[سؤال] سؤال بخصوص وضوء من به حدث دائم

[أبو عبد الرحمن صلاح السلفي]

حياكم الله؛ لما رجح عندي القول باشتراط دخول وقت الصلاة علي من به حدث دائم -في الوضوء نشأ عندي سؤالان:
الأول: إذا توضأ من به حدث دائم لصلاة العصر -مثلا- ثم حضرت جنازة، فهل يصلي الجنازة بوضوئه الذي توضأه لصلاة العصر، أم نقول: إن الصلوات ذوات الأسباب يجب إفراد كل واحدة منها بوضوء كما يجب إفراد كل صلاة ليست تابعة للفرائض ولها وقت خاص كالضحي -بوضوء؟
والثاني: ما هي الصلوات التي لها وقت خاص؟

[أبوصهيب عاصم الأغبري اليمني]

رد: سؤال بخصوص وضوء من به حدث دائم

الأول: إذا توضأ من به حدث دائم لصلاة العصر -مثلا- ثم حضرت جنازة، فهل يصلي الجنازة بوضوئه الذي توضأه لصلاة العصر، أم نقول: إن الصلوات ذوات الأسباب يجب إفراد كل واحدة منها بوضوء كما يجب إفراد كل صلاة ليست تابعة للفرائض ولها وقت خاص كالضحي -بوضوء؟

له صلاة ما شاء حتى خروج الوقت لعموم قول النبي-صلى الله عليه وسلم- "ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلاَةٍ حَتَّى يَجِيءَ ذَلِكَ الْوَقْتُ" والحديث أصله عند الشيخين إلا هذه اللفظة تفرد بها البخاري وقال مسلم ((قَالَ : وَفِي حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ زِيَادَةُ حَرْفٍ تَرَكْنَا ذِكْرَهُ.))، ونصر إعلال هذه الزيادة النسائي والبيهقي وابن رجب وجماعة وهو اختيار الشيخ يحيى الحجوري -وفقه الله-، ونصر تصحيحها مع البخاري ابن التركماني والحافظ ابن حجر وجماعة.
لكن ما زال قد ترجّح لك صحتها فهنا يتقوى القول بأنّ الوضوء يكفي حتى يدخل وقت الصلاة الأخرى وله أن يصلي به النوافل والفرائض وهو مذهب الحنابلة والأحناف.

والثاني: ما هي الصلوات التي لها وقت خاص؟

مثل صلاة الكسوف والخسوف والعيد والصلوات الخمس بل حتى النوافل المطلقة يذهب الحنابلة إلى عدم صحة الطهارة لها في أوقات الكراهة ، فمثلًا من أراد أن يتنفل وهو من أصحاب الحدث الدائم فلا يصح طهوره وقت الزوال أو وقت غروب الشمس أو وقت شروقها وهكذا..بل لابد أن يتطهر في وقت تصح فيه النوافل المطلقة.

[أبو عبد الرحمن صلاح السلفي]

رد: سؤال بخصوص وضوء من به حدث دائم

إذن صاحب السلس إذا توضأ لصلاة فريضة فإن وضوءه هذا يكفيه إلي أن يخرج وقتها ولو صلي به صلاة لها وقت خاص كصلاة الكسوف والخسوف والعيدين.
ولكن الشيخ ابن عثيمين -في قوله السابق الذي تراجع عنه- قال في شرحه لبلوغ المرام في المستحاضة: "فلو توضأت لصلاة الفجر فهل تتوضأ لصلاة الضحي؟
الجواب: نعم؛ لأن الضحي لها وقت فلابد أن تتوضأ لوقت كل صلاة".
وهنا نشأ عندي إشكال، وهو أن قوله: "تتوضأ لوقت كل صلاة" هل يفهم منه أن الوضوء للفريضة يكفي للنوافل التابعة لها لا للصلوات التي لها وقت خاص أم لا يفهم منه ذلك؟
ثم هل المراد بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلاَةٍ حَتَّى يَجِيءَ ذَلِكَ الْوَقْتُ" صلاة الفريضة؟ يعني تتوضأ لكل صلاة فريضة؟ أم المراد به ظاهره يعني تتوضأ لكل صلاة نافلة كانت أو فريضة؟ أم المراد به أن تتوضأ لوقت كل صلاة كما جاء ذلك في حديث عزاه بعض الفقهاء لأبي داود، وبعضهم عزاه للترمذي ولم أجده عندهما؟(1)
__________
(1) قال الشيخ الألباني -رحمه الله- في الثمر المستطاب: "وقد ذهب إلى وضوء المستحاضة لكل صلاة: الشافعي وأحمد وأبو ثور وغيرهم، وقال ابو حنيفة وصاحباه: تتوضأ لوقت كل صلاة. وهذا مجاز حذف يحتاج إلى دليل. ولذلك رده الشوكاني (240) تبعا للحافظ".

[أبوصهيب عاصم الأغبري اليمني]

رد: سؤال بخصوص وضوء من به حدث دائم

لذلك أنا أخي أوردت لفظ البخاري ولم أقتصر على الشطر الأول فقول النبي -صلى الله عليه وسلم- "يَجِيءَ ذَلِكَ الْوَقْتُ" دليل على أنّ الوضوء يجزئ حتى يدخل وقت التي بعدها، ولا يُحمل قوله صلى الله عليه سلم "توضئي لكل صلاة" على الحقيقة بل على المجاز على مَن يقول به أو يُقال على تقدير محذوف وقرينة هذا المجاز هذا اللفظ فلا يقال لا دليل عليه، وإلا لو التزمت بظاهره لزمك وضوء لكل صلاة سواء كانت فريضة أو نافلة سواء خرج الوقت أم لا وهو قول ابن حزم -رحمه الله-.
فإن قيل: فمن أين لك أنّ قوله: "يَجِيءَ ذَلِكَ الْوَقْتُ" المراد به الفريضة؟
فالجواب: لأنّ السؤال كان عنها لا عن غيرها، فكان السؤال عن ترك الصلوات الخمس، فالجواب متعلق بالسؤال.

قلت: لا يتضح لي مراد الشيخ الألباني -رحمه الله - في نقله، لكن المذاهب أربعة:
الحنابلة والحنفية: يقولون بلزوم الوضوء لكل وقت فريضة ثم له صلاة ما شاء من النوافل والفرئض كقضاء الفوائت ونحو ذلك.
وأما الشافعية: فيرون الوضوء لكل فريضة وله أن يصلي به النوافل أما لو أراد أن يصلي فريضة أخرى فيجب عليه الوضوء مرة أخرى ولو كان في الوقت.
وأما المالكية فيرون استحباب الوضوء فقط وهو قول ابن تيمية -رحمه الله-.
وأما ابن حزم فيرى وجوب الوضوء لكل صلاة سواء كانت نافلة أو فريضة.
فالصواب جعل الإمام أحمد مع الحنفية في المشهور من مذهبه وهناك خلاف في معنى الرواية الأخرى في المذهب، ولكن المشهور ما قلتُه سابقًا:
قال في " الإقناع": وتتوضأ لوقت كل صلاة إن خرج شيء وإلا فلا وتصلى ما شاءت حتى جمعا بين فرضين اهـ
قال في "شرح المنتهى" ويتوضأ من حدثه دائم لوقت كل صلاة إن خرج شيء... ا.هـ
وعمومًا قد توسع الدبيان في "موسوعة أحكام الطهارة" سواء في هذه المسألة أو غيرها فهو عمدة في كتاب الطهارة بأقسامه والله أعلم