إعـــــــلان

تقليص
1 من 4 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 4 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 4 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
4 من 4 < >

تم مراقبة منبر المسائل المنهجية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-

تعلم إدارة شبكة الإمام الآجري جميع الأعضاء الكرام أنه قد تمت مراقبة منبر المسائل المنهجية - أي أن المواضيع الخاصة بهذا المنبر لن تظهر إلا بعد موافقة الإدارة عليها - بخلاف بقية المنابر ، وهذا حتى إشعار آخر .

وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه .

عن إدارة شبكة الإمام الآجري
15 رمضان 1432 هـ
شاهد أكثر
شاهد أقل

الحلبي يؤيد وينشر أخطر أصول الجهمية للشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي .

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [مقال] الحلبي يؤيد وينشر أخطر أصول الجهمية للشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي .

    الحلبي يؤيد وينشر أخطر أصول الجهمية


    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه.

    أما بعد:

    فإن بيان الحق وإزهاق الباطل من أوجب الواجبات.

    وذلك هو منهج القرآن والسنة ومنهج السلف الصالح.

    وضد ذلك منهج أهل الضلال والباطل الذين قال فيهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "غير الدجال أخوفني عليكم إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم، وإن يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه والله خليفتي على كل مسلم".

    وقال -صلى الله عليه وسلم-: "إنّما أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي الْأَئِمَّةَ الْمُضِلِّينَ".

    أخرجه أحمد في "مسنده" (5/27، وأبو داود في "سننه" حديث (4252)، والترمذي في "سننه" حديث (2229)، وابن ماجه في "سننه" حديث (3952).

    ومنهم الحلبي، ومن ينصرهم على الضلالات والأصول الفاسدة؛ كعدنان عرعور وأبي الحسن المأربي.

    ولقد دأب هذا الحلبي على نصرة الباطل والفتن من عهد طويل.

    فكلما أطلّت فتنة برأسها ضد الحق وأهله ركض إلى مناصرتها والذب عن أهلها.

    فهو المسكين ينصر الباطل إما بالتعمد مع علمه أنه باطل، وإما بالجهل بذلك.

    وسبب ذلك جهله بأصول السلف ومنهجهم، وبعده عن أخلاقهم، ومَنْ جهل الحق عاداه.

    وقد رددتُ عليه أنا وغيري كثيراً من جهالاته وضلالاته.

    فلا تزيده الردود العلمية السلفية إلا تيهاً وتمادياً في الباطل.

    لأن من طبعه ومنهجه الفاسد أن لا رجوع إلى الحق مهما ظهر الحق.

    ولا تراجع عن الباطل مهما وضح بطلانه وعظم شره.

    ومن جهله وضلاله تأييده ونشره لأخطر أصول الجهمية في تعليقاته على كتاب "الحوادث والبدع" للطرطوشي.

    هذا، وليعرف القارئ أن كتاب الطرطوشي تحقيق وتعليق علي الحلبي ينتشر منذ ثلاثة وعشرين عاماً طُبع خلالها ثلاث طبعات في حدود علمي، فكم من القراء اغتر بهذه الأصول الجهمية التي يؤيدها الحلبي وينشرها.



    أولاً- من هذه الأصول الخطيرة إنكاره التعليل لأفعال الله وتشريعاته، ذلكم التعليل القائم على حكمة الله البالغة.

    لقد قال في (ص10) منتقداً للطرطوشي:

    "ومما يُنتقد على المؤلف -رحمه الله- شيئان:

    الأول: "أن أسلوبه في نقاشه ونضاله فيه تأثر بأسلوب المعتزلة، وذلك في بيانه الحكمَ في التشريع، وأن أقيسَتهُ فقهية...ولا يُؤمَن معها الزلل"([1]).

    الثاني: ضَعْفُه في علم الحديث، فتراه يستدل بروايات ضعيفة، وكثيراً ما يروي بالمعنى، فيقع له خللٌ ظاهر، أو يكون في عَزْوِهِ وَهَمٌ.

    وهذا وذاك لا يُنْقِص قيمةَ الكتاب، ولا يُقلِّل من قدره، فهو ذو مادة علمية جيدة متميزة".



    فهو هنا ينتقد الطرطوشي في بيانه الحِكَم في التشريع، فتشريع الله عند الحلبي خال من الحِكَم، وهذا مضاد لعشرات النصوص القرآنية على إثبات الحِكَم في تشريع الله وخلقه لمخلوقاته.

    وهذا الإنكار الصادر منه ناشئ عن جهله بمنهج السلف أو عن اعتقاد باطل ينطوي عليه هذا الرجل.



    وقوله: "وهذا وذاك لا يُنْقِص قيمةَ الكتاب، ولا يُقلِّل من قدره".

    نقول: هذا الكمال إنما هو عندك، أما عند أهل السنة فإنَّ ما تضمّنه هذا الكتاب من أصول باطلة تنقص قيمته إلى حد بعيد.

    ثانياً- غفلة الحلبي عن كلام يتعلق بالقدر.

    قال الطرطوشي -رحمه الله - وهو يتحدث عن بدع الفِرق الأربع: الخوارج والروافض والقدرية والمرجئة وما تفرع عنها، حيث يرى أن كل البدع ترجع إلى بدع الفِرق الأربع.

    قال في (ص34): "وبيان ذلك بالمثال: أن القدرَ أصلٌ من أصول البدع، ثم اختلف أهلُهُ في مسائل من شُعب القدر، وفي مسائل لا تعلُّق لها بالقدر، فجميعهم متفقون أن أفعال العباد خَلْقٌ لهم من دون الله تعالى، ثم اختلفوا في فرع من فروع القدر".



    أقول: إن الإيمان بالقدر لأصل من أصول الإيمان عند أهل السنة.

    فقوله: "إن القدر أصل من أصول البدع".

    قد يفهم منه بعض الجهال، بل بعض طلاب العلم أن الإيمان بالقدر أصل من أصول البدع، وقد يتعلق به المكذبون بالقدر؛ لأن هذا الكلام صادر من عالم في نظرهم.

    ألا يدرك الحلبي بطلان هذا الكلام إن كان موجوداً في الأصل على هذه الصورة، فيصحح ذلك ببيان أن الكلام الصحيح في هذا السياق أن يقال: "إن إنكار القدر أصلٌ من أصول البدع"؛ لأنه ينافي الآيات القرآنية وينافي ما قرره رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في القدر أنه من أصول الإيمان، وعليه أهل السنة وسائر الفِرق غير القدرية.



    ثالثاً- تأييده لأخطر أصول الجهمية؛ ذلكم الأصل المؤدي إلى تعطيل أسماء الله الحسنى وصفاته العليا.

    قال الطرطوشي في (ص36) أثناء كلامه على الفِرق الضالة التي حذّر منها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حديثه المشهور:

    "فإن كان أراد رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بتفرُّق أمته أصولَ هذه البدع التي تجري مجرى الأجناس للأنواع، والمعاقد للفروع؛ فلعلهم - والعلم عند الله - ما بلغوا هذا العدد إلى الآن؛ غير أن الزمان باق، والتكليف قائم، والخطوات متوقعة، وكل قرن عصرٍ لا يخلو إلا وتحدث فيه البدع.

    وإن كان أراد النبي -صلى الله عليه وسلم- بالفِرَق كلَّ بدعةٍ حَدثتْ في دين الإسلام؛ مما لا يلائم أصول الإسلام، ولا تقبلها قواعده؛ من غير التفاتٍ إلى التقسيم الذي ذكرنا؛ سواء كانت البدع أنواعا لأجناس، أو كانت متغايرة الأصول والمباني - وهذا هو الذي أراده، والعلم عند الله -؛ فقد وُجِد من ذلك عدد كثير، أكثر من اثنين وسبعين.

    ووجه تصحيح الحديث - على هذا - أن يُخْرَج من الحساب غلاةُ أهل البدع، ولا يُعدُّون من الأمة ولا في أهل القبلة؛ كَنُفاة الأعْراضِ من القدرية؛ لأنه لا طريق لحدوثِ العالمِ وإثبات الصانع إلا بثبوت الأعراض،وكالحلولية، والمنصورية، وأشباههم من الغلاة".



    فماذا صنع الحلبي تجاه هذا الكلام؟

    علّق الحلبي على قول الطرطوشي: " ووجه تصحيح الحديث - على هذا - أن يُخْرَج من الحساب غلاة أهل البدع، ولا يُعَدُّون من الأمة ولا في أهل القبلة".

    علّق الحلبي على هذا الكلام في الحاشية بقوله:

    "وهذا تفريقٌ دقيق من المصنف –رحمه الله- بين "أهل السنة" و "أهل القبلة" وكثيراً ما يختلط هذان المعنيان في أذهان كثير من الناس، فتأمَّل".



    أقول:

    1- إن كلام المؤلف لا يدل على ما فهمه الحلبي وقاله.

    إن كلام المؤلف لواضح في التفريق بين المسلمين سنيهم وبدعيهم وبين الغلاة، فقال عن الغلاة: " ولا يُعَدُّونَ من الأمة ولا في أهل القبلة".

    فهذا الكلام من الطرطوشي واضح في أنه لا يعد الغلاة من الأمة ولا من أهل القبلة، وليس كما قال الحلبي.

    2- أيّد الحلبي رد الطرطوشي على نفاة الأعراض تأييداً مطلقاً.

    وعلّق عليه في الحاشية بقوله: "وهم أصحاب "معمر" من المعتزلة، إذ قالوا: لا يجوز أن يخلق اللهُ عَرَضاً، ولا يوصف بالقدرة على خلق الأعراض".

    ولجهل الحلبي بمنهج السلف وبما يضاده من منهج الجهمية ومن تابعهم كالأشعرية والكلابية.

    أقول: بهذا الجهل المطبق أقرَّ قول الطرطوشي: " لأنه لا طريق لحدوث العالمِ وإثبات الصانع إلا بثبوت الأعراض".

    وهذا كلام باطل في غاية البطلان.

    لأنه ناشئ عن تقليد الجهمية أبعد فِرق الضلال عن كتاب الله وسنة رسوله.

    وما عليه الصحابة الكرام ومن تبعهم بإحسان من الإيمان بالأدلة الكثيرة الشرعية والكونية، ومن فطرة الله خلقه على الإيمان بالله وبأسمائه وصفاته وأنه فعّال لما يريد.

    لقد قادهم هذا الأصل الباطل إلى تعطيل أسماء الله الحسنى وصفاته العليا وأفعاله الدالة على حكمته والدالة على عظمته وجلاله وكماله، حتى ألحقوه بالمعدومات.

    وتابع الجهمية في التعلق بهذا الأصل الأشعرية والكلابية.

    فجرّهم هذا الأصل الباطل إلى تعطيل كثير من صفات الله وإلى تعطيل أفعاله القائمة على العلم والحكمة.

    وأفسح المجال لكلام شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في إبطال هذا الأصل الخطير.

    قال -رحمه الله- في "منهاج أهل السنة" (1/112) الطبعة القديمة([2]):

    "وهؤلاء([3]) أول من عُرف عنهم في الإسلام أنهم أثبتوا حدوث العالم بحدوث الأجسام، وأثبتوا حدوث الأجسام بحدوث ما يستلزمها من الأعراض.

    وقالوا: الأجسام لا تنفك عن أعراض محدثة، وما لا ينفك عن الحوادث أو ما لا يسبق الحوادث فهو حادث لامتناع حوادث لا أول لها".

    وقال –رحمه الله- في (ص112-113):

    " ثم إن هؤلاء الجهمية أصحاب هذا الأصل المبتدع احتاجوا أن يلتزموا طرد هذا الأصل فقالوا: إن الرب لا تقوم به الصفات ولا الأفعال فإنها أعراض وحوادث، وهذه لا تقوم إلا بجسم والأجسام محدثة، فيلزم أن لا يقوم بالرب علم ولا قدرة ولا كلام ولا مشيئة ولا رحمة ولا رضا ولا غضب ولا غير ذلك من الصفات، بل جميع ما يوصف به من ذلك فإنما هو مخلوق منفصل عنه.

    والجهمية كانوا يقولون: قولنا: إنه يتكلم، هو مجاز. والمعتزلة قالوا إنه متكلم حقيقة لكن المعنى واحد فكان أصل هؤلاء هو المادة التي تشعبت عنها هذه البدع.

    فجاء ابن كلاب بعد هؤلاء لما ظهرت المحنة المشهورة وامتحن الإمام أحمد بن حنبل وغيره من أئمة السنة وثبت الله الإمام أحمد بن حنبل وجرت أمور كثيرة معروفة وانتشر بين الأمة النـزاع في هذه المسائل قام أبو محمد عبد الله بن سعيد بن كلاب البصري وصنف في الرد على الجهمية والمعتزلة مصنفات وبين تناقضهم فيها وكشف كثيرا من عوراتهم لكن سلم لهم ذلك الأصل الذي هو ينبوع البدع فاحتاج لذلك أن يقول إن الرب لا تقوم به الأمور الاختيارية ولا يتكلم بمشيئته وقدرته ولا نادى موسى حين جاء الطور بل ولا يقوم به نداء حقيقي.

    ولا يكون إيمان العباد وعملهم الصالح هو السبب في رضاه ومحبته ولا كفرهم هو السبب في سخطه وغضبه.

    فلا يكون بعد أعمالهم لا حب ولا رضا ولا سخط ولا فرج ولا غير ذلك مما أخبرت به نصوص الكتاب والسنة قال تعالى: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) [سورة آل عمران:31]، وقال تعالى (ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم) [سورة محمد:28]. وقال تعالى: (فلما آسفونا انتقمنا منهم] [سورة الزخرف:55]. وقال تعالى: (إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم) [سورة الزمر:7]. وقال تعالى: (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون) [سورة آل عمران:59]. وقال تعالى: (ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم) [سورة الأعراف:11].

    وأمثال ذلك من نصوص الكتاب والسنة التي لا تحصى إلا بكلفة، وهي تبلغ مئين من نصوص القرآن والحديث كما ذكرنا طرفا منها في غير هذا الموضع، وذكرنا كلام السلف والخلف في هذا الأصل".



    أقول: فهذه نتائج وكوارث هذا الأصل الخطير، الذي لم يحرك ساكناً من الحلبي، ولو كان يعرف بطلان هذا الأصل وعمق ضلال أهله ومحاربة السلف لأهله وتكفير من يقول به لما سكت عنه، فإذا أخذته العزة بالإثم وادعى أنه عالم علامة، قلنا له: لِيَهْنِكَ الإيمان بهذا الأصل المدمر.



    وقال شيخ الإسلام في "المنهاج" (1/110) الطبعة القديمة([4]):

    والاستدلال بهذه الطريق([5]) أوجبت نفي صفات الله القائمة به ونفي أفعاله القائمة به، وأوجبت من بدع الجهمية ما هو معروف عند سلف الأمة، وسُلطت بذلك الدهرية على القدح فيما جاءت به الرسل عن الله، فلا قامت بتقرير الدين، ولا قمعت أعداءه الملحدين، وهي التي أوجبت على من سلكها قولهم: إن الله لم يتكلم بل كلامه مخلوق، فإنه بتقدير صحتها تستلزم هذا القول.

    وأما ما أحدثه ابن كُلاب ومن اتبعه من القول بقدم شيء منه معين: إما معنى واحد، وإما حروف، أو حروف وأصوات معينة يقترن بعضها ببعض أزلا وأبدا، فهي أقوال محدثة بعد حدوث القول بخلق القرآن، وفيها من الفساد شرعاً وعقلاً ما يطول وصفه. لكن القائلون بها بينوا فساد قول من قال: هو مخلوق من الجهمية والمعتزلة، فكان في كلام كل طائفة من هؤلاء الطوائف من الفائدة بيان فساد قول الطائفة الأخرى لا صحة قولها إذ الأقوال المخالفة للحق كلها باطلة".



    رابعاًً- تأييده لأصل الجهمية الخطير الذي يزعمون فيه أن أفعال الله لا تعلل، وأن تشريعاته خالية من الحكمة، وأنها لا تتضمَّن المصالح ، وقد تقدّم إنكاره لهذا الأصل.

    قال الطرطوشي في (ص51) وهو يتحدث عن سبب ترك النبي -صلى الله عليه وسلم- قيام رمضان في جماعة، ونقله سبب هذا الترك، وهو ما بيّنه النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "خشية أن يفرض عليكم".

    وليته اكتفى بهذا البيان، لكنه واصل الكلام إلى قوله: (قال القاضي أبو بكر: " ويحتمل أن الله تعالى أوحى إليه إنْ واصل هذه الصلاة معهم؛ فَرَضَهَا عليهم؛ إما لإرادته فَرْضَها فقط على ما نذهب إليه من أن أفعال القديم تعالى غير معللة، أو لأنه يُحْدِث فيهم من الأحوال والاعتقاد ما يكون الأصلح لهم فَرْضَ هذه الصلاة عليهم، ويحتمل أن يريد بذلك أنه خاف أن يظن أحد من أمته بعده - إذا داوم عليها - وجوبها على الناس ".

    وهذه المعاني كلها مأمونة بعد موت النبي -صلى الله عليه وسلم-).



    فهذا القاضي أبو بكر ابن العربي صرّح بأن ما يذهب إليه من أن أفعال القديم تعالى غير معللة.

    وأقرَّه الطرطوشي، وأقرَّهما الحلبي على ذلك، فهل عنده علم بأن هذا كلام باطل وضلال، وأنه يخالف العشرات من نصوص الكتاب والسنة ويخالف منهج السلف الصالح، وأقرّه راضياً به، أو أنه جاهل بمنهج السلف وجاهل بأن هذا الاعتقاد من عقائد الجهمية الضالة، إنَّ كُلّاً من الأمرين لقبيح جداً وأحلاهما مر جداً.



    خامساً- وفي (ص135-136) ينحى الطرطوشي منحى الجهمية والأشعرية في نفيهم تعليل أفعال الله القائمة على الحكمة.

    فقال بعد كلام له حول الأشهر الحرم: "فإنْ قيل: لم جُعِل بعض الشهور أعظم حرمة من بعض؟

    قلنا: أفعال القديم عندنا لا تُعلَّل؛ لأنه تعالى لا يفعل لغرض وعلة، ومن لا يفعل لغرض وعلة؛ لا يجوز أن يقال فيه: لِمَ فَعَلَ؟ ولِمَ لَمْ يَفْعَلْ؟

    وأصحاب اللطف يجيبون عن ذلك؛ لما في ذلك من المصلحة في الكف عن الظلم فيها؛ لعِظَمِ منـزلتها في حكم خالقها، فربما أدى ذلك إلى ترك الظلم رأساً؛ لانطفاء النائرة في تلك المدة، وانكشاف الحمية، ولأن الأشياء تجر إلى أشكالها، وتُباعِد من أضدادها".

    فماذا صنع الحلبي تجاه هذا الكلام؟

    1- أقرَّ المؤلف الطرطوشي على هذا الضلال الجهمي، الذي يتضمن نفي التعليل لأفعال الله القائمة على العلم الواسع والحكمة البالغة وما فيها من المصالح العظيمة، ودفع المفاسد المهلكة.

    وهذا التأييد من الحلبي ناشئ عن هوى وجهل بكتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- ومنهج السلف الصالح.

    2- أيّد المؤلف في رده على أصحاب اللطف من المعتزلة تأييداً مطلقاً.

    فقال في حاشية (ص136):

    "وهذا كله مردود، لأن فيه إيجاباً على الله، ولا يجب على الله شيء. وانظر "منهاج السنة النبوية" (1/171).

    وفي كتاب "الحكمة والتعليل في أفعال الله تعالى" (108-119) للأخ الشيخ محمد بن ربيع المدخلي تفصيل جيد في المسألة".

    هكذا قال، ولم يرد على الطرطوشي قوله: "أفعال القديم عندنا لا تُعلَّل؛ لأنه تعالى لا يفعل لغرض وعلة...الخ".

    فهو وسلفه تلقوا هذا عن الجهمية الذين ينفون الحكمة في أفعال الله والتعليل لأفعاله تعالى، وأن لفعله تعالى غاية محبوبة وعاقبة محمودة. ينفون هذا زاعمين أنهم ينـزهون الله عن أن يفعل لغرض وعلة، وهذا عين الضلال؛ لأنه تعطيل لحكمة الله في أفعاله، وإنكار لتضمُّنِها للمصالح والنهي عن المفاسد.

    والحلبي أقرَّ هذا الباطل.

    ثم تأمّل قول الحلبي: "وهذا كله مردود"، وهذا من جهله العميق.

    فكلام هذه الطائفة الضالة اشتمل على حق وباطل.

    أما الحق فهو إثبات المصلحة في تشريعات الله وتكوينه، وهذا أمر يثبته أهل السنة ويؤمنون به قبل غيرهم.

    وأما الباطل الذي تضمّنه قول هذه الطائفة الضالة فهو الإيجاب على الله أن يفعل كذا، ويترك كذا، فهذا ضلال خطير يحاربه أهل السنة، والحمد لله.

    فإن الله تعالى لا يجب عليه شيء لأحد من مخلوقاته، بل هو يفعل ما يشاء، وفعّال لما يريد، وأفعاله وأقواله قائمة على العلم والحِكم والمصالح.)، (وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ)، ، (لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ). و(لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ)، (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ).

    3- ولجهل الحلبي أحال على كلام شيخ الإسلام ظاناً أنه على منهجه.

    وشتان شتان بين المنهجين فهما متضادان تضاد الحق والباطل، والعلم والجهل، والظلمات والنور.

    فشيخ الإسلام إنما يرد في موضع الإحالة على الجهمية والأشعرية باطلهم، ويرد على القدرية والمعتزلة باطلهم، والحلبي لا يفهم هذا ولا ذاك.

    وهاكم كلام شيخ الإسلام الذي أحال عليه الحلبي.

    قال –رحمه الله- في "المنهاج" (1/170-172)([6]) ناقلاً عن الرافضي ابن المطهر قوله:

    " (فصل) وأما قوله عنهم إنهم يقولون إنه لا يفعل ما هو الأصلح لعباده، بل ما هو الفساد كفعل المعاصي وأنواع الكفر وجميع أنواع الفساد الواقعة في العالم مستندة إليه تعالى الله عن ذلك".

    ثم قال –رحمه الله- رادّاً عليه:

    "فيقال: هذا الكلام وإن قاله طائفة من متكلمي أهل الإثبات فهو قول طائفة من متكلمي الشيعة أيضاً.

    وأئمة أهل السنة وجمهورهم لا يقولون ما ذكر، بل الذي يقولونه إن الله خالق كل شيء وربه ومليكه وإنه لا يخرج عن ملكه وخلقه وقدرته شيء، وقد دخل في ذلك جميع أفعال الحيوان فهو خالق لعبادات الملائكة والمؤمنين وسائر حركات العباد.

    والقدرية ينفون عن ملكه خيار ما في ملكه وهو طاعة الأنبياء والملائكة والمؤمنين فيقولون: لم يخلقها الله ولا يقدر على أن يستعمل العبد فيها ولا يلهمه إياها ولا يقدر أن يجعل من لم يفعلها فاعلاً لها.

    وقد قال الخليل -عليه السلام-: (ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك)، فطلب من الله أن يجعله مسلماً ومن ذريته أمة مسلمة له، وهو صريح في أن الله تعالى يجعل الفاعل فاعلاً، وقال: (رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي). فقد طلب من الله تعالى أن يجعله مقيم الصلاة، فعلم أن الله تعالى هو الذي يجعل العبد مصلياً، وقد أخبر عن الجلود والجوارح إخبار مصدِّق لها أنها قالت: (أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء) . فعلم أنه ينطق جميع الناطقين.

    وأما كونه لا يفعل ما هو الأصلح لعباده.

    أو لا يراعي مصالح العباد.

    فهذا مما اختلف الناس فيه، فذهبت طائفة من المثبتين للقدر إلى ذلك، وقالوا خلقه وأمره متعلق بمحض المشيئة لا يتوقف على مصلحة وهذا قول الجهمية.

    وذهب جمهور العلماء إلى أنه إنما أمر العباد بما فيه صلاحهم ونهاهم عما فيه فسادهم وأن فعل المأمور به مصلحة عامة لمن فعله، وأن إرسال الرسل مصلحة عامة وإن كان فيه ضرر على بعض الناس لمعصيته، فإن الله تعالى كتب في كتاب فهو عنده موضوع فوق العرش: "إن رحمتي تغلب غضبي"، وفي رواية: "إن رحمتي سبقت غضبي"، أخرجاه في الصحيحين عن النبي -صلى الله تعالى عليه وسلم- ، فهم يقولون فعل المأمور به وترك المنهي عنه مصلحة لكل فاعل وتارك.

    وأما نفس الأمر وإرسال الرسل فمصلحة للعباد وإن تضمن شراً لبعضهم، وهكذا سائر ما يقدره الله تعالى تغلب فيه المصلحة والرحمة والمنفعة، وإن كان في ضمن ذلك ضرر لبعض الناس فلله في ذلك حكمة أخرى، وهذا قول أكثر الفقهاء وأهل الحديث والتصوف وطوائف من أهل الكلام غير المعتزلة مثل الكرامية وغيرهم، وهؤلاء يقولون: وإن كان في بعض ما يخلقه ما فيه ضرر لبعض الناس أو هو سبب ضرر كالذنوب فلا بد في كل ذلك من حكمة ومصلحة لأجلها خلقه الله وقد غلبت رحمته غضبه، وهذه المسائل مبسوطة في غير هذا الموضع. وهو لم يذكر إلا مجرد حكاية الأقوال فبينا ما في ذلك النقل من الصواب والخطأ، فإن هذا الذي نقله ليس من كلام شيوخه الرافضة بل هو من كلام المعتزلة كأصحاب أبي علي وأبي هاشم وأبي الحسين البصري وغيرهم وهؤلاء ذكروا ذلك رداً على الأشعري خصوصاً.

    فإن الأشعرية وبعض المثبتين للقدر وافقوا الجهم بن صفوان في أصل قوله في الجبر، وإن نازعوه في بعض ذلك نزاعاً لفظياً أتوا بما لا يُعقل لكن لا يوافقونه على قوله في نفي الصفات، بل يثبتون الصفات([7])، فكذا بالغوا في مخالفة المعتزلة في مسائل القدر حتى نسبوا إلى الجبر.

    وأنكروا الطبائع والقوى التي في الحيوان أن يكون لها تأثير أو سبب في الحوادث أو يقال فعل بها، وأنكروا أن يكون للمخلوقات حكمة وعلة.

    ولهذا قيل إنهم أنكروا أن يكون الله تعالى يفعل لجلب منفعة لعباده أو دفع مضرة وهم لا يقولون إنه لا يفعل مصلحة فإن هذا مكابرة، بل يقولون إن ذلك ليس بواجب عليه وليس بلازم وقوعه منه.

    ويقولون: إنه لا يفعل شيئاً لأجل شيء ولا بشيء وإنما اقترن هذا بهذا لإرادته لكليهما وهو يفعل أحدهما مع صاحبه لا به ولا لأجله، والاقتران بينهما مما جرت به عادته لا لكون أحدهما سبباً للآخر ولا حكمة له.

    ويقولون: إنه ليس في القرآن في خلقه وأمره لام تعليل، وقد وافقهم على ذلك طائفة من أصحاب مالك والشافعي وأحمد وغيرهم مع أن أكثر الفقهاء الذين يوافقونهم على هذا في كتب الكلام يقولون بضد ذلك في مسائل الفقه والتفسير والحديث وأدلة الفقه.

    وكلامهم في أصول الفقه تارة يوافق هؤلاء وتارة يوافق هؤلاء.

    لكن جمهور أهل السنة من هؤلاء الطوائف وغيرهم يثبتون القدر ويثبتون الحكمة أيضاً والرحمة، وأن لفعله غاية محبوبة وعاقبة محمودة وهذه مسألة عظيمة جدا قد بسطت في غير هذا الموضع.

    ففي الجملة لم تثبت المعتزلة والشيعة نوعاً من الحكمة والرحمة إلا وقد أثبت أئمة أهل السنة ما هو أكمل من ذلك وأجلّ منه مع إثباتهم قدرة الله التامة ومشيئته النافذة وخلقه العام وهؤلاء لا يثبتون هذا".

    أقول: تأمّل قول شيخ الإسلام جيداً:

    1- وبيانه لمذهب القدرية الباطل، وأنهم ينفون عن ملك الله خيار ما في ملكه وهو طاعة الأنبياء والملائكة والمؤمنين فيقولون: لم يخلقها الله ولا يقدر على أن يستعمل العبد فيها ولا يلهمه إياها، ولا يقدر أن يجعل من لم يفعلها فاعلاً لها".

    وسوقه بعض الآيات القرآنية الدالة على بطلان مذهبهم وضلالهم فيه.

    2- قوله: " وأما كونه لا يفعل ما هو الأصلح لعباده أو لا يراعي مصالح العباد، فهذا مما اختلف الناس فيه ".

    وبيّنَ أن هذا القول الباطل إنما هو قول الجهمية ومن تابعهم فيه.

    3- بيّنَ أن جمهور العلماء ذهبوا إلى أنه تعالى إنما أمر العباد بما فيه صلاحهم، ونهاهم عمّا فيه فسادهم. وأن فعل المأمور به مصلحة عامة لمن فعله، وأن إرسال الرسل مصلحة عامة وإن كان فيه ضرر على بعض الناس لمعصيته، وأن الجمهور يقولون: فعل المأمور به وترك المنهى عنه مصلحة لكل فاعل وتارك.

    4- قال -رحمه الله-: "وأما نفس الأمر (أي أمر الله) وإرسال الرسل فمصلحة للعباد وإن تضمّن شراً لبعضهم، وهكذا سائر ما يقدره الله -تعالى- تغلب فيه المصلحة والرحمة والمنفعة، وإن كان في ضمن ذلك ضرر لبعض الناس فلله في ذلك حكمة أخرى، وهذا قول أكثر الفقهاء وأهل الحديث والتصوف وطوائف من أهل الكلام غير المعتزلة مثل الكرامية وغيرهم".

    فبيّن في هذا الكلام حكمة الله في شرعه وقدره، وأنه قول أكثر الفقهاء وأهل الحديث وغيرهم.

    5- ثم أكدَّ إثبات حكمة الله في شرعه وقدره وخلقه، وما في ذلك من المصالح ، وما يشرعه من حكمة ومصلحة.

    بقوله:

    " وهؤلاء يقولون وإن كان في بعض ما يخلقه ما فيه ضرر لبعض الناس أو هو سبب ضرر كالذنوب فلا بد في كل ذلك من حكمة ومصلحة لأجلها خلقه الله، وقد غلبت رحمته غضبه".

    وبيّنَ -رحمه الله- أنَّ هذه المسائل مبسوطة في غير هذا الموضع.

    6- ذكر -رحمه الله- موافقة الأشعرية وبعض المثبتين للقدر للجهم بن صفوان في أصل قوله بالجبر وإن نازعوه نزاعاً لفظياً.

    وأنهم أنكروا الطبائع والقوى التي في الحيوان أن يكون لها تأثير أو سبب في الحوادث أو يقال فعل بها.

    وأنهم أنكروا أن يكون للمخلوقات حكمة، وساق شيئاً من ضلالهم.

    7- ثم قال: " ويقولون إنه ليس في القرآن في خلقه وأمره([8]) لام تعليل، وقد وافقهم على ذلك طائفة من أصحاب مالك والشافعي وأحمد وغيرهم".

    وبيّن أن أكثر الفقهاء مضطربون في هذا الباب.

    ففي مواضع يثبتون الحكمة وفي أخرى ينفونها.

    8- ثم قال –رحمه الله-: " ففي الجملة لم تثبت المعتزلة والشيعة نوعاً من الحكمة والرحمة إلا وقد أثبت أئمة السنة ما هو أكمل من ذلك وأجلّ منه مع إثباتها قدرة الله التامة ومشيئته النافذة وخلقه العام وهؤلاء لا يثبتون هذا".

    انظر أيها القارئ الكريم إلى هذا الإمام، كم أكدَّ في هذا الكلام العالي النير على إثبات حكمة الله في شرعه وقدره، وأن تشريعه قائم على مراعاة المصالح ونفي المفاسد ونسبة ذلك إلى أئمة السنة.

    وانظر إلى إنكاره على الطوائف المنحرفة في هذا الباب.

    وانظر إلى إنكاره على من يقولون: إنه ليس في القرآن في خلقه وأمره لام تعليل.

    ثم قارن بين كلام هذا الإمام وتقريراته العلمية القائمة على الكتاب والسنة، وبين ما يقرره الحلبي ويؤيده من الضلال والباطل لتعلم ضلال هذا الحلبي وبلادة فهمه، وأنه لا يدرك الفرق بين المتضادات.

    ومن هنا أحال على كلام شيخ الإسلام الذي يتضمن إزهاق باطله وباطل الجهمية ومن سار على دربهم ممن تأثر بهم الحلبي، أو وافقهم بسبب جهله بالكتاب والسنة وبمنهج السلف وأئمتهم.

    وكم له من التخبطات في أوحال الجهالات ثم إذا نُبِّهَ لا يزداد إلا تمادياً في باطله واستعلاء على من يبين له باطله لعله يتذكر أو يخشى.

    هذا وليزداد القارئ علماً وفقهاً وإدراكاً للحق ويزداد تمييزاً وتفريقاً بين الحق والباطل، والهدى والضلال، لأجل هذا كله سأسوق له بعض النصوص النيرة من كلام الإمام ابن القيم وقوة استدلالاته بنصوص القرآن من كتابه الفذ "شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل"، وهو كتاب جليل، يطابق اسمه مسماه، ولقد أطال النفس في مسائل القدر والكسب والجبر وغيرها خلال واحد وعشرين باباً، ضمّنها العديد من الفصول.

    ثم عقد الباب الثاني والعشرين في طرق إثبات حكمة الرب في خلقه وأمره، وذكر الغايات المطلوبة له بذلك والعواقب الحميدة التي يفعل لأجلها ويأمر لأجلها.

    ضمّنه ثلاثة وعشرين فصلاً من (ص 585- 625) .

    ثم عقد الباب الثالث والعشرين في استيفاء شبه النافين للحكمة والتعليل، وذكر الأجوبة عنها في فصل من هذا الباب ، وعدد الأجوبة على هذه الشبه ستة عشر جواباً بالأدلة والبراهين الشرعية والعقلية.

    قال في (ص633): " فصل ذكر نفاة الحكمة لحجج أخرى".

    وأجاب عن شبههم في هذا الفصل بعشرة أجوبة.

    ثم عقد فصلاً من هذا الباب في الرد على نفاة الحكمة، ثم ردَّ على شبههم بأحد عشر جواباً.

    ثم عقد فصلاً للأجوبة على شبه نفاة الحكمة في (ص644).

    وأجاب على شبههم إلى (ص713) من خمسة وثلاثين وجهاً، مليئة بالأدلة الباهرة والحجة القاهرة والتوسع في بيان حكمة الله في أبواب الشريعة ووسائلها وكيف يجدها المسلم مشحونة بالحِكم المقصودة والغايات الحميدة التي شرعت لأجلها، لولاها لكان الناس كالبهائم.

    وشرح في هذا الباب سورة الفاتحة شرحاً عظيماً.

    ثم عقد الباب الرابع والعشرين في (ص76 في معنى قول السلف من أصول الإيمان: الإيمان بالقضاء خيره وشره، حلوه ومره.

    تعرض فيه لبيان حكمة الله في الآلام وثمراتها، وفي اللذات وثمراتها، ثم أبواباً أخرى، إلى تمام ثلاثين باباً مليئة بالعلم النافع.

    وهذا العرض وإن كان غير مستوعب لكنه يستفيد منه القارئ إن شاء الله، ثم إذا وفقه الله توجه إلى هذا الكتاب لينهل منه العلم الجزيل الذي يبدد ظلمات الجهل، ويدحض شبهات وأباطيل أهل الضلال.



    ولنقتبس من علم ابن القيم وأدلته ما يتيسر؛ مما يفيد القارئ.

    نعود للباب الثاني والعشرين.

    قال -رحمه الله- في (ص585):

    "[الباب الثاني والعشرون في طرق إثبات حكمة الرب تعالى في خلقه وأمره، وذكر الغايات المطلوبة له بذلك، والعواقب الحميدة التي يفعل لأجلها ويأمر لأجلها]

    "[فنقول: قد دلت أدلة العقول الصحيحة والفطر السليمة على ما دلَّ عليه القرآن والسنة]:

    أنه سبحانه حكيم لا يفعل شيئا عبثا ولا لغير معنى ومصلحة وحكمة هي الغاية المقصودة بالفعل، بل أفعاله سبحانه صادرة عن حكمة بالغة لأجلها فعل، كما هي ناشئة عن أسباب بها فعل وقد دل كلامه وكلام رسوله على هذا.

    وهذا في مواضع لا تكاد تحصى ولا سبيل إلى استيعاب أفرادها فنذكر بعض أنواعها.

    1- النوع الأول التصريح بلفظ الحكمة وما تَصرّفَ منه كقوله: (حكمة بالغة) وقوله: (وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة) وقوله: (ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا) والحكمة هي العلم النافع والعمل الصالح وسمي حكمة لأن العلم والعمل قد تعلقا بمتعلقهما وأوصلا إلى غايتيهما وكذلك لا يكون الكلام حكمة حتى يكون موصلا إلى الغايات المحمودة والمطالب النافعة فيكون مرشدا إلى العلم النافع والعمل الصالح فتحصل الغاية المطلوبة فإذا كان المتكلم به لم يقصد مصلحة المخاطبين ولا هداهم ولا إيصالهم إلى سعادتهم ودلالتهم على أسبابها وتوابعها ولا كان ذلك هو الغاية المقصودة المطلوبة ولا تكلم لأجلها ولا أرسل الرسل وأنزل الكتب لأجلها ولا نصب الثواب والعقاب لأجلها لم يكن حكيما ولا كلامه حكمة فضلا عن أن تكون بالغة".

    2- ثم قال –رحمه الله- في (ص586-58:

    "النوع الثاني إخباره أنه فعل كذا لكذا وأنه أمر بكذا لكذا كقوله: (ذلك لتعلموا أن الله يعلم ما في السماوات والأرض).

    وقوله: (الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنـزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما).

    وقال: (جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس والشهر الحرام والهدى والقلائد ذلك لتعلموا أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض وأن الله بكل شيء عليم).

    وقوله: (رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل).

    وقوله: (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراد الله).

    وقوله: (لئلا يعلم أهل الكتاب أن لا يقدرون على شيء من فضل الله).

    وقوله: (وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه).

    وقوله: (فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم) أي ليتمكنوا بهذا الحفظ والرصد من تبليغ رسالاته فيعلم الله ذلك واقعا.

    وقوله: (وينـزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام).

    وقوله: (ليحق الحق ويبطل الباطل).

    وقوله: (وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به).

    وقوله: (قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين آمنوا).

    وقوله: (وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيمانا).

    وقوله: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا).

    وقوله: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم).

    وقوله: (هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا إنما هو إله واحد وليذكر أولوا الألباب).

    وقوله: (ولقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب).

    وقوله: (وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين).

    وقوله: (والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون).

    وهذا في القرآن كثير، فإن قيل اللام في هذا كله لام العاقبة كقوله: (فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا).

    وقوله: (وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا).

    وقوله: (ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض).

    وقوله: (ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة).

    وقوله: (ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون).

    فإن ما بعد اللام في هذا ليس هو الغاية المطلوبة، ولكن لما كان الفعلُ منتهيا إليه وكان عاقبة الفعل دخلت عليه لامُ التعليل وهي في الحقيقة لام العاقبة، فالجواب من وجهين:

    أحدهما أن لام العاقبة إنما تكون في حق من هو جاهل أو هو عاجز عن دفعها فالأول كقوله: (فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا).

    والثاني كقول الشاعر:

    لدوا للموت وابنوا للخراب فكلكم يصيرُ إلى ذهاب

    وأما مَنْ هو بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير فيستحيل في حقه دخولُ هذه اللام وإنما اللام الواردة في أفعاله وأحكامه لامُ الحكمة والغاية المطلوبة.

    الجواب الثاني: إفراد كل موضع من تلك المواضع بالجواب. أما قوله: (فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا) فهو تعليل لقضاء الله سبحانه بالتقاطه وتقديره له، فإن التقاطهم له إنما كان بقضائه وقدره، فهو سبحانه قدّر ذلك وقضى به ليكون لهم عدواً وحزناً، وذكر فعلهم دون قضائه لأنه أبلغ في كونه حزناً لهم وحسرة عليهم، فإن من اختارَ أخذَ ما يكون هلاكُه على يديه إذا أصيب به كان أعظم لحزنه وغمه وحسرته من أن يكون([9]) فيه صنع ولا اختيار.

    فإنه سبحانه أراد أن يُظهر لفرعون وقومه ولغيرهم من خلْقه كمال قدرته وعلمه وحكمته الباهرة، وأنّ هذا الذي يذبح فرعون الأبناءَ في طلبه هو الذي يتولى تربيته في حجره وبيته باختياره وإرادته، ويكونُ في قبضته وتحت تصرفه، فذكر فعلهم به في هذا أبلغ وأعجب من أن يذكر القضاء والقدر.

    وقد أعلمنا سبحانه أنّ أفعال عباده كلها واقعةٌ بقضائه وقدره.

    وأما قوله تعالى: (وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء منَّ الله عليهم من بيننا) [سورة الأنعام:53] فلا ريب أن هذا تعليل لفعله المذكور، وهو امتحانُ بعض خلقه ببعض، كما امتحن السادات والأشراف بالعبيد والضعفاء والموالي، فإذا نظر الشريفُ والسيدُ إلى العبد والضعيف والمسكين قد أسلم أنف وحَمي أن يُسلم معه أو بعده، ويقول: هذا يسبقني إلى الخير والفلاح وأتخلف أنا، فلو كان ذلك خيراً وسعادة ما سبقنا هؤلاء إليه.

    فهذا القولُ منهم هو بعضُ الحكم والغاية المطلوبة بهذا الامتحان، فإنّ هذا القول دال على إباء واستكبار وترك الانقياد للحق بعد المعرفة التامة به. وهذا وإن كان علة فهو مطلوب لغيره.

    والعلل الغائية تارة تطلب لنفسها وتارة تُطلب لغيرها، فتكون وسيلة إلى مطلوب لنفسه. وقول هؤلاء ما قالوه، وما يترتب عليه هذا القول موجبٌ لآثار مطلوبةٍ للفاعل من إظهار عدله وحكمته وعزه وقهره وسلطانه وعطائه مَنْ يستحق عطاءه ويحسن وضعه عنده، ومنعه مَنْ يستحق المنع ولا يليق به غيره.

    ولهذا قال تعالى: (أليس الله بأعلم بالشاكرين) [سورة الأنعام:53] الذين يعرفون قدر النعمة، ويشكرون المنعم عليهم فيما منَّ عليهم، من بين مَنْ لا يعرفها ولا يشكر ربه عليها. وكانت فتنةُ بعضهم ببعض سبباً لحصول هذا التمييز الذي ترتب عليه شُكر هؤلاء وكُفر هؤلاء".

    3- ثم قال –رحمه الله- في (ص594):

    " فصل النوع الثالث الإتيان بكي الصريحة في التعليل.

    كقوله تعالى: (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم) فعلل سبحانه قسمة الفيء بين هذه الأصناف كي لا يتداوله الأغنياء دون الفقراء والأقوياء دون الضعفاء.

    وقوله سبحانه: (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم) فأخبر سبحانه أنه قدر ما يصيبهم من البلاء في أنفسهم قبل أن يبرأ الأنفس أو المصيبة أو الأرض أو المجموع وهو الأحسن.

    ثم أخبر أن مصدر ذلك قدرته عليه وأنه يسيرٌ عليه وحكمته البالغة التي منها أن لا يحزن عباده على ما فاتهم ولا يفرحوا بما آتاهم، فإنهم إذا علموا أن المصيبة فيه بقدره وكتابته ولا بد قد كتبت قبل خلقهم هان عليهم الفائت فلم يأسوا عليه ولم يفرحوا بالحاصل لعلمهم أن المصيبة مقدرة في كل ما على الأرض، فكيف يفرح بشيء([10]) قد قدرت المصيبة فيه قبل خلقه ولما كانت المصيبة تتضمن فوات محبوب أو خوف فواته أو حصول مكروه أو خوف حصوله نبه بالأسى على الفائت على مفارقة المحبوب بعد حصوله وعلى فوته حيث لم يحصل ونبه بعدم الفرح به إذا وجد على توطين النفس لمفارقته قبل وقوعها وعلى الصبر على مرارتها بعد الوقوع وهذه هي أنواع المصائب فإذا تيقن العبد أنها مكتوبة مقدرة وأن ما أصابه منها لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه هانت عليه وخف حملها وأنزلها منـزلة الحر والبرد".

    4- ثم قال -رحمه الله- في (ص595-596):

    "فصل النوع الرابع ذكر المفعول له وهو علة للفعل المعلل به.

    كقوله: (وأنزلنا إليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة) ونصب ذلك على المفعول له أحسن من غيره كما صرح به في قوله: (لتبين للناس ما نزل إليهم) وفي قوله: (ولأتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون) فإتمام النعمة هو الرحمة.

    وقوله: (وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون ذكرى وما كنا ظالمين).

    وقوله: (ولقد يسرنا القرآن للذكر) أي لأجل الذكر، كما قال: (فإنما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون).

    وقوله: (فالملقيات ذكرا عذرا أو نذرا) أي للإعذار والإنذار.

    وقوله: (ثم آتينا موسى الكتاب تماما على الذي أحسن وتفصيلا لكل شيء وهدى ورحمة لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون) فهذا كله مفعول لأجله.

    وقوله: (إنا صببنا الماء صبا) إلى قوله: (متاعا لكم ولأنعامكم). والمتاع واقع موقع التمتيع، كما يقع السلامُ موقع التسليم، والعطاء موضع الإعطاء.

    وأما قوله: (يريكم البرق خوفا وطمعا) فيحتمل أن يكون من ذلك، أي: إخافة لكم وإطماعا، وهو أحسن، ويحتمل أن يكون معمول فعل محذوف، أي: فيرونهما خوفا وطمعا، فيكونان حالاً.

    وقوله: (أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها) إلى قوله: (تبصرة وذكرى لكل عبد منيب) أي: لأجل التبصرة والذكرى والفرقُ بينهما أن التبصرة تُوجب العلم والمعرفة، والذكرى تُوجب الإنابة والانقياد. وبهما تتم الهداية".

    5- ثم قال –رحمه الله- في (ص596-597):

    "(فصل) النوع الخامس: الإتيان بـ(أنْ) والفعل المستقبل بعدها تعليلا لما قبله:

    كقوله: (وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون([11]) أن تقولوا إنما أُنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا).

    وقوله: (أن تقول نفس يا حسرتى).

    وقوله: (أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى) ونظائره، وفي ذلك طريقان:

    أحدهما: للكوفيين، والمعنى: لئلا تقولوا، ولئلا تقول نفس.

    والثاني: للبصريين أن المفعول له محذوف، أي: كراهة أن تقولوا، أو حذار أن تقولوا".

    .....ومن ذلك قوله تعالى: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم)، فذكر سبحانه من حِكَم أخذ الميثاق عليهم أن لا يحتجوا يوم القيامة بغفلتهم عن هذا الأمر ولا بتقليد الأسلاف.

    ومنه قوله: (وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت)، فالضمير في (به ) للقرآن، و(أن تبسل) في محل نصب على أنه مفعول له، أي: حذار أن تُسلم نفس إلى الهلكة والعذاب وترتهن بسوء عملها".

    6- ثم قال –رحمه الله- في (ص598-599):

    "فصل [النوع السادس: ذكر ما هو من صرائح التعليل] وهو (من أجل).

    كقوله: (من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا)، [المائدة:32]، وقد ظنت طائفة أن قوله: "من أجل ذلك" تعليل لقوله: (فأصبح من النادمين) [المائدة:31]، أي: من أجل قتله لأخيه، وهذا ليس بشيء، لأنه يشوش صحة النظم، وتقل الفائدة بذكره، ويذهب شأن التعليل بذلك للكتابة المذكورة وتعظيم شأن القتل حين جُعل علة لهذه الكتابة، فتأمله.

    فإن قلت: كيف يكون قتل أحد بني آدم للآخر علة لحكمه على أمة أخرى بذلك الحكم؟ وإذا كان علة فكيف كان قاتل نفس واحدة بمنـزلة قاتل الناس كلهم؟

    قلت: الرب سبحانه يجعل أقضيته وأقداره عللا وأسبابا لشرعه وأمره فجعل حكمه الكوني القدري علة لحكمه الديني الأمري. وذلك أن القتل عنده لما كان من أعلى أنواع الظلم والفساد فخم أمره وعظم شأنه، وجعل إثمه أعظم من إثم غيره، ونزل قاتل النفس الواحدة منـزلة قاتل الأنفس كلها، ولا يلزم من التشبيه أن يكون المشبه بمنـزلة المشبه به من كل الوجوه.

    فإذا كان قاتل الأنفس كلها يصلى النار وقاتل النفس الواحدة يصلاها صح تشبيهه به. كما يأثم من شرب قطرة واحدة من الخمر ومن شرب عدة قناطير وإن اختلف قدر الإثم.

    وكذلك من زنى مرة واحدة وآخر زنا مرارا كثيرة. كلاهما آثم وإن أختلف قدر الإثم. وهذا معنى قول مجاهد: "من قتل نفسا واحدة يصلى النار بقتلها كما يصلاها من قتل الناس جميعا". وعلى هذا فالتشبيه في أصل العذاب لا في وصفه.

    وإن شئت قلت: التشبيه في أصل العقوبة الدنيوية وقدرها، فإنه لا يختلف بقلة القتل وكثرته، كما لو شرب قطرة فإن حده حد من شرب راوية، ومن زنى بامرأة واحدة حده حد من زنى بألف. وهذا تأويل الحسن وابن زيد. قالا: يجب عليه من القصاص بقتلها مثل الذي يجب عليه لو قتل الناس جميعا. ولك أن تجعل التشبيه في الأذى والغم الواصل إلى المؤمنين بقتل الواحد منهم، فقد جعلهم كلهم خصماءه، وأوصل إليهم من الأذى والغم ما([12]) يشبه القتل. وهذا تأويل ابن الأنباري. وفي الآية تأويلات أخر".

    7- ثم قال في (ص599):

    "فصل [النوع السابع: التعليل بلعل] وهي في كلام الله سبحانه للتعليل مجردة عن معنى الترجي. فإنها إنما يقارنها معنى الترجي إذا كانت من المخلوق.

    وأما في حق من لا يصح عليه الترجي فهي للتعليل المحض. كقوله: (اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون) [سورة البقرة:21].

    فقيل: هو تعليل لقوله: (اعبدوا ربكم)، [سورة البقرة:21]، وقيل: تعليل لقوله: (خلقكم) [سورة البقرة:21] والصواب أنه تعليل للأمرين لشرعه وخلقه.

    ومنه قوله: (كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) [سورة البقرة:183]، وقوله: (إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون) [سورة يوسف:2].

    وقوله: (لعلكم تذكرون) [سورة الأعراف: 57].

    وقوله: (لعله يذكر أو يخشى) [سورة طه:44]، فلعل في هذا كله قد أخلصتْ للتعليل، والرجاء الذي فيها متعلق بالمخاطبين".

    8- ثم قال –رحمه الله- في (ص600-601):

    "فصل [النوع الثامن: ذكر الحكم الكوني والشرعي عقيب الوصف المناسب له] وتارة يذكر بإنَّ، وتارة يقرن بالفاء، وتارة يذكر مجردا.

    فالأول كقوله: (وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين) [سورة الأنبياء:89-90].

    وقوله: (إن المتقين في جنات وعيون آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين) [سورة الذاريات:15-16].

    وقوله: (كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين) [سورة يوسف:24].

    وقوله: (والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين) [سورة الأعراف:170].

    والثاني كقوله: (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا] [سورة المائدة:38].

    وقوله: ( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) [سورة النور:2].

    وقوله: (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة) [سورة النور:4].

    والثالث كقوله: (إن المتقين في جنات وعيون) [سورة الحجر:45].

    وقوله: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم) [سورة البقرة:277].

    وهذا في التنـزيل يزيد على عدة آلاف موضع. بل القرآن مملوء منه.

    فإن قيل: هذا إنما يفيد كون تلك الأفعال أسبابا لما رتب عليها، لا يقتضي إثبات التعليل في فعل الرب وأمره، فأين هذا من هذا؟

    قيل: لما جعل الرب سبحانه هذه الأوصاف عللا لهذه الأحكام وأسبابا لها دلَّ ذلك على أنه حَكم بها شرعا وقدرا لأجل تلك الأوصاف، وأنه لم يحكم بها لغير علة ولا حكمة.

    ولهذا كان كل من نفى التعليل والحكم نفى الأسباب ولم يجعل لحكم الرب الكوني والديني سببا ولا حكمة هي العلة الغائية. وهؤلاء ينفون الأسباب والحكم.

    ومن تأمل شرع الرب وقدره وجزاءه جزم جزما ضروريا ببطلان قول النفاة. والله سبحانه قد رتب الأحكام على أسبابها وعللها وبين ذلك خبراً وحساً وفطرة وعقلاً. ولو ذكرنا ذلك على التفصيل لقام منه عدة أسفار".



    ثم ذكر أنواعاً أخرى، إلى أن قال في (ص611):

    " فصل [النوع الرابع عشر: إخباره عن صدور الخلق والأمر عن حكمته وعلمه] فيذكر هذين الاسمين عن ذكر مصدر خلقه وشرعه تنبيها على أنهما صدرا عن حكمة مقصودة مقارنة للعلم المحيط التام.

    لقوله([13]): (وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم) [سورة النمل:6].

    وقوله: (تنـزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم) [سورة الزمر:1].

    فذكر العزة المتضمنة لكمال القدرة والتصرف، والحكمة المتضمنة لكمال الحمد والعلم.

    وقوله: (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم) [سورة المائدة:38]. وسمع بعض الأعراب قارئا يقرأها: "والله غفور رحيم"، فقال: ليس هذا كلام الله. فقيل: أتكذب القرآن؟ فقال: لا، ولكن لا يحسن هذا. فرجع القارئ إلى([14]) خطئه فقال: "عزيز حكيم" فقال: صدقت.

    وإذا تأملت ختم الآيات بالأسماء والصفات وجدت كلامه مختتما بذكر الصفة التي يقتضيها ذلك المقام، حتى كأنها ذُكرت دليلا عليه وموجبة له.

    وهذا كقوله: (إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم) [سورة المائدة:118] أي: فإن مغفرتك لهم مصدر([15]) عن عزة هي كمال القدرة وحكمة هي كمال العلم لا عن عجز وجهل.

    وقوله: (ذلك تقدير العزيز العليم) [سورة الأنعام:96] في عدة مواضع من القرآن يذكر ذلك عقيب ذكره الأجرام العلوية وما تضمنه من فلق الإصباح، وجعل الليل مسكنا، وإجراء الشمس والقمر بحساب لا يعدوانه، وتزيين السماء الدنيا بالنجوم وحراستها. وأخبر أن هذا التقدير المحكم المتقن صادر عن عزته وعلمه، ليس أمرا اتفاقيا لا يُمدح به فاعله ولا يثنى عليه به كسائر الأمور الاتفاقية.

    ومن هذا خَتْمُه سبحانه قصص الأنبياء وأممهم في سورة الشعراء عقيب كل قصة (وإن ربك لهو العزيز الرحيم) [سورة الشعراء:9] فإن ما حكم به لرسله وأتباعهم ولأعدائهم صادر عن عزة ورحمة، فوضع الرحمة في محلها وانتقم من أعدائه بعزته، ونجّى رسله وأتباعهم برحمته. والحكمة الحاصلة من ذلك أمر مطلوب مقصود، وهي غاية الفعل لا أنها أمر اتفاقي".



    وقال –رحمه الله- في (ص621):

    " وجمهور الأمة يثبت حكمته سبحانه والغايات المحمودة في أفعاله إجمالاً، فليس مع النفاة سمع ولا عقل ولا إجماع. بل السمع والعقل والإجماع والفطرة تشهد ببطلان قولهم. والله الموفق للصواب.

    وجماعُ ذلك أن كمال الرب تعالى وجلاله وحكمته وعدله ورحمته وقدرته وإحسانه وحمده ومجده وحقائق أسمائه الحسنى تمنع كون أفعاله صادرة منه لا لحكمة ولا لغاية مطلوبة.

    وجميع أسمائه الحسنى تنفي ذلك وتشهد ببطلانه. وإنما نبهنا على بعض طرق القرآن، وإلا فالأدلة التي تضمّنها على إثبات ذلك أضعاف أضعاف ما ذكرنا. وبالله التوفيق.

    (فصل) وكيف يتوهم ذو فطرة صحيحة خلاف ذلك وهذا الوجود شاهد بحكمته وعنايته بخلقه أتم عناية، وما في مخلوقاته من الحِكم والمصالح والمنافع والغايات المطلوبة والعواقب الحميدة أعظم من أن يحيط به وصف أو يحصره عقل. ويكفي الإنسان فكرُه في نفسه وخلقه وأعضائه ومنافعها وقواه وصفاته وهيأته، فإنه لو استنفد عمره لم يحط علما بجميع ما تضمنه خَلقه من الحكم والمنافع على التفصيل. والعالم كله علويه وسفليه بهذه المثابة، ولكن لشدة ظهور الحكمة ووضوحها وجد الجاحد السبيل إلى إنكارها".



    وقال –رحمه الله- في (ص623):

    " وكيف يستجيز أن يظن بربه أنه أمر ونهى، وأباح وحرّم، وأحب وكره، وشرع الشرائع، وأمر بالحدود لا لحكمة ولا مصلحة يقصدها، بل ما ثم إلا مشيئة محضة رجّحت مثلا على مثل بغير مرجح، وأي رحمة تكون في هذه الشريعة؟!!

    وكيف يكون المبعوث بها رحمة مهداة للعالمين لو كان الأمر كما يقول النفاة؟!!

    وهل يكون الأمر والنهي إلا عقوبة وكلفة وعبثا؟ تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.

    ولو ذهبنا نذكر ما يطلع عليه أمثالنا من حكمة الله في خلقه وأمره لزاد ذلك على عشرة آلاف موضع مع قصور أذهاننا، ونقص عقولنا ومعارفنا. وتلاشيها بل وتلاشي علوم الخلائق جميعهم في علم الله كتلاشي ضوء السراج في عين الشمس. وهذا تقريب وإلا فالأمر فوق ذلك.

    وهل إبطاله الحِكم والمناسبات والأوصاف التي شُرعت الأحكام لأجلها إلا إبطال للشرع جملة؟

    وهل يمكن فقيهاً على وجه الأرض أن يتكلم في الفقه مع اعتقاده بطلان الحكمة والمناسبة والتعليل وقصد الشارع بالأحكام مصالح العباد؟

    وجناية هذا القول على الشرائع من أعظم الجنايات، فإن العقلاء لا يمكنهم إنكار الأسباب والحكم والمصالح والعلل الغائية، فإذا رأوا أن هذا لا يمكن القول به مع موافقة الشرائع، ولا يمكنهم دفعه عن نفوسهم خلَّوا الشرائع وراء ظهورهم، وأساؤوا بها الظن، وقالوا: لا يمكننا الجمع بينها وبين عقولنا، ولا سبيل لنا إلى الخروج عن عقولنا، ورأوا أن القول بالفاعل المختار لا يمكن إلا مع نفي الأسباب والحكم والقوى والطبائع، ولا سبيل إلى نفيها فنفوا الفاعل المختار. وأولئك لم يمكنهم القول بنفي الفاعل المختار ورأوا أنه لا يمكنهم إثباته مع إثبات الأسباب والحِكم والقوى والعلل فنفوها. وبين الطائفتين بعد المشرقين".

    تلخيص ما قدّمناه من نصوص الإمام ابن القيم -رحمه الله-:

    1- كلامه يدل على أن هناك طرقاً متعددة لإثبات حكمة الرب تعالى في خلقه وأمره، وذكر الغايات المطلوبة له بذلك والعواقب الحميدة التي يفعل لأجلها، ويأمر لأجلها.

    2- يقول: "قد دلت أدلة العقول الصحيحة والفطر السليمة على ما دلَّ عليه القرآن والسنة".

    3- انظر إلى الأدلة التي اختارها من أدلة لا تحصى، والتي أوردها لبيان حكمة الله في شرعه وقدره وخلقه.

    4- وقوله بعد ذكر ثمانية فصول في أدلة التعليل الكثيرة من القرآن العظيم:

    " وهذا في التنـزيل يزيد على عدة آلاف موضع. بل القرآن مملوء منه".

    5- وقوله في نهاية تلك الفصول الثمانية، وما اشتملت عليه من الأدلة القرآنية:

    " ومن تأمل شرع الرب وقدره وجزاءه جزم جزما ضروريا ببطلان قول النفاة.

    والله سبحانه قد رتب الأحكام على أسبابها وعللها وبين ذلك خبراً وحساً وفطرة وعقلاً. ولو ذكرنا ذلك على التفصيل لقام منه عدة أسفار".

    6- وقوله –رحمه الله-: " وجمهور الأمة يثبت حكمته سبحانه والغايات المحمودة في أفعاله إجمالاً، فليس مع النفاة سمع ولا عقل ولا إجماع. بل السمع والعقل والإجماع والفطرة تشهد ببطلان قولهم. والله الموفق للصواب.

    وجماعُ ذلك أن كمال الرب تعالى وجلاله وحكمته وعدله ورحمته وقدرته وإحسانه وحمده ومجده وحقائق أسمائه الحسنى تمنع كون أفعاله صادرة منه لا لحكمة ولا لغاية مطلوبة.

    وجميع أسمائه الحسنى تنفي ذلك وتشهد ببطلانه. وإنما نبهنا على بعض طرق القرآن، وإلا فالأدلة التي تضمّنها على إثبات ذلك أضعاف أضعاف ما ذكرنا. وبالله التوفيق.

    (فصل) وكيف يتوهم ذو فطرة صحيحة خلاف ذلك وهذا الوجود شاهد بحكمته وعنايته بخلقه أتم عناية، وما في مخلوقاته من الحِكم والمصالح والمنافع والغايات المطلوبة والعواقب الحميدة أعظم من أن يحيط به وصف أو يحصره عقل. ويكفي الإنسان فكرُه في نفسه وخلقه وأعضائه ومنافعها وقواه وصفاته وهيأته، فإنه لو استنفد عمره لم يحط علما بجميع ما تضمنه خَلقه من الحكم والمنافع على التفصيل. والعالم كله علويه وسفليه بهذه المثابة، ولكن لشدة ظهور الحكمة ووضوحها وجد الجاحد السبيل إلى إنكارها".

    7- قوله –رحمه الله-: " وهل إبطاله الحِكم والمناسبات والأوصاف التي شُرعت الأحكام لأجلها إلا إبطال للشرع جملة؟

    وهل يمكن فقيهاً على وجه الأرض أن يتكلم في الفقه مع اعتقاده بطلان الحكمة والمناسبة والتعليل وقصد الشارع بالأحكام مصالح العباد؟

    وجناية هذا القول على الشرائع من أعظم الجنايات، فإن العقلاء لا يمكنهم إنكار الأسباب والحكم والمصالح والعلل الغائية".

    رحم الله الإمام ابن القيم وأحسن جزاءه على ما قدّم للناس في هذا الكتاب من علم غزير وبراهين عظيمة تزيد أهل الحق علماً وبصيرة، وتبدد ظلمات الجهل والضلال.

    وختاماً أدعو الله تبارك وتعالى أن يهدينا وسائر المسلمين إلى صراطه المستقيم، وأن يثبتنا وطلاب العلم وعامة المسلمين على دينه الحق، وأن يكفينا جميعاً شر دعاة الفتن، إنه سميع الدعاء.

    وصلى الله على رسولنا الأمين وعلى آله وأصحابه أجمعين وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.



    كتبه: ربيع بن هادي عمير

    13/11/1434هـ




    [1] - علّق الحلبي هنا بقوله: "من "مجلة البيان" (عدد1/ص62)". ولا ندري لماذا لم يذكر اسم الكاتب.

    [2] - (1/309-310) من الطبعة الجديدة.

    [3] - أي الجهمية والمعتزلة.

    [4] - (1/304-305) من الطبعة الجديدة.

    [5] - في الطبعة الأخرى، تحقيق الدكتور محمد رشاد سالم: "والاستدلال بهذه الطريق".

    [6] - (1/460-465) من الطبعة الجديدة.



    [7] - الأشعرية يثبتون سبعاً من الصفات الذاتية، ولا يثبتون الصفات الفعلية.

    [8] - أي: خلق الله وأمره.

    [9] - كذا، ولعله: من غير أن يكون له فيه صنع واختيار.

    [10] - كذا، ولعل الأصل: فكيف يأسى على شيء.

    [11] - هذه الآية كتبناها؛ ليعرف القارئ المعلل له.

    [12] - في الأصل: "من"، والصواب ما أثبتناه.

    [13] - ولعل الأصل: "كقوله".

    [14] - ولعل الأصل: "عن".

    [15] - كذا، ولعل الأصل: "صادرة".
يعمل...
X