إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

. . للنساء . . ๑ « ذات زوج » فـقـط !

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [بحث] . . للنساء . . ๑ « ذات زوج » فـقـط !

    . . للنساء . . ๑ « ذات زوج » فـقـط

    كَتَبَهُ أَبُوْ فَرَيْحَانَ جَمَالِ بْنِ فَرَيْحَانَ الْحَارِثِيُّ 10/4/1430هِـ

    الْسَّلامِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ الْلَّهِ

    خِدْمَةِ الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا


    الْحَلَقَةُ .. الْأُوْلَىْ

    الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ، وَالْصَّلاةُ وَالْسَّلامُ عَلَىَ أَشْرَفِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيِنَ، نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَىَ آَلِهِ وَصَحْبِهِ الْطَّيِّبِينَ الْطَّاهِرِيْنَ. أَمَّا بَعْدُ:

    فَقَدْ جَاءَ فِيْ "الْمَوْسُوْعَةُ الْفِقْهِيَّةُ الْكُوَيْتِيَّةِ" (19/44): "لَا خَلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِيْ أَنَّ الْزَّوْجَةَ يَجُوْزُ لَهَا أَنْ تَخْدِمَ زَوْجَهَا فِيْ الْبَيْتِ ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ مِمَّنْ تُخْدَمُ نَفْسِهَا أَوْ مُمِنْ لَا تَخْدِمُ نَفْسَهَا.

    وَلَكِنَّ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيْ وُجُوْبِ خِدْمَةِ الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا.



    فَذَهَبَ الْجُمْهُوْرُ ( الْشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ ): إِلَىَ أَنْ خِدْمَةِ الْزَّوْجِ لَا تَجِبُ عَلَيْهَا، وَأَضَافَ الْحَنَابِلَةُ فَقَالُوَا:
    لَكِنْ الْأَوْلَى لَهَا فِعْلُ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِقِيَامِهَا بِهِ، لِأَنَّهُ الْعَادَةِ وَلَا تَنْتَظِمُ المَعِيْشَةِ مِنْ دُوْنِهِ وَلَا تَصْلُحُ الْحَالِ إِلَا بِهِ.

    وَحَيْثُ أَنَّ حِجَّةً هَذَا الْقَوْلَ لَيْسَتْ بِالْقوّيّةً ـ لِمَا سَيَأْتِيَ مِنْ أَدِلَّةِ الْقَوْلَ الْثَّانِيَ ـ أَعْرَضْنَا عَنْ الاسْتِطْرَادُ فِيْ ذَلِكَ وَنَكْتَفِيْ بِالْإِشَارَةِ وَالِاخْتِصَارُ وَالْإِجْمَالِ لَمَّا ذَهَبُوْا إِلَيْهِ، فَغَايَةُ اسْتِدْلَالُهُمْ أَنَّهُمْ يَقُوْلُوْنَ:

    أَنَّ الْمَعْقُوْدَ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الْزَّوْجَةِ هُوَ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا، لَا الِاسْتِخْدَامِ وَبَذْلُ الْمَنَافِعِ ، لِأَنَّ عَقْدَ الْنِّكَاحِ إِنَّمَا اقْتَضَى الِاسْتِمْتَاعِ، فَلَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ مِنْ مَنَافِعِهَا.

    وَقَالُوْا: وَالْأَحَادِيْثُ الْمَذْكُوْرَةُ إِنَّمَا تَدُلُّ عَلَىَ الْتَّطَوُّعِ وَمَكَارِمُ الْأَخْلَاقِ.

    يَعْنُوْنَ حَدِيْثُ عَلِيٍّ وَقِصَّةُ فَاطِمَةُ رَضِيَ الْلَّهُ عَهُمَا جَمِيْعَا عِنْدَمَا طَلَبَتْ مِنْ رَسُوْلِ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَادِمَا لِمَا تَلْقَىَ مِنْ تَعَبِ الْخِدْمَةِ، وَسَيَأْتِيَ مَعَنَا فِيْ أَدِلَّةِ أَصْحَابُ الْمَذْهَبِ الْثَّانِيَ الْقَائِلِيْنَ بِوُجُوْبِ الْخِدْمَةِ، وَهُوَ يَرُدُّ عَلَىَ اسْتِدْلَالِ الْمَذْهَبِ الْأَوَّلِ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ فِيْهِ حُجَّةٌ لِمَذْهَبِهِمْ.

    هَذَا غَايَةُ مَا عِنْدَ أَصْحَابِ هَذَا الْمَذْهَبِ رَحِمَهُمْ الْلَّهُ تَعَالَىْ مِنْ حُجَجِ، وَسَيَأْتِيَ ـ ضِمْنَ إِيْرَادِنا أَدِلَّةُ الْقَائِلِيْنَ بِوُجُوْبِ الْخِدْمَةِ مِنْ الْزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا ـ الْرَّدِّ عَلَىَ قَوْلِهِمْ أَنَّ الْمَعْقُوْدَ عَلَيْهِ هُوَ الِاسْتِمْتَاعُ، وَأَنْ الْأَحَادِيْثِ إِنَّمَا تَدُلُّ عَلَىَ الْتَّطَوُّعِ.




    وَالْمَذْهَبُ الْثَّانِيَ: ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ ـ كَالْحَنَفِيَّةِ وَجُمْهُورُالْمَالْكِيّةً وَهُوَ قَوْلُ أَبِيْ ثَوْرٍ وَأَبِيَّ بَكْرِ بْنُ أَبِيْ شَيْبَةَ وَأَبِيَّ إِسْحَاقَ الْجُوْزَجَانِيُّ، وَهوَاخْتِيَارٍ شَيْخٌ الْإِسْلَامِ ابْنَ تَيْمِيَّةَ وَتِلْمِيْذِهِ ابْنِ الْقَيِّمِ وَفِيْ كَلَامِ ابْنِ حَجَرٍ إِشَارَةِ لِمُوَافَقَتِهِ لِهَذَا الْمَذْهَبِ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَلْبَانِيُّ وَالْعُثَيْمِيْنَ رَحِمَهُمَا الْلَّهُ جَمِيْعا ـ إِلَىَ وُجُوْبِ خِدْمَةِ الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا الْخِدْمَةِ الْبَاطِنِيَّةِ: كَالْعَجِيْنِ، وَالْطَّبْخِ، وَالْفَرْشُ، وَكَنْسُ الْبَيْتِ، وَاسْتِقَاءِ الْمَاءِ، وَعَمِلَ الْبَيْتِ كُلِّهِ.

    وَهَذِهِ بَعْضُ أَدِلَّةُ هَذَا الْمَذْهَبُ:

    الْأَدِلَّةِ مِنَ الْقُرْآَنِ:

    الْدَّلِيلُ الْأَوَّلُ: قَالَ تَعَالَىْ: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِيْ عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوْفِ وَلِلْرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ). [الْبَقَرَةِ: 228].

    قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ كَثِيْرٍ رَحِمَهُ الْلَّهُ فِيْ تَفْسِيْرِهِ لِهَذِهِ الْآَيَةِ:"أَيُّ: وَلَهُنَ عَلَىَ الْرِّجَالِ مِنَ الْحَقِّ مِثْلَ مَا لِلْرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ فَلْيُؤَدِّ كُلّ وَاحِدِ مِنْهُماإِلَىْ الْآَخَرِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوْفِ". انْتَهَىَ.

    فَعُمُومُ هَذِهِ الْآَيَةَ يَقْتَضِيَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَىَ الْمَرْأَةِ الْخِدْمَةِ دَاخِلَ الْبَيْتِ كَمَا أَنَّ عَلَىَ الْرَّجُلِ الْخِدْمَةِ خَارِجَهُ لِلْإِنْفَاقِ عَلَىَ الْمَرْأَةِ، أَمَّا الِاسْتِمْتَاعِ فَهُوَ حَقٌّ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا، وَفِيْ هَذَا رَدٌّ عَلَىَ مَنْ قَالَ: " أَنَّ الْمَعْقُوْدَ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الْزَّوْجَةِ هُوَ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا، وَمَنْفَعَةُ الْبُضْعِ".

    الْدَّلِيْلُ الْثَّانِيْ: قَالَ تَعَالَىْ: (الْرِّجَالُ قَوَّامُوَنَ عَلَىَ الْنِّسَاءِ). [الْنِّسَاءِ:34].

    قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ كَثِيْرٍ رَحِمَهُ الْلَّهُ فِيْ تَفْسِيْرِهِ لِهَذِهِ الْآَيَةِ أَيْ: الْرَّجُلُ قَيِّمٌ عَلَىَ الْمَرْأَةِ، وَهُوَ رَئِيْسَهَا وَكَبِيْرِهَا وَالْحَاكِمُ عَلَيْهَا...، فَنَاسَبَ أَنْ يَكُوْنَ قَيِّما عَلَيْهَا؛ كَمَا قَالَ الْلَّهُ تَعَالَىْ: {وَلِلْرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} الْبَقَرَةِ: 288، أَيُّ: فِيْ الْفَضِيْلَةِ وَالْخَلْقُ، وَالْمَنْزِلَةَ، وَطَاعَةُ الْأَمْرَ، وَالْإِنْفَاقِ، وَالْقِيَامَ بِالْمَصَالِحِ".


    الْأَدِلَّةِ مِنَ الْسَّنَةِ:

    وَهُوَ الْدَّلِيلُ الْثَّالِثُ فِيْ الْبَابِ: مِنْ حَدِيْثِ عَلِيٌّ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُ أَنَّ فَاطِمَةَ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهَا أَتَتْ الْنَّبِيَّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَشْكُوَ إِلَيْهِ مَا تَلْقَىَ فِيْ يَدِهَا مِنْ الْرَّحَىَ وَبَلَغَهَا أَنَّهُ جَاءَهُ رَقِيْقٌ فَلَمْ تُصَادِفْهُ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ فَلَمَّا جَاءَ أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ، قَالَ: فَجَاءَنَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا فَذَهَبْنَا نَقُوْمُ، فَقَالَ: عَلَىَ مَكَانِكُمَا، فَجَاءَ فَقَعَدَ بَيْنِيْ وَبَيْنَهَا حَتَّىَ وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَىَ بَطْنِيّ، فَقَالَ: (أَلَا أَدُلُّكُمَا عَلَىَ خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَا ؟ إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا أَوْ أَوَيْتُمَا إِلَىَ فِرَاشِكُمَا فَسَبِّحَا ثَلَاثا وَثَلَاثِيَنَّ وَاحْمَدَا ثَلَاثا وَثَلَاثِيَنَّ وَكَبِّرَا أَرْبَعا وَثَلَاثِيَنَّ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ) قَالَ عَلِيٌّ: فَمَا تَرَكْتُهَا بَعْدُ. قِيَلَ وَلَا لَيْلَةَ صِفِّيْنَ؟ قَالَ: وَلَا لَيْلَةَ صِفِّيْنَ. احْمَدُ (1/144)، وَالْبُخَارِيُّ (5046، 5047)

    وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ فِيْ الْحَدِيْثِ: أَنَّ فَاطِمَةَ كَانَتْ تُشْتَكَىَ مَا تَلْقَىَ مِنَ الْخِدْمَةِ، وَتَأْثِيْرٌ الْرَّحَىَ فِيْ يَدِهَا، فَلَمْ يَقُلْ الْنَّبِيُّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُ: لَا خِدْمَةَ عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا هِيَ عَلَيْكِ، وَهُوَ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُحَابى فِيْ الْحُكْمِ أَحَدا.

    وَفِيْ هَذَا رَدٌّ عَلَىَ مَنْ قَالَ: أَنْ الْأَحَادِيْثِ إِنَّمَا تَدُلُّ عَلَىَ الْتَّطَوُّعِ فِيْ الْخِدْمَةِ مِنْ قَبْلُ الْزَّوْجَةِ. فَلَوْ كَانَ الْحَدِيْثُ هَذَا يَدُلُّ عَلَىَ الْتَّطَوُّعِ لَأَفَادَ الْنَّبِيِّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ وَلَمَا نَصَحَ فَاطِمَةَ بِتِلْكَ الْكَلِمَاتِ كَيْ تَكُوْنْ لَهَا عَوْنا وَنَشَاطَا عَلَىَ خِدْمَتِهَا بَيْتِهَا وَزَوْجُهَا، وَإِنَّمَا كَانَ يَكْفِيْهِ أَنْ يُوَجِّهَ عَلَيَّ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُ بِأَنَّ يَحْضُرُ لَهَا خَادِمٌ يُسَاعِدُهُا، أَوْ كَانَ بِإِمْكَانِهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعْطِيَهَا مِنْ الْرَّقِيْقِ الَّذِيْ جَاءَهُ؛ فَيَنْقَضِيَ الْأَمْرِ، وَلَمَّا لَمْ يَفْعَلْ لَا هَذِهِ وَلَا ذِيْكْ، وَإِنَّمَا وَجْهِهَا لِتَكُ الْكَلِمَاتّ؛ عُلِّمْ أَنْ خِدْمَةِ الْزَّوْجِ وَالْبَيْتِ عَلَىَ الْزَّوْجَةِ.

    الْدَّلِيلِ الْرَّابِعُ: عَمْرِوٍ بْنِ الْأَحْوَصِ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُوْلَ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( .. أَلَا وَاسْتَوْصُوا بِالْنِّسَاءِ خَيْرا فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٍ عِنْدَكُمْ ..). الْتِّرْمِذِيُّ (1163، 3087)، وَالْنَّسَائِيُّ فِيْ "الْكُبْرَىَ"(9169) وَاصْلَهُ فِيْ مُسْلِمٍ.

    فِيْ هَذَا أَخْبَرَ الْرَّسُوْلُ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْمَرْأَةَ عَانِيَةً عِنْدَ الْرَّجُلِ، وَالْعَانّىْ: الْأَسِيرِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ مَرْتَبَةَ الْأَسِيرِ خِدْمَةُ مَنْ هُوَ تَحْتَ يَدِهِ، وَلَا رَيْبَ أَنّ النِّكَاحِ نَوْعٌ مِنْ الْرَّقِّ، وَلِهَذَا جَاءَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الْنِّكَاحِ رَقٍّ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ عِنْدَ مَنْ يُرِقّ كَرِيْمَتَهُ.

    وَجْهٍ الِاسْتِدْلَالِ مِنْ الْحَدِيْثِ: أَنَّ الْمَرْأَةَ أَسَيْرَةُ عِنْدَ زَوْجِهَا وَالْأَسِيرُ حَقِّهِ أَنْ يَخْدُمَ سَيِّدِهِ. وَالْزَّوْجُ سَيِّدُ لِلْمَرْأَةِ، قَالَ تَعَالَىْ: (وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَىَّ الْبَابِ). [يُوَسُفَ: 25].

    وَقَدْ أَبَاحَ الْلَّهُ لِلْرَّجُلِ بِنَصِّ الْقُرْآَنِ أَنَّ يَضْرِبُهَا وَإِنَّمَا يُؤَدِّبُ غَيْرِهِ مِنْ لَهُ عَلَيْهِ وِلَايَةِ فَإِذَا كَانَ الْزَّوْجِ مُؤْتَمَنَا عَلَيْهَا وَلَهُ عَلَيْهَا وَلَايَةُ وَجَازَ ضَرَبَهَا لِلْتَّأْدِيبِ، فَمَنْ بَابُ أْولَى أَنْ تَكُوْنَ لَهُ عَلَيْهَا خِدْمَتُهُ فِيْ بَيْتِهِ وُشُؤُوَنِهِ.

    الْدَّلِيلِ الْخَامِسُ: عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ لِيَ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (نَاوِلِيَنِّي الْخُمْرَةَ مِنْ الْمَسْجِدِ). أَحْمَدُ (2/70)، وَمُسْلِمٌ (298).

    وَعَنْهَا رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُوْلَ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا: (يَا عَائِشَةُ هَلُمِّيْ الْمُدْيَةَ) ثُمَّ قَالَ: (اشْحَذِيْهَا [استَحْدَيُّهَا] بِحَجَرٍ). أَحْمَدُ (6/78)، وَمُسْلِمٌ (1967).

    هَذِهِ الْأَحَادِيْثِ بَيَّنْتُ أَنَّ الْنَّبِيَّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتُخْدِمَ نِسَاءَهُ لِشُؤُونِهِ وَخِدْمَتِهِ.


    الْأَدِلَّةِ مِنَ الْآَثَارِ:

    وَهُوَ الْدَّلِيلُ الْسَّادِسُ فِيْ الْبَابِ: عَنِ أُمَّ الْمُؤْمِنِيْنَ عَائِشَةَ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: "كُنَّا نُعِدُّ لِرَسُوْلِ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِوَاكَهُ وَطَهُوْرَهُ فَيَبْعَثُهُ الْلَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِمَا شَاءَ انْ يَبْعَثَهُ مِنَ الْلَّيْلِ ..". احْمَدُ (5/53)، وَمُسْلِمٌ (746).

    الْدَّلِيلِ الْسَّابِعِ: عَنْ أّمّ الْمُؤْمِنِيْنَ مَيْمُوْنَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: "وَضَعْتُ لِرَسُوْلِ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاءً يَغْتَسِلُ بِهِ [غُسْلا]. الْبُخَارِيُّ (262، 263)، وَاحْمَدِ (6/336)..

    فَهَؤُلَاءِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِيْنَ كُنْ يُقِمْنَ عَلَىَ خِدْمَةِ بَيْتِ رَسُوْلِ الْلَّهِ-صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُنَّ مِنْ أَهْلِ الْشَّرَفِ وَالْسُّؤْدُدِ.

    الْدَّلِيلِ الْثَّامِنُ: فِيْ الْأَثَرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِيْ بَكْرٍ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ: تَزَوَّجَنِيَ الْزُّبَيْرُ وَمَا لَهُ فِيْ الْأَرْضِ مِنْ مَالٍ وَلَا مَمْلُوْكٍ وَلَا شَيْءٍ غَيْرَ نَاضِحٍ وَغَيْرَ فَرَسِهِ فَكُنْتُ أَعْلِفُ فَرَسَهُ وَأَسْتَقِيَ الْمَاءَ وَأَخْرِزُ غُرْبَةَ وَأَعْجِنُ وَلَمْ أَكُنْ أُحْسِنُ أَخْبِزُ وَكَانَ يَخْبِزُ جَارَاتٌ لِيَ مِنْ الْأَنْصَارِ وَكُنَّ نِسْوَةَ صِدْقٍ وَكُنْتُ أَنْقُلُ الْنَّوَىَ مِنْ أَرْضِ الْزُّبَيْرِ الَّتِيْ أَقْطَعَهُ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَىَ رَأْسِيٌّ وَهِيَ مِنِّيْ عَلَىَ ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ فَجِئْتُ يَوْما وَالْنَّوَىَ عَلَىَ رَأْسِيٌّ فَلَقِيْتُ رَسُوْلَ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَدَعَانِيْ ثُمَّ قَالَ أَخٌ أَخٌ لِيَحْمِلَنِي خَلْفَهُ فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسِيْرَ مَعَ الْرِّجَالِ وَذَكَرْتُ الْزُّبَيْرَ وَغَيْرَتَهُ وَكَانَ أَغْيَرَ الْنَّاسِ فَعَرَفَ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّيْ قَدْ اسْتَحْيَيْتُ فَمَضَىْ فَجِئْتُ الْزُّبَيْرَ فَقُلْتُ لَقِيَنِيْ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَىَ رَأْسِيٌّ الْنَّوَىَ وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَأَنَاخَ لِأَرْكَبَ فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ وَعَرَفْتُ غَيْرَتَكَ فَقَالَ وَالْلَّهِ لَحَمْلُكِ الْنَّوَىَ كَانَ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ رُكُوْبِكِ مَعَهُ قَالَتْ حَتَّىَ أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُوْ بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَادِمٍ يَكْفِيْنِيْ سِيَاسَةَ الْفَرَسِ فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَنِي". الْبُخَارِيُّ (4926)، وَمُسْلِمٌ (2182).

    وَلِمُسْلِمٍ: أَنَّ أَسْمَاءَ قَالَتْ: "كُنْتُ أَخْدُمُ الْزُّبَيْرَ خِدْمَةَ الْبَيْتِ وَكَانَ لَهُ فَرَسٌ وَكُنْتُ أَسُوْسُهُ فَلَمْ يَكُنْ مَنْ الْخِدْمَةِ شَيْءٌ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ سِيَاسَةِ الْفَرَسِ كُنْتُ أَحْتَشُّ لَهُ وَأَقُوْمُ عَلَيْهِ وَّأَسُوْسُهُ".

    وَجْهٍ الِاسْتِدْلَالِ مِنْ هَذَا الْأَثَرِ عَلَىَ أَنْ خِدْمَةِ الْبَيْتِ مَنُوْطٌ بِالْمَرْأَةِ:

    أَوَّلَا: عِتَابِهَا عَلَىَ نَفْسِهَا فِيْ عَدَمِ اتْقَانُهَا صَنَعَ الْخُبْزَ، وَامْتِدَاحِهَا جَارَاتِهَا الْأَنْصَارِيَّاتِ لِمَا سَاعْدُنْهَا فِيْمَا لَمْ تُحْسِنْهُ؛ فُعُلِمَ أَنَّهَا احْتَسَبَتْهُ مِنْ وَظَائِفَهَا وَمَنْ أَوْلَوِيَّاتٌ أَعْمَالِهَا.

    ثَانِيَا: لِقَاءَ الْنَّبِيِّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا فِيْ الْطَّرِيْقِ وَهِيَ تَحْمِلُ الْنَّوَىَ [ عَلَفٌ الْبَهِيمَةِ] عَلَىَ رَأْسِهَا عَلَىَ بُعْدٍ ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ مِنْ بَيْتِهَا؛ وَلَمْ يُنْكِرْ فَعَلَهَا هَذَا، وَلَمْ يَعْتِبُ عَلَىَ الْزُّبَيْرِ فِيْ ذَلِكَ ايْضا وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِإِتْيَانِ خَادِمٌ لِخِدْمَةِ بَهَائِمِهِ، مَعَ الْمُلَاحَظَةِ أَنْ الَّذِيْ قَامَتْ بِهِ مِنْ الْخِدْمَةِ لِعَلَفِ الْبَهَائِمِ لَيْسَتْ بِالتَّأْكِيْدِ خِدْمَةِ بَاطِنِيَّةِ مِنْ شُؤُوْنِ الْبَيْتِ، فَعُلِمَ مِنْ هَذَا الْإِقْرَارَ مِنْهَا وَخِدْمَتِهَا هَذِهِ، وَاقَرَارٍ الْنَّبِيِّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَدَمِ انْكَارُهُ؛ انّ هَذِهِ مِنْ أَعْمَالِ الْمَرْأَةُ الْمُتَعَارَفِ عَلَيْهَا. وَالْنَّبِيُّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ رَأَىَ انَّهُ مِنْ الْظُّلْمِ لَمَّا سَكَتَ عَنْهُ.

    ثَالِثَا: قَوْلِهَا: "أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُوْ بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَادِمٍ يَكْفِيْنِيْ سِيَاسَةَ الْفَرَسِ" عُلِّمْ مِنْ هَذَا أَنَّهَا أُقِرَّتْ بِوَاجِبَاتِهَا الْمَنْزِلِيَّةِ وَانْ خِدْمَتِهَا لِزَوْجِهَا فِيْ شُؤُوْنِ الْبَيْتِ وَاجِبَةٌ، وَكَذَلِكَ يُفْهَمُ مِنْ سَبَبٍ إِرْسَالِ أَبِيْ بَكْرٍ الْخَادِمِ لِسِيَاسَةِ الْفَرَسَ فَقَطْ؛ أَنَّ أَعْمَالَ الْبَيْتِ عَلَىَ الْزَّوْجَةِ وَمَنْ لَوَازِمِ خِدْمَتِهَا لِزَوْجِهَا، لِذَلِكَ لَمْ يُرْسِلِ الْخَادِمِ لِخِدْمَتِهَا مُطْلَقا.

    قَالَ الْعَيْنِيُّ فِيْ عُمْدَةِ الْقَارِىءُ (20/208): "وَاسْتَدَلَّ قَوْمِ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ، مِنْهُمْ أَبُوْ ثَوْرٍ ، عَلَىَ أَنَّ عَلَىَ الْمَرْأَةِ الْقِيَامِ بِجَمِيْعِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ زَوْجِهَا مِنَ الْخِدْمَةِ". اهٓـ.

    وَمَنْ الْأَدِلَّةِ الَّتِيْ يُسْتَأْنَسُ بِهَا عَلَىَ وُجُوْبِ خِدْمَةِ الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا:

    عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُوْلُ: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَنْهَا رَاضٍ دَخَلَتْ الْجَنَّةَ). حسنهُ الْتِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وَضَعَّفَهُ الْأَلْبَانِيُّ وَهُوَ الْرَّاجِحُ.

    وَيُسْتَأْنَسُ لَهُ بِحَدِيْثِ: عَبْدِ الْرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ قَالَ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيَلَ لَهَا أُدْخُلِيْ الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ). احْمَدُ (1/191). صَحِيْحٌ.

    وَيَأْنَسُ لَهُ حَدِيْثٌ: عَنِ الْحُصَيْنِ بْنِ مِحْصَنٍ انّ عَمّةً لَهُ أَتَتِ الْنَّبِيَّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيْ حَاجَةٍ فَفَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا فَقَالَ لَهَا الْنَّبِيُّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَذَاتُ زَوْجٍ أَنْتِ؟) قَالَتْ: نَعَمْ: قَالَ: (كَيْفَ أَنْتِ لَهُ)، قَالَتْ: مَا أَلُوْهُ الَا مَا عَجَزْتُ عَنْهُ. قَالَ: (فَانْظُرِيْ أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ فَإِنَّمَا هُوَ جَنَّتُكِ وَنَارُكِ). أَحْمَدُ (4/341) صَحِيْحٌ.

    فَلَا يَكُوْنُ الْزَّوْجُ رَاضٍ عَنْ زَوْجَتِهِ إِلَا إِذَا وَجَدَهَا مُتَفَانِيَةً فِيْ خِدِّمِتّةً، تَتَلَمَّسُ مَا يُسْعِدُهُ وَيُرْضِيهِ، وَلِسَانِ حَالِهَا يَقُوْلُ: "لَا أَذُوْقُ غَمْضا حَتَّىَ تَرْضَىَ".

    وَلَاشَكَّ أَنَّ خِدْمَةَ الْبَيْتِ وَتَرْبِيَةِ الْأَوْلادِ وَالْكُنَّسِ وَالْطَّبْخِ وَالْقِيَامِ بِشُئُونِ الْزَّوْجِ وَمَا يَلْزَمُ عَمَلُهُ فِيْ الْبَيْتِ؛ كُلُّ هَذَا مِمَّا يُسْعِدُ الْزَّوْجِ وَيَّرِيْحُهُ مِنْ عَنَاءِ وَتَعَبَ الْحَيَاةِ.

    وَفِيْ الْحَدِيْثِ الْصَّحِيْحِ عِنْدَ أَحْمَدَ (4/381)، وَابْنُ مَاجَهْ (1853) قَالَ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( ...لَوْ كُنْتُ آَمِرا أَحَّدَا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا وَلَا تُؤَدِّىَ الْمَرْأَةُ حَقَّ الْلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهَا كُلَّهُ حَتَّىَ تُؤَدِّىَ حَقَّ زَوْجِهَا عَلَيْهَا كُلَّهُ حَتَّىَ لَوْ سَأَلَهَا نَفْسَهَا وَهِىَ عَلَىَ ظَهْرِ قَتَبٍ لَأَعْطَتْهُ إِيَّاهُ).

    وَمَوْطِنُ الْشَّاهِدُ مِنْ هَذَا الْحَدِيْثِ قَوْلُهُ: (حَتَّىَ تُؤَدِّىَ حَقَّ زَوْجِهَا عَلَيْهَا كُلَّهُ)، فَلَمْ يَسْتَثَنْ شَيْئا، وَمَنْ لَوَازِمِ حَقَّ الْزَّوْجِ عَلَىَ زَوْجَتِهِ كَمَا هُوَ الْعُرْفُ؛ الْقِيَامَ بِأَعْمَالِ الْبَيْتِ كُلَّهَا.

    وَقَدْ بَشَّرَ الْنِبِيُّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْرِّجَالِ وَهِيَ بُشْرَىَ لِلْنِّسَاءِ الِلْآتِيّ تَنْطَبِقُ عَلَيْهِنَّ الْصِّفَاتِ الْوَارِدَةَ فِيْ الْحَدِيْثِ:

    فَعَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أَلَّا أُخْبِرُكُمْ بِنِسَائِكُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ قَالُوْا بَلَىَ يَا رَسُوْلَ الْلَّهِ قَالَ الْوَدُوْدُ الْوَلُودُ الَّتِيْ إِنْ ظَلَمَتْ أَوْ ظُلِمَتْ قَالَتْ هَذِهِ نَاصِيَتِيْ بِيَدِكَ لَا أَذُوْقُ غَمْضا حَتَّىَ تَرْضَىَ).

    وَمَنْ الْأَحَادِيْثِ الَّتِيْ يُسْتَأْنَسُ بِهَا عَلَىَ وُجُوْبِ خِدْمَةِ الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا وَهِيَ مِنْ أَحَادِيْثِ الْتَّرْهِيْبِ:

    عَنْ ابْنٍ عُمَرَ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ الْنَّبِيُّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اثْنَانِ لَا تُجَاوِزُ صَلَاتُهُمَا رُؤُوْسِهِمَا عَبْدٌ آَبِقٌ وَامْرَأَةٌ عَصَتْ زَوْجَهَا حَتَّىَ تَرْجِعَ). طصً (1/289)، طَسْ (4/67)، وَالْحَاكِمُ (4/191) وَصَحَّحَهُ، وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ.

    وَهْنَا الْمَعْصِيَةِ مُطْلَقَةٌ، وَتَشْمَلُ مَعْصِيَتُهَا لِزَوْجِهَا تَرَكَهَا لِلْفِرَاشِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِيْ أَحَادِيْثَ أُخْرَىَ وَتَشْمَلُ تَرَكَهَا خِدْمَةِ الْمَنْزِلِ وَمَا يَلْزَمُ حَسَبَ طَاقَتِهَا وَقَدَّرْتَهَا. إِذْ أَنَّ الَّلَهَ تَعَالَىْ لَا يُكَلِّفُ نَفْسا إِلَّا وُسْعَهَا.


    يتبع

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبيد الله الوهراني; الساعة 18-Feb-2014, 11:54 PM.

  • #2
    رد: . . للنساء . . ๑ « ذات زوج » فـقـط !

    أَقْوَالُ أَهْلِ الْعِلْمِ:

    قَالَ شَيْخُ الْإِسْلامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِيْ "مَجْمُوْعِ الْفَتَاوَىً" (34/91)، وَفِيْ "الْكُبْرَىَ" (3/232، 5/480):
    "تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ هَلْ عَلَيْهَا أَنْ تَخْدِمَهُ فِيْ مِثْلِ فِرَاشِ الْمَنْزِلِ وَمُنَاوَلَةِ الْطَّعَامِ وَالْشَّرَابِ وَالْخُبْزِ وَالْطَّحْنِ وَالْطَّعَامِ لِمَمَالِيْكِهِ وَبَهَائِمِهِ مِثْلَ عَلْفِ دَابَّتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا تَجِبُ الْخِدْمَةُ وَهَذَا الْقَوْلُ ضَعِيْفٌ كَضَعْفِ قَوْلِ مَنْ قَالَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْعِشْرَةُ وَالْوَطْءُ فَانٍ هَذَا لَيْسَ مُعَاشَرَةً لَهُ بِالْمَعْرُوْفِ بَلْ الصَّاحِبُ فِيْ الْسَّفَرِ الَّذِىْ هُوَ نَظِيْرُ الْانْسَانَ وَصَاحِبُهُ فِيْ الْمَسْكَنِ إِنْ لَمْ يُعَاوِنْهُ عَلَىَ مَصْلَحَةٍ لَمْ يَكُنْ قَدْ عَاشَرَهُ بِالْمَعْرُوْفِ.

    وَقِيْلَ وَهُوَ الْصَّوَابُ وُجُوْبُ الْخِدْمَةِ فَانٍ الْزَّوْجَ سَيِّدُهَا فِيْ كِتَابِ الْلَّهِ وَهْىَ عَانِيَةٍ عِنْدَهُ بِسُنَّةِ رَسُوْلِ الْلَّهِ وَعَلَىَ الْعَانِىَ وَالْعَبْدُ الْخِدْمَةِ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَعْرُوْفُ ثُمَّ مِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ قَالَ تَجِبُ الْخِدْمَةُ الْيَسِيْرَةُ.

    وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ تَجِبُ الْخِدْمَةُ بِالْمَعْرُوْفِ وَهَذَا هُوَ الْصَّوَابُ فَعَلَيْهَا أَنْ تَخْدِمَهُ الْخِدْمَةَ الْمَعْرُوْفَةَ مِنْ مِثْلِهَا لِمِثْلِهِ وَيَتَنَوَّعُ ذَلِكَ بِتَنَوُّعِ الْأَحْوَالِ فَخِدْمَةُ الْبَدَوِيَّةِ لَيْسَتْ كَخِدْمَةِ الْقَرَوِيَّةِ وَخِدْمَةِ الْقَوِيَّهْ لَيْسَتْ كَخِدْمَةِ الضَّعِيْفَةِ.

    وَالْمَعْرُوْفُ فِيْمَا لَهُ وَلَهَا هُوَ مُوَجِّبُ الْعَقْدِ الْمُطْلَقِ فَانٍ الْعُقَدِ الْمُطْلَقِ يَرْجِعُ فِيْ مُوْجِبِهِ إِلَىَ الْعُرْفِ، كَمَا يُوَجِّبُ الْعَقْدُ الْمُطْلَقُ فِيْ الْبَيْعِ الْنَّقْدَ الْمَعْرُوْفَ فَانٍ شَرَطَ أَحَدُهُمَا عَلَىَ صَاحِبِهِ شَرْطا لَا يُحَرِّمُ حَلَالا وَلَا يُحَلِّلُ حَرَاما، فَالْمُسْلِمُوْنَ عِنْدَ شُرُوْطِهِمْ فَانٍ مُوْجِبَاتِ الْعُقُوْدِ تُتَلَقَّى مِنْ الْلَّفْظِ تَارَةً وَمِنْ الْعُرْفِ تَارَةً أُخْرَىَ لَكِنَّ كِلَاهُمَا مُقَيَّدٌ بِمَا لَمْ يُحَرِّمْهُ الْلَّهُ وَرَسُوْلُهُ فَانَّ لِكُلِّ مَنْ الْعَاقِدَيْنِ أَنْ يُوْجِبَ لِلْآَخَرِ عَلَىَ نَفْسِهِ مَالَمْ يَمْنَعُهُ الْلَّهُ مِنْ ايُجَابِهُ". اهٓـ.


    وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِيْ "الْزَّادِ" (5/186ـ187):
    "قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ الْلَّهُ: " فَصَلِّ : فِيْ حُكْمِ الْنَّبِيِّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيْ خِدْمَةِ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا:
    قَالَ ابْنُ حَبِيْبٍ فِيْ "الْوَاضِحَةِ": حِكَمٌ الْنَّبِيِّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ عَلَىَ بِنُ أَبِىْ طَالِبٍ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُ، وَبَيْنَ زَوْجَتَهُ فَاطِمَةَ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهَا حِيْنَ اشْتَكَيَا إِلَيْهِ الْخِدْمَةِ، فَحُكْمُ عَلَىَ فَاطِمَةَ بِالْخِدْمَةِ الْبَاطِنَةِ، خِدْمَةِ الْبَيْتِ، وَحُكْمُ عَلَىَ عَلِيٍّ بِالْخِدْمَةِ الْظَّاهِرَةِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ حَبِيْبٍ: وَالْخِدْمَةِ الْبَاطِنَةِ: الْعَجِينَ، وَالْطَّبْخِ، وَالْفَرْشُ، وَكَنْسُ الْبَيْتِ، وَاسْتِقَاءِ الْمَاءِ، وَعَمِلَ الْبَيْتِ كُلِّهِ.

    فِيْ الْصَّحِيْحَيْنِ: ـ وَسَاقَ حَدِيْثٌ قِصَّةِ فَاطِمَةَ فِيْ الْبَابِ ـ إِلَىَ أَنْ قَالَ:
    وَصَحَّ عَنْ أَسْمَاءَ أَنَّهَا قَالَتْ: كُنْتَ أَخْدِمُ الْزُّبَيْرَ خِدْمَةَ الْبَيْتِ كُلِّهِ، وَكَانَ لَهُ فَرَسٌ وَكُنْتُ أَسُوْسُهُ، وَكُنْتُ أَحْتَشُّ لَهُ، وَأَقْوَمُ عَلَيْهِ.

    وَصَحَّ عَنْهَا أَنَّهَا كَانَتْ تَعْلِفُ فَرَسِهِ، وَتُسْقَى الْمَاءِ، وَتَخْرِزُ الْدَّلْوَ وَتَعْجِنُ، وَتَنْقُلُ الْنَّوَىَ عَلَىَ رَأْسِهَا مِنْ أَرْضٍ لَهُ عَلَىَ ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ.

    فَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيْ ذَلِكَ، فَأَوْجَبَ طَائِفَةٌ مِنْ الْسَّلَفِ وَالْخَلَفِ خِدْمَتِهَا لَهُ فِيْ مَصَالِحِ الْبَيْتِ، وَقَالَ أَبُوْ ثَوْرٍ: عَلَيْهَا أَنْ تَخْدِمَ زَوْجَهَا فِيْ كُلِّ شَيْءٍ.

    وَمَنَعَتْ طَائِفَةٌ وُجُوْبِ خِدْمَتِهِ عَلَيْهَا فِيْ شَيْءٍ، وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَىَ ذَلِكَ مَالِكٌ، وَالْشَّافِعِيُّ، وَأَبُوْ حَنِيْفَةَ، وَأَهْلُ الْظَّاهِرِ، قَالُوْا: لِأَنَّ عَقْدَ الْنِّكَاحِ إِنَّمَا اقْتَضَى الِاسْتِمْتَاعِ ، ؟

    وَاحْتَجَّ مَنْ أَوْجَبَ الْخِدْمَةِ بِأَنَّ هَذَا هُوَ الْمَعْرُوْفُ عِنْدَ مَنْ خَاطَبَهُمْ الْلَّهْ سُبْحَانَهُ بِكَلَامِهِ، وَأَمَّا تَرْفِيهٌ الْمَرْأَةُ، وَخِدْمَةِ الْزَّوْجِ، وكْنْسِهُ، وَطَحَنَهُ، وَعَجَنَهُ، وغَسَيلِهُ، وَفَرَشَهَ، وَقِيَامِهِ بِخِدْمَةِ الْبَيْتِ، فَمَنْ الْمُنْكَرِ، وَالْلَّهُ تَعَالَىْ يَقُوْلُ: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِيْ عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوْفِ) الْبَقَرَةِ/228، وَقَالَ: (الْرِّجَالِ قَوَّامُوَنَ عَلَىَ الْنِّسَاءِ) الْنِّسَاءِ/34، وَإِذَا لَمْ تَخْدِمُهُ الْمَرْأَةُ ، بَلْ يَكُوْنُ هُوَ الْخَادِمِ لَهَا، فَهِيَ الْقَوَّامَةُ عَلَيْهِ.

    وَأَيْضا: فَإِنَّ الْمُهْرَ فِيْ مُقَابَلَةِ الْبُضْعِ، وَكُلُّ مَنْ الْزَّوْجَيْنِ يَقْضِيَ وَطَرَهُ مِنْ صَاحِبِهِ، فَإِنَّمَا أَوْجَبَ الْلَّهُ سُبْحَانهُ نَفَقَتُهَا وَكِسْوَتُهَا وَمَسْكَنُهَا فِيْ مُقَابَلَةِ اسْتِمْتَاعِهِ بِهَا وَخِدْمَتِهَا، وَمَا جَرَتْ بِهِ عَادَةْ الْأَزْوَاجَ.

    وَأَيْضا: فَإِنَّ الْعُقُوْدِ الْمُطْلَقَةٌ إِنَّمَا تَنَزَّلُ عَلَىَ الْعُرْفِ، وَالْعُرْفُ خِدْمَةِ الْمَرْأَةُ، وَقِيَامِهَا بِمَصَالِحِ الْبَيْتِ الْدَّاخِلَةِ، وَقَوْلِهِمْ: إِنَّ خِدْمَةِ فَاطِمَةَ وَأَسْمَاءُ كَانَتْ تَبَرُّعَا وَإِحْسَانا يَرُدَّهُ أَنَّ فَاطِمَةَ كَانَتْ تُشْتَكَىَ مَا تَلْقَىَ مِنَ الْخِدْمَةِ، فَلَمْ يَقُلْ لَعَلَىَ: لَا خِدْمَةَ عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا هِيَ عَلَيْكِ، وَهُوَ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُحَابى فِيْ الْحُكْمِ أَحَدا ، وَلَمَّا رَأَىَ أَسْمَاءَ وَالْعَلَفِ عَلَىَ رَأْسِهَا ، وَالزُّبَيْرُ مَعَهُ، لَمْ يَقُلْ لَهُ: لَا خِدْمَةَ عَلَيْهَا، وَإِنَّ هَذَا ظُلْمٌ لَهَا، بَلْ أَقَرَّهُ عَلَىَ اسْتِخْدَامِهَا، وَأُقِرُّ سَائِرِ أَصْحَابِهِ عَلَىَ اسْتِخْدَامِ أَزْوَاجِهِمْ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ مِنْهُنَّ الْكَارِهَةُ وْالرَاضِيّةً، هَذَا أَمْرٌ لَا رَيْبٌ فِيْهِ.

    وَلَا يَصِحُّ الْتَّفْرِيْقُ بَيْنَ شَرِيْفَةٌ وَدَنيئَةً، وَفَقِيْرَةٌ وَغُنْيَةٌ، فَهَذِهِ أَشْرَفِ نِسَاءٌ الْعَالَمِيْنَ كَانَتْ تَخْدُمُ زَوْجَهَا، وَجَاءَتْهُ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ تَشْكُوَ إِلَيْهِ الْخِدْمَةِ، فَلَمْ يَشْكُهَا، وَقَدْ سَمَّىَ الْنَّبِيّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيْ الْحَدِيْثِ الْصَّحِيحِ الْمَرْأَةَ عَانِيَةً فَقَالَ: ( اتَّقُوْا الْلَّهَ فِيْ الْنِّسَاءِ، فَإِنَّهُنَّ عَوَانٍ عِنْدَكُمْ) وَالْعَانّىْ: الْأَسِيرِ، وَمَرْتَبَةُ الْأَسِيرِ خِدْمَةُ مَنْ هُوَ تَحْتَ يَدِهِ، وَلَا رَيْبَ أَنّ النِّكَاحِ نَوْعٌ مِنْ الْرَّقِّ، كَمَا قَالَ بَعْضُ الْسَّلَفِ: الْنِّكَاحِ رَقٍّ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ عِنْدَ مَنْ يُرِقّ كَرِيْمَتَهُ، وَلَا يَخْفَىَ عَلَىَ الْمُنْصِفُ الْرَّاجِحُ مِنْ الْمَذْهَبَيْنِ، وَالْأَقْوَى مَنْ الْدَّلِيلَيْنِ ". اهٓـ.


    قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: "وَاسْتَدَلَّ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ ـ يَعْنِيْ قِصَّةَ فَاطِمَةَ ـ عَلَىَ أَنَّ عَلَىَ الْمَرْأَةِ الْقِيَامِ بِجَمِيْعِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ زَوْجِهَا مِنَ الْخِدْمَةِ وَالَيْهِ ذَهَبَ أَبُوْ ثَوْرٍ ... وَفَاطِمَةَ سَيِدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِيْنَ شَكَتْ مَا تَلْقَىَ يَدَاهَا مِنْ الْرَّحَىَ وَسَأَلْتُ أَبَاهَا خَادِمَا فَدُلَّها عَلَىَ خَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ ذِكْرُ الْلَّهِ تَعَالَىْ وَالَّذِي يَتَرَجَّحُ حَمْلٍ الْأَمْرُ فِيْ ذَلِكَ عَلَىَ عَوَائِدَ الْبِلَادِ فَانَّهَا مُخْتَلِفَةٍ فِيْ هَذَا الْبَابِ.


    قَالَ الْمُهَلَّبِ: وَفِيْهِ أَنَّ الْمَرْأَةَ الْشَّرِيْفَةِ إِذَا تَطَوَّعَتْ بِخِدْمَةِ زَوْجَهَا بِشَيْءٍ لَا يَلْزَمُهَا لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا ذَلِكَ أَبٌ وَلَا سُلْطَانٌ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ بَنَاهُ عَلَىَ مَا أَصْلُهُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ تَطَوُّعا. وَلِخَصْمِهِ أَنْ يَعْكِسَ فَيَقُوْلُ: لَوْ لَمْ يَكُنْ لَازِما مَا سَكَتَ أَبُوْهَا مَثَلَا عَلَىَ ذَلِكَ مَعَ مَا فِيْهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهَا وَلَا أَقَرَّ الْنَّبِيُّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ مَعَ عَظَمَةِ الْصِّدِّيقِ عِنْدَهُ". "الْفَتْحِ" (9/323).

    قَالَ الْأَلْبَانِيُّ فِيْ "آَدَابُ الْزِّفَافِ" (286ـ288):
    وُجُوْبِ خِدْمَةِ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا
    قُلْتُ: وَبَعْضُ الْأَحَادِيْثِ الْمَذْكُوْرَةِ آَنِفا ظَاهِرَةً الْدَّلَالَةِ عَلَىَ وُجُوْبِ طَاعَةُ الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا وَخِدْمَتِهَا إِيَّاهُ فِيْ حُدُوْدِ اسْتِطَاعْتِهَا، وَمِمَّا لَا شَكَّ فِيْهَا أَنَّ مَنْ أَوَّلَ مَا يَدْخُلُ فِيْ ذَلِكَ الْخِدْمَةِ فِيْ مَنْزِلِهِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ تَرْبِيَةِ أَوْلَادِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيْ هَذَا ، فَقَالَ شَيْخٌ الْإِسْلَامِ ابْنَ تَيْمِيَّةَ فِيْ [ الْفَتَاوَىْ ) ( 2/234 - 235 ) ـ وَنُقِلَ كَلَامَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ الْسَّابِقِ ـ.


    إِلَىَ أَنْ قَالَ الْأَلْبَانِيُّ:
    قُلْتُ: وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ إِنْ شَاءَ الْلَّهُ تَعَالَىْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَىَ الْمَرْأَةِ خِدْمَةِ الْبَيْتِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْبَغُ كَمَا فِيْ [ الْفَتْحِ ) ( 9/418 )، وَأَبِيَّ بَكْرِ بْنُ أَبِيْ شَيْبَةَ، وَكَذَا الْجُوْزَجَانِيُّ مِنْ الْحَنَابِلَةِ كَمَا فِيْ [ الاخْتِيَارَاتِ ) ( صَ 145 )، وَطَائِفَةٌ مِّنَ الْسَّلَفِ وَالْخَلَفِ ، كَمَا فِيْ [ الْزَّادِ ) ( 4/46 ).


    وَقَالَ الْأَلْبَانِيُّ: وَلَمْ نَجِدْ لِمَنْ قَالَ بِعَدَمِ الْوُجُوْبِ دَلَيْلَا صَالِحا.

    وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: [ إِنَّ عَقْدَ الْنِّكَاحِ إِنَّمَا اقْتَضَى الِاسْتِمْتَاعِ لَا الِاسْتِخْدَامِ، مَرْدُوْدٌ بِأَنَّ الِاسْتِمْتَاعِ حَاصِلٌ لِلْمَرْأَةِ أَيْضا بِزَوْجِهَا، فَهُمَا مُتَسَاوِيَانِ فِيْ هَذِهِ الْنَّاحِيَةِ ـ وَسَاقَ كَلَامَ ابْنُ الْقَيِّمِ الْسَّابِقِ مِنْ الْزَّادِ ـ" . اهٓـ.


    وَقَالَ الْشَّيْخُ ابْنُ عُثَيْمِيْنَ رَحِمَهُ الْلَّهُ: " أَمَّا خِدْمَتِهَا لِزَوْجِهَا فَهَذَا يَرْجِعُ إِلَىَ الْعُرْفِ، فَمَا جَرَىْ الْعُرْفُ بِأَنَّهَا تَخْدِمُ زَوْجَهَا فِيْهِ وَجَبَ عَلَيْهَا خِدْمَتُهُ فِيْهِ، وَمَا لَمْ يَجْرِ بِهِ الْعُرْفُ لَمَ يَجِبُ عَلَيْهَا، وَلَا يَجُوْزُ لِلْزَّوْجِ أَنْ يُلْزِمَ زَوْجَتِهِ بِخِدْمَةِ أُمِّهِ أَوْ أَبِيْهِ أَوْ أَنْ يَغْضَبَ عَلَيْهَا إِذَا لَمْ تَقُمْ بِذَلِكَ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَّقِيَ الْلَّهَ وَلَا يُسْتَعْمَلُ قُوَّتِهِ، فَإِنَّ الْلَّهَ تَعَالَىْ فَوْقِهِ، وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيْرُ عَزَّ وَجَلَّ ، قَالَ الْلَّهُ تَعَالَىْ: ( فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيْلا إِنَّ الْلَّهَ كَانَ عَلِيّا كَبِيْرَا ) " انْتَهَىَ مِنْ "فَتَاوَىْ نُوْرَ عَلَىَ الْدَّرْبِ".

    وَقَالَ فِيْ "الْشَّرْحِ الْمُمْتِعِ" (12/441): " وَالْصَّحِيْحُ أَنَّهُ يَلْزَمُهَا أَنْ تَخْدِمَ زَوْجَهَا بِالْمَعْرُوْفِ " اهٓـ.


    هَلْ يُشْرَعُ لِلْزَّوْجِ خَدَمَةِ أَهْلِهِ فِيْ الْبَيْتِ ؟؟


    قَالَ الْأَلْبَانِيُّ فِيْ "آَدَابُ الْزِّفَافِ" (290): "هَذَا وَلَيْسَ فِيْمَا سَبَقَ مِنْ وُجُوْبِ خِدْمَةِ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا مَا يُنَافِيْ اسْتِحْبَابِ مُشَارَكَةْ الْرَّجُلَ لَهَا فِيْ ذَلِكَ، إِذَا وَجَدَ الْفَرَاغِ وَالْوَقْتُ، بَلْ هَذَا مِنْ حَسَنِ الْمُعَاشَرَةِ بَيْنَ الْزَّوْجَيْنْ، وَلِذَلِكَ قَالَتْ الْسَيِّدَةُ عَائِشَةَ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهَا: ( كَانَ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكُوْنُ فِيْ مِهْنَةِ أَهْلِهِ، يَعْنِيْ خِدْمَةِ أَهْلِهِ ، فَإِذَا حَضَرَتْ الْصَّلَاةُ خَرَجَ إِلَىَ الصَّلَاةِ ). رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ( 2/129 وَ9/418 )، وَالْتِّرْمِذِيُّ ( 3/314 ).

    وَفِيْ لَفْظٍ: ( كَانَ بَشَرَا مِّنَ الْبَشَرِ يَفْلِي ثَوْبَهُ، وَيَحْلُبُ شَاتَهُ ، وَيَخْدُمُ نَفْسَهُ ). وَرِجَالُهُ رِجَالُ الْصَّحِيْحِ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُوْ بَكْرٍ الْشَّافِعِيُّ بِسَنَدٍ قَوِيٍّ كَمَا حَقَّقَتْهُ فِيْ [ سِلْسِلَةٍ الْأَحَادِيْثِ الْصَّحِيْحَةِ ) ( رَقِمٌ 670 ) ، وَالْلَّهُ وَلِيُّ الْتَّوْفِيْقِ.


    هَلْ يَجُوْزُ لِلْزَّوْجَةِ أَنْ تَسْأَلَ زَوْجَهَا خَادِمَةُ تُعَيِّنُهَا ؟

    الْجَوَابُ: نَعَمْ إِنْ كَانَ مُقْتَدِرِا وَذَا سَعَةً، أَنَّ يُوَسَّعُ عَلَىَ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَفِيْ حَدِيْثِ فَاطِمَةَ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهَا فِيْ طَلَبِهَا خَادِمٌ يَخْدُمُهَا مَا يَدُلُّ عَلَىَ أَنَّهُ لَا حَرَجَ أَنْ تَسْأَلَ لَكِنْ إِذَا وَجَدَتْ الْضَّرُوْرَةِ وَوَجَدْتُ الْحَاجَةِ، لَا كَمَا تَفْعَلُهُ بَعْضُ الْنِّسْوَةِ الْيَوْمَ مِنْ طَلَبَةِ الْتَّرَفُّهِ وَالْمُبَاهَاةِ بِالْخَادِمَةُ، وَمَجَارَاةً مِنَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِيْ الِاسْتِكْثَارِ مِنَ الْخَدَّمِ فِيْ الْبَيْتِ مِنْ غَيْرِ مَا ضَرُوْرَةٍ وَلَا حَاجَةٍ مُلِحَّةٍ.


    هَلْ يَجُوْزُ إِتْيَانِ خَادِمَةُ لِلْزَّوْجَةِ تُعَيِّنُهَا عَلَىَ أُمُوُرَهَا ؟؟

    الْجَوَابُ: نَعَمْ. وَدَلِيْلُ ذَلِكَ فِيْ قِصَّةِ فَاطِمَةَ عِنَدَمّا طَلِبَت مِنْ رَسُوْلِ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَادِمَا يُعِيْنُهَا.

    فَقَالَ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( ..أَلَا أَدُلُّكُمَا عَلَىَ خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَا ؟ ).

    وَجْهٍ الْدَّلَالَةِ مِنْهُ: أَنَّهُ مَا مَنَعَ مِنْ الْخَادِمِ مُطْلَقَا، بَلْ خَيَّرَهُمَا مِمَّا هُوَ خَيْرٌ لَهُمَا مِنْهُ.

    الْدَّلِيْلُ الْثَّانِيْ: حَدِيْثِ أَسْمَاءَ الْمُتَقَدِّمِ وَفِيْهِ، قَالَتْ: "حَتَّىَ أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُوْ بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَادِمٍ يَكْفِيْنِيْ سِيَاسَةَ الْفَرَسِ".

    وَيَزِيْدُ ذَلِكَ قُوَّةٌ إِذَا عَلِمْنَا أَنَّ هَذَا الْخَادِمِ مِنْ سُبْيٍّ جَاءَ لِلْنَّبِيِّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَىَ أَبَا بَكْرٍ مِنْهُ خَادِمَا لِيُرْسِلَهُ إِلَىَ بَنَتْهُ أَسْمَاءُ، كَمَا فِيْ رِوَايَةِ لِابْنِ أَبِيْ مُلَيْكَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ.


    وَخُلَاصَةُ الْبَحْثِ:

    يَتَبَيَّنَ مِنْ مَجْمُوْعِ الْأَدِلَّةِ وَأَقْوَالُ الْعُلَمَاءُ؛ أَنْ الْرَّاجِحُ وُجُوْبُ الْخِدْمَةِ بِالْمَعْرُوْفِ، وَأَنَّ الْمَرْأَةَ مُطَالَبَةُ بِالْعَمَلِ فِيْ الْبَيْتِ، كَمَا أَنَّ الْرَّجُلَ مُطَالَبٌ بِالْعَمَلِ وَالْكَسْبُ خَارِجَهُ.

    وَإِذَا لَمْ تَقُمْ الْزَّوْجَةِ بِأَعْمَالِ الْبَيْتِ، فَمَنْ الَّذِيْ سَيَقُوْمُ بِهَا؟

    وَالْزَّوْجُ مَشْغُوْلٌ سَائِرَ يَوْمِهِ بِالْكَسْبِ، وَأَكْثَرُ الْنَّاسِ لَا يَسْتَطِيْعُ دَفْعَ أُجْرَةِ لِلْخَادِمَةِ.

    وَلَوْ أَنَّ الْنِّسَاءَ امْتَنَعْنَ عَنِ الْخِدْمَةِ، لِأَعْرِضَ الْرِّجَالِ عَنْ الْزَّوَاجِ مِنْهُنَّ، أَوْ لاشْتَرَطُوا عَلَيْهِنَّ الْخِدْمَةِ فِيْ عَقْدِ الْنِّكَاحِ، لِيَزُوْلَ الْإِشْكَالُ، أَوْ لَبَقِيَتْ الْنِّسَاءِ عَوَانْسِ فِيْ الْبُيُوْتِ وَعَظُمَتْ الْفِتْنَةُ.


    هَذَا وَصَلَّىَ الْلَّهُ وَسَلَّمَ عَلَىَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَآَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ،،،


    كَتَبَهُ
    أَبُوْ فَرَيْحَانَ جَمَالِ بْنِ فَرَيْحَانَ الْحَارِثِيُّ
    10/4/1430هِـ

    تعليق

    يعمل...
    X