إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

الحج وأثره على المسلم | للشيخ سليمان الرحيلي -حفظه الله-

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [صوتية] الحج وأثره على المسلم | للشيخ سليمان الرحيلي -حفظه الله-



    مادة صوتية قيمة:

    الحـج وأثـره على المسلـم

    لفضيلة الشيخ الدكتور
    سليمان بن سليم الله الرُّحيلي -حفظه الله-







    الملفات المرفقة

  • #2
    رد: الحج وأثره على المسلم | للشيخ سليمان الرحيلي -حفظه الله-

    التَّفريغ
    ــــــــــــــ

    الحجُّ وأثرُهُ على المُسلِمِ

    ـــــــــــــــــــ
    للشَّيخ
    سُليْمان الرّحيليّ
    حفظهُ اللهُ

    السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    الحمد لله الَّذي أوجب على عبادِهِ حَجَّ بيتِهِ الحرام، الحمد لله الَّذي جعل الوُجوب مرَّة في العمرِ لا في كُلِّ عام، الحمد لله الَّذي جعل الحَجَّ مِن الإكرام، نحمدُه سُبحانه على ما أفاض به علينا مِن الإنعام، وأشهدُ أنْ لا إله إلا الله وحدهُ لا شريك له شهادةَ نرجو بها الفوزَ في دارِ السَّلامِ وأشهدُ أنَّ محمَّدًا عبدُه ورسولُه خاتَم النَّبيِّين فكان مِسْكَ الختام، صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أزكى صلاةٍ وأتَمَّ سلامٍ، ورَضِيَ اللهُ عن آله وأصحابه هُداة الأنام؛ أمَّا بعد:

    فإخوتي في اللهِ، أحِبَّتي في اللهِ نحمدُ اللهَ عزَّ وجلَّ أنْ جَمَعنا في هذا المكانِ المُبارَكِ على أداء شعيرةٍ عظيمةٍ مِن شعائر الدِّين، فينبغي علينا أحِبَّتي في اللهِ أنْ نسْتشعِرَ عَظمةَ هذه العبادة الَّتي نحنُ في صدَدِ أدائها ونقُوم بمناسكِها.


    لا شكَّ أيُّها الأحِبَّة أنَّ هذا الحَجَّ له أثرٌ عظيمٌ على الإنسان في حياتِه السَّابقةِ وفي حياتِه اللاَّحقةِ. فالحَجُّ عظيمُ الفضلِ، عاليةٌ منزلتُهُ، باسقةٌ شجرتُهُ، مُباركةٌ ثَمَرتُهُ.

    فالله سُبحانه جعل في هذا الحَجِّ فضائل عظيمةً، فالحَجُّ فُرصةٌ لِنفيِ الفقر والذُّنوب، ومَن نفى اللهُ فقرَهُ وذُنوبَه حاز سعادةَ الدُّنيا والآخرة، يقول النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
    "تابِعُوا بين الحَجِّ والعُمرة فإنَّهما ينْفيان الفقرَ والذُّنوب كما ينْفي الكِيرُ خَبَثَ الحديد والذَّهب والفِضَّة"[وتمامُ الحديث "وليس للحَجِّ المبرُور ثوابٌ إلاَّ الجنَّة" أخرجهُ التِّرمذيُّ: 810، وقال حسنٌ صحيحٌ غريبٌ مِن حديث عبدالله بن مسعُود رضي اللهُ عنه، النَّسائيّ: 2631، أحمد: 3669، وصحَّحهُ الألبانيُّ في الصَّحيحة: 1200].

    والحَجُّ سببٌ لتُحطَّ الخطايا والآثام، يقول النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لِعَمرٍ ابن العاص:
    "أمَا علمتَ أنَّ الإسلامَ يهدمُ ما كان قبلَه، وأنَّ التَّوبةَ تهدِمُ ما كان قبلَها، وأنَّ الحَجَّ يهدمُ ما كان قبلَه"[حديث عمرو بن العاص في صحيح مُسلم: 121، ولفظُه عند مُسلم "وأنَّ الهِجرةَ" وليس "وأنَّ التَّوبة"]، ويقول النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "مَن حجَّ فلم يَرْفُثْ ولم يَفْسُقْ؛ رجع (مِن ذُنوبه) كيَوْمِ ولَدته أُمُّه"[مُتَّفقٌ عليه عند البُخاريِّ: 1521 ومُسلم: 1350، وغيرِهما كُلُّهم مِن حديث أبي هريرة رضي اللهُ عنه، ولفظُهُ عند التِّرمذيِّ "مَن حَجَّ فلم يرفُثْ ولم يفسُقْ غُفِرَ له ما تقدَّم مِن ذنبِه"].

    والحَجُّ ليس له جزاءٌ عند اللهِ عزَّ وجلَّ إلاَّ المقام الَّذي فيه مَا لا عينٌ رأتْ، ولا أُذُنٌ سمعتْ، ولا خَطَرَ على قلبِ بَشَرٍ، جزاؤه جنَّةُ ربِّ العباد الَّتي مهما تفكَّر فيها المُتفكِّرون، ووصَفَها الواصفُون؛لم يُحيطُوا بوصْفِها أبدًا، يقول النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
    "والحجُّ المبرورُ ليس له جزاءٌ إلاَّ الجنَّة"[مُتَّفقُ عليه عند البُخاريّ: 1773 ومُسلم: 1349، وغيرِهما كُلُّهم مِن حديث أبي هريرة رضي اللهُ عنه أنَّ رسُولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: "العُمرةُ إلى العُمرةِ كفَّارةٌ لِمَا بينَهما، والحَجُّ المبرُورُ ليس له جزاءٌ إلاَّ الجنَّةُ"].

    خُطواتك يا عبدالله إلى بيتِ اللهِ حسناتٌ مكتُوبةٌ لك، يقول النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
    "فأمَّا خُروجك مِن بيتِك تؤُمُّ البيتَ الحرام؛ فإنَّ لك بكُلِّ خُطوةٍ تطؤها راحلتك يكتبُ اللهُ لك بها حسنةً، ويضع عنك بها سيِّئةً"[أخرجه عبدالرَّزَّاق في المصنَّف: 8830، والطَّبرانيُّ في الكبير: 13566، وحسَّنه الألبانيُّ في صحيح الجامع: 1360 مِن حديث ابن عمر رضي اللهُ عنهما. وبنحوه أخرجهُ البزَّار: 1082، وقال: قد رُوِيَ هذا الحديث مِن وُجُوه، ولا نعلمُ لهُ أحسن مِن هذا الطَّريق، وقال الهيثميُّ في المَجمع: ورجال البزَّار موثُوقُون. وانظُرْ صحيح التَّرغيب والتَّرهيب: 1112].

    اللهُ أكبر! خُطوات تسير بها مِن بيتِك إلى بيتِ اللهِ الحرام يكتبُ اللهُ عزَّ وجلَّ لك بكُلِّ خُطوة تسيرها حسنةً وتحُطُّ عنك خطيئةً.
    فلا إله إلا الله! كم أعدَّ اللهُ للحُجَّاج مِن فضائل؟
    لا إله إلا الله! كم أعتقَ اللهُ في هذا الحجِّ مِن رقاب؟
    لا إله إلا الله! كم غفرَ لمُستغفرٍ؟
    لا إله إلا الله! نسألُ اللهَ عزَّ وجلَّ أنْ لا يحرِمنا فضلَه.

    أيُّها الأحِبَّة نُصوصٌ وبشائرٌ تطْرُقُ المسامعَ؛ فتهتزُّ لها القُلوب، وتطيرُ لها النُّفوس، ويتمنَّى المرءُ لو كان مِن أهلِ هذه الفضائل بالدُّنيا وما فيها.

    وقد تتساءل النَّفسُ الملهُوفة، قد تتساءل النَّفسُ المُشتاقةُ إلى رحمات ربِّها، قد تتساءل النَّفسُ الَّتي أرْهَقَها صاحبُها بالمعاصي فوق المعاصي، ففَعَل الأفعال المشِينَةَ، وارتكب المعاصي تلوى المعاصي؛ كيف يكون حَجِّي مبرُورًا؟ كيف يكون ذنبي مغفُورًا؟ كيف أكونُ مِن أهل هذه الفضائل؟ لأعُودَ مِن حَجِّي بريئًا كالطِّفلِ بلا خطيئَةٍ، بَرًّا تقيًّا، طاهرًا نقيًّا.

    ولا شكَّ أيُّها الأحبَّة أنَّ الحَجَّ الَّذي جعل اللهُ عزَّ وجلَّ له الفضائل قد بيَّنه ربُّنا سُبحانه، وحَدَّهُ رسولُنا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فوَصْفُهُ ظاهرٌ بَيِّنٌ، ومَا على العبدِ إلاَّ أنْ يتعلَّم فينتفعَ، يقول اللهُ عزَّ وجلَّ:
    "فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِِّ"[البقرة: 197]. ويقول النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "مَن حجَّ فلم يَرْفُثْ ولم يَفْسُقْ رجع كَيَوْمِ ولَدَتْهُ أُمُّه"[مُتَّفقٌ عليه عند البُخاريِّ: 1521 ومُسلم: 1350، وغيرِهما كُلُّهم مِن حديث أبي هريرة رضي اللهُ عنه].

    اللهُ أكبر! صفات للحَجِّ المبرُور:

    أوَّل هذه الصِّفات أنْ يكون الحاجُّ مُخلصًا للهِ عزَّ وجلَّ، لا يرجُو بِحَجِّه إلاَّ ثواب اللهِ عزَّ وجلَّ يبتغي بذلك وجهَ اللهِ، لا يُريد أنْ يُقال إنَّ فُلانًا مِن الحُجَّاج! لا يُريد أنْ يُقال إنَّ فُلانًا يُكْثِرُ الحجَّ! وإنَّما يُريد الفضْلَ مِن اللهِ عزَّ وجلَّ؛ فهذا هو أصلُ الحَجِّ المبرُور، يقول النّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
    "إنَّما الأعمال بالنِّيَّات وإنَّما لكُلِّ امرءٍ ما نوى"[مُتَّفقٌ عليه عند البُخاريِّ: (1،54) ومُسلم: 1907].

    والعبدُ المسلمُ حَالَ شُروعه في الحَجِّ يُنادي بها صريحًا، يُنادي بالإخلاص قولا: "لبيك اللَّهمَّ لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك"، فيجب على العبدِ أنْ يجعل الإخلاصَ عملاً؛ فيُوافق القوْلُ العمَلَ؛ فيكون مُخلصًا للهِ عزَّ وجلَّ، وقد نادى بها النّّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فيما صحَّ عنه، حيث صحَّ عنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال:
    "اللَّهمَّ حَجَّة لا رياءَ فيها ولا سُمعةً"[أخرجه ابن ماجه: 2890، والتِّرمذيُّ في الشَّمائل: (334،340) مِن حديث أنس بن مالك، وصحَّحه الألبانيُّ مِن مجمُوع طُرقه في الصَّحيحة: 2617].

    فينبغي على العبدِ أنْ يكون مُخلصًا في حَجِّه، وقد يقول القائلُ: أرأيتَ إنْ كان في أوَّل حَجِّي شيءٌ مِن خلْطِ النِّيَّةِ ولم أكُنْ أسْتشْعرُ إخلاصًا فيها؛ فإنَّا نقول: إنَّك لا زِلتَ في العمَلِ، وما دُمْتَ لا زِلتَ في العمَلِ فعليك إخلاصُه، والعبرة بالخواتيم.

    مَن أراد فضلَ اللهِ فعليه أنْ يرجُو اللهَ عزَّ وجلَّ، أنْ يقطع العلائق بالخلائق، وأنْ يُعلِّق قلبَه ونفسَه ورُوحَه باللهِ عزَّ وجلَّ.
    مَن تعلَّق بالخلائق؛ وُكِلَ إليهم، مَن أراد مَِن الخلائق أنْ يمدحُوه، قيل! ثُمَّ ماذا؟ مَن أراد مِن الخلائق أنْ يتسامعُوا به، تسامعُوا به! ثم ماذا؟
    أمَّا مَن تعلَّق باللهِ عزَّ وجلَّ فهو على خيرٍ عظيمٍ، مَن تعلَّق بالخلائق لا بُدَّ أنْ يكون إلى هون.
    أبعين مُفتقـرٍ إليك نظَرْتَني *** فأهنتني وقذفتني مِن حالقِ
    لستَ الملوم أنا المَلُوم لأنَّني *** علقتُ آمالي بغـير الخالق
    [أبو الطَّيِّب المُتنبِّي]

    مَن أراد الفلاحَ والنَّجاحَ فلْيُعلِّق قلبَه باللهِ عزَّ وجلَّ، وليجعلْ حَجَّه خالصًا للهِ عزَّ وجلَّ، يُخلِّصُه مِن كُلِّ شيءٍ.
    مَن أراد بِرَّ الحَجِّ فعليه أنْ يجتنب المعاصي كُلَّها، فلا يبدأ حَجَّه إلاَّ بطاعةِ، ولا يفعل في حَجِّه إلاَّ طاعةً، ولا يختِم حَجَّه إلاَّ بطاعةِ، مِن طاعةٍ إلى طاعةٍ، ومِن عبادةٍ إلى عبادةٍ، تُـ.... المعاصي، ويُطردُ الشَّيطان.

    لا إله إلاّ الله عبادةٌ خالصةٌ، ورُوحٌ ساميةٌ، قلبٌ معلَّق باللهِ، ولسانٌ ذاكرٌ للهِ، لا تسمع منه ما يُغضب الله، لا ترى منه إلاّ ما يُرضي اللهَ عزَّ وجلَّ، هكذا الحاجُّ الَّذي يكون حَجُّه مبرورًا.

    فمِن بِرِّ الحَجِّ ألاَّ يكون فيه فُسُوق، والفُسُوق هو الخُروج مِن طاعة الله عزَّ وجلَّ إلى معصيةِ اللهِ.

    وأعظمُ الفُسُوق وأشنعُهُ وأقبحُهُ، وأعظمُهُ أثرًا على العبدِ الشِّركُ باللهِ عزَّ وجلَّ ، فالشِّركُ باللهِ إنْ رافق العمل كان العملُ حابطًا؛ لا يقبلُ اللهُ عزَّ وجلَّ عملاً معه شِركٌ، يقول اللهُ عزَّ وجلَّ مُخاطِبًا نبيَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
    "وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ"[الزمر: 65]؛ فلا بُدَّ مِن الإخلاصِ، ويقول النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في الحديثِ الصَّحيحِ: "يقول اللهُ عزَّ وجلَّ: أنا أغنى الشُّركاء عن الشِّركِ مَن عمل عملاً أشرك فيه معيَ غيري تركتُهُ وشِركَه"[أخرجه مُسلم في صحيحه مِن حديث أبي هريرة رضي اللهُ عنه: 2985]؛ فيجبُ التَّخلُّص مِن الشِّركِ، هذا الذَّنبُ العظيم الَّذي لا يغفرُه اللهُ عزَّ وجلَّ لِمَن مات عليه "إنَّ اللهَ لا يغفرُ أنْ يُشرك به"[النِّساء: 48]؛ فيجبُ على العبدِ أنْ يكون مُوحِّدًا في كُلِّ حين، وأنْ يكون مُوحِّدًا في حَجِّه، لا دعاءَ إلاَّ للهِ، ولا استغاثةَ إلاَّ باللهِ، ولا ذبْحَ إلاَّ للهِ، ولا توَكُّلَ إلاَّ على اللهِ، مِصداقًا لقولِ العبدِ "لبيك اللَّهمَّ لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إنَّ الحمدَ والنِّعمةَ لك والمُلك لا شريك لك".
    ومِن الفُسُوق الكبائر، ومِنها: عقُوق الوالديْن، والسِّحر، وقتل النَّفس الَّتي حرَّم اللهُ إلاَّ بالحقِّ.

    ومِن الكبائر الَّتي يجب على الحاجِّ أنْ يُراقب نفسَه فيها مراقبةً دقيقةً، فمَا أعظم وما أكثر وُقوع الحُجَّاج فيها، بل إنَّ بعضَ الحجيج قد يكون ذلك زادُهم، حتَّى في عرفةَ! ذلكم الأمرُ العظيم الحارقُ للذُّنُوب هو غِيبةُ المُسلِمِين.

    فالغيبةُ مِن كبائر الذُّنوب فإيَّاك يا عبدالله! إيَّاك أيُّها الحاجُّ أنْ تُشغُلَ لسانَك بغيبةٍ تغتابُ بها مُسلمًا، اتقِ اللهَ عزَّ وجلَّ في لسانِك واجتنِبْ الكبائر.
    وقد نصَّ بعضُ السَّلف على بعض الكبائر لا لتخصيصِها، وإنَّما لكثْرةِ وُقوعها مِن الحُجَّاج، ومِن ذلك مَا صحَّ عن ابن عمر وابن عباس رضي اللهُ عنهم أنَّ الفُسُوقَ في الحَجِّ هو السِّباب، وذلك بسببِ كثرْة الدَّواعي إلى السِّباب في الحَجِّ.

    فالحَجُّ كثير الزِّحام، كثير الأخطاء، وقد يستدعي ذلك مِن الحاجِّ أنْ يسُبَّ مُسلمًا؛ فينبغي عليه أنْ يضبطَ لسانَه وأنْ يجتنِبَ ذلك، أخَذُوا ذلك مِن قولِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
    "سِبابُ المُسلمِ فُسوقٌ"[مُتَّفقٌ عليه مِن حديث عبدالله بن مسعُود رضي اللهُ عنه عند البُخاريِّ: 48 و مُسلم: 221].

    ومِن الفُسُوق الَّذي نصَّ عليه السَّلف الَّذي يجب أنْ يُجتنَبَ في الحَجِّ التَّنابزُ بالألقاب، يا طويل! يا قصير! يا كذا يا كذا يا كذا من العبارات الَّتي يُعيَّرُ بها النَّاس.
    فقد جاء عن بعضِ السَّلف أنَّ الفُسُوقَ هو التَّنابزُ بالألقاب؛ وسببُ ذلك كثْرةُ التَّنابز بالألقاب بين الحُجَّاج.

    فيجبُ على الحَاجِّ إذا أراد أنْ يكون حَجُّه مبرُورًا أنْ يجتنِبَ المعاصي في حَجِّه كُلِّه، ولا يغترْ بأنَّه قد وقف بعرفة، فيعودُ للمعاصي ويتساهلُ بالمعاصي بعد الوُقُوف بعرفة.
    فبعضُ الحجيج هداني اللهُ وإيَّاهم إذا وقفُوا بعرفة وتَمَّ وُقُوفهم بعرفة إذا عادوا إلى مِنى، نَسُوا أنَّ مِنًى مُقامة لِذكرِ اللهِ عزَّ وجلَّ، نَسُوا قولَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
    "أيَّام التَّشريق ـ وفي رواية أيَّام مِنى ـ أيَّام أكلٍ وشُرب وذِكر للهِ عزَّ وجلَّ"[مِن حديث نُبيْشة الهُذليّ في صحيح مُسلم: ،1141 وزاد فيه في رواية "وذكرٍ لله"(267، وهذا اللَّفظ عند أحمد: 20722، ورواية "أيَّام مِنى" عند مُسلم مِن حديث كعب بن مالك: 1142]، فتجدُ أنَّ كثيرًا مِن الحُجَّاج يتساهلُون في المعاصي في أيَّام مِنى، وهذا أيُّها الأُخوة مِمَّا يقدح في برِّ الحَجِّ ـ والعياذ بالله ـ.

    ومِمَّا ينبغي أنْ يجتنِبَه المُسلمُ في حَجِّه أنْ يجتنِبَ المعاصي كُلَّها ولو كانت صغيرةً، يقول مُجاهدٌ رضي الله عنه: "إنَّ الفُسوقَ هو معصية الله، لا صغيرة مِن معصية الله".

    فالله الله أيُّها الحاجُّ، فإنْ أردتَ الفضائل عليك باجتِنابِ الرَّذائل، عليك باجتِنابِ المعاصي.

    والحَجُّ المبرورُ هو الَّذي يتميَّز بعدمِ الجِدال في أُمور الدُّنيا، فإيَّاك أنْ تُجادل في أُمورِ الدُّنيا وإنَّما الْزَمْ القولَ الحسنَ، فإذا جُودِلْتَ في أُمورِ الدُّنيا؛ فاسْكُتْ! وإيَّاك أنْ تكون مِن أهلِ الجِدال إنْ أردتَ أنْ يكون حَجُّك مبرُورًا.

    مِن الأُمُور الَّتي ينبغي أنْ يتميَّزَ بها الحاجُّ في أيَّامِ مِنى وغيرِها أنْ يكون مُستقيمًا على طاعةِ اللهِ عزَّ وجلَّ، أنْ يكون مُستمرًا على طاعةِ اللهِ عزَّ وجلَّ.

    مِن الأُمُور الَّتي ينبغي أنْ يكون عليها الحاجُّ الَّذي يحرص على أنْ يكون حجُّه مبرُورًا، أنْ تكون نفقتُهُ طيِّبةً في جميع حَجِّه في أوَّلِه وآخره، يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
    "إنَّ اللهَ طيِّبٌ لا يقبل إلاَّ طيِّبًا"[أخرجه مُسلم في صحيحه مِن حديث أبي هريرة رضي اللهُ عنه: 1015]، وقديمًا قِيلَ:

    إذا حَجَجْتَ بمالٍ أصلُه سُحْتٌ *** فما حَجَجْتَ ولكن حَجَّتْ العيرُ.
    لا يقبلُ اللهُ إلاَّ كُلَّ طيِّبـةٍ *** ما كُلُّ مَن حَجَّ بيتَ اللهِ مبرورُ

    فعليك أخي في الله، عليك أيُّها الحاجُّ إذا أردت فضل الحَجِّ أنْ تلزَمَ كُلَّ ذلك الخير.

    ومِمَّا ينبغي أنْ تعلَمَه أنَّ رأسَ البِرِّ في الحَجِّ أنْ تتَّبِعَ المُصطفى صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في حَجِّه، تسير بسيرِه، تتْبَعُه شعيرة بعد شعيرة، تتأمَّل سُنَّتَه، تُلَبِّي كما لبَّى، ترمي كما رمى، تدعُو كما دعا، تذْكُر كما ذكر، تنطلق كما انطلق، تتأمَّل السُّنَّةَ، فتتَّبِع رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأكمل الأعمال، وأقوى الأعمال، ما قام به رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.

    ونحنُ أحبَّتي في اللهِ قد بقِي علينا بعضُ الحَجِّ، فينبغِي أنْ نتفقَّهَ في سُنَّةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فيما بقي مِن المناسك.

    فمِن سُنَّةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في رميِ الجِمار أنَّه كان إذا رمى الجمرةَ الأُولى يُكبِّر مع كُلِّ حصى، ثُمَّ يتقدَّم عنها حتَّى يبتعدَ عن الحصى، ثُمَّ يدعُو اللهَ طويلا، رافعًا يديْه مُستقبِلا القِبلة، يدعُو اللهَ دعاءً طويلا، يسألُ اللهَ مِن خيْرَيْ الدُّنيا والآخرة، ثُمَّ يتقدَّمُ إلى الجمرةِ الوُسطى، فيرميها بسبع حصَيَات، يُكبِّرُ مع كُلِّ حصى، ثُمَّ يتقدَّمُ ويأخُذُ ذات الشِّمال، ثُمَّ يرفعُ يديْه مُستقبِلا القبلة، ويدعُو دعاءً طويلا ثُمَّ يتقدَّمُ إلى جمرةِ العقبة، فيرميها بسبع حصَيَات، يُكبِّرُ مع كُلِّ حصى، ثُمَّ بعد ذلك لا يقف بعدها.

    وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لا يبدأ رمْيَه في أيَّام التَّشريق إلاَّ بعد الزَّوال، وكان يَتحيَّنُ الزَّوالَ حتَّى أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يرمي بعد الزَّوال قبل أنْ يُصلِّي الظُّهر؛ فلا يجوز للمُسلمِ أنْ يرميَ الجِمار قبل الزَّوال؛ لأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان معه مِئةُ ألفٍ مِن الصَّحابة يحُجُّون معه، لم يأتِ أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أذِنَ لأحدٍ مِنهم، لا ضعيف ولا غَيْرَ ضعيف، لم يأتِ أنَّه أذِنَ لأحدٍ مِنهم أنْ يرميَ قبل الزَّوال، وكان يحبِسُ النَّاس حتَّى إذا توسَّطت الشَّمسُ في كَبِدِ السَّماء واشْتدَّ حرُّها؛ رمى.

    ولو كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مُخيَّرًا بين الرَّميِ في هذا الوقت والرَّميِ قبله لاخْتَار الرَّميَ قبلَه؛ لأنَّه لا شكَّ أنَّ الرَّميَ في وقت الضُّحى في وقتِ بُرودةِ الجوِّ أيْسَرَ على النَّاس مِن ذلك، وما خُيِّرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بين أمريْن إلاَّ اختار أيْسرهُما ما لم يكُنْ إثْمًا، فلَمَّا لم يرمِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قبل الزَّوال، ولم يأْذَنْ لأحدٍ أنْ يرميَ قبل الزَّوال، ولم يُرشِدْ إلى الرَّميِ قبل الزَّوال؛ علِمْنا عِلمًا قطعيًّا أنَّ الرَّميَ قبل الزَّوال مِن الآثام، وإلاَّ كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد اختارهُ.
    ويستمرُّ الرَّميُ في مثل هذا اليوم إلى وقتِ أذانِ الفجْرِ، والأفضلُ للمُسلم أنْ يرميَ قبل المغرب خُروجًا مِن الخِلاف، لكن لو لم يستطعْ، كَأَنْ كان معه نِساءٌ، أو كان كبيرًا يشُقُّ عليه الزِّحام، وأراد أنْ يُأَخِّرَ إلى بعد المغرب؛ فرمى بعد المغرب؛ صحَّ رميُه ولا حرج. ولو رمى بعد العشاء؛ صحَّ رميُه ولا حرج. ولو رمى في نصف اللَّيل؛ صحَّ رميُه ولا حرج. ولو رمى قبل الفجْر صحَّ رميُه ولا حرج.

    فإذا أذَّنَ الفجْرُ خَرَجَ وقتُ الرَّميُ ولا يجوز لمُسلمٍ أنْ يرميَ في ذلك الوقت حتَّى تزول الشَّمس مِن يوم غد، فإذا زالتْ الشَّمسُ فعل الحاجُّ كما فعل بالأمس.

    ويُستحبُّ للمُسلمِ أنْ يتأخَّرَ، ويجوز له أنْ يتعجَّلَ؛ فإنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تأخَّرَ، لكنَّه إنْ تعجَّلَ فلا إثْمَ عليه
    "فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ لِمَنِ اتَّقَىٰ ۗ "[البقرة: 203]، وقد اخْتَارَ ابن جرير في تفسير هذه الآية أنَّ مَن تعجَّلَ في يوميْن فلا إثْمَ عليه؛ لِحَطِّ اللهِ ذُنوبَه عنه إن اتَّقى اللهَ في حَجِّهِ، فأدَّاُه كما يُحبُّ اللهُ عزَّ وجلَّ وكما جاء عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ومَن تأخَّرَ إلى اليوم الثَّالث عشر فلا إثْمَ عليه؛ لأنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ قد غفر له إن اتَّقى الله عزَّ وجلَّ في حَجِّهِ، وأدَّاهُ كما يُريدُ اللهُ عزَّ وجلَّ.

    هذه أيُّها الأَحبَّةُ صِفةُ رميِ الجِمار في سُنَّةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.

    ثًُمَّ إذا أراد المُسلمُ أنْ ينصرفَ مِن مكَّة، أنْ يخرُجَ مِن الحَرَمِ إلى بعيدٍ أو قريبٍ، إلى جُدَّة أو الطَّائف أو إلى المغرب والشَّام؛ فإنَّه يجبُ عليه أنْ يُودِّعَ بيتَ ربِّه، وأنْ يطُوفَ طواف الوداع.

    ولا يجوز لمُسلمٍ أبدًا يُريدُ أنْ يخرُجَ مِن مكَّة إلى غيرِِها أنْ يخرُجَ بلا وداع. فمَن خرجَ بلا وداع حتَّى ولو بنِيَّةِ الرُّجوع كما يفعلُ كثيرٌ مِن أهلِ جُدَّة! يخرُجُ أحدُهم مِن مِنى إلى جُدَّةَ بحُجَّةِ أنَّه إذا ذهب الحُجَّاج عاد إلى مكَّةَ فوَدَّعَ! مَن فعل هذا فعليه دمٌ لزِمةٌ لا يسقُط برُجُوعه، ويجبُ عليه أنْ يذبحَ هذا الدَّم مع الإثْمِ؛ لأنَّه تجرَّأ على شعائرِ اللهِ عزَّ وجلَّ.

    فلا يجوز لأحدٍ أنْ يخرُج مِن مكَّةَ إلى غيرِها بعد أداء النُّسك أنْ يخرج بلا وداع، ثُمّ إذا ودَّع وصلَّى ركعتَيْ الطَّواف ينصرِفُ راشِدًا إنْ لم يكنْ عليه سعيٌ قد بَقِيَ مِمَّا سَبَقَ، فإنْ كان قد بقِيَ عليه سعيٌ، فإنَّه يسعى بعد الطَّواف، ثُمّ يخرُج بعدها ولا حرج.

    هذه أيُّها الأحبَّة صِفة ما بقِيَ مِن المناسك مِن سُنَّة النّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.

    أيُّها الإخوة في اللهِ، أيُّها الأحبَّة إنَّنا قد ذكرنا ما للحَجِّ مِن فضائل، وإنَّ الواحدَ مِنَّا لَيرجُو اللهَ عزَّ وجلَّ أنْ يكون غَفر له ما مضى مِن الآثام، وأنْ يكون في هذه الأيَّام مغْفورًا له ذا صفحةٍ نقيَّةٍ.

    ومِمَّا ينبغي أنْ تعلمَه يا عبدالله أنَّه ينبغي عليك أنْ تُحافظ على نَقَاءِ صفحتِِك بعد حَجِّك.

    فإيَّاك ثُمَّ إيَّاك أنْ ترجعَ بعد الحَجِّ إلى معاصٍ كُنتَ تعملُها، أعلِنْها توبةً صادقةً، وعاهِدْ ربَّك على أنْ تكون في قادم الأيَّام خيرًا مِن سابقَِ الأيَّام، أنْ تكون في قابل الأيَّام ذا عبادةٍ وإقبالٍ على اللهِ عزَّ وجلَّ، بعيدًا عن المعاصي، بعيدًا عن كُلِّ مَا يُغضبُ اللهَ عزَّ وجلَّ، فإنَّ العُلماء يقولون: إنَّ مِن علامةِ قَبُول العمل أنْ يكون العبدُ بعد العمل خيرٌ مِنه قبل العمل؛ أنْ يُتبِع الحسنةَ حسنةً، وأنْ يزداد في الحسنات؛ لأنَّ العملَ الصَّالِحَ إذا تقبَّله اللهُ عزَّ وجلَّ؛ كان سببًا في زِيادةِ الإيمان، وإذا كان سببًا في زِيادةِ الإيمان؛ كان العبدُ حريصاً على طاعةِ الرَّحمن، بعيداً عن طاعةِ الشَّيطان، كان العبدُ مِن أهلِ التُّقى.

    وإيَّاك ثًُمَّ إيَّاك ثُمَّ إيَّاك يا عبدالله مِن ترك الصَّلاة بعد الحَجِّ! فإنَّ تَرْكَ الصَّلاة ـ والعياذ بالله ـ كُفرٌ مُخرجٌ مِن الملَّةِ، مُخرجٌ للعبدِ مِن أَتباع مُحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى أَتباع الشَّيطان، يقول النّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
    "العهدُ الَّذي بيننا وبينهم الصَّلاة، فمَن تركها فقد كفر"[حديث بُريْدة رضي اللهُ عنه أخرجه أحمد: 22937 والنَّسائيُّ: 463 وابن ماجه: 1079 والتِّرمذيُّ: 2621 وقال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ]، ويقول صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "بين الرَّجل وبين الكُفر أو الشِّرك تَرْكُ الصَّلاة "[حديث جابر رضي الله عنهما أخرجه مُسلم في صحيحه: 82]، وكان الصَّحابةُ رِضوان الله ُ عليهم لا يرَوْن شيئًا مِن الأعمال تركُه كُفرٌ إلاَّ الصَّلاة.

    فإيَّاك يا عبدالله أنْ تَتْرُكَ الصَّلاة بعد الحَجِّ، بل حافظْ عليها، وكُنْ مِن المُقِيمِين لها، وكُنْ مِن الحَرِيصِين عليها.
    وإيَّاك أنْ تَتْرُكَ صلاةَ الجماعة إنْ كُنتَ رجُلاً؛ فإنَّ صلاةَ الجماعة واجبةٌ على الرِّجال، أمّا النِّساء فصلاتُهُنَّ في بيوتِهنَّ خيرٌ لهنَّ.

    "جاء رجلٌ أعمى إلى النّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: يا رسولَ الله إنِّي رجلٌ أعمى، ولا أجدُ قائدًا يُلائمُني -وفي رواية وبيني وبين المسجد وادٍ، وإنَّ المدينة كثيرة الهوام- أفتأذنُ لي أنْ أُصلِّيَ في بيْتِي، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: نعم، فلمَّا انصرف، دعاهُ، فقال: ماذا قُلتَ؟ قال: قُلتُ كذا وكذا، قال أتسمعُ النِّداء؟ قال: نعم، قال: إذًا أجِبْ"[أخرجه مُسلم في صحيحه مِن حديث أبي هريرة رضي اللهُ عنه: 653].

    ما أذِنَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لأعمى لا يجدُ قائدًا يُلائمُه، يسمعُ النِّداء أنْ يتأخَّرَ عن صلاةِ الجماعةِ، فكيف بعبدٍ قويٍّ صحيحٍ يسمعُ نِداء الله عزَّ وجلَّ في المساجد ويتأخَّر عن صلاة الجماعة!

    ألا تسْتشْعِرُ أيُّها الرَّجل أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم هَمَّ أنْ يأمُرَ بحطبٍ فيُحْتطب، ثُمَّ يأمرَ بالصَّلاة فتُقام، ثُمَّ يُخالِفَ إلى رجالٍ لا يشهدُون الصَّلاة معهم؛ فيُحرِّق عليهم بُيوتَهم.

    أفتهْنأُ يا عبدالله، أوَيهْناُ لك المُقام في بيتِك وأنت تتأمَّلُ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كاد أنْ يُحرِّقَ بيوتَ مَن يفعلُ مِثل فِعلِك.

    ألاَ فلْتتقِّ اللهَ عزَّ وجلَّ ولْتكُنْ مِن عُمَّار المساجد، حافظْ على طاعةِ اللهِ، كُنْ مِن المُكثِرِين لطاعات اللهِ عزَّ وجلَّ، وإيَّاك والمعاصي، كُنْ بعد جَجِّك يا عبدالله مِن المُتَّقِين للهِ، كُنْ مِن المُتَّقِين لله، فإيَّاك أنْ يَجِدَك اللهُ حيث نَهَاك، وإيَّاك أنْ يفْتقِدَك اللهُ حيثُ أمرَك، كُنْ على سبيلٍ مِن التُّقَى.

    خَلِّ الذُّنوب صغيرَها وكبيرَها فهو التُّقى *** و اصنعْ كماشٍ فوق الشَّوك يحذر ما يرى
    لا تحقرنَّ صغيرةً إنَّ الجبال مِن الحصى

    إيَّاك يا أخي إنْ عُدتَ مِن حَجِّك أنْ تقولَ: هذه المعصيةُ صغيرةٌ لا بأس بها، لو أقدمنا عليها؛ فاللهُ غفورٌ رحيمٌ! فإنَّ العبدَ إذا أذنب ذنبًا؛ نُكِتَتْ في قلبِه نكتةٌ سوداء، فإنْ تابَ مِنها ونزع؛ صُقِل مِنها، وإنْ زاد؛ زادتْ حتَّى ترِين على قلبِه، فإيَّاك يا عبد الله أنْ تتساهل في أيِّ معصيةٍ.

    واعلم يا عبدالله أنَّ العبدَ إذا أطاع اللهَ عزَّ وجلَّ طاعةً عظيمةً كالحجِّ وصِيامِ رمضان؛ أقام في نفسِه حاجِزًا بيْنَهُ وبين المعاصي، فإنْ ذهبَ إلى بلده، وزاد في الطَّاعات؛ زاد هذا الحاجز، فإنْ كسرَهُ وخدشه؛ انكسر هذا الحاجِزُ، وجرُأ العبدُ ـ والعياذ باللهِ ـ على أنْ يكون مِن أهلِ المعاصي كما كان قبل ذلك! بل قد يكون ـ والعياذ باللهِ ـ أسوأ مِمَّا كان!

    ألاَ فلْنتَّقِ اللهَ أحِبَّتي في اللهِ، ولنُزكِّ أنفُسَنا، ولنكُنْ بعد حجِّنا مِن أهلِ الطَّاعةِ البعيدِين عن المعاصي، لعلَّ اللهَ عزَّ وجلَّ أنْ يتقبَّلَنا، وأنْ يختِمَ لنا بخيْرٍ، وأنْ يجعلنا مِن أهلِ جنَّاتِه.

    أحِبَّتي في اللهِ، إخواني في اللهِ إنَّ كُلَّ واحدٍ مِنَّا قد استَرْعاهُ اللهُ عزَّ وجلَّ نفسَهُ، فإيَّاه ثُمَّ إيَّاه أنْ يُضيِّعَها، صُونوها، واحفظُوها، وأحيطُوها، واحفظُوها بسُنَّةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.

    واعلمُوا أنَّ نبيَّكم صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد وعظكُم بموعظةٍ عظيمةٍ، وأوصاكُم وصيَّةً عظيمة فيها السَّعادة والنَّجاة، فيها الهُدى والتُّقى، فيها الفلاحُ في الدُّنيا والآخرةِ، مَن تمسَّك بها سلِمَ، ومَن فرَّطَ بها ندِمَ.

    إنَّها وصيَّةٌ مِِن آخر وصِيِّ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، حدَّثنا بها صحابيٌّ جليلٌ مِن الصَّحابة العُدُول رضي اللهُ عنهم الَّذين نقلُوا لنا سُنَّةَ نبيِّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وما تركُوا مِنها شيئًا.

    فينبغي علينا يا عبدالله أنْ نبحثَ عن هذه الوصيَّةَ، وأنْ نعرِفَ ما جاء فيها مِن أسرارٍ، لعلَّنا أنْ نكون مِن الفائِزين.

    يقولُ العرباضُ بن ساريَة رضي اللهُ عنه:
    "وعظنا رسولُ اللهِ موعظةً بليغةً، وجِلَتْ مِنها القُلُوب، وذرفَتْ مِنها العُيُون، فقُلنا يا رسولَ اللهِ: كأنَّها موعظةُ مُودِّعٍ، فأوْصِنا، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أُوصيكُم بتقوى اللهِ، والسَّمع والطَّاعة، وإنْ تأمَّرَ عليكُم عبدٌ، فإنَّ مَن يعِشْ مِنكُم، فسيرى اختِلافًا كثيرًا، فعليكُم بسُنَّتي وسُنَّةِ الخُلفاء الرَّاشِدِين المهدِيِّين مِن بعدي، تمسَّكُوا بها، وعُظُّوا عليها بالنَّواجذ، وإيَّاكُم ومُحدثَات الأُمُور، فإنَّ كُلَّ مُحدثةٍ بدعةٌ"[أخرجه أحمد: 17144، وأبو داود: 4607، وبنحوه ابن ماجه: 44، والدارميُّ في المقدمة من السُّننِّ (باب اتباع السنة): 95، والتِّرمذيُّ: 2676 وقال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، وصحَّحهُ الألبانيُّ في الإرواء: 2455].

    اللهُ أكبر يا عبدالله، ما أكبر أنْ تجعل هذه الوصيَّةَ شِعارًا لِحياتِك بعد الحَجِّ، تأخُذ بالرَّكيزةِ الأُولى؛ فتكون مِن أهلِ التُّقى.
    هذه الكلمة العظيمة الَّتي فيها الخيرُ كُلُّهُ، هذه الكلمة الَّتي هي وصيَّةُ اللهِ عزَّ وجلَّ للأوَّلِين والآخِرين:
    "وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ"[النساء: 138].
    هذه الكلمةُ العظيمة الَّتي هي وصيَّةُ اللهِ للنَّاس أجمعِين:
    "يَأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ"[النساء: 1].
    هذه الكلمةُ العظيمة الَّتي هي وصيَّة اللهِ للمُؤمِنِين:
    "يأيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ"[الأحزاب: 70].
    هذه الكلمةُ العظيمة الَّتي هي وصيَّةُ اللهِ لنبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
    "يأيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ الله"[الأحزاب: 1].
    هذه الكلمةُ العظيمة الَّتي هي وصيَّةُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم للصَّحابة دائِمًا.
    هذه الكلمةُ العظيمة الَّتي هي وصيَّةُ السَّلفِ دائِمًا.

    قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال:
    "مَن أطاعني فقد أطاع الله، ومَن يعصني فقد عصى الله، ومَن يُطع الأمير فقد أطاعني، ومَن يعص الأمير فقد عصاني"[ مُتَّفقٌ عليه مِن حديث أبي هريرة رضي اللهُ عنه، عند البُخاريُّ: (2957،7137) ومُسلم: 1825 واللَّفظ له]، تتَّبِعُ قولَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "عليك بالسَّمع والطَّاعة في عُسرِك ويُسرِك، ومَنْشطِك ومَكْرَهِك"[أخرجهُ مُسلم في صحيحه مِن حديث أبي هريرة رضي اللهُ عنه: 1836].

    فإنْ قال لك قائل: إنَّ وليَّك يفعلُ مِن المعاصي ما يفعل؛ فكيف تُطيعُه؟! فإنَّه وإنْ كان صادِقًا ـ لو صدق ـ فإنَّ الجوابَ موجُودٌ في سُنَّة النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، يقول النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لِعَدِيٍّ بن حاتم! كما جاء في السُّنَّةِ لابن أبي عاصم بسندٍ صحيح أنَّ عدِيًّا بن حاتم رضي اللهُ عنه قال:
    "قُلنا يا رسولَ اللهِ: لا نسألُك عن طاعة مَن اتَّقى، ولكن نسألُك عن طاعة مَن فعل وفعل وفعل، فذكر الشَّرَّ، قال: اتَّقُوا اللهَ، واسمعُوا وأطِيعُوا"[1069، وصحَّحه الألبانيُّ في ظِلال الجَنَّة]، تُطيع ولِيَّ أمرِك في غيرِ معصيةِ الله؛ لأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: "على المرء المُسلِمِ السَّمع والطَّاعة فيما أحبَّ وكرِهَ ما لم يُأمرْ بمعصيةٍ"[مُتَّفقٌ عليه مِن حديث عبدالله بن عمر رضي اللهُ عنهما، عند البُخاريِّ: (2955،7144) ومُسلم: 1839)].

    ومَن حقَّق هاتيْن الرَّكِيزتيْن؛ نال سعادةَ الدُّنيا والآخرة كما قال ابن رجب رحمه اللهُ تعالى.

    ثُمَّ الرَّكيزةُ الثَّالثة الَّتي فيها النَّجاةُ عند الاختِلاف
    "فإنَّ مَن يعِشْ مِنكُم فسيرى اختِلافًا كثيرًا"، أخبر النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه سيحدثُ في الأمَّة اختِلافٌ كثيرٌ جدًا؛ وهذا مِن علامات نُبُوَّته صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حيثُ أخبر بِمَا سيكون مِن الاختِلاف في الأُمَّة، فكيف النَّجاة؟ كيف الفلاح عند الاختِلاف؟

    نحنُ الآن نسمع هذا الشَّيخَ يقُول كذا، وذاك الشَّيخ يقُول كذا، وذاك العالِم يقُول كذا، اختِلافٌ وأقوالٌ! فكيف ننْجوا؟ كيف نَسلَم؟ كيف ننْجوا مِن الخطأ والزَّلل؟

    إنَّ السَّلامةَ والنَّجاةَ فيما أخبر به النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
    "فإنَّ مَن يعِشْ مِنكُم فسيرى اختِلافًا كثيرًا؛ فعليكم بسُنَّتي، وسُنَّة الخُلفاء الرَّاشِدين المهديِّين، تمسَّكُوا بها وعُظُّوا عليها بالنَّواجد"، ضعُوها في داخل أسنانِكم؛ وهذا أيُّها الإخوة دليلٌ على أنَّ هُناك مَن سيُجاذِبُك السُّنَّة مُجاذبةً شديدةً بحيثُ تحتاج إلى أنْ تتمسَّك بها تمسُّكًا شديدًا، كما أنَّ الإنسان لو أراد أنْ يتمسَّك بشيءٍ يُجذبُ مِنه؛ يتمسَّك به بيدِيْه، ويضعه في داخل فمِهِ، ويعُضُّ عليه بأضراسه، فهكذا ينبغي على المُسلِمِ عند الاختِلاف أنْ يتمسَّك بسُنَّة النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تمسُّكًا شديدًا جدًا حتَّى لا يُصرف عنها، فإنَّ المُنازعِين له كُثُرٌ وأقوياء.

    ولله درَّ الإمام الزُّهريّ حيثُ يقُول:
    "إنَّ السُّنَّةَ سفينة نوح، والدُّنيا هي الطُّوفان"، السُّنَّةُ سفينةُ نوح مَن ركب فيها نجا، ومَن قال سآوي إلى جبلٍ يعصِمُني مِن الماء، سآوي إلى كذا أو كذا غرِقَ ولا بُدّ؛ فلا نجاة إلاَّ بالسُّنَّة، ولا فلاحَ إلاَّ بالسُّنَّة، مهما زخرف المُزخرِفون الأقوال، ومهما تكلَّم البُلغاء بالكلام، فإنَّ النَّجاةَ والفلاحَ بالسُّنَّة، والخير كُلَّه في السُّنَّة.

    ثُمَّ بيَّن النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الرَّكيزةَ الرَّابعةَ للفلاح
    "وإيَّاكم ومُحدثات الأُمور، فإنَّ كُلَّ مُحدثة بدعة، وكُلَّ بدعة ضلالة"، الزَمُوا السُّنَّةَ واحذرُوا مِمَّا يُضادُها، هكذا العبد المُسلم، فطِنٌ حاذقٌ، يعرفُ الشَّرَّ لا للشَّرِّ ولكن لتوقِّيه، مَن لا يعرفْ الشَّرَّ يقع فيه[ـ عَرَفتُ الشَرَّ لا لِلشَر *** رِ لَكِن لِتَوَقِّـيهِ ـ وَمَن لَم يَعرِفِ الشَرَّ *** مِنَ الخَيرِ يَقَع فيهِ: أبو فراس الحمدانيّ].

    يعرفُ الشَّرَّ مخافة أنْ يقعَ فيه، فيحذرَهُ، ويسلم منه، يتجنَّب البدع، ويتجنَّب كُلَّ مُحدثةٍ مِن أقوالٍ أو أفعالٍ أو أفكارٍ تُنسب للإسلام "فإنَّ كُلَّ مُحدثة بدعة"، ولا خير في بدعة، فإنَّ كُلَّ بدعة ضلالة، ولن تقُود المُسلِمَ إلى خيرٍ أبدًا.

    فالله الله أحبَّتي في الله لو جعلنا جميعًا هذا الحديث العظيم نصبَ أعيُننا، وجعلناهُ شِعارًا لحياتِنا القادمة تُقى للهِ عزَّ وجلَّ، وطاعةٍ لوُلاة الأمر في غير معصيةٍ لله، والتِزام بسُنَّةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وابتِعاد عن مُحدثات الأُمور؛ إنَّه الفلاح والصَّلاح، والخير والنَّجاح، الخير مِن كُلِّ مكان.

    أسألُ اللهَ عزَّ وجلَّ بأسمائه الحُسنى، وصِفاتِه العُلى أنْ يُوفِّقني وإيَّاكم إلى كُلِّ خيرٍ، وأنْ يجعلني وإيَّاكم مِمَّن اتَّبعُوا قولَ اللهِ عزَّ وجلَّ:
    "واعبُدْ ربَّك حتَّى يأتِيَك اليقِينُ"[الحجر: 99]، وأعُوذ باللهِ، ثُمَّ أعُوذ باللهِ مِن أنْ نكُون مِن شرِّ النَّاس الَّذين لا يعرِفُون اللهَ إلاَّ في أيَّامٍ معدُودات، الَّذين لايعرِفُون اللهَ إلاَّ في المُناسبات، فإذا جاءتْ المُناسبة أخبتُوا وأطاعُوا، وإذا ذهبتْ المُناسبةُ رجعُوا إلى ما كانوا فيه مِن المعاصي ـ والعياذ باللهِ ـ، نعُوذ باللهِ مِن أنْ نكون مِِن ذلك.

    اللَّهُمَّ يا ربَّنا يا حيُّ يا قيُّوم يا بديع السَّموات والأرض يا حنَّان يا منَّان يا رحيم يا رحمان نسألُك بأسمائك الحُسنى وصِفاتِك العُلى أنْ تكون قد جعلتنا مِن المقبُولين.

    اللَّهُمَّ تقبَّلْ مِِنَّا حجَّنا، اللَّهُمَّ تقبَّلْ مِِنَّا حجَّنا، اللَّهُمَّ تقبَّلْ مِِنَّا حجَّنا، اللَّهُمَّ واجعلنا مِمَّن أعْتقْتهُم مِن النِّيران يا ربَّ العالَمِين، اللَّهُمَّ واجعلنا مِمَّن أعْتقْتهُم مِن النِّيران يا ربَّ العالَمِين، اللَّهُمَّ واجعلنا مِمَّن أعْتقْتهُم مِن النِّيران يا ربَّ العالَمِين، اللَّهُمَّ اجعلنا مِن المَغفُور لهم يا ربَّ العالَمِين.

    اللَّهُمَّ إنَّا نسألُك بأسمائك الحُسنى، وصِفاتك العُلى كما جمعتنا في هذا المكان المُبارك في هذا المشعر المُبارك، في هذا العمل المُبارك، في هذه الأيَّام المُباركات، نسألك أنْ تجمعنا ووالِدِينا وأزواجنا وأبناءنا والمُسلِمين في الفردوس الأعلى أجمعين يا ربَّ العالَمِين.

    اللَّهُمَّ لا تحرمْ مِنَّا أحدًا، ولا تطرُدْ مِنَّا والدًا ولا ولدًا، اللَّهُمَّ حرِّم أجسادنا على جهنَّم، اللَّهُمَّ حرِّم أجسادنا على جهنَّم، اللَّهُمَّ حرِّم أجسادنا على جهنَّم، اللَّهُمَّ اجعلنا يا ربَّنا مِمَّن يدخُلون الجنَّةَ بغير حسابٍ يا ربَّ العالَمِين، اللَّهُمَّ يا ربَّنا يا حيُّ يا قيُّوم يا بديع السَّموات والأرض إنَّنا ظلمنا أنفُسَنا ظُلمًا كثيرًا، ولا يغفرُ الذُّنوب إلاَّ أنت، فاغفرْ لنا مغفرةً مِن عندك وارحمنا إنَّك أنت الغفُور الرَّخيم.

    اللَّهُمَّ استُرنا فوق الأرض، واستُرنا تحت الأرض، واستُرنا يوم العرض، ولا تفضحنا بذُنُوبنا يوم العرض بيْن يديْك، اللَّهُمَّ أحسِنْ خاتِمتنا، اللَّهُمَّ أحسِنْ خاتِمتنا، اللَّهُمَّ أحسِنْ خاتِمتنا، اللَّهُمَّ اجعلْ خير أيَّامِنا يوم نلقاك يا ربَّ العالَمِين، واللهُ أعلم.
    وصلَّى اللهُ على مُحمَّدٍ وعلى آله وصحبه وسلَّم.

    تعليق

    يعمل...
    X