إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

طالب العلم والاعتناء بالسنة والحديث-صالح ال الشيخ.

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • طالب العلم والاعتناء بالسنة والحديث-صالح ال الشيخ.

    طالب العلم والاعتناء بالسنة والحديث
    للشيخ
    صالح بن عبد العزيز آل الشيخ
    [(02) شريط مفرّغ]@


    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين، وأشهد أنّ محمدا عبد الله ورسوله هو الصادق الأمين، وصلى الله وسلم وبارك عليه كلما صلى عليه المصلون وكلما غفل عن الصلاة عليه الغافلون.
    أما بعد:
    فأسأل الله جل وعلا أن يجعلني وإياكم ممن استعملهم فيما يحب ويرضى، وبارك لهم في أقوالهم وأعمالهم، ومنحهم التوفيق في حركاتهم وسكناتهم، إنه سبحانه جواد كريم وغفور رحيم وهو على كل شيء قدير جل جلاله وتقدست أسماؤه وعلت صفاته.
    ثم إننا في هذا الدرس الذي نستقبل به دروس هذا الفصل الثاني من عام 1420 لهجرة المصطفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ونسأل الله جل وعلا أن يجعلنا فيه ممن طلب العلم له وبذلوه له وجلسوا متعلمين عالمين أنّ الأجر والفضل ورفعة المنزلة إنما هي في تعلم ما قال الله وقال رسوله وما قرّره أئمة أهل العلم من أهل السنة والجماعة.
    وكما اعتدنا في مقدّمة الدروس أن يكون هناك درس منهجي أو في توجيه طلاب العلم وما يحتاجون إليه في العلم بعامة أو في بعض العلوم بخاصة.
    وقد ذكرنا في هذه الدروس المنهجية كثيرا مما يحتاجه طلاب العلم في العلوم المختلفة العقيدة والتفسير وعلوم الآلة والعلوم الصناعية وأشياء كثيرة وكتب الفقه وكتب الحديث وما يتصل بالمقدمات اللغوية والمقدمات في فهم التفسير وبالاستدلال بالقرآن وبمنهجية الطلب بشكل عام، وذكرنا أشياء في ذلك نرجو أن تكون مفيدة لقائلها ولسامعها إن شاء الله تعالى.
    ومما يجدر التنبيه عليه والاهتمام به من كل طالب علم الاعتناء بالسنة والحديث؛ لأن السنة والحديث هي أصل العلوم؛ لأنها هي قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والنبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ بين للناس الدين في حياته بأقواله وأفعاله.
    فحقيقة رسالة النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ هي اتّباع سنته في الناس وبيان ما أمره الله جل وعلا بإبلاغه قولا وعملا.
    ولهذا كان أعظم ما يعتني به طالب العلم بعد العناية بالقرآن أن يعلم سنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العلمية والعملية بما فيها العقائد والأحكام وعلوم القرآن والتفسير والآداب والأخلاق والسلوك إلى آخر ذلك من أنواع وموضوعات السنة.
    فالاهتمام بالحديث وبالسنة مما يكون معه طالب العلم قويًّا في ملكته متصلا على الحقيقة بميراث الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأن النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ إنما ورَّث أمته العلم، والله جل وعلا أمرنا في كتابه في أكثر من ثلاثين موضعا بطاعة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الطاعة هنا:
    · في الأخبار باعتقادها واعتقاد ما دلّت عليه.
    · وفي الأحكام والأوامر بامتثالها بحسب الاستطاعة والانتهاء عما نهى الله جل وعلا عنه والاستغفار عن التقصير.
    وهذا مع غيره إنما يعلم بالسنة وبالحديث.
    ولهذا كان العلم في زمن السلف زمن الصحابة رضوان الله عليهم وفي زمن التابعين وتبع التابعين كان العلم إما أن يكون آية محكمة أو سنة ماضية، هذا هو العلم، والصحابة اجتهدوا؛ ثم بعد ذلك صار إضافة إلى الكتاب والسنة هناك هدي الصحابة واجتهاد الصحابة وما قاله الصحابة في النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ.
    ولهذا قال الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى:
    العلم قال الله قال رسولــه قال الصحابة ليس خلف فيه
    ما العلم نصبك للخلاف سفاهة بين الرسول وبين رأي فقيه
    أو كما قال أيضا ابن القيم في النونية
    العلم قال الله قال رسولـــه قال الصحابة هم أولوا العرفان
    ما العلم نصبك للخلاف سفاهة بين الرسـول وبين رأي فلان
    وهذا يشمل الخلاف في رد السنة بخلاف أحد المتكلمين في العقائد وهو أعظم الاختلاف الذي ردت فيه السنة ولا يعذر فيه أحد.
    ثم بعد ذلك يأتي الخلاف الذي حصل بين الصحابة في المسائل العلمية والفقهية وفي تفسير القرآن إلى آخر ما هنالك من خلاف في ذلك.
    فصار المُتميِّز عند السلف هو الذي يعلم الكتاب والسنة أكثر، فمن زاد علمه يكتاب الله جل وعلا وبالسنة سنة النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ كان هو الأعلم وهو الأفقه.
    ولهذا ذكروا في الموازنة ما بين مثلا بين إبراهيم النخعي وبين عامر بن شراحيل الشعبي وهما فقيهان معروفان أحدهما كان في الكوفة والآخر كان في البصرة، كانوا يقدمون الشعبي لما كان عليه من السنة والعلم بما قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقلَّت مخالفته للصواب لأجل كثرة اتباعه للدليل وسماعه له، وكثرة معرفته بالأخبار وبالسنن وكثرة ما روى منها ذهب طائفة من أهل العلم يقدمون ما يقول أو ما يفتي به على غيره.
    وهذا هو المعروف في هدي السلف فإنه إذا زاد العلم بسنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التي: منها تفسير القرآن، ومنها تقرير التوحيد والعقائد، ومنها الفقه، ومنها الآداب، ومنها الهدي هدي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في تعامله مع المشركين ومع المخالفين ومع صحابته، إذا زاد علمه في هذا كان أعلم وأفقه وكان أحرى بالصواب.
    وهذا يعني أن هدي السلف الصالح في العلم والتعلم هو الاهتمام بالسنة -سنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والأحاديث-.
    ثم يسر الله الأمر بأن صُنفت كتب الحديث كان من أوائل ما صنف في ذلك الموطأ للإمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله تعالى، فصنف الموطأ وهو على اختصاره فيه من العلم الشيء الكثير جدا، حتى قال طائفة من أهل العلم: ليس بعد كتاب الله أصح من موطأ مالك بن أنس، وذلك لأجل أنه كان قبل كتاب البخاري ومسلم.
    ثم لما تتباع أهل العلم في التأليف في الحديث وفي كتابة السنن تنوعت ما بين صحاح ومسانيد ومعاجم وأجزاء حديثية وأنواع كثيرة من التآليف معروفة عند المتتبعين.
    وكان من أجلّ ما كتب أهل العلم الكتب الستة المشهورة: كتاب البخاري أبي عبد الله، وكتاب مسلم بن الحجاج، وكتاب أبي داوود السخستاني السنن، وجامع أبي عيسى الترمذي، وسنن المجتنى والمجتبى للنسائي، والسنن للحافظ ابن ماجه رحمهم الله تعالى.
    وهذه المصنفة على الأبواب وعلى الموضوعات.
    وأما المسانيد فأعظمها مما هو بين أيدينا مسند إمام أهل السنة والجماعة الإمام أحمد بن عبد الله بن محمد بن حنبل أبو عبد الله الذي كتب وصنف مسنده على مسند العشرة ثم مسند المهاجرين ثم مسند الأنصار ومسند المكيين والمدنيين والشاميين إلى آخر ذلك ثم مسند النساء في آخره.
    وهذه الكتب لم يزل أهل العلم يعتنون بها جدا الكتب الستة مع مسند الإمام أحمد ومع الموطأ.
    والعلم بالسنة هذا من أهم ما يعتني به طالب العلم، والاهتمام بالعلم بحديث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقوى في الإنسان في طالب العلم يقوى فيه الملكة في العلم ويقوى فيه الحفظ وتقوى فيه الدراية في الفقه والفهم، ويحصل له خير كثير في السلوك وفي معرفة الهدي والسنن، في أموره كلها، ليس في أمر اللباس فقط أو في بعض السنن؛ بل في جميع أموره في بيته وفي لفظه وفي حواره وفي تعامله وفيما يأتي وفيما يذر وفي حسن خلقه، فسنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبوابها واسعة.
    وإذا كان كذلك فإن العناية في علم الحديث لم يزل أهل العلم يوصون بها ويهتمون بها، فطلاب العلم بحاجة كبيرة جدا إلى العناية بهذا العلم، فالعناية به هو موضوع هذه الكلمة وهذا الدرس، ويمكن أن نجعله في عدة نقاط أو موضوعات.
    الموضوع الأول

    أما الأول فهو: أن علم الحديث قسمه العلماء إلى علم رواية وإلى علم دراية:
    @وعلم الرواية قصدوا به نقل الحديث بالإسناد، فقد كان الصحابة وكان التابعون في غالب أحوالهم يذكرون سندهم في السنة والحديث منهم إلى النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ، وربما لم يذكروا السند وإنما قالوا قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكانوا إذا نشطوا أسندوا وإذا تقاصروا لم يسندوا وأرسلوا.
    والرواية يعنى بها نقل الحديث بالإسناد؛ بالسماع، فيسمع يتحرى أن يسمع من المشايخ علم الحديث يتحرى أن يسمع من المشايخ الأحاديث فينقلها ويرويها ويكتب عنده ما سمع، أو يكون عند الشيخ الذي سمع منه يكون عنده أجزاء أو كتب فيأخذه إجازة ويقرأ عليه، فيكون عنده سماع في ذلك ثم يرويه كما سمعه.
    ولأجل هذه الرواية التي جاء فيها من الفضل لقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نضَّر الله امرَءا سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها فرب مبلَّغ أوعى من سامع»، وهذا الدعاء العظيم منه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ قوله (نضر الله امرءا) يعني جعل وجهه في نضرة وهي نضرة النعيم دعاء له بالجنة.
    وأعظم من جاهد في العلم في الحقيقة هم أهل الحديث بروايتها، وكانوا يرحلون في الأمصار ويطلبون حديثا واحدا في رحلة طويلة، قد رحل بعض الصحابة رضوان الله عليهم لأجل حديث، رحل بعضهم من مصر إلى المدينة ومن بغداد إلى الكوفة، وبعضهم من الشام إلى مصر من أجل حديث واحد؛ كما رحل أحد الصحابة في سماع حديث «من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة» جاء يطلب هذا الحديث حتى يرويه ويبقى، فحرِص الصحابة على السماع ومن بعدهم على السماع حتى تكونت الرواية.
    وهذه الرواية بقيت منقولة بـ(حدّثنا) و(أخبرنا) و(أنبأنا) و(عن) حتى زمن التصنيف، ثم انتقلت الرواية من هذا الزمن إلى زمن التصنيف فصار لا يُنقل بالسماع المفصل لأحاديث مجموعة وإنما ينقل سماع الكتب، فنقل مثلا مصنفات ابن أبي أعروبة نقلت سماعا، ونقل موطأ مالك سماعا ونقل مثلا جامع ابن وهب سماعا ونقل جامع فلان سماعا ومصنف عبد الرزاق ومصنف ابن أبي شيبة وهكذا الكتب الستة وهكذا المعاجم والمسانيد والأجزاء نقلت بالسماع، فصارت بدل أن تكون مجموعة كما كانت في القرن الأول والثاني يذهب العالم وطالب علم الحديث يذهب يجمع من هذا البلد وهذا البلد ومن هذا البلد ثم ينسقها، صار الأمر مدونا في الكتب وصارت أسهل، فنُقلت بالسماع.
    ظلت الرواية بعد ذلك للكتب سواء منها كتب الحديث أو كتب التفسير، وهناك أيضا رواية للكتب جميعا حتى كتب اللغة وأي كتاب إنما ينقل بالرواية ظلت هكذا عدة قرون، ثم تُرك قراءة الكتب وقراءة الكتب بالقراءة والمطالعة؛ يعني بأن يقرأ الكتاب على شيخه ثم يجيزه به بقراءته له من أوله إلى آخره، صار الأمر في أواخر القرن السادس ثم السابع إلى إجازة وما قبلها؛ لكن كثرت في القرن السادس والسابع إلى إجازة مجملة للحافظ لأن يُقرأ؛ ثم يحضر من يحضر للختم ويجيز الحاضرين في كل ما رواه.
    فكثرت الإجازات، وهذه تسمى الرواية، والإجازات باقية في الأمة إلى وقتنا هذا ويعتني بها طائفة من الناس وهم طلبة العلم يعتنون بهذه الإجازات بقاءً لهذه السنة والمحافظة على الرواية سواء أكانت رواية للكتب أم كانت رواية للأحاديث وهي نادرة يعني الأحاديث بدون كتب وهي نادرة، وغالبا ما يسمع المجيب يُسمع المجاب أول حديث وهو الحديث الذي لقب بالحديث المسلسل بالأولية وهو حديث «الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء» وهذا يسمى المسلسل بالأولية لأنه كان أول حديث يسمعه الطالب من شيخه من أواخر القرن الثاني ثم الثالث إلى زماننا الحاضر.
    هذا الصنف الأول يسمى بالرواية.
    والرواية طالب العلم معها له أحوال:
    الحال الأولى لطالب علم الحديث اهتمامه بالرواية: أن يكون عارفا بكيفية الرواية، كيفية الرواية بالتلقي، كيف يُنقل الحديث وصيغ التحديث؟ وكيف يبتدئ المحدث بالحديث سابقا؟ وكيف كتبت الكتب وروايات الكتب واختلاف هذه الروايات المنقولة؟ والأحاديث كيف نقلت بالرواية بالزيادة وبالنقصان؟ وما يتعلق بالرواية التي هي نقلا وليس بحثا بالاتصال وعدمه لأن هذا القسم الثاني، كيف تكون الإجازات وأنواع الإجازات؟ من المهتم؟ من هو مثلا البخاري؟ من رواة مسلم؟ من رواة سنن أبي داوود؟ من الذي روى المسند؟ ما حال المسند من جهة الرواية؟ وأشباه ذلك، ليعرف كيف رويت هذه؛ لأن هذا طالب العلم لابد له من هذه المعرفة إذا أراد التمكن؛ لأنه يحصل له بذلك فهم لكلام العلماء في مسائل كثيرة في الترجيح وفي النظر وفيما يُجيبون به عن الشبهات والأقوال المختلفة.
    كان طائفة من أهل العلم لا يهتمون كثيرا بالرواية في العصور المتأخرة؛ لأنها أصبحت للنقل لا للحفظ، وإنما يحرص الطالب على الإجازات وعلى كثرة السماع يرحل من بلد إلى بلد لتحصيل كثرة المشايخ وكثرة من سمع منهم وأجازوه، وهذا صار فيه قُصور في المقصود من الرواية وهو حفظ السنة إلى أن يكون المقصود من الرواية هو التكاثر كما حصل في الأعصر المتأخرة، ولهذا امتنع كثير من العلماء عن الإملاء وامتنعوا عن تلاوة الأحاديث بإسنادها منهم إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأنه يكون بينهم عشرة خمسة عشر نفس وقل ذلك في الأعصر المتأخرة لأجل كثرة الإجازات.
    يتبع

  • #2
    فامتنع طائفة من كثرة السماع وتتبعه كالحافظ ابن كثير مثلا وانشغلوا بغيره، لهذا الحافظ ابن حجر لما ذكر ابن كثير في الدرر الكامنة ما حاصل كلامه قال: لم يكن له همة في تحصيل الأسانيد والإجازات كعادة أهل الحديث.
    أما في زماننا الحاضر فثم من طلاب العلم من المشتغلين بتحصيل الأسانيد من بَالغ في تحصيل الإجازات، وصارت شغله الشاغر وهمَّه الذي يفكر فيه دائما.
    وهذا في الواقع ليس مقصودا لأن تحصيل الإجازات والأسانيد وبقاء الرواية هذا مطلوب لأجل الحفاظ على هذه السنة وعلى هدي أهل العلم في ذلك؛ لكن هو مقصود لغيره، المقصود هو الفقه في الدين لأن الله جل وعلا أثنى على من يتفقه في الدين، أما مجرد تحصيل هذه الإجازات دون علم بما فيها، فهذا ليس مطلوبا؛ بل ليس مرغوبا فيه.
    فوُجد من عنده إجازات عالية وأسانيد في بعض الأمصار وليس من أهل الاستقامة أصلا؛ عنده مثلا كبائر من الذنوب، وعنده موبقات، وعنده أشياء ليست بحسنة، وبعضهم ليس على طريقة أهل الحديث في سلوكه، وبعضهم على عقائد باطلة، وغلاة في التصوف مثلا، أو في المذاهب البدعية في العقائد كالأشعرية وغيرها، وبعض المنتسبين أيضا لعلم الحديث بالغوا في ذلك حتى صاروا يجمعون هذه الروايات من هاهنا وهاهنا هذا ليس مقصودا في ذاته، وإنما إذا حصل هذا شيء طيب ويحرص عليه طالب العلم، لكن إذا لم يحصل إلا بتعب فليس هو المقصود.
    والناس اليوم بحاجة إلى تعليم العلم النافع، نعم لابد من بقاء سلسلة الإسناد وبقاء الرواية؛ لكن أن تكون هي الشغل الشاغل، فهذا خلاف الأصل والمقصود من الرواية وطلب علم الحديث.
    مما يدخل في بحث الرواية أيضا معرفة؛ عند بعض العلماء يدخل في الرواية معرفة طبقات الرجال والحفاظ ورواة الأحاديث حتى يميز في الرواية ما بين السماع وصحته يعني في طريقة الأداء واللُّقي وأشباه ذلك، لكن هي تدخل في القسم الثاني وهو الدراية الذي سيأتي بيانه.
    مما يتصل بالرواية أن كثيرا من كتب أهل العلم التي طُبعت وخاصة الكتب الستة والمسند ونحوها لا تطبع على رواية واحدة معروفة، هناك ما طبع على رواية لكن الأكثر أنها طبعت على نسخ خطية؛ لكن ليست على رواية معروفة، بأن يقال مثلا في البخاري هذا طريق أبي الوقت نسخة أبي الوقت، مثلا هذه نسخة الكشميهني، هذه رواية الفربري عن البخاري هذه رواية ابن شاكر عن البخاري وهي غير موجودة، أو في سنن أبي داوود يقول هذا من أولها إلى آخرها هي رواية اللؤلؤي أو رواية ابن الأعرابي يَدخلها أشياء ليست من الرواية.
    لذلك كثر الغلط عند اللذين يعتنون بتخريج الأحاديث، اليوم تحقيق الكتب في أنهم جعلوا هذه الكتب المطبوعة معتمدة في التخريج ويتعقبون العلماء الأوائل إذا نسبوا حديثا وعزوه إلى السنن أو إلى الصحيح أو ما شابه ذلك، يعتمدون على ما بين أيديهم من الكتب في نفي أو إثبات كلام العلماء السالفين، وهذا غلط جرّهم إليه عدم المعرفة بالروايات، ورواية الكتب وكيف طبعت هذه الكتب والنسخ وكيف تُعتمد النسخ الخطية من غير النسخة المعتمدة.
    ولقد أحسن كثيرا –مثلا- الحافظ الزيلعي في نصب الراية حينما تكلم في عدد من المواضع على أحاديث نسبت مثلا إلى سنن ابن ماجه –وسنن ابن ماجه بالذات فيها اختلاف تقديم وتأخير- هو لا يقول هو ليس في السنن إنما يقول: ليس في نسختنا من السنن.
    لهذا بعض العلماء المعاصرين المدققين يقول مثلا: لم أره في الطبعة كذا من سنن أبي داوود، لم أره في طبعة البخاري الموجودة مع فتح الباري الطبعة السلفية أو راجعت مواضع كذا وكذا ولم أره. ومن غير هدي المتحققين بالعلم والعالمين بمنزلة أهل الحديث السالفين والعلماء والأئمة الحفاظ من غير اللائق بأهل العصر أن يقول غلِط فلان ووهم فلان، ويغطونهم وهو الروايات لا يعرفها معنى روايات الكتب -كتب الحديث- وما فيها من الاختلاف.
    هذه كلها في النقطة الأولى الموضوع الأول.
    @القسم الثاني من علم الحديث علم الدراية وهذا التقسيم للمتأخرين أن علم الحديث ينقسم إلى علم رواية ودراية والدراية اختلف فيها أهل العلم على قولين:
    الأول أن الدراية يقصد بها دراية رواية الحديث من حيث صحة السند أو عدم الصحة ومنزلة الرجال من الثقة وعدم الثقة، فترجع الدراية إلى دراية التخريج والحكم على الأحاديث.
    وقال آخرون الدراية إنما هي دراية بالمتن لا بالسند؛ يعني بفقه الحديث وبما يحمله من العلم.
    والأظهر في ذلك أن كلمة الدراية من حيث إنها راجعة إلى دَرَى، يدري، وأنها لفظ مصطلح -والاصطلاح لا مشاحة فيه- الأظهر أنها تشمل الأمرين لأنه هناك دراية في السند وهناك دراية في للمتن ودراية في السند بتصحيحه ومعرفة رجاله، ودراية المتن بالفقه فيه.
    وهذه الدراية هي التي تنافس فيها العلماء وتميز فيها الأئمة وأهل العلم بالحديث عن أهل السماع، والنقل فأهل المرتبة الأولى هؤلاء قد لا يكون عندهم فقه وقد لا يكون عندهم علم وإنما هم نقلة وقد أدوا ما سمعوا، ونسأل الله جل وعلا لهم نضرة في وجوههم ودخولهم في دعاء النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ.
    أما الدراية فهذه تشمل دراية الأحاديث المروية صحة وضعفا، ومنزلة الرجال، وطبقات الرجال، كلام أئمة أهل الجرح والتعديل وما يتصل بذلك من المباحث مما سيأتي تفصيله، ودراية في المتن بمعرفة فقهه وتفصيلات العلماء في ذلك.
    وهاتان المسألتان يأتي الكلام عليهما فيما نستقبل إن شاء الله تعالى.
    الموضوع الثاني

    هو موضوع رجال الحديث، وهو جزء من الدراية التي ذكرنا -دراية الرواة-، دراية الحديث تشمل دراية الرواة، ودراية الإسناد من حيث الاتصال وعدمه، ودراية الحديث من حيث الصحة والضعف.
    أما الرجال فعلم الحديث في معرفة الرجال علم طويل وصعب، وكان العلماء سابقا يستصعبون البحث في الرجال ومعرفة رجال الحديث، وقليل منهم من يحسن ذلك؛ وذلك لأن المسألة ليست مقتصرة على تحصيل كتب الجرح والتعديل كالكمال وتهذيبه وتهذيب التهذيب والسلسلة هذه، أو التاريخ الكبير والجرح والتعديل وما شابه ذلك من الكتب، والضعفاء للعقيلي، والكامل لابن عدي، وسلاسل طبقات الحفاظ إلى آخره، فتحصيل هذه الكتب ليس كافيا في أن يكون طالب العلم عارفا بالرجال.
    وعلم الرجال مهم لكن لا يمكن لكل أحد أن يبرز فيه، لذلك هناك قدر يحتاجه طالب العلم لمعرفة الرجال، وهو أن يعلم أسانيد العلماء علماء الحديث وحفاظ الحديث في كل طبقة من الطبقات.
    وهذه ييسرها له مثل كتاب طبقات الحفاظ للحافظ شمس الدين الذهبي رحمه الله تعالى، أو مشاهير علماء الأمصار لابن حبان رحمه الله تعالى.
    يعلم في كل طبقة المشاهير، لا يعرف –مثلا- عشرة آلاف راوي، لا، لكن في كل طبقة يعلم المشاهير. يعني –مثلا- يركّز على الصحابة المشهورين الذين رووا الحديث أسماؤهم دائما تأتي على الذهن من كثرة ما يسمع، مثل أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر الكوفي رضي الله عنه، ومثل عائشة ومثل الخلفاء الأربعة رضي الله عنهم أجمعين، ومثل جابر بن عبد الله وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو وأبي الدرداء وعبادة بن الصامت والعشرة المبشرين، وثم كثير من الصحابة لكنهم ليسوا كثيرين جدا، ليسوا بالمئات إنما قد يبلغ عددهم ثلاثين من المشهورين بالرواية والبقية تكون رواياتهم أقل.
    هؤلاء يعرف طالب العلم من حيث الزمن يعرف أين كانوا في أي بلد، يعرف تلامذة الصحابي هذا الذي نقلوا عنه الحديث.
    فستجد مثلا أن الرواة عن أبي هريرة محصورون -يعني المشاهير منهم- أربعة أو خمسة أكثر الأحاديث عليهم.
    ثم تجد أن الرواة عن ابن عمر عشرة أو إحدى عشر، المشهور منهم أيضا، هؤلاء مشهورون وفيه بقية كثيرة رووا.
    لكن تجد أن المسألة من حيث علم الجرح والتعديل والرواة وطبقات الرواة تؤول إليه إلى أنك عرفت شيئا، وهذا الشيء الذي تعرفه هو الذي ستجده متداولا كثيرا في كتب أهل العلم، تجده متداولا كثيرا في التفسير وفي شروح الأحاديث إلى آخره.
    وهذا لا يتطلب منك جهدا كبيرا إنما هو لبضعة أشهر فممكن خمسة ستة أشهر إلى سنة وتعرف هذا بتفاصيله؛ يعني هذا لم يرو عنه وهذا لم يرو عنه وكان في أي بلد، المهم تعرف انتقال الأسانيد والرواة ومتى كان الحديث مدنيا ثم كيف صار شاميا ثم كيف صار مصريا ثم كيف صار مثلا كوفيا إلى آخره، هذه لها فوائد كثيرة في فهم كلام العلماء وتحرير المسائل والدقة في النقل.
    وهكذا في التابعين وتبع التابعين، ثم الحُفّاظ الذين تدور الأحاديث عليهم كثير من ألأحاديث تجد أنها تدور على هذا الزهري وأصحاب الزهري مثلا الشعبي وإبراهيم النخعي وأصحابه، مثلا أبي إسحاق السَّبيعي ومن معه، الأعمش وأشباه هؤلاء وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة ومالك وأصحاب مالك وأشباه هؤلاء؛ يعني تجد أنها محصورة المشهورين أو الحفاظ تجد أنهم ليسوا بالكثير.
    يتبع
    الملفات المرفقة
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو الحسين عبد الحميد الصفراوي; الساعة 18-Mar-2023, 03:49 PM.

    تعليق


    • #3
      ثم بعد ذلك إذا انتقلت إلى الفئة الذين كتبوا وصنفوا يكون الأمر أسهل عليه لكثرة تداول أسمائهم، وأشباه ذلك.
      القسم الثاني في معرفة الرواية أو يعني في الرجال: أن تعلم من الرجال من هم الذين من الحفاظ وأئمة الحديث الذين تكلموا في الرجال، هذا من الدراية، من هم الذين جرحوا وعدّلوا؟ من هم الذين تدور أسماؤهم في أن يقول قال فلان هذا ثقة؟ أئمة الجرح والتعديل من هم؟
      هؤلاء أسماؤهم محصورة ومعروفة وهم طبقات منهم المتشدد منهم المتساهل ومنهم المعتدل.
      فمنهم المتشدد الذي يقدح ويطعن في الراوي لأدنى مخالفة، عنده أدنى غلط.
      ومنهم المتساهل الذي يوثق من ليس بثقة أو بحسب ما رأى بدون سبر أحاديثه والنظر ويوثق المجاهيل أو ما أشبه ذلك.
      ومنهم متوسطون معتدلون يأخذون بالنظرة الشمولية للراوي ويسبرون أحاديثه ولا يكتفون بالقليل.
      طبقات الرواة هذه ثلاثة، منهم المتشدد، منهم المتساهل، ومنهم المتوسط، وهذه ذكرها السخاوي في جزئه المعروف وذكر أمثلة لهم، وهؤلاء تعرفهم في كتب الجرح والتعديل .
      ومن المهم أن تعلم أيضا مكان العالم، في أي بلد؟
      يعني مثلا واحد من أهل المدينة قدح في أحد علماء الشام، أحد الرواة في الشام، وأحد أئمة الجرح والتعديل في الشام وثقه، القريب منه أوثق، القريب منه أعرف؛ لأن هذا ربما يكون بنى على أشياء، يكون هنا عندك معرفة البلدان تكون معرفة لماذا، أوش الذي يرجح من أقوال أئمة الجرح والتعديل؟
      لأن الحاصل في كثير من صنيع الذين يعلّقون على الكتب الآن أنه يشوف حسب الفتحة، هذا قال فيه ثقة وهذا قال فيه صدوق.
      حتى بعضهم قال يجمع العدد عدد الذي وثقه وعدد الذي ضعفه ونشوف الأكثر.
      هذه قضايا ما هي قضايا انتخاب ولا قضايا من الأكثر، هذا علم لابد له من أصول.
      مثلا أهل الكوفة يوثقون أحد رواة الكوفة، ويأتي واحد من مصر ويضعفه، هل يقبل كلامه؟ ويأتي ويقول: الجرح مقدم على التعديل!! ليس الأمر كذلك.
      إذن فمسألة أقوال أئمة الجرح والتعديل والقول الذي يؤخذ به وما لا يؤخذ به، هذه مسألة عظيمة تحتاج إلى نظر من الأئمة وأهل العلم بالحديث وليس كل أحد يستطيع ذلك.
      لكن طالب العلم من أمثالنا يكفي يعرف طبقات أئمة الجرح والتعديل، في أي بلد كانوا، ومن هو المتشدد منهم والمتساهل والمتوسط، يكون عنده خلفية بحيث إذا صار عنده قراءة شرح من شروح الأحاديث أو أراد ترجمة من تراجم الرجال يعرف الكلام الذي يدور ماذا يُعنى به وكيف ينزله منزلته.
      الموضوع الثالث

      وهذه الموضوعات يطول الكلام عنها جدا.
      لكن الموضوع الثالث موضوع تصحيح الأحاديث وتضعيفها وهي داخلة في الدراية فيما ذكرنا لكم.
      وهذه مما اعتنى بها الصحابة والتابعون واعتنى بها أئمة أهل العلم والحديث، وكان الحفظ وكتابة الأجزاء والمقابلة والمقارنة والسبر والاعتبار وجمع الشواهد ليُعرف الأحاديث الصحيحة من غيرها.
      الأحاديث الصحيحة في معرفتها لاشك أنها راجعة إلى تحقّق شروط الحديث الصحيح.
      والحديث الصحيح عرفه طائفة من المتأخرين بأنه: ما اتصل سنده بنقل العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه، وكان خاليا من الشذوذ والعلة.
      وهذا في الجملة تعريف لا بأس به ويستقيم في الجملة.
      معرفة الحديث الصحيح تكون مبينة على السند والثقة والعدالة والخلو من الشذوذ والعلة إلى آخره.
      وهذه المسائل لاشك أنها راجعة إلى الاجتهاد؛ لأن معرفة أنّ هذا عدل وضابط هذه يختلف فيها العلماء، هذا يقول فلان ثقة وهذا يقول فلان صدوق، من الذي يرجح؟ مسلم رحمه الله تعالى عند أكثر العلماء ثقة وإمام وعند بعض أهل عصره صدوق، بعض أهل العلم إمام ثقة وعند غيره يكون ثقة ربما أخطأ عنده أغلاط، بعضهم كان ثقة لكن ربما كان يغرب ويخطئ في بعض الأحاديث إذا كان في بلد من البلدان، فإذن المسألة راجعة إلى الاجتهاد؛ مثل مثلا معمر إمام معروف وعالم وهو شيخ عبد الرزاق الذي يروي عنه في الطريق المعروف طريق الصحيفة الصادقة صحيفة أبي هريرة، وكان الأحاديث التي يرويها في كل البلدان صحيحة، إلا إذا روى في البصرة، ما رواه في البصرة فيه نظر، عالم جليل يروح للبصرة يتلخبط، بعض العلماء يأتي يقول هذا عالم ثقة يصحح حديثه؛ لكن المدققون من أهل العلم ينظرون هل هذا مما يُعل أو لا يعل؟ هل روايته مقبولة أو ليست مقبولة؟ بعضهم صحيح حديثه في الشاميين ولا يصح حديثه في المدنيين، وبعضهم العكس، وهكذا في أشياء كثيرة كأمور الاختلاط وتغيرها وأسبابها.
      إذن فالمسألة أعني أن الحكم على حديث بالصحة راجع إلى اجتماع شروط هذه الشروط تحققها اجتهادي، كون العالم يحكم بأن هذه متحققة أو ليست متحققة، هذا أمر اجتهادي فرجع الأمر إلى أن مسألة التخريج ومعرفة الأحاديث الصحيحة من غيرها أمر اجتهادي.
      لكن فيه من الأحاديث ما هي ظاهرة الصحة، وفيها أشياء فيها اجتهاد بعضهم يصحح وبعضهم يضعف.
      هذا البخاري رحمه الله لما عرض كتابه وهو قد مكث فيه سنين طويلة لجمعه والتحري في صحته عرضه على علماء عصره وافقوه على ما أورده وأنّ أحاديثه صحيحة خلا أربعة أحاديث لم يوافقه علماء عصره، حتى المتأخرون قالوا الصواب في هذه الأربعة أحاديث مع البخاري رحمه الله لكن أهل العصر من العلماء كأحمد وكأبي زرعة ونحوهم لم يوافقوه على ذلك. إذن المسألة فيها اجتهاد.
      كذلك مسلم رحمه الله عرض كتابه ما قالوا هذا صحيح أبقاه، وما قالوا غير صحيح أزاله وهو كان يرى أنه صحيح.
      أحاديث صححها الإمام أحمد تجد أن غيره يضعفها، صححها الشافعي صححها مالك وغيره يضعفها.
      إذن هذه المسألة فيها اجتهاد.
      وإذا كان الأمر كذلك كان طالب العلم ينظر فيها على تؤدة ومهل، وما يأتي ويقول هذا الحديث صحيح ويطعن في كلام عالم أكبر منه وأعلم منه أو من هو متحقق بعلم الحديث أو الأئمة السابقين، هذه مسائل ليس كون عالم من المعاصرين صحح الحديث أنه صحيح عند الجميع ليس متفقا على صحته، المتفق على صحته الذي رواه البخاري ومسلم واتفقا عليه، هذا متفق على صحته كما هو الاصطلاح وفيه بعضها أيضا فيه مناقشة كما هو معروف.
      إذن معرفة طالب العلم بأنّ اجتماع طرائق الحديث لأجل أن يكون صحيحا إنما هي مسألة اجتهادية، هذه تجعله يهتم أكثر بعلم الحديث ويطلب مشاركة أهل العلم وفي التخريج وفي صحة الأحاديث، وأيضا تجعله متواضعا متطامن الرأس والنفس لأئمة أهل الحديث السالفين.
      مثلا ليس من صفة طلاّب العلم أن يأتي يقول هذا الحديث صححه الإمام أحمد ويقول بعدها وليس كما قال. وليس كما قال!! هذه ما يقولها طالب علم يعرف معنى الاجتهاد في الحديث وفي التخريج وأنها مسألة اجتهادية في التصحيح والتضعيف، ويتكلم على اجتهاد الإمام أحمد بأنه ليس كما قال.
      الإمام أحمد يحفظ ألف ألف حديث، أنت هل تحفظ ألف حديث هل تحفظ ألفين لو حفظت، ألف ألف حديث يعني مليون حديث، خرج مسنده فيه نحو أربعين ألف حديث من سبعمائة ألف حديث مسموعة كما يقول عبد الله بن الإمام أحمد.
      إذن المسألة تحتاج من طلاب العلم إلى خوض في علم الحديث بقوة وفرح به ومعرفة؛ لكن بتواضع لأهل العلم السابقين وألاّ يرفع رأسه وطالب العلم إذا رفع رأسه وبدأ يقول هؤلاء عندهم بحث ونحن عندنا بحث، إذن هنا تأتي مرحلة الضعف؛ لأن علم الحديث إنما هو بالحفظ ليس هو بالبحث البحث يوصلك إلى أشياء لكن تغيب عنك أشياء كثيرة، والحافظ يقارن بين الروايات.
      مثلا يأتي يقول لك هذا والله روى ألف حديث أخطأ في ستة أحاديث، راوي يقول روى ألف حديث أخطأ في ستة أحاديث من يعرف هذا؟ الحافظ الذي يقلب في ذهنه روايات فلان هذا صحيح هذا ما فيه إشكال هذا أخطأ في اللفظ الفلاني، فحينئذ يحكم على الراوي بأنه ثقة أو أنه ربما أخطأ إن كثرت أخطاؤه أو إلى آخره.
      فإذن المسألة تحتاج منه إلى عناية حتى تعرف كلام العلماء ومنزلة كلام أئمة أهل الجرح والتعديل والذين يصححون الأحاديث ويتكلمون فيها من السابقين والمتأخرين، وبعدها يكون عند طالب العلم مشاركة ومعرفة؛ لكنها مع تواضع وتطامن، وهذه سمة أهل العلم وطلاب العلم المتحققين بأخلاق أهل العلم.
      التصحيح والتضعيف تارة يكون منصوصا عليه في كتاب من كتاب العالم يقول مثلا هذا حديث صحيح، وتارة يقول بالنقل بأن هذا صححه فلان وخاصة عند العلماء المتأخرين مثل النووي والحافظ العراقي وشيخ الإسلام وابن القيم وابن كثير وابن حجر إلى آخره، فربما هم حكموا من عند أنفسهم على كثير من الأحاديث.
      هناك شعب كثيرة للموضوع لكن هي إشارات تناسب هذا المقام.
      يتبع

      تعليق


      • #4
        الموضوع الرابع

        يتعلق بالدراية؛ الدراية من حيث فقه الحديث.
        وفي الحقيقة أن هذا هو المقصود، ففقه السنة هو المطلوب شرعا، فقه القرآن وفقه السنة لأن الله جل وعلا أثنى على الذين يتفقهون في الدين فقال جل جلاله ﴿يَرْفَع اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ[المجادلة:11]، والعلم هذا هو العلم بالكتاب والسنة -العلم بالدين- وهو الذي قال الله جل وعلا فيه ﴿فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ﴾[التوبة:122]، الدين في ذلك الوقت ما هو؟ هو القرآن وسنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قولا وفعلا.
        فإذن دراية السنة هو حقيقة دراية الشريعة دراية الدين، فالعلم بالدين هو العلم بالسنة، والسنة من حيث ما اشتملت عليه مشتملة على أعظم أمر وهو الذي من أجله بُعثت الرسل وهو توحيد الله جل وعلا، وما ينبغي لله جل وعلا من صفات الجلال والكمال، وما يستحقه سبحانه وتعالى في العبادة، وما يجب له جل جلاله من الخوف والرجاء والمحبة إلى آخر ذلك من أنواع العبادة، هذا هو أصل السنة.
        لكن عند طائفة من المتأخرين انقلبت المسألة إلى أن العلم بالسنة هو العلم بالآداب في المشي واللباس والأكل، والسنة في توحيد الله وفي العقيدة والسنة في شرائع الإسلام العظيمة لا تُعلم أو تبدل وتغير، هذا في الحقيقة ليس من أهل السنة والجماعة لأنه وإن اهتم في الحديث بأشياء؛ لكنه أصل السنة هي ما بعث به الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هو لم يبعث عليه السلام لم يبعث معلّما للناس كيف يأكلون وكيف يشربون وكيف يلبسون وكيف يمشون وكيف ينامون أو نحو ذلك، هو بعث للناس ليدعوهم إلى كلمة التوحيد لا إله إلا الله محمد رسول الله، بُعث للناس للإيمان بالله والكفر بالطاغوت، وهذه المسائل من سنته منها ما هو واجب -يعني مسائل الآداب- ومنها ما هو مستحب ومنها ما هو من خصائصه، فالعلم بها مطلوب والعمل بها مطلوب شرعا؛ لكنها ليست في منزلة توحيد الله جل وعلا، ولا العلم بأحكام الطهارة والصلاة والعبادات وحقوق الخلق وما أشبه ذلك.
        فحقيقةً العلم والعمل بالسنة إنما هو العلم والعمل بما يستحقه الله جل جلاله في توحيد عبادته وربوبيته وأولهيته وأسمائه وصفاته ومسائل الإيمان والقضاء والقدر ومسائل اليوم الآخر، وهذه المسائل العظام التي بها نور الإيمان بها نور الصدر والخروج من الابتلاء بالإيمان بالنبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ؛ لأنه بعث للابتلاء: إنما بعثتك لأبتليك وابتلي بك.
        هذه أعظم المسائل، فالعلم بالسنة -دراية السنة- أن تهتم بمسائل التوحيد والعقيدة في السنة وأن تحفظ الأدلة فيها في كتاب الله جل وعلا وفي سنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المبينة للقرآن، وأن تعلم مكان الاستدلال من الدليل، هذه دراية السنة فقه السنة، ثم إذا انتهيت من توحيد العبادة توحيد الأسماء والصفات، ثم عد ذلك مسائل القدر والإيمان، تعلم هذه شيئا فشيئا، هذا هو العلم بالسنة وهو الاهتمام بالحديث.
        يعني مثلا قد يأتي طالب العلم ويكون مهتما بالسنة بالتخريج وفي معرفة الصحيح والضعيف؛ لكنه الأحاديث الواردة في التوحيد قد ما يعرف فقهها، والأحاديث الواردة في الأسماء والصفات، في القدر، في الإيمان، لا يعرف حسن توجيهها، هذا فيه نقص في العلم بالسنة.
        ولهذا أحسن ابن القيم لما ذكر رحمه الله في الأبيات المشهورة لما ذكر العلوم قال فيها:
        والجهلُ داء قاتلٌ وشفــاؤهأمران في التركيب متفقـانِ
        نص من القرآن أو من سنـةوطبيب ذاك العالم الربانـي
        والعلم أقسام ثلاثٌ ما لـها من رابع والحق ذو تبيــانِ
        علم بأوصاف الإلـه وفعلـه وكذلك الأسماء للديــانِ
        والأمر والنهي الذي هو دينه وجزاؤه يوم المعاد الثانــي
        والكلُّ في القرآن والسنن التي جاءت عن المبعوث بالفرقان

        يعني مسائل العلوم هذه التوحيد والجزاء ما فيها اجتهاد، هل لأحد أن يجتهد فيها؟ إذا جاء النص استسلمنا، أما مسائل الفقه نعم فقه الأحكام قد يكون فيها اجتهاد لدلالة الحديث على أكثر من وجه.
        إذن فالاهتمام بالسنة الاهتمام بالأحاديث ومعرفة الصحيح منها مما هو في توحيد الله جل وعلا.
        أما الأحكام وهو القسم الثاني فهذه صنف فيها العلماء مصنفات جمعت أحاديث الأحكام بما فيها الصحيح وغير الصحيح؛ لكن مما احتج به طائفة من العلماء، مثل كتاب الإلمام لابن دقيق العيد، ومثل المحرر لابن عبد الهادي، ومثل بلوغ المرام، ومثل قبله عمدة الأحكام للحافظ المقدسي، وما أشبه هذه الكتب، قبلها منتقى الأخبار للمجد ابن تيمية، هذه صنفت في الأحكام تجمع ما في الصحيحين وما في السنن والمسند إلى آخره.
        هذه العناية بها عناية بالسنة، أحكام، فقه، هذه دراية بالسنة ومعرفة كيف تنضبط الأحكام اختلاف العلماء في ذلك مما هو معروف في هذا الباب.
        القسم الثالث الآداب العامة وهذه مهمة معرفة السنة فيها والأحاديث المروية لأنها هي التي يحتاجها طالب العلم في الوعظ، يحتاجها للبيان للعوام يحتاجها في البيان في بيته يحتاجها في كثير من العلم في الآداب والرقائق والمواعظ والأحاديث التي في هذا الباب السنة، ولهذا لما أتى المتصوفة وذهلوا إلى التصوف واخترعوا أشياء من عند أنفسهم في العبادات وفي الزهد وفي الانقطاع ألّف علماء الحديث كتب في الزهد، وكتب الزهد أو كتب الرقائق كتب مستقلة وتارة في الكتب الكبار مثل كتاب الزهد والرقائق–المستقل- لابن المبارك، مثل كتاب الزهد لابن المبارك أو للإمام أحمد أو لجماعة أو مثلا كتاب البخاري فيه الرقائق الزهد والرقائق فيه الأدب المفرد، لماذا ألفت هذه الكتب؟ لأنها قسم من السمة لابد أن يعلمها أهل العلم وأن يعلمها الناس وأن تبين لهم، وربما كانت حاجة الناس في الوعظ والإرشاد وفي الترقيق إلى هذه المسائل أعظم فيما يبين حقيقة الدنيا والآخرة وفي سيرة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأخبار الصحابة وكيفية الآداب العامة وآداب المجالس مثلا آداب المسجد آداب الحديث وأشباه ذلك هذه الأكل الطعام الشراب، هذه مهمة أيضا لابد من طالب العلم أن يعتني فيها بسنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
        الموضوع الخامس
        الاهتمام بالسنة الناس فيه ما بين غال وجاف ومعتدل، وهدي أهل العلم الراسخين من القديم هو الاعتدال وليس الغلو وليس الجفاء:

        فالذين غلوا وجعلوا مسائل من السنة جعلوها كالأصول العظيمة والقواعد العظيمة في الشريعة من حيث الدعوة إليها والإنكار فيها والكتابة فيها والاهتمام بذلك اهتماما أكبر من الاهتمام ([1]) بالسنة في العبادات وبالسنة في التوحيد وأشباه ذلك، غلوا في ذلك حتى في ذلك حتى جعلوا بعض المسائل يفاصل فيها وهي من المسائل المختلف فيها أصلا والسنة فيها غير واضحة، وهذا مما لا ينبغي؛ لأن هذا تشدد وغلو والنبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ؛ بل الله جل وعلا نهانا عن الغلو في دين الله جل وعلا.
        وأناس جفوا وهم أكثر الذين لا يعتنون بالسنة من المنتسبين إلى العلوم المختلفة مثل علوم الآلة وبعض المنتسبين للتفسير وبعض المنتسبين لعلم الكلام وما أشبه ذلك في الأمة من قديم وحديث جفوا حتى لا يُرى للسنة عليهم أثر ولا يعلمون السنة، فينطقون بالآراء وبالقواعد التي ورثوها ودرسوها في بعض الكتب، فهؤلاء كما عندهم جفاء وتقصير فكذلك عندهم عدم علم لأن حقيقة العلم: العلم بقال الله وقال رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال الصحابة هذا العلم.
        أما أهل العلم الراسخون من القديم فهم أهل الاعتدال في هذا، يعظمون السنة ويُنزلون مسائلها بحسب مقتضى الشريعة، ويعلمون مسائل الواجبات ومسائل المحرمات ومسائل المستحبات والمكروهات، والمسائل التي فيها السنة ظاهرة ومشهورة، والمسائل التي فيها السنة خفية، ويأخذون الناس على ما يصلحهم لا بما يفرقهم.
        ومثلا في رسالة كان أحد الدعاة كتب لسماحة الجد الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله تعالى يقول له: إني ذاهب للهند للدعوة وإنهم إذا رأوا أني أقبض أو أضع اليمنى على اليسرى، لا، يقول: إذا رأوني أرفع اليدين في غير تكبيرة الإحرام قالوا هذا وهابي، وربما لم يسمعوا لي وربما يمكنوني من الحديث في مساجدهم.
        فإذن هذه مسألة فيها شدة في كثير من البلاد: مسألة الجهر بالتأمين، ومسألة رفع اليدين، وكذلك مسألة القبض في بعض البلاد المغرب والمالكية وأفريقيا.
        فكان من جواب سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله تعالى: أنك إذا رجوت في ترك هذه السنة وهو أن تدعوهم إلى توحيد الله جل وعلا وإلى السنن العظيمة فهذا هو الواجب عليك، أن تترك السنة لما هو أوجب. لكن إذا لم ترجُ ذلك فلا تترك السنة.
        وهذا هو الذي ينبغي على العبد أن يعمله؛ لأنه يدرّج الناس إلى الأعظم ربما ترك بعض الأشياء لتحصيل أشياء، هذه أشياء ربما تحصل في المجالس لكن لو جادلته في كل شيء فاتك أن ترتب على إفهام المخاطب أو إفهام الناس المسألة العظمى؛ لأنك إذا أوردت عليه مثلا عشر مسائل أحيانا نناقش العلماء في بعض البلاد وفيه بعض الأشياء تمر منهم غلط لكن لا يتعقب كل ما يقول في كل مسألة، مثلا إذا تعقبت ما يقول في كل مسألة فاتك المهم، فأصبحت المسألة في ذهنه معارضة مثلا أعطيك مسألة هذه أخالف فيها وهذه أخالف فيها وهذه أخالف فيها، فربما سكت صاحب الحكمة والدعوة سكت عن أشياء لأجل أن يركّز ويهتم في المسائل العظمى مما أخطأ فيها صاحب الكلام والمخالفة للسنة.
        مثلا بعض المسائل في التشديد في بعض المسائل التي يرى أن القول الصحيح فيها أنه واجب، والجمهور مثلا يقولون أنها مستحب، أو أنها يرى أن الصواب الحرمة والجمهور مثلا يرون بالكراهة، أو هناك الأكثر أو الكثير من أهل العلم يقول بالكراهة، فتجد أنه يشدد الإنكار فيها أو يجعلها من المسائل التي السنة فيها كذا والسنة فيها أمر يأتي ويدخلها تحت ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾[النور:63]، هذه ليست في مثل هذه المسائل، إنما هذه في المسائل العظيمة أو المسائل التي استبانت فيها السنة وليس فيها خلاف في فهم ودراية السنة.
        أما التي فيها خلاف هذا أو هذا واجب أو هذا محرم، فإن هذا لا تُجعل المسألة مسألة مفاصلة الإنكار شديد إنما هو تعليمي.
        مثلا الأكل بالشمال الأكل بالشمال نهى عنه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وطائفة من العلماء وهم الظاهرية وبعض أهل العلم قالوا بحرمة الأكل وجمهور أهل العلم على أنها الأكل بالشمال مكروهة لمشابهته الشيطان ولنهي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك، إذا علم طالب العلم حقيقة السّنة في ذلك وكلام أهل العلم يكون توجيهه لمن وقع في هذا الأمر يكون توجيهه بالأسلوب المناسب الذي يبين فيه الأمر.
        مثلا يقول السنة الأكل باليمين والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن الأكل بالشمال، يأتي واحد ثاني يقول: هذا حرام عليك قد تدخل في كبيرة لأنك شابهت الشيطان كما يقول طائفة من الظاهرية.
        فإذن العلم بالسنة، معرفة مراتب خلاف العلماء فيها، هذا يجعل طالب العلم تبعا للأئمة الأوائل يجعله معتدلا فيما يأتي وفيما يذر.
        مثل الآن الشرب قائما الشرب قائما اختلف فيه العلماء وعامة العلماء أو أكثر العلماء على كراهته، إذا كان لغير حاجة أو في غير شرب زمزم:
        ومن أهل العلم من قال بالتحريم.
        ومنهم من قال بالنسخ لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شرب في حجة الوداع قائما فقالوا هذا ناسخ للذي قبله وعلي بن أبي طالب شرب في رحبة الكوفة قائما إلى آخره في بحث معروف.
        وعامة أهل العلم من الأئمة الأربعة وشيخ الإسلام يقولون بالكراهة لغير حاجة.
        يأتي مثلا يجتمع معنا في بيته أو مع الناس في كل مسألة من هذه المسائل أو ينكر فيها ويغلظ فيها في الإنكار ويجادل فيها حتى يُظن أن كل مسألة هي مسألة مجادلة.
        هذا ليس صفة المتحقق بالسنة وإنما هو يرشد ويعلم يقول مثلا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن الشرب قائما، السنة الشرب جالسا، ما يأتي يقول الشرب قائما حرام.
        فإذن المسائل الآداب في السنة الناس فيها -مثل ما ذكرت لك- بين أهل غلو وتشديد، وما بين أهل جفاء ما يهمهم شيء في هذه المسائل، وما بين أهل اعتدال وهم أهل العلم الراسخون الذين هداهم الله ووفقهم.
        هذه المسائل أنتم تعلمون أمثلة أكثر من ذلك.
        فالسنة واجب الاهتمام بها، والعناية بعلم الحديث وفقه السنة مع فقه القرآن هو حقيقة العلم، لهذا نوصي الجميع بذلك، وأن تعتنوا به أكمل العناية، ودائما من كان همّه الكتاب؛ كتاب الله جل وعلا حفظا وتلاوة ومدارسة، والسنة أيضا حفظا ودراسة ومدارسة فإنه ولا شك سيرى النور في قلبه وفي صدره، ويرى أن الفتن وما يَعرض على النفوس وفيصدها عن الحق يرى أنه تضمحل لأجل قوة الوارد عليه من الحق الذي يحبط الله جل وعلا به ما يعرض للقلوب من الباطل.
        وهذا ما ينبغي علينا جميعا أن نهتم به؛ العناية بالسنة والقراءة قراءة كتب الحديث والمطالعة فيها وكثرة مراجعتها.
        أسأل الله جل وعلا أن يوفقنا وإياكم بما فيه رضاه وأن يكتب لنا الحسن، وأن يجعلنا من أهل الحديث العاملين به وأن يغفر لنا نقصنا إنه سبحانه جواد كريم غفور رحيم.
        وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
        [الأسئلة]
        س1/ بعض الناس يقول: لماذا نشغل الناس بالمتون الفقهية كالزاد وغيره بدلا من أن نصلهم بالتعلم بكتب الأحاديث كالبلوغ وعمدة ألحكام فكيف نرد عليه؟
        ج/ هذا السؤال أنا أجبت عنه في درس منفصل وهو المقدمة في الفرق بين كتب الفقه وكتب الحديث .
        كتب الحديث لا تغني عن كتب الفقه لابد من أن يكون طالب العلم أن يمشي على سنة الأولين في العلم، سنة الأولين في العلم هي هذه، إذا ما مشى على هذا المضمار ومشى على نحو ما مشى الأوائل لم يدرك، سيصيبه تخبط تخبط، ثم بعد ذلك يكون خطؤه أكثر من صوابه، الزاد أو عمدة ألأحكام أو نحوها من الكتب الفقهية في أي من المذاهب الأخرى هذه تجمع لك مسائل الباب في مكان واحد، ومسائل الباب التي تحتاج إليها وتراها تحدث أمامك قد يكون دليلها القرآن، وقد يكون دليلها السنة، وقد يكون دليلها فعل الصحابة، وقد يكون دليلها القياس، وقد يكون دليلها القاعدة، وقد يكون دليلها مرسلات وقد يكون دليلها اجتهاد الإمام، وهذه ليست كلها في البلوغ يعني كم أحاديث الصحابة في البلوغ؟ يعني عدة أحاديث المياه وأنواعها مثلا عدة أحاديث هذه كل مسائل المياه ليست كذلك، إذا أتيت مثلا إلى الصلاة، الصلاة أحاديث فيها كثيرة، الزكاة ربما فيها أحاديث؛ لكن فيه مسائل، مثل كتاب الحوالة كم فيها من الأحاديث؟ حديث واحد، لكن تجد المسائل التي يحتاجها الناس ما في الباب إلا قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مطلي الغني ظلم، وإذا أحيل أحدكم عَلَى مَلِيءٍ فليحتل أو فَلْيَتْبَعْ أو....» ما في الباب إلا هذا الحديث يعني تقرأ في البلوغ صفحتين وانتهى هل كتاب الحوالة انتهى؟ الشركات مثلا، الكلام على مسائل الربا تفصيله والعلة فيه وما يتعلق به.
        إذن كتب الفقه تدخل فيها كتب الحديث، كتب الحديث التي توردها هذه تدخل في مسائل، لهذا من الطرق المناسبة للتعلم عند بعض الناس وليس لكل أحد من الطرق المناسبة أنهم إذا قرأت باب الفقه باب الآنية مثلا تقرأ أحاديث الآنية في منتقى الأخبار وفي البلوغ أو في العمدة تقرأ تعرف تعلم حدود هذا وهذا والاجتهاد فيه، يعني مثلا تقرأ في الحديث أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انكسر قدحه فاتخذ مكان الشَّعب سلسلة من فضة أو كما جاء في الرواية، كتب الفقه إيش فيها؟ إلا ضبّة يسيرة من فضة لحاجة، ضبة يسيرة لحاجة، لفظ الحديث ما فيه هذا، الحديث فعل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انكسر قدحه فاتخذ مكانه، هذه القيود نقول اجتهاد العلماء والنظر في القواعد فيها قياس فيها نظر في أحاديث أخر، لهذا يحصل خلاف.
        فإذن طريقة أهل العلم أن يجمعوا ما بين قراءة كتب الفقه وقراءة كتب الحديث، والعناية بالسنة والاهتمام بها هي العناية بكتب الفقه والاهتمام بها؛ لأن هذا وهذا يعطيك قوة في العلم.
        وخذ مثلا العلماء علماء هذه الدعوة الحاضرين والمتقدمين إلى زمن الإمام محمد بن عبد الوهاب أجزل له الثواب كانوا يجمعون بين هذا وهذا، فقويت ملكتهم في الحديث، قويت ملكتهم في الفقه، وأدركتم وعرفتم سيرة الشيخ عبد العزيز بن باز رفع الله درجته مع النبيين كيف قوته في الفتوى وفي السنة ومعرفته في الفقه ما فيه فتوى يعني فيها غرابة وخروج يعني مع قوة علمه وإدراكه ونصرته للسنة، وهكذا من كان قبله الشيخ محمد ابن إبراهيم أو الشيخ سعد بن عتيق وأئمة الدعوة أئمة السنة يقرؤونها وكتب السنة تتلى وتقرأ وتشرح وكتب الفقه تدرس لكنها في توازن هذا هو منهجهم.
        أما في طرق أخرى جاءت بعدم الاهتمام بكتب الفقه لكن تنظر إلى قوة أصحابها العلمية تحكم عليه، تجد فيه نقص، تجد في مسائل الفقه فيه نقص يحكم اجتهاده طيب، كلها اجتهاد الإمام احمد في كل مسألة والله الحديث عمومه يدل على كذا، طيب كلام أهل العلم ما اطلع عليه أو ما عرفه إلا الحكم في النص بقدر ما فاته من كلام الفقهاء.
        س2/ متى يكون قول أحد الأئمة معتبرا كالإمام مالك والإمام أحمد إذا رد سنة؛ لأنه لم يكن عليه عمل أهل المدينة، أو إذا أسس سنة لأنه رأى عليه عمل أهل مكة وغيرها من الأمصار؟
        وكذلك إذا قال: أحد أئمة هذا الزمن رأيت أئمة الدعوة يعملون كذلك؟
        ج/ هذا السؤال جيد وإذا في التعبير قصور، الأئمة ما يقال فيهم: رد سنة أو أسس سنة. هي مسائل اجتهاد، مسائل اجتهاد، الإمام مالك ما يرد السنة، يقول هذه السنة يقول قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هاته، لكن ليس عليه أهل المدينة فإذن يكون منسوخا، ليش؟ لأنه كيف يكون من سنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويكون ما عمل بها الخلفاء الأربعة، ولا عمل بها فقهاء المدينة ولا يعرفها أهل مكة.
        إذن كيف السنة غيرت ما عمل بها أحد ما عمل بها أحد يصير يعمل بها بعد ذلك؟ فالإمام مالك كان يرى –لا نقول رد السنة- ولكن كان يرى أن الحديث إذا ثبت ولم يجر عليه عمل أهل المدينة أنه منسوخ، ولهذا تجد في الموطأ الإمام مالك يذكر الحديث ثم يذكر بعده بالرواية من عمل به، مثلا عمل أبي بكر أو عمل عمر أو عمل ابن عمر وكان ابن عمر يعمل كذا، ليدل أنه كان معمولا به في المدينة؛ يعني أن هذا الحديث ليس منسوخا ولم يترك العمل به؛ لأنه عنده من نقل العلم والسنة عملا إنما هم أهل المدينة؛ لأنها دار الخلافة ودار العلم، فعنده أنه يؤوله؛ لكن بعض الأحيان السنة تخفى تكون تاسنة خفيت على مالك فقال بخلافها، مثلا إباحته لذي الناب من السباع لعدم ظهور السنة عنده في ذلك أو عدم تحريمه لها، وعدم العلم بالسنة لا يعني رد السنة.
        فإذن التأويل هذا بابه واسع، والتوجيه من العلماء لما جاء من الأحاديث بابه واسع، وهذا كما قال شيخ الإسلام يمكن إيراد الإخوة كلامه في رسالته رفع الملام عن الأئمة الأعلام مهمة في هذا الباب، عالم إمام ما عمل بحديث ما عمل بأحاديث صحيحة لكن ما عمل بها ليش؟ هل هو لا يعمل بالسنة؟ لا، هم نصرة السنة وهم حملة العلم وهم الذين نقلوا للناس كلام النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ودعوهم إلى اتباعه؛ لكن له في ذلك توجيه له في ذلك تأويل وتارة يعتقد أن الحديث منسوخ وتارة يعتقد أنه مخصوص وتارة يعتقد أنه ليس باقيا مثلا على عمومه.
        أما أن يقول: أو إذا أسس سنة مثل الإمام أحمد. أثبت سنة لأنه رأى عليها عمل أهل مكة. لا يقال أثبت سنة إنما يقال قال في المسألة بالجواز أو بأنها مستحب؛ لكن ما يثبت سنة بدون دليل أنها سنة، يقول هذه سنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو ليس فيها دليل يثبت أنها سنة، ففرق ما بين إجازة المسألة اجتهادا في السنة وبين كون المسألة من السنة.
        وهو كأنه يشير إلى مسألة الختمة دعاء ختم القرآن الذي كان عليه أهل مكة ويذكر فيه أهل المدينة كلام الإمام أحمد يذكر فيه أهل الدينة كلام من عثمان وكان يعمل بها أهل مكة والعلماء والأئمة وأئمة السنة والسلف يصلون معهم دون نكير على الصفة هذه إذا ختم........ سئل الإمام أحمد عنها قال: نسألك؟
        قال: نعم.
        قال: إلى أي شيء اذهب في هذا؟
        قال: يروي فيه أهل المدينة شيئا عن عثمان، وكان أهل مكة يفعلونه وكان سفيان وغيره يصلي معهم يعني سفيان بن عيينة.
        قال: أأفعله؟
        قال: نعم.
        قال: كيف أفعل –هذا كلام الفضل بن زياد-
        قال: إذا قرأت قول أعوذ برب الناس ثم ختمتها فارفع يديك وطول.
        قال: أأجعله في القنوت.
        قال: لا.
        لأن القنوت ليس موضع ختم القنوت هذا دعاء القنوت كلام الإمام واضح هذا اجتهاده وهذا كلام الشافعي وهذا كلام أبي حنيفة في المسألة وهو عامة أهل العلم إذ لا منكر لهذه الصفة، لا نعلم أحدا من أهل العلم أنكرها هذه الصفة.
        وإنما أنكر بعض المالكية صفة أخرى كانت شاعت في بعض الأمصار وهي أنه إذا سلّم من الصلاة يصلي الصلاة فهو لا يدعو في الصلاة وإنما إذا سلّم قام الإمام واقفا وقام الناس وراءه ودعا هو وأمنوا قياما لعد الفراغ من الصلاة.
        ونقول الأئمة الذين اجتهدوا في هذا واضح اجتهادهم أنهم جاء في الرواية به أن لقارئ القرآن عند ختمه دعوة مستجابة، هذا ثبت عن أنس رضي الله عنه وله حكم المرفوع وكذلك عن ابن مسعود بإسناد جيد وفعلها أنس وفعلها ابن مسعود وفعلها جماعة، وكان معروفا هذا الفعل في المدينة أنه إذا ختم دعا، لم يكونوا يختمون القرآن في التراويح، لما كثر الختم واعتنوا به جاء الدعاء.
        هل يكون الدعاء في القنوت؟ القنوت ليس محل لدعاء الختم؛ لأن القنوت لدعاء القنوت.
        إذن أين يجعل دعاء الختمة؟ عند ختمه فهو عند ختمه متى يكون متصلا به.
        هل ما بعد الختم وقبل الركوع مكان للدعاء في الصلاة؟ نعم هو مكان للدعاء لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعا لما نزلت النازلة دعا قبل الركوع.
        قال العلماء: فدل على أن هذا الموضع هو دعاء إذا جاء ما يناسبه شرعا، فلذلك مشى العلماء عليه بدون كير لأنه الموضع موضع دعاء وعند الختم لقارئ القرآن عند ختمه دعوة مستجابة ولم ينكره أحد، حتى قال به أئمة السنة كلهم مالك والشافعي وأحمد وابن تيمية وابن القيم وأئمة الدعوة، إذا كان هؤلاء على طريق فمن سار معهم فهو سائر على السنة والاتباع إن شاء الله تعالى.
        المقصود هنا ما نقول أثبت سنة، إنما قال في مسألة بقول اجتهاد منه أو تحقيق السنة أو ما شابهه.
        ونفس الكلام ينطبق على قوله إذا قال أحد العلماء في قوله هذا الزمن رأيت أئمة الدعوة يعملون ذلك؛ لأن علماء الدعوة من وقت الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى زماننا حرصوا، وكان العلماء سابقا يشتدون في مخالفة الهدي ومخالفة السنة في سنن العبادات وفي سنن الأقوال والأعمال، فمشى الناس العلماء للمحافظة على ما دلت عليه السنة.
        نعم باجتهاده لكن تتابعهم في مسألة على اجتهاد واحد في المسائل الفقهية والمسائل العلمية حتى ولو كان فيه قول آخر؛ لكن يصلح الناس باتباع منهج العلماء؛ علمائهم وطريقتهم سالف عن سالف، يعني الاجتهاد الآخر هو قول آخر، لماذا يرجح القول الآخر عن هذا القول تأتي المسألة بحث علمي لكن من حيث العمل عمل الناس وما جرى عليه الناس مثلا في مساجدهم وفي مسائل الفتوى وفي مسائل بعض العبادات هذه ما يمكن أن يجتهدون فيها كل واحد.
        والمشكلة مرّة مثلا أحد علماء الدعوة الشيخ سعد بن عتيق رحمه الله كان في مسألة يدرس جاء واحد وتكلم بكلمة انتقاد أو من كلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله فيه مرجوحية، فطرده من الحلقة؛ لأنه يعلم أنه فتح لباب لتعارض اجتهادك باجتهاد إمام لكن يمكن أن يعرضه ما يقول أن قول الشيخ مرجوح ليحدث فجوة والناس اجتمعوا على التوحيد واجتمعوا على الدعوة وعلى حب هذه الدعوة، لو كان عبر بطريقة أخرى يسأل عن وجه الصواب، ما يقول قول العالم مرجوح أو استدلاله ليس في محله أو فيه ضعف.
        وهذا هو الذي جعل الآن انفتاح في المعارضة، انفتاح في المخالفة، هو الذي جعل اليوم المسائل تناقش، الآن صارت مسألة الشفاعة للأموات، قالوا فيها إيش؟ فيها قولان، وبعض طلبة العلم وصلوا إلى هذا وأخذوا بعض كلام ابن تيمية وقالوا هذا يدل على أن المسألة ليست قولا واحدا.
        فإذن ندخل شيئا فشيئا في مسائل التوحيد والخلاف ويصبح اجتهاد واحد يكون هو كلامه وكون هو المقدم على كلام الأئمة العلماء، هذا غير مقبول.
        في هذا الزمن فيه علماء يردون؛ لكن لو فتح المجال يأتي زمن يتلكم المتكلم باجتهاده يضعف العلم فلا يأتي من يرد عليه، فيتّبع الناس من يفتي لهم بحسب ما ظهر له، ويقع الناس في قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «ويتخذ الناس رؤوسا جهالا فيسألون فيفتون فيضلون ويضلون».
        فيه مسائل راجحة ومرجوحة ولكن الهدي العام ينبغي المحافظة عليه، وتغييره يكون من أهل العلم هم الذين يعرفون يرجحون ويرون مسألة، والله مسألة الزمن اختلف يفتي أهل العلم فيها، هو كان عليه أئمة الدعوة لكن الزمن اختلف، مسائل بعض العبادات أو المسائل الفقهية والفتوى تغيرت واجتهدوا فيها اجتهاد حادث نعم لكن يأتي أفراد من الناس وطلبة العلم ويضادون الهدي أو يجتهدون في مساجدهم اجتهادات من عند أنفسهم هذا غير مقبول.
        س3/ كثيرا ما نسمع أن الخلاف رحمة ما معنى هذه الجملة وهل هي صحيحة؟
        ج/ الخلاف ليس رحمة الخلاف شر، والله جل وعلا يقول ﴿وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (11 إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ﴾[هود:118-119].
        لكن من قالها قصد به أن الخلاف فيه سعة للناس؛ بمعنى أن الصحابة رضوان الله عليهم تفرقوا في الأمصار صاروا يفتون بحسب ما يرون من حالة أهل البلد، وتلحظ هذا بعض الفتاوى تجد أنها تناسب الخلاف الذي عندنا؛ لكن في بعض البلاد الصحابة أفتوا غيرها وورثوها مثلا وصار فيها فتاوى ومثلا من مذهب الحنفي ويفتى فيها في بعض المسائل يكون الاختلاف فيها سعة.
        في البلاد الباردة اختلاف أوقات الليل والنهار وصلاة الفجر إلى آخره في مد الوقت بعض الشيء هذا يختلف فيه اختلافات.
        فالأصل أن الخلاف ليس رحمة الخلاف شر والرحمة في الاتفاق لا في الاختلاف؛ لكن خلاف العلماء واختلاف العلماء صار فيه توسعة على الأمة بأقوال وبما يناسب البلاد واختلاف الناس في بلادهم وعاداتهم وأحوالهم، صار اختلاف العلماء في سعة في بعض المسائل التي يسوغ فيها الاجتهاد.
        أما التي ظاهرة فيها الكتاب أو السنة بينة فيها فيكون الخلاف فيها أنه ملغي أو انه ضعيف.
        نكتفي بهذا القدر وإن شاء الله نلتقي يوم السبت القادم بإذنه تعالى.
        وفق الله الجميع لما فيه رضاه.


        ([1]) انتهى الشريط الأول.
        الملفات المرفقة
        التعديل الأخير تم بواسطة أبو الحسين عبد الحميد الصفراوي; الساعة 18-Mar-2023, 03:49 PM.

        تعليق


        • #5
          جزاك الله خيرا وبارك فيك

          تعليق


          • #6
            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
            وجزاك بمثله الله .
            . وفيك بارك الله

            تعليق


            • #7
              تم رفع التفريغ في الموضوع الرئيسي

              تعليق

              يعمل...
              X