إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

خطبة عيد الفطر-للعلّامة الأصولي ابن عثيمين رحمه الله تعالى

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [صوتية وتفريغها] خطبة عيد الفطر-للعلّامة الأصولي ابن عثيمين رحمه الله تعالى

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،




    الحمد لله الذي سهل لعباده طرق العبادة ويسَّرها، وتابع لهم مواسم الخيرات لتزدان أوقاتهم بالطاعات وتعمر، فما انقضى شهر الصيام إلا بدخول أشهر حج بيت الله المطهر، أحمده على أسمائه الحسنى وصفاته العليا ونِعَمِهِ التي لا تحصر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تفرد بالخلق والتدبير وكل شيءٍ عنده بأجل مقدَّر، وأشهد أن نبينا محمداً عبدُ الله ورسوله، أنصح من دعا إلى الله وبشّر وأنذر، وأفضل من تعبَّد لله وصلى وزكى وصام وحج واعتمر، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم النشور والمحشر، وسلَّم تسليماً كثيراً. الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

    أما بعد:

    أيها المسلمون، فاتقوا الله - تعالى- واشكروه على نعمته عليكم بهذا العيد السعيد، فإنه اليوم الذي توَّج الله به شهر الصيام وافتتح به أشهر الحج إلى بيت الله الحرام، وهو أحد الأعياد الشرعية الثلاثة وثانيها عيد الأضحى وثالثها عيد الأسبوع وهو: يوم الجمعة، وليس في الإسلام عيد سواها، ليس في الإسلام عيد للميلاد، ولا لانتصار على أعداء، ولا لقيام دُول أو حكومات. في هذا اليوم قبل صلاة العيد يُخرج المسلمون زكاة الفطر تقرُّباً إلى الله -تعالى- وأداءً للفريضة وطعمة لإخوانهم الفقراء والمساكين، فقد فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر «وأمر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة، فمن أدَّاها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أدَّاها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات»(1) لا تجزئه عن زكاة الفطر إلا أن يكون معذوراً، فَرَضَها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الكبير و الصغير، والذكر والأنثى، ولا تجب عن الحمل الذي في البطن، وإن أخرج الإنسان عنه فلا حرج عليه إلا أن يولد قبل غروب الشمس من ليلة العيد فإنه يجب إخراج الفطرة عنه، والفطرة: صاع من الآدميين من الرز والتمر والبر وغيرها، فمن أخرجها من الدراهم أو أخرجها من الثياب أو من الأمتعة فهي مردودة عليه غير مقبوله منه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد»(2) وفي هذا اليوم يخرج المسلمون إلى مصلى العيد مُعَظِّمين لربهم بأفئدتهم وألسنتهم، يكبرون الله عزَّ وجل ويوحدونه ويحمدونه على ما هداهم ويسَّر لهم من نعمة الصيام والقيام وغيرهما من الطاعات، وهم في هذا الخروج يأملون جوائز ربهم من الثواب والهبات والحسنات، وفي هذا اليوم يؤدي المسلمون صلاة العيد تعظيماً لله وإقامةً لذكره وبرهاناً على ما في قلوبهم من محبة الله وشكره، يؤدونها في الصحراء إظهاراً لشعائر الله واتباعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ينتظرون جوائز ربهم ويحسنون الظن به أن يتقبل منهم؛ لأنه لم يأمرهم بالعمل إلا ليمنَّ عليهم بالقبول، ألم تسمعوا الله عزَّ وجل يقول: +هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلا الإِحْسَانُ"[الرحمن:60]، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر على ما هدانا للإسلام، ومَنَّ به علينا من إتمام الصيام والقيام، نحمده على ما أنعم به علينا من دين الإٍسلام. أيها المسلمون، إن أكبر نعمة مَنَّ الله بها عليكم هي دين الإسلام، ذلك الدين القيم الذي أكمله الله - تعالى- عقيدة منهاجاً، ثم إننا نحمد ربنا عزَّ وجل أن هدانا له وقد أضل عنه كثيرا. أيها المسلمون، إن دين الإسلام هو الدين الذي رضيه الله - تعالى- لعباده وفرضه عليهم إلى يوم القيامة، اسمعوا الله عزَّ وجل يقول: +إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسْلام"[آل عمران:19] ويقول جلَّ ذكره +وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ" [آل عمران:85] فلا دين قائم لا للنصارى ولا لليهود ولا لغيرهم بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، فمن اعتقد أن ديناً سوى الإسلام من دين اليهود أو النصارى أو غيره يكون بعد بعثة محمد -صلى الله عليه وسلم- مقبولاً عند الله أو مرضياً عند الله فإنه كافر بالإسلام مكذب للقرآن، لقد ختم الله النبوة برسالة محمد صلى الله عليه سلم، ونسخ جميع الشرائع بشريعته، فلا نبي بعده ولا دين سوى ما جاء به صلوات الله وسلامه عليه، وفي دين الإسلام إصلاح للخلق وفيه العز والتمكين في كل زمان ومكان لمن تمسك به عقيدة ومنهاجاً، يقول الله عزَّ وجل: +وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً"[النور:50] ويقول الله تعالى: +وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ" [الحج:41،40]. أيها المسلمون، لقد ثبت ذلك في سلف هذه الأمة حين تمسكوا بهذا الدين فصاروا قادة العالم في العلم والعقيدة الصحيحة والأخلاق الفاضلة والحضارة الراقية، وفتحوا بدينهم وأخلاقهم مشارق الأرض ومغاربها، فواللهِ لو عاد المسلمون إلى ما كان عليه سلفهم لحصل لهم من العز والتمكين ما حصل لسلفهم، ولكننا وللأسف نقول ولا نفعل، ونتكلم ولا نقدم؛ ولذلك حصل الخلل الكثير في هذه الأمة الإٍسلامية، حصل التمزق والتفرق، قامت الحروب بينهم حروب طاحنة ضارية قد تكون أقوى وأشد وأنكى من حروب أعدائهم لهم، ولقد فهموا أعداء الإسلام ذلك، فهموا أن المسلمين لو تمسكوا بدينهم لظهروا عليهم ولَـمَلَكوا ما تحت أقداهم، فهموا ذلك منذ ظهر الإسلام، «فقد قال هرقل ملك الروم لأبي سفيان حين أخبره عن صفات النبي - صلى الله عليه وسلم - وما يدعو إليه قال -أي: هرقل-: إن كان ما تقول حقاً فسيملك موضع قدمي هاتين»(3)، ولقد مَلَكَ النبي - صلى الله عليه وسلم - مَلك موضع قدمَيْ هرقل ملك الروم، وملك -أيضاً- موضع قدمي كسرى ملك الفرس، ملك ذلك بشريعته وإن كان ذلك لم يحصل إلا بعد موته ولكن على يد خلفائه في دينه وأمته. أيها المسلمون، ما زال أعداء المسلمين خائفين من ظهوره إلى عصرنا هذا؛ ولذلك حاولوا وما زالوا يحاولون بكل ما أوتوا من قوة في المكر والخديعة أو القوة المكتوفة، حاولوا أن يقضوا على الإسلام، حاولوا ذلك بالغزو العسكري المسلح وبالغزو الفكري والخلقي فاحتلوا كثيراً من بلاد المسلمين وخضعوا كثيراً منهم ولا سيما ذوي الضعف في الدين والبصيرة، موَّهوا عليهم باسم الأممية والعالمية والحضارة، وظهروا بما أوتوا من قوة وأنسوهم قول الله عزَّ وجل لـمَّا قالوا:+مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّة"[فصلت: 15] قال الله عزَّ وجل +أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّة"[فصلت: 15]، وما الحادث الذي أفجع من حدث عليه، ما الحادث ببعيد عنا حين أراد قوم أن يصنعوا من قوتهم المادية صاروخاً يحمل رواداً يتحدون به، ولذلك سموه باسم يدل على التحدي ولكنه تفجَّّر قبل أن يصل إلى القمة وهذا يدلكم - أيها المسلمون- أنه وما من قوة إلا وقوة الله فوقها، فعليكم أن ترجعوا إلى ربكم، أن تتمسكوا بدينكم؛ حتى تنالوا العزة، وإنني أوجه ذلك إلى الشباب خاصة؛ لأنهم رجال المستقبل؛ ولأنهم القوة الدافعة، ولكني أقول: إن اندفاعهم يجب أن يكون بحكمة وتؤدةٍ وتروٍّ بدون اندفاع يفوت به المقصود. أيها المسلمون، لقد أدخل أعداء الإسلام على المسلمين أنواعاً من اللهو واللعب، أدخلوا عليهم هذه الأنواع؛ ليصدوهم عن دينهم ويشغلون عن الجد في أمورهم، وصوروا لهم شعائر الإسلام بأنها أمور تقليدية لا مكان لها في هذا العصر، فانخدع بذلك كثير من المسلمين، واستهانوا بشرائع دينهم، وصاروا من الخلَف الذين قال الله فيهم: +فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59) إِلا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا"[مريم: 60،59]، فتمسكوا - أيها المسلمون - بدينكم واثبتوا عليه، واحذروا أعدائكم ومكرهم فإنهم يريدون أن تضِلُّوا كما ضَلُّوا وأن تكفروا كما كفروا هكذا يقول الله:+وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ" [النساء:44]،+وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا "[النساء:89]، +فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ"[فاطر:5]، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد. أيها المسلمون، إن هذا اليوم يوم عيد حرم النبي -صلى الله عليه وسلم- صومه على أمته؛ لأنه يوم فرح وسرور، يفرح المسلمون فيه بما أنعم الله به عليهم بإتمام الصيام والقيام وبما أحله لهم من الأكل والشرب والنكاح، فلا تقابلوا هذه النعمة بالأشر والبطر والعصيان والتهاون بما أوجب عليكم من شرائع الإيمان، فإن نعم الله تزيد بشكرها وتزول بكفرها. أيها المسلمون، إن شَهْرنا في عامنا هذا قد نقص عدده عن الثلاثين يوماً، ولكن نقصان عدده لا يستلزم نقصان ثوابه، فإن ثوابه تام كامل؛ لأن الله عزَّ وجل يقول: +يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ"[البقرة:183] إلى قوله: +شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ" [البقرة:185] فالصيام للشهر سواء كان تام العدد أم ناقصه هو صيام شهر كامل أجره واسع ولله الحمد. أيها المسلمون، إن المسلمين في شهر رمضان حصل لهم من الإنابة إلى الله والإقبال عليه ما حصل فمستقلٍ ومستكثر، فهل بعد ما حصل يطوي الإنسان صحيفة حسناته ويقبل على سيئاته؟ هل بعد رمضان يعرض عما كان يفعله من الطاعات؟ هل يكون لرمضان أثر على قلبه في النور والإقبال إلى الله والتوبة إليه؟ إن هذه الإستفهامات وغيرها لا بد أن تكون على بال الواحد منا، ولقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:«من صام رمضان وأتبعه بصيام ستة أيام من شوال فكأنما صام جميع العام»(4) وهذه الأيام الستة يجوز للإنسان أن يبدأ بصيامها من يوم الغد، ويجوز أن يؤخرها إلى نصف الشهر، ويجوز أن يؤخرها إلى أن يبقى بينه وبين انقضاء الشهر ستة أيام، ويجوز أن يصومها متتابعة ومتفرقة، ويجوز أن يصومها عاماً ويدعها عاماً، لكن ينبغي لمن فعل طاعة أن يداوم عليها، ولكن يجب أن تعلموا جميعاً أنها لا تصام قبل إنهاء رمضان أداءً وقضاءً، فمن صام قبل قضاء رمضان فإنها لا تجزئه عن ستة أيام من شوال، فمن كان عليه أيام من رمضان فليصمها قبل الأيام الستة. أيها المسلمون، إنكم تشاهدون مجتمعكم هذا، تشاهدونه مجتمعاً على طبقات مختلفة، منكم الضعيف، ومنكم القوي، ومنكم الشباب، ومنكم الشيوخ، ومنكم الغني، ومنكم الفقير، ومنكم الكامل ومنكم الناقص، تكونون على طبقات مختلفة ثم تنصرفون بعد ذلك إلى منازلكم، فتذكروا بذلك إجتماعكم يوم القيامة في موقف أعظم وعلى طبقات أكبر، ثم تنصرفون من ذلك الموقف فريق في الجنة وفريق في السعير، فكان من هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة العيد أنه إذا خرج من طريق رجع من طريق أخرى؛ لتظهر بذلك شعائر العيد، فاقتدوا به فإنه بكم أولى وأحرى. أيها المسلمون، إن من عادة الناس أن يهنئ بعضهم بعضاً بالعيد، وهذا جائز لا بأس به؛ لأنه فعله بعض الصحابة رضي الله عنهم، ولكن التهنئة ليست على الخلاص من شهر رمضان ولكنها تهنئة على إتمام الصيام الذي به الخلاص من الذنوب، فإن «من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر الله ما تقدم من ذنبه»(5)، والتهنئة بالعيد فيها مجلبة للمودة والإلفة، وفيها شيء من صلة الرحم، وفيها شيء من التآلف بين المسلمين لكن لا يهنئ الرجل المرأة إلا أن تكون من محارمه فإن بدأته بالتهنئة فلا بأس أن يرد عليها إذا كانت من معارفه بشرط أن لا يكون في ذلك خلوة ولا فتنة، ولا يجوز للرجل أن يصافح امرأة من غير محارمه لا مباشرة ولا من وراء حائل ولا يقبّلها على الفم إلا أن تكون زوجته، فأما تقبيل الرأس والجبهة فلا بأس به إذا كانت من محارمه، ولقد اعتاد بعض الناس أن يسلم على امرأة أخيه ويصافحها وعلى ابنة عمه ويصافحها وهذا حرام على الرجل والمرأة، ولكن بعض الناس يقول: أستحي إذا مَدَّتْ يدها أن أكف يدي فنقول له: لا تستحِ من الحق، فإن الله -تعالى- لا يستحي من الحق، وإذا مَدَّتْ يدها إليك فقل لها: إن هذا حرام لا يجوز، وإذا مَدَّ الرجل يده إلى امرأة لا يحل له أن يصافحها فلتقل له: إن ذلك حرام هكذا يجب أن نكون صرحاء، ولا بأس أن يزور الناس بعضهم بعضاً للتهنئة، فأما زيارة القبور باسم المعايدة فلا أصل له في سنة النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولذلك من ذهب إلى المقبرة في هذا اليوم مخصِّصاً هذا اليوم لزيارة المقبرة فإنه يعتبر مبتدعاً. الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، ولقد كان من هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - وكمال تبليغه وعنايته بأمته رجالاً ونساءً أنه إذا فرغ من خطبة الرجال يوم العيد«توجَّه إلى النساء فوعظهن وذكَّرهن»(6)، وبما أن الله- تعالى- مَنَّ علينا - وله الحمد - والمنّة بما يمكن أن يوصل الصوت إليهن بدون الذهاب إلى محلهن فإني أوجه هذه الكلمة: أيتها النساء، يا أيماء الله، اتقين الله تعالى واحفظن حدوده، أقمن الصلاة واتين الزكاة وأطعن الله ورسوله، أكثرن من الصدقة فإنها تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، الزمن بيوتكن، لا تخرجن إلا لحاجة، فإذا خرجتن فلا تخرجن متطيبات ولا متبرجات بزينة، فإن الله - تعالى - قال لأمهات المؤمنين - وهن القدوة وهن أطهر سائر النساء - قال لهن:+وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى"[الأحزاب:33]، لا تكشفن وجهوهكن لغير الأزواج أوالمحارم، إياكن ومزاحمة الرجال والاختلاط بهم فإن ذلك من أسباب الفتنة؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم :«خير صفوف النساء آخرها وشرها أولها»(7)؛ لأن آخرها أبعد عن الرجال وأولها أقرب إليهم، ولما طلب النساء من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليعلمهن مما علمه الله لم يقل لهن: احضرن مجالس تعليم الرجال ولكنه «وعدهن مكاناً ويوماً يأتي إليهن فيه»( وهذا يدل على أنه لا يجوز اختلاط النساء بالرجال للتعليم ولا في غيره، فيا إيماء الله، اتقين الله عزَّ وجل، لا تخلون بأحد من الرجال فإن ذلك من أعظم الفتنة سواء كان ذلك في البيت أو في السيارة، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - «نهى أن يخلو الرجل بالمرأة إلا ومعها محرم»(9)«وما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما»(10). أيتها النساء، إن البعض منكن تصل رأسها بشيءٍ من الشعر «وقد لعن النبي - صلى الله عليه وسلم - الواصلة والمستوصلة»(11)وإن بعضاً منكن تجمع شعر رأسها من فوق حتى يصير كسنام البعير، وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم- «أن ذلك من صنيع نساء أهل النار»(12)، فاتقين الله أيتها النساء، والتزمن حدود الله، وحافظن على تربية بناتكن على الشيمة والحياء فإن الحياء من الإيمان، وأنتم أيها الرجال القوامون على النساء، المسؤولون عنهن، أعينوهن على الواجب وامنعوهن من المحرم، وأدوا الأمانة فيهن، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد. أيها المسلمون، إن هذا المكان مكان ذكر ودعاء وخير، وإنني داعٍ بلا رفع يد، داعٍ بدون أن أرفع يدي؛ لأن رفع اليدين في الدعاء في الخطبة من البدع إلا في الإستسقاء أو الاستصحاء، وإنني داعٍ فأمِّنوا بقلوب حاضرة ونفوس راضية، اللهم إنا نسألك بأنا نشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد، يا منَّان، يا بديع السموات والأرض، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام، نسألك اللهم بذلك أن تجود علينا بالقبول، اللهم جُدْ علينا بالقبول، اللهم جُدْ علينا بالقبول، اللهم اجعلنا صالحين مصلحين، اللهم اجعلنا من الفائزين المصلحين، اللهم أتمم علينا نعمتك بالتمسك بدين الإسلام واتباع نبيك خاتم الرسل الكرام، اللهم ثبِّتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، اللهم اجعلنا ممن يحشرون إليك وفداً ويفوزون بصحبة نبيهم إلى دار النعيم المقيم فينعمون بالنظر إلى وجهك الكريم، اللهم أصلح ولاة أمورنا وسدد خطاهم وأصلح بطانتهم يا رب العالمين، اللهم هيء لهم بطانة صالحة تدلهم على الخير وتحثهم عليه، وأبعد عنهم كل بطانة سوء لا تنصح لهم ولا لرعيتهم يا رب العالمين، وأبدلهم ببطانة خيِّرة إنك على كل شيء قدير، اللهم وأبرم لأمة المسلمين في كل مكان، أمراً رشداً يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك، ويأمر فيه بالمعروف وينهى عن المنكر إنك على كل شيء قدير، اللهم انصر المجاهدين في سبيلك من الأفغانيين وغيرهم يا رب العالمين، اللهم انصرهم على عدوهم، اللهم ثبت أقدامهم، اللهم أيِّدْهم، اللهم وَحِّدْ صفوفهم و وَحِّدْ كلمتهم يا رب العالمين، اللهم أطفئ الفتنة عن المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، اللهم من أراد بالمسلمين بسوء فاجعل كيده في نحره، وفرق جمعه، واهزم جنده، وشتت شمله يا رب العالمين، اللهم أَدِمْ على بلادنا هذه نعمتك بالتمسك بدينك وبالأمن والرخاء والرغد، وأعذنا من أسباب الشر والفساد، إنك ولي العباد وأنت على كل شيء قدير، والحمد لله رب العالمين، وأُصلي وأُسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
    ------------------------
    (1) أخرجه الإمام أحمد رحمه الله تعالى، في مسنده من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه (6576) الجزء الثاني ص169 .
    (2) أخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى، من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها، في كتاب الأقضية، باب نقص الأحكام الباطلة و رد محدثات الأمور (3243) .
    (3) أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه مطولاً،من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، في كتاب بدء الوحي، باب بدء الوحي (6) ت ط ع .
    (4) أخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله تعالى عنه في كتاب الصوم باب استحباب صيام ست من شوال اتباعاً لرمضان (1984) ت ط ع .
    (5) أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى في كتاب الإيمان باب صوم رمضان احتساباً من الإيمان(37) وأخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى في كتاب صلاة المسافرين باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح (126 من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه . ت ط ع .
    (6) أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه في كتاب الحجر، باب خروج الصبيان إلى المصلى (922) وأخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه في كتاب صلاة العيدين (1465) من ابن عباس رضي الله عنهما. ت ط ع .
    (7) أخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه في كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها وفضل الأول فالأول منها والازدحام على الصف الأول والمسابقة إليه وتقديم أولي الفضل وتقريبهم من الإمام (664) ت ط ع .
    ( أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب تعليم النبي صلى الله عليه وسلم أمته من الرجال والنساء مما علمه الله(6766) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه ت ط ع . وأخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه في كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل من يموت له ولد فيحتسبه (476 ت ط ع . من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه .
    (9) أخرجه البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه في كتاب الجهاد والسير، باب من اكتتب في جيش فخرجت امرأته حاجة أو كان له عذرٌ هل يؤذن له (2784)، وأخرجه مسلم رحمه الله تعالى في كتاب الحج باب سفر المرأة مع محرم إلى وغيره (2391) من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما . ت ط ع .
    (10) أخرجه الترمذي رحمه الله تعالى في سننه في كتاب الرضاع باب ما جاء في كراهية الدخول على المغيبات (1091) من حديث عقبة بن عامر رضي الله تعالى عنه . ت ط ع .
    (11) أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه في كتاب اللباس باب الوصل في الشعر من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه (5477) ت ط ع .
    (12) أخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى في كتاب اللباس والزينة باب النساء الكاسيات العاريات المائلات المميلات (3971) من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه . ت ط ع .


    لتحميــل المـادة الصوتيـة:
    هنـا



    المصدر: موقع الشيخ العثيمين رحمه الله تعالى


    وفقكم الله وسدد خطاكم

يعمل...
X