إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

تعالوا نتدارس متن العقيدة الواسطية لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله.

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #46
    رد: تعالوا نتدارس متن العقيدة الواسطية لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله.

    ومن غير تكييف(1).................................................. ................
    (1) "تكييف": لم ترد في الكتاب والسنة، لكن ورد ما يدل على النهي عنها.
    التكييف: هو أن تذكر كيفية الصفة، ولهذا تقول: كيَّف يكِّف تكييفاً، أي ذكر كيفية الصفة.
    التكييف يسأل عنه بـ(كيف)، فإذا قلت مثلاً: كيف جاء زيدا؟ تقول: راكباً. إذاً: كيفت مجيئه. كيف لون السيارة؟ أبيض. فذكرت اللون.
    أهل السنة والجماعة لا يكيفون صفات الله، مستندين في ذلك إلى الدليل السمعي والدليل العقلي:
    أما الدليل السمعي، فمثل قوله تعالى: )قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) [الأعراف: 33]، والشاهد في قوله ] وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ [.
    فإذا جاء رجل وقال: إن الله استوى على العرش، على هذه الكيفية ووصف كيفية معينة: نقول: هذا قد قال على الله مالا يعلم! هل أخبرك الله بأنه استوى على هذه الكيفية؟! لا، أخبرنا الله بأنه استوى ولم يخبرنا كيف استوى. فنقول: هذا تكييف وقول على الله بغير علم.
    ولهذا قال بعض السلف إذا قال لك الجهمي: إن الله ينزل إلى السماء، فكيف ينزل؟ فقل: إن الله أخبرنا أنه ينزل، ولم يخبرنا كيف ينزل. وهذه قاعدة مفيدة.
    دليل آخر من السمع: قال تعالى: )وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) [الإسراء: 36]: لا تتبع ما ليس لك به علم، ] إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً [ [الإسراء: 36].
    وأما الدليل العقلي، فكيفية الشيء لا تدرك إلا بواحد من أمور ثلاثة: مشاهدته، أو مشاهدة نظيره، أو خبر الصادق عنه أي: إما أن تكون شاهدته أنت وعرفت كيفيته. أو شاهدت نظيره، كما لو قال واحد: إن فلاناً اشترى سيارة داتسون موديل ثمان وثمانين رقم ألفين. فتعرف كيفيتها، لأن عندك مثلها أو خبر صادق عنه، أتاك رجل صادق وقال: إن سيارة فلان صفتها كذا وكذا.. ووصفها تماماً، فتدرك الكيفية الآن.
    ولهذا أيضاً قال بعض العلماء جواباً لطيفاً: إن معنى قولنا: "بدون تكييف": ليس معناه ألا نعتقد لها كيفية، بل نعتقد لها كيفية لكن المنفى علمنا بالكيفية لأن استواء الله على العرش لا شك أن له كيفية، لكن لا تعلم، نزوله إلى السماء الدنيا له كيفية، لكن لا تعلم، لأن ما من موجود إلا وله كيفية، لكنها قد تكون معلومة، وقد تكون مجهولة.
    سئل الإمام مالك رحمه الله عن قوله تعالى: )الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) (طـه:5): كيف استوى؟ فأطرق مالك برأسه حتى علاه العرق، ثم رفع رأسه وقال: "الاستواء غير مجهول"، أي: من حيث المعنى معلوم، لأن اللغة العربية بين أيدينا، كل المواضع التي وردت فيها (اسْتَوَى) معداة بـ(على) معناها العلو فقال: "الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول" لأن العقل لا يدرك الكيف، فإذا انتفى الدليل السمعي والعقلي عن الكيفية، وجب الكف عنها، "والإيمان به واجب"، لأن الله أخبر به عنه نفسه، فوجب تصديقه، "والسؤال عن بدعة"
    [47]: السؤال عن الكيفية بدعة، لأن من هم أحرص منا على العلم ما سألوا عنها وهم الصحابة لما قال الله: ( اسْتَوَى عَلَى الْعَرْش) [الأعراف: 54]، عرفوا عظمة الله عز وجل، ومعنى الاستواء على العرش، وأنه لا يمكن أن تسأل: كيف استوى؟ لأنك لن تدرك ذلك فنحن إذا سئلنا، فنقول: هذا السؤال بدعة.
    وكلام مالك رحمه الله ميزان لجميع الصفات، فإن قيل لك مثلاً: إن الله ينزل إلى السماء الدنيا، كيف ينزل؟ فالنزول غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب والسؤال عن بدعة والذين يسألون: كيف يمكن النزول وثلث الليل يتنقل؟! فنقول: السؤال هذا بدعة كيف تسأل عن شيء ما سأل عنه الصحابة وهم أحرص منك على الخير وعلى العلم بما يجب لله عز وجل، ولسنا بأعلم من الرسول عليه الصلاة والسلام، فهو لم يعلمهم. فسؤالك هذا بدعة، ولولا أننا نحسن الظن بك، لقلنا ما يليق بك بأنك رجل مبتدع.
    والإمام مالك رحمه الله قال: "ما أراك إلا مبتدعاً" ثم أمر به فأخرج، لأن السلف يكرهون أهل البدع وكلامهم واعتراضاتهم وتقديراتهم ومجادلاتهم.
    فأنت يا أخي عليك في هذا الباب بالتسليم، فمن تمام الإسلام لله عز وجل ألا تبحث في هذه الأمور، ولهذا أحذركم دائماً من البحث فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته على سبيل التعنت والتنطع والشيء الذي ما سأل الصحابة عنه، لأننا إذا فتحنا على أنفسنا هذه الأبواب، انفتحت علينا الأبواب، وتهدمت الأسوار، وعجزنا عن ضبط أنفسنا، فلذلك قل: سمعنا وأطعنا وآمنا وصدقنا، آمنا وصدقنا بالخبر وأطعنا الطلب وسمعنا القول، حتى تسلم!
    وأي إنسان يسأل فيما يتعلق بصفات الله عن شيء ما سأل عنه الصحابة، فقل كما قال الإمام مالك، فإن لك سلفاً: السؤال عن هذا بدعة. وإذا قلت ذلك، لن يلح عليك، وإذا ألح، فقل: يا مبتدع! السؤال عنه بدعة، اسأل عن الأحكام التي أنت مكلف بها، أما أن تسأل عن شيء يتعلق بالرب عز وجل وبأسمائه وصفاته، ولم يسأل عنه الصحابة، فهذا لا نقبله منك أبداً!
    وهناك كلام للسلف يدل على أنهم يفهمون معاني ما أنزل الله على رسوله من الصفات، كما نقل عن الأوزاعي وغيره، نقل عنهم أنهم قالوا في آيات الصفات وأحاديثها: "أمروها كما جاءت بلا كيف"، وهذا يدل على أنهم يثبتون لها معنى من وجهين:
    أولاً: أنهم قالوا: "أمروها كما جاءت" ومعلوم أنها ألفاظ جاءت لمعاني ولم تأت عبثاً، فإذا أمر رناها كما جاءت، لزم من ذلك أن نثبت لها معنى.
    ثانياً: قوله: "بلا كيف" لأن نفي الكيفية يدل على وجود أصل المعنى، لأن نفي الكيفية عن شيء لا يوجد لغو وعبث.
    إذاً، فهذا الكلام المشهور عند السلف يدل على أنهم يثبتون لهذه النصوص معنى.
    ولا تمثيل(1).................................................. .........................................
    (1) يعنى: ومن غير تمثيل، فأهل السنة يتبرءون من تمثيل الله عز وجل بخلقه، لا في ذاته ولا في صفاته. والتمثيل: ذكر مماثل للشيء، وبينه وبين التكييف عموم وخصوص مطلق، لأن كل ممثل مكيف، وليس كل مكيف ممثلا، لأن التكييف ذكر كيفية غير مقرونة بمماثل، مثل أن تقول: لي قلم كيفيته كذا وكذا. فإن قرنت بمماثل، صار تمثيلاً، مثل أن أقول: هذا القلم مثل هذا القلم، لأني ذكرت شيئاً مماثلا لشيء وعرفت هذا القلم بذكر مماثلة.
    وأهل السنة والجماعة يثبتون لله عز وجل الصفات بدون مماثلة، يقولون: إن الله عز وجل له حياة وليست مثل حياتنا، له علم وليس مثل علمنا، له بصر، ليس مثل بصرنا، له وجه وليس مثل وجوهنا له يد وليست مثل أيدينا.... وهكذا جميع الصفات، يقولون: إن الله عز وجل لا يماثل خلقه فيما وصف به نفسه أبداً، ولهم على ذلك أدلة سمعية وأدلة عقلية:
    أ- الأدلة السمعية:
    تنقسم إلى قسمين: خبر، وطلب.
    - فمن الخبر قوله تعالى: ) لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء) [الشورى: 11]، فالآية فيها نفي صريح للتمثيل وقوله: ) هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً) [مريم: 65]، فإن هذا وإن كان إنشاء، لكنه بمعنى الخبر، لأنه استفهام بمعنى النفي وقوله: )وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) [الإخلاص: 4]، فهذه كلها تدل على نفي المماثلة، وهي كلها خبرية.
    - وأما الطلب، فقال الله تعالى: ) فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادا) [البقرة: 22] أي: نظراء مماثلين. وقال )فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَال) [النحل: 74].
    فمن مثل الله بخلقه، فقد كذب الخبر وعصى الأمر ولهذا أطلق بعض السلف القول بالتكفير لمن مثل الله بخلقه، فقال نعيم بن حماد الخز اعي شيخ البخاري رحمه الله: "من شبه الله بخلقه، فقد كفر"
    [48]، لأنه جمع بين التكذيب بالخبر وعصيان الطلب.
    وأما الأدلة العقلية على انتفاء التماثل بين الخالق والمخلوق: فمن وجوه:
    أولاً: أن نقول لا يمكن التماثل بين الخالق والمخلوق بأي حال من الأحوال لو لم يكن بينهما من التباين إلا أصل الوجود، لكان كافياً، وذلك أن وجود الخالق واجب، فهو أزلي أبدي، ووجود المخلوق ممكن مسبوق بعدم ويلحقه فناء، فما كانا كذلك لا يمكن أن يقال: إنهما متماثلان.
    ثانياً: أنا نجد التباين العظيم بين الخالق والمخلوق في صفاته وفي أفعاله، في صفاته يسمع عز وجل كل صوت مهما خفي ومهما بعد، لو كان في قعار البحار، لسمعه عز وجل.
    وأنزل الله قوله تعالى: )قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) [المجادلة: 1]، تقول عائشة: "الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات، إني لفي الحجرة، وإنه ليخفى على بعض حديثها"
    [49]، والله تعالى سمعها من على عرشه وبينه وبينها ما لا يعلم مداه إلا الله عز وجل، ولا يمكن أن يقول قائل: إن سمع الله مثل سمعنا.
    ثالثاً: نقول: نحن نعلم أن الله تعالى مباين للخلق بذاته:(وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ) [البقرة: 255]،(وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُه) [الزمر: 67]، ولا يمكن لأحد من الخلق أن يكون هكذا، فإذا كان مبايناً للخلق في ذاته، فالصفات تابعة للذات، فيكون أيضاً مبايناً للخلق في صفاته عز وجل، ولا يمكن التماثل بين الخالق والمخلوق.
    رابعاً: نقول: إننا نشاهد في المخلوقات أشياء تتفق في الأسماء وتختلف في المسميات، يختلف الناس في صفاتهم: هذا قوي البصر وهذا ضعيف، وهذا قوي السمع وهذا ضعيف، هذا قوي البدن وهذا ضعيف وهذا ذكر وهذا أنثى.... وهكذا التباين في المخلوقات التي من جنس واحد، فما بالك بالمخلوقات المختلفة الأجناس؟ فالتباين بينها أظهر ولهذا، لا يمكن لأحد أن يقول: إن لي يداً كيد الجمل، أولي يداً كيد الذرة، أو لي يداً كيد الهر، فعندنا الآن إنسان وجمل وذرة وهر، كل واحد له يد مختلفة عن الثاني، مع أنها متفقة في الاسم فنقول: إذا جاز التفاوت بين المسميات في المخلوقات مع اتفاق مع فجوازه بين الخالف والمخلوق ليس جائزاً فقط بل هو واجب ؛ فعندما أربعة وجوه عقليه كلها تدل على أن الخالق لا يمكن أن يماثل المخلوق بأي حال من الاحوال.
    ربما نقول أيضا هناك دليل فطرى ، وذلك لأن الإنسان بفطرته بدون أن يلقن يعرف الفرق بين الخالق والمخلوق ولولا هذه الفطرة؛ ما ذهب يدعو الخالق.
    فتبين الآن أن التمثيل منتفٍ سمعاً وعقلاً وفطرة.
    فإن قال قائل : إن النبي صلى الله عليه وسلم حدثنا بأحاديث تشتبه علينا ؛ هل هي تمثيل أو غير تمثيل؟ ونحن نضعها بين أيديكم:
    قال النبي صلى الله عليه وسلم " إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر ، لا تضامون في رؤيته"
    [50] ؛ فقال : " كما " والكاف للتشبيه، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن من قاعدتنا أن نؤمن بما قال الرسول كما نؤمن بما قال الله ؛ فأجيبوا عن هذا الحديث ؟
    نقول نجيب عن هذا الحديث وعن غيره بجوابين : الجواب الأول مجمل والثاني مفصل.
    فالأول المجمل: أنه لا يمكن أن يقع تعارض بين كلام الله وكلام رسوله الذي صح عنه أبداً ؛ لأن الكل حق، والحق لا يتعارض والكل من عند الله ،وما عند الله تعالى لا يتناقض،) وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً)(النساء: من الآية82)؛ فإن وقع ما يوهم التعارض في همك؛ فاعلم أن هذا ليس بحسب النص، ولكن باعتبار ما عندك؛ فأنت إذا وقع التعارض عندك في نصوص الكتاب والسنة؛ فإما لقلة العلم ، وإما لقصور الفهم ، وإما للتقصير في البحث والتدبر، ولو بحثت وتدبرت؛ لوجدت أن التعارض الذي توهمته لا أصل له ، وإما لسوء القصد والنية؛ بحيث تستعرض ما ظاهره التعارض لطلب التعارض، فتحرم التوفيق ؛ كأهل الزيغ الذين يتبعون المتشابه.
    ويتفرع على هذا الجواب المجمل أنه يجب عليك عند الاشتباه أن ترد المشتبه إلى المحكم؛ لأن هذه الطريق طريق الراسخين في العلم ؛ قال الله تعالى : )هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) (آل عمران:7) ، ويحملون المتشابه على المحكم حتى يبقى النص كله محكماً.
    وأما الجواب المفصل؛ فإن نجيب عن كل نص بعينه فنقول:
    إن قول النبي صلى الله عليه وسلم " إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته؛ ليس تشبيهاً للمرئي بالمرئي، ولكنه تشبيه للرؤية بالرؤية؛" سترون .. كما ترون"؛ الكاف في :" كما ترون": داخلة على مصدر مؤول؛ لأن (ما) مصدرية، وتقدير الكلام : كرؤيتكم القمر ليلة البدر وحينئذ يكون التشبيه للرؤية بالرؤية لا المرئي بالمرئي، والمراد أنكم ترونه رؤية واضحة كما ترون القمر ليلة البدر ولهذا أعقبه بقوله :" لا" تضامون في رؤيته" أو : " لا تضارون في رؤيته" فزال الإشكال الآن.
    -
    قال النبي صلى الله عليه وسلم " إن الله خلق أدم على صورته"[51] والصورة مماثلة للأخرى، ولا يعقل صورة الإ مماثلة للأخرى، ولهذا أكتب لك رسالة، ثم تدخلها الآله الفوتوغرافية، وتخرج الرسالة، فيقال : هذه صورة هذه، ولا فرق بين الحروف والكلمات؛ فالصورة مطابقة للصورة ، والقائل: " إن الله خلق آدم على صورته": الرسول عليه الصلاة والسلام أعلم وأصدق وأنصح وأفصح الخلق.
    والجواب المجمل أن نقول : لا يمكن أن يناقض هذا الحديث قوله تعالى )ِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )(الشورى: من الآية11)، فإن يسر الله لك الجمع ؛ فاجمع ، وإن لم يتيسر ؛ فقل : ) آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا )(آل عمران: من الآية7)، وعقيدتنا أن الله لا مثيل له؛ بهذا تسلم أمام الله عز وجل.
    هذا كلام الله ، وهذا كلام رسوله، والكل حق ، ولا يمكن أن يكذب بعضه بعضاً؛ لأنه كله خبر وليس حكماً كي ينسخ؛ فأقول: هذا نفي للمماثلة، وهذا إثبات للصورة؛ فقل : إن الله ليس كمثله شيء، وإن الله خلق آدم على صورته؛ فهذا كلام الله ، وهذا كلام رسوله والكل حق نؤمن به، ونقول : كل من عند ربنا ونسكت وهذا هو غاية ما نستطيع.
    وأما الجواب المفصل؛ فنقول: إن الذي قال:" إن الله خلق آدم على صورته" رسول الذي قال: )ِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )(الشورى: من الآية11) والرسول لا يمكن أن ينطق بما يكذب المرسل والذي قال:" خل آدم على صورته: هو الذي قال :" إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر"
    [52] فهل أنت تعتقد أن هؤلاء الذين يدخلون الجنة على صورة القمر من كل وجه أو تعتقد أنهم على صورة البشر لكن في الوضاءة والحسن والجمال واستدارة الوجه وما أشبه ذلك على صورة القمر، لا من كل وجه؟! فإن قلت بالأول ؛ فمقتضاه أنهم دخلوا وليس لهم أعين وليس لهم آناف وليس لهم أفواه! وإن شئنا قلنا: دخلوا وهم أحجار! وإن قلت بالثاني؛ زال الإشكال، وتبين أنه لا يلزم من كون الشيء على صورة الشيء أن يكون مماثلاً له من كل وجه.
    فإن أبى فهمك ، وتقاصر عن هذا وقال: أنا لا أفهم إلا أنه مماثل.
    قلنا: هناك جواب آخر، وهو أن الإضافة هنا من باب إضافة المخلوق إلى خالقه؛ فقوله :" على صورته" ؛ مثل قوله عز وجل في آدم: ) وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي )(الحجر: من الآية29)، ولا يمكن أن الله عز وجل أعطى آدم جزءاً من رحمه، بل المراد الروح التي خلقها الله عز وجل، لكن إضافتها إلى الله بخصوصها من باب التشريف؛ كما نقول : عباد الله ؛ يشمل الكافر والمسلم والمؤمن والشهيد والصديق والنبي لكننا لو قلنا : محمد عبد الله؛ هذه إضافة خاصة ليست كالعبودية السابقة.
    فقوله :" خلق آدم على صورته"؛ يعني: صورة من الصور التي خلقها الله وصورها ؛ كما قال تعالى : )وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ)(لأعراف: من الآية11)، والمصور آدم إذاً؛ فآدم عل صورة الله؛ يعني : أن الله هو الذي صوره لعلى هذه الصورة التي تعد أحسن صورة في المخلوقات ، )لَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) (التين:4) ؛ فإضافة الله الصورة إليه من باب التشريف ؛ كأنه عز وجل اعتنى بهذه الصورة ومن أجل ذلك ؛ لا تضرب الوجه ؛ فتعيبه حساً ، ولا تقبحه فتقول : قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك؛ فتعيبه معنىً؛ فمن أجل أنه الصورة التي صورها الله وأضافها إلى نفسه تشريفاً وتكريماً؛ لا تقبحها بعيب حسي ولا بعيب معنوي.
    ثم هل يعتبر هذا الجواب تحريفاً أم له نظير؟
    نقول : له نظير، كما في ا: بيت الله ، وناقة الله ، وعبد الله ؛ لآن هذه الصورة ( أي : صورة آدم) منفصلة بائنة من الله وكل شيء أضافه الله إلى نسفه وهو منفصل بائن عنه؛ فهو من المخلوقات ؛ فحينئذ يزول الإشكال.
    ولكن إذا قال لقائل: إيما أسلم المعنى الأول أو الثاني؟ قلنا : المعنى الأول أسلم، ما دمنا نجد أن لظاهر اللفظ مساغاً في اللغة العربية وإمكاناً في العقل؛ فالواجب حمل الكلام عليه ونحن وجدنا أن الصورة لا يلزم منها مماثلة الصورة الأخرى، وحينئذ يكون الأسلم أن نحمله على ظاهره.
    فإذا قلت : ما هي الصورة التي تكون لله ويكون أدم عليها ؟
    قلنا : إن الله عز وجل له وجه وله عين وله يد وله رجل عز وجل، لكن لا يلزم من أن تكون هذه الأشياء مماثلة للإنسان ؛ فهناك شيء من الشبه لكنه ليس على سبيل المماثلة؛ كما أن الزمرة الأولى من أهل الجنة فيها شيه من القمر لكن بدون مماثلة، وبهذا يصدق ما ذهب إليه أهل السنة والجماعة؛ من أن جميع صفات الله سبحانه وتعالى ليست مماثلة لصفات المخلوقين؛ من غير تحري ولا تعطيل ، ومن غير تكييف ولا تمثيل.
    نسمع كثيراً من الكتب التي نقرأها يقولون : تشبيه ؛ يعبرون بالتشبيه وهم يقصدون التمثيل ؛ فإيما أولى : أنعبر بالتشبيه ، أو نعبر بالتمثيل؟
    نقول بالتمثيل أولى.
    أولاً : لأن القرآن عبر به : : )ِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )(الشورى: من الآية11)،( فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً)(البقرة: من الآية22)... وما أشبه ذلك ، وكل ما عبر به القرآن؛ فهو أولى من غيره؛ لأننا لا نجد أفصح من القرآن ولا أدل على المعنى المراد من القرآن، والله أعلم بما يريده من كلامه، فتكون موافقة القرآن هي الصواب، فنعبر بنفي التمثيل. وهكذا في كل مكان؛ فإن موافقة النص في اللفظ أولى من ذكر لفظ مرادف أو مقارب.
    ثانياً: أن التشبيه عند بعد الناس يعني إثبات الصفات ولهذا يسمون أهل السنة: مشبهة؛ فإذا قلنا : من غير تشبيه وهذا الرجل لا يفهم من التشبيه إلا إثبات الصفات؛ صار كاننا نقول له : من غير إثبات صفات! فصار معنى التشبيه يوهم عنى فاسداً فلهذا كان العدول عنه أولى.
    ثالثاً: أن نفي التشبيه على الإطلاق غير صحيح ؛ لأن ما من شيئين من الأعيان أو من الصفات إلا وبينهما أشتراك من بعض الوجوه، والاشتراك نوع تشابه ، فلو نفيت التشبيه مطلقاً؛ لكنت نفيت كل ما يشترك فيه الخالق والمخلوق في شيء ما.
    مثلاً: الوجود ؛ يشترك في أصله الخالق والمخلوق، هذا نوع اشتراك نوع تشابه، لكن فرق بين الوجودين؛ وجود الخالق واجب ووجود المخلوق ممكن.
    وكذلك السمع ؛ فيه اشتراك ؛ الإنسان له سمع ، والخالق له سمع ، لكن بينهما فرق، لكن أصل وجود السمع مشترك.
    فإذا قلنا : من غير تشبيه ونفينا مطلق التشبيه ؛ صار في هذا إشكال.
    وبهذا عرفنا أن التعبير بالتمثيل أولى من ثلاثة أوجه
    فإن قلت : ما الفرق بينهما من وجهين.
    الأول: أن التمثيل ذكر الصفة مقيدة بمماثل ؛ فتقول يد فلان مثل يد فلان، والتكييف ذكر الصفة غير مقيدة بمماثل؛ مثل أن تقول: كيفية يد فلان كذا وكذا.
    وعلى هذا نقول : كل ممثل مكيف ، ولا عكس.
    الثاني: أن الكيفية لا تكون إلا في الصفة والهيئة، والتمثيل يكون في ذلك كما في قوله تعالى )اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُن)(الطلاق: من الآية12)؛ أي : في العدد.

    تعليق


    • #47
      رد: تعالوا نتدارس متن العقيدة الواسطية لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله.

      +++++++++++قال الشيخ محمد أمان الجامي رحمه الله في شرح العقيدة الواسطية صوتي:

      * أقوال المفوضة في صفات الله تعالى : هذا التفويض هو الذي عليه سلف الأمة ( أي تفويض الكيفية ) أما التفويض المذموم الذي معناه التعطيل أي أن يقول المفوض أن لا أعلم معاني هذه النصوص لا أدري ما معنى استوى و ما معنى نزل و ما معنى جاء كل ذلك لا أعلمه أي يتجاهل بدعوى الورع يريد أن يتورع ليس هذا هو الورع عدم تصديق الرب سبحانه و تعالى في أخباره و عدم تصديق رسوله في أخباره كيف يسمى ورعا .
      ( ش 3 ، د 70 - د 73 )

      بين المعطل و المشبه :
      *افهموا جيدا كل معطل مشبه لأنه لم يعطل إلا بعد أن شبه ووقر في نفسه أن النزول الحقيقي هو نزول المخلوق و أراد أن يفر من هذا المعنى الذي وقر في قلبه فنفى فجعل النزول نزول أمر أو نزول ملك و بهذا شبه ثم عطل و أما المشبه إذا استقر عند الإلحاق إلحاق صفة الخالق بصفة المخلوق و ثبت على ذلك أثبت لله تعالى صفة غير صفته ونفى عن الله تعالى الصفة اللائقة به فجمع كل منهما بين التعطيل و بين التشبيه
      ( ش 4 ، د 36 - د 38 )

      قاعدة جليلة في العقيدة :
      و إنما يستعمل في حقه أي حق الله قياس الأولى و مضمونه أن كل كمال ثبت للمخلوق و أمكن أن يتصف به الخالق كالعلم والقدرة والكلام فالخالق أولى به و أما إذا كان الكمال الذي في المخلوق لا يمكن أن يتصف به الخالق بل في حقه يعتبر نقصا كالصاحبة و الولد والشريك لا يةصف به الرب سبحانه وتعالى لأنه غير ممكن بل مستحيل .ش5 د10---د11

      قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله:

      *والتحريف هو التغيير ، و إمالة الشيئ عن وجهه ، يقال انحرف عن كذا ، اذا مال و هو نوعان :
      النوع الأول : تحريف اللفظ ، و هو العدول به عن جهته الى غيرها إما بزيادة كلمة أو حرف أو نقصانه أو تغيير حركة كقول أهل الضلالة في قوله تعالى "الرحمن على العرش استوى" أي استولى فزادوا في الآية حرفا وكقولهم في قوله تعالى "وجاء ربك " أي أمر ربك فزادوا كلمة و كقولهم في قوله تعالى "وكلم الله موسى تكليما" بنصب لفظ الجلالة، فغيروا الحركة الإعرابية من الرفع الى النصب.
      *و الفرق بين التحريف والتعطيل أن التحريف هو نفي المعنى الصحيح الذي دلت عليه النصوص واستبداله بمعنى آخر غير صحيح و التعطيل هو نفي المعنى الصحيح من غير استبدال له بمعنى آخر كفعل المفوضة فكل محرف معطل وليس كل معطل محرفا.

      فائدة ذكرها شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله :

      قال رحمه الله :إذا قال لك نؤول معنى الغضب ،إرادة الانتقام والرحمة :إرادة الانعام فقل : وهل إرادة الخالق تشبه إرادة المخلوق ، أم أنها إرادة تليق بجلاله و عظمته ؟ فإذا قال الأول فقد شبه ، وإذا قال الثاني فقل : و لم لا تقل : رحمة وغضب يليقان بجلاله و عظمته و بذلك تحجه وتخصمه .اهـ.

      قال الشيخ صالح العصيمي حفظه الله :

      ولم يقع في كلام المحققين من أهل السنة نفي التأويل و التشبيه فهم لا يقولون من غير.....ولا تشبيه ولا تأويل فلا ينفون التشبيه و التأويل لأمرين اثنين:
      أولهما أن نفي التأويل والتشبيه لم يأت في كلام الله ولا كلام نبيه وثانيهما أن هذين اللفظين يستكنان على معان عدة تارة تكون حفا و تارة تكون باطلا.ش1 د 29---د 31.
      التعطيل :
      التعطيل لغة : الترك و التخلية واصطلاحا إنكار ما يجب لله من الأسماء و الصفات إما كليا كتعطيل الجهمية و إما جزئيا كتعطيل الأشعرية الذين لم يثبتوا من صفات الله الا سبع صفات.
      * وهذا هو مراد أهل السنة في قولهم نؤمن بصفات الله عز وجل بلا كيف فليس مرادهم نفي الكيفية عن الصفة فإنه ما من صفة الا ولها كيفية لكن مرادهم نفي علمهم بكيفية تلك الصفة ....
      ( ش1 ، د 42 - 44 )


      * و أما في الحقيقة فإن لكل صفة من مخلوق أو خالق كيفية إلا أنها تكشف تارة في حق المخلوق و تغيب تارة أخرى في حق الخالق سبحانه و تعالى فتكون بهذا الاعتبار الأسماء و الصفات هي من المتشابه في الحقائق لأن الحقائق خافية علينا وان كانت المعاني معلومة لدينا و ينبغي أن تعلم أن هذا هو أصل كلي فيما يتعلق بالإحكام و التشابه في أسماء الله عز وجل و صفاته وإلا فقد يقع في بعض آيات الصفات و أحاديثها التشابه باعتبار بعض الناس دون بعض فإنه قد تخفى آية أو حديث في حق الرب هل هي من جملة ما يكون من هذا الباب أم لا كقول الله عز وجل " يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله " فإن من أهل العلم من خفي عليه معنى هذه الآية و ظن أنها من آيات الصفات كأبي عمر الطلمنكي في كتاب الصفات تم تبعه جماعة من المتأخرين إلا أن قول الجمهور أن معناه الصحيح أنها في حق الله عز وجل وطاعته و جنابه .
      ( ش1 ، د 42 - 45 )
      التعديل الأخير تم بواسطة أبو الحسين عبد الحميد الصفراوي; الساعة 08-Dec-2012, 02:05 AM.

      تعليق


      • #48
        رد: تعالوا نتدارس متن العقيدة الواسطية لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله.


        قال الشيخ صالح العصيمي حفظه الله في تعليقاته على العقيدة الواسطية تفريغ الأخ سالم الجزائري :



        و جُمع بين التحريف والتعطيل والتكييف والتمثيل ، لأن التحريف يفضي الى التعطيل والتكييف يفضي الى التمثيل فالأصلان الأول والثاني مرتب أحدهما على الآخر ، والأصلان الثالث والرابع مرتب أحدهما على الآخر.
        و هذان الأصلان العظيمان اللذان بني علييهما الايمان بالاسماء والصفات و الى الأصل الأول يشار في كتب العقائد بقولهم الاثبات.
        والى الثاني يشار بقولهم : تنزيه الله عما لا يليق به.
        و اقتصر المصنف رحمه الله على هذين الأصلين ووراءهما أصل ثالث و هو قطع الطمع عن إدراك كيفية صفات الله عز وجل .
        فالايمان بباب الصفات دائر على هذه الأصول الثلاثة ويمكن استخراج الأصل الثالث من كلام المصنف في رده الأمر الى خبر الله و خبر رسوله صلى الله عليه وسلم و في نفيه التكييف لتوقفه عليه و الافصاح به أنفع للمتعلمين فصار الايمان بباب الأسماء و الصفات دائرا على ثلاثة أصول :
        أحدها : الاثبات لما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم.
        و ثانيها: تنزيه الله عما لا يليق به .
        و ثالثها قطع الطمع عن ادراك كيفية صفات الله عز وجل .
        و المعهود في خطاب الشرع :
        تسمية الأول و هو النفي : تسبيحا و تقديسا .
        و تسمية الثاني و هو الاثبات : تحميدا.
        و تسمية الثالث و هو قطع الطمع عن ادراك كيفية الصفات الالهية : نفي الاحاطة .
        فهذه الأصول الثلاثة مذكورة في القرآن والسنة بهذه السماء : التقديس والتسبيح والتحميد و نفي الاحاطة.
        و جُمع بين التحريف والتعطيل والتكييف والتمثيل ، لأن التحريف يفضي الى التعطيل والتكييف يفضي الى التمثيل فالأصلان الأول والثاني مرتب أحدهما على الآخر ، والأصلان الثالث والرابع مرتب أحدهما على الآخر.

        و هذان الأصلان العظيمان اللذان بني علييهما الايمان بالاسماء والصفات و الى الأصل الأول يشار في كتب العقائد بقولهم الاثبات.
        والى الثاني يشار بقولهم : تنزيه الله عما لا يليق به.
        و اقتصر المصنف رحمه الله على هذين الأصلين ووراءهما أصل ثالث و هو قطع الطمع عن إدراك كيفية صفات الله عز وجل .
        فالايمان بباب الصفات دائر على هذه الأصول الثلاثة ويمكن استخراج الأصل الثالث من كلام المصنف في رده الأمر الى خبر الله و خبر رسوله صلى الله عليه وسلم و في نفيه التكييف لتوقفه عليه و الافصاح به أنفع للمتعلمين فصار الايمان بباب الأسماء و الصفات دائرا على ثلاثة أصول :
        أحدها : الاثبات لما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم.
        و ثانيها: تنزيه الله عما لا يليق به .
        و ثالثها قطع الطمع عن ادراك كيفية صفات الله عز وجل .
        و المعهود في خطاب الشرع :
        تسمية الأول و هو النفي : تسبيحا و تقديسا .
        و تسمية الثاني و هو الاثبات : تحميدا.
        و تسمية الثالث و هو قطع الطمع عن ادراك كيفية الصفات الالهية : نفي الاحاطة .
        فهذه الأصول الثلاثة مذكورة في القرآن والسنة بهذه السماء : التقديس والتسبيح والتحميد و نفي الاحاطة.

        تعليق


        • #49
          رد: تعالوا نتدارس متن العقيدة الواسطية لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله.

          قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في العقيدة الواسطية :

          بَلْ يُؤْمِنُونَ بِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)(الشورى: من الآية11) فَلَا يَنْفُونَ عَنْهُ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، وَلَا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ, وَلَا يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ وَآيَاتِهِ, وَلَا يُكَيِّفُونَ وَلَا يُمَثِّلُونَ صِفَاتِهِ بِصِفَاتِ خَلْقِهِ; لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَا سَمِيَّ لَهُ, وَلَا كُفْءَ لَهُ, وَلَا نِدَّ لَهُ, وَلَا يُقَاسُ بِخَلْقِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى; فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ, وَأَصْدَقُ قِيلاً, وَأَحْسَنُ حَدِيثًا مِنْ خَلْقِهِ

          تعليق


          • #50
            رد: تعالوا نتدارس متن العقيدة الواسطية لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله.


            قال الشيخ العلامة الفقيه محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :



            بل يؤمنون بأن الله سبحانه )ِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)(1).................................... ....
            (1) أي: يقر أهل السنة والجماعة بذلك إقراراً وتصديقاً بأن الله ليس كمثله شيء؛ كما قال عن نفسه:)َليْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)( الشورى:11) ؛ فهنا نفى المماثلة، ثم أثبت السمع والبصر فنفى العيب، ثم أثبت الكمال؛ لأن نفي العيب قبل إثبات الكمال أحسن، ولهذا يقال التخلية قبل التحلية. فنفي العيوب يبدأ به أولاً ثم يذكر إثبات الكمال.
            وكلمة (شيء) نكرة في سياق النفي، فتعم كل شيء، ليس شيء مثله أبداً عز وجل أي مخلوق وإن عظم؛ فليس مماثلاً لله عز وجل؛ لأن مماثلة الناقص نقص، بل إن طلب المفاضلة بي الناقص والكامل تجعله ناقصاً ؛ كما قيل:
            ألم تر أن السيف ينقص قدره
            إذا قيل إن السيف أمضى من العصا
            فهنا لو قلن : إن لله مثيلاً؛ لزم من ذلك تنقص الله عز وجل؛ فلهذا نقول: نفى الله عن نفسه مماثلة المخلوقين؛ لأن مماثلة المخلوقين نقص وعيب؛ لأن المخلوق نقص وعيب؛ لأن المخلوق ناقص وتمثيل الكامل بالناقص يجعله ناقصا، بل ذكر المفاضلة بينهما يجعله ناقصاً؛ إلا إذا كان في مقام التحدى؛ كما في قوله تعالى : ) آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ)(النمل: من الآية59)، وقوله: ) قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ )(البقرة: من الآية140).
            وفي قوله : )َليْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) رد صريح على الممثلة الذين يثبتون أن الله سبحانه وتعالى له مثيل.
            وحجة هؤلاء يقولون: إن القرآن عربي، هذا كان عربياً ؛ فقد خاطبنا الله تعالى بما نفهم، ولا يمكن أن يخطابنا بما لا نفهم، وقد خاطبنا الله تعالى ، فقال : إن له وجهاً وإن له عيناً ، وإن له يدين... وما أشبه ذلك ونحن لا نعقل بمقتضى اللغة العربية من هذه الأشياء إلا مثل ما نشاهد، وعلى هذا ؛ فيجب ان يكون مدلول هذه الكلمات مماثلاً لمدلولها بالنسبة للمخلوقات : يد ويد، وعين وعين، ووجه ووجه... وهكذا ؛ فنحن إنما قلنا بذل لأن لدينا دليلاً.
            لا شك أ هذه الحجة وأهية يوهيها ما سبق من باين أن الله ليس له مثيل ونقول : إن الله خاطبنا بما خاطبنا به من صفاته، لكننا نعلم علم اليقين أن الصفة بحسب الموصوف ودليل هذا في الشاهد؛ فإنه يقال للجمل يد وللذرة يد، ولا أحد يفهم من اليد التي أضفناها إلى الجمل أنها مثل اليد التي أضفناها إلى الذرة!
            هذا وهو في المخلوقات ؛ فكيف إذا كان كان ذلك من أوصاف الخالق؟! فإن التابين يكون أظهر وأجلى.
            وعلى هذا ؛ فيكون قول هؤلاء الممثلة مردوداً بالعقل كما أنه مردود بالسمع.
            قال الله تعالى (هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) فأثبت لنفسه سبحانه وتعالى السمع والبصر؛ لبيان كماله ، ونقص الأصنام التي تُعبد من دونه؛ فالأصنام التي تعبد من دونه ؛ فالأصنام التي تعبد من دون الله تعالى لا يسمعون، ولو سمعوا؛ ما استجابوا ، ولا يبصرون ؛ كما قال الله عز وجل: )وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ) (20) )أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) (النحل:20-21) ؛ فهم ليس لهم سمع ولا عقل ولا بصر ولو فرض أن لهم ذلك ؛ ما استجابوا : )وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ) (الاحقاف:5).
            فأهل السنة والجماعة يؤمنون بانتفاء المماثلة عن الله ؛ لأنها عيب ويثبتون له السمع والبصر؛ لقوله تعالى : )ِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )(الشورى: من الآية11).
            وإيمان الإنسان بذل يثمر للعبد أن يعظمه غاية التعظيم ؛ لأنه ليس مثله أحد من المخلوقات ، فتعظم هذا الرب العظيم الذي لا يماثله أحد ، وإلا ؛ لم يكن هناك فائدة من إيمانك بأنه )ِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ).
            إذا آمنت بأنه سميع ؛ فإنك سوف تحترز عن كل قول يغضب الله ؛ لأنك تعلم أنه يسمعك؛ فتخشى عقابه؛ فكل قول يكون فيه معصية الله عز وجل ؛ فسوف تتحاشاه؛ لأنك تعلم أنه يسمعك فتخشى عقابه فكل قول يكون فيه معصية الله عز وجل فسوف تتحاشاه لانك تؤمن بأنه سميع، وإذا لم يحدث لك هذا الإيمان هذا الشيء؛ فاعلم أن إيمانك بأن الله سميع إيمان ناقص بلا شك.
            إذا آمنت بأن الله سميع ؛ فلن تتكلم إلا بما يرضي ولا سيما إذا كنت تتكلم معبراً عن شرعه، وهو المفتي والمعلم ؛ فإن هذا أشد ، والله سبحانه يقول) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)(الأنعام: من الآية144)؛ فإن هذا من أظلم ولهذا قال )َّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)(الاحقاف: من الآية10)وهذا من عقوبة من يفتي بلا علم ؛ أنه لا يهدى ؛ لأنه ظالم.
            فحذار يا أخي المسلم أن تقول قولاً لا يرضي الله ؛ سواء قلته على الله ، أو على غير هذا الوجه.
            وثمرة الإيمان بأن الله بصير أن لا تفعل شيئاً يغضب الله ؛ لأنك تعلم انك لو تنظر نظرة محرمة لا يفهم الناس أنها نظرة محرمة ؛ فإن الله تعالى يرى هذه النظرة، ويعمل ما في قلبك ، )يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) (غافر:19)
            إذا آمنت بهذا ؛ لا يمكن أن تفعل فلاً لا يرضاه أبداً.
            استحيي من الله كما تستحي من أقرب الناس إليك وأشدهم تعظيماً منك.
            إذاً، إذا آمنا بأن الله بصير، فسوف نتحاشى كل فعل يكون سبباً لغضب الله عز وجل، وإلا، فإن إيماننا بذلك ناقص. لو أن أحداً أشر بإصبعه أو شفته أو بعينه أو برأسه لأمر محرم، فالناس الذين حوله لا يعلمون عنه، لكن الله تعالى يراه، فليحذر هذا من يؤمن به، ولو أننا نؤمن بما تقتضيه أسماء الله وصفاته، لوجدت الاستقامة كاملة فينا فالله المستعان.
            فلا ينفون عنه ما وصف به نفسه(1).................................................. ................
            (1)، أي: لا ينفي أهل السنة والجماعة عن الله ما وصف به نفسه، لأنهم متبعون للنص نفياً وإثباتاً، فكل ما وصف الله به نفسه يثبتونه على حقيقته، فلا ينفون عن الله ما وصف الله به نفسه، سواء كان من الصفات الذاتية أو الفعلية (أو الخبرية).
            الصفات الذاتية، كالحياة والقدرة، والعلم... وما أشبه ذلك، وتنقسم إلى: ذاتية معنوية، وذاتية خبرية، وهي التي مسماها أبعاض لنا وأجزاء، كاليد والوجه، والعين، فهذه يسميها العلماء: ذاتية خبرية، ذاتية: لأنها لا تنفصل ولم يزل الله ولا يزال متصفاً بها. خبرية: لأنه متلقاة بالخبر، فالعقل لا يدل على ذلك، لولا أن الله أخبرنا أن له يداً، ما علمنا بذلك، لكنه أخبرنا بذلك، بخلاف العلم والسمع والبصر، فإن هذا ندركه بعقولنا مع دلالة السمع، لهذا نقول في مثل هذه الصفات اليد والوجه وما أشبهها: إنها ذاتية خبرية، ولا نقول: أجزاء وأبعاض، بل نتاحشى هذا اللفظ لكن مسماها لنا أجزاء وأبعاض، لأن الجزء والبعض ما جاز انفصاله عن الكل، فالرب عز وجل لا يتصور أن شيئاً من هذه الصفات التي وصف بها نفسه ـ كاليد ـ أن تزول أبداً، لأنه موصوف بها أزلاً وأبداً ولهذا لا نقول: إنها أبعاض وأجزاء.
            والصفات الفعلية: هي المتعلقة بمشيئته إن شاء فعلها، وإن شاء لم يفعلها، وقد ذكرنا أن هذه الصفات الفعلية: منها ما يكون له سبب، ومنها ما ليس له سبب ومنها ما يكون ذاتياً فعلياً.
            ولا يحرفون الكلم عن مواضعه(1).................................................. ................
            (1) (الكلم): اسم، جمع كلمة ويراد به كلام الله وكلام رسوله.
            لا يحرفونه عن مواضعه، أي: عن مدلولاته، فمثلاً قوله تعالى: ) بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَان) [المائدة: 64]، يقولون: هي يد حقيقية ثابتة لله من غير تكييف ولا تمثيل. والمحرفون يقولون: قوته، أو نعمته أما أهل السنة، فيقولون: القوة شيء واليد شيء آخر، والنعمة شيء واليد شيء آخر، فهم لا يحرفون الكلم عن مواضعه، فإن التحريف من دأب اليهود، )مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ) [النساء: 46]، فكل من حرف نصوص الكتاب والسنة، ففيه شبه من اليهود، فأحذر هذا، ولا تتشبه بالمغضوب عليهم الذين جعل الله منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت، لا تحرف، بل فسر الكلام على ما أراد الله ورسوله.
            ومن كلام الشافعي ما يذكر عنه: "آمنت بالله وبما جاء عن الله على مراد الله، وآمنت برسول الله وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله".
            ولا يلحدون في أسماء الله وآياته(1).................................................. ...................
            (1) قوله: "ولا يلحدون" أي: أهل السنة والجماعة.
            والإلحاد في اللغة: الميل، ومنه سمي اللحد في القبر، لأنه مائل إلى جانب منه وليس متوسطاً والمتوسط يسمى شقاً واللحد أفضل من الشق.
            فهم لا يلحدون في أسماء الله، ولا يلحدون أيضاً في آيات الله، فأفادنا المؤلف رحمه الله أن الإلحاد يكون في موضعين: في الأسماء وفي الآيات.
            هذا الذي يفيده كلام المؤلف قد دل عليه القرآن قال الله تعالى: )وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [الأعراف: 180]، فأثبت الله الإلحاد في الأسماء، وقال تعالى: )إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا) [فصلت: 40]، فأثبت الله الإلحاد في الآيات.
            - فالإلحاد في الأسماء هو الميل فيها عما يجب، وهو أنواع:
            النوع الأول: أن يسمى الله بما لم يسم به نفسه، كما سماه الفلاسفة علة فاعلة وسماه النصارى: أباً، وعيسى: الابن، فهذا إلحاد في الأسماء الله وكذلك لو سمى الله بأي اسم لم يسم به نفسه، فهو ملحد في أسماء الله.
            ووجه ذلك أن أسماء الله عز وجل توقيفية، فلا يمكن أن نثبت له إلا ما ثبت بالنص، فإذا سميت الله بما لم يسم به نفسه، فقد ألحدت وملت عن الواجب.
            وتسمية الله بما لم يسم به نفسه سوء أدب مع الله وظلم وعدوان في حقه، لأنه لو أن أحداً دعاك بغير اسمك أو سماك بغير اسمك، لاعتبرته قد اعتدى عليك وظلمك هذا في المخلوق، فيكف بالخالق؟!
            إذاً، ليس لك حق أن تسمي الله بما لم يسم به نفسه، فإن فعلت، فأنت ملحد في أسماء الله.
            النوع الثاني: أن ينكر شيئاً من أسمائه، عكس الأول، فالأول سمى الله بما لم يسم به نفسه، وهذا جرد الله مما سمى به نفسه، فينكر الاسم، سواء أنكر كل الأسماء أو بعضها التي تثبت لله، فإذا أنكرها، فقد ألحد فيها.
            ووجه الإلحاد فيها: أنه لما أثبتها الله لنفسه، وجب علينا أن نثبتها له، فإذا نفيناها، كان إلحاداً وميلاً بها عما يجب فيها.
            وهناك من الناس من أنكر الأسماء، كغلاة الجهمية، فقالوا: ليس لله اسم أبداً! قالوا: لأنك لو أثبت له اسماً، شبهته بالموجودات، وهذا معروف أنه باطل مردود.
            النوع الثالث: أن ينكر ما دلت عليه من الصفات، فهو يثبت الاسم، لكن ينكر الصفة التي يتضمنها هذا الاسم، مثل أن يقول: إن الله سميع بلا سمع، وعليم بلا علم، وخالق بلا خلق، وقادر بلا قدرة... وهذا معروف عن المعتزلة، وهو غير معقول!
            ثم هؤلاء يجعلون الأسماء أعلاماً محضة متغايرة، فيقولوا: السميع غير العلم، لكنها كلها ليس لها معنى! السميع لا يدل على السمع! والعليم لا يدل على العلم! لكن مجرد أعلام!!
            ومنهم آخرون يقولون: هذه الأسماء شيء واحد، فهي عليم وسميع وبصير كلها واحد، لا تختلف إلا بتركيب الحروف فقط، فيجعل الأسماء شيئاً واحداً!!
            وكل هذا غير معقول، ولذلك نحن نقول: إنه لا يمكن الإيمان بالأسماء حتى تثبت ما تضمنته من الصفات.
            ولعلنا من هنا نتكلم على دلالة الاسم، فالاسم له أنواع ثلاثة في الدلالة: دلالة مطابقة، ودلالة تضمن، ودلالة التزام:
            1- فدلالة المطابقة: دلالة اللفظ على جميع مدلوله، وعلى هذا، فكل اسم دال على المسمى به، وهو الله، وعلى الصفة المشتق منها هذا الاسم.
            2- ودلالة التضمن: دلالة اللفظ على بعض مدلوله، وعلى هذا، فدلالة الاسم على الذات وحدها أو على الصفة وحدها من دلالة التضمن.
            3- ودلالة الالتزام: دلالته على شيء يفهم لا من لفظ الاسم لكن من لازمه ولهذا سميناه: دلالة الالتزام.
            مثل كلمة الخالق: اسم يدل على ذات الله ويدل على صفة الخلق.
            إذاً، فباعتبار دلالته على الأمرين يسمى دلالة مطابقة، لأن اللفظ دل على جميع مدلوله، ولا شك أنك إذا قلت: الخالق، فإنك تفهم خالقاً وخلقاً.
            - وباعتبار دلالته على الخالق وحده أو على الخلق وحده يسمى دلالة تضمن، لأنه دل على بعض معناه، وباعتبار دلالته على العلم والقدرة يسمى دلالة التزام، إذ لا يمكن خلق إلا بعلم وقدرة، فدلالته على القدرة والعلم دلالة التزام.
            وحينئذ، يتبين أن الإنسان إذا أنكر واحداً من هذه الدلالة، فهو ملحد في الأسماء.
            ولو قال: أنا أؤمن بدلالة الخالق على الذات، ولا أؤمن بدلالته على الصفة، فهو ملحد في الاسم.
            لو قال: أنا أؤمن بأن (الخالق) تدل على ذات الله وعلى صفة الخلق، لكن لا تدل على صفة العلم والقدرة. قلنا: هذا إلحاد أيضاً، فلازم علينا أن نثبت كل ما دل عليه هذا الاسم، فإنكار شيء مما دل على الاسم من الصفة إلحاد في الاسم سواء كانت دلالته على هذه الصفة دلالة مطابقة أو تضمن أو التزام.
            ولنضرب مثلاً حسياً تتبين فيه أنواع هذه الدلالات: لو قلت: لي بيت. فكلمة (بيت) فيها الدلالات الثلاث، فتفهم من (بيت) أنها تدل على كل البيت دلالة مطابقة. وتدل على مجلس الرجال وحده، وعلى الحمامات وحدها، وعلى الصالة وحدها، دلالة تضمن، لأن هذه الأشياء جزء من البيت ودلالة اللفظ على جزء معناه دلالة تضمن. وتدل على أن هناك بانياً بناه دلالة التزام، لأنه ما من بيت، إلا وله بان.
            النوع الرابع من أنواع الإلحاد في الأسماء: أن يثبت الأسماء لله والصفات، لكن يجعلها دالة على التمثيل، أي دالة على بصر كبصرنا وعلم كعلمنا، ومغفرة كمغفرتنا... وما أشبه ذلك، فهذا إلحاد، لأنه ميل بها عما يجب فيها، إذ الواجب إثباتها بلا تمثيل.
            النوع الخامس: أن ينقلها إلى المعبودات، أو يشتق أسماء منها للمعبودات، مثل أن يسمي شيئاً معبوداً بالإله، فهذا إلحاد، أو يشتق منها أسماء للمعبودات مثل: اللات من الإله، والعزى والعزيز، ومناة من المنان، فنقول: هذا أيضاً إلحاد في أسماء الله، لأن الواجب عليك أن تجعل أسماء الله خاصة به، ولا تتعدى وتتجاوز فتشتق للمعبودات منها أسماء. هذه أنواع الإلحاد في أسماء الله.
            فأهل السنة والجماعة لا يلحدون في أسماء الله أبداً بل يجرونها على ما أراد الله بها سبحانه وتعالى ويثبتون لها جميع أنواع الدلالات، لأنهم يرون أن ما خالف ذلك، فهو إلحاد.
            - وأما الإلحاد في آيات الله تعالى، فالآيات جمع آية، وهي العلامة المميزة للشيء عن غيره، والله عز وجل بعث الرسل بالآيات لا بالمعجزات، لهذا كان التعبير بالآيات أحسن من التعبير بالمعجزات:
            أولاً: لأن الآيات هي التي يعبر بها في الكتاب والسنة.
            ثانياً: أن المعجزات قد تقع من ساحر ومشعوذ وما أشبه ذلك تعجز غيره.
            ثالثاً: أن كلمة (آيات) أدل على المعنى المقصود من كلمة معجزات، فآيات الله عز وجل هي العلامات الدالة على الله عز وجل، وحينئذ تكون خاصة به ولولا أنها خاصة، ما صارت آية له.
            وآيات الله عز وجل تنقسم إلى قسمين: آيات كونية، وآيات شرعية:
            فالآيات الكونية: ما يتعلق بالخلق والتكوين، مثال ذلك قوله: )وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) [فصلت: 37] )وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ) [الروم: 20] (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْعَالِمِينَ (22) وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) (23) وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (24) وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ) [الروم: 22-25]، فهذه الآيات كونية وإن شئت، فقل: كونية قدرية، وكانت آية لله، لأنه لا يستطيع الخلق أن يفعلوها، فمثلاً: لا يستطيع أحد أن يخلق مثل الشمس والقمر، ولا يستطيع أن يأتي بالليل إذا جاء النهار، ولا بالنهار إذا جاء الليل، فهذه الآيات كونية.
            والإلحاد فيها أن ينسبها إلى غير الله استقلالاً أو مشاركة أو إعانة، فيقول: هذا من الولي الفلاني، أو: من النبي الفلاني، أو: شارك فيه النبي الفلاني أو الولي الفلاني، أو: أعان الله فيه، قال الله تعالى:)قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِير) [سبأ: 22]، فنفى كل شيء يتعلق به المشركون بكون معبوداتهم لا تملك شيئاً في السماوات والأرض استقلالاً أو مشاركة ولا معينة لله عز وجل، ثم جاء بالرابع: )وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَه) [سبأ: 23]، لما كان المشركون قد يقولون: نعم، هذه الأصنام لا تملك ولا تشارك ولم تعاون، لكنها شفعاء، قال ( وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَه ) فقطع كل سبب يتعلق به المشركون.
            القسم الثاني من الآيات: الآيات الشرعية، وهي ما جاءت به الرسل من الوحي، كالقرآن العظيم وهو آيه، لقوله تعالى: )تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ([البقرة: 252] )وَقَالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِم [ [العنكبوت: 50-51]، فجعله آيات.
            ويكون الإلحاد فيها إما بتكذيبها أو تحريفها أو مخالفتها: فتكذيبها: أن يقول: ليست من عند الله، فيكذب بها أصلاً، أو يكذب بما جاء فيها من الخبر مع تصديقه بالأصل، فيقول مثلاً: قصة أصحاب الكهف ليست صحيحة، وقصة أصحاب الفيل ليست صحيحة والله لم يرسل عليهم طيراً أبابيل.
            وأما التحريف، فهو تغيير لفظها، أو صرف معناها عما أراد الله بها ورسوله، مثل أن يقول: استوى على العرش، أي: استولى، أو: ينزل إلى السماء الدنيا، أي: ينزل أمره.
            وأما مخالفتها، فبترك الأوامر أو فعل النواهي.
            قال الله تعالى في المسجد الحرام: (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ([الحج: 25]، فكل المعاصي إلحاد في الآيات الشرعية، لأنه خروج بها عما يجب لها، إذ الواجب علينا أن نتمثل الأوامر وأن نجتنب النواهي، فإن لم نقم بذلك، فهذا إلحاد.
            ولا يكيفون(1) ولا يمثلون صفاته بصفات خلقه(2) لأنه سبحانه(3).........................................
            (1) أي: أهل السنة والجماعة، وسبق أن التكييف ذكر كيفية الصفة، سواء ذكرتها بلسانك أو بقلبك، فأهل السنة والجماعة لا يكيفون أبداً، يعنى: لا يقولون: كيفية يده كذا وكذا، ولا: كيفية وجهه كذا وكذا، فلا يكيفون هذا باللسان ولا بالقلب أيضاً، يعني: نفس الإنسان لا يتصور كيف استوى الله عز وجل، أو كيف ينزل، أو كيف وجهه، أو كيف يده، ولا يجوز أن يحاول ذلك أيضاً، لأن هذا يؤدي إلى أحد أمرين: إما التمثيل، وإما التعطيل.
            ولهذا لا يجوز للإنسان أن يحاول معرفة كيفية استواء الله على العرش، أو يقوله بلسانه، بل ولا يسأل عن الكيفية، لأن الإمام مالكاً رحمه الله قال: "السؤال عن بدعة"، لا تقل: كيف استوى؟ كيف ينزل؟ كيف يأتي؟ كيف وجهه؟ إن فعلت ذلك، قلنا: إنك مبتدع.. وقد سبق ذكر الدليل على تحريم التكييف، وذكرنا الدليل على ذلك من السمع والعقل.
            (2) "ولا يمثلون"، أي: أهل السنة والجماعة: "صفاته بصفات خلقه"، وهذا معنى قوله فيما سبق: "من غير تمثيل" وسبق لنا امتناع التمثيل سمعاً وعقلاً، وأن السمع ورد خبراً وطلباً في نفي التمثيل، فهم لا يكيفون ولا يمثلون.
            (3) (سبحان): اسم مصدر سبح والمصدر تسبيح، فـ (سبحان) بمعنى تسبيح، لكنها بغير اللفظ، وكل ما دل على معنى المصدر وليس بلفظه، فهو اسم مصدر، كـ : سبحان من سبح، وكلام من كلم وسلام من سلم، وإعرابها مفعول مطلق منصوب على المفعولية المطلقة، وعاملها محذوف دائماً.
            ومعنى (سبح)، قال العلماء: معناها: نزه، أصلها من السبح وهو البعد، كأنك تبعد صفات النقص عن الله عز وجل، فهو سبحانه وتعالى منزه عن كل نقص.
            لا سمي له(1)، ولا كفء له(2)، ولا ند له(3).................................................. ...........
            (1) دليل ذلك قوله تعالى:)رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاًً([مريم: 65]: ] هَلْ [ استفهام، لكنه بمعنى النفي ويأتي النفي بصيغة الاستفهام لفائدة عظيمة، وهي التحدي، لأن هناك فرقاً بين أن أقول: لا سمي له، و: (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّا)ً، لأن (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّا) متضمن للنفي وللتحدي أيضاً، مشرب معنى التحدي، وهذه قاعدة مهمة: كلما كان الاستفهام بمعنى النفي، فهو مشرب معنى التحدي، كأني أقول: إن كنت صادقاً، فأتني بسمي له وعلى هذا، فـ (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّا ( : أبلغ من: "(لا سمي له)".
            والسمي: هو المسامي، أي: المماثل.
            (2) الدليل قوله تعالى: )وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) (الإخلاص:4) .
            (3) الدليل قوله تعالى: ) فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)(البقرة: من الآية22) ، أي: تعلمون أنه لا ند له والند بمعنى النظير.
            وهذه الثلاثة ـ السمي والكفء والند ـ معناها متقارب جداً، لأن معنى الكفء: الذي يكافئه، ولا يكافئ الشيء الشيء إلا إذا كان مثله، فإن لم يكن مثله، لم يكن مكافئاً، إذاً: لا كفء له، أي: ليس له مثيل سبحانه وتعالى.
            وهذا النفي المقصود منه كمال صفاته، لأنه لكمال صفاته لا أحد يماثله.
            ولا يقاس بخلقه سبحانه وتعالى(1).................................................. ...................
            (1) القياس ينقسم إلى ثلاثة أقسام: قياس شمول، وقياس تمثيل، وقياس أولوية، فهو سبحانه وتعالى لا يقاس بخلقه قياس تمثيل ولا قياس شمول:
            1- قياس الشمول: هو ما يعرف بالعام الشامل لجميع أفراده، بحيث يكون كل فرد منه داخلاً في مسمى ذلك اللفظ ومعناه، فمثلاً: إذا قلنا: الحياة، فإنه لا تقاس حياة الله تعالى بحياة الخلق من أجل أن الكل يشمله اسم (حي).
            2- وقياس التمثيل: هو أن يلحق الشيء بمثيله فيجعل ما ثبت للخالق مثل ما ثبت للمخلوق.
            3- وقياس الأولوية: هو أن يكون الفرع أولى بالحكم من الأصل، ولهذا يقول العلماء: إنه مستعمل في حق الله، لقوله تعالى ( وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى )[النحل: 60]، بمعنى كل صفة كمال، فلله تعالى أعلاها، والسمع والعلم والقدرة والحياة والحكمة وما أشبهها موجودة في المخلوقات، لكن لله أعلاها وأكملها.
            ولهذا أحياناً نستدل بالدلالة العقلية من زاوية القياس بالأولى، فمثلاً: نقول: العلو صفة كمال في المخلوق، ، فإذا كان صفة كمال في المخلوق، فهو في الخالق من باب أولى وهذا دائماً نجده في كلام العلماء.
            فقول المؤلف رحمه الله: "ولا يقاس بخلقه"، بعد قوله: "لا سمي ولا كفء له، ولا ند له"، يعني القياس المقتضي للمساواة وهو قياس الشمول وقياس التمثيل.
            إذاً، يمتنع القياس بين الله وبين الخلق للتباين بينهما، وإذا كنا في الأحكام لا نقيس الواجب على الجائز، أو الجائز على الواجب، ففي باب الصفات بين الخالق والمخلوق من باب أولى.
            لو قال لك قائل: الله موجود، والإنسان موجود، ووجود الله كوجود الإنسان بالقياس.
            فنقول: لا يصح، لأن وجود الخالق واجب، ووجود الإنسان ممكن.
            فلو قال: أقيس سمع الخالق على سمع المخلوق.
            نقول: لا يمكن، سمع الخالق واجب له، لا يعتريه نقص، وهو شامل لكل شيء، وسمع الإنسان ممكن، إذ يجوز أن يولد الإنسان أصم، والمولود سميعاً يلحقه نقص السمع، وسمعه محدود.
            إذاً، لا يمكن أن يقاس الله بخلقه، فكل صفات الله لا يمكن أن تقاس بصفات خلقه، لظهور التباين العظيم بين الخالق وبين المخلوق.
            فإنه سبحانه أعلم بنفسه وبغيره، وأصدق قيلاً وأحسن حديثاً من خلقه(1)................................
            (1) قال المؤلف هذا تمهيداً وتوطئة لوجوب قبول ما دل عليه كلام الله تعالى من صفاته وغيرها، ، وذلك أنه يجب قبول ما دل عليه الخبر إذا اجتمعت فيه أوصاف أربعة:
            الأول: أن يكون صادراً عن علم، وإليه الإشارة بقوله: "فإنه أعلم بنفسه وبغيره".
            الثاني: الصدق، وأشار إليه بقوله: "وأصدق قيلاً".
            الوصف الثالث: البيان والفصاحة، وأشار إليه بقوله: "وأحسن حديثاً".
            الوصف الرابع: سلامة القصد والإرادة، بأن يريد المخبر هداية من أخبرهم.
            فدليل الأول ـ وهو العلم ـ: قوله تعالى:)وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ ( [الإسراء: 55]، فهو أعلم بنفسه وبغيره من غيره، فهو أعلم بك من نفسك، لأنه يعلم ما سيكون لك في المستقبل، وأنت لا تعلم ماذا تكسب غدا ً؟
            وكلمة ( أَعْلَمُ )هنا اسم تفضيل،ولقد تحاشاها بعض المفسرين وفسر (أَعْلَمُ ) بـ ( عالم )فقال : ) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين) (النحل: من الآية125) أي هو عالم بمن ضل عن سبيله وهو عالم بالمهتدين وقال لأن أَعْلَمُ اسم تفضيل وهو يقتضي اشتراك المفضل والمفضل عليه، وهذا لا يجوز بالنسبة لله، لكن (عالم) اسم فاعل وليس فيه مقارنة ولا تفضيل.
            فنقول له: هذا غلط، فالله يعبّر عن نفسه ويقول: (أَعْلَمُ(وأنت تقولك عالم! وإذا فسرنا ( أَعْلَمُ( بـ(عالم)، فقد حططنا من قدر علم الله، لأن (عالم) يشترك فيه غير الله على سبيل المساواة، لكن ( أَعْلَمُ( مقتضاه أن لا يساويه أحد في هذا العلم، فهو أعلم من كل عالم، وهذا أكمل في الصفة بلا شك.
            ونقول له: إن اللغة العربية بالنسبة لاسم الفاعل لا تمنع المساواة في الوصف، لكن بالنسبة لاسم التفضيل تمنع المشاركة فيما دل عليه.
            ونقول أيضاً: في باب المقارنة لا بأس أن نقول: أعلم، بمعنى: أن تأتي باسم التفضيل، ولو فرض خلو المفضل عليه من ذلك المعنى، كما قال الله تعالى:(أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاًً) [الفرقان: 24]، فجاء باسم التفضيل، مع أن المفضل عليه ليس فيه شئ إطلاقا .
            وفي باب مجادلة الخصم ومحاجته يجوز أن نأتي باسم التفضيل ، وإن كان المفضل عليه ليس فيه شئ منه قال الله تعالى : (آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ)(النمل: من الآية59) ومعلوم أن ما يشركون ليس فيه خير، وقال يوسف: ( أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّار) ]يوسف: 39]، والأرباب ليس فيها خير.
            فالحاصل أن نقول: إن (أَعْلَمُ ) الواردة في كتاب الله يراد بها معناها الحقيقي، ومن فسرها بـ(عالم)، فقد أخطأ من حيث المعنى ومن حيث اللغة العربية.
            ودليل الوصف الثاني ـ الصدق ـ: قوله تعالى: (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قيلاً)أي: لا أحد أصدق منه، والصدق مطابقة الكلام للواقع، ولا شيء من الكلام يطابق الواقع كما يطابقه كلام الله سبحانه وتعالى، فكل ما أخبر الله به، فهو صدق، بل أصدق من كل قول.
            ودليل الوصف الثالث ـ البيان والفصاحة ـ: قوله تعالى: ) وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً) وحسن حديثه يتضمن الحسن اللفظي والمعنوي.
            ودليل الوصف الرابع ـ سلامة القصد والإرادة ـ: قوله تعالى:
            ] يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا [[النساء: 176]،(يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ ( [النساء: 26].
            فاجتمع في كلام الله الأوصاف الأربعة التي توجب قبول الخبر.
            وإذا كان كذلك، فإنه يجب أن نقبل كلامه على ما هو عليه، وأن لا يلحقنا شك في مدلوله، لأن الله لم يتكلم بهذا الكلام لأجل إضلال الخلق، بل ليبين لهم ويهديهم، وصدر كلام الله عن نفسه أو عن غيره من أعلم القائلين، ولا يمكن أن يعتريه خلاف الصدق، ولا يمكن أن يكون كلاماً عيياً غير فصيح، وكلام الله لو اجتمعت الأنس والجن على أن يأتوا بمثله ، لما استطاعوا فإذا أجتمعت هذه الأمور الأربعة في الكلام، وجب عل المخاطب القبول بما دل عليه.
            مثال ذلك: قوله تعالى مخاطباً إبليس: ) مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَي) [ص: 75]، قال قائل: في هذه الآية إثبات يدين لله عز وجل يخلق بهما من شاء فنثبتهما، لأن كلام الله عز وجل صادر عن علم وصدق، وكلامه أحسن الكلام وأفصحه وأبينه، ولا يمكن أن لا يكون له يدان لكن أراد من الناس أن يعتقدوا ذلك فيه، ولو فرض هذا، لكان مقتضاه أن القرآن ضلال، حيث جاء بوصف الله بما ليس فيه، وهذا ممتنع، فإذا كان كذلك، وجب عليك أن تؤمن بأن لله تعالى يدين اثنتين خلق بهما آدم.
            وإذا قلت: المراد بهما النعمة أو القدرة.
            قلنا: لا يمكن أن يكون هذا هو المراد، إلا إذا اجترأت على ربك ووصفت كلامه بضد الأوصاف الأربعة التي قلنا، فنقول: هل الله عز وجل حينما قال: (بِيَدَي): عالم بأن له يدين؟ فسيقول: هو عالم. فنقول: هل هو صادق؟ فسيقول: هو صادق بلا شك. ولا يستطيع أن يقول: هو غير عالم، أو: غير صادق، ولا أن يقول: عبر بهما وهو يريد غيرهما عياً وعجزاً، ولا أن يقول: أراد من خلقه أن يؤمنوا بما ليس فيه من الصفات إضلالاً لهم! فنقول له: إذاً، ما الذي يمنعك أن تثبت لله اليدين؟! فاستغفر ربك وتب إليه، وقل: آمنت بما أخبر الله به عن نفسه، لأنه أعلم بنفسه وبغيره، وأصدق قيلاً، وأحسن حديثاً من غيره وأتم إرادة من غيره أيضاً.
            ولهذا أتى المؤلف رحمه الله بهذه الأوصاف الثلاثة ونحن زدنا الوصف الرابع، وهو: إرادة البيان للخلق وإرادة الهداية لهم، لقوله تعالى: ( يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ ([النساء: 26].
            هذا حكم ما أخبر الله به عن نفسه بكلامه الذي هو جامع للكمالات الأربع في الكلام، أما ما أخبرت به الرسل فقال المؤلف: "ثم رسله صادقون مصدقون....".

            تعليق


            • #51
              رد: تعالوا نتدارس متن العقيدة الواسطية لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله.

              أطلب من الاخوة التأكد من علوي السقاف صاحب الدرر السنية و علوي السقاف الصوفي الذي رد عليه الشيخ الألباني

              تعليق


              • #52
                رد: تعالوا نتدارس متن العقيدة الواسطية لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله.

                قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في العقيدة الواسطية :

                بَلْ يُؤْمِنُونَ بِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)(الشورى: من الآية11)
                ) 1فَلَا يَنْفُونَ عَنْهُ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، وَلَا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ, وَلَا يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ وَآيَاتِهِ, وَلَا يُكَيِّفُونَ وَلَا يُمَثِّلُونَ صِفَاتِهِ بِصِفَاتِ خَلْقِهِ; لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَا سَمِيَّ لَهُ, وَلَا كُفْءَ لَهُ, وَلَا نِدَّ لَهُ, وَلَا يُقَاسُ بِخَلْقِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى; فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ, وَأَصْدَقُ قِيلاً, وَأَحْسَنُ حَدِيثًا مِنْ خَلْقِهِ

                ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
                قال الشيخ العلامة الفقيه محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :


                بل(0)
                يؤمنون بأن الله سبحانه )ِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)(1).................................... ....
                (1) أي: يقر أهل السنة والجماعة بذلك إقراراً وتصديقاً بأن الله ليس كمثله شيء؛ كما قال عن نفسه:)َليْسَ كَمِثْلِهِ(1)
                شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)( الشورى:11) ؛ فهنا نفى المماثلة، ثم أثبت السمع والبصر فنفى العيب، ثم أثبت الكمال؛ لأن نفي العيب قبل إثبات الكمال أحسن، ولهذا يقال التخلية قبل التحلية. فنفي العيوب يبدأ به أولاً ثم يذكر إثبات الكمال.
                وكلمة (شيء) نكرة في سياق النفي، فتعم كل شيء، ليس شيء مثله أبداً عز وجل أي مخلوق وإن عظم؛ فليس مماثلاً لله عز وجل؛ لأن مماثلة الناقص نقص، بل إن طلب المفاضلة بي الناقص والكامل تجعله ناقصاً ؛ كما قيل:
                ألم تر أن السيف ينقص قدره
                إذا قيل إن السيف أمضى من العصا
                فهنا لو قلن : إن لله مثيلاً؛ لزم من ذلك تنقص الله عز وجل؛ فلهذا نقول: نفى الله عن نفسه مماثلة المخلوقين؛ لأن مماثلة المخلوقين نقص وعيب؛ لأن المخلوق نقص وعيب؛ لأن المخلوق ناقص وتمثيل الكامل بالناقص يجعله ناقصا، بل ذكر المفاضلة بينهما يجعله ناقصاً؛ إلا إذا كان في مقام التحدى؛ كما في قوله تعالى : ) آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ)(النمل: من الآية59)، وقوله: ) قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ )(البقرة: من الآية140).
                وفي قوله : )َليْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)(1-)
                رد صريح على الممثلة الذين يثبتون أن الله سبحانه وتعالى له مثيل.(2)
                وحجة هؤلاء يقولون: إن القرآن عربي، هذا كان عربياً ؛ فقد خاطبنا الله تعالى بما نفهم، ولا يمكن أن يخطابنا بما لا نفهم، وقد خاطبنا الله تعالى ، فقال : إن له وجهاً وإن له عيناً ، وإن له يدين... وما أشبه ذلك ونحن لا نعقل بمقتضى اللغة العربية من هذه الأشياء إلا مثل ما نشاهد، وعلى هذا ؛ فيجب ان يكون مدلول هذه الكلمات مماثلاً لمدلولها بالنسبة للمخلوقات : يد ويد، وعين وعين، ووجه ووجه... وهكذا ؛ فنحن إنما قلنا بذل لأن لدينا دليلاً. (3)
                لا شك أ هذه الحجة واهية يوهيها ما سبق من باين أن الله ليس له مثيل ونقول : إن الله خاطبنا بما خاطبنا به من صفاته، لكننا نعلم علم اليقين أن الصفة بحسب الموصوف ودليل هذا في الشاهد؛ فإنه يقال للجمل يد وللذرة يد، ولا أحد يفهم من اليد التي أضفناها إلى الجمل أنها مثل اليد التي أضفناها إلى الذرة!
                هذا وهو في المخلوقات ؛ فكيف إذا كان كان ذلك من أوصاف الخالق؟! فإن التابين يكون أظهر وأجلى.
                وعلى هذا ؛ فيكون قول هؤلاء الممثلة مردوداً بالعقل كما أنه مردود بالسمع.
                قال الله تعالى (هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) فأثبت لنفسه سبحانه وتعالى السمع والبصر؛ لبيان كماله ، ونقص الأصنام التي تُعبد من دونه؛ فالأصنام التي تعبد من دونه ؛ فالأصنام التي تعبد من دون الله تعالى لا يسمعون، ولو سمعوا؛ ما استجابوا ، ولا يبصرون ؛ كما قال الله عز وجل: )وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ) (20) )أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) (النحل:20-21) ؛ فهم ليس لهم سمع ولا عقل ولا بصر ولو فرض أن لهم ذلك ؛ ما استجابوا : )وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ) (الاحقاف:5).
                فأهل السنة والجماعة يؤمنون بانتفاء المماثلة عن الله ؛ لأنها عيب ويثبتون له السمع والبصر؛ لقوله تعالى : )ِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )(الشورى: من الآية11).
                وإيمان الإنسان بذل يثمر للعبد أن يعظمه غاية التعظيم ؛ لأنه ليس مثله أحد من المخلوقات ، فتعظم هذا الرب العظيم الذي لا يماثله أحد ، وإلا ؛ لم يكن هناك فائدة من إيمانك بأنه )ِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ).
                إذا آمنت بأنه سميع ؛ فإنك سوف تحترز عن كل قول يغضب الله ؛ لأنك تعلم أنه يسمعك؛ فتخشى عقابه؛ فكل قول يكون فيه معصية الله عز وجل ؛ فسوف تتحاشاه؛ لأنك تعلم أنه يسمعك فتخشى عقابه فكل قول يكون فيه معصية الله عز وجل فسوف تتحاشاه لانك تؤمن بأنه سميع، وإذا لم يحدث لك هذا الإيمان هذا الشيء؛ فاعلم أن إيمانك بأن الله سميع إيمان ناقص بلا شك.
                إذا آمنت بأن الله سميع ؛ فلن تتكلم إلا بما يرضي ولا سيما إذا كنت تتكلم معبراً عن شرعه، وهو المفتي والمعلم ؛ فإن هذا أشد ، والله سبحانه يقول) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)(الأنعام: من الآية144)؛ فإن هذا من أظلم ولهذا قال )َّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)(الاحقاف: من الآية10)وهذا من عقوبة من يفتي بلا علم ؛ أنه لا يهدى ؛ لأنه ظالم.
                فحذار يا أخي المسلم أن تقول قولاً لا يرضي الله ؛ سواء قلته على الله ، أو على غير هذا الوجه.
                وثمرة الإيمان بأن الله بصير أن لا تفعل شيئاً يغضب الله ؛ لأنك تعلم انك لو تنظر نظرة محرمة لا يفهم الناس أنها نظرة محرمة ؛ فإن الله تعالى يرى هذه النظرة، ويعمل ما في قلبك ، )يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) (غافر:19)
                إذا آمنت بهذا ؛ لا يمكن أن تفعل فلاً لا يرضاه أبداً.
                استحيي من الله كما تستحي من أقرب الناس إليك وأشدهم تعظيماً منك.
                إذاً، إذا آمنا بأن الله بصير، فسوف نتحاشى كل فعل يكون سبباً لغضب الله عز وجل، وإلا، فإن إيماننا بذلك ناقص. لو أن أحداً أشر بإصبعه أو شفته أو بعينه أو برأسه لأمر محرم، فالناس الذين حوله لا يعلمون عنه، لكن الله تعالى يراه، فليحذر هذا من يؤمن به، ولو أننا نؤمن بما تقتضيه أسماء الله وصفاته، لوجدت الاستقامة كاملة فينا فالله المستعان.

                ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــ
                0 : بل) هذه للإضراب إضراب عما سبق إلى الآتي
                والإضراب نوعان:
                قد يكون إضراب لغط , وقد يكون إضراب للانتقال من كلام إلى كلام.
                والذي في القرآن من الإضراب : الإضراب الانتقالي وهنا إضراب انتقالي.
                (بل يؤمنون) أضرب عن الكلام السالف يعني:
                عن تفصيله وعن تدقيق الكلام فيه وتنويع الكلام فيه ودخل في كلام آخر.

                (راجع شرح الواسطية للشيخ صالح آل الشيخ :1/165)


                1 : قال الهراس رحمه الله : الكاف صلة زيدت للتأكيد اهـ.
                والحرف الزائد له عدة أسماء :
                صلة , زائد , توكيد , لغو .
                والأخير يجب اجتنابه في كتاب الله لأنه عند إطلاقه يشعر باللغو الباطل كما يتبادر في الأذهاب وكلام الله منزه عن هذا .
                وهل في القرآن حرف زائد ؟
                قال ابن هشام : وينبغي أن يجتنب المعرب أن يقول في حرف من كتاب الله : إنه زائد لأنه يسبق إلى الأذهان أن الزائد هو الذي لا معنى له .. اهـ.
                ويراجع شرح العلامة ابن عثيمين على الواسطية : 1/ 199 كما أفاده بعض الإخوة .
                وقد نقل بعض المشايخ أنه لا يوجد شيء زائد لا معنى له في القرآن بإجماع العلماء

                ويقول العلامة صالح آل الشيخ حفظه الله ورحمه :
                زيادتها ليست زيادة في اللفظ وإنما هو زيادة لها ليكون المعنى زائدا وليست بمعنى أن وجودها وعدم وجودها واحد حاشا وكلا أن يكون في القرآن شيء من ذلك وإنما تزاد ليكون مبالغة في الدلالة على المعنى...

                وهي تفيد تكرير الجملة كما حرره ابن جني النحوي في كتابه الخصائص حيث قال : إن الصلة والزيادة تكون في الجمل لتأكيدها فتكون مقام تكريرها مرتين أو أكثر اهـ,
                وذكر الشيخ صالح فقال: ويكون معنى الجملة تأكيد: ليس مثله شيء ليس مثله شيء ليس مثله شيء وهو السميع البصير
                راجع ( شرح الواسطية للشيخ صالح آل الشيخ : 1/166-16

                1 - : قال الشنقيطي رحمه الله في آيات الأسماء والصفات :
                فهذه الآية فيها تعليم عظيم يحل جميع الإشكالات ويجيب عن جميع الأسئلة حول الموضوع. ذلك لأن الله قال: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} بعد قوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}. ومعلوم أن السمع والبصر من حيث هما سمع وبصر يتصف بهما جميع الحيوانات فكأن الله يشير للخلق ألاّ ينفوا عنه صفة سمعه وبصره بادعاء أن الحوادث تسمع وتبصر وأن ذلك تشبّه بل عليهم أن يثبتوا له صفة سمعه وبصره على أساس ليس كمثله شيء. فالله جل وعلا له صفات لائقة بكماله وجلاله والمخلوقات لهم صفات مناسبة لحالهم وكل هذا حق ثابت لا شك فيه اهـ.


                *. وفي الآية فائدة هي قاعدة مفيدة في هذا الباب : أن الإثبات يكون مفصلا والنفي مجملا في الغالب
                يقول العلامة صالح آل الشيخ : الذي يظهر من الآية أن النفي جاء فيها مجملا وأن الإثبات جاء فيها مفصلا ..
                وهذا بخلاف طريقة أهل البدع فإنهم يجعلون الإثبات مجملا والنفي مفصلا اهـ. (شرحه : 164)

                وقال الشيخ عبد العزيز الرشيد في التنبيهات (30)
                فيها النفي المجمل والإثبات المفصل ... وفيها تقديم النفي على الإثبات لأن الأول من باب التخلية والثاني من باب التحلية اهـ.

                *. وسمع الله عز وجل ينقسم إلى قسمين :
                1_ سمع عام : وهو سمعه سبحانه لكل مسموع
                2_ سمع خاص: وهو سمع الإجابة والإثابة كما قال سبحانه (( إن ربي لسميع الدعاء )) الآية
                ومنه قول العبد ( سمع الله لمن حمده ) أي استجاب سبحانه لمن حمده (المصدر السابق ويراجع ذكر في آخر الكلام فائدة طيبة)


                2 : من الجسمية الممثلة من يقول هو لحم وعظم ومع هذا لا يقولون إن الله عز وجل يتفرق ويتبعض وينفصل بعضه من بعض.
                قال شيخ الإسلام ابن تيمية بعد أن نقل قول من يقول بصر الله كبصري:
                مع ظهور بطلان قول هؤلاء فإنهم لم ينقل عنهم أنهم جوزوا عليه التبعيض والتفرق لكن هذا لازم قولهم فإنهم:

                متى جعلوه من جنس غيره جاز عليه ما يجوز على ذلك الغير إذ هذا حكم المتجانسين المتماسكين فهم إن أجازوا عليه من التبعيض والتفرق ما يجوز على مثله , لزمهم القول بجواز تبعيضه وتفرقه بل بجواز فنائه وعدمه. وإن لم يجوزوا ذلك كانوا متناقضين وقائلين ما لا حقيقة له فإنهم يقولون :
                هو من جنسه وما هو من جنسه .اهـ.

                ويقول في موضع آخر :
                ..إذ التماثل يقتضي أن يجوز ويجب ويمتنع لكل منهما ما يجوز ويجب ويمتنع للآخر فيلزم أن يكون الشيء الواحد خالقا مخلوقا قديما محدثا موجودا معدوما واجبا ممكنا قادرا عاجزا عالما جاهلا غنيا فقيرا حيا ميتا اهـ. (تلبيس الجهمية : 1/96)

                الممثلة يقولون بالجسمية ويجعلونه من جنس غيره من الأجسام لكنه أكبر مقدارا

                قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
                فمن قال بالتشبيه المتضمن هذا التجسيم فإنه يجعله من جنس غيره من الأجسام لكنه أكبر مقدارا وهذا باطل شرعا وعقلا.
                وهؤلاء هم المشبهة الذين ذمهم السلف وقالوا:
                المشبه الذي يقول بصر كبصري ويد كيدي وقدم كقدمي فإن هذا التشبيه هو في الجنس , وإن كان المشبه أكبر مقدارا من المشبه به,
                إذ لا يقول أحد إلا أنه أكبر. اهـ.
                وراجع : http://www.alwaraqat.net/showthread....ا-الاسم

                3 : سيأتي الرد عليهم عند كلامنا على الاستواء وهنا نشير فقط اشارة : أن الألفاظ اللغوية تفهمها العرب وتفسرها بالمعنى العام الكلي الذي يكون في الذهن , وإذا صار مضافا في الخارج إلى الأشخاص فإن الإضافة تكون فيه بحسب ما يليق بالمضاف إليه سيأتي هذا بالتفصيل إن شاء الله من كلام العلامة صالح آل الشيخ فيما بعد .

                يتبع فيما بعد إن شاء الله

                تعليق


                • #53
                  رد: تعالوا نتدارس متن العقيدة الواسطية لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله.


                  قال الشيخ صالح العصيمي حفظه الله :

                  و هذه الأنواع الأربعة –أنواع الإلحاد- هي بعض ما ذكره ابن القيم في بدائع الفوائد و زاد النوع الخامس و هو وصفه سبحانه و تعالى بما تقدس عنه...
                  غير أن الناظر الى هذا التقسيم للإلحاد لا يجده منضبطا و من هنا فإن الطريقة الصحيحة في تقسيم أنواع الالحاد ليست ما ذكره ابن القيم في بدائع الفوائد و إنما ما ذكره ابن القيم في الصواعق المرسلة والنونية و حاصل ما ذكره أن أنواع الالحاد في أسماء الله و صفاته هي ثلاثة :
                  أولها ك جحد معانيها و ثانيها : انكار المسمى بها و ثالثها : التشريك فيها و هذا التقسيم هو أصح مأخذا و أسلم من الاعتراض .
                  التعليقات على شرح ابن عثيمين للعقيدة الواسطية الشريط 1 ، د60----د64

                  و هنا أسرد ما قاله ابن القيم رحمه الله في نونيته في بيان أنواع الإلحاد :

                  وحقيقة الإلحاد فيها الميــل***بالإشراك والتعطيل والنكران
                  فالملحدون إذا ثلاث طوائف*** فعليهم غضب من الرحمن

                  تعليق


                  • #54
                    رد: تعالوا نتدارس متن العقيدة الواسطية لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله.


                    قال الشيخ محمد خليل هراس رحمه الله في شرح العقيدة الواسطية :

                    و سبحان : اسم مصدر من التسبيح ، الذي هو التنزيه والإبعاد عن السوء ، وأصله من السبح ، الذي هو السرعة والانطلاق والإبعاد و منه فرس سبوح ، إذا كانت شديدة العدو.

                    تعليق


                    • #55
                      رد: تعالوا نتدارس متن العقيدة الواسطية لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله.


                      قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله و قد سبق ذكره:



                      سؤال: هل كل ما هو كمال فينا يكون كمالاً في حق الله، وهل كل ما هو نقص فينا يكون نقصاً في حق الله؟
                      الجواب: لا، لأن المقياس في الكمال والنقص ليس باعتبار ما يضاف للإنسان، لظهور الفرق بين الخالق والمخلوق، لكن باعتبار الصفة من حيث هي صفة، فكل صفة كمال، فهي ثابته لله سبحانه وتعالى.
                      فالأكل والشرب بالنسبة للخالق نقص، لأن سببهما الحاجة، والله تعالى غني عما سواه، لكن هما بالنسبة للمخلوق كمال ولهذا، إذا كان الإنسان لا يأكل، فلا بد أن يكون عليلاً بمرض أو نحوه هذا نقص.
                      والنوم بالنسبة للخالق نقص، وللمخلوق كمال، فظهر الفرق.
                      التكبر كمال للخالق ونقص للمخلوق، لأنه لا يتم الجلال والعظمة إلا بالتكبر حتى تكون السيطرة كاملة ولا أحد ينازعه.. ولهذا توعد الله تعالى من ينازعه الكبرياء والعظمة، قال: "من نازعني واحداً منهما عذبته"
                      [1][33].
                      فالمهم أنه ليس كل كمال في المخلوق يكون كمالاً في الخالق ولا كل نقص في المخلوق يكون نقصاً في الخالق إذا كان الكمال أو النقص اعتبارياً.



                      تعليق


                      • #56
                        رد: تعالوا نتدارس متن العقيدة الواسطية لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله.


                        قال الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله :


                        و من القواعد المقررة أن قياس الأولى يجري في حق الله جل وعلا بخلاف قياس الشمول وقياس التمثيل لأن الأقيسة ثلاثة قياس الأولى وقياس التمثيل و قياس الشمول وقياس الأولى يجري في حق الله جل وعلا بمعنى أن كل كمال في حق العبد فالله جل و علا أولى أن يتصف به سبحانه و تعالى و هذا قد جاء في القرآن أما قياس الشمول وهو قياس المناطقة فباطل في حق الله جل و علا و كذلك قياس التمثيل الذي هو قياس الأصوليين فهو باطل أيضا في حق الله جل و علا و كل كمال في حق المخلوق إذا قلت كل كمال لا نقص فيه الكمال لا يكون كمالا حتى لا يكون فيه نقص لكن بعضهم يزيد هذه العبارة توهما من أو إخراجا للولد لأن بعضهم يرى أن الولد كمال بالنسبة للآدمي يقول الولد يعني ممن طعنوا في قياس الأولى قالوا الولد كمال بالنسبة للآدمي و من لا ولد له من بني لآدم فهو ناقص فكيف ينفى الولد عن الله جل وعلا باعتبار هذه القاعدة و هذا البحث ناقص لأن الحقيقة ليست كذلك لأن الولد نقص بالنسبة للآدمي لأنه لم يريد الولد إما لنفعه لكي ينتفع منه إذا كبر أو ليحمل اسمه خشية من طي اسمه و نسيان اسمه و عدم بقاء اسمه أو يحتاج للتفاخر به وكل هذه صفات نقص فالله جل وعلا له صفة الكمال فلا نحتاج لهذا القيد الذي ذكره الأخ من أن الكمال يقيد بكمال لا نقص فيه فالكمال معلوم أنه لا نقص فيه .

                        شريط الأسئلة على العقيدة الواسطية د 16 .

                        تعليق


                        • #57
                          رد: تعالوا نتدارس متن العقيدة الواسطية لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله.


                          جوابا لسؤال الأخ أبو عبد الله عبدالرحمن النفاتي :

                          هذا كلام الشيخ أبو عمر أسامة بن عطايا العتيبي في علوي بن عبد القادر السقاف :


                          السؤال : ما هو حال علوي بن عبدالقادر السقاف المشرف العام

                          على موقع الدرر السنية ؟


                          الجواب : فموقع الدرر السنية فيه فوائد وخاصة برنامج التخريج

                          وما فيه من كتب كثيرة والذي قد يغر بدوره كثيراً من الناس،

                          ولا يجعلهم يرونه على حقيقته..

                          فالنفس القطبي واضحاً، والواجب الحذر منه ..

                          والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد .


                          للشيخ / أسامة بن عطايا العتيبي - حفظه الله تعالى -


                          المصدر

                          تعليق


                          • #58
                            رد: تعالوا نتدارس متن العقيدة الواسطية لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله.


                            قال الشيخ محمد خليل هراس رحمه الله:

                            و أما قوله " لا يقاس بخلقه" فالمقصود به أنه لا يجوز استعمال شيء من الأقيسة التي تقتضي المماثلة و المساواة بين المقيس و المقيس عليه في الشؤون الالهية .
                            و ذلك مثل قياس التمثيل الذي يعرفه علماء الأصول بأنه إلحاق فرع بأصل في حكم جامع كإلحاق النبيذ بالخمر في الحرمة لاشتراكهما في علة الحكم ، و هي الاسكار .
                            فقياس التمثيل مبني على وجود المماثلة بين الفرع و الأصل و الله لا يجوز أن يمثل بشيء من خلقه.
                            و مثل قياس الشمول المعروف عند المناطقة بأنه الاستدلال بكلي على جزئي بواسطة اندراج ذلك الجزئي مع غيره تحت هذا الكلي .
                            فهذا القياس مبني على استواء الأفراد المندرجة تحت هذا الكلي، و لذلك يُحكم على كل منها بما حُكم عليه، و معلوم أنه لا مساواة بين الله عز وجل و بين شيء من خلقه.
                            و إنما يستعمل في حقه تعالى قياس الأولى، و مضمونه أن كل كمال ثبت للمخلوق و أمكن أن يتصف به الخالق فالخالق أولى به من المخلوق و كل نقص تنزه عنه المخلوق، فالخالق أحق بالتنزه عنه.

                            قال الشيخ محمد أمان الجامي معلقا على كلام الشيخ محمد خليل هراس رحمه الله الأخير :

                            و إنما يستعمل في حقه قياس الأولى، و مضمونه أن كل كمال ثبت للمخلوق و أمكن أن يتصف به الخالق كالعلم و القدرة والكلام فالخالق أولى به من المخلوق و أما إذا كان الكمال الذي في المخلوق لا يمكن أن يتصف به الخاق بل في حقه يعتبر نقصا كالصاحبة و الولد والشريك لا يوصف به الرب سبحانه و تعالى لأنه غير ممكن بل مستحيل ثم قال و كل نقص تنزه عنه المخلوق فهو ألوى بالتنزيه عنه كالعمى و العور و عدم السمع نقص لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في قصة المسيح الدجال لما أخبر عنه بأنه أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة طافية قال ان ربكم ليس بأعور و لأن العور نقص حتى في المخلوق .
                            ش5 ،د 10----------د11

                            تعليق


                            • #59
                              رد: تعالوا نتدارس متن العقيدة الواسطية لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله.


                              هل من طالب علم فيعان عليه

                              هل من مشمر إخوتي في الله فوالله طلب العلم الشرعي من أعظم ما يتقرب اليه العبد الى الله تعالى و هو أفضل من نوافل العبادات و من أفضل العلوم علم العقيدة والتوحيد الخالص إذ من المعلوم أن شرف العلم من شرف المعلوم و ها هي العقيدة الواسطية لشيخ الاسلام ابن تيمية قد فتحت لنا الأبواب للنهل من دررها و الأخذ من فوائدها و قد مضى وقت كثير لم نشارك فيه في هذا الموضوع فالبدار البدار أحبتي في هذا الموقع المبارك و لنُنج أنفسنا من نار تأتي يوم القيامة يجرها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك و أعظم ما ينجي العبد به نفسه من جهنم العلم النافع والعمل الصالح و الله المستعان وعليه التكلان وهو وحده الهادي الى سواء السبيل .

                              تعليق


                              • #60
                                رد: تعالوا نتدارس متن العقيدة الواسطية لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله.


                                قال شيخ الاسلام أبو العباس عبدالحليم ابن تيمية رحمه الله في العقيدة الواسطية :


                                ثُمَّ رُسُلُهُ صَادِقُونَ مُصَدَّقُونَ; بِخِلَافِ الَّذِينَ يَقُولُونَ عَلَيْهِ مَا لَا يَعْلَمُونَ, وَلِهَذَا قَالَ (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ) (الصافات:180) (وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ) (الصافات:181)
                                فَسَبَّحَ نَفْسَهَ عَمَّا وَصَفَهُ بِهِ الْمُخَالِفُونَ لِلرُّسُلِ, وَسَلَّمَ عَلَى الْمُرْسَلِينَ; لِسَلَامَةِ مَا قَالُوهُ مِن النَّقْصِ وَالْعَيْبِ
                                وَهُوَ سُبْحَانَهُ قَدْ جَمَعَ فِيمَا وَصَفَ وسَمَّى بِهِ نَفْسَهُ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ
                                فَلَا عُدُولَ لِأَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ عَمَّا جَاءَ بِهِ الْمُرْسَلُونَ; فَإِنَّهُ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ, صِرَاطُ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِن النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ.

                                تعليق

                                يعمل...
                                X