إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

تفريغ تفسير سورة القلم - من سلسلة (تفسير معاني القرآن) للشيخ محمد سعيد رسلان

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [تفريغ] تفريغ تفسير سورة القلم - من سلسلة (تفسير معاني القرآن) للشيخ محمد سعيد رسلان

    بسم الله الرحمن الرحيم

    هذا تفريغ لأغلب ما ذكره الشيخ محمد سعيد رسلان -حفظه الله- في تفسير معاني سورة القلم.

    ~§§ سورة القلم §§~

    - سورة القلم بدأها ربنا-تبارك وتعالى- بحرف من الحروف المُقَطَّعة.
    والحروف المقطعة اختلف فيها قول أهل العلم فقال بعضهم: إن {ن} هنا هي آخر حروف الرحمن. وهذه رواية عكرمة عن ابن عباس.
    وقال الحسن وقتادة والضحاك: النون الدواب.
    وقيل: هو قسم أقسم الله به.
    وقيل: فاتحة السورة.
    والحق أنه لابد من التوقيف هنا, فلا يقال في هذه الحروف المُقطعة إلا قول قد ثبت صحيحاً عن المعصوم-صلى الله عليه وسلم-, ولذلك قال العلماء: الحروف المقطعة في أوائل السور التي وَرَدَت الحروف المقطعة فيها, يقولون: الله أعلم بمراده.
    وهذا أسلم شيء.
    وقال جملة من العلماء من السلف والخلف: هو بيان لإعجاز القرآن العظيم, لأن الله-تبارك وتعالى- تحداهم بالقرآن أن يأتوا بمثل أقصر سورة فيه, والقرآن عربي مبين, والعربية لغتهم التي قد تملكوا ناصيتها والتي صاروا فيها بحيث لا يوجد فوق ما وصلوا إليه مُرتقى في العصر الذي أنزل الله رب العلمين القرآن فيه, فإذا كان القرآن العظيم عربياً مبيناً بحروف لغتكم الذي حذِقتموها, فاتوا إذا بمثل اقصر سورة فيه, {ن} هذا حرف من هذه الحروف التي تتكون منها كلمات لغتكم, فهذا من التحدي لهم وهو لإظهار الإعجاز في القرآن العظيم, هذا قول.
    - {وَالْقَلَمِ}: هو الذي كتب الله به الذكرى, أو هو القلم الذي أجراه الله بالقدر حين كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة.
    والظاهر أنه جنس القلم الذي يُكْتَبُ به, فهو قسم منه تعالى وتنبيه لخلقه على ما أنعم به عليهم من تعليمهم الكتابة والعلم.
    - {وَمَا يَسْطُرُونَ}: يعني وما يكتبون أي وما تكتب الملائكة الحفظة من أعمال بني آدم أو ما يَسْطُرُهُ بالأقلام بنو آدم, على حسب توجيه القلم في ما مر من معانيه.
    - {مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ}: أي بنبوة {رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ}: هذا جواب لقولهم {يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ}, فأقسم الله-تبارك وتعالى- بالقلم وما يكتب القلم من الأعمال إنك لا تكون مجنوناً وقد أنعم الله عليك بالنبوة والحكمة.
    وقيل:
    {مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ}: أي بعصمة ربك.
    وقيل: هو كما يقال ما أنت بمجنون والحمد لله. {مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ}ما أنت والحمد لله بمجنون. فجعل{بِنِعْمَةِ رَبِّكَ}كأنها حمد لله-تبارك وتعالى-كأنه جعلها جملة اعتراضية.
    وقيل: معناه ما أنت بمجنون والنعمة لربك, كقولهم سبحانك اللهم وبحمدك أي والحمد لك.
    - {وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ}: أي وإن لك لثواباً غير منقوص ولا مقطوع بصبرك على افترائهم عليك.
    فممنون بمعنى مقطوع, وإن لك لثواباً غير منقوص ولا مقطوع رِفْدُهُ عنك بل هو متتابع عليك.
    أو وإن لك لأجراً غير ممنون لا يُمَنُّ به عليك, فتكون من المِنَّة لا من القطع.
    -
    {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}: قال ابن عباس ومجاهد: لعلى دين عظيم لا دين أحب إلي ولا أرضى عندي منه.

    قال الشيخ محمد سعيد رسلان: لعل الذي قال هذا نظر إلى قول عائشة-رضي الله عنها- وقد سُئِلت عن خُلُقِ رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فقالت: كانت خُلُقُه القرآن.
    قال الحسن: هو آداب القرآن.
    قال قتادة: ما كان يَأتَمِرُ به من أمر الله وينتهي عنه من نهي الله.
    والمعنى: إنك يا محمد -صلى الله عليه وسلم- لعلى الخلق الذي أمرك الله به في القرآن.
    وقيل: سمى الله خلقه عظيما لأنه امتثل تأديب الله إياه بقوله: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ }.
    وقالت عائشة -رضي الله عنها- وقد سئلت عن خُلُقِ النبي -صلى الله عليه وسلم-: كان خُلُقُهُ القرآن.
    -
    {فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ}: يعني فستراه يا محمد ويَرَوْه, يعني أهل مكة إذا نزل بهم العذاب عندما ينكشف عنهم الغطاء.
    - {بِأَييِّكُمُ الْمَفْتُونُ}: قيل المفتون مفعول بمعنى المصدر, فتكون المفتون بمعنى الجنون يعني بأيكم الجنون.وقيل الباء بمعنى في, فستبصر ويبصرون في أي الفريقين المجنون.
    وقيل
    {بِأَييِّكُمُ الْمَفْتُونُ} وهو الشيطان الذي فَتَنَ بالجنون وفُتِنَ به, وهذا قول مجاهد.
    وقال آخرون: الباء فيه زائدة, فستبصر ويبصرون أيكم المفتون أي المجنون الذي فُتِنَ بالجنون, هذا قول قتادة.
    - {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ}: أي يعلم من هو في الحقيقة الضال, بل هم الضالون.
    -
    {وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}إلى سبيله الموصل إلى السعادة العاجلة والآجلة.

    -
    {فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ}: يعني مُشركي مكة, فإنهم كانوا يدعونه إلى دين آبائه فنهاه أن يطيعهم وأن يلاينهم لأنهم دعوا على المُلايَنَةِ والمُصانَعَة.

    -
    {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ}: يعني أحبوا لو تُلاينُهُم وتُصانِعُهُم فيلاينونك ويصانعونك.

    {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ}:
    قال الضحاك: لو تكفر فيكفرون.
    وقال الكَلْبي: لو تلين لهم فيَلينون لك.
    قال الحسن: لو تصانعهم في دينك فيصانعوا في دينهم.
    قال زيد بن أسلم: لو تنافق وترائي فينافقون.
    قال الشيخ محمد سعيد رسلان: والأولى حَمْلُ ذلك على الملاينة والمصانعة, ويدخل في الملاينة والمصانعة الكفر والنفاق وما أشبه.
    - {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ}: حلاف: كثير الحلف بالباطل.
    قال مقاتل: يعني الوليد بن المغيرة.
    وقيل: الأسود بن عبد يغوث.
    وقال عطاء: هو الأخنس.

    مهين: ضعيف حقير.
    قيل: هو فعيل من المهانة وهي قلة الرأي والتمييز.
    وقال ابن عباس: مهين: كذاب. وهو قريب من الأول لأن الإنسان إنما يكذب لمهانة نفسه عليه.
    - {هَمَّازٍ}: مغتاب يأكل لحوم الناس بالطعن والغيبة.
    وقال الحسن: هو الذي يغمز بأخيه في المجلس كقوله: هُمَزة.

    -
    {مَّشَّاء بِنَمِيمٍ}: قتّادٍ يسعى بالنميمة بي الناس ليفسد بينهم.

    وصيغة المبالغة للدلالة على كثرة وقوع ذلك منه.
    - {مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ}: بخيل بالمال.
    قال ابن عباس:
    {مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ} أي للإسلام.

    يمنع ولده وعشيرته عن الإسلام, يقول: لئن دخل واحد منكم في دين محمد-صلى الله عليه وسلم- لا أنفعه بشيء أبدا.
    - {مُعْتَدٍ}: ظلوم يتعدى الحق.
    - {أَثِيمٍ}: فاجر.
    -
    {عُتُلٍّ}: العُتُلُّ: الغليظ الجافي.

    وقال الحسن:
    هو الفاحش الخَلق السيئ الخُلُق.

    وقال الفراء: هو الشديد الخصومة في الباطل.

    وقال الكلبي: هو الشديد في كفره.

    وكل شديد عند العرب عُتُل, وأصله من العَتْلِ وهو الدفع بالعنف.
    - {بَعْدَ ذَلِكَ}: أي مع ذلك.
    يريد مع ما وصفناه به من قوله تعالى.
    - {زَنِيمٍ}: هو الدَّعِيُّ المُلْصَق بالقول وليس منه.
    قال عطاء عن ابن عباس: يريد مع ذلك هو دَعِيُّ في قريش وليس منه.
    وقال مُرَّةُ الهمداني: إنما ادعاه أبوه بعد ثمان عشرة سنة.

    وقيل الزنيم الذي له زَنَمةٌ كزَنَمَة الشاة.

    وروى عكرمة عن ابن عباس أنه قال: في هذه الآية نَعَتَ من لا يُعرف
    -يعني في قوله{وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ(10) هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ(11) مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ(12) عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ}- حتى قال {زَنِيمٍ} فعُرف وكانت له زَنَمَة في عنقه يُعرف بها.
    وقال سعيد بن جُبير عن ابن عباس: يُعرف بالشر كما تُعرف الشاة بزنمتها.
    قال ابن قتيبة: لا نعلم أن الله -تبارك وتعالى- وصف أحداً ولا ذكر من عيوبه ما ذكر من عيوب الوليد بن المغيرة.
    -
    {أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ}: قرأ أبو جعفر وابن عامر وحمزة وأبو بكر ويعقوب: (أأن) بالاستفهام, وقرأ الآخرون بلا استفهام على الخبر {أن كان}, وأما من قرأ بالاستفهام (أأن كان ذا مال وبنين).

    فمن قرأ بالاستفهام فمعناه: أَلِئَن كان ذا مال وبنين
    {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ}:أي جعل مجازاة النعم التي خُوِّلها من البنين والمال الكفر بآياتنا.
    وقيل معناه: أَلِئَن كان ذا مال وبنين تطيعه.
    ومن قرأ على الخبر {أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ}: فمعناه لا تطع كل حلاف مهين لأن كان ذا مال وبنين, أي لا تطعه لماله وبنيه.
    - إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ}, ثم أوْعَدَه فقال: {سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ}: الخرطوم: الأنف.
    قال أبو العالية ومجاهد: أي سنسود وجهه فنجعل له علما في الآخرة يُعرف به وهو سواد الوجه.

    وقال الفراء: خصَّ الخرطوم بالسِّمة
    -أي بالعلامة, سنسمه بالوَسْمِ بأن نجعل له على الخرطوم علامة- وأنه في مذهب الوجه لأن بعض الشيء يُعَبَّرُ به عن كله.
    فجعل العلامة للأنف وهي شاملة للوجه.
    وقال ابن عباس: سنحطمه بالسيف.
    وقد فعل ذلك يوم بدر.
    وقال قتادة: يعني سنضربه على أنفه حتى نَحْطِمَ أنفه بالسيف.
    وقد وقع ذلك له يوم بدر.

    وقال قتادة
    : سنلحق به شيئاً لا يفارقه.
    وقد ألحق الله بما ذكر من عيوبه به عاراً لا يفارقه في الدنيا والآخرة كالوَسْمِ على الخرطوم.

    وقال الضحاك والكسائي
    : سنكويه على وجهه.

    الملفات المرفقة
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو أحمد عبد الرحمن منيف; الساعة 05-Sep-2011, 06:02 PM.

  • #2
    رد: تفريغ تفسير سورة القلم - من سلسلة (تفسير معاني القرآن) للشيخ محمد سعيد رسلان


    -
    {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ}: يعني اختبرنا أهل مكة بالقحط والجوع.
    -
    {كَمَا بَلَوْنَا}: كما ابتلينا واختبرنا {أَصْحَابَ الْجَنَّةِ}: والجنة المذكورة كانت بستان باليمن على فرسخين من صنعاء وكانت لرجل يؤدي حق الله منها, فمات فصارت إلى أولاده فمنعوا الناس خيرها وبخلوا بحق الله فيها, فصات عاقبتهم إلى ما قصه الله تعالى في كتابه.
    -
    {إِذْ أَقْسَمُوا} حلفوا {لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ}: أي ليقطعن ثمرها إذا أصبحوا قبل أن يعلم بذلك المساكين.
    - {وَلَا يَسْتَثْنُونَ}: لا يقولون: إن شاء الله.
    - {فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ} أي عذاب {مِّن رَّبِّكَ} ليلا, ولا يكون الطائف إلا بالليل, وكان ذلك الطائف ناراً نزلت من السماء فأحرقتها {وَهُمْ نَائِمُونَ}.
    - {فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ}:كالليل المظلم الأسود, والصريم: الأسود بلغة جَزيمَةَ.
    أو كالبستان الذي قُطعت ثماره فجمع أي صُرِمَت ثماره.
    - {فَتَنَادَوا مُصْبِحِينَ}: نادى بعضهم بعضا لما أصبحوا.
    - {أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ}: قاطعين للنخل, يعني قد تأخرتم فهلموا.
    -
    {فَانطَلَقُوا} مشوا إليها {وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ} يتسارّون يقول بعضهم لبعض سرا {أَن لَّا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُم مِّسْكِينٌ}.
    -
    {وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ}: الحرد في اللغة يكون بمعنى القصد والمنع والغضب.
    قال الحسن وقتادة وأبو العالية: على جِدٍّ وجَهْد.
    وقال القُرَضِيُّ ومجاهد وعكرمة: على أمر مُجتمع قد أسسوه بينهم.
    وهذا على معنى القصد, لأن القاصد إلى الشيء جاد مُجمع على الأمر.وقال الشعبي وسفيان: على حَنَقٍ وغضب من المساكين.
    لأنهم أعجلوهم فلم يتمتعوا بلذيذ رِقْدَتِهِم ومنامهم فاضطروا إلى أن يقوموا مبكرين من أجل أن يقطعوا الثمار ويجمعوا الزروع قبل أن يعلم بهم المساكين.
    وعن ابن عباس: على حرد أي على قدرة.
    {قَادِرِينَ} عند أنفسهم على جنتهم وثمارها.
    -
    {فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ}: لما رأوا الجنة محترقة قالوا إنا لمخطئون الطريق أَظللنا مكان جنتنا, ليست هذه بجنتنا.
    -
    {بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ}: حُرمنا خيرها ونفعها لمنعنا المساكين, وتركنا الاستثناء وهو قول: "إن شاء الله" {وَلَا يَسْتَثْنُونَ}.
    - {قَالَ أَوْسَطُهُمْ}: أي أعدلهم وأعقلهم وأفضلهم.
    -
    {أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ}: هلّا تَسْتَثْنون, ألم أقل لكم قولوا إن شاء الله.
    أنكر عليهم ترك الاستثناء في قولهم {لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ}, وسمى الاستثناء تسبيحاً لأنه تعظيم لله وإقرار بأنه لا يقدر أحد على شيء إلا بمشيئته.
    وقيل: هلا تسبحون الله وتقولون: سبحان الله وتشكرونه على ما أعطاكم.
    وقيل: هلا تستغفرونه من فعلكم.
    القولان الأولان قبلُ والثالث بعدُ.

    -
    {قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا}: نزهوه عن أن يكون ظالماً في ما فعل وأقروا على أنفسهم بالظلم فقالوا {إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ} بمنعنا المساكين.
    - {فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ}: يلوم يعضهم بعضا في منع المساكين حقوقهم ونادوا على أنفسهم بالويل {قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ} في منعنا حق الفقراء.
    وقال ابن كَيْسان: طَغَيْنا نِعَمَ الله فلم نشكرها ولم نصنع ما صنع آباؤنا من قبل وكانوا صالحين.
    - ثم رجعوا إلى أنفسهم فقالوا
    {عَسَى رَبُّنَا أَن يُبْدِلَنَا خَيْراً مِّنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ}: أي طالبون منه الخير.
    قال عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه-: بلغني أن القوم أخلصوا وعرف الله منهم الصدق فأبدلهم بها جنة يقال لها "الحيوان".
    -
    {كَذَلِكَ الْعَذَابُ}: أي كفعلنا لهم نفعل بمن تعدى حدودنا وخالف أمرنا {وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}.
    - ثم أخبر بما عنده للمتقين فقال:
    {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ}: فقال المشركون: إنا نُعْطى في الآخرة أفضل مما تُعطَوْن لأنه فضلنا في الدنيا وسيفضلنا في الآخرة, فقال الله تكذيباً لهم {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}.
    - {أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ} نزل من عند الله {فِيهِ تَدْرُسُونَ} تقرؤون فتجدون المطيع كالعاصي {إِنَّ لَكُمْ فِيهِ} أي في ذلك الكتاب {لَمَا تَخَيَّرُونَ} تختارون وتشتهون.
    -
    {أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ} أي عهود ومواثيق {عَلَيْنَا بَالِغَةٌ} أي مؤكدة عاهدناكم عليها فاستوثقتم بها منا فلا تنقطع {إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ} لأنفسكم من الخير والكرامة عند الله.
    - ثم قال لنبيه -صلى الله عليه وسلم-:
    {سَلْهُم أَيُّهُم بِذَلِكَ زَعِيمٌ}: أي كفيل, أي أيهم يكفل لهم بأن لهم في الآخرة ما للمسلمين.
    - {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء}: أي عندهم شركاء لله أرباب تفعل هذا.
    وقيل: شهداء يشهدون لهم بصدق ما يدعونه.
    {فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِن كَانُوا صَادِقِينَ}.
    -
    {يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ}: قيل: عن أمر فضيع شديد.
    قال ابن عباس: هو أشد ساعة في القيامة.
    وقال سعيد بن جيبر: يوم يكشف عن ساق: عن شدة الأمر.
    وقال ابن قتيبة: تقول العرب للرجل إذا وقع في أمر عظيم يحتاج فيه إلى الجد ومقاساة الشدة: شَمَّرَ عن ساقه, ويقال إذا اشتد الأمر في الحرب: كشفت الحرب عن ساق.
    مذهب أهل السنة في قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ}: يعني إذا جاء الباري -تبارك وتعالى- لفصل القضاء فكشف عن ساقه تعالى التي لا يشبهها شيء, ورأى الخلائق من جلاله وعظمته ما لا يمكن التعبير عنه.
    أخرج البخاري في صحيحه بسنده عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: (يَكْشِفُ رَبُّنَا عَنْ سَاقِهِ فَيَسْجُدُ كُلُّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ وَيَبْقَى كُلُّ مَنْ كَانَ يَسْجُدُ في الدُّنْيَا رِيَاءً وَسُمْعَةً فَيَذْهَبُ لِيَسْجُدَ فَيَعُودُ ظَهْرُهُ طَبَقًا وَاحِدًا) أي كالصحيفة الواحدة فلا ينثني للسجود ولا يقدر عليه.
    فهذه صفة من صفات الله -تبارك وتعالى-.
    ولا يَغُرَّنك نقل الأقوال عن السلف فإن ذلك من لازم ذلك, وتفسيرهم أعني السلف هو أنها من صفات الله -تبارك وتعالى- كما ورد بذلك الحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري عن أبي سعيد عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
    فما قاله السلف تفسير باللازم بعد إثبات ما يثبتون من صفة الله -تبارك وتعالى- التي دلَّ عليها في القرآن العظيم وأرشد إليها النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم.
    - {وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ}: يعني يُدعا الكفار والمنافقون فتصير أصلابهم كصَياصِيِّ البقر فلا يستطيعون السجود.
    -
    {خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ}: وذلك أن المؤمنين يرفعون رؤوسهم من السجود ووجوههم أشد بياضاً من الثلج, وتسود وجوه الكافرين والمنافقين.
    -
    {تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ}: يغشاهم ذُل الندامة والحسرة.
    -
    {وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ}: أصحاء فلا يأتونه.
    قال التَيْمِيُّ: يعني إلى الصلاة المكتوبة
    .
    وقال سعيد بن جبير:كانوا يسمعون: حي على الصلاة حي على الفلاح, فلا يجيبون.
    قال كعب الأحبار: والله ما نزلت هذه الآية إلا عن الذين يتخلفون عن الجماعة.
    يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وَيَبْقَى كُلُّ مَنْ كَانَ يَسْجُدُ في الدُّنْيَا رِيَاءً وَسُمْعَةً فَيَذْهَبُ لِيَسْجُدَ فَيَعُودُ ظَهْرُهُ طَبَقًا وَاحِدًا), وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-, وإذا فسر النبي -صلى الله عليه وسلم- وأَوَّلَ القرآن فالمصير إلى ما قاله -صلى الله عليه وسلم-, وتنقطع الأخبار كلها عنده -صلى الله عليه وسلم-.
    -
    {فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ}: أي فدعني والمكذبين بالقرآن وخَلّي بيني وبينهم.
    قال الزَّجّاج: معناه لا تشغل قلبك به وكِلْهُ إلَيَّ فإني أَكْفيك أمره.
    -
    {سَنَسْتَدْرِجُهُم}: سنأخذهم بالعذاب {مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ},فعُذبوا يوم بدر.
    - {وَأُمْلِي لَهُمْ}: أمهلهم ليزدادوا إثماً.
    -
    {إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ}: قوي شديد فلا يفوتني شيء.
    -
    {أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً}: أي تطلب منهم ثوابا {فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ}: المَغْرَم: من يحمل غرامة ذلك الأجر.
    أي يثقل عليهم حمله لشدته عليهم ولشدة بخلهم بالمال, فهل طلبت منهم أجرا فأعرضوا لهذا السبب.
    - {أَمْ عِندَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ(47) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ}: اصبر على أذاهم لقضاء ربك {وَلَا تَكُن} في الضجر والعجلة {كَصَاحِبِ الْحُوتِ} هو يونس بن مَتّى {إِذْ نَادَى} ربه وهو في بطن الحوت {وَهُوَ مَكْظُومٌ} مملوء غمّا.
    -
    {لَوْلَا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ} حين رحمه وتاب عليه {لَنُبِذَ بِالْعَرَاء} لطُرح بالفضاء من بطن الحوت {وَهُوَ مَذْمُومٌ} يُذم ويُلام بالذم.
    - {فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ}: فاصطفاه ربه.
    - {فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ}: الكاملين في الصلاح.
    - {وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ}: وذلك أن الكفار أرادوا أن يصيبوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالعين فنظروا إليه, ونظر إليه قوم من قريش وقالوا: ما رأينا مثله ولا مثل حًجَجِه. يريدون أن يَعينوه أي يصيبوه بأعينهم حسدا.
    قال ابن عباس: يزلقونك معناه يُنفِذونك, يقال زَلِقَ السهم إذا اُنْفِذَ.
    قال السُّدي: يصيبونك بعيونهم.
    وقال النضر بن شُمَيل: يَعينونك.
    أي يصيبونك بعيونهم حسدا.
    وقيل: يُزيلونك.وقال الكَلْبي: يصرعونك بأبصارهم.
    يصرفونك عما أنت عليه من تبليغ الرسالة.
    قال ابن قتيبة: ليس يريد أنهم يصيبونه بأعينهم كما يصيب العائِنُ بعينه ما يعجبه وإنما أراد أنهم ينظرون إليك إذا قرأت القرآن نظراً شديداً بالعداوة والبغضاء يكاد ذلك النظر الشديد يسقطك.
    وقال الزجاج: يعني من شدة عداوتهم يكادون بنظرهم نظر البغضاء أن يصرعوك بأبصارهم.
    وهذا مستعمل في الكلام, يقول القائل: نظر إليَّ نظراً يكاد يصرعني, ونظراً يكاد يأكلني.
    يدل على صحة هذا المعنى أنه قَرَنَ هذا النظر بسماع القرآن وهو قوله:{لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ}وهم كانوا يكرهون ذلك أشد الكراهية فيُحِدّون إليه النظر بالبغضاء -صلى الله عليه وسلم-.
    - {وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ}: أي ينسبونه لجنون إذا سمعوه يقرأ القرآن صلى الله عليه وسلم- فقال الله تعالى{وَمَا هُوَ} يعني القرآن {إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ}: قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: موعظة للمؤمنين.
    وقال الحسن: دواء إصابة العين أن يقرأ الإنسان هذه الآية.
    يعني الآية الأخيرة {وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (51) وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ}

    والحمد لله رب العالمين.

    لحفظ المادة الصوتية
    MP3 RM

    تعليق

    يعمل...
    X