إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

حال السلف مع العبادة للشيخ محمد عمر بازمول / اللقاءات السلفية القطرية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [صوتية وتفريغها] حال السلف مع العبادة للشيخ محمد عمر بازمول / اللقاءات السلفية القطرية

    حال السلف مع العبادة

    محاضرة نافعة وقيمة ألقاها فضيلة

    الشيخ / محمد بن عمر بازمول

    ضمن
    " اللقاءات السلفية القطرية "

    ليلة الثلاثاء 8 جمادى الأولى 1432 هـ .


    التحميل من هنا
    الملفات المرفقة
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو الحسين عبد الحميد الصفراوي; الساعة 12-Apr-2011, 02:05 AM.

  • #2
    جزى الله الشيخ خيرا..
    فالمحاضرة كانت قيمة جدا وتم طرها أوعرضها بطريقة جديدة وممتعة للسامع ..
    فقد تكلم في لقائه هذا عن حال السلف الصالح مع العبادة ، فتحدث -نفعنا الله بعلمه عن معالم اتخذوها في عبادتهم ولخصها في نقاط كانت كالتالي:
    - العبادة تكون بعلم وإتباع لا بجهل وابتداع
    -
    العبادة تكون بأداء الفرائض
    -
    إجتناب سلفنا الصالح لكل ما يشغل ويلهي أثناء العبادة
    -
    أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل
    -
    العبادة تكون بالإصابة -إصابة الحديث والسنة-
    -
    ترك التكلف والتشدد في العبادة
    -
    الحرص على موافقة السنة وإتباع ما كان عليه الرسول
    صلى الله عليه وسلم
    - الأجر على قدر منفعة العمل وفائدته
    -
    اعتقادهم أن العبادة شاملة لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال والاعتقادات
    -
    لا يشتغلون بفعل المستحبات ويتركون الواجبات
    -
    الغرض من العبادة هو دخول الجنة والنجاة من النار .

    تفريغ المحاضرة تجدونه في المرفقات ..
    وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه..

    الملفات المرفقة
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو أحمد زياد الأردني; الساعة 22-Jun-2011, 08:23 AM.

    تعليق


    • #3
      حال السلف مع العبادة
      لفضيلة الشيخ محمد عمر بازمول
      حفظه الله



      إن الحمد لله نحمده وستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

      ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ (آل عمران :102)

      يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (النساء:1)

      يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (الأحزاب70 – 71).

      أما بعد فإنا أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ثم أما بعد:
      فأحيي الإخوة القائمين على هذه المناشط الدعوية والذين يتكبدون الجهد في إقامة هذه المحاضرات والاهتمام بها مع المشايخ عبر الهاتف سائلا الله سبحانه وتعالى أن يجعل ما يقومون به من جهد في موازين حسناتهم كما أشكر وأدعو بالثبات والتوفيق والهدى والرشاد والسداد للقائمين على شبكة سحاب في مواقع الإنترنت والشبكة العنكبوتية ، سائلا الله للجميع التوفيق والهدى والرشاد والسداد أما بعد :

      فإن الحديث عن حال السلف في العبادة حديث طويل ذو شجون، وخير سلف لنا نتبعه ونأتسي به ونقتدي به هو رسولنا صلى الله عليه وسلم، ففي عبادته أسوة لنا ومنارات هدى نترسمها ونتعلمها لذلك رأيت أن أدير هذه المحاضرة على جملة من الأحاديث مما ورد عن الرسول صلى الله عيه وسلم في أمور العبادة وما كان عليه شأن أصحابه فيها ، في معالم العبادة التي كان عليها صلى الله عليه وسلم قال الله تبارك وتعالى
      ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً ﴾[الأحزاب: 21]
      عسى أن يكون في ذلك باعثا لنا على القدوة والحركة إلى ما خلقنا الله تعالى له من عبادته وحده دون سواه ، قال تبارك وتعالى ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 58]
      ومعالم العبادة التي كان عليها الرسول صلى الله عليه وسلم كثيرة ، في جملتها هذه المعالم العشرة التي أذكرها .


      1- العبادة بعلم وإتباع لا بجهل وابتداع
      وهذا المعلم من أهم المعالم التي ينبغي للمسلم أن يراعيها والله سبحانه وتعالى أمرنا أن نستعيذ في الصلاة من طائفتين ، من أمتين ، أمة المغضوب عليهم وهم اليهود الذين ضلوا بعلم وأمة النصارى والذين ضلوا بسبب الجهل ، فعلمنا أن نستعيذ بالله من هؤلاء وهؤلاء ، فنقول في الصلاة ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾.

      قال سفيان :"اتقوا فتنة العابد الجاهل والعالم الفاجر فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون" ، قال بن تيمية رحمه الله : "وقد علم أن الذي يعرف الحق ولا يتبعه غاوٍ يشبه اليهود وأن الذي يعبد الله من غير علم وشرع هو ضال يشبه النصارى .
      كما كان يقول من يقول من السلف : من فسد من العلماء ففيه شبه من اليهود ومن فسد من العباد فيه شبه من النصارى " ، فعلى المسلم أن يحذر من هذين الشَبَهَيْنِ الفاسدين ، من حال قوم فيهم استكبار وقسوة عن العبادة والتأله ،وقد أوتو نصيبا من الكتاب وحظا من العلم وقوم فيهم عبادة تأله بإشراك بالله وضلال عن سبل الله ووحيه وشرعه ، وقد جعل في قلوبهم رأفة ورحمه ورهبانية ابتدعوها وهذا كثير منتشر في الناس " اهـ .[م.ف.م7.ص:633]
      وهذا الأصل يدل عليه أحاديث كثيرة منها حديث عبد الله بن عباس ، قال:" أصاب رجل جرح في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم احتلم فأمر بالاغتسال فاغتسل فمات ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: قتلوه قتلهم الله، ألم يكن شفاء العي من جهل السؤال أخرجه أحمد وأبو داوود وبن ماجة وحسنه الألباني ومحقق مسند.
      هذا الحديث فيه دلالة أنّ على المسلم أن لا يعبد الله إلا بعلم وهذا حقيقة أصل شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فلا نعبد إلا الله ولا نعبد الله إلا بما شرعه لنا .
      إذن المعلم الأول في العبادة التي كان عليها الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والسلف الصالح هو أن يعبد الله سبحانه وتعالى بما شرعه لنا.

      2- العبادة تكون بأداء الفرائض
      العبادة تكون بأداء الفرائض وهذا هو الأصل بعض الناس إذا أراد أن يتعبد قام يحسن من أداء النوافل ، ويترك الفرائض ولا يحسن أداء الفرائض ولقد جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله قال من عاد لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضت عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ، وإن سألني لأعطينه ، وإن استعاذني لأعيذنه وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته " أخرجه البخاري في صحيحه .

      وفيه دلالة واضحة أن أصل التعبد لله سبحانه وتعالى لا ينبغي أن يكون بالأصل إلا بأداء هذه
      الفرائض ، ثم بعد ذلك الإكثار من النوافل ، أما أن يضيع الإنسان الفرائض ويطلب تحسين هذه النوافل فهذا خطأ مخالف لما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ومخالف لما يرضي الله سبحانه وتعالى .
      ويؤيد هذا المعلم حديث طلحة بن عبيد الله يقول : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد سائر الرأس يسمع دوي صوته ولا يفقه ما يقول ، حتى دنى فإذا هو يسأل عن الإسلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خمس صلوات في اليوم والليلة ، قال: هل علي غيرها ؟ قال : إلا أن تتطوع ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وصيام رمضان ، قال : هل عليَّ غيره ؟ قال لا إلا أن تتطوع ، قال : وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة ، قال: هل عليَّ غيرها ؟ قال: لا، إلا أن تتطوع ، قال فأدبر الرجل وهو يقول : والله لا أزيد على هذا ولا أنقص ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفلح إن صدق .

      أقول هذا الرجل امتدحه الرسول صلى الله عليه وسلم وقال له الفلاح أو أفلح إن صدق ، وهذا يفيد أن المسلم إذا أراد أن يتعبد الله سبحانه وتعالى فالأصل في ذلك أن يحسن أداء هذه العبادات التي أوجبها الله سبحانه وتعالى عليه وليعلم أن الفلاح والفوز والنجاح له إذا صدق في أداء هذه العبادات ، والصدق فيها أن يخلص لله سبحانه وتعالى فيها فلا يشرك فيها معه أحد وأن يحرص على إتباع سنته صلى الله عليه وسلم فيعبد الله عز وجل بما شرع له فيها ، فيصلي كما أمره الله ويصوم كما أمره الله ويحج كما أمره الله ويؤتي الزكاة كما أمره الله ويقوم بالطهارات والعبادات الأخرى على الوصف الذي أمر الله سبحانه وتعالى به ويضع نبراسا له في ذلك حديث الرسول صلى الله عليه وسلم :" من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ".
      وعلى هذا المعلم كان السلف الصالح فترى الرجل يجتهد في أداء الصلوات الخمس وأداء العبادات ما كانوا يضيعونها ويكثرون من النوافل إنما كان كل واحد يراعي القيام بهذه الفرائض التي افترضها الله سبحانه وتعالى امتثالا لقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث القدسي عن الله:" وما تقرب إلي عبدي بشيءٍ أحب إلي مما افتضته عليه".

      3- إجتناب ما يشغل وما يلهي أثناء العبادة
      من معالم العبادة التي كان عليها الرسول صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح أنهم يتجنبون ما يشغل ويلهي أثناء العبادة، فقد جاء في الحديث عن أبي شهاب عن عروة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم "صلى في خميصة لها ألام فنظر إلى ألامها نظرة فلما انصرف قال : اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم واتوني بامبجانية أبي جهم فإنها ألهتني آنفا عن صلاتي ، وفي رواية هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قال النبي صلى الله عليه وسلم : كنت أنظر إلى علمها وأنا في الصلاة فأخاف أن تفتنني .
      وهكذا كان حال السلف رضوان الله عليهم في ذلك فكانوا يتجنبون في عباداتهم أن يكونوا في محل يشغلهم عن آداء العبادة ولذلك جاء في هذا الحديث أن أبا طلحة أتى إلى الرسول صلى الله عليه وسلم قال يارسول الله حديقتي هذه أو حائطي هذا في سبيل الله ، لما؟
      قال يا رسول الله : كنت يارسول الله اصلي فيه فدخل عصفور إلى الحديقة بين طائفة النخل فيها فأراد أن يخرج العصفور بها من النخل فما استطاع فأعجبني ذلك ، فما انتبهت إلا وقد شغلني ذلك عن الصلاة فهي يا رسول الله في سبيل الله أو كما قال رضي الله عنه .
      هذه صورة من صور السلف في العبادة
      .
      ومعلم من معالم عبادتهم أنهم كانوا يتجنبون ما يشغل وما يلهي وأسوتهم في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم كما رأيتم في حديث امبجانية أبي جهم ، فإنه صلى الله عليه وسلم اجتنب هذه الخميصة وطلب امبجانية أبي جهم ، الخلية مما يشغله عن الصلاة ، وهذا معلم ينبغي للمسلم أن يحرص عليه إذا ما أراد أن يتعبد بالعبادة على طريقة السلف وعلى حال السلف الصالح رضوان الله عليهم الذين يأتسون في ذلك برسول الله صلى الله عليه وسلم .

      أحب العمل أدومه وإن قل -4
      عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها امرأة فقال من هذه فقالت فلانة ، تذكر من صلاتها ، قال : مه ، عليكم بما تطيقون فوالله لا يمل الله حتى تملوا وكان أحب الدين إليه ما دام عليه صاحبه ، وجاءت رواية عند مسلم بينت اسم هذه المرأة من طريق عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن الخولاء بنت تويد بن حبيب بن أسد بن عبد العزة مرت بها وعندها رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: فقلت هذه الخولاء بنت تويد وزعموا أنها لا تنام الليل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تنام الليل ؟ خذوا من العمل نا تطيقون ،فوالله لا يسأم الله حتى تسأموا ، هذا الحديث يدل على معلم مهم وهو أن أحب العمل إلى الله سبحانه وتعالى ما داوم عليه صاحبه وإن قل ، والشيطان يدخل على بن آدم أحيانا من أبواب الخير ليوقعه في الشر .

      جاء عن بعض السلف قال : إن الشيطان يفتح لابن آدم تسعا وتسعين بابا من الخير ليوقعه في باب من الشر ، ومن أدق الأبواب التي يدخل منها الشيطان على بن آدم ، باب العبادة والاستكثار منها ، وذلك أن الشيطان يأتي للإنسان لا يستطيع أن يلهيه عن العبادة لا يستطيع أن يفتح له باب الشهوات والشهوات فماذا يصنع معه ؟ يحمله على أن يتعبد الله وأن يكثر حتى تنكسر نفسه فتنقطع عن العبادة ، فيبدأ الإنسان مثلا يقول أن شاب ونشيط ، لازم كل ليلة أقوم مثلا ثلاثا وعشرين ركعة أو إحدى عشر ركعة ، كل ليلة...كل ليلة كل ليلة ، يلاقي نفسه الشهر الأول بالقوة مشي في الشهر الثاني نقص صاروا تسعة في الشهر الثالث صارت سبعة في الشهر الرابع صارت خمسة في الشهر الأخير صارت ثلاثة حتى في الأخير بطل انو يوتر والسبب انو حمل نفسه فوق طاقته .

      ولذلك الرسول صلى الله عليه وسلم يقول" أيها الناس أكلفوا أنفسكم بما تطيقون ، فإن الله لا يمل حتى تملوا " .

      إذن على المسلم أن ينتبه لهذا الباب وأن يعلم أن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل ثلاث ركعات سهلة عليك تحافظ عليها خير من إحدى عشر ركعة أو ثلاثا وعشرين ركعة تفعلها شهر أو شهرين ثم تنقطع عنها ، أو قد تنقطع عن الوتر نهائيا .
      هذا من السياسة التي ينبغي للمسلم أن يسوس نفسه في آداء هذه العبادة ، وقد جاء في الأثر إن لكل عمل شره ،- يعني توسع واستطالة واستكثار - ولكل شره تره -يعني نقص- فمن كانت ترته إلى خير فقد هدي وكفي ومن كانت ترته إلى شر فقد خاب وخسر أو كما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم .
      فالمسلم إذن ينبغي أن يتعلم أن من معالم العبادة والتعبد لله سبحانه وتعالى التي كان عليها الرسول والسلف الصالح أن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل ، وعلى هذا الحال كان السلف الصالح رضوان الله عليهم ، بل كان الرسول صلى الله عليه وسلم وسيأتي حديث الثلاث نفر الذين أتوا إلى أبيات الرسول صلى الله عليه وسلم وسألوا عن عبادته فكأنهم تقالوها- وجدوها قليلة- فإذا كان الرسول وهو الرسول لا يكلف نفسه من العمل ماهو زائد على ما كان عليه صلى الله عليه وسلم فهكذا ينبغي لأمته إذا أرادوا الهداية في التعبد لله سبحانه وتعالى .

      5- العبادة بالإصابة -إصابة الحديث والسنة-

      جاء في الحديث عن جويرية أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح وهي في مسجدها ،ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة ، فقال مازلت على الحالة التي فارقتك عليها ؟ قالت نعم ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : لقد قلت بعدكِ أربع كلمات ثلاث مرات ، لو وزنت بما قلتي منذ اليوم لو زونتهن "سبحان الله عدد حلقة ورضى نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته ".

      أقول نفهم من هذا الحديث أن العبرة ليست بالكثرة ، العبرة بالإصابة والتوفيق .

      هذه السيدة جويرية رضي الله عنها جلست مجلس تذكر الله فيه ، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول هذه الكلمات قلتها ثلاث مرات تعدل مجلسك من حين خرجت من الصبح إلى الضحى تعدلها في إيش؟

      قال العلماء تعدلها في الأجر والثواب ، وأنا أقول لعل المعنى تعدلها في اشتمالها على جميع معاني الذكر الذي ذكرت الله عز وجل به ، وبهذا يكون الحديث مثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم :" قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن " فهي تعدله في المعنى .

      أي أنك جلستي مجلس ذكر تكرين الله بأذكار، لكن لو اخترت جوامع الذكر لكان خيرا لكِ ومن جوامع الذكر الذي يذكر الله عز وجل به ويكون شاملا لمعاني كثيرة.

      هذا الذكر الذي ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقول المسلم "سبحان الله عدد حلقة و رضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته " فهذا الذكر من حيث المعنى يزن ويسع ، لو أن إنسانا جلس يذكر الله عز وجل بأذكار مختلفة من حين صلاة الفجر إلى الضحى ، فالرسول يقول عليه الصلاة والسلام لو قلت هذا ثلاث مرات لوزنت كل الذكر الذي ذكرت الله عز وجل به في ذلك المجلس .

      العلماء يقولون في الأجر والثواب والذي يظهر أن المعنى في الحديث يعدله في المعنى ، فإن الله عز وجل يستحق من التسبيح ومن التنزيه والذكر والتعظيم ما جاء في هذا الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم فقد قال عليه الصلاة والسلام ثلاث مرات "سبحان الله عدد حلقة ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته " .

      6- ترك التكلف والتشدد في العبادة
      وهذا أمر مهم ينبغي للمسلم أن يحرص عليه في تعبده لله سبحانه وتعالى ، وعلى هذا كان الرسول و الصحابى والسلف الصالح رضوان الله عليهم .

      قال يحيى بن أبي كثير انطلقت أنا وعبد الله بن يزيد حتى نأتي أبا سلمة ، فأرسلنا إليه رسولا ، فخرج علينا وإذا عند باب داره مسجد ، قال فكنا في المسجد حتى خرج إلينا ، فقال إن تشاءوا أن تدخلوا وإن تشاءوا أن تقعدوا ها هنا ، قال: فقلنا لا بل نقعد ها هنا فحدثنا .
      قال : حدثني عبد الله بن عمر بن العاص رضي الله عنهما قال : كنت أصوم الدهر –يعني يصوم كل يوم – وأقرأ القرآن كل ليلة –يعني يقرأ القرآن كله في ليلة واحدة- وهذا يرد على الذين يقولون ما ورد على السلف قراءة القران في ليلة واحدة ، قال : فإما ذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم وإما أرسل إلي فأتيته ، فقال لي ألم أخبر أنك تصوم الدهر وتقرأ القرآن كل ليلة ؟
      فقلت : بلا يا نبي الله ، ولم أرد بذلك إلا الخير ، قال: فإن بحسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام ، قلت يا نبي الله إني أطيق أفضل من ذلك ، قال : فإن لزوجك عليك حق وزورك عليك حق ولجسدك عليك حق" ، قال : فصم صوم داوود نبي الله صلى الله عليه وسلم ، فإنه كان أعبد الناس ، قال فقلت يا نبي الله وما صوم داوود ؟ قال: كان يصوم يوما ويفطر يوما ، وقال واقرأ القرآن في كل شهر ، قال : قلت يا نبي الله إني أطيق أفضل من ذلك ، قال فاقرأه في كل عشرين ، قال : قلت يا نبي الله غني أطيق أفضل من ذلك ، قال فاقرأه في كل عشر ، قال فقلت يا نبي الله إني أطيق أفضل من ذلك : قال فاقرأه في كل سبع ولا تزد عن ذلك فإن لزوجك عليك حق وزورك عليك حق ولجسدك عليك حق" ، قال فشدد عليَّ ، وقال لي النبي صلى الله عليه وسلم : إنَّك لا تدري لعلك يطول بك عمر، قال : فصرت إلى الَّذي قال لي النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما كبرت ، وجدت أنني كنت قد قبلت رخصة نبي الله صلى الله عليه وسلم ، الحديث أخرجه مسلم .

      أقول هذا الحديث العظيم يبين لكم صورة من صور عبادة السلف ويبين لكم هذا المعلم العظيم من معالم عبادة السلف رضوان الله عليهم، ما هو هذا المعلم هو ترك التكلف والتشدد والتعليم فيه مباشرة من الرسول صلى الله عليه وسلم.

      فإنه صلى الله عليه وسلم علمنا مباشرة عن طريق تعليم عبد الله بن العاص أن لا نتكلف وأن لا نتشدد وأن ينتبه الإنسان إلى نفسه وإلى عمره ، وكان يسعى عبد الله بن عمر بن العاص لما كبر أن يترك تلك الأمور ويقلل ولكنه كان ما يرضى على نفسه أن يخالف أمرا وعد عليه رسول الله وتركه عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان يتندم ويقول ليتني قبلت رخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم .

      ونحن اليوم إذا أردنا أن نتعبد علينا أن نتعظ بهذا الأمر فهذا الحديث يعطينا معلم من معالم العبادة والتعبد الذي كان عليه السلف والذي ينبغي لنا أن نقتدي فيه، كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا نتكلف ولا نشدد على أنفسنا ولا نغتر بأننا اليوم شباب وأقوياء ..لا ، إنما نكلف نفسنا من العمل ما نطيق وننظر للمستقبل ونقول ما في داعي هكذا نعمل كذا ونعمل كذا ونقلل من كذا ونزيد في الجانب الآخر كذا.

      ويساعد المسلم في ذلك أن يعلم أن كل مناحي الحياة التي يعيشها هي مناحي عبادة إذا ما أخلص لله سبحانه وتعالى ونوى فيها النية الصالحة وحرص في هذا العمل أن لا يخالف شرع الله والرسول صلى الله عليه وسلم لما قال له الصحابة يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته وله فيها أجر ، قال أرأيتم إن وضعها في حرام أما كان عليه وزر؟ قالوا بلى ، فقال : هذه بتل أو كما قال صلى الله عليه وسلم .

      الحرص على موافقة السنة وإتباع ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم- 7

      وهذا أمر مهم جدا المسلم يحتاج أن يتعلم وبعض الناس يقول الرسول غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وأنا لست مثل الرسول صلى الله عليه وسلم ، فيجب أن أكثر من العبادة ، وهذا خطأ ولذلك تكررت كلمات أهل العلم أن من السنة أن تتعلم السنة فيما تريد أن تقيمه من السنة ، يعني نحتاج أن نتعلم السنة في تطبيق السنة.
      الناس لا ينتبهون إلى هذا الأمر ويظنون أن القضية فقط إني أنا فقط أتعبد الله ، نقول لا ، تعبد الله ولكن راعي في ذلك السنة .

      يدل على ذلك حديث ما جاء عن قتادة بن درارة أن سعد بن هشام بن عامر أراد أن يغزو في سبيل الله ، -خلاص أراد أن يترك الدنيا ويترك كل شيء ويذهب ليجاهد في سبيل الله – فجاء وطلق امرأته فقدم المدينة وأراد أن يبيع عقارا له فيجعله في السلاح والقراع ويجاهد الروم حتى يموت ، فلقي أناسا من أهل المدينة فنهوه عن ذلك وأخبروه أن رهطا ستة أرادوا ذلك في حياة النبي صلى الله عليه وسلم فنهاهم نبي الله صلى الله عليه وسلم ، وقال أليس لكم فيَّ أسوة ، فلما حدثوه بذلك راجع امرأته وكان قد طلقها وأشهد على رجعتها فأتى بن عباس رضي الله عنه فسأله عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : بن عباس ألا أدلك على أعلم أهل الأرض بوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال عائشة فإتها فاسألها ثمَّ ائتني فأخبرني بردها عليك، فانطلقت إليها فأتيت على حكيم بن أفلح فاستلحقته إليها ، فقال ما أنا بقاربها لأنني نهيتها أن تقول في هاتين الشيعتين شيئا ، فأبت فيهما إلا مضيا .

      قال فأقسمت عليه فجاء فانطلقنا إلى عائشة فاستأذنا عليها فأذنت لنا فدخلنا عليها ، فقالت أحكيم ؟ فعرفته ، فقال نعم ، فقالت : من معك ، فقلت سعد بن هشام، قالت من هشام ؟ قال بن عامر فترحمت عليه وقالت خيرا .. وفي رواية قالت : نعم المرء كان ، أصيب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد ، قال قتادة وكان أصيب يوم أحد ، فقلت يا أم المؤمنين أنبئيني عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالت ألست تقرأ القرآن؟ ، قلت بلا ، قالت فإن خلق نبي الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن، قال فهمت أن أقوم ولا أسأل عن شيء أحدا حتى أموت، ثم بدى لي فقلت أنبئيني عن قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : ألست تقرأ يا أيها المزمل ؟ قلت بلا ، قالت فإن الله عز وجل افترض قيام الليل في أول هذه السورة ، فقام نبي الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حوله وأمسك الله خاتمتها أثني عشرة شهرا في السماء حتى أنزل الله في آخر هذه السورة التخفيف وصار قيام الليل تطوعا بعد فريضة ، قال قلت : يا أم المؤمنين أنبئيني عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت كنا نعد له سواكه وطهوره ويبعثه الله ما شاء أن يبعثه من الليل يتسوك ويتوضأ ويصلي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة ، فيذكر الله ويحمده ويدعوه، ثم ينهض ولا يسلم ثم يقوم ويصلي التاسعة ثم يقعد فيذكر الله ويحمده ويدعوه ثم يسلم تسليما يسمعنا ، ثم يصلي ركعتين بعدما يسلم وهو قاعد .

      وتلك إحدى عشرة ركعة يا بني فلما سمن نبي الله صلى الله عليه وسلم وأخذه اللحم ، أوتر بسبع وصنع في الركعتين مثل صنيعه الأول ، فتلك تسع يا بني ، وكان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى صلاة أحب أن يداوم عليها ، وكان إذا غلبه نوم أو وجع عن قيام الليل صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة ، ولا أعلم نبي الله صلى الله عليه وسلم قرأ القرآن كله في ليلة، ولا صلى ليلة إلا الصبح ولا صام شهرا كاملا غير رمضان 0

      قال : فانطلقت على بن عباس فحدثته بحديثها، قال: صدقت ، لو كنت أقربها وأدخل عليها لأتيتها حتى تشافهني به، قال : قلت لو علمت أنك لا تدخل عليها ما حدثتك حديثا.
      هذا الحديث العظيم يبرز صورة من صور السلف في التعبد فهذا سعد بن هشام بن عامر أراد أن يترك الدنيا وأراد أن يجاهد وطلق زوجته وكان يريد بيع مزرعته ويذهب ليجاهد الروم –يشتري أسلحة ويجاهد الروم- فعلماء المدينة نصحوه وقالوا له هذا خلاف السنة وذكروا له قصة النفر الست الذين أرادوا أن يفعلوا مثل ما فعل ، فقال لهم الرسول : أليس لكم فِيَّ أسوة؟.

      هكذا ينبغي للمسلم أن ينظر إلى أمر الرسول وشأن الرسول في كل أمر يريده، ويتأسى به عليه الصلاة والسلام، ويعمل مثلما يعمل الرسول صلى الله عليه وسلم، فهو أسوته وهو قدوته.
      الرسول لم تكن حياته كلها عبادة وصوم يعمل الرسول صلى الله عليه وسلم تعبد الله سبحانه وتعالى وتزوج النساء وكان يعجبه من أمر الدنيا الطيب والنساء ، وكانت قرة عينه الصلاة وكان عليه الصلاة والسلام يشتغل بالجهاد ويشتغل بسياسة الناس ويشتغل بتعليم النَّاس ودعوة الناس ، يعني عدة أمور ، أما أن يفرغ الإنسان نفسه ويتركها فقط للتعبد من حين أنه هو شباب ويستطيع أن يعمل الأمور الأخرى في الحياة كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم ، فهذا خلاف السنة.

      وهناك أحاديث كثيرة عن بعض الصحابة رضوان الله عليهم، جاءوا يسألون عن أمر الرسول وشأن الرسول وكأنهم لم يعجبهم أمر الرسول ويرون أن الرسول غفر له ما تقدم له من ذنبه فلما يبلغ هذا الأمر للرسول يغضب صلى الله عليه وسلم ، ولا يرضى عن ذلك ويول عليه الصلاة والسلام : والله إنِّي لأتقاكم لله وأعلمكم بحدوده ، وهذا كله من الرسول عليه الصلاة والسلام ، تعليما للناس أن يحرصوا على السنة وتطبيق السنة .

      جاء في الحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، يسالون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما اخبروا ، كأنهم تَقَّالُوهَا ، فقالوا أين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم ، قد غُفِر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، قال أحدهم : أما أنا فإني أصلى الليل أبدا ، وقال الأخر: أما أنا أصوم الدهر ولا أفطر ، وقال آخر : أنا أعتزل النساء ، فلا أتزوج أبدا .
      فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فقال: أنتم الذين قلتم كذا وكذا ؟
      أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني.

      الأجر على قدر منفعة العمل وفائدته - 8

      العلماء لم يرتضوا بالقاعدة التي يطلقها بعض الناس من أن الأجر على قدر المشقة، يقولون لا الله ما يتعبد الناس بمشقتهم وبتعبهم إنما الأجر على قدر المنفعة والفائدة من هذا العمل.
      ولهذا جاء في الحديث عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى شيخا يهادى بين ابنيه ، قال ما بال هذا ، قالوا نذر أن يمشي، قال : إن الله عن تعذيب هذا نفسه لغني ، وأمره أن يركب .
      هذا الحديث فيه بيان أنه ليست قضية الأجر على قدر المشقة مطلقا، ولذلك اختار البخاري ، أن الأجر على قدر المشقة كما جاء في حديث عائشة ، أنه في العمرة فقط، وأما أهل العلم قالوا لا، لا يكون الأجر على قدر المشقة على الإطلاق .
      ولذلك مثلا من أحيا ليلة القدر هي ليلة واحدة، كانت كعبادة ألف شهر، فليس الأجر على قدر المشقة مطلقا هكذا.
      إما أن يكون هذا مقيدا بالعمرة وإما أن يكون هذا الملحوظ فيه ما يكون من التعبد بالصبر فالمشقة التي تنتج عن التعبد بالصبر هي المشار إليها وكأن العبادة بالصبر لا بالمشقة، لا يعبد إلى الله عز وجل بالمشقة.
      ولذلك بعض الناس يفهم هذا الأمر خطأ ، فيكلف نفسه شططا ويحمل نفسه ما لا يطيق ويدخل في أمور هو في غنى عنها ، وهذا كله خلاف سنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
      ولابن تيمية رحمه الله بحث في هذه القضية، يبين أن الصواب في فهم هذه المسألة، أن الأجر على قدر منفعة العمل وفائدتها .

      9- اعتقادهم أن العبادة شاملة لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال والاعتقادات

      بمعنى أن العبادة ليست هي فقط الصلاة والصوم والزكاة، بل كانوا يعلمون أن كل أمر يفعله الإنسان إذا اتبع فيه شرع الله وأخلص فيه لله فهو عبادة له فيها أجر .
      ويدل على ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل سلامة من الناس عليه صدقة ، كل يوم تصلع فيه الشمس يعدل بين الاثنين صدقة، ويعين الرجل على دابته فيحمل عليها أو يرفع عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة ، وكل خطوة يخطوها إلى الصلاة صدقة ، ويميط الأذى عن الطريق صدقة، أخرجه الشيخان.
      وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : بينما نحن جلوس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ طلع علينا شاب من الثنية ، فلما رأيناه بأبصارنا قلنا لو أن هذا الشاب جعل شبابه ونشاطه وقوته في سبيل الله –يعني في الجهاد- قال: فسمع مقالتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: وما سبيل الله إلا من قتل؟
      من سعى على والديه فهو في سبيل الله ، ومن سعى على عياله فهو في سبيل الله ، ومن سعى على نفسه ليعفها فهو في سبيل الل، ومن سعى على التكاثر فهو في سبيل الشيطان، أخرجه الطبراني والبيهقي وقال الهيثمي رواه البزار والطبراني في الأوسط بنحوه وفيه رباح بن عمر وثقه أبو حاتم وضعفه غيره وبقية رجاله رجال الصحيح.
      هذا الحديث يشهد له حيث كعب بن عزرة، قال: مر على النبي صلى الله عليه وسلم رجل فرأى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من جلده ونشاطه ، فقالوا يا رسول الله لو كان هذا في سبيل الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن كان خرج يسعى على ولده صغارا فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله وإن كان يسعى على نفسه ليعفها فهو في سبيل الله، وإن كان خرج رياءا ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان.
      هذا الحديث أخرجه الطبراني في الكبير وفي الأوسط وصححه لغيره الشيخ الألباني في صحيح الترغيب والترهيب .
      وعن أبي ذر أن ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم ، يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور ، يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول أموالهم، فقال عليه الصلاة والسلام: أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون به فتتصدقون، إن بكل تسبيحة صدقة وكل تكبيرة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن المنكر صدقة وفي بضع أحدكم صدقة ، قالوا يا رسول الله اياتي احدنا شهوته ويكون فيها أجر؟
      قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال ، كان له أجر ، أخرجه مسلم .
      هذه الأحاديث تفيد شمول مفهوم العبادة عند الرسول صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح، فحال السلف في العبادة ،أنهم كانوا ينظرون لها بهذه الشمولية ما كانوا ينظرون لها فقط أنها مجرد تعبد وأنها مجرد صلاة وصوم وزكاة إنما بهذه الشمولية كانوا ينظرون إلى العبادة.


      ومن معالم عبادة الرسول صلى الله عليه وسلم والسلف رضوان الله عليهم أنهم:

      لا يشتغلون بفعل المستحبات ويتركون الواجبات- 10
      ويدل على ذلك حيث خيثمة قال: كنا جلوسا مع عبد الله بن عمر إذ جاءه قهرمان له فدخل ، فقال : أأعطيت الرقيق قوتهم؟، قال: لا ، قال: فانطلق فاعطهم، قال قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : كفى بالمرء إثما أن يحبس على من يملك قوته، أخرجه مسلم .
      أقول هذا الحديث العظيم فيه بيان أن الإنسان لا ينبغي أن يقصر في الواجبات التي عليه أو أن يشغله فعل المستحبات، يتصدق على الناس وكذا ويترك عياله جياعا، أو من تجب عليه نفقتهم جياع دون أن يعطيهم شيء.
      فهذا من معالم عبادة السلف رضوان الله عليهم ، هذا عبد الله بن عمر بن العاص من الصحابة ومن السلف الصالح ينبه على هذا الأمر وعلى هذا الأصل وعلى هذا المعلم من معالم التعبد لله سبحانه وتعالى .
      المعلم الأخير وبه أختم هذه المحاضرة إن شاء الله أن يعلم المسلم أن

      الغرض من العبادة هو دخول الجنة والنجاة من النار . - 11
      قال تعالى: ﴿ وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ (سورة آل عمران: 133).
      وقال تعالى: ﴿ سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِه* ذلك فَضْلُ اللهِ يُؤتيه مَنْ يَشَاء والله ذُو الفَضْلِ العَظِيمِ﴾ (الحديد:21).
      وعن أيوب أن أعرابيا عرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في سفر فأخذ بخطام ناقته أو بزمامها، ثم قال يا رسول الله أو يا محمد أخبرني بما يقربني من الجنة وما يباعدني عن النار ، قال فقف النبي صلى الله عليه وسلم ثم نظر في أصحابه ، ثم قال لقد وفق أو لقد هدي كيف قلت؟
      قال فأعاد فقال النبي صلى الله عليه وسلم : تعبد الله لا تشررك به شيئا، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم ،أخرجه مسلم .

      وفي الحديث عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، قال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل: كيف تقول في الصلاة؟
      قال: أتشهد ثم أقول ربي أسألك الجنة وأعوذ بك من النار، أما إني لا أحسن دندنتك ولا دندنت معاذ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: حولها ندندن. أحمد وبن داوود وبن ماجة وبن خزيمة وبن حبان وصححه الألباني محقق المسند.
      أقول هذا الحديث والحديث الذي قبله والآيات القرآنية تدل عل أن من معالم السلف، التعبد لله سبحانه وتعالى ، أنهم يتعبدون الله طلبا لرضوانه وجنته وخوفا من عذابه ومن نيرانه، خلافا لأصحاب الععشق الإلهي والمتصوفة، الذين قال قائلهم : اللهم إن كنت عبدتك طمعا في جنتك فاحرمنيها وإن كنت عبدتك خوفا من نارك فادخلنيها، ما عبدتك إلا حبا لذاتك.
      ونسبوا إلى رابعة العدوية أنها تقول:
      أحبك حبين حب الهوى وحبا لأنك أهل لذاك
      فأما الذي هو حب الهوى فشغلي بك عمن سواك
      وأما حب الذي أنت أهل لذاك فكشفك لي الحجب حتى أراك

      أقول هذه الفلسفة للعشق الصوفي والعبادة من أجل العشق لا من أجل طلب رضوان الله والخوف من نيرانه ومن عذابه، هذه خلاف سنة الرسول صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح ، لذاك تسمعون وتقرؤون في كتب التراجم أن السلف كانوا إذا ذكرت أمامهم الجنة منهم من كان يغشى عليه ومنهم من كان إذا تليت عليه آيات ذكر النار أغشي عليه من البكاء والحزن والهم .
      لماذا؟ لأنهم يعلمون أنهم في تعبدهم وفي تقربهم إنما يطلبون رضوان الله ودخول جنته ويخشون عذاب الله وغضبه ودخول نيرانه.
      فهذا المعلم الحادي عشر المعلم الأخير الذي أوردته في بيان ما كان عليه حال السلف من التعبد.
      وقد رأيت أنا أن هذه الطريقة في طرح الموضوع أولى من أن يجعل الموضوع عبارة عن أخبار وعن سير لازمة لها ولا خطم ولا أعرف صحتها من ضعفها وقد يترتب عليه مسائل وأحكام يفهمها الإنسان بغير دليل فأذرت الموضوع على ذكر المعالم التي كان عليها عبادة الرسول صلى الله عليه وسلم وفي أثنائها ذكر حال الصحابة في هذا التعبد فإن ذلك أنفع للمسلم ولطالب العلم .
      وصلي اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
      وأختك كلامي بما بدأت به من شكر القائمين على هذه الدورات وعلى هذه التسجيلات، أسأل الله سبحانه وتعالى أن يعلها في موازين حسناتهم، وأن يجزي الجميع عني خيرا وأن يغفر ويرحم كل من استمع لهذه المحاضرة، وتكبد الجهد في السماع والمتابعة والحمد لله رب العالمين.

      تعليق

      يعمل...
      X