إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

[خطبة جمعة] [الصائمون المفلسون] - فضيلة الشيخ محمد سعيد رسلان -حفظه الله- كاملة ومنسقة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [تفريغ] [خطبة جمعة] [الصائمون المفلسون] - فضيلة الشيخ محمد سعيد رسلان -حفظه الله- كاملة ومنسقة

    السلام عليكم.
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه... وبعدُ:


    تم بحمد الله الانتهاء من تفريغ خطبة الجمعة الماضية والتي كانت بعنوان:
    [الصائمون المفلسون] - لفضيلة الشيخ محمد سعيد رسلان -حفظه الله-.
    ومن باب الأمانة العلمية: التفريغ من صنيع الأخت: [أم معاوية السلفية المصرية]؛ فقمتُ بمراجعته وتنسيقه حتى ظهر في هذه الحُلّة.
    والله من وراء القصد.

    تمهيد:
    عنوان الخطبة يدل على محتواها؛ فقد تحدث الشيخ عن الذين صامت جوارحهم عن الأكل والشرب لكن لم يصم سمعهم ولا أبصارهم ولا... إلخ.
    وتحدث الشيخ عن فضائل العشر الأواخر من رمضان وليلة القدر والاعتكاف... إلخ.
    وبالجملة فالخطبة ماتعة في بابها.

    لتحميل التفريغ بصيغة PDF - جاهز للطباعة والنشر - 15 ورقة
    اضغط هنا للتحميل من المرفقات.

    صورة من التفريغ:


    رمضانكم مبارك..
    والسلام عليكم ورحمة الله.


    الملفات المرفقة

  • #2
    رد: [خطبة جمعة] [الصائمون المفلسون] - فضيلة الشيخ محمد سعيد رسلان -حفظه الله- كاملة ومنسقة

    القراءة المباشرة [التفريغ]:

    إن الحمدَ لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذُ بالله مِن شرور أنفسنا ومِن سيئات أعمالنا، مَن يهده اللهُ فلا مُضلّ له، ومَن يُضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم.

    ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران:102].

    ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عليكمْ رَقِيبًا﴾ [النساء:1].

    ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب:70].

    أمّا بعدُ؛ فإنَّ أصدقَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمد -صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم-، وشرّ الأمور محدثاتها وكلَّ محدثة بدعة وكلَّ بدعة ضلالة وكلَّ ضلالة في النار.

    أمّا بعدُ:

    فقد بيّن الله -تعالى- الحكمةَ من فرض الصيام؛ فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة:183].

    أي: فرضنا عليكم أيها المؤمنون الصيامَ كما فرضناه على الأمم قبلكم، لعلكم بأدائكم هذه الفريضة تنالون درجة التقوى، التي هي أسمى الدرجات وأعلاها، وأرفعُ المنازل وأفخمها، وبذلك تكونون ممن رضي الله عنهم ورضوا عنه .

    وقد قال -تعالى-: ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عليمٌ خَبِيرٌ﴾ [الحجرات:13].

    والتقوى: فعلُ المأمورات وترك المنهيات.

    والصيام الذي لا يثمر التقوى حابطٌ فاقدٌ القيمة كالزرع الذي لا محصول له آخر المَوْسِم.

    فوا أسفاه! فيمَ كان إذاً حرثُ الأرض؟! والسقيُ والتسميدُ، وبذلُ المجهود، وطولُ الضنى، واحتمالُ العنا؟!

    أخرج البخاري في صحيحه بسنده عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال النبي- صلى الله عليه وآله وسلم-: " مَن لَم يَدَع قَوْلَ الْزُّوْرِ وَالْعَمَلَ بِه ، فَلَيْس لِلَّه حَاجَةً فِي أَن يَدَعَ طَعَامَه وَشَرَابَه".

    وفي روايةٍ صحيحةٍ للنسائي: " مَن لَم يَدَع قَوْلَ الْزُّوْر وَالْجَهْلَ وَالْعَمَلَ بِه، فَلَيْس لِلَّه حَاجَة فِي أَن يَدَع طَعَامَه وَشَرَابَه".

    والجهلُ -ها هنا-: ضدُّ الحِلم، ليس بالذي هو بضدد العِلم.

    (مَن لَم يَدَع قَوْل الْزُّوْر وَالْجَهْل) -أي: السَّفَهَ والنَّزَقَ، والطَيْشَ وخِفَّةَ العقل- (وَالْعَمَلَ بِه، فَلَيْس لِلَّه حَاجَة فِي أَن يَدَع طَعَامَه وَشَرَابَه).

    وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم-: (رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا الْجُوْعُ والعَطَشُ، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا الْسَّهَرُ).

    (رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا الْجُوْعُ، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا الْسَّهَرُ). رواه ابن ماجة واللفظ له، والنسائي.

    ورواه ابن خزيمة، والحاكم ولفظهما: ( رُبََّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوْعُ والْعَطَشُ، و رَبََّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ الْسَّهَرُ). والحديثُ -بروايتيه- حديثٌ صحيحٌ.

    وقد جمع النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- ذلك كله في قوله: (لَيْسَ الصِّيَامُ مِنَ الْأَكْلِ وَالْشُّرْبِ ؛ إِنَّمَا الصِّيَامُ مِنَ الْلَّغْوِ وَالْرَّفَثِ). رواه ابن خزيمة وابن حبان عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- وهو حديث ٌ صحيحٌ.

    لَيْسَ الصِّيَامُ مِنَ الْأَكْلِ وَالْشُّرْبِ - من الطعام والشراب- ، إِنَّمَا الصِّيَامُ مِنَ الْلَّغْوِ وَالْرَّفَثِ.

    العبادةُ الحقيقة تَدفع صاحبها إلي فعل الخيرات، والتحلي بمكارم الأخلاق، والإحسان إلى الناس والانكفاف عن الأذى والشر. وكل عبادة لا تثمر ذلك فهي عبادة لا خير فيها، ومن ثَمَّ لا خيرَ فيها لصاحبها.

    في صحيح الأدب المفرد، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: " قِيَلَ لِلْنَّبِيِّ -صَلَّىَ الْلَّهُ عليه وَآَلِهِ وَسَلَّمَ -: يَا رَسُوْلَ الْلَّهِ ! إِنَّ فُلَانَةَ تَقُوْمُ الْلَّيْلَ وَتَصُوْمُ الْنَّهَارَ وَتَفْعَلُ ، وَتَصَدَّقْ ، وَتُؤْذِيَ جِيْرَانَهَا بِلِسَانِهَا ؟ فَقَالَ رَسُوْلُ الْلَّهِ -صَلَّىَ الْلَّهُ عليه وَآَلِهِ وَسَلَّمَ- لَا خَيْرَ فِيْهَا ، هِيَ مِنْ أَهْلِ الْنَّارِ ".

    تَقُوْمُ الْلَّيْلَ وَتَصُوْمُ الْنَّهَارَ وَتَفْعَلُ!- هكذا بإبهامٍ للتفخيم والتعظيم والتكثير- وَتَصَدَّقُ -ولم يذكر المُتَصَدَّقَ به؛ لتهويله وتفخيمه- وهي مع ذلك، تُؤْذِيَ جِيْرَانَهَا بِلِسَانِهَا؟! فَقَالَ -صَلَّىَ الْلَّهُ عليه وَآَلِهِ وَسَلَّمَ-: لَا خَيْرَ فِيْهَا، هِيَ مِنْ أَهْلِ الْنَّارِ.

    فلم يعتدَّ بهذا الذي آتت به من الصيام والقيام وفعل الخيرات والصدَّقة؛ لأنه لم يثمر شيئًا ذا قيمة!؛ تُؤْذِيَ جِيْرَانَهَا بِلِسَانِهَا؟ قَالَ: لَا خَيْرَ فِيْهَا، هِيَ مِنْ أَهْلِ الْنَّارِ.

    قَالَ: وَفُلَانَةَ تُصَلِّيَ الْمَكْتُوْبَةَ، وَتَصَدَّقْ بِأَثُّوَارٍ- جمع ثَوْرٍ، وهي القطعة من الجُبْنِ المُجَفَّف– وتَصَدَّقْ بِأَثُّوَارٍ- والتنوينُ في (بأثوارٍ) للتقليل– وتَصَدَّقْ بِأَثُّوَارٍ، وَلَا تُؤْذِيَ أَحَدًا؟ قَالَ -صَلَّىَ الْلَّهُ عليه وَآَلِهِ وَسَلَّمَ-: هِيَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ.

    شتان بين العبادتين: بين عبادة تدفع إلي الخير، وعبادةٍ لم تُوقف صاحبها عن الإيغال في الشر؛ عبادةٍ قومت الظهور بطول قيام الليل، وقومت المعدة بصيام النهار، ولم تُقَوِّم اللسان بالاستقامة على أمر الله ، أو حتى بالكف عن إيذاء خلق الله؛ فشتَّان ما بين العبادتين!

    وما أتعس الصائمَ المفلس ! أخرج مسلمٌ في صحيحه بسنده عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- قال :" أَتَدْرُوْنَ مَا الْمُفْلِسُ ؟ قَالُوْا : الْمُفْلِسُ فِيْنَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ . قَالَ : إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِيْ ، يَأْتِيَ يَوْمٌ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ ، وَيَأْتِيَ قَدْ شَتَمَ هَذَا ، وَقَذَفَ هَذَا ، وَأَكْلَ مَالَ هَذَا ، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا ، وَضَرَبَ هَذَا . فَيُعْطَىَ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ . فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ ، قَبِلَ أَنَّ يُقْضَىَ مَا عليه ، أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عليه . ثُمَّ طُرِحَ فِيْ الْنَّارِ".

    فهذا أتى: بصلاةٍ وصيامٍِ وزكاةٍ؛ ولكنه في الوقت -عينِه- أتى بما أذهب ما أتى به من خير؛ حتى مَحَقَه، حتى نسفه.

    وتأمل خمسةَ أفعالٍ وردت في الحديث: ( شَتَمَ هَذَا.. قَذَفَ هَذَا.. أَكْلُ مَالَ هذا.. سَفَكَ دَمَ هَذَا.. ضَرَبَ هَذَا).

    تأمل هذه الخمسةََ الأفعال: ( شَتَمَ .. قَذَفَ .. أَكْلُ .. سَفَكَ .. ضَرَبَ)، ثم اعجب! متى كان هذا الرجل صائمًا؟! وكيف كان يجد وقتًا لأداء الصلاة؟! وهو يقوم بهذه الجرائم كلها؟!

    وكيف يكون مُزَكِّيًا وهو يأكل أموالَ الناس؟!

    يَأْتِيَ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ -صيامٍ عن أي شيء؟!- وَزَكَاةٍ -كيف تكون الزكاةُ زكاةً وهو يأكل أموالَ الناس؟!- وَأَكْلَ مَالَ هَذَا.

    فاعجب! كيف كان هذا يجد وقتًا لأداء الصلاة، وهو عاكف على هذه الجرائم كلها؟!

    إن الصيامَ الحقيقي، والصلاةَ التامة، والزكاةَ المقبولة، هي العباداتُ التي تمنع صاحبها من الوقوع في هذه الجرائم الخمس: (الشتمُ، والضربُ، والقذفُ، وأكلُ أموال الناس، وسفكُ دمائهم).

    لا يمنع من هذا، ولا يكف عنه؛ إلا الصيامُ الحقيقي والصلاةُ التامة، والزكاةُ المقبولة؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- ذكر أن هذا الرجل له صلاة ٌ وصيامٌ وزكاة، ولم يمنعه ذلك من الوقوع في تلك الجرائم!

    فمفهوم هذا؛ أنه لو كان قد صام صياماً حقيقيًا ، وصلى صلاةً تامة، وزكَّى زكاةً مقبولةً؛ لانكفَ عن فعل هذه الشرور، ولحجزته عن الوقوع في تلك الآثام، ولاستقام على الجادة، وعلى صراط الله المليك العلام.

    لقد أشار رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في الحديث إلى الإفلاس الحقيقي؛ إنه الإفلاس الخُلُقيُّ في الدنيا.

    الإفلاسُ الحقيقيُّ: هو الإفلاس الخُلُقيُّ في الدنيا، وهو مؤدٍ إلى الإفلاس الأخروي من الحسنات حتى تفنى؛ ثم يُطرحُ من سيئات ضحاياه على سيئاته، ثم يُطرحُ في النار.

    فالإفلاسُ الخُلُقيُّ في الدنيا هو الذي أدَّى إلي الإفلاس الحقيقي في الآخرة بخلوه من حسناته، وبِطرح سيئات خصومه عليه، ثم بطرحه بَعْدُ في النار.

    أخرج ابن ماجة بإسنادٍ صحيح عن ثوبان -رضي الله عنه- عن النبي-صلى الله عليه وسلم- أنه قال: " لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِيْ يَأْتُوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَعْمَالٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بَيْضَاءَ فَيَجْعَلَهَا هَبَاءً مَنْثُوْرًا".

    قومٌ مجتهدون.. الذي يأتي يوم القيامة بِأَعْمَالٍ كأَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ -وهي سلسلةُ جبالٍ تمتد امتدادًا طويلاً، ثقيلةٌ هي جدًا لو تدبرت! عظيمةٌ هي، جليلةٌ لو تفكرت!

    فمَن أتى بأمثال جبال تهامةَ يومَ القيامة من الأعمال العظيمة البيضاء، لقد أتي بأمرٍ كبيرٍ؛ فَيَجْعَلَهَا هَبَاءً مَنْثُوْرًا.

    هؤلاء قومٌ من فَعْلَةِ الخيرات، ومن أهل العكوف على الصالحات بدليل كثرة ما يأتون به من العمل الصالح يوم القيامة.

    يقول رسولُ الله: " يَأْتُوْنَ بِأَعْمَالٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بَيْضَاءَ فَيَجْعَلَهَا الله هَبَاءً مَنْثُوْرًا. قَالَ ثَوْبَانُ -رضي الله عنه- يَا رَسُوْلَ الْلَّهِ صِفْهُمْ لَنَا، حَلِّهِمْ لَنَا -من الحِلية، وهي الشِّيَةُ و السِّمَةُ والعلامة- ألَا نَكُوْنَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ".

    فيه خوف الصحابة من أن يتطرق إلى قلوبهم شيءٌ من الدَّغَل المحبط للأعمال، المفسد لجليل صالح الأقوال؛ فيقول: " يَا رَسُوْلَ الْلَّهِ! صِفْهُمْ لَنَا، حَلِّهِمْ لَنَا؛ ألَا نَكُوْنَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ ".

    وفيه دلالةٌ على أن الإنسان ربما كان سيئاً من حيث لا يعلم، وهو يحسب نفسه صالحًا، ﴿وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾ [الكهف:104].

    قَالَ رسولُ الله -صَلَّىَ الْلَّهُ عليه وَآَلِهِ وَسَلَّمَ- :"أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ وَيَأْخُذُوْنَ مِنْ الْلَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُوْنَ -يكابدون القيام، ويعانون العَنَتَ والمشقة، ويتحملون وَيَأْخُذُوْنَ مِنْ الْلَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُوْنَ: صلاةً وتلاوةً وركوعاً وسجودًا وذكرًا- أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ وَيَأْخُذُوْنَ مِنْ الْلَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُوْنَ ؛ وَلَكِنَّهُمْ أقَواْمٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ الْلَّهِ انْتَهَكُوهَا".

    هذه هي العلة! هذا هو الداء الدَّوِّيّ؛ الذي أفسد هذا الجسد وهو يبدو في عافية وستر، متماسكاً قائمًا؛ فنخرت فيه هذه العلة، فتهاوى مُتَصًدِّعًا، وتساقط مُتَدَاعِيًا!

    (إِنَهُمْ أقْوَمٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ الْلَّهِ انْتَهَكُوهَا): لهم ظاهرٌ يَسُر، وباطنٌ -من دونه- يَضُر! كالقبر يَرُوعُك منظره، وبداخله جِيفة ونَتَن.

    انتهاكُ محارم الله دليلٌ على فساد العبادة، وحبوط العمل؛ لأن انتهاك المحارمِ معناه فساد النفس، وفقدان الورع، وعدم الوقوف عند حدود الله؛ وهو يعني فسادَ الإيمان ﴿وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [المجادلة:4]. ﴿وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [البقرة:229]. ﴿وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ [البقرة:230].

    فإذا فقد (المنتهكون حدودَ الله) خصالَ العدل، والعلم، والإيمان؛ فماذا بقي لهم من عملٍ صالح؟! بل ماذا بقي لهم من دين؟!

    أولئكَ أقَواْمٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ الْلَّهِ انْتَهَكُوهَا؛ فهذا دليلٌ على ضعف الرقابة لله، بل على عدمها؛ وعليه فتكونُ الأعمال الظاهرة لاستجلاب إعجاب الناس به، وإقبالهم عليه، ورفعهم إياهُ فوق قدره.

    تَعَاهَدْ نفسكَ في ثلاث: (إذا عملتَ فاذكر نظرَ الله إليكَ، وإذا تكلمتَ فاذكر سمعَ الله منك، وإذا سكتَّ فاذكر عِلمَ الله فيكَ).

    و تَعَاهَدْ نفسكَ في تلك الثلاث: (إذا عملتَ فاذكر نظرَ الله إليكَ، وإذا تكلمتَ فاذكر سمعَ الله منك، وإذا سكتَّ فاذكر عِلمَ الله فيكَ).

    قال سفيان: (ما عالجتُ شيئًا أشدَّ على من نفسي؛ مرةً على ومرةً لي).

    مَرةً غالبة، ومرةً مغلوبة، والحياةُ عناءٌ، والحياةُ كدٌّ وتعب، عناءٌ ونَصَبْ، مجاهدة ٌوابتلاء، سعادةٌ يسيرةٌ وشقاء، وكذا الحياة!

    لأنها ليس لها بقاء ﴿وَإِنَّ الدَّارَ الْآَخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ [العنكبوت:64].

    فالباقية هنالك؛ فقدِّم للتي تبقى، واحذر التي تفنى.

    ولو كانت الدنيا من ذهب يفنى، والآخرة من خَزَفٍ يبقى لفُضلت الآخرة على الدنيا، فكيف والدنيا من خزف يفنى، والآخرة من ذهب يبقى؟!

    عن ميمون بن مِهران قال:" لا يكون الرجل تقيًا حتى يكون لنفسه أشدَّ محاسبةً من الشريك لشريكه، وحتى يعلم من أين ملبسه ومطعمه ومشربه؛ فلينظر ما يدخل بطنه" فهذه أدَّل دلائل التقوى.

    وقد كان بعض السلف في موضعٍ كَثُرَ فيه أكل الحرام؛ فدخل مسجدًا ، فلما أقيمت الصلاة تدافع الناس إلى الصف الأول؛ فقال -معلماً ومرشدًا- :" كُلْ من حلالٍ وصلِّ في الصف الأخير".

    هذا لرعاية الحال؛ وأمَّا المنافسة على الصف الأول فشيءٌ كبير، والرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- دلَّ على فضل ذلك بقوله:"ولَوْ عَلِمَ الْنَّاسُ مَا فِيْ الْنِّدَاءِ وَالْصَفُ الْأَوَّلِ ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوْا إِلَا أَنْ يَسْتَهِمُوا-أي يقترعوا- عليهما لفعلوا".

    ولكنه يقول: ما لهؤلاء القوم قد عكسوا الأمر؛ فساروا يتدافعون إلي ما لا يشق عليهم فعله، وتهاونوا في أوجب ما يجب عليهم فعله، وهو رقابة الله -تبارك وتعالى- في المطعم والمشرب؛ لينظر أحدكم ما يدخل جوفه؛ فإن البطن أول ما يُنْتِنُ من المرء بعد موته.

    "لا يكون الرجل تقيًا حتى يكون لنفسه أشد محاسبةً من الشريك لشريكه".

    خصمٌ هي! فلا بد من رعاية حق الله فيها، ولا بد من حملها على أمره، ولابد من قصرها على اجتناب نهيه، وإلا فإنها أمارة بالسوء جملة،"وحتى يعلم من أين ملبسه، ومطعمه، ومشربه؟".

    وعن بلال بن سعد قال: "لا تكُنْ وليَّا لله في العلانية، عدوًا لله في السر".

    أولئك " قَوْمٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ الْلَّهِ انْتَهَكُوهَا"؛ لأن الذي يبلغ عمله أن يكون يوم القيامة كأمثال جبال تهامة، هذا وليٌّ لله في العلانية؛ فهذا عملٌ صالحٌ عظيمٌ.

    "بَيْضَاءَ" في وصف الأعمال، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ؛ وهو عدوٌ لله في السر.

    "لا تكن وليًّا لله في العلانية، عدواً لله في السر"

    أولئك " قَوْمٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ الْلَّهِ انْتَهَكُوهَا ".

    إن الصيام يورث التقوى، ومراقبة الله –تعالى- وصلاح القلوب

    قال عبد العزيز بن أبي روّاد: "أدركتهم يجتهدون في العمل الصالح، فإذا فعلوه وقع عليهم الهم -لِمَ وقد عملوا صالحًا؟! بل عملوا صالحًا اجتهدوا في عمله- يقول: " أدركتهم يجتهدون في العمل الصالح، فإذا فعلوه وقع عليهم الهم؛ أيُقبل منهم أم لا؟!"

    فليست العبرة بكثرة العمل؛ وإنما العبرة -كلُّ العبرة- في تصفية العمل من شوائبه، مما يُحبطه.

    ليست العبرة بالعمل، وإنما العبرة بتصفية العمل من الشوائب، مَن شاب شِيبَ له، ومن كَدَّر كُدِّر عليه، ومَن صَفَّى صُفِّي له. فأخلص؛ إنما يتعسر مَن لم يُخلص.

    قال على -رضي الله عنه- :"كونوا لقبول العمل أشدَّ اهتمامًا منكم بالعمل، ألم تسمعوا الله -عز وجل- يقول: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ [المائدة:27]".

    وكما في حديث المسند لما سمعت عائشة قول الله -جل وعلا- : ﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ﴾ [المؤمنون:60]. فقالت: يا رسولَ الله: أولئكَ العصاة، السَّرقةُ الزناة؟! يفعلون، ويفعلون، قال: لا، يا بنت الصديق، بل هو الرجل يصوم ويصلي ويتصدق ويفعل الخيرَ، ويخشى ألا يُقبلَ منه!

    مَن يستطيع أن يحدد دوافعه؟! مَن يمكنه أن يجزمَ بصدق نيته؟!

    ذلك أمرٌ لا يعلمه إلا الله؛ لذلك يقول على -رضي الله عنه- :"كونوا لقبول العمل أشدَّ اهتمامًا منكم بالعمل، ألم تسمعوا الله -عز وجل- يقول: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ [المائدة:27]".

    إن صيام رمضان، ما يزال يرتقي بالنفس في مدارج الكمال، حتى يبلغ الصائم العشر الأواخر من رمضان.

    وفيها الاعتكاف؛ لعكوف القلب على الله، ولجمعية القلب على سيديه ومولاه؛ وللفكر في تحصيل مرضات الله، وما يُقرب منه -تعالى- في علاه.

    وفي العشر التماس ليلة القدر، وهي خير من ألف شهر!

    في الصحيحين عن عائشة-رضي الله عنه- قالت: " كَانَ رَسُوْلُ الْلَّهِ -صَلَّىَ الْلَّهُ عليه وَآَلِهِ وَسَلَّمَ- إِذَا دَخَل الْعَشْرُ شَد مِئْزَرَه، وَأَحْيَا لَيْلَه، وَأَيْقَظ أَهْلَه". هذا لفظ البخاري.

    " كَانَ رَسُوْلُ الْلَّهِ -صَلَّىَ الْلَّهُ عليه وَسَلَّمَ- إِذَا دَخَل الْعَشْرُ شَد مِئْزَرَه، وَأَحْيَا لَيْلَه، وَأَيْقَظ أَهْلَه.

    قد يفهم فاهمٌ أن قَوْلها -رضي الله عنها- " أَحْيَا لَيْلَه" أنه كان يُحيي الليل كله بالصلاة!

    وقد ردَّت هي-رضي الله عنها- هذا الفهم فقالت: "ما علمتُ رسول الله -صلي الله عليه وسلم- صلى ليلةً كاملةً حتى أصبح".

    ولكن؛ أحيا ليله بالصلاة، بتلاوة كتاب الله، بالذكر، بالفكر في أحوال الآخرة، والقيام بين يدي رب العزة -تبارك وتعالى- في القيامة يقرِّب عبده يدنيه، يُلقي عليه كنفه، يُقرره: أتذكر ذنب كذا، أتذكر ذنب كذا؟ فيقول: أي ربِّ -أي أذكر- أي ربِّ أذكر، حتى إذا أيقن بالهلكة، قال له ربه -وهو الرحمن الرحيم- : " قد سترتُ ذلك عليك في الدنيا، وأنا أغفره لك اليوم، ويُؤمرُ به إلى الجنة".

    (أحيا ليله): يُحيي ليله بالعبادة، ليس شرطاً بالصلاة في طول الليل؛ فما فعل ذلك في ليلةٍ حتى أصبح- صلى الله عليه وسلم- كما قالت عائشة -رضي الله عنها-.

    ولفظ مسلم : "أَحْيَا الْلَّيْلَ وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ وَجَدَّ وَشَدَّ الْمِئْزَرَ" -صلى الله عليه وآله سلم-

    (وجَدَّ) في العبادة بالزيادة على العادة.

    (وَجَدَّ!).. وهو رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر!

    (وَجَدَّ!) في العبادة بالزيادة على العادة.

    (وَشَدَّ الْمِئْزَرَ): للتفرغ للعبادة؛ بالتشمير؛ بالاجتهاد، أو هو كنايةٌ عن اعتزال النساء.

    (وَجَدَّ وَشَدَّ الْمِئْزَرَ) صلى الله عليه وآله سلم.

    وفي رواية لمسلم عن عائشة -رضي الله عنه- قالت: " كَانَ رَسُوْلُ الْلَّهِ -صَلَّىَ الْلَّهُ عليه وَسَلَّمَ- يَجْتَهِدُ فِيْ الْعَشْرِ، مَا لَا يَجْتَهِدُ فِيْ غَيْرِهِ"؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- كان يلتمس ليلة القدر.

    عَشْرُ رمضان الأخيرة؛ فيها الخيرات، وفيها الأجور الكثيرة، وفيها الفضائل المشهورة، والخصائص العظيمة.

    وقد كان النبي - صلى الله عليه وآله سلم- يعتكف العشر الأواخر من رمضان، إلا أن يكون - صلى الله عليه وسلم- مسافراً في جهادٍ في سبيل الله لغزوٍ، لالتماس مرضات الله.

    فالاعتكاف سنّةٌ من السنن الثابتة، دلَّ عليها كتاب ربنا، وسنة نبينا، وإجماع الأمة.

    والمقصد الأجل؛ تفريغ القلب للعكوف على العبادة والذكر، لالتماس الأجر بتحري ليلة القدر، وبالبعد عن الدنيا، بكل ما فيها من مآسيها، ومباهرها، بكل ما يشغل القلب عن الرب -تبارك وتعالى- وصراطه المستقيم وطلب الآخرة.

    وفي العشر الأواخر من شهر رمضان ليلة القدر، وهي خيرٌ من ألف شهر.

    وللعشر من الخصائص الجليلة ما يأتي ذكره بعد، بحول الله وقوته.

    وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

    الخطبة الثانية:

    الحمد لله رب العالمين، وأشهد ألا إله إلا الله وحد لا شريك له هو يتولى الصالحين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله -صلى الله عليه وآله وسلم- صلاةً وسلامًا دائمين متلازمين إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فعشرُ رمضان الأخيرة فيها الخيرات، والأجور الكثيرة، وفيها الفضائل المشهورة،والخصائص العظيمة؛ ومنها:-

    أن النبي -صلى الله عليه وآله سلم- كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره، وهذا شامل للاجتهاد في جميع أنواع العبادة، من صلاةٍ، وتلاوةٍ، وذكر،ٍ وصدقةٍ، وغيرها.

    ومن خصائص العشر أن النبي -صلى الله عليه وآله سلم- كان يُوقظ أهله في العشر للصلاة.

    " أَيْقَظ أَهْلَه.. أَحْيَا لَيْلَه" كأن الليل كان مَواتَ؛ بل كان، إذ لا يُذكر فيه الله، فإذا عُبد فيه الله حيي.

    "أَحْيَا لَيْلَه، وَأَيْقَظ أَهْلَه": للصلاة والذكر، حرصاً على اغتنام هذه الليالي المباركة؛ لأنها فرصة العمر، وغنيمة لمن وفقه الله.

    ومن الخسران العظيم والحرمان الكبير أن يُمضي المسلمون هذه الأوقات الثمينة في اللهو الباطل، والعبث الفاجر، واللغو الزائل، وهذا من تلاعب الشيطان بهم، ومن مكره بهم، وصده إياهم عن سبيل الله، ومن إغوائه لهم، وقد قال ربنا -جل وعلا- للشيطان اللعين: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عليهمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾ [الحجر:42].

    فمَن تبع الغاوي فهو غاوي، مَن اتبع الغَوِي، فهو غَوِي، ومَن اتبع الشيطان فهو من الغاوين كما قال رب العالمين.

    فمن الخسران المبين، من الخسارة الفادحة أن تُمَضَّى الأوقات في ليال العشر في اللهو الباطل.

    وقد تكالب المنحرفون والمنحرفات على المسلمين في مخادعهم؛ ليشغلوهم عن العبادة والتلاوة والذكر؛ وليغروهم بالنظر والاستماع إلى كل ما حرم الله -جل وعلا- مما هو فسوقٌ محض، وزيفٌ صِرف، ومعصيةٌ بَحْت.

    من خصائص العشر: الاعتكاف فيها والاعتكاف سنة ثابتة بالكتاب والسنة وبإجماع الأمة.

    وقد اعتكف النبي -صلى الله عليه وسلم- واعتكف معه أصحابه وبعده؛ فاعتكفوا معه واعتكفوا بعده -صلى الله عليه وآله وسلم و رضي الله عنهم-.

    أخرج مسلم في صحيحه بسنده من رواية أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: "اعتكف رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عليه وَسَلَّمَ الْعَشْرَ الْأَوْسَطَ مِنْ رَمَضَانَ . يَلْتَمِسُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ قَبْلَ أَنْ تُبَانَ لَهُ . -أي:قبل أن تُظْهَر له- فَاعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأَوْسَطَ مِنْ شهر رَمَضَانَ .-أي: في عام- يَلْتَمِسُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ قَبْلَ أَنْ تُبَانَ لَهُ. فَلَمَّا انْقَضَيْنَ -يعني: العشر الأوسط- أَمَرَ بِالْبِنَاءِ فَقُوِّضَ -أي:أزيل ، يعني: الخِبَاء الذي كان يعتكف فيه - صلى الله عليه وسلم - يُضرب له في المسجد-. فَلَمَّا انْقَضَيْنَ . أَمَرَ بِالْبِنَاءِ فَقُوِّضَ-أي:أزيل- ثُمَّ أُبِيْنَتْ لَهُ أَنَّهَا فِيْ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ . فَأَمَرَ بِالْبِنَاءِ - أي :الخباء-فَأُعِيْدَ . ثُمَّ خَرَجَ عَلَىَ الْنَّاسِ . فَقَالَ : " يَا أَيُّهَا الْنَّاسُ ! إِنَّهَا كَانَتْ أُبِيْنَتْ لِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ وَإِنِّيَ خَرَجْتُ لَأُخْبِرَكُمْ بِهَا . فَجَاءَ رَجُلَانِ يَحْتَقَّانِ -أي: كلٍ يدَّعى أن الحق له-.

    وفي رواية "يَتَلَاحَيَانِ" كلٌّ قد أمسك بلحية صاحبه.

    وفي رواية "يَسْتَبَّانِ".

    مَعَهُمَا الْشَّيْطَانُ؛ فَنُسِّيتُهَا، فَالْتَمِسُوْهَا فِيْ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ. الْتَمِسُوْهَا فِيْ الْتَّاسِعَةِ وَالْسَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ".

    فَجَاءَ رَجُلَانِ يَحْتَقَّانِ، مَعَهُمَا الْشَّيْطَانُ؛ فَنُسِّيتُهَا، أو فَأُنْسِيتُها -أي نُسي تحديد علمها بقطعٍ ويقين، لا أنها في العشر الأواخر من شهر رمضان!

    وهذا من شؤم الخصام والخلاف والجدال "فجاء رجلان يَحْتَقَّانِ.. يَسْتَبَّانِ.. يَتَلَاحَيَانِ، مَعَهُمَا الْشَّيْطَانُ؛ فَأُنْسِيتُها. فكم من الخيرِ يُرفع لوقوع الخصام والخلاف والجدال ، والمناقرة كمناقرة الديوك!

    قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الْتَمِسُوْهَا فِيْ الْتَّاسِعَةِ وَالْسَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ".

    بيّن أبو سعيد -رضي الله عنه- أنّ: التاسعة هي الثانية والعشرون، والسابعة هي الرابعة والعشرون، والخامسة هي السادسة والعشرون.

    فَفَّهِم -رضي الله عنه- أن ليلة القدر قد تكون في الأشفاع كما تكون في الأوتار من العشر الأواخر من رمضان، وإلى هذا أشار شيخُ الإسلام -رحمه الله تعالى- " فِيْ تَاسِعَةٍ تَبْقَىَ، فِيْ سَابِعَةٍ تَبْقَىَ، فِيْ خَامِسَةٍ تَبْقَىَ، في ثالثة تبقى".

    إذا كان الشهرُ تسعةً وعشرين، وإذا كان الشهرُ ثلاثين، فَيَصْدُقُ أن تكون في الأوتار، كما يَصْدُقُ أن تكون في الأشفاع.

    وعليه فمَن أراد أن يصيب ليلة القدر فعليه أن يجتهد في العشر الأواخر كلها، من غير ما تمييز، وإن خصّ الأوتار بمزيد عنايةٍ فلا بأس، لدلالة النصوص على ذلك.

    في العشر الأواخر ليلةُ القدر التي شرفها الله -تعالى- على غيرها، ومَنَّ على هذا الأمة بها، وأنعم عليها بجزيل خيرها، وأشاد الله -تعالى- بفضلها؛ فقال -جل وعلا- : ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ [الدخان:3-4].

    مِن بركة ليلة القدر أن هذا القرآن المبارك، أُنزل فيها، وقد وصفها الله -تعالى- بأنه يُفْرَقُ فيها كلُّ أمرٍ حكيم، من أوامر الله المحكمة، العظيمة المتقنة، التي ليس فيها خللٌ ولا نقصٌ ولا باطل ﴿ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ العَلِيمِ﴾ [الأنعام: 96].

    ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ* تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ* سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾ [القدر: 1-5].

    القَدْر: بمعني الشرف والتعظيم، أو بمعني التقدير والقضاء؛ لأن ليلة القدر يُفصل فيها من اللوح المحفوظ إلي الكتبة ما هو كائنٌ من أمر الله -سبحانه- في تلك السنة من الأرزاق والآجال والخير والشر: مَن يولد ومَن يموت، مَن يرفع ومَن يخفض، مَن يُعَز ومَن يُذَل، مَن يُعطى ومَن يُحرم، مَن يحج ومَن يعتمر إلي غير ذلك من ألوان التقدير.

    لأن التقدير -كما هو معلوم- تقدير أزليّ كتب الله -تبارك وتعالى- مقادير كل شيء قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة ﴿وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ﴾ [هود: 7].

    والله -رب العالمين- يجعل نسخةً من هذا التقدير الأزلي في ليلة القدر من كل عام إلى الكتبة، وفيها ما هو كائن من أمر الله -سبحانه- في تلك السنة من الأرزاق والآجال، والخير والشر، وغير ذلك من كل أمرٍ حكيم من أوامر الله المحكمة المتقنة.

    وليلة القدر شريفة عظيمة، يُقَدِّرُ الله فيها ما يكون في السنة، إلى ليلة القدر من العام بعده، وما يقضيه الله تعالى من أوامره الحكيمة، وأموره الجليلة .

    ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ [القدر: 3]. يعني: في الفضل والشرف، وكثرةِ الثواب والأجر؛ لذا مَن قامها إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه.

    وفي سورة القدر من فضائل ليلة القدر أنّ الله أنزل فيها القرآن المجيد، الذي به هدايةُ البشر، وسعادتهم في الدنيا والآخرة، وكذلك ما يدل عليه الاستفهام من التفخيم، والتعظيم: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ﴾ [القدر: 2].

    وكل (ما أدراك) في القرآن أدارهُ.... وكل ما يدريك لم يُدْرِه.

    لذا قال بعد هذا الاستفهام -الذي هو للتفخيم والتعظيم والتشويق- ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ [القدر: 2-3]؛ فكل (وما أدراك) في القرآن أداره.

    وهي خيرٌ من ألف شهر كما قضي بذلك ربنا -جل وعلا- .

    والملائكة تتنزل فيها، وهم لا يتنزلون إلا بالخير، والبركة والرحمة حتى تضيق بهم الأرض، وهو أحد القولين في معنى القدر.

    القَدْر: الشرف. والقَدْر: الضيق. قالوا: لأن الأرض تضيق بالملائكة من كثرتهم، والملائكة لا تتنزل إلا بالخير والبركة والرحمة والرُّوحُ، وهو جبريل -عليه السلام -.

    ومما يدل على فضلها في سورة القَدْرِ أنها سلام -(سَلَامٌ هِيَ)-.

    وقد أتى بالجملة معرفة الطرفين، لا.. بل إنه -جل وعلا- ذكرها هكذا تفخيماً وتعظيماً، وتكريماً وتشريفًا -(سَلَامٌ هِيَ)- فدلَّ على كونها سلامًا لُحْمَةً وسُدى؛ فهي سلامٌ محض -(سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)؛ فهي ساجيةٌ صافية،"طَلِقَةٌ بَلِجَةٌ " كما قال رسول الله.

    إذ هي سلام، تتنزل فيها الملائكة، يتنزل فيها -من ربنا السلام- السلام على أهل الأرض حتى يصيروا إلى السلام من بعد الضيق والشدة والعناء والكرب؛ فتجد الروح مُنطلقها والقلب مُستقرَّه، وما يدري أحد متى يجد قلبه مُستقرَّه؟!

    (سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ): لكثرة السلامة فيها من العذاب لما يقوم به العبد من طاعة الله -جل وعلا-.

    ومما يدل على عظيم قدرها ورفعة شأنها وجليل قدرها أن الله أنزل فيها سورةً برأسها، تُتلى يُتعبد لله بتلاوتها إلى أن يرفع الله الكتاب المجيد بين يدي الساعة من الصدور والسطور.

    ولا تختص ليلة القدر بليلة معينة في جميع الأعوام، بل تنتقل، فتكون في عام ليلة سبع وعشرين مثلا، وفي عام ليلة خمسٍ وعشرين، وهكذا.. تبعًا لمشيئة الله تعالى وحكمته.

    ودليلُ ذلك قوله -صلى الله عليه وآله وسلم- " التمسوها فِيْ تَاسِعَةٍ تَبْقَىَ، فِيْ سَابِعَةٍ تَبْقَىَ، فِيْ خَامِسَةٍ تَبْقَىَ ". قال الحافظ في الفتح: "الأرجح أنها في العشر الأخير، وأنها تنتقل".

    فالأرجح على حسب دلالات النصوص، أن ليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان، وأنها في أوتار العشر وأنها تنتقل؛ فليست في ليلة بعينها، تكونُ ثابتة في كل عام، ولكنها تنتقل كما هو الأرجح.

    وقد أخفى الله -تبارك وتعالى- عن العباد تحديد ليلة القدر بقطع، رحمةً بهم؛ ليكثر عملُهم في طلب ليلة القدر في تلك الليالي الفاضلة، بالذكر والصلاة، وبالدعاء والإخبات، وبالبكاء والإنابة؛ ليزدادوا من الله قربا، وليكثر لهم من الله الثواب ،وليُعلم مَن كان جادًا في طلبها حريصًا عليها ممن كان كسلانًا متهاونًا.

    أخفى الله -رب العالمين- رضاه في طاعته؛ فلا تدري بما يرضى عنك مما تتزلف به إليه، ولا تدري أي ذلك يُقبل لديه، ويُعتمد عنده؛ فأخفى رضاه في طاعته، كما أخفى سخطه في معصيته.

    وقد أخفى الله -رب العالمين- ساعةَ الإجابة في يوم الجمعة في ساعاته، والأرجحُ أنها الساعةُ الأخيرةُ قبل المغرب من يوم الجمعة، لا يوافقها عبدٌ يسأل الله -رب العالمين- أمراً من أمور الدنيا والآخرة إلا أتاه الله إياه؛ وذلك ليحرص الناس على فعل الخيرات، وبذل النفوس في طاعة الله، وتفريغ الأوقات لعبادة الله؛ فأخفى الله -رب العالمين- ليلةَ القدر في العشر الأواخر من رمضان.

    قال رسول الله: " فَنُسِّيْتُهَا، وَعَسَىَ أَنْ يَكُوْنَ خَيْرا لَكُمْ"؛ أي: لتزدادوا اجتهادًا في العبادة والطلب؛ ولأنكم إذا علمتم تحديدها بقطعٍ في ليلة محددة توفرتم على العبادة في تلك الليلة، ثم كسلتم بعد ذلك وفترتم عن العبادة والذكر، ولا كذلك فعلُ المتقين؛ فإن النبي الأمين -صلى الله عليه وآله وسلم- مع أن الله -جل وعلا- قد أخبره أنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه، إلا أنه "كَانَ يَقُوْمُ الْلَّيْلَ حتى تَتَوَرَّم قَدَمَاهُ، حَتَّىَ تَتَفَطَّرُ قَدَمَاهُ"؛ فلما رُوجعَ في ذلك قال:"أَفَلَا أَكُوْنُ عَبْدًا شَكُوْرًا" -صلى الله عليه وآله وسلم-.

    يُسأل اللهُ -تبارك وتعالى- في ليلة القدر، وفي كل حين العفوَ والمعافاة.

    يَسأل العبدُ ربه-جل وعلا- في ليلة القدر العفو والمعافاة؛ قالت عائشة -رضي الله عنها- كما في الحديث الصحيح الذي أخرجه أحمد في المسند " قُلْتُ يَا رَسُوْلَ الْلَّهِ ! أرأيتَ إِنْ وَافْقَتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مَا أَقُوْلُ فِيْهَا؟ قَالَ: قُوْلِيْ الْلَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّيْ".

    لو كان هناك طلبٌ هو أعلى من هذا لذكره النبي-صلى الله عليه وآله وسلم- لعائشة -رضي الله تبارك وتعالى عنها-.

    لأن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أخبر أنها أحب الناس إليه؛ لما سأله عمرو بن العاص - رضي الله عنه-: " مَنْ أَحَبُّ الْنَّاسِ إِلَيْكَ يا رسولَ الله؟ قَالَ: عَائِشَةَ، قَالَ: فمِنَ الْرِّجَالِ؟ قَالَ: أَبُوْهَا". -رضي الله عنه وعنها وعن الصحابة أجمعين-.

    فهذا اختيار الحبيب للحبيب، يختار النبي -صلى الله عليه وسلم- لعائشة في الليلة المباركة التي يُقبل فيها الدعاء، ويُجزل فيها العطاء، وتُمحى فيها الخطايا، وتُزال فيها السيئات، يختار لها رسول الله هذا الدعاء " الْلَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّيْ".

    ولو كان هناك ما هو فوقه، لذكره لها -صلى الله عليه وسلم و رضي الله عنها-.

    هو العفوّ، وهو يحب العفو؛ فيحب أن يعفوا عن عباده، ويحب من عباده أن يعفوا بعضهم عن بعض؛ فإذا عفا بعضهم عن بعض، عاملهم بعفوه، وعفوه أحب إليه من عقوبته.

    كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول:"أَعُوْذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوْبَتِكَ" كما في صحيح مسلم، عفوه أحب إليه من عقوبته. "وَأَعُوْذُ بِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوْبَتِكَ": مِن نقمتكَ.

    قال مُطَرِّف بن عبد الله :" لأن أبيتَ نائمًا وأصبح نادمًا، أحبُّ إلي من أن أبيتَ قائمًا، وأصبح معجبًا ".

    الإخلاص.. الإخلاص!

    نسأل الله أن يرزقنا إياه، هو عُقدة المسألة، وحرفُها وقُطبها الذي عليه تدور.

    أولئك "قَوْمٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ الْلَّهِ انْتَهَكُوهَا"؛ فلم ينفعهم عملٌ صالح.

    وتأمّل في وصف ما يكون: (أَعْمَالٌ كأَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بَيْضَاءَ يَجْعَلَهَا الله هَبَاءً مَنْثُوْرًا) كالقطن المنتوف، المندوف؛ يَجْعَلَهَا الله هَبَاءً مَنْثُوْرًا، والجبالُ متماسكة، صُلْبَة قائمة، متلاحمة، بذراتها، وبصخرها، وبمكوناتها.

    ولكن واأسفاه! ما من لُحْمَةٍ ها هنا تربط؛ فأعمالٌ متناكرة! لا حقيقةَ لها، يَجْعَلَهَا اللهُ هَبَاءً مَنْثُوْرًا.

    لأن أبيتَ نائمًا وأصبح نادمًا، أحبُّ إليَّ من أن أبيتَ قائمًا، وأصبحَ معجبًا؛ لأنه لا يُقبل مع الإعجاب عمل، والندم من شروط التوبة؛ فإذا استكملت شروطها، كانت نصوحًا مقبولاً.

    فاحرص في العشر الأواخر على التصفية والتزكية على الكتاب والسنة ومنهاج النبوة وخلِّف دنياك وراءك وأقبل صحيحًا، حتى تصير معافى.

    اللهم إنكَ عفوٌّ تحب العفو فاعفوا عنا.

    وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.



    فرغته /
    أم معاوية السلفية المصرية
    20 من رمضان 1432هـ، الموافق 20/8/2011م.

    مراجعة وتنسيق/
    أبو عبدالرحمن حمدي آل زيد المصريّ
    25 من رمضان 1432هـ، الموافق 25/8/2011م.


    تعليق


    • #3
      رد: [خطبة جمعة] [الصائمون المفلسون] - فضيلة الشيخ محمد سعيد رسلان -حفظه الله- كاملة ومنسقة

      السلام عليكم
      أريد أن أنبهك على شيئين أخي الفاضل :
      1- نسيت وضع كلمة دلالية لموضوعك وأظنك نسيت ذلك في الخطبة السابقة أيضا.
      2- ألا ترى أن المنبر المناسب لهذه الخطبة هو منبر تزكية النفس؟

      تعليق


      • #4
        رد: [خطبة جمعة] [الصائمون المفلسون] - فضيلة الشيخ محمد سعيد رسلان -حفظه الله- كاملة ومنسقة

        المشاركة الأصلية بواسطة أبو محمد فريد القبائلي مشاهدة المشاركة
        السلام عليكم
        أريد أن أنبهك على شيئين أخي الفاضل :
        1- نسيت وضع كلمة دلالية لموضوعك وأظنك نسيت ذلك في الخطبة السابقة أيضا.
        2- ألا ترى أن المنبر المناسب لهذه الخطبة هو منبر تزكية النفس؟
        وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
        بارك الله فيك أخي فريد.
        تم.

        تعليق

        يعمل...
        X