصلحة المرجوة، فإنهم يكتفون برد خطأه، ويحذرونه في أنفسهم، وهذا إذا كان ذلكم المبتدع الضال له في البلد، وأهله الصولة، والجولة، والكفة الراجحة، والشوكة القوية؛كأن يكون مفتي البلد ، أو وزيـراً من الوزراء ؛ مثل وزير الأوقاف، أو وزير العدل، أو من المقربـين من الدولة ، أو من العلماء الموثوقين بهم عند الدولة، ونحن مسـتضعفون، فإنَّا لا نصفه بشيء من هذا. نقول:- هذا خطأ، أخطأ الشيخ فلان في كذا، ولا نقبله منه؛ العبرة في الدليل، الدليل عندنا على خلافه .
    >> ويـجــب أن يكون الرد علمياً؛ يستند على الكتاب والسنة وفق فهم السلف الصالح، بعيداً عن المهاترات والعبارات النابيات، التي تجعل السامعين يتقززون منها وينفرون منها ويزهدون في الحـق الذي عندنا أو الحق الذي عندكم؛ لما يسمعونه من عباراتٍ في غير محلها لا تـليق بطـلاب العـلـم . فإن الرد الذي يستند على الكتاب والسنة وفهم السلف الصالح ويُـجلَّى فيه الحـق، ويُفـنَّدُ فيه الباطل،فإن المنصفين يقـبلونه ولا ينازعون فيه، وإن كانوا يحبون ذلك المخالف، وهذا مجرَّب - بارك الله فيكم - فتفطنوا إليه.
    النوع الثاني من المخالفات : في أمر يسوغ فيه الاجتهاد
    فأنت تبـين قولك حسب ما ترجح عندك، ولا تشنع على الطرف الآخر ولا تحذر منه، ولا تصفه بالمبتدع الضال ولا الزائغ، ولكن تقول الصواب عندنا كذا .
    >> على سبيل المثال : الترتيب في الوضوء، فالجمهور على وجوبه، ومن ذلكم الإمام أحمد وأصحابه - رحم الله الجميع- والأحناف، ومن وافقهمعلى أنه لايجب، فنحن نرد على الأحناف من غير تثريب، من غير إغلاظ في القول، نقول الراجـح عندنا، أو أرجـح القولين الوجوب.
    >> ومثالٌ آخر : تارك الصلاة متهاوناً، فالجمهور على أنه فاسق، يستتاب فإن تاب وإلا قُتل حداً، حكمه حكم غيره من الفساق؛ يغسَّل، ويكفَّن، ويصلى عليه، ويدعى له، ويدفـن في مقابر المسلـمين، ويرثه المسلمون من أهله، وهذا هو قول الزُهـري، ومالك، وهو رواية عن الإمام أحـمد، وكذلك قال به غير هـؤلاء، الجمهور كما قدمت لكم.
    والرواية الثانية عن الإمام أحمد، وعليها محققون أئمة، ومنهم الشيخ "عبدالعزيز" الإمام الأثري، المجتهد- رحمه الله- والشيخ "محمد بن عثيمين" الإمام الفقيه، المحقق المدقق المجتهد - رحمه الله- على أنه كافر يستتاب؛ فإن تاب وإلا قتل ردة؛ وعليه فإنه لا يُغسل،ولا يكفن، ولا يصلى عليه، ولا يدعى له، ولا يرثه المسلمون من أهله؛ ماله فيء؛ يصرفه الحاكم في المصارف العامة للمسلمين.
    فإذا نظرت في حال هاتين الطائفتين من الأئمة - رحمة الله عليهم - لم تجد أن المفسِّقـين يصفون المكفِّـرين بأنهم خوارج، كذلك لم تجد أن المكـفرين يصفون المفسقـين بأنهم مرجئة. لماذا؟
    لأن الكل عنده أدلة قوية يرجع إليها في هذا الأصل الذي ذهب إليه .
    بقي أن أقـــــــول :-
    هذا العالم الجليل الذي أخطأ في أمرٍ ترونه راجحاً، هذا أرى أن يناصح وأن يُبـيَّن له خطأه، فإن لم يقبل منكم فارفعوا الأمر إلى علماء أكبر منكم ومنه، فإنهم يناصحونه ويبـينون له، وسوف ترده السنة - إن شاء الله تعالى – .
    هذا الألباني - رحمه الله، وسائر أئمة المسلمين، أهل السنة، والهدى، رحمهم الله - يرى أن وجه المرأة ليس بعورة؛ يجوز لها كشفه، والشيخ عبدالعزيز -رحمه الله- والشيخ محمد بن عثيمين- رحمه الله- والشيخ محمد بن إبراهيم- رحـمه الله- يرون خلاف ذلك، لكن لم يشنعوا عليه، وأهل العـلم يردون على الشيخ ناصر-رحمه الله- من غير تشنيع عليه، ولا تثريب، ولا شطط .
    كذلك يرى - رحمه الله - تحريم الذهب المحلق، ويستدل له، ومن ذكرتُ من علمائنا، وغيرهم لا يـُثرِّبون عليه؛ يقولون أخطأ الشيخ ناصر الألباني في هذا، والصواب كذا، وهكذا - بارك الله فيك - أهل العلم يوقر بعضهم بعضا.
    وقد بينت لكم من قبل الميزان الذي عرفته من كلام أئمتنا، وعلمائنا في المخالفة، والمخالف. فتفطَّنوا إلى ذلك فليس الأمر على حد سواء.
    * * *
    ** السؤال الثاني :
    أحسن الله إليكم ، وبارك فيكم. هذا سائل يسأل ويقول :-
    كيفية التعامل مع أهل البدع ، والأهواء من الجانب الديني ، والدنيوي ؟

    أولاً : أهل السنة عندهم ميزان مستقيم، ومنهج سليم؛ فهم يبغضون البدع، ويستنكرونها، وكذلك يبغضون المبتدعة الذين يدعون إلى بدعهم، وينافحون عنها، وينشرونها، بما أوتوا من قوة، وما استـطاعوا من وسيلة ويحذرون منهم، ومن مجالستـهم، ومن مجادلتـهم، ومن ذلك ما رواه ابن بطة في ( الإبانة الكـبرى ) عن أيوب السِختياني قال: قال لي أبو قِلابة:- يا أيوب احفظ عني أربعة : [ لاتقل في القرآن برأيك، وإياك والقدر، وإذا ذكِر أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فأمسك، ولا تمكِّن أهل الأهواء من سمعك فينـبذوا فيه ما شاؤا - أو قال - يقرُّوا فيه ما شاؤا] وروى عن مصعب بن سعد - رحمه الله، رحم الله الجميع- قال:- [لا تجالس مفتوناً ؛ فإنه لن يُخطِئك منه إحدى اثنتين؛ إما أن يفتنك فتتابعه- أو قال- فتتبعه، أو يؤذيكقبل أن تفارقه] والنقل عن هؤلاء الأئمة بدءاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من أئمة التابعين يحذرون هذا التحذير، وينكرون هذا النكير الشديد؛ لأن المقصود : تصفية السنة من البدع والمحدثات في الدين، ووقاية أهل السنة من خطر المبتدعة؛ ولـهذا هم يـفـرقـون بين المبتدع الداعية، وبين الساكت؛ لأن الساكت لا يضر أحداً، يضر نفسه .
    >> وكان أهل السـنة على هذه الشـدة، وهذه القوة على أهل البدع، والضلالات حينما تكون لهم الشوكة، والكفة الراجحة، فإنهم يتصدون للبـدع وأهلها بكل قـوة.
    >> كما أنهم إذا كانوا ضعفاء؛ لا حول لهم و لا قوة، والشوكة للمبتدعة، والصـولة لهم، والكـفة الراجحة لهم فإنهم ينتهجون الحكمة، ويكتفون بالتحذير من البدع، والمحدثات في دين الله.
    فاللهَ الله، يا أبـنائنا في المغرب العربي، في جـميع أنحاء المسلمين، إياكم، ثم إياكم أن تخالفوا هذا المنهج عليكم بالحكمة؛ فإن سلفكم يستعملون الشدة حين لا تنفع إلا الشدة، وتكون لهم قـوة، ويستعملون الرفق حيث لا ينفع إلا الرفق، وعلى هذا يخرَّج قول ابن سيرين، وغيره من الأئمة- رحمة الله عليهم-
    [ يا أهـل السـنة ترفـقـوا ؛ فإنـكم أقـل النـاس ] ، هذا أول ما أوصيكم به.
    ثانياً : أوصيكم يا أبنائنا في المغرب العربي، ويا أبـنائنا من المسلمين الذين تصل إليهم هذه الرسالة المسجلة أوصيكم بالإقبال على العلم الشرعي، والعلم الشرعي ما هو؟
    هو فقه الكتاب والسنة وفق سيرة السلف الصالح ومما أوصيكم به :
    * كتب العقائد التي ألفها أئمة السلف مثل : (السنة) لعبد الله بن الإمام أحمد و (السنة) لابن أبى عاصم، و(السنة) للخلال، و(التوحيد) لابن منده، و(الإيمان) له، و(التوحيد) لابن خزيْمة و (الإبانة الـكبرى) لابن بطـة العُكبري، و(شرح أصول السنة) للالكائي، ومكتبة شيخ الإسلام ابن تـيميه، ومكتبة شيخ الإسلام -تلميذه- ابن القيم، ومكتبة شيخ الإسلام المجدد الثالث في هذه الجزيرة -حسب ما علمناه :شيخ الإسلام مـحمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - وما شاكلها من الكتب التي نقلت لنا أصول الدين، وفروعه نقلاً مأموناً، موثوقاً.
    * ومن كتب الحديث :- الكتب الستة- ومعروفة- ومسند الإمام أحمد، وسنن الدارِمي، وموطأ الإمام مالك، وسنن الدارقطني، ومستدرك الحاكم، وصحيح ابن حبان، وما شابهها من كتب الحديث التي تلقاها الأئمة بالقَبول .
    * ومن كتب التفسير :- تفـسير ابن جرير، وتفسير ابن كثير، وتفـسير ابن أبي حـاتم- الموجود منه- وتـفسير البغوي، وتفسير القرطبي : هو جيد في اللغة، والفقه، أما في العقيدة فالذي ظهر لي أنه عنده تأويلات ينبغي أن يُتَفطن لها، وكذلك تفسير ابن سعدي، وهو علامة معاصر- رحمه الله -.
    * ومن كتب الفـقه :- المختصرات عندنا : (عمدة الفقه) لابن قدامة، و(منهاج السالكين) لابن سعدي، و(منار السبيل) لابن طُـوِيَّان. والمطولات منها: (المغني) لابن قدامة، و(الـمجموع) للنووي، و(الـمُدوَّنـة) لسحنون في المذهب المالكي- رحم الله الجميع- وغيرها كتب كثيرة .
    >> وكذلك أحذركم من الكتب الفكرية، وعلى رأس ما نحذر منه كتب الغزالي المصري السقا، وكتب يوسف بن عبد الله القرضاوي - المقيم في قطر- وكتب سـيد قطـب، لاسيما ’ معالم في الطريق ‘؛ فإنه ينضح بالتكـفير وتفـسيره، فإنه مليء بالضلالات، وكـتبه كلها ضـلال، وكتب النـدوي، وكتب المـودودي،وكتـب جميع الإخوان؛ فإنها حرفٌ أو انحراف بالمسلم من السنة إلى البدع، والمحدثات إذا تتلمذ عليها، وجعل ما فيها ديناً يدين لله به.
    وثالثاً : عليكم ملازمة أهل العلم الذين عرفتم، وعرف الناس غيركم منهم الاستقامة على السنة، ومناصرتها ومناصرة أهلها، والذب عنها، والذب عن أهلها، من كان حياً فلازمـوه بالجلوس عليه، وبالأخذ من كتبه إن لم تستطيعوا، أو أشرطته، ومن كان ميتاً فمن ما خلَّفه من الكتب المفيدة، التي تركها وهو على السنة إن شاء الله تعالى.
    * * *
    ** السؤال الثالث :
    جزاكم الله خيراً ، وأحسن الله إليكم. سائل آخر يزيد تأكيداً على السؤال السابق ، ويقول:- هل يجوز التعامل مع الحزبيين في أمور الدنيا ، كالتجارة؟
    حيث أن بعض الشباب يفعل ذلك، ويقول: أنا لا أتعامل معهم إلا في الأمور الدنيوية!!!
    أقـــول : إن استطعتم أن تباعدوا المبتدعة؛ فلا تشاركوهم في أي نشاط ديني، أو دنيوي فافعلوا.
    >>أما النشاط الديني : و يسمونه النشاط الدعوي - الدعوة - فلا تمكنوهم .
    فلا تعينوهم على بناء مساجد تنشر من خلالها البدعة، ولا على مدارس تنشر خلالها البدعة، ولا على طبع كتب تنشر فيها البدعة - أبداً - لأن من أعانهم وهو يعلم حالهم فإنه مثلهم، شاء أم أبى .
    >>أما الأمور الدنيوية : فهذه عندما تحتاجون إلى ذلك، ويكون الرجل منكم
    * محصناً تحصيناً قوياً في العقيدة الصحيحة.
    * وتحصيناً قوياً في السنة.
    * وتحصيناً قوياً في الحذر من البدع.
    * واحتاج إلى التعامل مع هؤلاء.
    * فلا مانع، على أن يكون ذلك بقدر الحاجة.
    وليحذر من المخالطة.
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {المرء على دين خليله ، فلينظر أحدكم من يخالل}.
    فـهذا أمـر خطـير ؛ فكم من رجل جرفته الأمور الدنيوية حتى انسلخ، وأصبح إما :-
    عــدواً للسنة، وأهلها أو مـيـت الغيرة ؛ ليس فيه ولاء ولا براء
    فإذا أردت أن تتعامل معه بأن تشغله عندك، وتكـون أنت المشرف وأنت الناظـر عليه، فهذا لا شك أنه أسلم، وإن احتجت لأن تعمل معه؛ هناك أمور بُليت بها في التجارة فاحتجت إلى العمل معه (فـلتحـذر) لتكن معاملتك معه معاملة دنيوية فقط؛ خذ دينار وأعطني دينار وفقط؛ هذا حسابه كذا، وهذا حسابه كذا، ولا تـتوسع وتدخل معه حتى يجرك إلى التعامل في الدين، أو النشاط الدعوي.
    وإن استغنيتم ببعضكم يا مـعشر السلفيين، فهذا أسلم لدينكم وعِرضكم، وهذا الذي نحرِّضكم عليه وندعوكم إليه، أحَب ما إلينا أن تستغنوا عن الحزبيين والحركيين وجميع أهل البدع.
    * * *
    ** السؤال الرابع :
    أحسن الله إليكم ، وبارك فيكم. سائل يسأل ويقول :-
    فضيلة الشيخ : كثر في الآونة الأخيرة الاشتغال بأشرطة وكتب الردود مع إهمال لطلب العلم ، وإذا قام أحد بتوجيه الشباب وحثهم على طلب العلم ، يمكن أن يصنَّف من أتباع فلان أو علان! فما هو الضابط في ذلك ؟
    وما توجيهكم في التعامل مع هؤلاء الشباب في هذه المسألة ؟ مع نصيحة عامة للشباب في طلب العلم .
    قدمتُ لكم- بارك الله فيكم- ما يغني عن بعض ما جاء في هذا السؤال، وعرفتم ما نصحتكم به من الكتب وما حذرتكم منه، وعـرَّفتُ لكم في ما قدمته لكم حد العلم الشرعي.
    والذي أزيده هنا أقول :-
    الردود : باب من أبواب الدعوة، فيها نشر للسنة، ودفع للبدعة، وصيانة لأهل السنة من خطر المبتدعة.
    ولا أعرف عالماً من أهل السنة، فضلاً عن الأئمة، ينهى عن الردود – أبداً - لا ينـهون عنها نهياً مطـلقاً، بل ينهون نهياً مقيداً؛ فإذا رأى العالم تلامذته، أو أهل بلده تركوا الفقه في العقيدة، والعبادة، والمعاملة وانصرفوا إلى الردود، فإنه يحذِّرهم، ويقول : لا تنشغلوا بالردود؛ يعني لا تجعلوها شغلكم الشاغل .
    فهو يريد أمرين - أعني هذا العالم الـسني، وكذلك الإمام من باب أولى - يريد من تلامذته ، ومحبـيه من أهل بلده وغيرهم، والذين جمعت بينه،وبينهم السنة والمحبة في ذات الله،تحابوا في ذات الله، يريد منهم أمرين :-
    >>الأمر الأول :التحصيل العلمي : فأنت إذا نظرت في الأئمة الذين حـذروا من البدع، وأهلها، وفـندوا شبه المبطلين، وصانوا هذا الدين، عن تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، وجدتهم يتكلمون بعلم، لا بعاطفة، وكـذلك من ورثهم من أبنائهم، وأحفادهم، وإخوانهم، على نفس النهـج؛ وذلكم حرصاً على تحقيق ما أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم، بل أخبر به {من يرد الله به خيراً يفقه في الدين}.
    قال أهل العلم : ومن لا يرد الله به خيراً لا يفقه في الدين - هذا مفهوم الحديث- وهذا صحيح .
    >> والأمر الثاني : أن يأخـذوا من الردود بقدر ، بقدر فقط؛ بحيث لا تشغلهم عن العلم ، فأنتـم تعلمون أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ما ورَّثوا ديناراً، ولا درهماً، بل ورَّثوا العـلـم، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر. هذه وصية نبينا صلى الله عليه وسلم .
    (وعلى هذا فإن من يتناول الردود، ويطالعونها أصناف)
    >> صنف : عنده القدرة على الجمع بينها وبين مسائل العلم، فهذا لا يُرَدْ، هذا يؤيد، ويبارَك له صنيعه، ويشد أزره؛ مادام عنده قدرة على تحصيل المسائل العلمية، دقيقها، وجليلها، وصغيرها، وكبيرها، فهذا لا يُثنى ولا يجوز أن يُثنى؛ مادام أنه لم يُـهمل الجانب العلمي؛ التحصيل العلمي.
    >> الصنف الثاني : من لا همَّ له في تحصيل المسائل العلمية، بل مطالعة ما يجري في الساحة، وفلان قال وفلان قال، فهذا الذي يشدد عليه، لا من باب أنه ركب بدعة، ولكن من باب مصلحته هو، فيقال : أنت أهملت أمراً أكبر من هذا.
    >> فإذا ذهب العلماء الذين دفع الله بهم البدع وأهلها، وكانوا جبالاً، من يرثهم إذا لم يكن لدينا علم ؟ هل يرثهم الجهال يا أبنائي؟ هل يصلح الجهال بعدهم لرئاسة النـاس، وقيادة الناس، وهدايـة الناس؟ أبداً؛ هؤلاء يَـضلون، ويـُضلون، فمن هذه الناحية نشدد على أخينا هذا، ويقال له: اتق الله؛ أنت جعلت وقتك كـله، أو جـله في هذه الردود، وكان يكفـيك أن تعلم بأن الإمام فلان، أو الـعالم فلان ردَّ على فلان من الناس، وكشف عن حاله، وهتك ستره؛ لما هو راكبٌ إياه من البدعة، والضلال، يكفيك هذا.
    وأنا أقول لكم :- أنا شخـصياً والله ما قرأت كل ما كتبه الشيخ ربيع – حفـظه الله، وحفـظ جـميع علماء الإسلام والسنة، بالإسلام والسنة في الحياة وبعد الممات- ما كتبه الشيخ ربيع- حفظه الله- عن سيد قطب والله ما قرأته كله، أبداً، ولكن فهمته؛ قرأت بعضه ففهمت البقية.
    * لأن الشيخ ربـيع عندي :
    صاحب راية يرفع بها لـواء السنة ويذب عنها وعن أهلها، فما رفعها ولله الحمد في وجه محارب، معادي للـسنة إلا عادت هذه الـراية منصـورة، مـؤزرة، قـوية، مـا لانت، ولا هـانت، وقد فـُضح بها ولله الـحمد أهل البدع والضلال، وأساطين أهل البدع والضلال، فكفاني أن الشيخ ربـــيــع ردَّ على فلان، أو أن الشيخ محمد بن عثيـمـين ردَّ على فلان، كفاني.
    >> الصنف الثالث : من لا يدري عما يجري : فهذا نكون معه، ونطلعه على ما واجه به علماء السـنة أساطين الضلال وأئمة البدع؛ حتى يكون على بصيرة، ولا يؤتى من غِـرَّة.
    >> هذا هو المنهج الصحيح -بارك الله فيكم- وأعطيكم مثالاً : الشيخ محمد بن عثيمين - رحمه الله - وهو من تعلمونه، لما سئل عن كتب سيد قطب قال:" أنا لا أدري عنها؛ ما قرأت له كثيراً، قرأت أول الأمر إن كنت في الشباب". ومرة قال :" كفانا فيها أخونا الشيخ ربيع" أحالك، فهمتم! أحالك، وأخر أمره قال: - رحمه الله- " لولا الـورع لقلنا بكـفر سيد قطب " حدثني بهذا.
    وأنتم قولوا : حدثنا عبيد الجابري – عرفتم اسمي وإلا لا – عـبيد بن عبد الله بن سليمان الجـابري - المدرس بالجـامعة الإسـلامية سابقاً - حفظ الله الجامعة الإسـلامية، وجامـعات أهل الإسلام، وصانها من كل مكروه. أنا أقول : حدثني الدكتور عبد الله بن زيد الـمُسَلَّم - من أهل عنيزة – بهذا الخبر فأنتم قولوا : حدثنا عبيد الجابري، قال حدثني عبد الله بن زيد الـمسلم. وقد فهمتم الخبر.
    >> فالمقصود : أنا أنهاكم يا أبنائي عن الشطط ، أنهاكم عن الشطط، وآمركم بالرفق ، فمن نهاني عن الاشتغال بالردود ،وترك المسائل العلمية ،أنا لا أشططُّ عليه ،لا أشططُّ عليه إذا عرفتُ أنه من أهل السنة ، أعرف أنه يريد نصحي، ويريد أن أحصِّل أبواباً من العلم .
    نعم أهل البـدع هم الذين ينهـون عن الردود نهياً مـطلقاً؛ اتركوا الردود، دعـوا عنكم الردود، فيها مـضيعة للوقت، وفيها مَشغلة عن العلم، نهياً مطلقاً .
    لكن أهل السنة لا ينهون نهياً مطلقاً، وإن قال هذه العبارة مطلقاً في وقت، لكن جل وقته أو كثير من وقته يريد هذا؛ نعرف هذا من حاله ومقاله.
    فمثلا الشيخ بن عثيمين- رحمه الله- حينما يقول لتلامذته وأهل بلده والمسلمين، لا تنـشغلوا بالردود حـاله ما هو؟ حاله على السنة، يقررها، ويدعوا إليها، ويدفع عن أهلها بقدر ما أوتي، وقرينة الحال تدل - في الحقيقة- على المقال؛ تدل على المراد من المقال .
    فإذا قال لك إخواني بنَّـائي، أو أخـواني سروري قـطبي، أو تبليـغي" لا تشغلوا أنفسـكم بالردود، إن هذه الردود مضيعة للوقت، ومَشغلة عن طلب
    العلم"! فضع عليه علامة كبـيرة! ماذا يريد هذا منك؟! يريد أن يروِّج للبدعة ويمهِّد لنشرها، وتضليل أهل السنة.
    (فبان بهذا أن الناهين عن الردود صنفان من الناس)
    *صنف هم أهل سنة : وهؤلاء لا ينهون عنها نهياً مطلقاً.
    *وصنف آخر هم أهل البدع : وهم الذين يُطلقــون، وأهل البدع نعـرفهم، نعـرف الإخـوان المسلمين، نعرف التبليغيين، نعرف السرورية القطبية، ونعرف المتحزبة، نعرفهم، فإذا كان الذي نهى عن الردود من هؤلاء نعرفه ، هذا ليس له عندي كرامة، ولا مكانة، أنا منتهي منه .
    لكن من كان من أهل السنة؛ على ما أنا عليه، فإن مراده واضح - بارك الله فيكم - مراده واضح.
    * * *
    ** السؤال الخامس :
    أحسن الله إليكم ، وبارك فيكم. هذا سائل يسأل ويقول:-
    هناك قصاصون على الساحة الدعوية من أمثال: سعيد بن مسفر، والدويـش، والعريفي والجـبيلان وغيرهم...... كيف يُتعامل مع أشرطتهم التي هي مجرد قَصص ، وتشويق ، وفكاهات.... هل ينصح بسماعها؟ بارك الله فيكم .

    أقـــول:- هـدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهـدي خـلفائه، وسـائر أصـحابه، وأئمة العـلم، والدين والإيمان من بعده من أهل القرون المفضلة، ومن هو على النهج، هديهم هو :-
    تقرير قواعد الدين، وأصوله الكلية؛ يأمرون بالتوحيد، ويقررونه للناس باباً باباً، وينهون عن الشرك ويحذرون منه، ويفصِّلون فيه تفصيلاً حتى تكون الأمة على حذر منه، كما أنهم أيضاً لا يدَعون الأمر بجميع فرائض الدين العملية، ويبينون للناس الحلال والحرام، وكذلك هم ينهون عن جميع المعاصي والبدع والمحدثات في الدين، وقد يكون في مقالاتهم، وخطبهم شيء من الوعظ؛ للترغيب والترهيب.
    ومن هنا نقول:-
    ( إن الوعَّاظ قسمان )
    >> قسم : على ما سبق من تـقرير أصول الـدين وقواعـده الكلية بالـدلـيـل ، ويكون في مواعظهم، وخطبهم شيء من الوعظ للترغيب والترهيب؛ تذكير بالموت الاستعـداد للجنة، الحذر من النار... ولكن هذا إلى جانب تقـعـيـد القواعد وتأصيل الأصول قليل .
    >> القسم الثاني : من لا يعـتنون بتقرير قواعد الدين وأصوله، ولا يهتمون بـتـوحـيد ولا شـرك، وديدنهم كله أو جله هو كما ذكـرتَ في سؤالك؛ قصص، وفكاهات ومجرد تشـويق، أو ترهيب خالي أو ترغيب خالٍ فهؤلاء قصاصون، وفي أشرطتهم مضيعة للوقت ومشغَلة عن طلب العـلم الشرعي الذي أخبر نبينا صلى الله عليه وسلم أنه سبيل الخيرية التامة؛ الخيرية التي تتضمن سعادة الدنيا والآخرة {من يرد الله به خيراً يفـقّه في الدين } فهؤلاء يجب على المسلمين أن يحذروا أشرطتهم وكتبهم، وأن يحذروا منها؛ لأن التلمذة عليهم لا تُورث إلا الجهل؛ ترقيق قلوب بدون علم. والله سبحانه وتعالى ما أثنى على الوعظ ثناءً مجرداً، بل أثنى على العلم،وأهله{شـهد الله أنه لا إله إلا هـو والمـلائـكة وألـوا العـلـم قائماً بالقـسط لا إله إلا هو العـزيـز الحكيم} وقال: { يرفع الله الذين ءامنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات } وقال: {إنما يخشى اللهَ من عباده العلماء } وقال صلى الله عليه وسلم: {من سلك طـريقاً يبتغي فيه علمـاً سهَّـل الله له طـريقاً إلى الـجنـة ، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما صنع، وإن العالم ليستغفر له من في السماء والأرض حتى الحيتان في جوف الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب ، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهماً وإنما ورَّثوا العلم فمن أخذ به أخذ بحظ وافر }.
    التحــذير من الوعاظ والقُصَّاص، وأصحاب الفكاهات والقصص والأساليب المشوقة، دون استناد إلى علم شرعي يقرَّر منه أصول الدين وقواعده الكلية، هؤلاء يحذَّر منهم ويحذَرون؛ لأنهم لم يكونوا على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهدي خلفائه وأصحابه وأئمة التابعين ومن بعدهم.
    * * *
    ** السؤال السادس :
    أحسن الله إليكم ، وبارك فيكم. هذا سائل يسأل ويقول:-
    فضيلة الشيخ : متى يكون الهجر هجراً صحيحا شرعياً لأهل البدع ، وأهل المعاصي؟ متى يكون ذلك حتى يتحقق الغرض الشرعي من هذا الأصل العظيم؟

    أولاً :الهجر هو الأصل، ممن قدر عليه، وكان مطاعاً؛ يأتمر الناس بأمره، وينتهي بنهيه ، هجر أهل البدع، وهجر أهل المعاصي- هذا هو الأصل- حتى يعود إلى رشده، ويراجع الحق.
    - لكن إذا كان هذا الشخص غير مطاع، والكفة الراجحة لذلك المبتدع، فهنا لا تدعوا إلى الهجر، ولا تأمر به.
    - لكن لك أنت أن تحذره؛ فلا تـزوره، ولا تستزيره، ولا تحـضر مجالسه، فإذا سُئلت قل لا آمنه على ديني لا آمنه على نـفسي.
    وقد قدمت لكم أول الكلـمة، أظـن في أول سؤال، أو في ثاني سؤال، ولعله تـكرر، أن أهل السـنة يراعون المصلحة؛ ينظرون في المصلحة، والمفسدة؛
    فإذا كانت المصلحة راجحة في هجر المبتدع وزجره والتحذير منه، هجروه وزجروه وحـذَّروا منه وهجروه وإذا كانت المفسدة أرجح والناس يتألـبون على أهل السنة، فإنهم لا يهجرونه يكتفون بالرد العلمي.
    (ولهذا أقول لكم يا أيها المستضـعفون من أهل السنة )
    اعتصـموا أنتم بالسـنة ، ولا تجادلوا هؤلاء، ولا تخاصموهم؛ اضربوا عنهم صفحاً؛ إذا كان أئمتكم هؤلاء فصلوا معهم ثم اخرجوا ولا تهيجوا عوام الناس ورَعاع الناس والذين ليس عندهم فقه في الدين عليكم .
    * * *
    ** السؤال السابع :
    أحسن الله إليكم، وبارك فيكم. هذا سائل يسأل ويقول:- ما قولكم حفظكم الله في من يقول: أجالس صوفياً أخلاقه حسنة ، أفضل من أن أجالس سلفياً أخلاقه سيئة ؟!

    أولاً : لا أظن أن سلفياً تشربت عروقه بالسنة، وخالطت بشاشتها قلبه - أبــداً - لا يقول هذا.
    فالسلفي يبتعد من المبتدعة، الصوفية، وغيرهم، وينحاز إلى أهل السنة.
    ولكن ننظر في موجب القول والقائل ، فإذا كان القائل من أهل التحزب، والحركيـين ، فليس هذا بغريب عليهم؛ لأنهم ينطـلقون شاؤا، أم أبـوا من قاعدة :- نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه.!!؟!!
    وإن كان صاحب سـنة، لكنه حزَّ في نفسه شيء؛ لما يرى من جفاء إخوانه عليه، وغلظتهم عليه غلظة يرى أنها زادت عن حدها، فهذا ما أظنه قالها إلا للزجر ولشدة العتاب، فهذا يجب على إخوانه أن يتعاملوا معه برفق، وأن يحسنوا صحبته لاسيَّما إن كان ذا جاهٍ كبير، ومكانة مرموقة في الناس.
    فحسن الصحبة واجبة بين أهل السنة؛ من سَعة الصدر، والصبر، والملاطفة، وقد أردُّ على سني، ويـردُّ عليَّ، وأشـتدُّ عليه فيما بينه، ويشـتدُّ علي، لكن لا على سبيل التشهير، لا أشــهِّر به، ولا أجعــله عرضة لحديثي في المجالس الخاصة والعامة، فلـو سئلتُ عن قـول فلان في كذا، أقـول: أخطـأ؛ الصواب خلاف ذلك، وفلان أعرف عنه أنه صاحب سنة، لكنه ما وفِّق في هذا.
    فتفطنوا بارك الله فيكم - إلى الحال والمقال ومـا يوجب المقال ، فـإن - كما يقولون - لكل مقامٍ مقال.
    * * *
    ** السؤال الثامن :
    جزاكـم الله خيراً ، وأحسن الله إليكم ، وهذا سائل يسأل عن الفرق بين العقيدة والمنهج؟ وهل بينهما خصوص وعموم أم لا ؟

    >> العقـيدة هي :
    ما تعتقده تديناً في الله وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخـر، والقدر خيره، وشـره، وما يستــتبع ذلك من تصـديق خبر الله، وخبر رسوله صلى الله عليه وسلم، في الماضي والمستقبل، ومن ذلك نعيم القبر وعذابه والحوض - حوض النـبي صلى الله عليه وسلم - والميزان وغير ذلك، هذه العقيدة، وكذلك يتبع هذا تنزيل الأولياء والصالحين،الذين هم أولياء لله متقين لله، أهل سنة، وأئمتهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم،وآل البيت منهم خاصة، وأئمة التابعين ومن بعدهم، فتنزلهم منازلهم من غير غلو، من غير إفراط،ولا تفريط، وتتولاهم محبةً في ذات الله سبحانه وتعالى.
    >> والمنهـج هو :
    الطريق الذي يسلكه المرء في دعوة الناس إلى الله عز وجل .
    وقاعدته : الكتاب والسنة على فهم السلف الصالح .
    ( واعلموا أن العقيدة والمنهج متلازمان)
    وما أحسن ما قال البربهاري- رحمه الله- [اعلم أن الإسلام هو السنة،وأن السنة هي الإسلام ] ، فالعقيدة والمنهج لا يختل أحدهما إلا من خلل في الآخر؛ فالخـوارج لما اختـل منهـجهم وكـفَّـروا بالكبـيرة وحكموا على مرتكبها في الدنيا بأنه كـافر حلال الدم والمال، وتوصلوا من هذا إلى سبي نسائهم وذراريـهم من خلل في عقيـدتهم؛ كذَّبوا النصوص الصحيحة الثـابتة عن النـبي صلى الله عليه وسلم في أن المـعاصي لا تسلب الإيمان بالكلية وإنما تسلب كماله، ولهذا هم ارتكبوا- مع هذا- تكذيباً آخر؛ فكحموا على مرتكب الكبيرة إذا مات بأنه خالد مـخلد في النار.
    والمعتـزلة قالوا إنه في منزلة بين منزلتين ! لا مـؤمن ولا كافر! خـلاف ما شـهدت به النــصوص من آي التـنزيل وصحـيح السنة عن النبي صلى الله علـيه وسلم، ووافـقوا الخوارج في من مات على كبيرة من الكبائر.
    وهكذا والمرجئة الغُلاة الذين يقولون : الإيمان هو مجرد التصديق أو يقولون القول، أو التصديق مع القول، حاصل عقيدتهم بل هم يـقررونه : لا يــضر مع الإيمان ذنب! كما لا ينفع مع الكفر طاعة! فانظروا التناقض؛ لا ينفع مع الكفر طاعة هذا صحيح،لكن المَقيس فاسد؛ لايضر مع الإيمان ذنب! إذاً يستوي عندهم السِّكير العِربيد الفاجر،مع البَر التقي الصائب المصلي! هذا خـلل في العـقيدة وخـلل في المنـهج، فهم يـوالون ويـعادون في هذه العقائد الفاسدة، وأهل السنة لا يـوالون ولا يعادون إلا في الله سبحانه وتعالى. فلا تـغرنَّـكم شواذ العبارات، ولا بُنـيَّات الطريق.
    فالعقيدة والمنهج الذي هو طريق الدعوة إلى الإسلام الخالي من شوب الكفر ومن شوب البدع ومن المعاصي المنهج الصحيح لا يخالف العقيـدة الصحيحة - أبــداً- فالإسـلام، أو الدعوة إلى الإسـلام على منـهاج رسول الله صلى الله عليه وسلم تقوم على عقيدة صحيحة ومنهج سديد صحيح.
    * * *
    ** السؤال التاسع :
    جزاكم الله خيراً ، وأحسن الله إليكم. هذا سائل يسأل ويقول:-
    متى يكون الإنسان مؤهلاً لأن ينكر المنكر؟!

    أولاً : يا بني اعلم أن المنكر على ثلاث مراتب؛ جاءت في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم عن أبي سعيد الخُدْري رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال{من رأى منكم منكراً فليغيره بيده} هذه المرتبة الأولى. {فإن لم يستطع فبلسانه} وهذه المرتبة الثانية، {فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان} وهذه المرتبة الثالثة .
    ولا أدري ما تريد بقولك : متى يكون مؤهلاً! لكن أقول لك شيئين :-
    >> أولاً :الإنكار بالقلب هذه جميع عباد الله مؤهلون لها، لا يعجز عنها أحد.
    وأما المرتبتان الأوليان : التغيير باليد، والتغيير باللسان :
    فالأولى : لمن قدر، وأمن المفسدة التي هي أكبر من تغييرالمنكر.
    والثانية :لأهل العلم؛ الذين يحسنون البيان، ويـبيـنون للناس الحق،ويحذرونهم من الباطل، يأمرونهم بالحلال بالدليل، وينهونهم عن الحرام بالدليل، يدعونهم إلى السنة بالدليل، وينهونهم عن البدع بالدليل بالحكمة، والموعظة الحسنة، وإن دعا الأمر جادلوا بالتي هي أحسن .
    >> والأمر الثاني : اعلم أنه إذا ترتبت على تغيير المنكر مفـسـدة أكبر منه كان منـكـراً، كان تغييره منكراً.
    ولهذا- والله أعلم- قال صلى الله عليه وسلم {من كانت عنده نصيحة لذي سلطان فلا يبدهاعلانيـة، وليخلو به ، وليأخذ بيـده ، فإن قـبـلها قبــلها ، وإن ردَّهــا كان قد أدى ما عـلـيه} رواه ابن أبي عاصـم وغـيره، عن عياض بن غُـنْم - رضي الله عنه - وهو صـحيح بمجـموع طرقه. وقد صحـحه العـلاَّمة، الإمـام، المحدث في هذا العصر بلا منازع، الشيخ: " ناصر" - رحمه الله -. فتفطنوا - بارك الله فيكم - في بعض الأحيان لا تستطيع أن تنكر منكراً، فيبقى عليك الإنكار بالقلب.
    * * *
    ** السؤال العاشر :
    أحسن الله إليكم ، وبارك فيكم. هذا سائل يسأل ، ويقول :-
    هل يُشترط في الرد على المخالف والتحذير منه أن يجتمع على التحـذير منه والكلام فيه أهل العلـم! أم يكفي عالم واحد فقط؟!.

    هذه قاعدة الجرح والتعديل، وملخصها:" أن من علم حجة على من لم يعلم" . فإذا حذر عالم من رجل وأقام عليه الدليل بأنه من أهل الأهواء، أو من الجهال الذين لا يستحقون الصدارة في العلم والتعليم، وكان هذا العالم معروفاً بين الناس بالسنة والاستقامة عليها، وتقوى الله سبحانه وتعالى فإنا نقبل كلامه، ونَحذر من حذرنا منه، وإن خالفه مئات؛ مادام أنه أقام الدليل، وأقام البينة على ما قاله في ذالكم المحذَّر منه، فهذا وسعنا، بل هو فرضـنا، والواجـب علينا، وإلا ضاعت السـنة .
    فإن كثير من أهل الأهـواء يخفى أمرهم على جمهرة أهل العلم، ولا يتمكنون من كشف عوارهم، وهتك أستارهم؛ لأسباب منها :
    >> البـطانة الســيئة : التي تحول بين هذا العـالم الجليل السني القـوي، وبين وصول ما يُهتك به سـتر ذلك اللعَّاب الماكر الغشاش الدساس - البـطـانة الســيئة - حال لا يمكن أن يصل إليه شيء، حتى أنها تحـول بينه، وبين إخوانه الذين يحبهم في الله، فلا يستطيع أن يقرأ كل شيء .
    >> ومنها : أن يكون ذلك العالم ليس عنده وقت، بل وقته كله في العلم، والتعليم .
    >> ومنها : أن يكون بعيداً عن هذه الساحة؛ يكون هذا الشخص مثلاً : في مصر، أو الشام، أو المغرب، أو مثلاً اليمن، وهذا العالم- الذي في السعودية- لا يدري عما يجري في تلك الساحة؛ ما بلَّغه ثقةٌ بما يجري في تلك الساحة والساحات؛ فهو جاهل بحاله.
    >> ومنها : أن يكون هذا العالم قد نمى إلى علمه وتعلق في فكره أن ذلك الرجل ثقة عنده، فما استطاع أن يصل إلى ما كشفه غيره من أهل العلم ؛ للأسباب المتقدمة وغيرها،لكن نمى إلى علمه سابقاً أنه صاحب سنة وأنه يدعوا إلى الله، وكان أمامه يُظهر السنة، وحب أهل السنة،والدعوة إلى السنة، ويذكر قَصصاً من حياته ومصارعته للأفكار الفاسدة، والمناهج الكاسدة، ويأتي له بكتب سليمة، وما درى عن دسائسه.
    فإذاً ماذا نصنع؟ نعمل على كلام ذلك العالم الذي أقام الدليل، وأقام البينة التي توجب الحذر من ذلك الرجل من كتبه، ومن أشرطته، ومن شخصه.
    وأما ذلك العالم الجليل فهو على مكانته عندنا؛ لا نجرحه، ولا نحط من قدره، ولا نقلل من شأنه بل نعتذرله؛ نقول ما علم، لو علم ما علمنا لكان عليه مثلنا أو أشد منا. والله أعلم ، نكتفي بهذا ، وأستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    التعديل الأخير تم بواسطة المنهاج; الساعة 06-Jun-2007, 10:55 PM.

  • #2
    ** السؤال الحادي عشر :
    شيخنا الفاضل : أحسن الله إليكم ، وبارك فيكم . يقول هذا السائل :-
    متى يُنسـب الشخص إلى طائفة معينة كالإخوان ، والتبليغ ، وغيرهما... ؟

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . إن الحمد لله نحمده ونستـعينه ونستـغفره، ونعـوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادئ له، وأشـهد أن لا إله إلا الله وحـده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله { يأيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} { يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا} { يأيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً} .
    أما بعد : فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمداً صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدَثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالة في النار.
    ثم أما بعد:-
    فاعلموا يا بَني، أنتم ومن تصل إليه هذه الرسالة الصوتية التي نبثها من خلال بعض أبنائنا من دول المغرب العربي، حـرس الله المغرب العربي وسائر بلاد الإسـلام من كل مكروه، وجمع حـكامها ومحكوميها على الحق والهدى والإسلام والسنة . آمــيــن .
    أقـول : الساحة اليـوم فيها الاحـتدام القـوي الذي يكـشِّر فيه أهل البدع عن العـداوة السافرة لأهل السـنة والجـماعة ، وليس هذا وليــد السـاعة - كما يقـولون- بل لكل قـومٍ وارث؛ فـما خلا زمـان ولا مـكان من قوم يناصبون أهل السنة العِداء ويملئون صدورهم عليهم كمداً وبغضاء، وإن كان ذلك يختلف قوةً وضعفاً، وكثرةً وقلة. فإذا قويت شوكة أهل السنة ورجحت كفتهم وكان السلـطان لهم ولأئمتهم، ضـعف المبتدعة وانشمروا وربما اخـتفوا أو أخــفوا أنفسهم؛ خشيةً من سلطان السنة، الذي من عرض له ووقف في وجهه معادياً فضحه الله سبحانه وتعالى، وسواءً كان بوقوفه في وجه السنة سافراً كاشراً ظاهراً، أو متستراً ملبِّساً. هذا الذي عرفه الناس في عصرنا وقبلنا، فالعاقبة الحميدة لأهل السنة، وما أظنه يخفى على طالب علم قوله صلى الله وسلم : { لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين ، لا يضرهم من خالفهم ، أو خذلهم حتى يأتي أمر الله تعالى }.
    فإذا نظـرت في هذا الحديث وما في معناه من المبشِّرات التي تتضمن الوعد الصادق من الصادق المصدوق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وهو لا يقول إلا بوحي الله إليه؛ كما قال الله جل وعلا :{ وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى } إزدت ثقةً أيها السني من المسلمين والمسلمات، بنصر الله لأهل السنة، وأن العاقبة الحميدة لهم . ويزيد هذا توكيداً، ووضوحاً قوله جل وعلا: { ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون } مــن هــم الصــالحــون ؟
    هم من جرَّدوا في عباداتهم الإخــلاص لله وحده، وجرَّدوا كذلك في عباداتهم المتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم؛ فلم يحيدوا عن ذلك ذات اليمين وذات الشمال -ولو قِـيد أُنْـمـُلة- كما أنك إذا نظرت في مثل ما أخبر به صلى الله عليه وسلم عن الخوارج وغيرهم من أهل الـبدع أنهم كلما قطِـع منـهم قرن خرج آخر حتى يخرج في عِراضهم الدجال، إزدت يقيناً أيها المنصف الناصـح لنفسك الحازم في أمرك، أن الحرب الضروس بين أهل السنة،والمبتدعة لن تنتهي إلا عند ما حدَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم،فهذا يفيدك من ناحية الحذر،وإعداد العدة؛ نشاطاً في نشر السنة والتفـقه فيها، وطلب أهلها الذين عرف الناس منهم السابقة في الفضل وجلالة القدر والإمامة في الـدين، فبهم تُـؤنَـس الغربة وبهم تقوى العزيمة وبهم يشتد الأزْر، وهم خير عدة، وخير معتمَد عليه بعد الله عز وجل، كما أن هذا يفيدك أيضاً :
    أنه حينما تظهر شوكةٌ للمبتدعة وترجح لهم كفة،لا يكون ذلك غريباً عليك،وهذا يزيدك قوةً في الثقة بنصر الله عز وجل ونصر أهل السنة وأن المبتدعة نهايتهم الدمار والهلاك؛ بما يهيئه الله عز وجل من أسباب.
    ومنها : ظهور سلطانٍ وإن كان فاجراً يقمع الله به أهل البدع ويكسر به شوكتهم .
    فإذا تقرر هذا فإن النظر في سؤالكم من جهتين أو ثلاث :
    >> الجهة الأولى : أن هاتين الجماعتين ضمن الجماعات الدعَوية - الحديثة- التي نُشهد الله، ومن حضر من ملائكته الكـــرام ونشـهدكم ونشهد كل من يسمع صوتنا من خلال هذه الرسالة المسجلة أنها ضالة مضلة دون استثناء .
    وأنا دائماً أقــرر في مجالسي هكذا: الجماعات الدعوية الحديثة؛ حتى تخرج السلفية؛ لأنها ليست حديثة .
    وقد حدثني الأخ الشيخ الدكتور:- أبو معاذ- عبد الله بن زيد المسلم، من أهالي عنيزة، عن الشيخ محمد بن عثيمين - رحمه الله - أنه قال في سيد قطب: " لولا الورع لقلنا بكفره".
    وأنا أقول:- الشيخ محمد - رحمه الله- ما تكلم من فراغ؛ فسيد قطب - وسوف تعرفون الرابط بعد قليل- .
    سيد قطب في كلامه ما هو مجاوزٌ لما هو معلومٌ تحريمه من الدين بالضرورة، وإن شئت فقل : وقع في ما هو ناقـضٌ من نواقـض الإيمان؛ تطاول على أنبياء الله؛ على موسى، وعلى آدم صلى الله عليه وسلم، ودعا إلى وحدة الأديان، وعطَّل الصفات .
    وقال بوحدة الوجود، وقال بالجبر، يعرف هذا من خبر كتابه- التفسير- المسمى : "في ظلال القرءان" وهو - في الحقيقة- ليس في ظلال القرءان- أقولها ولا أجد عضاضة- هو في ظلال الشيطان؛ القرءان منه برئ، خذوها عني ولا تتورعوا في التحديث بها .
    وإن قال قائل : ما دخلُ سيد قطب بهذا السؤال !
    أقــول:- سيد قطب هو إمام القطبية؛ والقطبية هي :- أحد جناحي الإخوان المسلمين، التي قال فيها رئيس تنظيمهم السري علي عشماوي" إنه ما خرجت جماعة إلا من تـحت عباءة الإخوان المسلمين" فسيد قطب هو ابن للإخوان المســلمين- ابن بار- وما أصيب مجتمعاتنا اليوم بحوادث مروعة من تفجيرات واغتيالات، وتكفير بلا هوادة، إلا وكان جل حَمَلة هذه الأفكار المنحرفة الفاسدة هم عالة على سـيد قـطـب فهو حامل لواء التكفير في هذا العصر، شاء القوم أم أبو، ونحن- ولله الحمد- لا نتكلم فيه ولا في غيره إلا عن بينة، وبرهان .
    .ونحن نعلم أيضاً أن كلامنا هذا لا يرضي كثيراً من الناس، إن لم يـُغضب أكثر الناس.
    لكن نقول الحق، ولا نخشى في الله لومة لائم، بالدليل الساطع القاطع الذي إذا سمعه المنصف يقبله .
    كما حدثنا أخونا - أبو عمر- الشيخ عبد العزيز الخليفة من أهالي الرَّس، مدرس في وزارة التربية أن الشيخ محمداً بن عثيمين- رحمه الله- بدَّع جماعة الإخوان وجماعة التبليغ، حدِّثوا - كم عددكم- قولوا: حدثنا عبيد الجابري، قال حدثنا أبو عمر الشيخ عبد العزيز الخليفة، وذكر معه رجلين آخرْين يشهدان على هذا حدِّثوا- بارك الله فيكم- لا تخشوا، لكن- بالحكـمـة- وهذا نقـرِّره ونكـرِّره عليكم وعلى أمثالكم ممن يستـطلعون نصائحنا ويستطلعون ما عندنا. هذا هو الوجه الأول .
    >>الوجه الثاني : أن القاعـدة العـامة عند أهل السنة في الإلحاق بالمبتدعة تنحصر في من يدافع عن أهل البدع ويسوِّغ لهم ويعتذر لهم، مع عـلمه بأنهم على ضـلال. هذه خلاصته ، فلا يصدر هذا إلا من صاحب هوى في الغالب، وإن أظهر التستر بالسنة؛ لأنه يخشى سطوة أهل السنة، لكنه هو صاحب هوى .
    وقد يكون جاهل من الجهَّال يحب الخير، وليس عنده فرقان، فيظن أن سيد قطب وحسن البنا والمودودي والندوي وفتحي يَكن ويوسف بن عبد الله القرضاوي المصري- المقيم حالياً في قطر- نسأل الله أن يطهِّر قطر منه ومن كل ذَلول مبتدع، ذلول البدعة- قد يظنـهم علماء، ولكن هذا إن كان صادقـاً جادَّاً في ما يدَّعـيه أنطلبته الحق، سيرفع يده عن هؤلاء ويتــبرأ منهم إذا بُـيِّـن له. وإن كاذباً : فسيبقى على ما هو عليه نحوهممن الدفاع عنهم والاعتذار لهم وتبرير أخطائهم وتسويغها، وحينئذ يُلحق بهم، ولا كرامة عين .
    >> ووجه ثالث : كثــــــير ٌممن يدَّعون السنة، وهم مُلبِّسة؛ يقلبون لأهل السنة الـمِجَن! وكـيـف ذلك ؟ بأن تكون عمدتهم وشـواهدهم في ما يقررنه، كتب القوم، وقد- من باب تحِلة القسم- يذكرون شواهد لأهل السنة، فهؤلاء القوم يُخشى منهم؛ لأنهم سلكوا مسلكاً ليس عليه أهل السنة؛ فأهل السنة إذا عرفوا كتاب بدعة تبرؤا منه وحذَّروا منه.

    ( وعلاجنا لهؤلاء )

    - نَـخــبر حـالــهم :
    فإن كانوا جهالاًناصحناهم، وإن كانوا يكتبون ما يكتبون عن علم، ويعلمون أن هذه الكتب فيها ضـلال، فنحن نُحذر منهم، ونحذَرهم، ونُلحقهم بمعتـمدهم من أهل الانحراف والزيغ والضلال، ولا كرامة عين؛ لأنه لو كان صادقاً في دعواه السنة لوجد في كتب السلف غُنْية عن ما ينشره للقوم، نعم قد يكون المنشور لسيد قطب أو غيره نزراً يسيراً في أمور بسيطة وهؤلاء قد يكون من رجال فضلاء صلحاء نشيطين في السنة في نشرها وتعليمها والدعوة إليها والذب عنها وعن أهلها، لكن يرون أن هناك عبارات هي ضـربة للقطبيين وهي في مصلحة أهل السنة، فهؤلاء أراهم إخواني؛ لهم ما لي وعليهم ما علي؛ أواليهم في ذات الله وأعادي من يعاديهم في ذات الله، لكـــــن ألومهم على هذا الصنيع وأنصح لهم،وفي ما بيني وبينهم قد أغلظ عليهم القول وأشدد عليهم النكير- أقول في ما بيني وبينهم- وتــــعرفون هذا .
    ليس تشهيراً - معاذ الله- لا أشهِّر بهم، ولا أشدد النكير عليهم في الملأ؛ لأنهم سندٌ لي في ما أنا عليه من منهج الحق . ولعلِّي بهذا التفصيل الـمُسهَب، و الذي قد يكون فيه استطراد أملته الضرورة عليَّأقول دعت إليه الضرورة، والحاجة - أجبت على سؤالك. والله أعلم.

    * * *

    ** السؤال الثاني عشر:
    أحسن الله إليكم ، وبارك فيكم. شيخنا: يقول السائل :-
    كيـف يتم التفريق بين الغلو في الجرح ، والحزم والشدة على أهل البدع ، التي تعتبر منقَبة ؟

    أقـــول :- ولعلنا نبدأ بالشطر الثاني لسؤالكم :
    وهو أن أهل السنة الأصل عندهم الشدة على البدع وأهلها وقوة النكير والغلظة؛ وذلك حينما تقوى شوكـتهم وترجح كفتــهم، فإنهم في هذه الحــال لايرعون حرمةً لمبتدع، بل يهينونهم ويحتقرونهم ويُهوِّنون من شأنهم. والأصل في هذا: النص، وسيرة السلف الصالح؛ وهي إجماع .
    فالنص منه قوله صلى الله عليه وسلم:{ سيكون في آخر أمتي أناس يحدِّثونكم بما لم تسمعوا أنتم ولا ءابائكم، فإياكم وإياهم }. رواه مسلم في مقدمة صحيحه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- وكذلك رواه البغوي في شرح السنة .
    وفي الحديث الصحـيح الآخر -وهو حديث الافـتراق- الذي يهـوِّن من شأنه بعض المتحذلقين من قادة الثـورة الفكرية التي هي حرب على الدعوة السلفـية وأهلها، ويضعِّف هذا الحديث، ويتلمس في التهـوين من شأنه وعدم استعماله، وهو حديث صحيح مشهور تلقاه أهل السنة بالقَبول واستعملوه، ومن ألفاظه :
    {افـــترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافــترقت النصارى على اثنتين وسبعين فــرقة ، وســتفترق هذه الأمة على ثلاثٍ وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة} . قالوا من هي يا رسول الله؟ قال :{ الجماعة }.
    فسرها ابن مسعود- رضي الله عنه- بقوله:- [ الجماعة ما وافق الحق ، وإن كنت وحدك ].
    وفي رواية أخرى يحسنها بعض أهل العلم لشـواهدها، قالوا من هي يا رسول الله قال :
    { من كان عـلى مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي}.
    وأخرج الشيخان من حديث حذيفة- رضي الله عنه- قال : كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وأسأله عن الشر؛ مخـافة أن يدركني، فقلت : يا رسول الله ؛ كنا في جاهلية وشر، فجاء الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال : { نعم} قلـت : فهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: { نعم، وفيه دَخَــن } قلـت: وما دخنه؟ قال :{ قــومٌ يهدون بغير هديي ، ويستـــنُّون بغير ســنتي } - وفي بعض ألفاظه- { يهتدون بغير هديي، ويستنون بغير سـنتي} قال:{تعرف منهم، وتنكر} قلـت: فهل بعد هذا الخير-يعني الذي فيه دخن - من شر؟ قال: {دعاةٌ على أبواب جهنــــم ، من أجابهم إليها قذفوه فيها}. قلـت: فصفهم لنا يا رسول الله! قال:{ هـــم من بني جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا}. قلـت: فما تأمروني إن أدركني ذلك؟ قال :{ تلــــــزم جماعـــــة المـــسلـمين وإمــــامهم}. قلـت: فإن لم يكن لهم جماعة، ولا إمام ؟ قال:{ تـــعــتزل تلك الفـرق كلها، ولو أن تعضَّ على أصل شجرة حتى يدركك الموت ، وأنت على ذلك }.
    فـبضمـيـمة هذه الأحاديث وما في معناها وهو متواترٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم، تواتراً معنوياً يـوجـب العلم والعمل- يستخلص طالب الحق والسنة ما يأتي :
    أولاً: وجوب الحذر من البدع وأهلها، مع شدة النكير والنُـفرة.
    ثانياً: ليست الكثرة دليلاً على الحق، كما أن القلة ليست دليلاً على عدم الحق. بل العبرة بإصابة الحق .
    ثالثاً: الحكم على أكثر الأمة بأنه هالك: ولهذا حكم صلى الله عليه وسلم على الثنتين والسبعين فرقة بأنها هالكة؛ قال{في النار} وهذا في حديث الافتراق .
    فقوله :{ في النار} هو من أحاديث الوعيد، وقوله:{ وستفترق هذه الأمة على ثلاثٍ وسبعين فرقة- ثم قال- إلاواحدة} هذا دليل على الحذر من أهل البدع، وأنه هو الأصل .
    رابعاً: أن جماعة الحق واحدة: وليست متعددة، وهي التي فسرها النبي صلى الله عليه وسلم، وفسرها ابن مسعود - رضي الله عنه- .
    خامساً: لزوم هذه الجماعة وإمامها - إذا وجدت - وهي موجودة ما تخلو الأرض منهم، لكن أحياناً ليس لها إمام؛ وهذا في آخر العصور - نسأل الله العافية والسلامة- في الفتن، وأحياناً لها إمام .
    سادساً: إذا لم يوجد جـماعة ولا إمام:- وأنا طـامعٌ في أن يكون هـذا نسـبي، أطـمع أن يكون نسـبياً، ولا أحكم على الله ولا على رسوله- لكني أطمع- ويحفزني على هذا الطمع قوله صلى الله عليه وسلم :{ لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة }.
    فأهل الحق لا تخلو الأرض منهم أبـداً؛ هذا وعد الله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم .
    لكن قد لا يكون لها إمام ، فالعلاج ما هو؟
    >>العزلة اعتزال جميع الأمواج المتلاطمة جميع الفرق الضالة المتلاطمة، والنـجاة بنفـسـك - تعتزل تلك الفرق كلها- وقد يكون مع بعضها شيء من الحق . لكن ما دامت القضية قضية : تلاطم وتناحر وتصادم وتشاجر وتخاصم وحرب وليس هناك إمام ينحاز إليه، فإنه ينجـو بنفسه. هذا من ســنة النبي صلى الله عليه وسلم. والأحاديث في هذا كثيرة .
    وأما من سيرة السـلـف الصـالح القولية : فإن النقل عنهم - رضي الله عنهم ورحمهم - متواتر.
    من ذلكم قول الفاروق- رضي الله عنه- [ إيـاكم وأهلَ الـرأي- أعداء السنن- أعيتهم أحاديث رسول الله صلى الله عليهوسلم أن يحفظوها، فقالوا بالــرأي فضلوا وأضلوا] . وروى اللألكائي عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: [والله ما أظن أن أحداً أحـبَّ إلى الشيطان هلاكاً مني اليوم، فقيل وكيف؟ قال: تحدث البدعة في المشرق أوالمغرب، فيحملها الرجل إلي، فإذا انتهت إلي قمـعتها بالسـنة، فـتُردُّ عليه] .
    وروي عنه- رضي الله عنه- [يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء؛ أقول لكم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقولون قال أبوبكر وعمر!! ]. ومَـن ذانكم الرجلان؟! صدِّيق الأمة وإمامها بعد نبيها صلى الله عليه وسلم، والآخر كذلك: الإمام الثاني من البشر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهما على رأس من شهد لهم رسول صلى الله عليه وسلم بالجـنة ، وعلى رأس من مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضي . وقال الشعبي- رحمه الله-[إيـاكم والمقايسة؛ فوالذي نفسي بيده لإن أخذتم بالقياس لتحلُّن الحرام، ولتحرمنَّ الحلال، فمابلغكم عن أصحاب محمداً صلى الله عليه وسلم فخذوه- أو قال- فخذوا به] وقال أيوب السِّختياني- رحمه الله- قال لي أبو قِلابة:[ يا أيوب احفـظ عني أربعة:- لا تقل في القرءان برأيك، وإياك والقدر، وإذاذُكر أصحاب محمدٍ صلى الله عليه وسلم فأمسك، ولا تمـكِّن أهل الأهواء من سمعك فينـبُذوا فيه ما شاءوا-أو قال- يقـرِّوا فيه ما شاءوا] وروي عن الإمام مالك بن أنس رحمه الله أنه كان رجلٌ من أهل الأهـــواء يسير خلفه، ويقول: يا أبى عبد الله ناظرني!، يا أبى عبد الله ناظرني! - كلمة، يا أبى عبد الله اسمع مني كلمة - وهو يشير بيده، يقول:[لا، ولا نصـف كلـمة] قال: يا أبى عبد الله ناظرني! فإن غلبتني تبعتك! وإن غلبتك تبعتني!- وكان الإمام - رحمة الله عليه- محنكاً، فطناً ملهَما ً- فلتفت إليه وقال:" وإن جاء ثالثٌ فغلبنا؟ قال: نتبعه! قال: اذهب؛ فأنت تتنقل] بيد كل واحد! كما يقول العوام عندنا: مِن يدي نشيط، في يدي نشيط، هذه عندكم يا أهل المغرب؟ عندنا مَـثل يقول: من يدي نشيط في يدي نشيط - يعني ما يستقر، مع كل واحد يمشي- .
    وقال الـمُفضَّل بن مهلهل: - رحمه الله - [لـو كان صاحب البدعة يحدثك في أول مجلسه - أو قال - في أول أمره ببدعته لحذرته ونفرت منه ولكن! يحدثك في بِدوِّ مجلسه بالسنة، ثم يُـدخل عليك من بدعته، فلعلها تلزم قلبك، فمـتى تفارق قلبك؟ ].
    سمعتم! أهل البـدع مكرة عفاريت نفاريت، يعرفون كيف يتصيدون من قلَّ فقهه؛ من الأغرار الذين لم يكن عندهم فقه يحصِّنهم من أهل البدع والمحدثات. وقال مصعب ابن سعد - رحمه الله -[لا تجالس مفتونا؛ًفإنه لـن يخطئك منه إحدى اثنتين؛ إما أن يفتنك فتتبعه، أو يؤذيك قبل أن تفارقه] .
    فبان بهذا النقل، والتقرير، الذي بدأناه بنصوص نبـينا صلى الله عليه وسلم، وثـنَّـينا فيه بأقــوال أئـمة من أهل السنة أن الأصل في المبتدعة هو:- ( الـمــفــاصــلــة )؛ مفاصلة أهل السنة لهم، وحذَرهم منهم .
    أما الشطر الأول من السؤال : الغلو في الجرح . الشدة انتهينا منها. لكن الغلو في الجرح .
    أقول:- لا يغلو سني في الجرح- أبـداً - لأن هذا دين يَدين الله به. ولكن نحن نسمع ما بين الفينة والفينة هذه الكلمة تردد.
    فالســني يدين الله سبحانه وتعالى بالجرح؛ إذ هو عنده دين يَدينُ اللهَ به، فيذبُّ به عن السنة وأهلها. كما أن " التعديل" كذلك دين ، ولهذا فأن: أهل السنة- أعني الأئمة- حريصـون على أن لا يجرحوا أحداً ببدعة، فضلاً عن كفر، إلا وعندهم من البينات ما يشهد لهم. ولكن أهل الأهواء يفسرون هذا غلواً! فما دام الدليل قد قام واضحاً على أن فلاناً من الناس مبتدع ضال منحرف، فكيف يفسر هذا غلواً؟! وأهل السنة متقرر عندهم أنهم لا يبدِّعون أحداً فضلاً عن تكفيره حتى تقوم عليه الحجة الرسالية؛ وهم كما قال شيخ الإسلام ابن تيميه - رحمه الله - [أهل السـنة أعرف الناس بالحق، وأرحمهم بالخلق ].
    لكن أهل الأهواء لا يقر لهم قرار ولا تنام لهم جفون، ولا تنشرح لهم صدور، ولا تطمئن لهم قلوب بالجرح .
    " لأن أئمة السنة وعلماء السنة وأهل السنة يبغــــــضون أهل البدع؛ فإذا كُشف لهم عن رجلٍ بأنه مبتدع قوِي البغض في نفوسهم، وقوي الحذر، فحذروه، وإن كانوا من قبل يحسنون به الظن، وهذا لا يرضي أهل الأهواء ". نعم قد يكون من بعض أهل السنة شيء من القسوة؛ لما يراه هو أن الأمر يستدعي القسوة، والآخَر وإن كان لا يخالفه في أصل المسألة، ولكنه يستعمل أحياناً عبارات لينة، وهذا ليس محل خلاف .
    وإذا سلمنا على ما ورد في السؤال- من حكاية- لقول بعض أهل الأهواء أن بعض أهل السنة يغلو في الجرح! أقـــول :- من قديم وجِد من أهل السنة من هو " قــوي، وليس غالـياً " حرصاً على حماية الســنة، وشدةً في الذب عنها وعن أهلها، وما لامه الآخرون، وما قالوا إنه متفرق . وعلى سبيل المثال : يقولون:-
    من وثــَّقه شُـعبة فحسبك به، ومن جــرَّحه يُـنظر في جـرحه، ولم يُـتهم شـعبة - رحمه الله - بأنه غالٍ متشدد؛ شدة في غير محلها. ولم أعلم أحداً حتى الساعة؛ رجلاً متمكناً في الســنة خالطت بشاشــتها قلبه حذر من شعبة، ووشى به عند غيره من أهل السنة.

    * * *

    ** السؤال الثالث عشر :
    أحسن الله إليكم ، وبارك فيكم. وهذا سائل يسأل ، يقول:- في كل زمان يفارق أهل الحق عن غيرهم ، ويتميزون بأمور، فكيف نفـرِّق اليوم بين أهل الحق ، وغيرهم؟!!

    يا بني - في الحقيقة- ما أظنني آتٍ إياك بجديد. أهل الســنـة هم الذين على السـنـة، ومستندهم في ذلك ومحل فقههم في ذلك؛ هو:- الكتاب والسنة على وفق سيرة السلف الصالح، وإن شئت فقل:- فقه الكتاب والسنة على وفق سيرة السلف الصالح. هذا أولاً.
    فليس عند أهل السـنـة إلا قال الله و قال رسوله و قال الصحابة وأئمة الهدى من بعدهم؛ ليس عندهم شيء يتحفـون به الناس تطويراً؛ مسايرةً للعصور- لا- لـماذا؟ لأن " السـنة هي السلفـية ".
    والـسلفـية لم يؤسسها أحدٌ من البشر؛ هي من عند الله سبحانه وتعالى، جاءت بها النبيون والمرسلون، بدءاً من نوح صلى الله عليه وسلم، وانتهاءً بمحمد صلى الله عليه وسلم، وصلى الله وسلم على الجميع، وآدم من قبل نوح كان نبياً مكلَّماً عليه الصلاة والسلام، لكن أهل الــعـلـم يقولــون : أول الرسل نوح؛ لأنـه أول نبي أرسله الله إلى أهل الأرض، ولهذا فإن ( السـلفيـين؛ أهـل السـنة والـجماعة؛ أهـل الحـديث؛ أهـل الأثـر الفرقة الناجية؛ الطائفة المنصورة ) يزنون أقوال الناس وأعمالهم بميزانين؛ وذانكم الميزانان هما:-
    (النص،والإجماع) فمن وافق نصاً، أو إجماعاً قُـبل منه، ومن خالف نصاً أو إجماعاً رُدَّ عليه كائناً من كان ثم هذا الموافق لنصٍ أو إجماع؛ قـــد يكون من أهل السنة، وقـــد يكون من غيرهم .
    >> فإن كان منهم : فإنه يكبر في أعينهم ويعظم في قلوبهم؛ لأن هذا هو الرابـطة بيـنهم وبين الناس، فكلما كان الرجل مكيناً في السنة قوياً في الذب عنها وعن أهلها والنصرة لها ولأهلها كلما كان في أعينهم عظيماً كبيراً.
    >> وإن كان من غير أهل السنة : فيقبلون ما جاء به من الحق، لكـن لا يركنون إليه، ولا يطمئنون إليه؛ لأنه غريبٌ عنهم، لكن وافق في قوله أو فعله ما عندهم، فهم لا يقبلون منه الحق لذاته- لا- بل لموافقته السنة .
    >> وثمة أمر ثالث وهو :-
    * أن السني- حتى وإن جفاه بعض أهل السنة - هو محبٌ لهم، منافحٌ عنهم، يدعوا لهم، ويدعوا إليهم، ويربط الناسَ بهم ولا يفاصلهم، وإن كان بينه وبين بعض أهل السنة شيء من الجفوة، وشيء من النفرة؛ .لأن الذي جمع بينهم هو:- دين الإسلام الخالصجتمعوا في الله، ويحبون أنهم كما اجتمعوا في الله، أن يتفرقوا عليه.
    * أما المبتدع :- فليس على ذلك؛ هو يناصب أهل السنة، ومن يواليهم العداوة،ويُـظهر بغضهم والنفرة منهم ويحقِّر شأنهم، ويسعى جاهداً في فصل الناس عنهم. هذا ما يمكن قولي - هذه اللحظة- جواباً على سؤالك.

    * * *

    ** السؤال الرابع عشر :
    جزاكم الله خيراً ، وأحسن الله إليكم. وهنا سائل آخر يقول:-
    عندكم هنا في السعودية بعض المؤسسات الخيرية، يقوم الأخوة عندنا بمراسلتهم قصد الحصول على بعض الكتب الدينية ، مع جهلهم بمناهج هذه ، أو علمهم بفساد مناهجهم. فما حكم مراسلتهم لهذه المؤسسات الخيرية؟!!

    أولاً: الحـق حـق، ولا يؤثر فيه زمان ولا مكان؛ مادام أنه يستند على الكتاب والسنة فهو حق، وإن كان الحق يقوى نُـصرةً وأتباعاً في بعض الأمكنة وبعض الأزمنة، هذا لا شك عندنا فيه، لكنه حق، وإن لم يكن عليه إلا رجلٌ واحد أو امرأة واحدة - هو حق - ومصداق هذا: ما أخرجه الشيـخان عن ابن عباس- رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم، في عرض الأمم قال: { فرأيت النبي ومعه الرهــط، والنبي ومعه الرجلوالرجلان، والنبي وليس معه أحد} الحديث. ولا يشـك مؤمـن ولا مـؤمـنة، أن النبي الذي رآه النبي صلى الله عليه وسلم وحده، في أنه مبعوثٌ إلى أمة - أليـس كذلك - هل هذا النـبي الذي رآه أخوه مـحمدٌ صلى الله عليه وسلم وحده، هل بُـعث إلى نفسه، أو إلى أمة؟ إلى أمة، لكن ما أجابته! ولهذا:- قال الشيخ محمد بن عثيمين - رحمه الله - في مسائل الباب الذي أورد فيه هذا الحديث قال:" إن من لم يجبه أحد من الأنبياء يبعث وحده" - أو قال يحشر وحده - وقال: - رحمه الله - في استنباطه المسائل- " عمق هذا العلم: فإنه لا يـجـوز الـزهـد في الـقـلـة، ولا الاغـترار بالـكثـرة ".
    وما أحسن ما قاله الفُـضيْـل بن عياض-رحمه الله- [علـيك بطرق الهدى ولا يضرك قلة السالكين وإيـاك وطرق الضلالة ولا تغـتر بكثرة الهالكين ].
    فإذا تقرر هذا، ووعيتموه - بارك الله فيكم – فاعلموا :-
    أن الباطـل باطـل؛ فلا يرفعه الزمان ولا المكان، سـواءً كان في المـدينة، أو في مـكة، أو في أي مـكان، أو في أي زمان - فهو باطل -، وسواءً كان متبعوه ملايين، أو آحاد من الناس - هو باطل- .
    فليس الكثرة مسوغة لإتباع ما هو باطل معلوم بطلانه، كما أن القلة ليست مسوغة مجانبة ما هو معروف أنه حق .
    فإذا تقرر هذا، فإن سؤالكم يحتوي - أولاً - على مراسلة مؤسسات!
    أقـول:- الاسترشاد بمؤسسات أو جماعات أو أفراد بحجة أنها دعوية! لا يكفي دعواها أنها دعوية، بل: لابد من الخبرة؛ التي تكشف حال ما عليه هذه المؤسسة، أو الجماعة،أو ذلكم الفرد؛حتى يمكن الحكم بأنه على هدى أو على ضلال، فمجرد الاسترشاد والاستشارة بالشهرة والذِيوعة والشِيوعة هذا ليس كافياً! لا سيما في هذا العصر الذي أصبحت الساحة فيه تعج بالخَـبث الذي لا ينجو منه إلا من نجاه الله وعصمه بسنة محمدٍ صلى الله عليه وسلم. هذا أولاً.
    وثانياً:- تضمَّن سؤالكم أن الناس المسترشِدين بهذه المؤسسة، أو مؤسسات، أو كذلك غيرها هم صنفان :-
    * صنف : يعلمون فساد منهج تلك المؤسسة، أو ذلك المسترشَـد به،وأن منهجه منحرف، فلا أدري ما يبغي هؤلاء من أهل الانحراف الذين تقرر عندهم بالدليل أن تلك المسترشَـد بها أو ذلك المسترشد به محكومٌ عليه بالضلال منهجاً!. فهذا إن كان من أهل الأهواء، فلا غرابة؛ فالطيور على أشكالها تقع- كما يقول المثل- .
    * وإن كانجاهلاً: وهو الصنف الثاني،فيجب عليكم تبصيره ومناصحته،كما يجب عليكم دلالته على أهل السنة الخالين من الشوب شوب البدعة في العقيدة والمنهج .
    نعم هناك أمور واضحة :-
    فلو أن صاحب بدعة أهدى إليك مُُصحفاً، لا مانع، أو قال لك- على سبيل المثال- إن جبريل أفضل الملائكة فلا مانع، أو أهدى إليك تفسير معتمد عند أهل السنة؛ مثل تفسير ابن كثير، فلا مانع من قبوله .
    فإن كان محققاً فانظر هل دسَّ فيه شيء من بدعه أو لا، فإن دسَّ فيه شيء فاحذره ولا تنشر هذا الكتاب وإن كان خالياً من الـدس؛ نشره على حاله، على ما فيه، ولم يغير فـيه شيء، ولم يـدس فيه شـيء، فلا مانع من نشره .

    ( لكن الذي ننـصح به ونشـدد فيه ونَدين الله بأنه حـق )

    عدم التعاون مع أهل الضلال والبدع سواءً كانوا جماعات أو مؤسسات أو أفراد؛ ونعني به النشاط الدعَـوي؛ فــلا يستعان بهم في طبع كتب ولا منـشورات لأهل السـنة كذلك لا يعانون في ما هو دعمٌ لنشاطهم الهدَّام ومناهجهم الفاسدة، حتى وإن كان مسجد، وإن كان مسجداً يختص بهم، وينشرون منه أفكارهم الضالة ومناهجهم الفاسدة؛ فإن التعاون معهم في بنائه أو في دعمه بأي شكل من الأشكال عونٌ على هدم السنة ومُضارتها، هي لن تهدم، لكن قد يتضرر أهلها أو جل أهلها في مكان ما، أما هي فلا تُهدم، ستبقى، ولن تُـهدم - ولله الحمد- لكن يتضرر أناس، ويتأثـر أناس لقـوة شـوكة المبتدعة، وهذا الصنيع يقـوي شوكتهم، ويَبسُـط سلطانهم، ويرجِّح كفتهم من حيث تشعرون يا أهل السنة، أو من حيث لا تشعرون . نعم لا أرى مانـعاً من إسعاف مريضهم وعـلاجه كأن يكون سني طبيب، وأتاه إخواني أو تبلـيغي، أو أي مبـتدع من المـبتدعـة، فرأى أنه يعالجه؛ لأنه في مسـتشفى - لا مانع من ذلك - كذلك إذا عرفت أن هذا فقير، وأنه محتاج إلى قوت فلا مانع أن تعـطيه لأننا نحن لم نسلب هؤلاء الإيمان بالكــلية - أبــــداً - ولكن نصفهم بأنهم مبتدعة ضُـلاَّل .

    * * *

    ** السؤال الخامس عشر:
    جزاكم الله خيرا ً، وأحسن الله إليكم . فضيلة الشيخ: هذا سائل يسأل ويقول:- كيف يتم الجمع بين الاعتذار للمخطئ، والتحذير من الخطأ؟ وهل هذا لا يعتبر من منهج الموازنة ؟
    سؤالكم هذا يتضمن: ثلاثة مباحث؛ لأنه يتألف من ثلاث فقرات .

    * المبحث الأول :
    في الخطأ فإن الـخطأ الذي قام الدليل على أنه خطأ-وسواءً كان الدليل آية من تنزيل ربنا أو حديثاً صحيحاً عن نبينا صلى الله عليه وسلم- فهو مردودٌ عند أهل السنة، وليس مقبولاً عندهم،يردونه على قائله بالدليل، وبالأســلوب العلــمي الذي يستكشف به السامع، أو القارئ أن ذلك الذي انتشر وذاع وشاع، خطأ؛ مخالفة للصواب. كما أن الرد يجب أن يشتمل على : تجلية الحق، وكيف خالفت تلك المخالفة الصواب!.
    فالراد السني : يرد بعلم وبفقه؛ فرده مدعم بالأدلـة التي تكشف عن الحق وتدعوا إليه، وتكشف عن الباطل وتحذِّر منه .
    وهذا هو الذي تواتر به النقل عن السلف الصالح الذين اسـتنوا بسنة رسـول الله صلى الله عليه وسلم، وبهدي خلفاءه الراشدين من بعده. فالنقل عنهم بذلك متواتر، وعلى سبيل المثال: أذكـر أثراً واحداً في أمرٍ يراه بعض الناس صـغيراً! أخرج البخاري عن عبد الله بن مُغَفَّل- رضي الله عنه- أنه رأى غلاماً له يحذف - بالحصى- فقال : لا تفعل؛ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن الخذف؛ ويقول: {إنها لا تنكأُ عدواً، ولا تقتل صيداً، ولكن تفقأ العين، وتكسر السن} فأعاد الغلام فأعاد له، فأعاد، فأعاد له ثم قال له في الثالثة أو الرابعة : [لا أكلمك أبـــداً ؛ أقول لك قال رسول الله ، وتفعل ]!!!
    واليوم قومنا يريدون أن يأتوا بدعاً أمثال الجبال، هذه إلى جنبها صغيـــرة، ما هي شيء؛ حذف بالحصى خلي يحذف! لا ما يقول خلي يحذف، يلطِّفون للأئمة في المبتدعة، وطوام في البدع . هذا هو المبحث الأول .

    * المبحث الثاني: في المخطئ من هو؟
    نحن موقنـون أن من خالف سنةً؛ مخطئ، موقنـون هذا، فلان أخطأ والنبي صلى الله عليه وسلم قال للرجل المـسيء صلاته: ارجع فصـلي؛ فإنك لم تــصلي، ألم ينبـئه إلى أنه أخطأ في صلاته؟ فما قولكم؟ أجيبوا يا حاضرون! ألم ينبئه على خطئه في صلاته؟ ثلاث مرات وهو يقول له : ارجـع فصلي؛ فإنك لم تصلي، والرجل يفعل، ثم قال بعد ذلك: والذي بعثك بالحق نبياً لا أحسن غير هذا فعــلمن فعلمه. الحديث معروف مشهور، حتى أطفالنا في الصفوف الابتدائية الأولى يعرفونه- ولله الحمد- .
    هنا نقــــول : كيف نتعامل مع المخطئ؟ فــتــنــبــهـوا.
    هذا هو محل التفصيل في هذا المبحث.
    أقــــــول : المخطئ على ضربين، وإن شئت فقل: لا يخلو من حالين :
    >> إما أن يكون صاحب سنة زلت به القدم؛ أراد الحق، لكنه لم يوفق، فهذا :
    أولاً :يُردُّ الخطأ : لما تقرر آنفاً، ووعيتموه؛ أن الخطأ لا يُقبل عند أهل السنة، وأزيد هنا : لأن المقصود :- تصفية التدين، وتخليصه من شوائب البدع، وشوائب الخطيئات، و إن كانت صغائر.
    وثانياً:لا يتابع على زلته: بحجة أنه عالمٌ كان مجتهداً طالباً للحق . فلا يبرر لك اجتهاده وسبقه في الفضل وجلالة قدره وإمـامته في الدين أنه مجتهد قال الحق، فأنت تتابعه! ما دمت عرفت أنه أخطأ، فإنك أنت حال معرفتك خطئه، ومخالفته للحق آثـمٌ إذا تابعته، أما هو : ما دام مجتهداً طالباً للحق فإن خطئه مغفور وهو مأجور على اجتهاده؛ قال صلى الله عليه وسلم:{ إذا اجــتهـد الحاكم فأصــاب فله أجران ، وإذا اجـتهـدالحاكم فأخطأ فله أجرٌ واحد} .
    أنت متعبدٌ بما قام عليه الدليل من الكتاب والسنة، متعبدٌ به؛ لأنه حق. ولست متعبداً باجتهاد أحد؛ فاجتهادات أهل العلم، والأئمة ليـسـت بمعـصومة؛ ولهذا لا يجوز أن تُـتخذ منهجاً، وهذا هو الذي يُـعتذر له، وهذا هو الثالث. نـقـول:-
    ثالثاً: يُعتذر له: ولا يشنع عليه ولا يُـثـرَّب عليه ولا ينفَّر منه؛لما هو متقررٌ عند أهل السنة من جلالة قدره وسابقه في الفضل، والإمامة في الدين .
    ولهذا: يقرر الأئمة فيما يقررون أنه لو كل مخطئ شُـنِّـع عليه ما بقي أحد، ويعنون بهذا من عرفوا بأنهم أهل سنة؛ فأصولهم على السنة، وكــم من عالمٍ يخطئ خطئاً فاحشاً في الاعتقاد، في العبادات العملية، في المعاملات، ومــع هــذا عرفنا المنصفين، والأئمة يردون خطئهم مع حفظ كرامتهم، وصيانة أعراضهم .
    وعلى سبيل المثال: ابن قدامة المقدسي صاحب (لُمعة الاعتقاد) قال في مواطن بالتفـويـض في نصوص الصفات، فرد عليه سماحة الإمام، الشيخ محمد بن إبراهيم - رحمه الله- رداً قويـاً جَـلَّ فيه الحق، مع حفظه كرامة ابن قدامة - رحم الله الجميع- .

    * والمبحث الثالث:هل هذا من الموازنات ؟ أو التفريق بينه وبين الموازنات .
    أولاً : اعلموا أن لفظ - الموازنة- مُحدَث، وأنا والله حتى الساعة لا أعلم إماماً قال به، بل الأمر عندهم كما حكيت لكم - إن شاء الله - وارجــوا أني وفيت؛ يردون الخطأ على قائله، ويفـرقون بينه، وبين المبتـدع . فهو مُـحدِث .
    وثانياً : الموازنات! من أحدثها؟ أحدثها الحركيون .
    وهي عندهم :- أنه لا يُـردُّ على مبتدع بدعته حتى تذكر حسناته إلى جانب سيئاته المردودة!!!
    ومرادهم من ذلك:- التشويش - من جهة- على الناس، فإن أكثر الناس لا يدركون .
    - ومن جهة أخرى - يريدون تلطيف حال هذا الإنسان الذي شُـهِــرت بدعته، واشتهر بها.
    وثمة أمرٌ رابع : - وكان من المفترض أن يكون في المبحث الثاني - أقــــول :-
    عرفنا آنفاً أن أهل السنة يوقِّرون المخطئ من أهل السنة، ولا يتابعونه على زلته، ويـجـب أن تعـلـموا :-أنهم يفرقون بين المخطئة. عرفتم معاملتهم لمخطئة أهل السنة، فما معاملتهم لمن كان على بدعة !
    وهو الصنف الثاني من المخطئة : وهذا هو الذي عرف الـحق، وبان له ثم خالفه عناداً وإباءً واستكباراً عنهم فهذا لا كرامة له عندهم مبتدع ضال، يحذرونه ويحذرون منه ويهجرونه .

    ( لكن متى يهـجرونه؟ ومتى يـحذِّرون منه ؟ )

    إذا قوي سلطانهم ورجحت كفتهم وكانت شوكتهم قوية على أهل البدع .
    أما في حال ضعفهم، وقوة شوكة المبتدعة، ورجحان كفتهم، وبسط سلطانهم، فإنهم : يكـتـفون برد الخطأ. ولهذا يجب أن تعلموا :
    أن أهل السنة وسط؛ فهم أولاً: لا يقبلون الخطأ. وثانياً: يفرقون بين المخطئة. وثالثاً: أنهم يستعملون الشدةحيث تكون الشدة نافعة،ومنها الهجر، والتحذير من أئمتهم. ويستعملون الرفــــق حيث لا ينفع إلا الرفق فهم ليسوا على الرفــق مطلقاً في كل زمان ومكان، من غير مراعاة للحال، وليسوا على الشــدة مطلقاً في كل زمان ومكان، من غير مراعاة للحال؛ هم أهل حكمة، وأهل بصيرة .فالشدة عندهم في موضعها، والرفق عندهم في موضعه .

    * * *

    ** السؤال السادس عشر:
    يقول السائل: إذا سمعتُ كلام العـالم في شريط ، أو قرأت له في كتاب عن شخص ما أنه مبتدع ، ولم أرى منه دليلاً على ذلك ، فهل يلزمني أن أحْذر من هذا الشخص وأن أقتنع بأنه مبتدع أم أتريث حتى أجد الدليل على ذلك ؟

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:-
    فإن أهل السنة لا يحكمون على أحدٍ ببدعة إلا وقد خبروه، وسبروا ما عنده تماماً، وعرفوا منهجه تماماً؛ جملةً، وتفصيلاً، ومن هنا: هذه المسألة تستدعي منا وقفتين :-
    *الوقفة الأولى : في من حكم عليه عالم أو علماء بأنه مبتدع، ولم يختلف معهم غيرهم ممن هم أهل سنة مثلهم - تـفـطـنوا- أقول : لم يختلف معهم غيرهم فيه ممن هم أهل سنة، فإنا نقبل جرحهم له، فإنا نقبل قولهم ونحذره؛ مادام أنه حكم عليه وجرَحه عالم سني، ولم يُـظهر بقية أهل السنة- الذين هم أقران هذا العالم- من إخوانه وأبناءه العلماء، فلا بد من قبوله؛ لأن هذا العالم السـني الذي جرح رجلاً، فإنه لم يجرحه إلا بأمرٍ بان له، وقام عنده عليه الدليل؛ لأن هذا من دين الله، والذي يجــرح أو يعـــدِّل يعلم أنه مسؤول عما يقول ويفتي به أو يحكم به، ويعلم أنه مسؤول من الله عز وجل قبل أن يسأله الخلق .
    *الوقفة الثانية ( مهم جداً) : إذا كان هذا الشخص الذي جرَّحه عالم أو علماء، وحكموا عليه بما يسقطه ويوجب الحذر منه قد خالفهم غيرهم؛ فحكموا بعدالته، وأنه على الســنـــة ، أو غير ذلك من الأحكـام المخـالفة لأحكام الآخرين المجرِّحين له.
    فما دام أن هؤلاء على السنة وهؤلاء على السنة وكلهم أهل ثقة عندنا وذو أمانة عندنا ففي هذه الحال: ننظر في الدليل؛ ولهذا قالوا: " من علم حجة على من لم يعلم".
    فالجارح قال في فلان من الناس : إنه مبتدع منحرف زائغ، وأتى بالأدلة: من كتب المجروح، أو من أشرطته، أو من نقل الـثقات عنه فهذا موجبٌ علينا قبول قوله، وترك المعدِّلين، الذين خالفوا من جرحه؛ لأن هؤلاء المجرحين له أتوا بأدلة خفيت على الآخرين لسبب من الأسباب، أو أن المعدِّل لم يقرأ ولم يسمع عن ذلك المجرَّح، وإنما بنى على سابق علمه به وسابق معرفته به، وأنه كان على سنة، فأصــبح هذا المجروح الذي أقيم الدليل على جرحه مجروحاً، والحجة مع من أقام الدليل، وعلى من يطلب الحق أن يتبع الدليل، ولا يتلمس بـُنـيَّات الطريق ذات اليمين وذات الشمال، أو يقول أقف بنفسي!! فهذا لم نعهده عند السلف .
    وهذه الأمور تكون في ما لا يسوغ فيه الاجتهاد؛ في أصول العقائد، وأصول العبادات، فإن المصير إلى قبول من أقام الدليل واجبٌ حتمي وذاك العالم السني الذي خالف الجارحين، له عذره .يـبقـى على مكانته عندنا وعلى حُرمته عندنا ونستشعر أنه له- إن شاء الله- ما كان عليه من سابقة الفضل وجلالة القدر؛ هذا وســعه، والعالم من أهل السنة - الســلفــــي- بشر؛ يذهل، ينسى، يكون عُرضة للتلبــيس من بطانةٍ سيئة، أو كان قد وثق بذلك الرجل المجروح؛ فلـبَّس عليه، والشواهد على هذا كثيرة .
    فكثير من السَقَط والذين هم- في الحقيقة- حربٌ على السنة وأهلها، يأتون بنماذج من كتبهم، يقرؤونها على علماء أجلَّة، مشـهود لهمبالفـضل والإمامة في الدين، ويُخفي ذلك اللَّعاب الماكر عن ذلكم العالم الجليل الإمام الفذ الجهبذ، ما لو علمه لسقط عنده. فهذا العالم يزكي بناءً على ما سمع، فإذا طُبع الكتاب وانتشر وتناقلته الأيدي وذاع صيته، وإذا بالمجادلين يقولون : زكاه فلان؛ الألباني- رحمه الله- أو بن باز - رحمه الله- أو بن عثيمين - رحمه الله- زكى هذا الكتاب!! فهؤلاء العلماء - رحمة الله عليهم - معذورون، ومن التَّبعة سالمون- إن شاء الله تعالى- في الدنيا والآخرة. وإنما هذا لـعَّـاب أخفى ولـبَّـس على ذلك العالم .
    إذاً ماذا بقي ؟
    نقيم على ذلك الملبس اللعاب الدسَّاس الماكر من كتبه، نقيم عليه البينة من كتبه، ومن جادلنا فيه نقول:- خذ هذا هو قوله، هل تظن أنه عَرضَه بهذه الصورة على من سمينا من أهل العلم، ومن هو على نفس النهج فأقروه؟ فالجواب كلا .
    إذا:ً يـجـب عليك أن تكون منصفاً متجرداً من العاطفة الجياشة المندفعة .
    ومن الهوى الذي يُـعمي، ويـجب عليك أن تكون طُـلبتك الحق .
    ------------
    يتبع إن شاء الله

    تعليق


    • #3
      بارك الله في جهودكم الطيبة ثقل الله بها موزين
      الشيخ وموازينكم ونفع بها عامة المسلمين

      تعليق


      • #4
        اللهم آمين وإياكم .. وفيكم بارك الله

        تعليق


        • #5
          ** السؤال السابع عشر:
          جزاكم الله خيرا ً، وأحسن الله إليكم . هذا السائل يقول :-
          ما الواجب على عوام السلفيين في دعاةٍ اختلف العلماء في تعديلهم ، و تجريحهم؟ سواءً علموا أخطائهم ، أم لم يعلموها ؟!!

          أقــول لمعشر السـلفيين والسـلفيات - من بلغتهم مشافهةً هذه المحادثة مني، ومن ستبلغهم عبر من صاغوا الأسئلة، وألقوها علينا- أقـول :
          >> أنصحكم -إن كنتم تحبون الناصحين- أن لا تقـبلوا شريطاً، ولا كتاباً- إلا- ممن عرفتم أنه على السنة مشهودٌ له بذلك؛ واشتهر بها، ولم يظهر منه خلاف ذلك.
          وهذه قاعدة مطَّـرِدة في حياته، وبعد موته. فمن مات وهو - في ما نحسبه- على السنة، فهو عندنا عليها، ونسأل اللهَ أن يثـبِّـته عليها في الآخرة، كما ثبـته عليها حياً - آمـين - هذا أولاً.
          >>ثانيا ً: إذا خفي عليكم أمر إنسان؛ اشتهرت كتبه، وأشرطته، وذاع صيته، فاسألوا عنه ذوي الخبرة به والعارفين بحاله؛ فإن السـنة لا تخفى ، ولا يخفى أهـلها؛ فالرجل تزكيه أعماله التي هي على السنة وتشهد عليه بذلك، ويذكره الناس بها حياً وميتاً .
          >> وما تستَّـر أحدٌ بالسنة ، وغرَّر الناسَ به حتى التفوا حوله وارتبطوا به، وأصبحوا يعـوِّلون عليه ويقبـلون كل ما يصدر عنه، إلا فضحه الله سبحانه وتعالى، وهتك ستره، وكشف للخاصة والعامة ما كان يخفي وما كان يُـكِـن من الغش والتلبيس والمكر والمخادعة؛ يهيأ الله رجالاً فضلاء فـطنا حكماء أقـوياء جهابذة ذوي عـلم وكِـياسة وفقه في الدين، يكشف الله بهم ستر ذلكم اللعاب الملبِّـس الغشاش .
          فعليكم إذا بُـيِّن لكم حال ذلك الإنسان- الذي قد ذاع صيته وطـبَّق الآفاق وأصبح مرموقاً يشار إليه بالبنان- أصبح عليكم - واجباً- الحذر منه؛ مادام أنه حذَّر منه أهل العلـم والإيمان والذين هم على السنة، فإنهم : سيكشفون لكم - بالدليل- ولا مانع من استكشاف حال ذلك الإنسان الذي حذر منه عالم أو علماء- بأدب وحسن أسلوب - فإن ذلك العالم سيقول لك :- رأيتُ فيه كذا وكذا، وفي الكتاب الفلاني كذا، وفي الشريط الفلاني كذا، وإذا هي أدلة واضحة تكشف لك ما كان يخفيه، وأن ذلكم الذي طــبَّق صيته الآفاق، وأصبح حديثه مستساغاً، يخفي من البدع والمكر، ما لا يُـظهره من السنة .
          >>وأمر ثالث : وهو أن من علم الخطأ وبان له، فلا يسوغ له أن يقلد عالماً خفي عليه الأمر .
          وقد قدمت لكم - أمس - أن اجتهادات العلماء غير معصومة؛ ولهذا لا يجوز أن تُـتخذ منهجاً .

          * * *

          ** السؤال الثامن عشر :
          جزاكم الله خيرا ً، و أحسن الله إليكم . هذا سائل يسأل ويقول :
          ما رأيكم في من يقول للشباب السلفي : إنكم حصرتم المنهج في هؤلاء المشائخ :"ربيع، عبيد، النجمي " وكيف نعتذر للعلماء الذين لا يتكلمون في المنهج ؟

          >>أولاً :السـلفـــية هي عقيدة ومنهج .
          * ولم يؤسسها أحد من البشر؛ فلم يؤسسها الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- حين ناصره الإمام، الأمير محمد بن سعود- رحمه الله- ولم يؤسسها قبلهما شيخ الإسلام ابن تيميه،ولا من بينه وبينهما من أهل العلم والإمامة في الدين، بل ولم يؤسسها أتباع التابعين، بل ولم يؤسسها أئمة التابعين، بل ولم يؤسسها أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، بل لم يؤسسها محمد صلى الله عليه وسلم ، فالسلفية هي الإسلام الخالص؛ الخالي من شوب البدعة، والشرك . هذه السلفية عقيدة ومنهج .
          ومن جاء بعد النبيين والمرسلين عليهم الصلاة والسلام، دعاة إصلاح وتبصير الناس بفقه هذه السلفية .
          فالسلفية بالنسبة لأمة محمد صلى الله عليه وسلم هي :فقه الكتاب والسنة على وفق فهم السلف الصالح .
          * لأن السلفية وصفٌ لكل من مضى بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم متبعاً أثره .
          وهــم : أصحابه رضي الله عنهم، وأئمة التابعين، ومن بعدهم من أهل القرون المفضلة . وأسمِّي من التابعين ومن بعدهم على سبيل المثــال لا الـحـصر: " عروة ابن الزبير، والقاسم ابن محمد ابن أبي بكر، والشعبي: عامر ابن شَـراحيل، وأبو العالية الرِّياحي، وسعيد ابن جُـبير، وسعيد ابن الـمُسيِّب، وغيرهم..." .
          ومن بعد التابعين " الأئمة الأربعة، والليث ابن سعد، والحـمَّادان، والسفيانان، وأبو عبيد القاسم ابن سلاَّم وأبو بكر محمد ابن إسحاق المعروف بابن خزيْـمة، وشعبة ابن الحجاج، وأصحـاب الكتب السـتة، وغيرهم ممن هو على الدرب ساروا " . فإن هؤلاء هم أئمة السلف وهم أئمة السنة والجماعة، والنظر في من جاء بعدهم فإن كان على مثل ما مضى عليه مَـن سمينا، وأمثالهم؛ فهو سلـفي عقيدة ومنهجاً . ومن شـذَّ حـُكـِم عليه بشذوذه، وأنه سلفي .
          * ولهذا فإنه لا يجـوز قصر السلفية عقيدةً ومنهجاً على رجالٍ بأعيانهم في مكان أو زمان .
          ( ولكن هنا أمران )
          - الأمر الأول : اعلموا أن أصحاب الأهواء - الذين يصطـادون في الماء العكر، ويسعون جاهدين إلى فصـل علماء أهل الحق عن عوام المسلمين، و خواصهم - يُـلقون شُـبهاً !
          ومنها : إن فلاناً جرَّح فلاناً من الناس، فلماذا سكت عنه فلان! أو لماذا وثَّـقه فلان!.
          ومنها : ما بال فلان وفلان ردوا على جماعة، أو أفراد، وسكت عنه الشيخ فلان، و الإمام فلان! وهكذا ، هذا الأمر الأول .
          - الأمر الثاني : قدمت لكم الكلام عليه، لكن أعيده باختصار، أقـول :
          من رد على مخطئ- سواءً كان هذا المخطئ مبتدعاً، أو غير مبتدع - ومن سـكت عنه : فإن هذا ليس محل خلاف عند المحققين -أبـداً- بل العبرة بمن تكلم ورد؛ لأنه رد بدليل وتكلم بدليل . وذاك إما لأنه لم يظهر له الأمر، ولم يتجلى له، أو أنه اكتفى بمن تكلم، وأحال عليه .

          * * *
          ** السؤال التاسع عشر :
          جزاكم الله خيرا ً، وأحسن الله إليكم . هذا سائل يسأل ويقول :
          نود التفصيل في مسألة امتحان الناس ! وهل هي على إطلاقها ، أم أن هناك ضابط معين في هذه المسألة ؟

          أنتم تعلمون معنى الامتحان! فلا داعي للكلام عليه .
          وإنما الجواب على هذا السؤال من وجهين :
          >> الوجه الأول : هـل يُـنهى عن امتحان الناس على إطلاقه ؟ هـل يُـطلـق النهي عن امتحان الناس ؟ فيقال لا يُـمتحن أحد! أو في ذلك تفصيل؟
          والجــواب : أنه في ذلك تفصيل .
          * فمن أُستُـريب في أمره، أو طُلب منه شيء ولم يظهر أعنده أهلية لما يطلب منه، أو لا، فإنه يـُمتحن . وكـذلك من أريدَ تزكيته، وكان في معزل عن الناس؛ فإنه كذلك يمتحن .
          * ولا يــزال الناس على هذا، بل هم مضــطرون إلى قـبوله؛ فإن من أريد منه منصب، فإن ولي الأمر يـختبره هـــل عنده أهليه لهذا المنصب، أو لا!. ولا يزال الناس يتـساءلون عمن وفد عليهم، يتــساءلون عنهم ويسألون الوافد؛ من أين أتى، وإن كان يُـظهر علماً فعلى من درس؛ من هم أشياخه ؟.
          * ومن الأدلة التي صحت بها السنة؛ وهو في ما يظهر في من خفي أمره، قصة معاوية ابن الحكم - رضي الله عنه- كانت له جـارية ترعى الغنم، فـعدى الذئب فاخـتطف شاةً منها، فلما جاء معاوية أخـبرته جـاريته الخبر، فلطمها، ثم جاء فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الأمر- وأظـنـه تأثـر لما صنع، ولامته نفسه- فتغير النبي صلى الله عليه وسلم لما سـمع من صـنيعه مع جـاريته فقال: يا رسول الله إن عليَّ رقبة، فـهل أعتقُها ؟ قال: جئني بها - أنظر أمؤمنة، أم لا- فجاء بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فسألها : { أين الله؟} قالت : في السماء، قال : {من أنا؟} قالت : أنت رسول الله، قال :{ أعتقها؛ فإنها مؤمنة } .
          وهذا امتحان واختبار؛ لأن هذه ستكون حرة طليقة، وستكون من الأحرار في الإسلام، فلابد من إقامة شاهدٍ عليها من دينها؛ ولهذا سألها النبي صلى الله عليه وسلم هذا السؤال .
          * كما أن القصة تدل على أمرٍ آخر؛ وهو :
          أن السلف - رحمة الله عليهم- بدءاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يُـعنَون بغرز العقيـدة في الناشئة؛ من أبناءهم وأهليهم ورُعاتهم؛ فهذه جارية علمت الحق في الله سبحانه وتعالى،علمت من دين الله ما شهد لها به رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها مؤمنة، هذه حجة على من يهـوِّن أمر العــقـيدة عقيدة التوحيد، ويقلل من شأنها، وعادة الناس يغفلون عن مثل هذه الجارية؛ لأنها راعية غنم، ومع هذا : ما أغفلها سيدها - رضي الله عنه- تبصَّرت منه في أمر العقيدة؛ في أمر التوحيد؛ الذي هو أصل الأصول .
          >> الأمر الثاني :الذي عرفناه من سيرة أئمة السلف، أنهم يمتحنون الناسَ بفضلائهم، وعلمائهم .
          فإذا وفدت عليهم وافدة من قطر سألوهم عن علمائهم؛ فإن أثنوا عليهم خيراً قربوهم وأحبوهم واستبانوا أنهم أهل سنة . وإن أثنوا عليهم شراً أبعدوهم وأبغضوهم ونفروا منهم .
          * وقديماً قالوا : امتحِنوا أهل المدينة بمالك، وامتحنوا أهل الشام بالأوزاعي، وامتحنوا أهل مصر بالليث ابن سعد، وامتحنوا أهل الموصل بالمُعافى ابن عـمران .
          وهؤلاء الذين قرر الأئمة امتحان الناس بهم، هم أئـمة بالسنة والعلم والإيمان .
          فصاحب السنة : لابد أن يحبهم ويجلَّهم ويوقرهم ويظهِر الثناء عليهم .
          وصاحب البدعة : لابد أن يظهر الشناعة عليهم .
          وذكر بعض أئمة الدعوة - لا يحضرني اسمه الآن - أن الإمام أحـمد ابن حنبل- رحمه الله- لا يزال محنةً للناس؛ يعني يمتحن الناس بعضهم بعضاً به .
          * وبهذا تعلـمون :
          أن المبتدعة والضلال لا يُمتحن الناس فيهم؛ لأنهم ساقطون .
          فأهل العلم والفضل وحُـذَّاق أهل السنة : ينفرون منهم .
          وأما المنحرفون والمفاصلون للمنهج الحق فإنهم : يكرعون فيهم ويُشغَـفون بهم؛ لأنهم تلامذتهم .

          * * *
          ** السؤال العشرون :
          جزاكم الله خيرا ً، وأحسن الله إليكم . هذا سائل يسأل ويقول : نود التفريق بين التقليد المذموم عند أهل العلم ، والتقليد الذي يدندن حوله أبو الحسن ، وأتباعه ؟

          - التقليد في اللغة : من تقلد الشيء يتقلده؛ إذا وضعه في رقبته . ويقال قلد غيره قلادة إذا وضع القلادة في رقبته .
          - وأما في اصطلاح أهل العلم فإنه : " قبول قول من ليس قوله حجة، من غير معرفة دليله" .
          وبهذا : يجب التفطن إلى ما تضمنه التعريف من قيود .
          * فقوله : " قبول من ليس قوله حجة، من غير معرفة دليله ". هاذان قيدان .
          >> القيد الأول :
          قبول قول من ليس قوله حجة، هذا مُخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإن قوله حجة .
          فإذا قيل لك : قال رسول الله، لا يـجوز أن تسـأل عن الدليل؛ قوله حـجة، لكن لك - إذا اسـتغربت- أن تسأل عن صحة الحديث .
          * وكذلك الإجماع : فإذا انعقد الإجماع من أهله في عصر من العصور وجب قبوله إلى يوم القيامة، ولا يجوز نقضه فإن الإجماع حجةٌ بنفسه، سواءً عُـرف دليله، أو لم يعرف .
          - فمن الإجماع : من قام عليه الدليل من الكتاب والسنة الصحيحة .
          - ومن الإجماع : ما استند على حديثٍ ضعيف، فقوي به الحديث .
          - ومن الإجماعات : من لم يعرف دليله، لكنه انعقد عليه قول الأئمة - انعقد على المجمع عليه قول الأئمة- .
          ولهذا يُـعرِّفون الإجماع فيقولون هو : " اتفاق جـميع العلماء المجتهدين من أمة محمدٍ صلى الله عليه وسلم، في عصر من العصور بعد وفاته، على أمر ديني" هذا هو الإجماع .
          * وهنا أنبه إلى أن كل فن المعتبر فيه إجماع أهله .
          - فالقضايا الحديثيِِّة : المعتبر فيها ليس قول الفقهاء، ولا قول المؤرخين، ولا قول علماء العربية، المعتبر فيها إجماع المحدِّثين؛ لأنها قضية حديثيَّة .
          - والقاعدة الأصـولية : يُعتبر فيها إجماع أهل الأصول .
          - والقضية التاريخية : يعتبر فيها إجماع علماء التاريخ العارفين بالغزوات .
          * فمثلاً : حينما يُجمع المؤرخون من علماء الإسـلام على أن غزوة الخندق سنة أربع من الهجرة، لا نحتاج إلى بحث، يكفيك؛ أهل الفن، وكما يعبرون أهل الاختصاص كفونا هذا، كذلك لو أجمعوا على أن عمرة القضاء في سنة سبع، كفانا، وهكذا .
          >> القيد الثاني :
          - انظروا- " قبول قول من ليس قوله حجة من غير معرفة دليله".
          هذا يُخرج قول العالم الذي عُـرف دليله؛ فإن قبول قوله مع دليله ليس بتقليد، بل هو إتــِّباع . تـفـطـنوا .
          * ومن هنا نقــــــول :
          أولاً: الفرق بين التقليد، والإتباع !
          - فإن التقليد هو : " قَبول القول من غير معرفة الدليل". تسليم هكذا؛ من غير معرفة دليله.
          - وأما الإتباع فهو: " قبول القول الذي يَـسنده الدليل".
          ثانياً:تقسيم الناس من حيث جواز التقليد، وعدم جوازه !

          ( فالناس في هذا الباب صنفان )
          * صنف يسوغ له التقليد : بل قد يجب عليه، وهذا هو العامي، وكذلك المتعلم الذي ليس عنده قدرة على الاجتهاد .
          ويقول بعض أهل العلم : حتى العـالـم المجتهد الذي قصر باعه عن تقليد هذه المسألة بعد أن يستفرغ وسعه ويبذل جهده، فإنه يسوغ له تقليد من مضى قبله من الأئمة .
          وأذكر هنا مثالاً في قضية الإسم هل هو المسمى أو غيره ؟! وهو أن الطبري - رحمه الله - وهو من هو في الإمامة، وجلالة القدر، والسابقة في الفضل ، قال في هذه القضية :" ليس عندي إلا مَن في قوله الغناء، والشفاء" -يعني الإمام أحمد رحمه الله - ، قلده .
          وفي الجرح والتعديل : فإن العلماء يقلدون من سبقهم؛ وثَّقه ابن معين، وثقه فلان، وثقه فلان؛ إذا لم يُعرف لهم مخالف فإذا عُـرف المخالف نُـظـر، كما قدمنا في الدليل .
          * الصـنف الثاني : من يُحرم عليه التقليد، ولا يسـوغ له بحال؛ وهو :
          العـالـم المجتـهد؛ الذي يسـتطـيع أن يستفرغ الوسع؛ بالنظر في الأدلة وصولاً إلى الحكم الشرعي ، إما على سبيل القطع واليقين، أو على سبيل الظن الغالب؛ فإنه يُطلب منه الاجتهاد والنظر في الأدلة .
          وبهـذا تعلمـــون : أن من ينهى عن التقليد مطلقاً أحد رجلين، لا ثالث لهما :
          إما أنه جاهل؛ سمع الناس يدندنون في ذم التقليد فقال مثل ما يقول الناس .
          أو صاحب هوى؛ وهو قائد من يسمع قوله إلى قبول قوله هو-فقط- شيخنا قال! وهذا هو التعصب المذموم وهو التقليد المذموم ، فالتقليد المذموم هو تـعـصـب، وهذا هو الذي يدعوا إليه ذلكم الرجل؛ الذي ينهى عن التقليد على سبيل الإطلاق، طلاب في باكورة الطلب، لا يعرفون اتباعاً، ولا تقليداً، يُشيع فيهم ويَنفخُ فيهم: نحن لا نقلد!، لا نقلد أحداً!، لا نقبلُ!... هذا ليس من سياسة السلف، ولا من فقه السلف .
          فإن العـالـم السلفـــي هو الذي يعلم الناس السـنــة ، وإذا كانت المسألة فيها خلاف؛ فإنه يعرض الأقوال، ويعرض أدلتها ويـرجِّح ما يراه راجحاً.
          * * *
          ** السؤال الحادي والعشرون :
          جزاكم الله خيرا ً، وأحسن الله إليكم. هذا سائل يسأل ويقول:- إذا حصل تقصير من الحاكم فيما يظهر في أمر من أمور الرعية ، وتسبب هذا التقصير في ردة فعل للرعية بأمور لا يرضاها الحاكم ؛ كالإعتصامات ، والمظاهرات ، وغيرها!
          فهل هذا يعتبر من الخروج عليه؟ وهل هنالك فرق في تقصيره من جهة الدين أو الدنيا ؟

          قدمت لكم- لا أدري في جلسة البارحة، أو في ما مضى، وقد يكون في جلسات سابقة- قوله صلى الله عليه وسلم: { ألا من وُلِّـي عليه وال ٍ فرآه يأتي شيئاً من معصية الله ، فليكره ما يأتي ، ولا ينزعنَّ يداً من طاعة }.
          فانظروا: { فرآه يأتي شيئاً من معصية الله} -معصية الله عامة- صيغة عموم؛ مفرد مضاف لغير العهد؛ فهو صيغة عموم باتفاق المحققين، ولا أعرف حتى الساعة من علماء الأصول من يخالف في هذا .
          فإذا تقرر هذا؛ فلنا مع هذا السؤال وقفتان، أو ثلاث .
          >> الوقفة الأولى : هل الإعتصامات، والمظاهرات؛ احتجاجاً على عمل الحاكم، وتقصيره في ديـنه، أو في دنـياه - في عمل ديني، أو دنيوي - هل هو - هذا العمل- من منهج السلف، أو من منهج غيرهم؟!
          فهو من منهج غيرهم؛ فإذاً هو محـدَث؛ وكل محـدِثةٍ بدعـة، وكل بدعــة ضـلالة، وكل ضـلالة في الـنـار- نص رسول الله صلى الله عليه وسلم- .
          >>الوقفة الثانية :نحن لا ندَّعي العصمة في أحدٍ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وندين اللهَ بأن ما أجمع عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعده لا تـجوز مـخالفته؛ لأنهم - رضي الله عنهم - مجمعٌ على عدالتهم، والمحققون، والمنصفون، وأئمة الدين مجمعون على أن إجماعهم حق ، ولم يخالف في ذلك إلا أهل الأهواء .


          ( بقي كيف يعالج هذا التقصير من ذلك الحاكم؟! )
          أولاً : لو قال قائل: تقصير الحاكم لأمرٍ من أمور الرعية هيَّـج بعضـهم عليه، هذا من المعاملات، والمعاملات الأصل فيها الإباحة؛ أو الأمر واسع- كما يقولـون -! خليهم يتكلمون بما يشاءون، لكن نحن عندنا ميزان نزن به الأعمال، والأقوال .
          * فنقـول :
          =هل ورد في هذه القضية أمرٌ يحكم، أو هي متروكة على أنها معاملة؛ حتى تقولوا ما تقولون!؟
          = فإن قالوا نعم! خصموا أنفسهم بأنفسهم - وسوف نأتي بالحجة بعد قليل- .
          = وإن قالوا: لا! نقول: كذبتم؛ ورد فيها نص ، والنصُ حكمٌ فاصلٌ للنزاع، سواءً كان المتنازَع فيه عبادة، أو معاملة؛ لأن الله سبحانه وتعالى ما تعبَّدنا بغير النص، الإجماع نحن متعبدون به؛ لما قدمت من الإشارة إلى أدلته .
          قال الله تعالى :{ يأيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وألي الأمر منكم}. ماذا بعدها!
          { فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول}.
          قال أهل العلم : الرد إلى الله هو الرد إلى كتابه ، والرد إلى رسوله هو الرد إليه في حياته، وإلى سنته بعد مماته .
          =ونحن نؤكد عليكم أنه قد ورد نص؛ فما ذلكم النص ؟
          فـــالجـــواب: روى ابن أبي عاصم، وأحمد في سنته عن عياض ابن غـُنـم- رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من أراد أن ينصح لذي سلطان، فلا يبدها علانية، وليخلوا به، وليأخذ بيده، فإن قبلها قـبلها، وإلا كان قد أدى ما عليه} .
          = فهذا الحديث يتضمن ما يأتي :
          أولاً: وجوب نصيحة الحاكم فيما يقصِّر فيه- سواءً كان في نفسه، أو في أمر الرعية- (سرا ً)
          { فلا يبدها علانية } وهذا معناه سراً؛ وهذه السرية يجب أن تكون حتى عن أقرب الناس إليه إن أمكن .
          ثانياً: براءة الذمة، وخلوها من التبعة؛ إذا أمكن نصح الحاكم، سواءً قبل، أو لم يقبل.
          ثالثاً: لو كان ثمة وجهٌ يرضاه الله عز وجل، لبـَان ذلكم الوجه- أعني في النصـيحة-؛ إما في الكتاب وإما في صحيح السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
          ( وللـــقـــوم شــــبـه ! )
          >> منها: أن أبى سعيد الخدْري أنكر على مروان - أمير المدينة- حين قـدَّم مروانُ خطبة العيد على الصلاة! أنكر عليه ذلك، قالوا: فهذا إنكار علني !
          نقــول : الحمد لله أنكم أتيتم لنا بحديث نعرفه؛ ليس عندنا في القصة نزاع؛ لأنها في صحيح مسلم . ولكن في مضمون القصة أمور غفلتم عنها، أو تغافلتم - والثاني أحرى بكم عندنا؛ لأننا تعودنا منكم إلقاء الشبه- وتلك الأمـــور:
          - أولاً : أن أبى سعيد رضي الله عنه قال :" مشيتُ مُـخاصراً مروان " ، ومعنى المخاصرة أن كل واحدٍ واضعٌ يده في خصر الآخر، ويحدثه، فالناظرون يدركون أن هاذيْن المتماشييْن
          المتخاصريْن يتحدثان بأمر، لكن لا يعلمون ما هو!
          - ثانياً : أن أبى سعيد- رضي الله عنه- لما قال لمروان: أين الابتداء بالصلاة ؟ قال : يا أبى سعيد لقد ذهب ما تعلم؛ إن الناس لا يجلسون لنا، وقد ذكر أنه - أعني أبى سعيد - يجذبه إلى الصــلاة، ومروان يجذبه إلى المنبر. فقال أبى سعيد: كلا؛ لا تأتون بخير مما أعلم، ثم استمع إليه، وصلى معه- ائتـمَّ به في الصلاة- ولم يتخذ من ذلك مجالاً للتشهير بمروان - بالأمير- والنيل منه .
          - الأمر الثالث : أن راوية أبي سعيد؛ وهو : عامرٌ بن سعد، قال : عن أبي سعيد، ولم يقل رأيت مروان يفعل كذا، وأبو سعيد يفعل كذا، ولم يقل سمعت أبى سعيد الخدري يقول لمروان، ومروان يقول له .
          فبان بهذا التقرير دحض شبهة القوم، وأن هذا الحديث الصحيح؛ الذي هو في صحيح مسلم،عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - وإنكاره على مروان صنيعه بتقديم خطبة العيد على الصلاة كان ســـــراً .
          فأصبح الحديثان مجتمعيْـن غير مفترقيْن، مؤتلفيْن غير مختلفيْن- ولله الحمد والمنة - .
          * ومن هنا نقـــــول :
          نصيحة الحاكم واجبة، والأحاديث الواردة في نصح الحاكم واضحة؛ منها قوله صلى الله عليه وسلم :
          {الدين النصــيحة، الدين النصــيحة، الدين النصــيحة} قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال {لله، ولكتابه، ولرسوله وللأئمة المسلمين وعامتهم} وأحاديث أخرى كثيرة في الباب .
          لكن من الناصح!! وكيف؟؟ أما الكيفية فقد مضت، وعرفتموها .
          - وأما الناصح فهم : المقربون إلى الحاكم؛ لأن الحاكم يخفى عليه حال أكثر الناس، وقد يكون في مقام يحتم عليه الحذر، إلا من ناس معينين .
          هنا إذاً : إذا أردت أن تنصح حاكماً فإذا كنت من الذين يمكنهم الدخول إليه والـجلوس إليه ومحادثته، فاصنع ما سـمعته في حديث عياض بن غـنم- وهو حديـث صحيح بمجموع طرقه- .
          وإن كنت لا صـلة لك به، ولا تتمـكن مـن الدخـول علـيه، أو تتمـكن ولكـن لا تتمـكن من الـجلوس إليـه ومحادثته، بل استطعت أن تكتبها، وتسلمها بيده، مع السلام عليه، ثم تنصرف، فذاك أمرٌ جميل .
          وإن لم تستطع فاكتب إلى من هو قريبٌ منه؛ فسوف يوصلها إليه، وسواءً قبل الحاكم، أو لم يقبل، سواءً وصلت إليه النصيحة، أو لم تصل، برئت ذمتك .
          وإياك ثم إياك أن تغتر بصنيع هؤلاء القوم الذين يشـهــِّرون بالحكام على المنابر، وفي الـمحافل العـامة ويصـدعون بأخـطائهم؛ فإن هذا من التحريض الذي هو منهج الخوارج القَـعَـدية .

          * * *
          ** السؤال الثاني والعشرون :
          جزاكم الله خيرا ً، وأحسن الله إليكم. هذا سائل يسأل ويقول :
          إذا صدرت بعض الأخطاء المنهجية من داعية هبَّ بعض الشباب إلى الاتصال بالعـلماء حول هذا الداعية ، وعرض أخطائه ، فيجيب العلماء بما فتح الله عليهم ، فربما يحذرون منه لكن سرعان ما يقوم أكثر طلـبة العــلم على هؤلاء الشباب ، وينـكرون عليهم وربما قالوا لهم : لستم أهلاً لأن تتصلوا بالعلماء ، إنما طلبة العلم هم الذين يتصلون !

          ذكرتُ لكم في جلسة البارحة، أو في جلسة سابقة – أن :
          * الداعية الذي هو على السنة، فإنه ينبغي أن يُناصح ويعرَض عليه خطئه .
          فــقد يكـون عنده دليل خفي عليك أنت (*) وقـد يكون حصل عنده ذهول (*) وقـد يكون اجتهد فأخطأ(*) فإذا نوصح هذا، نفع، وانتفع- بحول الله تعالى- إن كان صاحب سنة .
          - وأعيد هنا ما قلته في ما سبق :


          ( الأمور التي حدثت فيها أخطاء )
          >> منها ما لا يسوغ فيه الاجتهاد - في أصول الدين - هذه لا يسـوغ فيها الاجتهاد. ثم هذا الذي أخطأ، هل هو من أهل السنة؛ المعروفين عندنا بالسنة! أو من عامة الناس!
          لابد أن يراعى هذا، وهذا؛ فإن كان من أهل السنة فإنه إذا انتصح ينتصح؛ ترده السنة- بحول الله تعالى- ، وإن كان من أهل الأهواء فلا كرامة له .
          >> وقد تكون الأخطاء حدثت في أمرٍ يسوغ فيه الاجتهاد ، فهذا :
          أنت إذا سئلت قل أنا أرى كذا، ودلِّل على ما ترى، وإذا سئل الطرف الآخر يقول أنا أرى كذا، ويدلل ولا يثـرِّب أحدٌ على أحد في هذا .
          وعلى سبيل المثال : نحن نرى حتى الساعة أن تارك الصلاة متهاوناً كافر ونُدلل- ولله الحمد- بما عرفه علمائنا من قبل، من السنة، وآخرون يقولون- لا- هو فاسق، فأنا اجتهد في التدليل على ما أراه؛ لأنه دين أدين الله به، وأرى الحق خلافه، وذاك الطرف يدلل على ما يراه؛ لأنه دين، يدين الله به، لكني لا أثـرِّبُ عليه؛ مادام عنده من الأدلة ما يسند مذهبه، وأصوله التي مشى عليها وهي أدلة صحيحة، فأنا لا أثرب عليه .
          * ( بقي السـامـع ) :
          >> السامع إن كان من أهل الاجتهاديـنظر ولا يـجوز له أن يأخذ بقولي، أو بقول الطرف الآخر - هكذا مجردا ً- ينظر، إن كان من أهل الاجتهاد، ينظر ويستفرغ وسعه، وسوف يترجح عنده شيء؛ إما هذا، أو هذا .
          وثمة أمرٌ آخر : أدركناه - في الحقيقة - من كثير من الناس وهو :
          * ( الــنــقــل ) :
          فإنه ليس كل ناقل يحسن الـنقـل؛ ولهذا أقول يجب الاحتياط؛ والله صرنا نخاف، ونـحطاط، فنـجيب إجـابات عامة؛ نؤصِّل ما نعلمه مـن الأصول، ونقعِّد ما نعلمه من القواعد، متوخين ما تبرئ به الذمة ويصلح به الحال - إن شاء الله تعالى- ويجب أن تعلموا- وقد أسلفته- أن مراعاة الحال، ومراعاة الزمان، ومراعاة الأشخاص أمورٌ لابد منها؛ فقد يكون هذا المخطئ عَـلَم في السـنة والذب عنها، فما الذي يمنعك أن تجلس إليه وتتأدب معه، وتسأله سؤال بمثل : يا شيخ- فلان- أنا نمى إلى سمعي أنك قررت كذا وكذا، فلا أدري لعلي أكون مخطئاً، لعلي ذهـلت فقد يقـول لك : لا أنا ذكرت كذا وكذا، ولكنك أنت ذهـلت، فتجد من لو سألت من حولك، يقولون لك: نعم أنت حصل منك ذهول، وقد يقول هذا الشيخ: عجيب! أنا قررت كذا! فتقول: نعم يا شيخ قررت كذا واستدللت بكذا، والذي سمعناه من أهل العلم والفضل، أمثالكم - بارك الله فيكم- هو كذا وكذا ، هذا التمـجيد لـمـن ؟ للسـني، العالم السـني .
          أما صاحب الهوى : أنت - أصلاً- في غنى عن مجالسته، والأخذ عنه .
          فـاحـتـاطـوا - بارك الله فيكم - فـي : الـنـقـل .
          فإذا هذا العالم، أو الداعية الســني ما استجاب لك، فقل له : يا شيخ ما رأيك في نقل هذه القـضية إلى فلان، أو من ترضاه؛ لأن المقصود الحق، فإن كان الحق معي - يا شيخ - ترجع أنت - إن شاء الله - وإن كان الحق معك، أنا أرجع . فسوف ينتهي الأمر إلى ما يرضي الجميع؛ من قول الحق .

          * * *
          ** السؤال الثالث والعشرون :
          جزاكم الله خيراً ، وأحسن الله إليكم. هذا سائل يسأل ويقـول:- شيخـنا: تعرفون وترون ما آلت إليه البلاد الإسلامية من فـتن ومشـاكل ، خاصـةً في الأماكن الداخلية يعني المدن والولايات. فهل هذا هو الوقت الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: الأفضل للرجل قطيع غنم يتبع به أقاصي الجبال، ويرعى غنمه. أو كما قال عليه الصلاة والسلام. فهل يفهم من هذا جواز، أو مشروعية السكن في البوادي، ورعي الغنم، وخدمة الأرض ، والاستراحة من شرور الأماكن المعمورة بالناس ؟ مع العلم أن الجهل يكثر في هذه البوادي . أفيدونا ، وجزاكم الله خيراً .

          الذي ظهر لي، وأظن أن علمائنا لا يخالفوننا فيه؛ أن الخير في هذه الأمة كثير - ولله الحمد- فما من قطرٍ من الأقطار الإسلامية إلا وفيه علماء وفضلاء، يحسن، بل- يجب - أن يُتخَذوا قدوة؛ لما أصابوه من السنة وأرى أنه تجب ملازمتهم، والارتباط بهم؛ فـبهم تقوى السواعد، ويشـتد الأزر، وتعلـو الهمة، وما أراه قـد حان الوقت الذي تضمنه الحـديث، حتى إن كـان وُجـد في ولاية - وهذا على سبـيل الفرض والتقدير- ما سألت عنه، فإنه ثمة ولايات يكون فيها - الحمد لله- الخير، وأهله متوافرين؛ الخير موجود وأهل الخير موجودين، ولن تخلو أرض الله من طائفة تقوم بهم الحجة على الخلق .
          ولكن يجب علينا نحن أن نفتش عن أهل العلم وأهل الفـضل وأهل الصـلاح وأهل التـقوى؛ والذين هم على السنة، فننضم إليهم، ونستأنس بهم، ونأخذ عنهم .

          * * *
          ** السؤال الرابع والعشرون :
          جزاكم الله خيرا ً، وأحسن الله إليكم. وهذا سؤال آخر يقول :
          يا شيخ -حفظك الله - يكثر عندنا في منطقتنا الإخوان المسلمون ، بحيث تجدهم يتجمعون في أماكن ، ويتكلمون في مسائل السياسة ، ويبغضون دولة التوحيد -السعودية- ويستهزئون بدعوة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب- رحمه الله- ويأتون بشـبهة يقولون: بأن الفساد والفسق يكثر في السعودية، خاصة في الرياض ، باستثناء الحرمين فهل هذا الكلام صحيح ؟ وما موقفنا من هؤلاء الشباب؟!!!!

          أنت قلت - يا بني- الإخوان المسلمون، وهذه الجملة منك تنبه إلى أن ما ذكرته ضمن السؤال هو صادر عن هوى وعن بدع وعن شبه، لا عن أهل سنة . وسمعتم مني، ومن غيري من المحققين، القـول الفـصل في هذه الجماعة، وأنها جماعة ضــالة مضــلة؛ فهي ساقطة منحرفة ضــالة مضـــلة، ولا يُقـبل إلا شهادة العـدل فالإخوان المسلمون ليسوا عدولاً .
          أقــــول : وثمة أمر آخر: لو سلَّمنا - على سبيل الفرض والتقدير- لما قالوه؛ وأن السعودية كلها حكامها ومحكوموها فاسدون، مفسدون، فهل هذا يسوغ الخروج ؟

          النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يُنازَع الأمر أهله
          إلا أن تروا 1 كفراًً 2 بواحاً 3 عندكم فيه من الله برهان 4



          والمنصف المحق يرى أن ذلك القول من تلك الجماعة هو في غاية البطلان؛ فالبلد - ولله الحمد- بلد السنة بشهادة المنصفين، هو بلد التوحـيد والسـنة ، وأما الأخطاء، والفساد فلا شك أنه ما من بلد إلا وفيه من ذلك ما فيه، حتى المدينة فيها فساد؛ فيها أناس مفسدون؛ فيها تَـرَكة صـلاة، فيها شَـرَبة مسكر، لكن لا يـجوز الحكم على أهـل المديـنة عـمومـاً بأنهم كـذلك، ولا عـلى أهـل الريـاض، أو بُـرَيـْدة، أو الــرَّس، أو عُنـيزة، أو المنطقة الشرقية، أو منطقة حائل، بأنهم على هذا النهج؛ هذا خطأ، هذه مجازفات، والـمـُغْرِض لا يبـالي بما يقول؛ لأنه له هدف، لا يحققه – في زعـمـه- إلا بمثل هذا؛ فهو يجـمع الناس حـوله، ويكتّـلهم معه بمثل هذه الشبه؛ لأنه يعلم أنه مادام الناس مجتمعين على السنة وعلى المنهج الحق، لـن تــقوم له قــائمة فماذا يصنع ؟
          يلقي مثل هذه الشبه التي وردت في السؤال؛ تفريقاً للكلمة- لكلمة المسلمين- ومن آلات التفريق عنـدهم هو إغار الصدور على فئتـين بها تُأمن السبل، وتجـتمع الكلمة ،ويـقام العـدل ويُـنصر المظلوم، ويُـردع الظالم، وتُـنصر السنة فوق ذلك، وهاتان الفئتان هما : العلماء، والحكام .

          * * *
          ** السؤال الخامس والعشرون :
          جزاكم الله خيرا ً، وأحسن الله إليكم .
          هنا عدة أسئلة تسأل عن جواز التدريس والعمل ، أو الدراسة في المدارس الابتدائية أو الثانوية ، أو الجامعات المختلطة !!!!

          كلمة - مختلطة - معروف معناها؛ هي المدارس التي تضم البنين، والبنات .
          فالاختلاط محرم
          هذا الذي تقرر عندنا، وقام عليه الدليل، وعليه المحققون من علمائنا، وليس لأحدٍ حجة .
          ثم هو ما مردوده على السلوك! فتنة، وفساد، ولا ينجو منه إلا من نجاه الله! وأذية، فالمسلم مأمور بأن يغـض من بصره، والمسلمة، وهذا لا يتحقق بالاختـلاط - أبـداً - .
          ولـهذا : فإن أصحاب التدين القوي الـصلب، ينفـرون من هـذه المدارس، ويتركونها .
          والتدريس فيها : مادامت مختلطة هو كذلك من الفتنة؛ فإن كثير من النسوة، ولعله في بعض البلدان جمهور من تخرج سافرة متبرجة لا تبالي بحشمة فيجب على الأهالي أن يفصلوا أبناءهم من هذه المدارس المختلطة .

          * * *
          ** السؤال السادس والعشرون :
          جزاكم الله خيرا ً، وأحسن الله إليكم. يقول السائل :
          يا شيخ يكثر عندنا في بلادنا أهل المعاصي ؛ الذين يجاهرون بالمعاصي! كشرب الدخان ، وسماع الأغاني ، وغيرها من المعاصي! فكيف نتعامل معهم حال كونهم لهم حقوق المسلمين؛ إذ لم يخرجوا من دائرة الإسلام !

          تأمل قول الله تعالى : { والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم} .
          وتأمل قوله تعالى: { ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وألئك هم المفلحون } .
          >> ( تستظهر أن واجب هؤلاء عـلينا ) أن نأمرهم بالمعروف، وننهاهم عن المنكر .
          ثم أضف إلى الآيات السابقة وما في معناها قوله صلى الله عليه وسلم : {من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان} .
          >> تستظهر كذلك : ( أن مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ثلاث! ) :
          الأولى :إزالة المنكر باليد : وهذا في حق من قدر عليه، ولم يترتب على ذلك مفسدة أكبر منه.
          وهذه ذكر أهل العلم أنها في حق الإمام، ونوابه، وكذلك الرجل في أهل بيته، ومن له عليهم ميانة . إذا استطاع تغيير المنكر باليد غـيـَّر .
          الثانية :التغيير باللسان : وهذه بيانها في قوله تعالى { أدع إلى سبيل ربك بالحكـمة والموعـظة الحـسـنة وجادلهم بالتي هي أحسن } وهذه لأهل العـلـم؛ الذين يحسنون البيان، ويحسنون الأمر والنهي؛ بما آتاهم الله من الحكمة والفقه في دينه؛ يبينون للناس الحق ويدعونهم إليه، وكذلك يبـينون الباطل الذي يشيع في البلد أو القطر، ويبينون أنه باطل بالدليل، ويحذرون الناس منه .
          الثالثة :التغيير بالقلب : وهي : البعد عن المعاصي وأهلها .
          * هنا ننبه إلى أن بعض المتكلمين يفسدون من حيث يريدون الإصلاح، ويُسِـيئون من حيث يريدون الإحسان لجهلهم في نصـوص الشرع، وقلة فقههم بالمصالح والمفاسد؛ فالمعاصي ما خلا منها بلد؛ بل المعاصي وجدت في عصر النبي صلى الله عليه وسلم، وُجد شيء من المعاصي في عصر الصحابة، ولكن كيف كان علاجها؟!
          أولاً: عندنا، وفي كثير من البلدان العاِلم الذي يُـحسن البيان، ويجلِّي ما هو حلال، وما هو حرام؛ مستـنداً في بيانه إلى الكتاب والسنة،لا يستنكر عليه أحد أبداً، ونحن جهدنا في النصح - في النصح لعباد الله- .

          ( وهذا النصح الذي يُـثمر، له صور )

          - منها : الخطب التي تقرر أصول الدين وقواعده الكلية، وضمن ذلك التحذير من البـــدع، والمعاصي، وبيان خطورتها على الفرد والمجتمع.
          - ومنها : الدروس التي يقيمها الأئمة في مساجدهم؛ لتبصير الناس بالفقه في دين الله؛ من الكـتاب والسـنة وعلى وفق فهم السلف الصالح .
          - ومنها : الدعاة المصلحون الذين يزورون المساجد لإلقاء المواعظ، والمحاضرات، متضمنة حض الناس على كل ما هو طاعة؛ واجباً كان، أو مستحباً.
          * وأعظم ما يركز عليه هؤلاء وهؤلاء من الواجبات التـوحيد، كما أنهم كذلك يحذرون من جميع المعاصي؛ وأعظم ما يحذّرون منه الـشرك بالله عز وجل ، فإن العلم هو الذي يربي الناس؛ قال صلى الله عليه وسلم :{ من يرد الله به خيراً يفقه في الدين }.
          * ومعنى يفقه في الدين : يبصره فيه، ويرزقه المعرفة؛ فيعرف حق الله، وحق نفسه، وحق عباد الله.
          ((هذا الحديث دليلٌ صريح على أن سبيل الخيرية سبيل واحد، لا غير، وهو الفقه في دين الله))
          هذا منطوق الحديث ، وقال شيخ الإسلام ابن تيميه، أو غيره " ومفهومه أن من لا يرد الله به خـيراً، لا يفـقه في الدين ".
          والله غالبٌ على أمره، سيحيى من حي عن بينة، ويهلك من هلك عن بينة .
          فإذا قام الناصحون لعباد الله بما يجب عليهم من نصح العباد، على الـوجه الصحيح، فقد برئت ذمتهم بأداء ما يقدرون عليه؛ ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها. والله أعلم .
          * * *
          ** السؤال السابع والعشرون :
          جزاكم الله خيراً ، وأحسن الله إليكم. يقول السائل :
          السـلام عليـكم ورحمة الله وبركاته. سمـعنا كلاماً من بعض المـشائخ من أهل السنـة يقولون:- هذا الرجل من أهل البدع ، هل نفهم أنه مبتدع أم لا ؟ وجزاكم الله خيراً.

          أقـــول : حسب علمي :

          ( أن هذه الجملة عند أهل السنة لها إطلاقان )
          > أحدهما وهو الغالب : أنه مبتدع .
          عرف الحق وعاند؛ فأبى إلا الانحراف، عرف السنة، وأبى إلا البدعة، ركب البدعة عن معرفة أنها بدعة .
          > والآخر، الإطلاق الآخر: أنهم يطلقونها للزجر .
          والمعنى أن هذا الإنسان صاحب بدع، يعني أنه يأتي ببدع، وإن لم يكن هو مبتدعاً .
          لأن مما عرفناه ومن منهج أهل السنة أنهم :

          ( لا يبدِّعون أحداً بعـيـنه حتى تقوم عليه الحجة الرسالية؛ يقوم الدليل على أنه مبتدع ) .

          *والله أعلم *

          تعليق


          • #6
            جزاك الله خيراً وبارك في جهودك , وأرجو أن تضعها على شكل ملف وورد

            وهذه كلمة من الشيخ ربيع إلى كل سلفي مع إخوانه
            " أبذلوا الأسباب في استئصال شأفت الفرقة واسبابها , وفقكم الله ... شوف والله الأعداء فرحانين , والله الدعوة السلفية توقفت , والله ضربت يا أخوان فاتقوا الله في أنفسكم واتقوا الله في هذه الدعوة , وابذلوا الأسباب التي تمحو هذه الأباطيل وهذه الفتن "
            من آخر الحث على المودة للشيخ ربيع وفقه الله
            التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد المهيمن سمير البليدي; الساعة 21-Aug-2012, 02:51 AM.

            تعليق


            • #7
              اللهم آمين وإياكم .. بارك الله فيكم
              وإنما أنا ناقل للموضوع وناسخ له فقط مع تغيير في التنسيق قليلاً ..
              وأصل الموضوع موجود في ملف وورد بتنسيق جميل في شبكة سحاب االسلفية ..
              ولقد وضعت رابطه في البداية ضمن العنوان ..
              فجزى الله خيراً كاتبه ومنسقه وناقله ..
              فالموضوع جد مهم وقيم .. أسأل الله أن ينفع به المسلمين ..

              تعليق


              • #8
                بارك الله فيك

                تعليق


                • #9
                  بارك الله فيك على هذا الجهد و نفع الله به
                  ما أحوجنا الى العمل بهذه النصائح و التوجيهات
                  السديدة للشيخ حفظه الله .
                  و لقد نسقت المحتوى في ملف وورد (word )
                  الملفات المرفقة

                  تعليق


                  • #10
                    بارك الله فيك على هذا الجهد الطيب

                    وجزا الله شيخنا عبيدا خير الجزاء

                    ووفقنا وإياك للعمل بهذه النصائح و التوجيهات النيرة

                    تعليق


                    • #11
                      جزاكم الله خيراً وبارك فيكم ..
                      المشاركة الأصلية بواسطة أبو ايوب نبيل مشاهدة المشاركة
                      و لقد نسقت المحتوى في ملف وورد (word )
                      جزاكم الله خيراً
                      وأذكر الأخوة أن هذه المادة المفرغة منقولة من موقع سحاب ولقد وضعت رابطها ضمن العنوان ، فأرجو إدراجها لو تكرمتم ضمن العنوان في ملف الوورد الذي وضعتموه أعلاه وجزاكم الله خيراً ، علماً بأن صاحب هذا التفريغ -جزاه الله خيراً- قد وضع هذه المادة ضمن ملف وورد ذو تنسيق جميل أيضاً ، على هذا الرابط :
                      http://www.sahab.net/forums/showthread.php?t=348583

                      تعليق


                      • #12
                        رد: ( فقه التعامل مع أهل السنة وأهل الباطل ) فضيلة الشيخ عبيد الجابري

                        أرجو إعادة رفع المواد الصوتية الثلاثة بحيث تكون مطابقا للتفريغ، وجزاكم الله خيرا.

                        تعليق


                        • #13
                          رد: ( فقه التعامل مع أهل السنة وأهل الباطل ) فضيلة الشيخ عبيد الجابري

                          نرجوا إعادة رفع ملف الوورد لمن لديه لأن رابط التحميل لا يعمل

                          تعليق

                          يعمل...
                          X