إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

۞ الإيمان بحوض النبي صلى الله عليه وسلم ۞ لفضيلة الشيخ د. عبد الله بن عبد الرحيم البخاري -حفظه الله تعالى-

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [خطبة جمعة] ۞ الإيمان بحوض النبي صلى الله عليه وسلم ۞ لفضيلة الشيخ د. عبد الله بن عبد الرحيم البخاري -حفظه الله تعالى-






    حفظه الله تعالى ورعاه، وثبته على الإسلام والسنة، وجزاه عنا خير الجزاء



    خطبة ألقاها فضيلته في «جامع الرضوان» بالمدينة يوم الجمعة الموافق 20 جمادى الآخرة من عام 1433هـ



    ويمكنكم تحميل هذه المادة القيمة من موقع الشيخ الرسمي:


    هذه المشاركة بواسطة عبد الصمد الهولندي
    الملفات المرفقة
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد الرحمن محمد المغربي; الساعة 12-May-2012, 10:22 AM.

  • #2
    رد: ۞ الإيمان بحوض النبي صلى الله عليه وسلم ۞ لفضيلة الشيخ د. عبد الله بن عبد الرحيم البخاري -حفظه الله تعالى-

    بارك الله فيكم أخي عبد الصمد
    وحفظ الله الشّيخ الدّكتور: عبد الله البخاري

    التّفريغ:

    الخطبة الأولى:

    إنّ الحمد لله نحمده تعالى ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ نبيّنا محمدًا عبده ورسوله –صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلّم-.


    ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ

    ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي َتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً

    ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا


    أمّا بعد:

    فإنّ أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي مُحمّد –صلّى الله عليه وآله وسلّم-، وشرّ الأمور محدثاتها، وكلّ محدثة بدعة، وكلّ بدعة ضلالة، وكلّ ضلالة في النار.

    ثم أمّا بعد:

    فاتّقوا الله عباد الله فاتّقوا الله عباد الله فهي الوصيّة المبذولة لي ولكم؛ قال الله جلّ وعلا:﴿ وَلَقَد وَصَّينَا الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبلِكُم وَإِيَّاكُم أَنِ اتَّقُوا الله فإنّ من اتّق الله وقاه، وكلّما اتّق العبد ربّه هداه، فلا يزال العبد في مزيد هداية ما دام في مزيد تقوى، ثمّ اعلموا أيّها المؤمنون أنّ الله امتنّ على عباده بفصول أربعة يتقلّب فيها الزّمن على حرِّ مصيف ويبس خريف وبرد شتاء وحسن ربيع، وقد جعل الله جلّ في علاه لكلّ فصل منها حكمة يرعوي إليها من به ادّكار ﴿فَهَلْ مِن مُدَّكِرٍ ففي الصّحيحين أنّ النبيّ –صلّى الله عليه وآله وسلّم- قال:(اشتكت النّار إلى ربّها فقالت: يا رب أكل بعضي بعضًا فأذن لها بنفسين نفس في الشّتاء ونفس في الصّيف فأشدّ ما تجدون من الحرّ من سموم جهنّم وأشدّ ما تجدون من البرد من زمهرير جهنّم)، ولقد جعل الله جلّ وعلا أشياء كثيرة تُذكّر بالنّار ولهيبها كالأماكن المفرطة في الحرّ أو الأماكن المفرطة في البرد، فبردها الشّديد يُذكّر بزمهرير جهنّم، وحرّها الشّديد الآخذ بالأنفاس يُذكّر بحرّ جهنّم وسمومها، قال الإمام الحسن البصري –رحمه الله-:(كلّ برد أهلك شيئا فهو من نفس جهنّم، وكلّ حرٍّ أهلك شيئا فهو من نفس جهنّم).

    أيّها المؤمنون: إنّ من عقيدة أهل السُّنّة والجماعة الدّالّة عليها نصوص الوحيين وعليها سلف الأمّة الصّالح أنّ الله جلّ وعلا سيحشر الأموات جميعًا من قبورهم بعد البعث إلى الموقف حُفاةً عُراةً غُرلاً كما بدأ أوّل خلق يُعيده؛ قال الله جلّ وعلا:﴿وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَاِدرْ مِنْهُمْ أَحَدًا، يجمع الله جلّ وعلا النّاس في عرصات القيامة أوّلهم وآخرهم على صعيد واحد فيموج بعضهم في بعض وتدنو الشمس منهم حتّى تكون مقدار ميل فيبلغ النّاس من الكرب والغمّ ما لا يطيقون وما لا يحتملون، فمنهم من يبلغ به العرق إلى كعبيه ومنهم من يبلغ به العرق إلى ركبتيه ومنهم من يبلغ به إلى حقويه، ومنهم من يُلجمه العرق إلجامًا؛ فيكون الناس والحالة هذه أحوج ما يكونون إلى ما يروُون به غليلهم ويشفون به عليلهم أحوج ما يكونون إلى ما يقطعون به ظمأهم وغُصّة الحجر المهول، إنّهم يا رعاكم الله يطمعون في ورود حوض نبيّهم –صلوات الله وسلامه ورحمته عليه- فعن أنس –رضي الله تعالى عنه- قال:(بينا نحن عند رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في المسجد إذ أغفى إغفاء فرفع رأسه فتبسّم ضاحكًا؛ فقالوا: ما أضحكك يا رسول الله؛ قال: أنزلت عليّ سورة آنفًا فقرأ: بسم الله الرّحمن الرّحيم ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَر فقال لهم –عليه الصّلاة والسّلام-: هل تدرون ما الكوثر؟ قالوا: الله ورسوله أعلم؛ قال: هو نهر أعطانيه ربِّي عزّ وجلّ في الجنّة عليه خيرٌ كثير تَرِد عليه أمّتي يوم القيامة آنيته عدد الكواكب يُختلج العبد منهم فأقول: يا ربّ إنّه من أمّتي؛ فيُقال لي: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك) أخرجه الإمام أحمد في المسند وهو صحيح وهو عند مسلم بنحوه.

    إنّنا يا رعاكم الله بحاجة ماسّة وأكيدة إلى أن نلبث مليًّا حول هذه النّعمة المسداة المنصوبة في عرصات يوم القيامة لنأخذ منها الدّروس والعبر علّها أن توقظ الغافل وأن تُبصّر الجاهل بأنّه لا عيش إلاّ عيش الآخرة إنّا لنعمى مرّات والعيون ناظرة، قال الإمام أحمد إمام أهل السُّنّة والجماعة في رسالته العظيمة في أصول اعتقاد أهل السُّنّة:(والإيمان بالحوض: وأنّ لرسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- حوضًا يوم القيامة ترد عليه أمته عرضه مثل طوله مسيرة شهر آنيته كعدد نجوم السماء على ما صحت به الأخبار من غير وجه) انتهى كلامه –رحمه الله-.

    وفي الصّحيح عند مسلم أنّ النبيّ –صلّى الله عليه وآله وسلّم- قال:(إنّ الحوض يشخب فيه ميزابان) أي: يصب فيه ميزابان من الجنة.

    الحوض يا رعاكم الله قبل الصّراط لأنّه يُختلج عنه ويبعد منه طوله شهر وعرضه شهر كما بين المدينة وصنعاء ماؤه أبيض من اللّبن وريحه أطيب من المسك وكيزانه كنجوم السّماء في عددها ونورها ولمعانها وهو أبرد من الثّلج وأحلى من العسل من شرب منه شربةً لم يظمأ بعدها أبدًا، يصبُّ فيهن نهر الكوثر الذي حافّتاه قباب الدرّ المجوّف وطينه مسك أظفر وهو موجود الآن لقول النبيّ –صلّى الله عليه وآله وسلّم-:(وإنّي والله لأنظر إلى حوضي الآن) أخرجه البخاري في الصّحيح، ولقوله –صلّى الله عليه وآله وسلّم-:(ومنبري على حوضي) أخرجه البخاري في الصّحيح.

    كلّ هذه الصّفات يا رعاكم الله كلّ هذه الصّفات الواردة في حوض النبيّ –صلّى الله عليه وآله وسلّم- صحّ بها الخبر عن الصّادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحيٌ يوحى في الصّحيحين وغيرها ممّا يوجب على العبد المؤمن الرّاغب في نجاة نفسه الرّاغب في شربة من ذلكم الحوض الطّاهر الطّمع في وروده، لكن ثمّة قضيّة تحتاج منّا إلى إمعان نظر فيها والصدق مع الله جلّ في علاه في طرحها ألا وهي: ما يقع يوم القيامة من مفاجآت في أناس يطمعون أن يكونوا ممن يرد حوض النبيّ –صلّى الله عليه وآله وسلّم- فإذا بهم يُفجؤون فيذادون عن حوضه –صلّى الله عليه وسلّم- ويُحرمون النّهل منه وهو الشّرب من حوضه الشّريف –صلى الله عليه وآله وسلّم-؛ قال –عليه الصّلاة والسّلام-:(إنّي فرط لكم وأنا شهيدٌ عليكم وإنّي والله لأنظر إلى حوضي الآن وإني أعطيت مفاتيح خزائن الأرض وإني والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي ولكن أخاف عليكم أن تنافسوا فيها) أي: في الدنيا أخرجه البخاري في الصحيح.

    والنّكتة اللّطيفة والفائدة البديعة أيّها المؤمنون أنّ النبيّ –صلّى الله عليه وآله وسلّم- ذكر الحوض قبل التّحذير الذي بعده ليشير ولينبّه إلى التّخويف من فعل ما يقتضي الإبعاد والذّود عن حوضه –صلّى الله عليه وآله وسلّم-، أخرج البخاري في الصّحيح أنّ النبي –صلّى الله عليه وآله وسلّم- قال:(إني على الحوض حتى أنظر من يرد عليّ منكم وسيؤخذ ناس دوني فأقول: يا رب منّي ومن أمتي؛ فيقال: هل شعرت ما عملوا بعدك والله ما برحوا يرجعون على أعقابهم) وكان ابن أبي مليكة راوي الحديث يقول:(اللهم إنّا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا أو أن نفتن في ديننا)، وفي صحيح مسلم أنّ النبي –صلّى الله عليه وآله وسلّم –قال:(إنّي لأذود عن حوضي رجالاً كما تُذاد الغريبة عن الإبل) والمعنى: أنه يُطرد من لا يستحقّ الشّرب من حوضه –عليه الصّلاة والسّلام-.


    إنّ الأمة الإسلاميّة أيّها المؤمنون لَهِيَ في حاجة بل في أشدّ حاجة إلى أن ترد حوض النبيّ –عليه الصّلاة والسّلام-، وإنّ هذه الأجيال المتأخرة ليُخشى عليها والله من ظلماتٍ لا يجد فيها الحاذق بصيص نور يهتدي به إلى صراط الله المستقيم أو أن يخلص به من الضلالة والغواية، وإنّ الإحداث والابتداع والتّغيير الذي دبّ في كثير من المسلمين لهُوَ خير شاهد على هذا الأمر وعلى هذه القضيّة،و نحن أيها المؤمنون نعيش معاشر المسلمين اليوم في معركة حامية الوطيس وأزمة حقيقية في كثير من حوائجنا وأمورنا إلاّ من رحم الله إذ الجمع بين الحقّ والباطل والضّلالة والهداية والصّحيح والضّعيف والغثّ والسّمين والشّين والزّين، ويصحّ ولك أن تضرب مثالاً ما يحصل من اضطرابات كتابيّة صحافيّة في بعض البلدان والأوطان العربيّة والإسلامية والتي اندلعت فيها وفي تلك الأوطان نار الفتن وطار شررها في كثير من الأمصار على بلاد الإسلام، لقد أهملت كثير من تلك الأقلام فلم تُسخّر للإسلام ونصرة دين الله الحقّ بل منها من يسخر بالدّين ويلهو ويستهزأ ويلعب بل بلغ بهم السّخف والزّندقة إلى الاستخفاف بخالق السّماوات والأرض وبنبيّ الرّحمة –عليه الصّلاة والسّلام-، واخجلتاه من أقلام محسوبة على الإسلام يموت فيها العالِم ويُثلم فيها الإسلام وتُبلى الأمّة ببلايا ورزايا ثمّ لا يُكتب فيها حرفٌ بل هذا زاهد في حقّ هذا وهذا أزهد منه فيه، لقد شغلتها شواغل الصّبيان في الأوحال ومباهج أحلام شبابهم والرّكون إلى غير المسلمين بل واللّهث وراءهم ومال القلب واللّسان والقلم مع غير المسلمين -والعياذ بالله-، بل إنّ القلب قد مال في كثير منهم إلى غير الأحياء من المسلمين، ومهما تكن الظّروف المحيطة به أو الباعثة على هذا الفعل فإنّ الأمر أيّها المؤمنون جدُّ خطير الأمر جدُّ خطير وهو كذلك فإنّه لا يُسوّغ تحبير الأقلام والمداد والانخداع واللّهث وراءهم ولا خلع الجلباب السّاتر والانتماء الزّائف.

    أيّها المؤمنون: استمعوا واسمعوا رعاكم الله إلى ما أخرجه البيهقيّ –رحمه الله- في الدّلائل وابن حزم في جوامع السّيرة وذكره ابن هشام في السّيرة والإمام ابن كثير في الفصول قال:(قدم أبو سفيان –رضي الله تعالى عنه- المدينة قبل أن يسلم فدخل على ابنته أم حبيبة زوج النبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- فلمّا ذهب ليجلس على فراش رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- طوته عنه؛ فقال: يا بنيّة ما أدري أرغبت بي عن هذا الفراش أم رغبت به عنّي؛ قالت: بل هو فراش رسول الله –صلّى الله عليه وآله وسلّم- وأنت رجل مشرك نجس) هكذا يا رعاكم الله فعلت أمّ المؤمنين –رضي الله تعالى عنها وأرضاها في أبيها- بكلمة حقّ خلقت مثلاً عربيًّا شهيرًا مشهورًا وهو القول:(كلّ فتاة بأبيها معجبة) ما دام أنّ الإيمان لم يخامر قلبه وكلمة التّوحيد لم ينطق بها لسانه ألا فاعلموا يا رعاكم الله أنّ رسالة وسنّة النبيّ –صلّى الله عليه وآله وسلّم- كفراشه فمن أجلس عليه من ليس من دينه وليس على هديه فلن يرد حوض النبيّ –صلّى الله عليه وسلّم-؛ قال الله عز في علاه:﴿لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ..الآية.

    اللّهم إنّا نسألك الهدى والتّقى والعفاف والغنى.

    أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم من كلّ ذنب وخطيئة إنّه كان بعباده غفورًا رحيمًا.

    الخطبة الثّانية:

    الحمد لله حمدًا كثيرًا طيّبًا مُباركًا فيه كما يُحبُّ ربّنا ويرضى، والصّلاة والسّلام الأتمّان الأكملان على سيّد ولد آدم –صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلّم-.

    ثمّ أمّا بعد:

    فاتّقوا الله معاشر المؤمنين، واعلموا يا رعاكم الله أنّ بعض أهل البدع والأهواء أنكر حوض النبيّ –صلّى الله عليه وآله وسلّم- ولذا نصّ أئمة السُّنّة وفقهاء الملّة على أنّ الإيمان بالحوض من أصول اعتقاد أهل السُّنّة والجماعة، وأولئكم القوم أعني أهل الأهواء عُرفوا بالمكابرة بعقولهم أمام نصوص الشّريعة المطهّرة فجعلوا وقدّموا آراءهم وعقولهم على النصّ الشّرعيّ، فما وافق العقل منها قبلوه وما لا فلا، وهذه بليّة كبرى اتّسع نطاقها في بقاع شتّى من أراضي المسلمين بل إنّه يطلقون على أنفسهم زعموا بأنّهم أهل الفكر المستنير أو العقلانيّون الذين يُقطعون نصوص الشّريعة لعقولهم لا العكس، فإنّ الواجب أن تخضع العقول لشريعة الله جلّ وعلا، وقد أشار الإمام ابن القيّم –رحمه الله- إلى جملة من أولئك القوم الذين خالفوا دينَ الله ووحيه المُنزّل بآرائهم وعقولهم خالفوا شريعة الله المُنزّلة بآرائهم وعقولهم، فكان من أهمّ من ذكر أصناف ثلاثة:

    صنف: عارضوا الوحي والأخبار والآثار بعقولهم فقالوا لأهل الشّرع المطهّر والمتمسّكون بسُنّة النبيّ –صلّى الله عليه وسلّم-: لنا العقلُ ولكم الشّرع، فجعل هؤلاء أهل الأرض اثنين: ذا عقل بلا دين وآخر ديّنا لا عقل له، وعلى هذا ثُلّةٌ ممّن اغترفوا من حضارة الغرب وفلسفته ورضعوا من أثدائه.

    والصِّنف الثّاني: قالوا لكم الشّريعة ولنا الحقيقة والذّوق وهؤلاء هم أهل الوجد والتّصوّف الذين لا يعتمدون على الوحي الصحيح المُنزّل.

    وصنفٌ آخر: خالفوا الوَحي بسياساتهم فقالوا لأصحاب الشّريعة: لكم الشّريعة ولنا السّياسة؛ أو كما يُقال: دع ما لله لله وما لقيصر لقيصر؛ أو بعبارة يُروجها بعضهم في مقالاتهم وصحائفهم أنّ الدّين لله والوطن للجميع، قال الله جلّ وعلا:﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا.

    أيّها المؤمنون: هذه الأصناف كلّها ممّن لن يرد حوض النبيّ –صلّى الله عليه وآله وسلّم-، ليس له إلاّ الحميم والغسّاق وآخر من شكله أزواج إلاّ أن يتداركهم الله برحمةٍ منه وفضل فيكونوا من المؤمنين الصّالحين المُصلحين البعيدين عن الهوى المُتّبع والشّح المطاع وإعجاب كلّ ذي رأي برأيه استجابةً وامتثالاً وانقيادًا لقول النبيّ –صلّى الله عليه وآله وسلّم-:(إنّكم سترون بعدي أثرةً شديدة فاصبروا..) أي: على الحقّ (.. حتّى تلقوا الله ورسوله على الحوض) أخرجه البخاري في الصّحيح.

    وقال الإمام الحسن البصري –رحمه الله-:(يا ابن آدم لا تغترّ بقول من يقول: إنّ المرء مع من أحبّ، إنّ من أحبّ قومًا اتّبع آثارهم، ولن تلحق بالأبرار حتّى تصبح وتمسي وأنت على منهاجهم مقتفيًا لآثارهم" أما رأيت اليهود والنّصارى وأهل الأهواء المردية يُحبّون أنبياءهم وليسوا معهم فكان موردهم النّار -نعوذ بالله من ذلك-).

    اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين، وأذلّ الكفر والكافرين، وانصر اللهم عبادك المُوحّدين.

    اللهم آمنّا في أوطاننا، واصلح اللهمّ أئمّتنا وولاة أمورنا، واجعلهم هُداةً مهتدين، وارزقهم البطانة الصالحة النّاصحة التي تدلّهم على الخير وتبعدهم عن الشّرّ، وابعد عنهم بطانة السّوء التي تزيّن لهم الباطل يا رحمن يا رحيم.

    اللهمّ إنّا نستغفرك إنّك كنت غفّارًا، فأرسل اللهم السّماء علينا مدرارًا.

    اللهمّ إنّا نستغفرك إنّك كنت غفّارًا، فأرسل اللهم السّماء علينا مدرارًا.

    اللهم سقيا رحمة لا سقيا هدم ولا بلاء ولا غرق.

    سبحان ربّك ربّ العزّة عمّا يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله ربّ العالمين.اهـ

    وفرّغه:/ أبو عبد الرحمن أسامة
    21 / جمادى الثانية / 1433هـ

    وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

    تعليق

    يعمل...
    X