إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

تعالوا نتدارس متن العقيدة الواسطية لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله.

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #61
    رد: تعالوا نتدارس متن العقيدة الواسطية لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله.

    قال شيخ الاسلام أبو العباس عبدالحليم ابن تيمية رحمه الله في العقيدة الواسطية :


    ثُمَّ رُسُلُهُ صَادِقُونَ مُصَدَّقُونَ; بِخِلَافِ الَّذِينَ يَقُولُونَ عَلَيْهِ مَا لَا يَعْلَمُونَ(1_), وَلِهَذَا قَالَ (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ) (الصافات:180) (وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ) (الصافات:181(
    فَسَبَّحَ نَفْسَهَ عَمَّا وَصَفَهُ بِهِ الْمُخَالِفُونَ لِلرُّسُلِ, وَسَلَّمَ عَلَى الْمُرْسَلِينَ; لِسَلَامَةِ مَا قَالُوهُ مِن النَّقْصِ وَالْعَيْبِ(2_)
    وَهُوَ سُبْحَانَهُ قَدْ جَمَعَ فِيمَا وَصَفَ وسَمَّى بِهِ نَفْسَهُ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ (3_)
    فَلَا عُدُولَ لِأَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ عَمَّا جَاءَ بِهِ الْمُرْسَلُونَ; فَإِنَّهُ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ, صِرَاطُ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِن النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ.
    .............................
    (1_)في هذا بيان سبب وعلة وجوب الوقوف على ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم
    لأن البيان التام هو ما بينه الرسول صلى الله عليه وسلم،
    *فإنه أعلم الخلق بالحق
    * وأنصح الخلق للخلق
    * وأفصح الخلق في بيان الحق
    فما بينه من أسماء الله، وصفاته، وعلوه، وفوقيته هو الغاية في هذا الباب.

    ويقول العلامة الهراس رحمه الله: وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الْكَلَامَ إِنَّمَا تَقْصُرُ دَلَالَتُهُ عَلَى الْمَعَانِي الْمُرَادَةِ مِنْهُ لِأَحَدِ ثَلَاثَةِ أَسْبَابٍ :
    *إِمَّا لِجَهْلِ الْمُتَكَلِّمِ وَعَدَمِ عِلْمِهِ بِمَا يَتَكَلَّمُ بِهِ
    *وَإِمَّا لِعَدَمِ فَصَاحَتِهِ وَقُدْرَتِهِ عَلَى الْبَيَانِ
    *وَإِمَّا لَكَذِبِهِ وَغِشِّهِ وَتَدْلِيسِهِ
    وَنُصُوصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بَرِيئَةٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ اهـ.

    ولهذا أجمع أهل الملل قاطبة على أن الرسل معصومون فيما يبلغونه عن الله تبارك وتعالى لم يقل أحد قط إن من أرسله الله يكذب عليه، وقد قال تعالى ما يبين أنه لا يقر كاذباً عليه قال تعالى: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيل لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِين ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} [الحاقة: 44-47] فدل هذا على وجوب التسليم، والانقياد لما جاءت به الرسل صلوات الله وسلامه عليهم.

    يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
    -إضافة:و- الصادق: المخبر بما طابق الواقع، فكل الرسل صادقون فيما أخبروا به.
    ولكن: لابد أن يثبت السند إلى الرسل عليهم السلام، فإذا قالت اليهود: قال موسى كذا وكذا، فلا نقبل، حتى نعلم صحة سنده إلى موسى....

    "مصدوقون" أو: "مصدقون": نسختان:
    *أما على نسخة "مصدوقون"، فالمعنى أن ما أوحي إليهم، فهو صدق، والمصدوق: الذي أخبر بالصدق والصادق: الذي جاء بالصدق....
    فالرسل مصدوقون، كل ما أوحي إليهم، فهو صدق، ما كذبهم الذي أرسلهم ولا كذبهم الذي أرسل إليهم، وهو جبريل عليه الصلاة والسلام، {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ} [التكوير: 19-21] .


    *وأما على نسخة: "مصدقون"، فالمعنى أنه يجب على أممهم تصديقهم، وعلى هذا يكون معنى "مصدقون"، أي: شرعاً، يعني: يجب أن يصدقوا شرعاً، فمن كذب بالرسل أو كذبهم، فهو كافر

    * ويجوز أن يكون "مصدقون" له وجه آخر، أي: أن الله تعالى صدقهم، ومعلوم أن الله تعالى صدق الرسل
    صدقهم 1_ بقوله 2_ وبفعله:
    1_ أما بقوله: فإن الله قال لرسوله محمد عليه الصلاة والسلام: {لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ} [النساء: 166] ، {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ} [المنافقون: 1] ، فهذا تصديق بالقول.

    2_أما تصديقه بالفعل، فبالتمكين له، وإظهار الآيات، فهو يأتي للناس يدعوهم إلا الإسلام، فإن لم يقبلوا، فالجزية، فإن لم يقبلوا، استباح دمائهم ونساءهم وأموالهم، والله تعالى يمكن له، ويفتح عليه الأرض أرضاً بعد أرض، وحتى بلغت رسالته مشارق الأرض ومغاربها، فهذا تصديق من الله بالفعل ...
    -إضافة: قال البراك: فلا يكذب الرسل ظاهرا وباطنا إلا من لا عقل له، يعني ما عنده.
    أما العقلاء فإنهم وإن جحدوا ظاهرا عنادا وحسدا وكبرا وما إلى ذلك فهم مصدقون لهم في الباطن، وإن كان هذا التصديق لا ينفعهم، من صدَّق الرسل في الباطن وأظهر تكذيبهم فهو الكفور، لا ينفعه تصديقه في الباطن اهـ. -

    قوله: "بخلاف الذين يقولون عليه ما لا يعلمون": فهؤلاء كاذبون أو ضالون، لأنهم قالوا مالا يعلمون.
    وكأن المؤلف يشير إلى أهل التحريف، لأن أهل التحريف قالوا على الله مالا يعلمون من وجهين:
    قالوا: إنه لم يرد كذا وأراد كذا! فقالوا في السلب والإيجاب لما لا يعلمون.
    مثلاً: قالوا: لم يرد بالوجه الحقيقي! فهنا قالوا على الله مالا يعلمون بالسلب
    ثم قالوا: والمراد بالوجه الثواب! فقالوا على الله مالا يعلمون في الإيجاب.
    وهؤلاء الذين يقولون على الله مالا يعلمون لا يكونون صادقين ولا مصدوقين ولا مصدقين بل قامت الأدلة على أنهم اهـ.

    قال الشيخ صالح آل الشيخ:
    -إضافة:و- القول على الله بلا علم أشد المحرمات ولهذا عنه تفرع كل ضلال ، وقد ذكر الله جل وعلا تحريمه في عدة آيات في كتابه جل وعلا اهـ.

    وهنا تنبيه مهم أهل السنة والجماعة أخذوا بالكتاب والسنة فتجدهم على كلمة واحدة لا يختلفون وأما أهل البدع فجعلوا العقل مصدر التلقي وقدموه على النقل فلذلك تجدهم يضطربون هذا يثبت وهذا ينفي وهذا يقول مخالف للعقل وهذا يقول لا.


    (2_) قال الشيخ صالح آل الشيخ:
    تسبيح الله (سبحان الله) معناها تنزيه الله عن كل نقص وعيب وسوء
    -إضافة:قالالشيخ صالح الفوزان: سبحان اسم مصدر من التسبيح وهو التنزيه.
    قال الشيخ الهراس: وَأَصْلُهُ مِنَ السَّبْحِ ، الَّذِي هُوَ السُّرْعَةُ وَالِانْطِلَاقُ وَالْإِبْعَادُ ، وَمِنْهُ فَرَسٌ سَبُوحٌ ؛ إِذَا كَانَتْ شَدِيدَةَ الْعَدْوِ اهـ. -
    وموارده في الكتاب والسنة خمسة :
    * تنزيه الله جل وعلا عن الشريك في الربوبية كما ادعاه الملحدون .
    * تنزيه الله جل وعلا عن الشريك في الألوهية كما ادعاه المشركون .
    * تنزيه الله جل وعلا في أسمائه وصفاته أن تسلب معانيها اللائقة بها وتنزيه الله جل وعلا في أسمائه وصفاته عن مماثلة المخلوقين لها .
    * تنزيه الله جل وعلا في أمره الكوني وقدره الكوني عن أن يكون بلا حكمة أو أن يكون عبثا كما ادعاه من قالوا خلقنا الله عبثا ، ومن نفوا الحكمة في الخلق والإيجاد وتقدير الأشياء .
    * والخامس وهو الأخير : تنزيه الله جل وعلا في شرعه وأمره الديني عن النقص وعن منافاة الحكمة .
    فالله جل وعلا ينزه نفسه بقوله {سُبْحَانَ رَبِّكَ} يعني تنزيها لله من كل سوء ادعاه المخالفون للرسل....
    قال بعدها {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ} بمعنى صاحب العزة ، بمعنى ذي العزة ، المتصف بالعزة .
    *والعزة صفة لله جل وعلا ، ومن أسمائه سبحانه وتعالى العزيز .
    والعزيز هو: الذي كملت له أوصاف العزة .

    والعزة في الكتاب والسنة جاءت ـ يعني التي يتصف الله جل وعلا بها ـ جاءت على ثلاث معان :
    * الأول العزة التي هي بمعنى الامتناع والغنى وعدم الحاجة ، الامتناع عمن يغالب أو عمن يسيء والغنى ـ هذه كلها معنى واحد ـ والغنى عن الخلق .
    * والثاني العزة بمعنى القهر والغلبة .
    * والثالث العزة بمعنى القوة ، طبعا معنى القوة الخاصة ، قوة لا يقوى عليها قوة لا يند عنها شيء
    وهذه هي التي ذكرها ابن القيم هذه المعاني الثلاث في النونية....

    قال (عَمَّا يَصِفُونَ)
    يعني عن الذي يصفون والمفعول به - الذي هو الضمير - محذوف
    يعني (عما) عن الذي يصفونه يعني هو الله جل وعلا به .
    ومن هم الواصفون الذين نزه الله جل وعلا نفسه عن وصفهم ؟
    هم الذين لم يستجيبوا للرسل .
    فقال (وسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ)
    وذلك لأن المرسلين أنزل الله جل وعلا عليهم السلام , وهو جل وعلا السلام ، من أسمائه السلام ، وهو الذي يعطي السلامة .

    وقال هنا عن نفسه {سَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ} فهو الذي جعل الأنبياء والمرسلين أهل للسلامة .

    *والسلامة متبعضة : هناك سلامة في القول في صحته ومطابقته للواقع ، وسلامة في الفهم ، وسلامة في العبودية ، وسلامة في الاعتقاد ، وسلامة في التبليغ .
    فجهات السلامة كثيرة ، والله جل وعلا أعطاها عباده المرسلين .

    ولهذا قال هنا {سَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ} وأفاد الإعطاء التعدية بـ(على) ...

    *وفي قوله (على) ما يفيد أن السلامة صارت عليهم وقد أحاطت بهم .

    قال (وَالحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) ...
    العالمون جمع العالم ، والعالم كل ما سوى الله جل وعلا ، فكل ما سوى الله جل وعلا عالم.
    *وسمي عالما من العلامة ، لأنه علامة على أنه مربوب وأن له ربا خالقا *أو من العلم لأن به علم ما لله جل وعلا من الحق والأسماء والصفات كما قال الشاعر :
    وفي كل شيء له آية ... تدل على أنه الواحد

    (3_) قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
    بين المؤلف رحمه الله في هذه الجملة أن الله تعالى جمع فيما وصف وسمى به نفسه بين النفي والإثبات، وذلك لأن تمام الكمال لا يكون إلا بثبوت صفات الكمال وانتفاء ما يضادها من صفات النقص، فأفادنا رحمه الله أن الصفات قسمان:
    1 صفات مثبتة: وتسمى عندهم: الصفات الثبوتية.
    2 وصفات منفية: ويسمونها: الصفات السلبية، من السلب وهو النفي.

    *ولا حرج من أن نسميها سلبية، وإن كان بعض الناس توقف وقال: لا نسميها سلبية، بل نقول: منفية.
    فنقول: ما دام السلب في اللغة بمعنى النفي، فالاختلاف في اللفظ ولا يضر....

    فالمثبتة: كل ما أثبته الله لنفسه، وكلها صفات كمال، ليس فيها نقص بوجه من الوجوه ومن كمالها أنه لا يمكن أن يكون ما أثبته دالاً على التمثيل، لأن المماثلة للمخلوق نقص.

    *وإذا فهمنا هذه القاعدة، عرفنا ضلال أهل التحريف، الذين زعموا أن الصفات المثبتة تستلزم التمثيل، ثم أخذوا ينفونها فراراً من التمثيل..

    *-إضافة:و- نقول: إن الصفات توقيفية على المشهور عند أهل العلم، كالأسماء، فلا تصف الله إلا بما وصف به نفسه.
    *وحينئذ نقول: الصفات تنقسم إلى ثلاثة أقسام: صفة كمال مطلق، وصفة كمال مقيد، وصفة نقص مطلق.

    أما صفة الكمال على الإطلاق، فهي ثابتة لله عز وجل، كالمتكلم، والفعال لما يريد، والقادر.. ونحو ذلك.

    وأما صفة الكمال بقيد، فهذه لا يوصف الله بها على الإطلاق إلا مقيداً، مثل: المكر، والخداع، والاستهزاء.. وما أشبه ذلك، فهذه الصفات كمال بقيد، إذا كانت في مقابلة من يفعلون ذلك، فهي كمال، وإن ذكرت مطلقة، فلا تصح بالنسبة لله عز وجل...

    وأما صفة النقص على الإطلاق، فهذه لا يوصف الله بها بأي حال من الأحوال، كالعاجز والخائن والأعمى والأصم، لأنها نقص على الإطلاق، فلا يوصف الله بها وانظر إلى الفرق بين خادع وخائن، قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [النساء: 142] ، فأثبت خداعه لمن خادعه لكن قال في الخيانة: {وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ} [الأنفال: 71] ولم يقل: فخانهم، لأن الخيانة خداع في مقام الائتمان، والخداع في مقام الائتمان نقص، وليس فيه مدح أبداً فإذاً، صفات النقص منفية عن الله مطلقاً.

    * والصفات المأخوذة من الأسماء هي كمال بكل حال ويكون الله عز وجل قد أتصف بمدلولها، فالسمع صفة كمال دل عليها اسمه السميع، فكل صفة دلت عليها الأسماء، فهي صفة كمال مثبته لله على سبيل الإطلاق، وهذه تجعلها قسماً منفصلاً، لأنه ليس فيها تفصيل، وغيرها تنقسم إلى الأقسام الثلاثة التي سلف ذكرها.

    *إذا قال قائل: فهمنا الصفات وأقسامها، فما هو الطريق لإثبات الصفة مادمنا نقول: إن الصفات توقيفية؟
    فنقول: هناك عدة طرق لإثبات الصفة:
    الطريق الأول: دلالة الأسماء عليها، لأن كل اسم، فهو متضمن لصفة..
    الطريق الثاني: أن ينص على الصفة، مثل الوجه، واليدين، والعينين ... وما أشبه ذلك...
    الطريق الثالث: أن تؤخذ من الفعل، مثل: المتكلم- الظاهر الشيخ يقصد صفة الكلام-، فأخذها من {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} [النساء: 164] .
    هذه هي الطرق التي تثبت بها الصفة اهـ.

    يقول الشيخ صالح آل الشيخ:
    وهذا فيه بيان لقاعدة أهل السنة والجماعة في ذلك بأعظم وأوضح استدلال بأنهم يجمعون في عقائدهم في الأسماء والصفات بين النفي والإثبات .
    وعندهم النفي يكون مجملا كما أجمله الله جل وعلا .
    وعندهم الإثبات يكون مفصلا كما فصله الله جل وعلا .

    -إضافة: قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: لهذا نجد أن صفات النفي تأتي كثيراً عامة، غير مخصصة بصفة معينة، والمخصص بصفة لا يكون إلا لسبب.
    وقال في موضع آخر: أما إذا كان مفصلاً، فلا تجده إلا لسبب، كقوله {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ} [المؤمنون: 91] ، رداً لقول من قال: إن لله ولداً وقوله: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} [الإخلاص: 3] كذلك وقوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} [ق: 38] ، لأنه قد يفرض الذهن الذي لا يقدر الله حق قدره أن هذه السماوات العظيمة والأرض العظيمة إذا كان خلقها في ستة أيام، فسيلحقه التعب، فقال: {وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} [ق: 38] ، أي: من تعب وإعياء اهـ.

    يقول الشيخ الهراس رحمه الله: وَلِهَذَا كَانَ النَّفْيُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ إِنَّمَا يَأْتِي مُجْمَلًا فِي أَكْثَرِ أَحْوَالِهِ ؛ بِخِلَافِ الْإِثْبَاتِ ؛ فَإِنَّ التَّفْصِيلَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنَ الْإِجْمَالِ ؛ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ لِذَاتِهِ . -

    *وأما النفي المفصل الذي جاء في القرآن كقوله {وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} ... فإن النفي لا يكون كمالا ولا يمدح به المنفي إلا إذا كان النفي يراد به إثبات كمال الضد.
    الله جل وعلا نفى عن نفسه الظلم والغرض من ذلك إثبات كمال ضد صفة الظلم وهو العدل ...

    * وقد يكون النفي لإثبات صفة واحدة وقد يكون النفي لإثبات صفتين معا - يعني النفي يكون المراد منه إثبات الصفتين جميعا - ...
    فقوله هنا في هذا النفي {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ} يراد به إثبات كمال ضد العجز وكمال ضد العجز يكون بكمال صفتين :
    1_ وهي صفة العلم
    2_ وصفة القدرة ولهذا قال جل وعلا في آخر هذه الآية قال {إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا}

    وقد تقرر أن كلمة (إنه) في القرآن من أساليب التعليل لما قبلها إذا كان خبرا أو أمرا أو نهيا أو حكما أو استفهاما ، يكون ما بعد إن تعليل لما قبلها .
    {مَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ} ما علة ذلك ؟
    قال {إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا} وهذا فيه ظهور أن النفي هنا أريد به إثبات كمال ضده.

    تعليق


    • #62
      رد: تعالوا نتدارس متن العقيدة الواسطية لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله.



      قال الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:


      ثم رسله صادقون(1).................................................. .................................

      (1) الصادق: المخبر بما طابق الواقع، فكل الرسل صادقون فيما أخبروا به ولكن: لابد أن يثبت السند إلى الرسل عليهم السلام، فإذا قالت اليهود: قال موسى كذا وكذا، فلا نقبل، حتى نعلم صحة سنده إلى موسى. وإذا قالت النصارى: قال عيسى كذا وكذا، فلا نقبل، حتى نعم صحة السند إلى عيسى. وإذا قال قائل: قال محمد رسول الله كذا وكذا، فلا نقبل، حتى نعلم صحة السند إلى محمد.

      فرسله صادقون فيما يقولون، فكل ما يخبرون به عن الله وعن غيره من مخلوقاته، فهم صادقون فيه، لا يكذبون أبداً.
      ولهذا أجمع العلماء على أن الرسل عليهم الصلاة والسلام معصومون من الكذب.
      مَصْدوقون(1).................................................. .......................................
      (1) " مَصْدوقون " أو: "مُصَدَّقون": نسختان: أما على نسخة "مصدوقون"، فالمعنى أن ما أوحي إليهم، فهو صدق، والمصدوق: الذي أخبر بالصدق والصادق: الذي جاء بالصدق، ومنه قول الرسول عليه الصلاة والسلام لأبي هريرة حين قال له الشيطان: إنك إذا قرأت آية الكرسي، لم يزل عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى قال له: "صدقك وهو كذوب"[53]، يعني: أخبرك بالصدق. فالرسل مصدوقون، كل ما أوحي إليهم، فهو صدق، ما كذبهم الذي أرسلهم ولا كذبهم الذي أرسل إليهم، وهو جبريل عليه الصلاة والسلام،( إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ([التكوير: 19-21].
      وأما على نسخة: (مصدقون)، فالمعنى أنه يجب على أممهم تصديقهم، وعلى هذا يكون معنى "مصدقون"، أي: شرعاً، يعني: يجب أن يصدقوا شرعاً، فمن كذب بالرسل أو كذبهم، فهو كافر، ويجوز أن يكون "مصدقون" له وجه آخر، أي: أن الله تعالى صدقهم، ومعلوم أن الله تعالى صدق الرسل، صدقهم بقوله وبفعله:
      أما بقوله: فإن الله قال لرسوله محمد عليه الصلاة والسلام: ( لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ( [النساء: 166]، ( وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُه([المنافقون: 1]، فهذا تصديق بالقول.
      أما تصديقه بالفعل، فبالتمكين له، وإظهار الآيات، فهو يأتي للناس يدعوهم إلي الإسلام، فإن لم يقبلوا، فالجزية، فإن لم يقبلوا، استباح دمائهم ونساءهم وأموالهم، والله تعالى يمكن له، ويفتح عليه الأرض أرضاً بعد أرض، وحتى بلغت رسالته مشارق الأرض ومغاربها، فهذا تصديق من الله بالفعل، كذلك أيضاً ما يجريه الله على يديه من الآيات هو تصديق له سواء كانت الآيات شرعية أم كونية، فالشرعية كان دائماً يسأل عن الشيء وهو لا يعلمه، فينزل الله الجواب: ( وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي الاسراء ) [الإسراء: 85][54] ، إذاً هذا تصديق بأنه رسول ولو كان غير رسول، ما أجاب الله )يسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّه ) [البقرة: 217]. فالجواب: (قُلْ قِتَالٌ فِيهِ) .. إلخ، فهذا تصديق من الله عز وجل.
      والآيات الكونية ظاهرة جداً وما أكثر الآيات الكونية التي أيد الله بها رسوله، سواء جاءت لسبب أو لغير سبب، وهذا معروف في السيرة.
      ففهمنا من كلمة: "مصدقون": أنهم مصدقون من قبل الله بالآيات الكونية والشرعية، مصدقون من قبل الخلق، أي: يجب أن يصدقوا وإنما حملنا ذلك على التصديق شرعاً، لأن من الناس من صدق ومن الناس من لم يصدق، لكن الواجب التصديق.
      بخلاف الذين يقولون عليه ما لا يعلمون(1).................................................. ...........
      (1) فهؤلاء كاذبون أو ضالون، لأنهم قالوا مالا يعلمون.
      وكأن المؤلف يشير إلى أهل التحريف، لأن أهل التحريف قالوا على الله مالا يعلمون من وجهين: قالوا: إنه لم يرد كذا وأراد كذا! فقالوا في السلب والإيجاب لما لا يعلمون.
      مثلاً: قالوا: لم يرد بالوجه الحقيقي! فهنا قالوا على الله مالا يعلمون بالسلب، ثم قالوا: والمراد بالوجه الثواب! فقالوا على الله ما لا يعلمون في الإيجاب.
      وهؤلاء الذين يقولون على الله ما لا يعلمون لا يكونون صادقين ولا مصدوقين ولا مصدقين بل قامت الأدلة على أنهم كاذبون مكذوبون بما أوحى إليهم الشيطان.
      ولهذا(1) قال سبحانه وتعالى: (سبحان(2) ربك(3) رب العزة(4) عما يصفون(5) وسلام على المرسلين(6) والحمد لله رب العالمين(7)).................................................. .............................
      (1) أي: لأجل كمال كلامه وكلام رسله.
      (2) سبق معنى التسبيح وهو تنزيه الله عن كل ما لا يليق به.
      (3) أضاف الربوبية إلى محمد صلى الله عليه وسلم وهي ربوبية خاصة، من باب إضافة الخالق إلى المخلوق.
      (4) من باب إضافة الموصوف إلى الصفة، ومن المعروف أن كل مربوب مخلوق وهنا قال: (رب العزة) ، وعزه الله غير مخلوقة، لأنها من صفاته، فنقول: هذه من باب إضافة الموصوف إلى الصفة وعلى هذا، فـ ]رب العزة[ هنا معناها: صاحب العزة، كما يقال: رب الدار، أي: صاحب الدار.
      (5) يعني: عما يصفه المشركون، كما سيذكره المؤلف.
      (6) أي: على الرسل.
      (7) حمد الله نفسه عز وجل بعد أن نزهها، لأن في الحمد كمال الصفات، وفي التسبيح تنزيه عن العيوب، فجمع في الآية بين التنزيه عن العيوب بالتسبيح، وإثبات الكمال بالحمد.
      فسبح نفسه عما وصفه به المخالفون للرسل، وسلم على المرسلين لسلامة ما قالوه من النقص والعيب(1). وهو سبحانه قد جمع فيما وصف وسمى به نفسه بين النفي والإثبات(2).................................................. .............................
      (1) معنى هذه الجملة واضح، وبقي أن يقال: وحمد نفسه لكمال صفاته بالنسبة لنفسه وبالنسبة لرسله، فإنه سبحانه محمود على كمال صفاته وعلى إرسال الرسل، لما في ذلك من رحمة الخلق والإحسان إليهم.
      (2) بين المؤلف رحمه الله في هذه الجملة أن الله تعالى جمع فيما وصف وسمى به نفسه بين النفي والإثبات، وذلك لأن تمام الكمال لا يكون إلا بثبوت صفات الكمال وانتفاء ما يضادها من صفات النقص، فأفادنا رحمه الله أن الصفات قسمان:
      1- صفات مثبتة: وتسمى عندهم: الصفات الثبوتية.
      2- وصفات منفية: ويسمونها: الصفات السلبية، من السلب وهو النفي، ولا حرج من أن نسميها سلبية، وإن كان بعض الناس توقف وقال: لا نسميها سلبية، بل نقول: منفية.
      فنقول: ما دام السلب في اللغة بمعنى النفي، فالاختلاف في اللفظ ولا يضر.
      فصفات الله عز وجل قسمان: ثبوتية وسلبية، أو إن شئت، فقل: مثبتة ومنفية، والمعنى واحد.
      فالمثبتة: كل ما أثبته الله لنفسه، ولكها صفات كمال، ليس فيها نقص بوجه من الوجوه، ومن كمالها أنه لا يمكن أن يكون ما أثبته دالاً على التمثيل، لأن المماثلة للمخلوق نقص.
      وإذا فهمنا هذه القاعدة، عرفنا ضلال أهل التحريف، الذين زعموا أن الصفات المثبتة تستلزم التمثيل، ثم أخذوا ينفونها فراراً من التمثيل.
      ومثاله: قالوا: لو أثبتنا لله وجهاً، لزم أن يكون مماثلاً لأوجه المخلوقين، وحينئذ يجب تأويل معناه إلى معنى آخر لا إلى الوجه الحقيقي.
      فنقول لهم: كل ما أثبت الله لنفسه من الصفات، فهو صفة كمال ولا يمكن أبداً أن يكون فيما أثبته الله لنفسه من الصفات نقص.
      ولكن، إذا قال: هل الصفات توقيفية كالأسماء، أو هي اجتهادية، لمعنى أن يصح لنا أن نصف الله سبحانه وتعالى بشيء لم يصف به نفسه؟.
      فالجواب أن نقول: إن الصفات توقيفية على المشهور عند أهل العلم، كالأسماء، فلا تصف الله إلا بما وصف به نفسه.
      وحينئذ نقول: الصفات تنقسم إلى ثلاثة أقسام: صفة كمال مطلق، وصفة كمال مقيد، وصفة نقص مطلق.
      أما صفة الكمال على الإطلاق، فهي ثابتة لله عز وجل، كالمتكلم، والفعال لما يريد، والقادر.. ونحو ذلك.
      وأما صفة الكمال بقيد، فهذه لا يوصف الله بها على الإطلاق إلا مقيداً، مثل: المكر، والخداع، والاستهزاء.. وما أشبه ذلك، فهذه الصفات كمال بقيد، إذا كانت في مقابلة من يفعلون ذلك، فهي كمال، وإن ذكرت مطلقة، فلا تصح بالنسبة لله عز وجل، ولهذا لا يصح إطلاق وصفه بالماكر أو المستهزئ أو الخادع، بل تقيد فنقول: ماكر بالماكرين، مستهزئ بالمنافقين، خادع للمنافقين، كائد للكافرين، فتقيدها لأنها لم تأت إلا مقيدة.
      وأما صفة النقص على الإطلاق، فهذه لا يوصف الله بها بأي حال من الأحوال، كالعاجز والخائن والأعمى والأصم، لأنها نقص على الإطلاق، فلا يوصف الله بها وانظر إلى الفرق بين خادع وخائن، قال الله تعالى: ( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُم ) [النساء: 142]، فأثبت خداعه لمن خادعه لكن قال في الخيانة: ( وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُم) [الأنفال: 71] ولم يقل: فخانهم، لأن الخيانة خداع في مقام الائتمان، والخداع في مقام الائتمان نقص، وليس فيه مدح أبداً.
      فإذاً، صفات النقص منفية عن الله مطلقاً.
      والصفات المأخوذة من الأسماء هي كمال بكل حال ويكون الله عز وجل قد أتصف بمدلولها، فالسمع صفة كمال دل عليها اسمه السميع، فكل صفة دلت عليها الأسماء، فهي صفة كمال مثبته لله على سبيل الإطلاق، وهذه تجعلها قسماً منفصلاً، لأنه ليس فيها تفصيل، وغيرها تنقسم إلى الأقسام الثلاثة التي سلف ذكرها، ولهذا لم يسم الله نفسه بالمتكلم مع أنه يتكلم، لأن الكلام قد يكون خيراً، وقد يكون شراً، وقد لا يكون خيراً ولا شراً، فالشر لا ينسب إلى الله، واللغو كذلك لا ينسب إلى الله، لأنه سفه، والخير ينسب إليه، ولهذا لم يسم نفسه بالمتكلم، لأن الأسماء كما وصفها الله عز وجل: ( وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ) [الأعراف: 180]، ليس فيها أي شيء من النقص ولهذا جاءت باسم التفضيل المطلق.
      إذا قال قائل: فهمنا الصفات وأقسامها، فما هو الطريق لإثبات الصفة مادمنا نقول: إن الصفات توقيفية؟
      فنقول: هناك عدة طرق لإثبات الصفة:
      الطريق الأول: دلالة الأسماء عليها، لأن كل اسم، فهو متضمن لصفة ولهذا قلنا فيما سبق: إن كل اسم من أسماء الله دال على ذاته وعلى الصفة التي اشتق منها.
      الطريق الثاني: أن ينص على الصفة، مثل الوجه، واليدين، والعينين.. وما أشبه ذلك، فهذه بنص من الله عز وجل، ومثل الانتقام، فقال عنه تعالى: ( إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَام ) [إبراهيم: 47]، ليس من أسماء الله المنتقم، خلافاً لما يوجد في بعض الكتب التي فيها عد أسماء الله، لأن الانتقام ما جاء إلا على سبيل الوصف أو اسم الفاعل مقيداً، كقوله: ( إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ ([السجدة: 22].
      الطريق الثالث : أن تؤخذ من الفعل ، مثل: المتكلم، فأخذها من ( وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً ) [النساء: 164].
      هذه هي الطرق التي تثبت بها الصفة وبناء على ذلك نقول: الصفات أعم من الأسماء، لأن كل اسم متضمن لصفة، وليس كل صفة متضمنة لاسم.
      وأما الصفات المنفية عن الله عز وجل، فكثيرة ولكن الإثبات أكثر، لأن صفات الإثبات كلها صفات كمال، وكلما تعددت وتنوعت، ظهر من كمال الموصوف ما هو أكثر، وصفات النفي قليلة، ولهذا نجد أن صفات النفي تأتي كثيراً عامة، غير مخصصة بصفة معينة، والمخصص بصفة لا يكون إلا لسبب، مثل تكذيب المدعين بأن الله اتصف بهذه الصفة التي نفاها عن نفسه أو دفع توهم هذه الصفة التي نفاها.
      فالقسم الأول العامة، كقوله تعالى ) لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ( [الشورى: 11]، قال ) لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ( في علمه وقدرته وسمعه وبصره وعزته وحكمته ورحمته.. وغير ذلك من صفاته، فلم يفصل، بل قال: )لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ( في كل كمال.
      أما إذا كان مفصلاً، فلا تجده إلا لسبب، كقوله )مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ)[المؤمنون: 91]، رداً لقول من قال: إن لله ولداً وقوله: ( لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ) [الإخلاص: 3] كذلك وقوله تعالى: ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ ) [ق: 38]، لأنه قد يفرض الذهن الذي لا يقدر الله حق قدره أن هذه السماوات العظيمة والأرض العظيمة إذا كان خلقها في ستة أيام، فسيلحقه التعب، فقال: ( وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ ( [ق: 38]، أي: من تعب وإعياء.
      فتبين بهذا أن النفي لا يرد في صفات الله عز وجل إلا على سبيل العموم أو على سبيل الخصوص لسبب، لأن صفات السلب لا تتضمن الكمال إلا إذا كانت متضمنة لإثبات، ولهذا نقول: الصفات السلبية التي نفاها الله عن نفسه متضمنة لثبوت كمال ضدها، فقوله (وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ ): متضمن كمال القوة والقدرة وقوله: ( وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداًً) [الكهف: 49]: متضمن لكمال العدل وقوله: ( وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) [البقرة: 85]: متضمن لكمال العلم والإحاطة.. وهلم جراً، فلا بد أن تكون الصفة المنفية متضمنة لثبوت، وذلك الثبوت هو كمال ضد ذلك المنفي وإلا، لم تكن مدحاً.
      لا يوجد في الصفات المنفية عن الله نفي مجرد لأن النفي المجرد عدم والعدم ليس بشيء، فلا يتضمن مدحاً ولا ثناء، ولأنه قد يكون للعجز عن تلك الصفة فيكون ذماً، وقد يكون لعدم القابلية، فلا يكون مدحاً ولا ذماً.
      مثال الأول الذي للعجز قول الشاعر:
      قبيلة لا يغدرون بذمة ولا يظلمون الناس حبة خردل
      ومثال الثاني الذي لعدم القابلية: أن تقول: إن جدرانا لا يظلم أحداً. والواجب علينا نحو هذه الصفات التي أثبتها الله لنفسه والتي نفاها أن نقول: سمعنا وصدقنا وآمنا.
      هذه هي الصفات فيها مثبت وفيها منفي، أما الأسماء فكلها مثبتة.
      لكن أسماء الله تعالى المثبتة منها ما يدل على معنى إيجابي، ومنها ما يدل على معني سلبي، وهذا هو مورد التقسيم في النفي والإثبات بالنسبة لأسماء الله.
      فمثال التي مدلولها إيجابي كثير.
      ومثال التي مدلولها سلبي: السلام. ومعنى السلام، قال العلماء: معناه: السالم من كل عيب. إذاً، فمدلوله سلبي، بمعنى: ليس فيه نقص ولا عيب، وكذلك القدوس قريب من معنى السلام، لأن معناه المنزه عن كل نقص وعيب.
      فصارت عبارة المؤلف سليمة وصحيحة وهو لا يريد بالنسبة للأسماء أن هناك أسماء منفية، لأن الاسم المنفي ليس باسم لله، لكن مراده أن مدلولات أسماء الله ثبوتية وسلبية.
      فلا عدول لأهل السنة والجماعة(1) عما جاء به المرسلون(2).............................................
      (1) العدول: معناه الانصراف والانحراف، فأهل السنة والجماعة لا يمكن أن يعدلوا عما جاءت به الرسل.
      وإنما جاء المؤلف بهذا النفي، ليبين أنهم لكمال اتباعهم رضي الله عنهم لا يمكن أن يعدلوا عما جاءت به الرسل، فهم مستمسكون تماماً، وغير منحرفين إطلاقاً، عما جاءت به الرسل، بل طريقتهم أنهم يقولون: سمعنا وأطعنا في الأحكام وسمعنا وصدقنا في الأخبار.
      (2) ما جاء به محمد عليه الصلاة والسلام والواضح أننا لا نعدل عنه، لأنه خاتم النبيين، وواجب على جميع العباد أن يتبعوه، لكن ما جاء عن غيره، هل لأهل السنة والجماعة عدول عنه؟ لا عدول لهم عنه، لأن ما جاء عن الرسل عليهم الصلاة والسلام في باب الأخبار لا يختلف، لأنهم صادقون ولا يمكن أن ينسخ، لأنه خبر، فكل ما أخبرت به الرسل عن الله عز وجل، فهو مقبول وصدق ويجب الإيمان به.
      مثلاً: قال موسى لفرعون لما قال له: (قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى (51) )قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى) [طه: 51-52]، فنفى عن الله الجهل والنسيان، فنحن يجب علينا أن نصدق بذلك، لأنه جاء به رسول من الله (قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى (49) قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى) [طه: 49-50]، فلو سألنا سائل: من أين علمنا أن الله أعطى كل شيء خلقه؟ فنقول: من كلام موسى، فنؤمن بذلك، ونقول: أعطى كل شيء خلقه اللائق به، فالإنسان على هذا الوجه، والبعير على هذا الوجه، والبقرة على هذا الوجه، والضأن على هذا الوجه، ثم هدى كل مخلوق إلى مصالحه ومنافعه، فكل شيء يعرف مصالحه ومنافعه، فالنملة في أيام الصيف تدخر قوتها في جحورها، ولكن لا تدخر الحب كما هو، بل تقطم رؤوسه، لئلا ينبت، لأنه لو نبت، لفسد عليها، وإذا جاء المطر وابتل هذا الحب الذي وضعته في الجحور، فإنها لا تبقيه يأكله العفن والرائحة، بل تنشره خارج جحرها حتى ييبس من الشمس والريح، ثم تدخله!
      لكن يجب التنبيه إلى أن ما نُسب للأنبياء السابقين يحتاج فيه إلى صحة النقل، لاحتمال أن يكون كذباً، كالذي نسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأولى وقوله رحمه الله: "عما جاء به المرسلون" هل يشمل هذا الأحكام أو أن الكلام الآن في باب الصفات، فيختص بالأخبار؟
      إن نظرنا إلى عموم اللفظ، قلنا: يشمل الأخبار والأحكام.
      وإن نظرنا إلى السياق، قلنا: القرينة تقتضي أن الكلام في باب العقائد وهي من باب الأخبار.
      ولكن نقول: إن كان كلام شيخ الإسلام رحمه الله خاصاً بالعقائد، فهو خاص، وليس لنا فيه كلام. وإن كان عاماً، فهو يشمل الأحكام.
      والأحكام التي للرسل السابقين اختلف فيها العلماء: هل هي أحكام لنا إذا لم يرد شرعنا بخلافها، أو ليست أحكاماً لنا؟
      والصحيح أنها أحكام لنا، وأن ما ثبت عن الأنبياء السابقين من الأحكام، فهو لنا، إلا إذا ورد شرعنا بخلافه، فإذا ورد شرعنا بخلافه، فهو على خلافه، فمثلاً: السجود عند التحية جائز في شريعة يوسف ويعقوب وبنيه، لكن في شريعتنا محرم، كذلك الإبل حرام على اليهود: ( وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُر ([الأنعام: 146] ولكن هي في شريعتنا حلال.
      فإذاً، يمكن أن نحمل كلام شيخ الإسلام رحمه الله على أنه عام في الأخبار والأحكام، وأن نقول: ما كان في شرع الأنبياء من الأحكام، فهو لنا، إلا بدليل.
      ولكن يبقى النظر: كيف نعرف أن هذا من شريعة الأنبياء السابقين؟
      نقول: لنا في ذلك طريقان: الطريق الأول: الكتاب، والطريق الثاني: السنة. فما حكاه الله في كتابه عن الأمم السابقين، فهو ثابت وما حكاه النبي صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه، فهو أيضاً ثابت.
      والباقي لا نصدق ولا نكذب، إلا إذا ورد شرعنا بتصديق ما نقل أهل الكتاب، فإننا نصدقه، لا لنقلهم، ولكن لما جاء في شريعتنا. وإذا ورد شرعنا بتكذيب أهل الكتاب، فإننا نكذبه، لأن شرعنا كذبه. فالنصارى يزعمون بأن المسيح ابن الله، فنقول: هذا كذب، واليهود يقولون: عزيز ابن الله، فنقول: هذا كذب.
      فإنه(1) الصراط المستقيم(2).................................................. ...........................
      (1) (فإنه): الضمير يعود على ما جاءت به الرسل ويمكن أن يعود على طريق أهل السنة والجماعة وهو الاتباع وعدم العدول عنه، فما جاءت به الرسل وما ذهب إليه أهل السنة والجماعة : هو الصراط المستقيم.
      (2) (صراط): على وزن فعال، بمعنى: مصروط، مثل: فراش، بمعنى: مفروش، وغراس، بمعنى: مغروس، فهو بمعنى اسم المفعول. والصراط إنما يقال للطريق الواسع المستقيم مأخوذ من الزرط وهو بلع اللقمة بسرعة، لأن الطريق إذا كان واسعاً، لا يكون فيه ضيق يتعثر الناس فيه، فالصراط يقولون في تعريفه: كل طريق واسع ليس فيه صعود ولا نزول ولا اعوجاج.
      إذاً، الطريق الذي جاءت به الرسل هو الصراط المستقيم، الذي ليس فيه عوج ولا أمت، طريق مستقيم ليس فيه انحراف يميناً ولا شمالاً: ( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوه( [الأنعام: 153].
      وعليه، فيكون المستقيم صفة كاشفة على تفسيرنا الصراط بأنه الطريق الواسع الذي لا اعوجاج فيه، لأن هذا هو المستقيم أو يقال: إنها صفة مقيدة، لأن بعض الصراط قد يكون غير مستقيم كما قال تعالى ] فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ (23) وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ[ [الصافات: 23-24]، وهذا الصراط غير مستقيم.
      صراط الذين أنعم الله عليهم(1).................................................. .......................
      (1) "صراط الذين أنعم الله عليهم"، أي طريقهم وأضافه إليهم لأنهم سالكوه، فهم الذين يمشون فيه، كما أضافه الله إلى نفسه أحياناً: ] وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ [ [الشورى: 52-53]، باعتبار أنه هو الذي شرعه ووضعه لعباده، وأنه موصل إليه، فهو صراط الله باعتبارين وصراط المؤمنين باعتبار واحد، صراط الله باعتبارين هما: أنه وضعه لعباده، وأنه موصل إليه وصراط المؤمنين، لأنهم هم الذين يسلكونه وحدهم.
      وقوله: "الذين أنعم الله عليهم": النعمة: كل فضل وإحسان من الله عز وجل على عباده، فهو نعمة وكل ما بنا من نعمة، فهو من الله، ونعم الله قسمان : عامة وخاصة، والخاصة أيضاً قسمان خاصة، وخاصة أعم.
      فالعامة: هي التي تكون للمؤمنين وغير المؤمنين ولهذا، لو سألنا سائل: هل لله على الكافر نعمة؟
      قلنا: نعم ، لكنها نعمة عامة وهي نعمة ما تقوم به الأبدان لا ما تصلح به الأديان، مثل الطعام والشراب والكسوة والمسكن وما أشبه ذلك، فهذه يدخل فيها المؤمن والكافر.
      والنعمة الخاصة: ما تصلح به الأديان من الإيمان والعلم والعمل الصالح، فهذه خاصة بالمؤمنين، وهي عامة للنبيين والصديقين، كالشهداء والصالحين.
      ولكن نعمة الله على النبيين والرسل نعمة هي أخص النعم، واستمع إلى قوله تعالى ] وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماًً[ [النساء: 113]، فهذه النعمة التي هي أخص لا يلحق المؤمنين فيها النبيين، بل هم دونهم.
      وقوله: "صراط الذين أنعم الله عليهم": هي كقوله تعالى: ]اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ[ [الفاتحة: 6-7].
      فمن هم الذين أنعم الله عليهم؟
      فسرها تعالى بقوله: ]وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِين [ [النساء: 69]، فهؤلاء أربعة أصناف.
      من النبيين(!).................................................. ....................................
      (1) النبيون: وهم كل من أوحى الله إليهم ونبأهم فهو داخل في هذه الآية: فيشمل الرسل، لأن كل رسول نبي، وليس كل نبي رسولاً وعلى هذا فيكون النبيون شاملاً للرسل أولي العزم وغيرهم شاملاً أيضاً للنبيين الذين لم يرسلوا وهؤلاء أعلى أصناف الخلق.
      والصديقين(1).................................................. ........................................
      (1) الصديقون: جمع صديق على وزن فعيل صيغة مبالغة.
      فمن هو الصديق؟
      أحسن ما يفسر به الصديق قوله تعالى: ]وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ [ [الزمر: 33]، وقال تعالى ]وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُون [ [الحديد: 19]، فمن حقق الإيمان ـ ولا يتم تحقيق الإيمان إلا بالصدق والتصديق ـ فهو صديق:
      الصدق في العقيدة: بالإخلاص، وهذا أصعب ما يكون على المرء حتى قال بعض السلف: ما جاهدت نفسي على شيء مجاهدتها على الإخلاص، فلا بد من الصدق في المقصد ـ وهو العقيدة ـ والإخلاص لله عز وجل.
      الصدق في المقال: لا يقول إلا ما طابق الواقع، سواء على نفسه أو على غيره، فهو قائم بالقسط على نفسه وعلى غيره، أبيه وأمه وأخيه وأخته.. وغيرهم.
      الصدق في الفعال: وهي أن تكون أفعاله مطابقة لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ومن صدق الفعال أن تكون نابعة عن إخلاص، فإن لم تكن نابعة عن إخلاص، لم تكن صادقة لأن فعله يخالف قوله.
      فالصديق إذاً من صدق في معتقده وإخلاصه وإرادته، وفي مقاله وفي فعاله.
      وأفضل الصديقين على الإطلاق أبو بكر رضي الله عنه، لأن أفضل الأمم هذه الأمة، وأفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر رضي الله عنه.
      والصديقية مرتبة تكون للرجال والنساء، قال الله تعالى في عيسى ابن مريم: ]وأمه صديقة[ [المائدة: 75]، ويقال: الصديقة بنت الصديق عائشة رضي الله عنها، والله تعالى يمن على من يشاء من عباده.
      والشهداء(1) والصالحين(2).................................................. .........................
      (1) الشهداء قيل: هم الذين قتلوا في سبيل الله، لقوله: ] وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاء [ وقيل: العلماء، لقوله تعالى: ] شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْم [ [آل عمران: 18]، فجعل أهل العلم شاهدين بما شهد الله لنفسه ولأن العلماء يشهدون للرسل بالبلاغ وعلى الأمة بالتبليغ ولو قال قائل: الآية عامة لمن قتلوا في سبيل الله تعالى وللعلماء، لأن اللفظ صالح للوجهين، ولا يتنافيان، فيكون شاملاً للذين قتلوا في سبيل الله وللعلماء الذين شهدوا لله بالوحدانية وشهدوا للنبي صلى الله عليه وسلم بالبلاغ وشهدوا على الأمة بأنها بلغت.
      (2) الصالحون يشمل كل الأنواع الثلاثة السابقة ومن دونهم في المرتبة، فالأنبياء صالحون، والصديقون صالحون، والشهداء صالحون، فعطفها من باب عطف العام على الخاص.
      والصالحون هم الذين قاموا بحق الله وحق عباده، لكن لا على المرتبة السابقةـ النبوة والصديقية والشهادة ـ، فهم دونهم في المرتبة.
      هذا الصراط الذي جاءت به الرسل هو صراط هؤلاء الأصناف الأربعة، فغيرهم لا يمشون على ما جاءت به الرسل.

      تعليق


      • #63
        رد: تعالوا نتدارس متن العقيدة الواسطية لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله.



        قال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله :

        هذا الذي ذكر المصنف ظابط نافع في كيفية الايمان بالله و بأسمائه الحسنى و صفاته العليا،و أنه مبني على أصلين:

        أحدهما: النفي.

        و ثانيهما: الإثبات.

        أما النفي: فإنه ينفي عن الله ما يضاد الكمال من أنواع العيوب والنقائص.و ينفي عنه أيضا أن يكون له شريك أو نديد أو مثيل في شيئ من صفاته أو في حق من حقوقه الخاصة.
        فكل ما نافى صفات الكمال فإن الله منزه عنه مقدس.
        و النفي مقصود لغيره ، القصد منه: الإثبات ، ولهذا لم يرد نفي شيئ في الكتاب والسنة عن الله إلا لقصد إثبات ضده.

        فنفي الشريكو النديد عن الله ، لكمال عظمته و تفرده بالكمال.
        و نفي السنة والنوم لكمال حياته.

        و نفي عزوب شئ عن علمه و قدرته وحكمته ، كل ذلك لإثبات سعة علمه و شموله حكمته و كمال قدرته.

        ولهذا كان التنزيه و النفي لأمور مجملة عامة.

        و أما الإثبات: فإنه يجمع الأمرين :

        إثبات المجملات: كالحمد المطلق، والكمال المطلق، والمجد المطلق و نحوها.
        و إثبات المفصلات: كتفصيل علم الله، وقدرته ، وحكمته، و رحمته و نحو ذلك من صفاته.

        فأهل السنة والجماعة لزموا هذا الطريق الذي هو الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم،و بلزومهم لهذا الطريق النافع تمت عليهم النعمة و صحت عقائدهم، وكملت أخلاقهم.

        أما من سلك غير هذا السبيل، فإنه منحرف في عقيدته و أخلاقه وآدابه.

        تعليق


        • #64
          رد: تعالوا نتدارس متن العقيدة الواسطية لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله.


          قال الشيخ العلامة عبيد الجابري حفظه الله في كتابه إتحاف العقول بشرح ثلاثة الأصول ص 34 ما يلي:


          و النبي : مأخوذ من النباوة بمعنى المكان المرتفع أو من النبأ وهو الخبر العظيم.

          و اصطلاحا:

          رجل من بني آدم أوحى الله اليه بشره و أمره بتبلغه ، أو جاء بتقرير شريعة سابقة .

          و هذا هو غير التعريف المشهور، التعريف المشهور خطأ و التعريف الذي كان مشهورا عندنا:رجل أوحي اليه بشرع ولم يؤمر بتيليغه هذا قاصر.

          تعليق

          يعمل...
          X